تناقلت وسائل الإعلام تصريح الملكة رانيا -قرينة العاهل الأردني الملك عبد الله الثَّاني- في حديث لمجلة بونته الألمانية حول رفضها ارتداء الحجاب، لأن "ما بداخل الرأس أهم مما فوقه"، وقد حثَّت المسلمات على الثِّقة بالنَّفس، ووصفت نفسها بالرُّوحانية والإيمان مع تمسُّكها بالسُّفور والتَّبرج.




وقد يعود جهل رانيا بنت فيصل الياسين بالأحكام الشَّرعية إلى دراستها الإعدادية والثَّانوية في المدرسة الإنجليزية الحديثة في مدينة الكويت، وبالتالي فهي لم تتلقَّ قدراً مناسباً من العلوم الشَّرعية، وكان يجدر بها وهي الخبيرة بالحاسب الآلي ألاَّ تفتي في أمر لا تحسنه،

لأنَّ ما بداخل الرَّأس سينعكس على خارجه في الغالب، تماماً كما أنَّ ما يحويه جهاز الكمبيوتر في الدَّاخل ستظهر سماته على الشَّاشة من الخارج. ويبدو أنَّ الملكة غفلت عن تزامن تصريحها مع الهجمة الغربية على الحجاب والنِّقاب التي تسامع بها المنكوبون في الأكواخ والمخيمات فضلاً عن ساكني القصور والمنتجعات.




وأظنَّ أنَّ أهلنا في الأردن كانوا ينتظرون من الملكة حديثاً عن البطالة المتفاقمة في بلادهم، حيث بلغت نسبتها في الرُّبع الأول من عام (2010) 12,4 % حسب دائرة الإحصاءات العامة الأردنية، ورُّبَّما توقعوا منها تحذيراً من انتشار المخدِّرات في المملكة استخداماً أو ترويجاً أو تهريباً منها وإليها؛ فالآف القضايا تنتظر لدى إدارة مكافحة المخدِّرات وما خفي قد يكون أعظم، حتى قورنت مدينة الزَّرقاء الصِّناعية بشيكاغو أحد مراكز الجريمة في العالم.




وليت أنَّ الملكة التفتت بحكم أنوثتها وإنسانيتها للعوانس من الجنسين بسبب الفقر، والبطالة، وغلاء المعيشة والمهور؛ مع انخفاض الأجور، فالإحصاءات تشير إلى وجود (105,000) فتاة تجاوزن سنَّ الخامسة والعشرين ولم يتزوجن بعد، إضافةً إلى (85,000 ) شاب تجاوزوا ثلاثين عاماً بلا زواج.




ونظراً لما تحظى به رانيا من قرب لصيق بالملك؛ فقد كان الشَّعب الأردني الكريم يأمل منها أن تهمس في أذن الملك عن نسبة الفقر في الأردن البالغة (11% ) من السُّكان حسب دراسة البنك الدَّولي، والأحوال الاقتصادية الحالية ترشِّح هذه النِّسبة للزِّيادة المفرطة، والفقر غول لا يحتمل؛ وإن صمتت الشُّعوب دهرا.




وأجزم أنَّ للملكة جهوداً كريمة هنا وهناك، ولكن ثمَّ خوف من أن تكون الشَّخصيات النِّسائية في القصور الجمهورية والسُّلطانية والملكية أداةً لتغيير المجتمعات المحلية وفق أجندات المنَّظَّمات العالمية فيما يخصُّ المرأة والطِّفل والأسرة، وعلى نساء البيوتات الحاكمة أن يراعين ذلك؛ حتى لا يقعن في شَرَك لافكاك منه، وكي لا يناقضن أنفسهنَّ بالدَّعوة إلى الحرية الاجتماعية فقط في بلاد تعاني من الاستبداد السِّياسي والظلم الاقتصادي والاستلاب الثَّقافي، وقد كان الأولى بالملكة أن تضع في حسبانها مقتضيات ارتباطها بالنَّسب الشَّريف والعرش الهاشمي.




وفي التَّاريخ معتبر لمن شاء النَّظر بعين بصيرة إلى آثار عبث النِّساء والأبناء في الدُّول، وليت أنَّ الزَّوجات والبنات يقتدين على أقل تقدير بنظيراتهنَّ في الغرب، من حيث البعد عن شؤون الدَّولة وتصريف الأمور، وفي هذا البعد مؤشر على حضور النِّظام وقوة أفراده، فعاقبة تطَّفل مَنْ لا شأن له ميلان عن الجادَّة وانزلاق إلى الهاوية.

الكاتب

أحمد بن عبد المحسن العسّاف


http://www.islamlight.net/index.php?option=content&task=view&id=19306&Itemid=28