بدأت القصة مع بداية يوم جديد في حياتي ومميز حيث تغير كل شيء حولي
وأصبحت شخص آخر.
وبدأ التغيير واضحاً عليّ حيث أصبح الآن لدي مكتب خاص ووظيفة
فريدة من نوعها تحمل لافتة مكتبي عنوان مميز.
(قف! مركز سبأ. استشاري الحب
والمشاكل العاطفية
قيمة التذمرة خمسة جنيهات فقط)
كتبت هذا العنوان وأنا أدرك
أن جميع الزوار الذين سيأتون إليّ ليس بدافع إيجاد الحل لمشاكلهم ولكن؟!
لأحد
هذه الأسباب.
أولا: ليشبعوا فضولهم من هذا المسمى فكلمة (حب) تتغلغل في أعماق كل
فرد بوقع خاص.
ثانياً: الكل يريد أن يسمع صوت عقله من الآخرين، لأن الحب يكتم
العقل ويجعل القلب سيد الموقف.
عفاً!
ها قد أتى أول زائر .. شحص من النوع
التأملي لأنه اختار من المكتب الجانب الذي يحوي الغموض حيث أنه الركن الموالي إلى
الباب، فيه بعض اللوحات التي رسمت بالسريالية. وبعض الألوان زادت الطابع الفرائحي،
وفي هذا الجانب من المكتب تمثال يدعوك بنظرته إلى التأمل كثيراً.
عاد هذا الزائر
إلى أرض الواقع ونظر إلي حيث عدت أنا كذلك بعد أن كوّنت فكرة عامة عن كنه شخصيته من
مظهره واهتمامه ثم قدمت له العصير المجاني الذي هو على حساب المكتب، ثم أتحت له
الفرصة ليبدي إعجابه بالمكتب كمدخل للحديث، ثم نظر إليّ نظره فاحصة .. نظرة تسأل
عما إذا كان في المكان الصحيح والشخص الصحيح هو الذي يلجأ إليه. فقأجبت عن هذا
السؤال مباشرة بأنك في المكان الذي هو محل ثقتك وعونك.
فبدأ حيث يبدأ الكثيرون
دائماً بنبذة عن شخصيته (كمدخل أول).
- أنا الشاب المناسب .. أحببت الشابة غير
المناسبة (كمدخل ثاني).
ثم بدأ بتأنيب الذات، حيث تبدأ التغيرات من نفس
الترتيب.
فبدأ بتأنيب أول حواسه للحب (العين) فقال:
- كنت أراها أجمل
إنسانة وكنت أراها .... وكنت.
ولكن هناك مساحة في القلب تترك دائماً كخطوط
للرجعة ويبدأ العقل دائماً بسد هذا الفراغ حيث يوجه الحواس إلى الحب الانتقالي وهو
حب مؤقت بين الحب القديم والحب الجديد وتبدأ مرحلة التهيئ وترتيب الخطى حيث يميل
القلب (وهو أعمى) إلى أول من تبدي اهتمامها.
ولكن؟!
القلوب تسع الجميع لذا
مازال المكان شاغراً. غرفة للإيجار حتى يأتي مالكها.
وتسأل كل فتاة نفسها: (هل
أنا مالكها؟!)
فهناك من تبحث عن السكنى فتتشبث بها وتدافع عن بقائها
ولكن؟!
هل الحياة صراع من أجل السكن؟!
وهناك من تُكتب لها وتُسجل في الشهر
العقاري دون أن تدرك أو تسكن فيها يوماً.
فالحب دفاع عن الذات.
فنحن نحب ونجد
فيه جمال الحياة..
ويصبح الكون بلون الربيع.
ولكن؟ وعندما نكره نبدأ بالدفاع
عن ذاتنا فعندما نخسر من نحب نبدأ أولاً بالبحث عن حب جديد (كرامة الذات) ثم إشعار
الحبيب بالندم (رضى الذات) ثم تصبح حياتنا فلكاً يدور حول هذا الحبيب الذي - ورغم
كل شيء - يسمى حبيب وإذا عاد فهو حبيب ولا حقد ولا ضغينة وإذا لم يعد فمضروب عليه
الحصار حتى يسلّم الراية البيضاء.

فهذا الزائر: ممن فرضوا الحصار ولا يبحث إلا عن تعزيزات ليكتمل بها صف
جنده، وبما أنه تأملي أظن أن الحياة عنده لعبة شطرنج حيث يفكر طويلاً ويخطو
الخطى
ولكن؟!
ماذ عند الخطى، هل كل خطانا في الدرب الصحيح؟!
أعلم أن في
هذه الحياة خطى من سار منها الأولى فلا توجد منها أخيرة.
فطريق شخص جديد داخلك
يمكنك جعله ملاك أو مارد جائع، حسب ما تطوع به دواخلك.
فالدفاع عن الحب يحتاج
الكثير
ولكن؟!
أهمها، أو أكثر ما يحتاجه الحب المبدائ. لأنها تضيئ
الطريق.
فالقلب أعمى والحب درب شائك فالحب يجن مشروط مليء بالرقابة حيث خيارك
إما السلوك الذي يؤدي بك إلى درب الحرية أو العودة إلى القضيان، لذا إجعل من دفاعك
تميزك.
فلا تقاتل من أجل الحب فدرب الحب يهوى بالقتلة.
ولكن ناضل من أجل
القلب
فأنت قائده إلى الفوز.
فالحبيب رقيب يرجو منك المثالية
ولكن؟!
هل
يوجد من هو مثالي، فكن شخصك ولا تدع الآخرين يغيرون دواخلك فمن أحبك لأنه يراك في
أعماقك.
ومن لم يحبك لأنه يرى مظهرك فقط.
فكلنا جميل من الداخل ولكن من يجد
هذا المشعل الذي في داخلنا ويوقده.
يتبع