بقلم هاجر لعريبي
مددت يدي لأتحسس مكان المنبه ، لا أعرف لما انتابني إحساس بأن الوقت قد تأخر و قد فاتتني أشياء كثيرة ، فتحت عيني ليقابلني سقف الغرفة التي باتت ملامحه تتضح شيئا فشيئا وراحت ظلال الغرفة تنكسر لتعكس ومضات خاطفة أدركت حينها أن الوقت لم يتأخر وأن الصبح للتو قد حط رحاله ليدشن افتتاح يوم جديد، هذه الأيام التي صارت مختلفة و التي تغيرت ملامحها أم ضاعت لم أعد ادري!!! كل الذي أعرفه أنه في كل يوم أستيقظ فيه يتملكني شعور غريب يدفعني إلى الهرولة بعيدا للبحث في وجوه الأماكن عن رقعة يمكن أن أجد في دفئها خيطا يشدني و آخر اقطعه لكي ينسحب مني وأتوه عن الرغبة في الرجوع إلى تلك الغرفة التي تحوي كل زاوية فيها، ذكريات ورائحة و تفاصيل و كلمات ومعاني وعمر ضاع بين النظرات والانتظار ، أتوه عن زمن توقف عند نقطة النهاية لأسوء حكاية حملها كتاب العمر، فهل بقي في العمر من صفحات أخرى لحكاية جديدة علها تحيني من جديد ؟؟؟؟ . أمسكت المنبه ، كانت الساعة تشير إلى السابعة صباحا وضعته جانبا حملقت في أرجاء الغرفة ، بحثت عن صورتك التي سكنت مخيلتي يوما ، لم أجد سوى بقايا قطع متناثرة من صورة ممزقة، بحثت عن ابتسامتك التي غنيت لها موالي،تبددت تفاصيلها و نسيت كلمات الأغاني، ركبت الأمواج العالية وسافرت في بحور شِعرك، فوجدت نفسي أغرق بين الكلمات الخالية ، هكذا تركتني دمية مكسرة لا تصلح في أن تكون هدية جميلة مفرحة للأيادي التي ستمتلكها بعدك ...
أحسست فجأة بصداع يحاصر رأسي و يشتت أفكاري فقلت في نفسي أنه يمكن لفنجان القهوة أن يفي بالغرض
و يشفي الألم فتحت جهاز راديو جلست أرشف فنجان القهوة ، و ما هي لحظات حتى راحت تلك الألحان تخترق فضاء الأثير لتصل إلى جسدي الهش و تهزه ، توقظ فيه تلك الرعشة ، ذلك الحنين وتذكره بكلمات الأغنية التي غنيتها لي يوما ...كل شيء يذكرني الغرفة و الجدران ،الصباح و المساء ، الراديو
و الأغنية والكلمات و الوجع ...
لم استطع سماع المزيد أوقفت جهاز الراديو ، أسرعت إلى غرفتي ارتديت ملابسي، غطيت ملامحي بالمساحيق حتى اصنع وجها آخر لا أعرفه ،
لا يذكرني حملت حقيبتي ، أوصدت الباب و خرجت، مشيت ...ركضت ...ابتعدت ، تمنيت أن لا يحل المساء حتى لا تجرني خيوط الليل و تجبرني على العودة إلى ذكرياتي... إلى غرفتي ..إلى كلمات الأغاني ...
