غــــــــــريــــــــــب الــــــــــــوطــــــــــ"الله اكبر"ــــــــــــن
غريب الوطن
ولى هارباً في ذلك الطريق الضيق والمظلم وحالة الإرباك والخوف بادية ً على ملامح وجهه...أثناء ركضه صدمته إحدى السيارات ,سقط مغمى عليه من دون أدنى حركة .
- يا له من طفل بريء أنظر إليه يا دكتور .
- نعم .كما يبدو من ملابسه أنه من عائلة فقيرة تحدث الدكتور.
لقد نُقل الطفل إلى المستشفى بعدما صدمه سائق السيارة الذي ولى هارباً تاركاً خلفه الطفل ملقى على الأرض لترفعه أيدي كريمة تمثلت بأحد الأطباء ويدعى الدكتور حسن .
بقي طفلنا الصغير مغمى عليه إلى صباح اليوم التالي ليستيقظ وهو يسمع همسات عددٍ من الأطباء حوله :
- بعد تحرينا عن عائلة الطفل تبين بأنه يتيم وقد هرب من ملجأ الأيتام .
- إذن ليس هنالك من سوف يُداعي ويطالب به ماذا تقول يا أستاذ .
- نعم وهو كذلك .قال الأستاذ والذي تبين بأنه مدير المستشفى .
في تلك الأثناء دخل الدكتور حسن الى الردهة التي يستلقي بها الطفل .
وما إن دخل دكتور حسن حتى قطعوا حديثهم وإنصرفوا .
- كيف حالك يا صغيري ؟
- الحمد لله يا دكتور .
- - ما أسمك يا حبيبي ؟
- إسمي عبد الله يا دكتور .
- ما أجمله من إسم ,هل تشعر بالجوع والعطش ؟
- نعم فأنا جائع جداً ...
أحضر الدكتور حسن الطعام بنفسه إلى عبد الله وبدأ يتكلم معه ويحصل على معلومات عنه وعن أهله في أثناء تناول الطعام .
صُدم الدكتور المختص حسن عندما أخبره مدير المستشفى بأنه يجب إجراء عملية جراحية لعبد الله.
- مالذي تقوله يا أستاذ !
عبد الله لا يحتاج إلى أي عملية وإنما هي كدمات بسيطة وسوف يشفى في القريب العاجل بإذن الله تعالى .
- لا تكثر الجدال معي يا دكتور حسن قلت بأنه سوف تجرى له عملية يعني سوف تجرى ألا تفهم ذلك ...أضف إلى أنه أنا مدير المستشفى وأنا من يعطي الأوامر هنا .
لم يتفوه حسن بأي كلمة إنصرف والأفكار تتلاطم في رأسه .
في اليوم المحدد وقبل ساعة من إجراء العملية كان الدكتور حسن جالساً بالقرب من عبد الله ليطمئن على حاله .
- كيف أنت الآن يا حبيبي؟
- أنا بخير يا دكتور ما دمتَ أنت معي.
- الحمد لله أنك تشعر بتحسن لم يبقى سوى أيام وتخرج من المشفى .
- لا أريد الخروج يا دكتور .
- لِمَ يا حبيبي ؟
- أنت تعلم أنه ليس لي أحدٌ في هذا العالم وأني هربتُ من ملجأ الأيتام بسبب قسوة المديرة معنا وهي ترسلنا إلى الشارع أنا وأصدقائي للتسول ..أتركني هنا يا دكتور .
- شعر الدكتور بالحزن والأسى على حال هذا الطفل الذي لم يبلغ التاسعة من عمره .
- دكتور لقد سمعت بعض الأطباء يتحدثون عني بصوتٍ خافت وكان أحدهم يقول إنه ليس هنالك من سوف يُطالب به !!
صُدم دكتور حسن من هذا الكلام فهو لأول مرة يسمعه من عبد الله...تشابكت وتصادمت الأفكار في رأسه وشعر بالخطر على هذا الطفل الصغير .
قرر حسن في تلك اللحظة أن يهرب مع عبد الله إلى أي مكانٍ آمن,أستكشف الردهة المجاورة ,لا أحد الحمد لله ,حمل عبد الله على صدره بعد أن لفه بأحد الأغطية لكي لا يُرى وأنطلق به حتى وصل سيارته أدار المحرك وأنطلق مسرعاً إلى أقرب منطقة آمنة .
تحدث عبد الله قائلاً : يا عم ... إلى أين نحن ذاهبان؟
أجاب حسن : سوف نذهب الى أرض الله الواسعة يا بني .
- لكن المستشفى جميلة يا عم .
- نعم إنها جميلة وستبقى جميلة لكن الذين يديرونها ويسيطرون عليها أناسٌ أشرار وإنهم يشوهون صورة وطننا الجميل بأفعالهم الشنيعة .
نظر الى وجهه الناعم وعينيه البريئتين اللتين تشعان بالأمل والسعادة وحدث نفسه((هل يعلم هذا الطفل الصغير ما كان سيحدث له لو بقي في المشفى ,إنهم يحاولون أن يأخذوا أعضاء جسده الصالحة من كبد وطحال وكلية وبيعها )) يالهم من أناس أشرار...
إنتبه الى الطفل وقد إنفجرت عيناه بالدموع وتمتم يقول : لم أنا الوحيد من دون باقي الأولاد ليس لدي أب وأم؟
حضنه حسن وهو يقول :لا عليك يا حبيب قلبي أنا أبوك وأمك لا تحزن .
أدار بوجهه وإذا بإحدى اللافتات المعلقة مكتوبٌ فيها ...
قال رسول الله (صل الله علية وال وسلم) :" أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا , وأشار بسبابته ".
