بسم الله الرحمن الرحيم
القاهر فوق عباده وهو العزيز الحكيم
مسارات إقليمية وشعوب مغلوبة وإسلام مفقود
لاحظ الجميع في خضم هذه الثورات أمور عديدة متناقضة وردود فعل عربية رسمية لا ترقى إلى مستوى الحدث والتغير وفي مجملها إما قمع وسفك دماء للشعوب المنكوبة بهؤلاء الحكام وإما الدعوة إلى ما يُدعى بالإصلاحات والتي في الحقيقة هي كذر الرماد في العيون ولكسب مزيد من الوقت لإتخاذ إجراءات أشد صرامة مما سبق أمنياً وتخنق وتغتال حتى الطفل في حضن أمه ..
وكأمثلة للأمور المتناقضة نذكر البعض منها :
في كل بلد عربي محتل من حاكمه المنصب بحكم - سياسة معاهدة سايكس وبيكو أو من خلال الإنقلابات تحت مرأى وسمع الدول الخمس بعد الحرب العالمية الثانية - نجد أن هذا الحاكم المحتل للبلد العربي بعد أن يُطالب الشعب بالإصلاحات المدنية وتطهير الإقتصاد من الفساد يصرخ هذا المحتل بملء أصداغه أن هنالك مؤامرة تحاك ضد البلد وأن القاعدة خلف هذه الفوضى وبعد هنيهة يضيف إليها لاحقاً أن هنالك أصابع أمريكية وصهيونية تسعى لتدمير البلد ..
دعونا نتأمل في هذا التصريح الذي إتفق على ترديده الزعماء الذين ثارت عليهم الشعوب :
هذا التصريح يعني أن هؤلاء الحكام هم رؤساء شرعيين للبلد وأن القاعدة وأمريكا والصهيونية هم من يسعى لتدمير بلاده وإجتثاثه من السلطة ، فبهذا التصريح يتضح للمتلقي أن هؤلاء الحكام من الأمانة وحفظ العهد إلى درجة أنهم وصلوا إلى مستوى الصالحين البررة وأن نهر النيل يقف مده وجزره لدعائهم وتقواهم .. !
بينما الواقع يفضح مكنوناتهم ويُعري ثيابهم بل كاد المريب أن يقول خذوني ..
البلاد بلاد إسلامية ، أصبح الدين الإسلامي فيها شعار رنان نسمعه ونقرأه ولكن لا يلمس مسلم واحد أي تطبيق لأحكام هذا الإسلام في هذه البلاد الإسلامية فالدين الإسلامي أصبح شعار يتغنى به ويترنم هؤلاء الحكام المحتلين إستخفافاً بالشعوب وإستحقاراً لهم ..
والواقع يدلل ويؤكد عليه بقوة ، فمثلاً :
عندما أساء الغرب الصليبي إلى رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ومازالوا يفعلون لم يسمع أو يرى مسلم موحد في الأرض أي ردة فعل أو بادرة تنم على أن هؤلاء حكام مسلمين أو ينتمون إلى الإسلام بل العكس هو الذي حدث تماماً !
فقد تم إعتقال وتكميم أفواه المسلمين الصادقين عن القيام بالرد الشرعي المطلوب من أي مسلم موحد إتجاه مثل هذه المواقف ضد خاتم الأنبياء والمرسلين ، وزادوا عليها بتصريحات مخزية كالمصالح الإقتصادية والسياسية ( وولي الأمر أبخص ) وقاموا بإستقبال وتقديم الهدايا لمجرم الفتيكان الحقير الذي صرّح أن القرآن الكريم ليس من عند الله تعالى وأن محمد صلى الله عليه وسلم مجرم إرهابي يدعو لسفك الدماء ..
كما أنه لم نرى لهم جهاداً ضد الصهاينة في فلسطين المحتلة عقود من الدهر ولم نرى لهم جهاداً ضد أمريكا حينما إحتلت العراق في 2003م بل هؤلاء الحكام الخونة هم من ساهم مع أمريكا لهذا الغزو المشين
وفي المقابل نجد أن هؤلاء الحكام الفجرة هم من يساهم ويعين أمريكا والغرب الصليبي لمحاربة الجهاد والمجاهدين وقتلهم وإعتقالهم وتعذيبهم وسجونهم تؤكد وتبرهن عليه بما لا يدعو مجالاً للشك ..
فمن يدمر البلاد الإسلامية الآن ويغتصب سيادتها ويسلب ثرواتها !!!
بالله عليكم أي إسلام يزعم هؤلاء وأي إسلام يحافظون عليه أو حتى يهتمون به .. هل مازالوا مسلمين !
البلاد الإسلامية ، ينتشر بها الفساد الأخلاقي والفساد الإقتصادي بل ويدفع النظام الحاكم بالشعوب إلى التنازل حتى عن كرامتهم للحصول على لقمة العيش وتوفير أدنى حالات الإعاشة لكي يعيل أفراد عائلته وإن كان بكل وسيلة متاحة
الواقع يدلل ويؤكد عليه بقوة ، فمثلاً :
لاحظ الجميع نسب الفقر المتزايدة داخل هذه البلاد الإسلامية وكيف يتم ممارسة تمرير الفساد الأخلاقي من خلال التقتير على هذه الشعوب الذي ينشئ تلقائياً من الفساد الإقتصادي ، من يتوقع أو يصدق أن بلاد إسلامية يرفع فيها الآذان منادياً الله أكبر وتقام فيها الصلاة ينتشر فيها دور البغاء وشرب الخمور والمراقص الليلية ، أي تناقض هذا الذي تعيشه الأمة الإسلامية وتعيشه هذه الشعوب المنكوبة بحكامها المحتلين ! وأي إسلام هذا الذي يزعمونه !
البلاد الإسلامية ، أنعم الله عز وجل عليها بالخيرات والثروات التي إن تم إستثمارها وإستغنامها وتوزيعها بالطرق السليمة الأمينة لما وُجِد مسلم واحد يعاني من الفقر إن لم يكن على الأقل الأحوال من الأغنياء وليس من متوسطي الدخل وحسب بل من الأغنياء بما تعنيه الكلمة من معنى
الواقع يدلل ويؤكد عليه بقوة ، فمثلاً :
إن الفساد الإقتصادي والأخلاقي وغياب الوازع الديني يتم ممارسته بمنهجية رسمية من هؤلاء الحكام المحتلين الذي تولوا مناصبهم بمعرفة المستعمر أبان الحرب العالمية الثانية وغرسوا في نفوس الشعوب اليأس والإحباط طيلة العقود الماضية لإستخدامهم شتى الفنون الأمنية والقمع والتهديد والترهيب وممارسته على كل من يفضح توجهاتهم أو فساد أنظمتهم ، ومن الرابح الأخير بعد كل هذا هو المستعمر الذي إستعمل مثل هؤلاء الحكام المحتلين بمعية هذا المستعمر ، من هنا عرفنا لماذا يرزح معظم الشعوب في البلاد الإسلامية تحت مستوى المتوسط وتحت مستوى الفقر ، لأن ثروات بلاد المسلمين تذهب كجزية يدفعها هؤلاء الخونة للمستعمرين ليحافظوا على مكانتهم وإستيلائهم على الحكم وتوريثه لعائلاتهم ..
عن أي إسلام يزعمون ؟ وعن أي مؤامرة يتحدثون ؟ وعن أي إصلاحات يتشدقون بها ؟
العلاج والحل والوصول إلى الأهداف المرجوة والمنضبطة بالإطار الشرعي الذي يُرضي رب العباد عن العباد لا يكون ولن يكون إلا بإنتفاضات إسلامية حرة لا تشوبها شائبة ولا تشويه بأي صورة أخرى من الصور المخادعة التي تتوشح شعار الإسلام وفي المقابل تنتهج تتعامل مع الغرب الصليبي أو الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الخاضعة للنظام العولمي العالمي المستقاة قوانينها من علوم شياطين الإنس والتي ساهمت ونصبت مثل هؤلاء الحكام الخونة على هذه البلاد الإسلامية وجاءوا بهم لسدة الحكم ، وهذه الأحوال والنتائج التي تعاصرها الأمة الإسلامية بسبب تلك المنظومة اللعينة التي استساغتها الشعوب ورضخت لها كأمر مسلم به ، لا يجوز الثورة والإنتفاضة ضدها وقطع دابرها ( الغرب الصليبي – الأمم المتحدة – الشرعية الدولية الكافرة بالله عز وجل ) ودابر أوليائها ( الحكام الخونة وتوابعهم بلا إستثناء ) في بلادنا الإسلامية العربية
لذا أدعو أهل العلم والمفكرين والدعاة المصادقين والمخلصين راجين رحمة الله تعالى أن يصبوا جهدهم وإجتهادهم في توعية الشعوب الإسلامية والتركيز على القضايا المركزية للأمة الإسلامية في مواجهة التكتل الغادر ( الصليبي وأوليائهم من الحكام ) و ( المجوسي وأوليائهم من الحكام ) على أمة الإسلام والتغاضي مؤقتاً عن الأمور الخلافية الفرعية في الدين والدنيا التي من الممكن تجاوزها في هذه المرحلة مع الأخذ بعين الإعتبار والتشديد على قول الله تبارك وتعالى :
{ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } (82) سورة المائدة
كما أنوه على المقصود بالنصارى أولئك الفئات التي لم تنقض عهودها ولازمت الحياد في المعترك الإسلامي ولم تنحاز للموجة العالمية ضد الإسلام والمسلمين ولم تؤذي المسلمين والمسلمات ..
منقول