صباح / مساء الخير


على الرغم من استعانة هوليود بالعديد من الممثلين الاجانب في افلامها مابين صينية او اروبية او حتى هندية لكن الممثل العربي كان خارج الخارطة العالمية حتى وقت قصير .

المخرج بول غرينغراس حريص على أن يظهر الممثلون العرب في الشخصيات العربية. وقبل أيام صرّح

قائلاً: "ليس هناك أي داع يمنع إسناد أدوار رئيسية لممثلين عرب. هذا جزء من واقعية الأفلام. كما لا

يجب أن تسند دور شخصية أميركية أنغلو-ساكسونية لممثل آسيوي او لاتيني، فإنه من الخطأ أن يؤدي

ممثل أميركي شخصية عربية خصوصاً إذا ما كانت رئيسية"٠



وبول يعرف عما يتحدّث فيه. ففي ثلاثة أفلام متتابعة هي "يونايتد 93 (2006) و"إنذار بورن" (2007)

و"منطقة خضراء" (2010) جلب ممثلين عرب ليمثّلوا شخصيات عربية.

في الفيلم الأول الذي تناول قصّة الطائرة الرابعة التي تم اختطافها، حسب الروايات الرسمية، يوم

الحادي عشر من كانون الأول/ ديسمبر سنة 2001 والتي سقطت في غابات ولاية بنسلفانيا،

استعان
بخالد عبد الله ولويس السماري وعمر بردوني للأدوار العربية.

في »إنذار بورن« بحث طويلاً عن ممثل عربي يستطيع أن يجسّد مشاهد القتال جيّداً ويكون ندّا خطراً

لبطل الفيلم مات دايمون. أخيراً وجد ضالته في ممثل مغربي يحمل إسماً "فنياَ" هو
جووي أنسه.

اما في الفيلم الثالث "منطقة خضراء" المعروض حالياً فهو مليء بالأسماء العربية: عقال نور،

فيصل عتوجي، سعيد فرج، رعد راوي، إنتشال التميمي، خدوم صابر، خالد عبد الله، دريس روخ،

مؤيد علي، جمال سلماوي، بوبكر هيلال، سمية عقابون، ناجي جوهري، عبد الكريم أسد ...

هؤلاء وغيرهم وردوا من المغرب وسوريا والعراق ومصر ولبنان ليمثّلوا أدوارهم صغيرة وكبيرة جنباً الى

جنب مع تلك الخبرات الأميركية والأوروبية التي شاركت في صنع هذا الفيلم المتحدّث عن الحرب

العراقية مرّة أخرى٠


عمر بردوني بدور الامير محمد بن خالد في المملكة

المفارقة المهمّة التي لا يمكن إغفالها هي أنه حتى كارثة الحادي عشر من سبتمبر، سنة 2001 كان

الغالب اسناد الأدوار العربية لممثلين أجانب. فعلوها مراراً وتكراراً في العديد من الأفلام خصوصاً حين

تكاثرت الإنتاجات التي تعاملت وشخصية العربي في الستينات والسبعينات. ليس أن هوليوود لم يكن

لديها خيارات في ذلك او أنها لم تجد في الجوار ممثلين عرب او من أصول عربية تسند إليهم ولو قسطاً

من تلك الأفلام، لكن وتبعاً لمفاهيم كانت سائدة بوفرة، فإن البحث عن ممثلين عرب لم يكن وارداً الا

في حالات خاصّة. والأسباب متعددة٠

يومها كان العالم ما زال مؤلّفاً من دول وثقافات متباعدة لا يجمعها ما يوحّد بينها اليوم من وسائل تعارف

وتواصل خلقتها التكنولوجيا الحديثة. بالتالي، لم يكن هناك سعي لفحص خبرات ومواهب عربية بالشكل

الذي هو عليه الآن حيث كل ما هو مطلوب هو الإتصال مع وكلاء ومدراء أعمال في الولايات المتحدة واوروبا،

او حتى في الشرق الأوسط، لتصفّح المواهب المتوفّرة والإختيار منها٠

من ناحية أخرى لا تقل أهمية، كانت القناعة هي أن الممثل العربي إما سيرفض تمثيل شخصية تسيء

إلى ثقافته او أنه سيجعلها مادّة نقاش والمخرجون تعوّدوا، في غالبهم، على أن هناك ملامح ومواصفات

لا يمكن الخروج عنها منها أن كلمة الإنتاج هي الأولى، وإنه إذا ما كُتب دور على نحو معيّن فهو ليس

قابلاً للتغيير الا إذا كان نجم الفيلم هو الذي يريد ذلك. وحتى في هذه الحالات، فإن الخلاف قد لا ينتهي

لصالح النجم، بل لصالح المخرج او الجهة المنتجة التي قد ترفض تغيير أي من جوانب او شخصيات المشروع.

من بينها أيضاً الإعتقاد بأن العرب يصلحون أشراراً كالنازيين وكالصينيين والروس والهنود الحمر. وكما أن

العديد من الأميركيين لعبوا أدوار الهنود الحمر، حتى تلك الناطقة، فما الضير في أن يلعبوا أدوار العرب؟

في نهاية المطاف كلاهما شرير الفيلم الذي هو فيه٠





تبعاً لذلك، فإن الذي لعب دور الأمير (هكذا اسمه ) في فيلم »برتوكول« سنة 1984 أسمه رتشارد رامونوس،

والذي لعب دور ملازمه نواف أسمه أندريه غريغوري، وذاك الذي لعب دور الإرهابي خليل في فيلم

«ضاربة الطبل الصغيرة» (1981) هو الممثل الفرنسي سامي فراي. أما من لعب شخصية الإرهابي

فيصل في »يوم الأحد الأسود« (1977) كان بيكيم فهميو ومعاونه نجيب هو فكتور كامبوس٠

وفي فيلم "مؤامرة عربية (1976) تسع شخصيات عربية بدءاً ببطل الفيلم خليل عبد المحسن،

لعب سبعة منها أجانب بينهم شون كونيري الذي لعب دور دبلوماسي عربي يسعى لضم إسرائيل الى منظّمة الأوبيك٠

وشون كونيري لعب بطولة »الخطأ هو الصواب« سنة 1981 وهو تشويق سياسي ساخر يحتوي على

ثلاث شخصيات عربية ناطقة: الملك عوّاد ولعبه رون مودي، والشرير رفيق، ومثّله ممثل أدوار الشر

الدائم هنري سيلڤا و"أبو" ولعبه توني مارش٠

والأمثلة كثيرة، بكثرة الأفلام التي احتوت شخصيات عربية في السبعينات والثمانينات والتي كانت

في غالبيّتها معادية تبعاً لسلسلة من الإجتهادات الخاطئة التي لم يكترث العرب لتصحيحها ولم

تكن هوليوود ستقوم بتصحيحها لهم٠

والمسألة ارتبطت بالصورة المراد تكوينها عن العربي بالتأكيد. ففي الأمثلة المذكورة أعلاه أكثر من تأكيد

على أن الشخصية العربية السائدة في أفلام الفترة المذكورة (السبعينات والثمانينات) كانت إما إرهابية،

او ذات ثراء فاحش لا تدري كيف تحافظ عليه، او مجرد شخصية شريرة لا يمكن الثقة بها.

والثقة مسألة صعبة لعبت عليها الأفلام الروائية حتى من قبل نطق السينما، فلطالما تحدّثت أفلام

العشرينات والثلاثينات والأربعينات عن عرب ليسوا جديرين بالثقة وغربيات يقعن في حب عربي ليكتشفن

خطأهن او عن مقاتلين يشهرون السيف دائماً في وجه الأجنبي من دون وجه حق حتى ولو كان سبب

عدائيّته تلك تعود الى رغبته في طرد قوى أجنبية من بلاده٠



في العقد الأخير من القرن الماضي، بدأت تلك الصورة تتغيّر بالتدريج. أخذت وقتها قبل أن تبدأ مغادرة موقعها.

في "الحصار" (1998) و"ثلاثة ملوك" (1999) و"المحارب الثالث عشر" (1999) و""روبين هود، أمير اللصوص"

و"قبلة الليل الطويل" (1996) و"جريمة كاملة" (1998 ) مرتع لشخصيات عربية كثيرة حملت صوراً اختلفت

عن سابقاتها: الفلسطيني الذي لديه وجهة نظر يريد طرحها، والرحّالة العربي الذي وصل الى الشمال

الإسكندنافي وتعامل مع شعوبها بكبرياء والعربي البريء من تهمة الإرهاب الذي سيقتله أشرار أميركيون

لينسبوا العملية التي سيقومون بها إليه، والتحري الأميركي المثقّف الذي سيتدخل لحماية المرأة الخائنة

من زوجها القاتل (وكلاهما أميركيان)، كل هذه الشخصيات وسواها كانت نقلة مهمّة لم تغفلها هوليوود

بقدر ما أغفلها المثقّفون العرب والمهتمّون بالشأنين السينمائي والإعلامي٠

لكن كارثة 2001 وضعت خطّا مزدوجاً. من ناحية لم تشجّع هذه المعاملة على التطوّر المنشود ومن ناحية

أخرى لم تعد في وارد استخدام الشخصية العربية كنموذج لكل ما هو سلبي وشرير. في المقابل،

تطوّر لدى السينمائيين الغربيين إدراكاً جديداً بأنه في الوقت الذي من الخطأ تنميط العرب على النحو

الذي كان سائداً طوال العقود السابقة، فإنه من الواجب البحث عن ممثلين عرب للقيام بما كان الممثلون

الأجانب يقومون به معظم الوقت: تمثيل الشخصيات العربية٠






الممثل المغربي
سعيد تاجماوي واحد من أهم العناصر في هذا المجال٠ استعان به أولاً المخرج ماثيو كازوفيتز

سنة 1995 لبطولة فيلمه الناجح نقدياً "الكره" الذي تكلم عن الواقع المزري الذي يعيشه الشباب ذوي الأصول

العربية في فرنسا. بعد ثلاثة أعوام لعب أمام كايت وينسلت بطولة "استغلال بشع"، ثم انتقل الى أول فلم

أميركي له "ثلاثة ملوك" (1999) لديفيد او راسل وكل هذه الأفلام إيجابية لناحية العربي. وحتى حين لعب

شخصية الإرهابي في فيلم "خائن" قبل عامين فإنه منح الشاشة وجوداً محسوساً ولم يتعامل مع تلك الشخصية

على نحو نمطي. هذا التعامل ميّز أيضاً وجود
سامي بوعجيلة في فيلم إدوارد زويك "الحصار" فهو الفلسطيني

الذي يريد إيصال صوته الى العالم وسط ظروف تحكم عليه قبل أن تعطه الحق في الدفاع عن نفسه٠





محطّة مهمة في هذا التناول وردت سنة 2005 عندما قام المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد بانتاج رؤيته

حول السبب الذي من أجله يقوم فلسطينيون بتفجير أنفسهم وسط المدنيين الإسرائيليين وذلك في فيلمه

"الجنّة الآن". آنذاك، كان العالم يريد أن يفهم هذا السبب حتى وإن لم يؤدي ذلك به الى قبوله. وهاني أبو أسعد

أمّن هذه المعرفة ووضعها في إطار يجذب الى شخصيّتيه الرئيسيّتين تعاطفاً واضحاً .

بطلا ذلك الفيلم هما
علي سليمان و قيس ناشف وكلاهما يلعبان الآن في السينما الغربية. الأول شوهد في

فيلم "المملكة" الذي أسيء تقديره عربياً كما شوهد في فيلم ريدي سكوت الأخير "كيان من الأكاذيب"،

والثاني شوهد في "أميركان إيست" و-أيضاً- "كيان من الأكاذيب"٠





من ناحيته، احتوى "أميركان إيست" الذي هو من إنتاج أميركي لمجموعة عربية قادها أحمد زهرة منتجاً

وهشام عيساوي مخرجاً، على عدد كبير من الوجوه العربية. بالإضافة الى قيس الناشف هناك
توني عزيز

و سيد بدرية و فوزي ابراهيم في قصّة تتحدّث عن ضرورات التعايش بين عرب أميركا ويهودييها. وأحد الأدوار

الرئيسية لعبها
توني شلهوب وهو ممثل لبناني الأب من بين ألمع الممثلين ذوي الأصول العربية العاملين في

السينما والتلفزيون الأميركي. و في حديثه لأحد المجلات قال حول هذا الموضوع يقول: "لم يكن هناك

أي سبب منطقي وراء تعميم النظرة السلبية تجاه العرب سابقاً. وبالنسبة لي امتنعت تماماً عن قبول أي دور

يسيء الى العربي سواء أكان أميركياً او من الشرق."أميركان إيست" كان فرصتي لكي أقدم على تأكيد

موقفي حيال هذا الموضوع"٠



واحد من الأسماء التي بتنا نقرأها في الأفلام الأوروبية والأميركية في هذا الخصوص هو إسم
هيام عباس

الممثلة الفلسطينية التي تعيش في باريس لكن موهبتها تمددت غرباً لتصل الى هوليوود بعد ظهور محدود

في "بابل"، أحد أفضل أفلام العام 2006 بعد ذلك وجدت نفسها في الفيلم الأميركي"الزائر" لجانب عربي آخر

هو حائز سليمان. بعده عادت الى السينما الفرنسية فأنجزت تسعة أفلام لاعبة أدواراً متعددة، قبل أن تعود

الى الولايات المتحدة لبطولة فيلم "أمريكا" في العام الماضي. ولديها ثلاثة أفلام جديدة ستشغلها حتى العام المقبل٠

مثلها في السعي ممثلة من أصل عربي أسمها
عليا شوكت التي كانت في العاشرة حين ظهرت في

»ثلاثة ملوك" والآن توالي الظهور في أفلام أميركية. ظهرت كسلمى، الفتاة المتمرّدة في "أمريكا" والمراهقة

باش في Whip it فيلم درو باريمور .وفي الأسبوع الماض رأيناها واحدة من بطلات "الهاربات" لجانب كرستين

ستيوارت وداكوتا فانينغ٠




من ناحية أخرى، هناك عدّة مواهب مصرية حاضرة لمواصلة طريقها العالمي الذي كانت بدأته قبل حين.

خالد النبوي ظهر في "مملكة الجنّة" كمساعد أمين لصلاح الدين الأيوبي، الذي قام بتشخيصه غسان مسعود
،
ولديه دور الآن في فيلم أميركي جديد عنوانه "لعبة عادلة" بطولة ناعومي واتس وسيعرض في مهرجان كان .

عمر متولي مصري يعيش في لندن سبق وأن ظهر في فيلم ستيفن سبيلبرغ "ميونخ" ثم في الفيلم الأميركي

"انتزاع" أمام ريز ويذرسبون. أما
خالد عبدالله فهو مصري بريطاني آخر كان ظهر في فيلم بول غرينغراس

"يونايتد 93" ويتبعه حالياً بدور رئيسي في "منطقة خضراء" للمخرج نفسه وقريباً سيظهر في بطولة فيلم بعنوان

"الأيام الأخيرة لمدينة" الذي يقوم بإنتاجه بنفسه .



مصري آخر في التداول هذه الأيام هو
سيد بدرية . إنه ليس ممثلاً شابّاً، بل له في المعترك عدة سنوات وجد

نفسه يؤدي خلالها الشخصيات النمطية كما الشخصيات الإيجابية. وهو قال : "من الصعب جدّاً أن تجد الدور

الذي لا ينص على العربي قاتلاً او شريراً. صحيح الأمور بدأت تتحسّن لكن الصورة راسخة وبحاجة الى

مزيد من الوقت. وأحياناً تجد أنه إذا لم تمثّل هذا الدور ذهب الى سواك وربما كنت بحاجة الى أن تثبت وجودك

في الساحة وتقول أنا هنا وأستطيع أن أمثل أدواراً أفضل"٠

في العام الماضي لعب أمام أدام ساندلر الفيلم الكوميدي "لا تستطيع أن تعبث بزوهان" كاشفاً عن نبرة كوميدية

لا بأس بها. لكن مؤخراً كان لنا فرصة مشاهدة دور جديد لسيد بدرية في فيلم مكسيكي بعنوان "العراء" حيث

أدّى شخصيته المركّبة الأولى تأدية جيّدة. فيه يلعب شخصية مصري متّهم بسلسلة من الجرائم الجنسية

استناداً لحادثة سابقة، لكنه بريء من التهمة التي تحاول السلطات تلفيقها له حتى تحمي القاتل الحقيقي

وهو مواطن مكسيكي ذي نفوذ٠




مسألة انتشار الوجوه العربية في الأفلام الأجنبية ليست مجرد الطلب من ممثلين عرب تأدية شخصيات عربية

غالباً، وبضع شخصيات غير عربية في بعض الأحيان.إنها قد تنطلق من عملية العرض او الطلب لكنها تحتوي

على خيارات صعبة٠

حينما ظهر الممثل السوري غسّان مسعود في دور صلاح الدين الأيوبي في فيلم ريدلي سكوت "مملكة الجنة"،

لم يكن قد سبق له أن تعامل والمتطلّبات الصارمة لفيلم من حجم ونوعية ومهنية هذا العمل. رغم ذلك أثبت

جدارته التي نال عليها ردود فعل نقدية إيجابية. كذلك الحال بالنسبة لقيس ناشف وخالد عبد الله وخالد نبوي

واسكندر صدّيق وسعيد تاجماوي وهيام عبّاس والآخرين. الجدير بالإشارة في هذا النطاق هو أن مجرد ظهور

عربي على الشاشة العالمية يحمل في داخله تحدّيات جمّة تواجه الممثل نفسه خصوصاً إذا ما كان قد تعامل

مع السينمات العربية وعليه الآن أن يدرك الفوارق سريعاً ويستعدليبرهن أنه قادر تلقائياً على تجاوز كل معلوماته

السابقة عن كيفيات العمل٠




هذه النقلة تشكّل تحد صعب خصوصاً للممثلين القادمين مباشرة من السينما العربية او ما جاورها من فنون.

كما الحال مع الممثل الذي لعب دور الند المحترف لشخصية مات دايمون في "إنذار بورن"،

يحتوي الفيلم الجديد "منطقة خضراء" على أكثر من ممثل عليه ممارسة أعلى قدر ممكن له من الإحتراف

والبذل لكي يؤكد حقّه وامكاناته في تحقيق النجاح. فجأة ما يجد الواحد منهم نفسه ليس فقط أمام ممثل

نجم من حجم جورج كلوني او ليوناردو ديكابريو او مات دايمون، بل يدرك أن نجاح المشهد الذي سيؤديه أمام

أي من هؤلاء، او سواهم، متوقّف عليه وليس على الممثل الأول٠

الى الآن، النتائج جديرة بالإهتمام بلا ريب:
وليد زعتر برهن عن خامته في "الرجال الذين يحدّقون بالماعز" أمام

جورج كلوني، اسكندر صدّيق أمام ليوناردو دي كابريو في "كيان من الأكاذيب"، غسان مسعود أمام أورلاندو بلوم

في "مملكة الجنّة"، عقال نور وخالد عبد الله أمام مات دايمون في "منطقة خضراء"٠






كل ذلك لم يكن متاحاً ولا مطلوباً في أفلام الأمس للأسباب الواردة في مطلع هذا التحقيق، الا في تلك الحالات

الخاصّة التي كانت تحتّم على هوليوود أن تبحث عمّن يؤمّن الدور المنشود. واحدة من تلك الحالات الخاصة

وردت 1962 عندما انطلق المخرج البريطاني الراحل ديفيد لين لينجز فيلمه الملحمي "لورنس العرب".

لين، كونه دقيقاً وتفصيلياً في عمله أصر على إجراء تمارين مع ممثلين عرب واختار تبعاً لذلك ممثلين مصريين

هما من أنجب وجوه تلك الفترة وما بعدها
جميل راتب وعمر الشريف٠


أما جميل راتب فكانت له طلات قليلة في أدوار صغيرة قبل "لورنس العرب". أحدها، على سبيل المثال فيلم

من بطولة بيرت لانكاستر وجينا لولوبريجيدا عنوانه "ترابيز" سنة 1965 لكن معظم أعمال عمر الشريف كانت

لا تزال مصرية، وأقول معظم لأنه، وعلى عكس السائد، كان الممثل المذكور أطل على السينما الفرنسية مرّة

واحدة قبل "لورنس العرب" وذلك في فيلم جاك باراتيير "جحا" سنة 1958

لكن بصرف النظر عن مصير الممثلين المذكورين، فإن تجربتهما في إطار السينما العالمية تختلف من شخص لآخر.

عمر الشريف سطع عالمياً، جميل راتب ظهر في أفلام بريطانية وفرنسية قليلة .

على عكس الكثير من السائد أيضاً، فإن عمر الشريف، الذي انطلق من بعد "لورنس العرب" ليصبح نجماً عالمياً

لم يكن الممثل العربي الأول الذي يظهر في أفلام هوليوودية. في الحقيقة، فإن التاريخ يكشف عن أن ممثلين

عرب ظهروا في هوليوود قبل أن يولد عمر الشريف سنة 1932 ففي عام 1912 حط في الولايات المتحدة صبي

وأمّه قادمان من قرية قب الياس (وتُسمّى أيضاً قبر إلياس) في لبنان هرباً من نزاع ثأر سياسي بين عائلتين

تتنازعان النفوذ. واحدة ضد الحكم العثماني، والأخرى (عائلة يقطين) كانت معه. الرواية التي استقاها أحد الناقد

حين زار القرية قبل نحو ست سنوات من أهاليها هو أن زوج تلك المرأة ووالد الصبي، كان قُتل في واحدة من

المعارك التي دارت بين العائلتين، ما دفع بتلك المرأة الى الهجرة وتذكر الرواية أنه على الغالب كان سبقها الى

هناك بعض أفراد العائلة.

في رواية أخرى أن الأب لم يقتل بل هرب وسبق عائلته الى لوس أنجيليس ثم طلبها إليه٠



مهما يكن فإن محمد يقطين كان في التاسعة عشر من عمره حين ظهر، بإسم
فرانك لاكتين، في أول فيلم له

سنة 1916 لاعباً، دون سواه، شخصية شرير صيني في فيلم عنوانه "شر أصفر". وحين توفّى عن 70 سنة في

العام 1968 كان ظهر في 193 فيلماً ومسلسلاً تلفزيونياً. نعم معظمها أدوار صغيرة، لكن الرجل كان معروفاً من

قِبل صانعي هوليوود الأولى٠



الممثل الثاني في هذا المضمار أسمه
جميل حسّون وولد في سوريا سنة 1901 ثم انتقل الى هوليوود ممثلاً

من العام 1929 (بفيلم عنوانه »فكرة إمرأة" لاعباً دور حارس شخصي). حين توفّي جميل في الولايات المتحدة

سنة 1992 عن تسعين سنة كان ظهر في إثنين وثلاثين فيلم. مثل محمد يقطين، لعب أدواراً مختلفة من الهندي

الأحمر الى الهندي الآسيوي، ومن العربي الى الصيني والتركي وسواها٠



ومثل جميل حسّون وٌلد ميشيل عنصرة في سوريا سنة 1922 وهاجر الى الولايات المتحدة وظهر حتى الآن

(إذ لا يزال حيّاً وإن تباعدت أفلامه بسبب تجاوزه السادسة والثمانين سنة من العمر) نحو 80 فيلم ومسلسل٠

ميشيل (او
مايكل أنسارا كما صار اسمه الان) تحاشى لعب شخصية عربية نمطية طوال حياته. وبل لم يمثّل شخصية عربية

ناطقة الا حين طلبه الراحل
مصطفى العقاد لدور أبو سفيان في فلم "الرسالة" .

ومهما كان أول من ظهر في هوليود فان العالم عرف الممثل العربي بعد ظهور عمر الشريف

في فلم " لورانس العرب " وترشيحه للأوسكار لفشة أفضل ممثل مساعد .

وبكثرة الممثلين العرب حاليا الذين يغزون الشاشات العالمية فلا يوجد من وصل لمرتبة النجومية .

لكن كلي أمل ان برقي الممثلين العرب الى مصاف النجومية.