يقال أن رجلا كان يعيش في الغابة وكان يرافقه دب. وكانت العلاقة بين الإثنين جيدة، حيث رافق الدب الرجل في حله وترحاله موفرا له الحماية التي كان الأخير في حاجة إليها. وفي أحد الأيام، غط الرجل في سبات عميق ثم حطت نحلة على وجه الرجل. وعندما رأى الدب النحلة، خشي من أنها ستوقظ صديقه من نومه. أمسك الدب صخرة كبيرة ورمى بها على رأس الرجل لإنقاذ صديقه، وبدلا من قتل النحلة، قتل صديقه.
لماذا قتل الدب صديقه على الرغم من حسن نيته؟ السبب بسيط، ألا وهو الجهل.
أليس هذا هو الحال مع تنظيم القاعدة، التي تدعي أنها تسعى إلى حماية المسلمين في الوقت الذي تقتل فيه القاعدة عددا لايعد ولا يحصى من المسلمين الأبرياء في الأسواق والشوارع والمقاهي وحتى في أماكن العبادة؟
القاعدة نصبت نفسها كسلطة دينية مطلقة تكفر من تشاء وتزكي من تشاء من المسلمين، ومن لم ترض عليه فمصيره إما القتل أوالتعذيب الشنيع.
ألم ترتكب القاعدة أفظع الجرائم ضد الأبرياء من المسلمين وغير المسلمين في كل مكان باسم الإسلام، وقدمت بذلك للعالم صورة قاتمة وسلبية عن الدين الإسلامي العظيم؟
أول سورة أنزلت على سيدنا محمد (ص) بدأت بكلمة "أقرأ" وآخر كلمة في أخر آية منزلة في القرآن كانت "لا يظلمون" (سورة البقرة آية رقم 281). ألا يعني هذا أن الإسلام هو دين العلم والعدل؟ ومع هذا، ألا نرى أن القاعدة تنتهك هذه القيم الجوهرية في الإسلام وتصر في نفس الوقت على تجاهلها، وفي بعض الأحيان يصل الأمر إلى تصفية علماء الإسلام الذين جاهروا بمعارضتهم لتوجهات القاعدة وفضحوا جهلها وآثارها الوخيمة على المجتمعات الإسلامية. قال الشيخ عبد الله جلال من محافظة الانبار في العراق: "كان استهداف العلماء والشخصيات الدينية السنية من أولى أوليات القاعدة في العراق خلال السنوات الماضية، حيث سقط أكثر من 100 عالم وإمام من أهالي السنة على يد تنظيم القاعدة".
العديد من الذين تجندهم القاعدة وأمثالها من المتشددين هم من الشباب الذين يفتقدون المعرفة والفهم الكافيين لأمور الحياة وتعقيداتها وطبيعتها المتغيرة بشكل دائم. كما أن الكثير منهم لا يعرف حتى الكتابة والقراءة. ونتيجة لذلك، يتسم هؤلاء الشباب بالعجز عن التفكير بشكل مستقل، مما يتيح الفرصة للمجموعات المتطرفة كالقاعدة، لغسل أدمغتهم بسهولة من خلال دعاية تعتمد في الأساس على مفهوم الكراهية، إذ ستخدم هؤلاء الأفراد كانتحاريين ومعاول للهدم، بدلامن استغلالهم كقوة للخير والإعمار.
نعود إلى مثال الدب وصديقه، حيث أن الضحية كانت (الرجل) الذي لقي هلاكه على يد صديقه الدب، ولكن في موضوعنا هذا المبنى على الواقع الملموس، ضحية القاعدة وهي (المجتمعات الإسلامية)، على الرغم من أنها شهدت أثارا مدمرة لسلوكيات النابعة عن الجهل، إلا أن قلب هذه الضحية لا يزال ينبض.. ومع ذلك ، نرى القاعدة المرة تلو الأخرى تتجاهل أي دعوة لتحكيم العقل وتصر على مواصلة أجندتها المتطرفة ة بالرغم من المصائب والويلات التي جلبتها على المجتمعات الإسلامية. هل يتصور انه في يوم ما ستبدأ القاعدة في الإستماع لصوت العقل والعلم من تلقاء نفسها وتغير مسارها المدمر، كما فعل العديد من الآخرين؟
لا شك أن القاعدة شريان حياة القاعدة هو الجهل الذي تنتعش منه وتتبضع من سوقه، حيث أن رموز القاعدة وباعترافهم، رفضت أفكار كل علماء الإسلام تقريبا الذين كرسوا حياتهم لدراسة الدين وفهمه كغاية في حد ذاتها، وليس خدمة لأجندة معينة أو دوافع خفية. وبدل الأخذ بحكمة وعلم هؤلاء العلماء، تطلب القاعدة من أتباعها الأخذ بكلام لأشخاص غير مؤهلين, ملئوا قلوبهم شراً وكراهيةً للمجتمع، وأصدروا فتاوى تحث على ارتكاب أبشع وأقسى الجرائم في حق البشرية، وتقدم القاعدة هؤلاء الأشخاص على أنهم هم علماء الإسلام المؤهلون دون غيرهم. ولقد رأينا أمثلة لا تحصى من العلماء ذوي المواقف الجريئة الذين وقفوا - ولازالوا - ضد العنف والكراهية البغيضة والتي يروج لها تنظيم القاعدة،
بالإضافة إلى بعض من أعضاء القاعدة السابقين الذين فضحوا الطبيعة الحقيقية لهذا التنظيم. ولكن إذا لم يقف المزيد من أهل العلم وأولئك الذين يهمهم أمر الحقيقة، فإن القاعدة وأمثالها ستستمر في انتهاك القيم الإسلامية وتشويهها إلى جانب الحاق المزيد من الضرر للمجتمعات المسلمة.
القيادة المركزية الأمريكية