☼... كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي ... ☼
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة و السلام على رسوله الكريم
محمد وعلى آله واصحابه اجمعين و على من سار على هديه الى يوم الدين
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهوبعد
اخواني واخواتي الافاضل الكرام غفر الله لنا ولكم و ادخلنا في رحمته وتقبل صيامنا وقيامنا
ووفقنا في صيام شهر رمضان الفضيل
فاننا في هذا الشهر الكريم نتذكر ما يآمرنا به الله ورسوله عليه الصلاة و السلام من خير كثير في رمضان وصيامه وقيامه
ونتذكر ما وعد الله به عباده الصائمين من الثواب و الخير الكثير ان هم صاموا الشهر الفضيل حق الصيام اكراما ً لهذه الامة و تفضيلا ً لها عن سائر الامم
واكراما ً لمن صامه و جزاء ً له
فتذكرت هذا الحديث القدسي الذي اخبرنا به رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام عن ما يقوله ربنا عز وجل للصائمين
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم
«قال الله تعالى: كُلُّ عَمَل ابن آدم لَهُ إلاَّ الصومَ فإِنَّه لي وأنا أجزي بهِ. والصِّيامُ جُنَّةٌ فإِذا كان يومُ صومِ أحدِكم فَلاَ يرفُثْ ولا يصْخَبْ فإِنْ سابَّهُ أَحدٌ أو قَاتله فَليقُلْ إِني صائِمٌ، والَّذِي نَفْسُ محمدٍ بِيَدهِ لخَلُوفُ فمِ الصَّائم أطيبُ عند الله مِن ريح المسك، لِلصائمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهما؛ إِذَا أفْطَرَ فرحَ بِفطْرهِ، وإِذَا لَقِي ربَّه فرح بصومِهِ».
وَفِي رِوَايِةٍ لمسلم: «كُلُّ عملِ ابنِ آدمَ لَهُ يُضَاعفُ الحَسَنَة بعَشرِ أمثالِها إلى سَبْعِمائِة ضِعْفٍ، قَالَ الله تعالى إِلاَّ الصَومَ فإِنه لِي وأَنَا أجْزي به يَدَعُ شهْوَتَه وطعامه من أجْلِي»
المصدر
راوي الحديث هو الصحابي الجليل ابو هريرة رضي الله عنه
ولد أبو هريرة في قبيلة دوس وكان اسمه قبل إسلامه عبد شمس ، وأسلم عام فتح خيبر (سنة 7هـ) فسماه الرسول عليه الصلاة و السلام ( عبد الرحمن )، وكناه الصحابة بأبي هريرة، ولهذه الكنية سبب طريف ، حيث كانت له هرة يحنو عليها،ويرعاها، فكانت تلازمه وتذهب معه في كل مكان، فسمي ابا هريرة ، ومنذ إسلامه كان يصاحب النبي صلى الله عليه وسلم ويجلس معه وقتًا كبيرًا؛ لينهل من علمه وفقهه ويروي عنه
المصدر
مناسبة الحديث
شهر رمضان المبارك و الحث على صيامه و ما يحمله من اجر عظيم و خير كثير للمسلم
فهو شهر البركة و المغفرة و الرحمة
شرح الحديث
تبارك الله الذي لا اله الا هو الفرد الصمد و الحمد لله على نعمة الاسلام ، وان جعلنا الله مسلمين ... اخواني و اخواتي ما اعظم الاسلام و ما اكرم ربنا وما ارحمه بهذه الامة ان خصها بامور لم يخصها لغيرها
فجعل الحسنات فيها مضاعفة (( كُلُّ عملِ ابنِ آدمَ لَهُ يُضَاعفُ الحَسَنَة بعَشرِ أمثالِها إلى سَبْعِمائِة ضِعْفٍ )) واجورها كبيرة و عظيمة و اكرمهم على سائر الامم
قال تعالى (( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ))
وها هو كرم ربنا لا اله الا هو يتجلى لنا في فرض الصيام فيقول الله عز وجل على لسان نبيه عليه الصلاة و السلام (( إِلاَّ الصَومَ فإِنه لِي وأَنَا أجْزي به )) فجعل جزاءه خاص بيده سبحانه وتعالى على دونها من العبادات و سائر الطاعات وذلك لان هذا العمل يكون العبد مخلصا ً لله فيه جد الاخلاص و يكون سرا ً بين العبد و ربه فلا يدخل الرياء فيه كما في بقيت الاعمال (نظرا ً الى ان الرياء يكون في ما تريد ان يراه الناس من عمل تقوم به امامهم ليقولوا عنك عابد ولكن الصيام لا يراه الناس فالناس لن يعرفوا هل هو صائم حقا ام لا ) لذلك فالرياء يخرج من هذا العمل ولا يوافقه ولا ينفع فيه . والانسان ان اراد ان يخدع الناس فانه لن يغيب عن عين الله فقد يختبى عن الناس في مكان لا يراه فيه احد وياكل ويشرب حتى يشبع ويرتوي ، ولكن الله يراه و يطلع عليه لذلك فالعبد الصائم يستحضر وجود الله و مراقبته له و عقابه الشديد له ان عصا الله في شهر ضاعف الله فيه الحسنات و الاجور وفتح ابواب الجنان و انزل رحمته على عباده ، فيكون اكثر اخلاصا ً في صيامه و طاعته لله فلا يعصي الله ويصبر على احب الاشياء اليه
فلو جمعت الناس كلهم وسئلتهم عن احب الاشياء اليهم فانهم سوف يذكروا لك الطعام و الشراب و الشهوة ... وانت في هذا الشهر تترك هذه الاشياء التي تحبها طاعتا ً لله و صبر عليها من اجل مرضات الله
(( يَدعُ شهوتَه وطعامَه من أجْلي )) لذلك جعل الله هذه الطاعة عن غيرها اجرها وثوابها خاصتا ً به يجزي بها عبده شكرا له و ثناءا ً عليه
فقال (( وأَنَا أجْزي به ))
فالاعمال الصالحة يضاعف الله اجرها بالعدد الحسنة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف الى ما شاء الله ، اما الصوم فان الله جعل جزاءه الى نفسه دون ان يذكرا ً عددا ً والله سبحانه اكرم الاكرمين ،وكما يقال (العطيَّةُ بقدر مُعْطيها ) . فيكون اجر الصائم وثوابه عند الله عظيما ً كثيرا ً بلا حساب .
وقد راى بعض العلماء الكرام ان الصيام يجمع انواع الصبر الثلاثة فالصيام صبر على طاعة الله ، وصبر على محارم الله ، وصبر على اقدار الله المؤلمة من الجوع و العطش و ضعف البدن و النفس و المشقة فَقَدِ ، وتحقق بذلك ان يكون الصائم من الصابرين الذين ذكرهم الله في كتابه العزيز
قال تعالى {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّـابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر: 10].
والله تعالى اعلم
المصدر
المصدر
واني والله يا اخواني و اخواتي الافاضل الكرام لو اردت الحديث عن فضل الصيام و اجره لما وسعتني كل صفحات المنتدى
الا انني اكتفي بما كتبت راجيا ً من الله ان نكون ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه
ونكون من اهل هذا الشهر الكريم ويوفقنا الله ويعيننا على صيامه وقيامه و يتقبل منا
انه القادر على كل شيء وهو اكرم الاكرمين
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله و اصحابه اجمعين
و سلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين
سلام
