في مِصْـرَ يـُلـقـَى النـَّاسُ للأسْـمَـاكِ مِـثـْـلَ الـطـُّعـْــم والدُّنـْيـَا سُـكـُــوتْ
أسْـمَـاكُ هـَـذا البـَحـْـر تـَأكـُلـُهـُـمْ
لكـَيْ يـَصْطـَادَهـَـا مِـنْ بـَعــْــدُ أصْـحـَـابُ اليـُخـُــوتْ.. !

هذه الأبيات الشعرية للشاعر المعارض عبدالرحمن يوسف.. التي كتبها بمناسبة الذكرى الخامسة لغرق العبارة السلام 98.. ويبدوا أن أحداث ثورة 25 يناير والإنتصار العظيم للشعب المصري في إسقاطه للنظام.. جعلنا ننسي بدون قصد ضحايا العبارة.. التي غرقت يوم 2 فبراير عام 2006.

الحادث الذي راح ضحيته 1033 شخص وأصيب 386 تم إنقاذهم من الغرق.. فضلاً عن المفقودين الذين مازال أهاليهم يبحثون عنهم حتى هذه اللحظة.. خلف الكثير من الثكالى والأرامل الأيتام.. وبعد نجاح ثورة 25 يناير وانتصار الشعب طالب العديد من أهالي ضحايا العبارة والناشطين السياسيين بإعادة فتح التحقيق مرة آخري.

ممدوح إسماعيل.. هو صاحب العبارة (السلام بوكاتشيو 98) المملوكة لشركة السلام للنقل البحري (ش.م.م) التي يترأس مجلس إدارتها، كما أنه عضو معين بمجلس الشورى.. رجل مُحصن وحصين بحصانة برلماني وآخرى اكتسبها من خلال علاقاته التي توسعت يوماً بعد يوم.. فأصبح يمتلك نفوذاً في التعامل مع الموانئ المصرية.. وقد بدأ صاحب شركة السلام في الإنطلاق نحو القمة من خلال الشركة التي راحت تحمل أسماء ''السلام للإستثمار''، ''السلام للنقل البحري''، ''السلام للسياحة'' وغير ذلك من مسميات بعثت بالعديد من التساؤلات حول أسباب تبدلها.

سيطرة صاحب عبارة السلام على الموانئ المصرية لم تأتي من فراغ.. فبداية قام بوضع المُقربين منه في المواقع القيادية في شركاته.. وتباعاً أصبح يستخدم ذكاؤه في كيفية توسيع سيطرته فقام بتعيين مدير أمن سابق لميناء السويس مُعاونا له.. حتى أصبح يُسيطر بشكل كامل على كافة الرحلات التي تنطلق من ميناء السويس جدة ومن سفاجا ضبا جدة.

''الجدل''.. هو كان السمة الغالبة على الشركات المملوكة لممدوح إسماعيل.. فالسُفن العاملة التابعة له كانت تحمل اسم ''السلام'' وإن اختلفت المسميات.. والأمر الأكثر جدلاً أن البحارة من العاملين في السفن التابعة له كانوا ممنوعين من الإشتراك في النقابة العامة العالمية للتجارة ''اليونيو'' وكان الهدف من وراء ذلك ألا يسمح لهؤلاء البحارة بالاستفادة بالمزايا التي تقررها النقابة العامة العالمية للبحارة ومن بينها تحديد الرواتب الثابتة لهم مقارنة بزملائهم في بحار ومحيطات العالم المختلفة.. ومن بينها أن راتب الضابط بحار ثان لايقل بحسب الأجور العالمية عن 800 دولار امريكي.. وفي ظل غياب هؤلاء عن المشاركة في نقابتهم فلم يكن الضابط الثاني لدي شركته يحصل علي اكثر من 1500جنيه او ما يعادل 300 دولار امريكي فقط.

''التساهل'' كانت سمة آخري سيطرت على الشركة حيث تساهلت الشركة في الإشتراطات اللازمة لعمل البحارة علي سفن وعبارات السلام.. فالقوانين الدولية تقضي بالحصول قبل مزاولة العمل علي دورة لا تقل عن شهر بأكاديمية خاصة للتدريب علي الامن والسلامة في مواجهة ''الغرق والحريق''.. ولكن هذا لم يتم تطبيقه عى العاملين.. ولعل ذلك ما بدا واضحاً من خلال تخبط طاقم العبارة 98 الغارقة في التعامل مع كارثة السفينة وفشله في السيطرة علي ما حدث لها لافتقاده الخبرة اللازمة للتعامل مع مثل هذه المواقف.

بعد ثورة 25 يناير المطالبات تزايدت بإعادة فتح التحقيق في قضية العبارة، وانتهت هذه المطالبات بقرار صادر من النائب العام بإعادة فتح القضية مرة آخري كما قرر إحالة البلاغات المقدمة من أهالي ضحايا العبارة ''السلام 98'' لنيابات البحر الأحمر لفتح التحقيق وإفادته بما تم. والخبر من اهم اخبار منتدي الاخبار البلاغات التي قدمها أهالي ضحايا كارثة العبارة تضمنت وجود نحو 20 من الناجين مختطفين لإخفاء أسباب حريق وغرق العبارة ورفضهم قرار النيابة بقيد وتوصيف الجريمة على أنها جنحة وأنه لم يتم تسجيلها قضية بمحكمة الجنايات.

العبارة التي غرقت الساعة السابعة صباحا يوم 3 فبراير عام 2006 كان مُلاكها على عَلم بغرقها.. ولكنهم قاموا بمماطلة مسئولي الموانئ حتى يتم تأكيد خبر غرقها.. ضاربين بالحائط كل قواعد الإنسانية والأخلاق في تقديم المساعدة للضحايا الذين كانوا في صراع من نوع آخر مع أسماء القرش التي التهمتهم واحداً تلو الآخر.. دون جدوى.. ودون رد..

''الأدلة'' محور آخر تطرقت إليه تحقيقات النيابة في الحادث حيث وُجهت اتهامات إلى ممدوح اسماعيل بإخفاء بعض الناجين الذين ثبت علمهم بوقوع تلك الكارثة منذ حدوث الحريق علي ظهر العبارة و انتهاء بغرقها كما تعمد مسئولو العبارة إلي اخفاء الأدلة القولية المتمثلة في شهادات ربان وطاقم العبارة المؤثرة شهاداتهم في إسناد الإتهام إليهم وبعضهم من المتحملين للمسئولية الجنائية معهم عن هذه الجريمة.

ممدوح إسماعيل، الذي وجهت له اتهامات بالقتل الخطأ لعدم إبلاغه السلطات فور علمه بوجود مشكلة على متن العبارة، تعمد هو وأعوانه إلى المغامرة والمُقامرة بأرواح الناس وممتلكاتهم، حال تعمدهم استخدام العبارة السلام 98 فى عمليات نقل الركاب والبضائع بطريق البحر، وذلك بالرغم من علمه بأن العبارة غير صالحة للأبحار.

''التأمين'' الذي أراد مالك العبارة الحصول عليه كان هو السبب، وفقا لما أكده خبراء، حيث كشفت تقارير أن تقارير أن الشركة مالكة العبارة سوف تحصل على أكثر من 400 مليون دولار من إحدى شركات التأمين البريطانية التي كانت قد أبرمت معها وثيقة تأمين على أسطول العبارات الخاص بالشركة والذي يصل عددها إلى أكثر من 18 عبارة.

وبهذا ستكون شركة السلام وصاحبها الرابح الأول من وراء هذه الكارثة في ظل تأكيدات للشركة أنها ستدفع لكل ضحية 150 ألف جنيه للتعويض عن الكارثة التي حلت به حيث ستصل التعويضات للأفراد جميعا إلى مليار ونصف المليار جنيه في حين أن التعويضات التي ستصرفها الشركة من شركة التأمين البريطانية ستصل قيمتها إلى مليارين و400 مليون جنيه.

مصراوي ينفرد في هذا التحقيق بنشر كشف حساب ممدوح اسماعيل مع شركة ''ورلد ويد اوبيراتور''، حيث تم تحويل له مبالغ مالية تُقدر بـ 4.230.000.00 وذلك عقب غرق العبارة.. وهذه التحويلات مؤرخة في شهر أبريل أى بعد غرق العبارة بشهرين.

شيك رقم 815852 من البنك العربي – القاهرة بتاريخ 17 – 4 – 2006 بقيمة 50 ألف جنيه.
شيك رقم 815854 من شركة اوبتما لتداول الأوراق المالية بتاريخ 18 - 4- 2006 بقيمة 150 ألف جنيه.
شيك رقم 815855 من البنك العربي القاهرة بتاريخ 27 – 4 – 2006 بتاريخ 27 – 4 – 2006 بقيمة 100 ألف جنيه.

أما عن التحويلات إلى السيد ممدوح إسماعيل بالدولار، بحسب وثيقة يحتفظ بها ''مصراوي''، فهي كالتالي :

شيك رقم 815861 من البنك العربي – القاهرة بتاريخ 27 – 4 – 2006 بقيمة 100 ألف دولار.
شيك رقم 815862 من البنك العربي – القاهرة بتاريخ 2 – 5 – 2006 بقيمة 100 ألف دولار.
حوالة من شركة worldwide operators (عمار أبو ناموس) بتاريخ 4 – 5 – 2006 بقيمة 700 ألف جنيه.
شيك رقم 815863 من البنك العربي – القاهرة بتاريخ 8 – 5 – 2006 بقيمة 50 ألف دولار.
شيك رقم 815865 من البنك العربي – القاهرة بتاريخ 8 – 5 – 2006 بقيمة 50 الف دولار.
شيكات رقم 815867 و 815868 و 815869 تم تحويله بتاريخ 24 – 5 – 2006 بقيمة 200 ألف دولار.
شيك رقم 815871 من البنك العربي – القاهرة بتاريخ 7 – 6 – 2006 بقيمة 500 ألف دولار.
حوالة من شركة worldwide إلى فندق كونكورد – شرم الشيخ بتاريخ 9 – 6 – 2006 بقيمة مليون دولار.
شيك رقم 287 من الشركة العربية لإدارة السفن بتاريخ 3 – 7 – 2006 بقيمة 100 ألف دولار.
حوالة إلى بنما، التي تعمل شركة السلام وفقاً لقوانينها البحرية، بتاريخ 6 – 11 – 2006 بقيمة 480 ألف دولار.
شيك رقم 18090 من الشركة العربية لإدارة السفن بتاريخ 12 – 12 – 2006 بقيمة 400 ألف دولار.
شيك من الشركة العربية لإدارة السفن بتاريخ 27 – 2- 2007 بقيمة 230 ألف دولار.
شيك دفعة لشركة MARINE ASSEKURANZ من ASM بتاريخ 6 – 3 – 2007 بقيمة 120 ألف دولار.
حولة آلية من بريطانيا بتاريخ 2 – 7 – 2007 بقيمة 200 ألف دولار.

ولو قمنا بحساب كل هذه التحويلات بالدولار مُضافاً إليها قيمة التحويلات بالجنيه المصري فسنجد أن مجموع المبالغ يصل إلى 4 مليون دولار و282 ألف.

في النهاية سنظل نتذكر.. وستظل محفورة في أذهاننا ذكرى عبارة الموت.. لكن هل سيستمر الفاسدون في فسادهم أم سيتوقفون؟.. أم سيتم توقيفهم لتقديمهم عبرة إلى المجتمع؟.

سؤال وليس رأي هل من حق المستثمر تحقيق الأرباح والمكاسب على حساب أرواح برأيه؟.. وهل سيتم تجميد أرصدة ممدوح إسماعيل تساوياً بزملائه من المسئولين الوزراء الذين قرر النائب العام تجميد حساباتهم البنكية؟.