النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: جـن (رواية قصيرة) القسم الرابع

  1. #1
    التسجيل
    26-09-2013
    المشاركات
    9

    جـن (رواية قصيرة) القسم الرابع

    بسم الله الرحمن الرحيم


    جن : Demons

    القسم الرابع


    عبر حشود الاوجه الجديدة ووسط ضجيج الافواه التي لا تسكت وعلى الارضية التي لم تلمسها رجلا الولدين لحقا بالرجل الهزيل الى وجهة لا يعرفانها، فكم مرة يخرجان من ميتمهما وهل في كل مرة سيُهاجمان ويُنقذان ام ان هذا الذي حدث لن يتكرر أبداً، لا يُهم طالما يوجد شخص مد يده لهما لعله ليس منقذاً إياهم من رجل واحدٍ بل منقذاً إياهم من حياتهما كحبيسين، وهل حقاً هما حبيسان؟ ربما كان كل الاطفال يعيشون مثلهما، لأنهما وعبر طريقهما الطويل لم يريا طفلاً واحداً فلقد دقق (بون) على اوجه الناس في طرقات المدينة الصغيرة المملوءة بالتجار والمشتريين، فلقد كانت الاجواء تُدخل الطمأنينة على قلبه الصغير فهو كان مهيَّئاً ليُحب أي شيءٍ ليس ميتمه ذاك، بينما كان (هوب) يراقب الطريق لعلهما يضيعان وهما عائدان، إن عادا، فلقد كان (هوب) يدير رأسها سريعاً للامام نحو اخيه الذي كان من يتبع الهزيل واسرع للخلف لكي لا ينسى كيف يعود إلى الميتم لأنه لاحظ الثغرة في مجرى الأمور ..
    "هل كان الخروج بهذه البساطة .. ؟!"
    ما مرت سوى بضعة دقائق حتى بدأت حشود الناس الموجودة بالخارج (لغرض) بالاختفاء شيئاً فشيئاً، فلقد تبعا الهزيل إلى مكانٍ ليس مخصصاً للعامة فعلا بل مخصصاً للبعض الغريب .. فأيُّ غريب؟
    بين البيوت الخشبية البسيطة التي لم تعرف الطلاء او الاعتناء بنوافذها الزجاجية المحطمة فتح الهزيل أحد الأبواب ودخل عبر درجٍ ضيقٍ للأسفل عبر سُحب الدخان الابيض الصغيرة إلى حانة وسيعة، ممتلئٍ بالطاولات والكراسي التي عليها جميع اشكال الرجال المخيفين، فمنهم من كان في فمه لفافات ورقية غريبة ومنهم من كان يمسك بكؤوس حديدية ومنهم من كان نائماً ، توجه الهزيل إلى طاولة صغيرة في اخر الحانة بالقرب من جدار عليه ورق حائطٍ ابيضَ ممزق، فلقد كان هذا مكانه الخاص والمعتاد، لم يكن حول الطاولة سوى كُرسيٍ واحدٍ فجلس الهزيل مُسنداً ظهره ويداه مشبوكتان على بطنه المُسطح، فوقف كُل من الولدان أمامه يُحدقان به..
    "ألا تُريدان الجلوس؟" علَّق الهزيل مُستغرباً
    أجاب (بون) بِسرعة
    "بلى نُريد الجلوس.."
    فصمتا عدة ثوانٍ دون حراكٍ
    "إما أن تجلسا على الأرض او تُحضرا كرسيان فالكراسي لا تتحرك وحدها"
    ابتسما الصبيان لعدم استيعابهما الأمر فتحرك (بون) نحو طاولة قريبة كان فيها ستة رجال جالسين وكُرسيٌ واحد، فسحب الكرسي وقد حس (هوب) بمُشكلة ستحصل، فما إن سحِب (بون) الكرسي اصدر صوت احتكاكاً جعل الرجل الذي بجانبه يلتفت إليه بأعين مُرعبة، فأمك الرجل بالكُرسي وسحبه بقوة من قبضة (بون) ، فتوقف (بون) يُحدق بالرجل بخوفٍ، فدفع الرجُل (بون) بيده طارحاً إياه على الأرض، فهلع (هوب)
    "(بون)" والتفت إلى الهزيل
    ولقد كان الهزيل مُنزلاً رأسه إلى الوراء ومُغلقاً عيناه، فجلس (بون) من سقطته، وبدأ يُحدق بالرجل بكراهية وقد كان الرجل يضحَك مع أصحابه كأن شيئاً لم يحدُث، فاقترب (هوب) ليُساعد (بون) على النهوض وقال بنبرة حُزن
    "ابقى سأُحضر كرسيان.."
    ذهب (هوب) إلى طاولة قريبةْ خالية وأخذ كرسيان من أربعة وعاد ووضعهما بالقرب من طاولة الهزيل وتوجَّه لـ(بون) وامسك بكَتِفه وسحبه والعبوس واضحٌ على وجهه
    "لا بأس"
    جلس كُل من الولدين على الكرسيان وقد كان (بون) مفعَماً بالكره مُخفضاً رأسه محدقاً بالرجل الذي دفعه بنصف عينٍ بينما كان (هوب) مُعتنقاً بالحُزن ينظُر الى الهزيل الذي لم يُساعدهما هذه المرة، وقد كان الهزيل يبتسِمُ على ما قد سمعه منهما وسط ضجة الحانة المُزعجة التي تتخللها ضحكات عميقة وكلمات شنيعة،
    اعتدل الهزيل بجلسته ووضع كلاً من كوعيه على الطاولة وشبك اصابع يديه ووضع ذقنه عليهما
    "أُنادى فُــرَسْ
    رأيت من فعلتكما لذلك التاجر أنكما لا تعرفان الشراء، ماذا ظننتما طعام معروض بالمجان؟"
    ركَز (بون) نظَرهُ على (فُرَسْ) وقال بصوت فيه نبرة الكراهية
    "لم نكُن بحاجة لك.."
    ابتسم (فُرَسْ) وأدار رأسه إلى كتفه الأيمن وقال مُستحقِراً
    "أوظننتني حارساً لك.. ساعدتك مرة فساعد نفسك في الأُخرى.."
    اشْمأزَّ (بون) وانزل عينيه للاسفل وصمت، فقال (هوب) بنبرة مُطمئنة:-
    "نحْن من ميْتم (يان) خرجنا اليوم للمرة الأولى"
    اقشعّرَّ بدَنُ (فَرُس) عند سماعه اسم (يان) وقال وقد فُتحت عيناه على آخرهما
    "(يان)..؟ صاحب الأشعار السخيفة..؟"
    رفع (بون) رأسه مُستغرباً وأجاب (هوب) مُتفاجئاً
    "نعم..؟ ما الغريب..؟"
    فارجع (فَرُسْ) ظهره وبدأ يَضحك بصوت صداح كما يضْحك الآخرون في الحانة حتى توقف وبدأ يُحدق في كلا الولدين بعينيه يتراوحان بين (بون) و(هوب) فاقترب إلى الطاولة ووضع يدَه بجانب فمه وهمس
    "ميتمكما مُميز"
    فانزل يده وأدار رأسه لكتفه الأيمن وقد كانت الريبة والاستغراب يحومان حول رأسي (بون)و(هوب) فسألا بنفس اللحظة
    "ما المميز؟"
    فرفع رأسه ثانية وصَفَقَ صفقة قوية بيده وأشار بكل يدٍ على واحد فيهم ثم أنزل يده اليُسرى و بدأ يحوم بيده اليُمنى بينهما
    "أتعرفان ما هذا؟"
    فنظر الولدان إلى بعضيهما وقد أقرا أن هذا الرَجُل مجنون، فأنزل (فرُس) يده وقال
    "ميْتمٌ واحدٍ في كُل المدينة، تُموله حكومة المملكة..؟ لماذا يُجبر أصحاب المياتم الأخرى اطفالهم بالخروج والعمل والتعب؟ وأنتم تُحبسون؟ لأنكم ممولون ولكن لماذا الحبس؟؟ هذا السؤال يرُن أجراساً كثيرة ولكن الجرس الصحيح يرن أجراساً أخرى، في ميتمكم طِفلٌ واحدْ، واحدٍ فقط، لديه شيءٌ ليس عند كل الاطفال الآخرين، هل هو انت يا (بن)؟ ام انتَ يا (هاب)؟ أم السبعة الآخرون، ولكن نرجع للأجراس الجديدة، ما هذا الشيء؟ رُبما انت وريث العرش يا (هاب).. رُبما انت سبب الوباء القادم لهذه المدينة يا (بن).. لا أعرف، لكن أن يُقتل والدا تسعة أطفال محددين ويؤخذوا إلى ميتم مُحدد..؟ ما زِلْت لا أعرف.."
    ظَهر كامل الاستغراب على وجهي الطفلين وهما يسمعان كلمات متتواليةٍ لا تفهم فيها الكلمة أو ما قبلها فما الذي يَحْدُث؟
    قام (فَرُس) من على كُرسيِّه ثم امسك به بكلتا يديه وقال للولدين ساخراً
    "رُبما لن نرى بعضنا ثانية بعد كلماتي هذه ولكِن اشكراني في نفسيكما إن كنت نافعاً"
    فتقدم للرجل الذي دفع (بون) وقد بدأ ثلاثة من الرجال الذين يواجهونه على الطاولة بالتحديق فيه بقلق، فرفع الكُرسيَّ وحطمه على رأس الرجُل،
    "اهربا"
    ابتسم كل من الولدين لما رأياه فقاما وركضا نحو المخرج كما أمرهما وقد طار كل الاهتمام لما قاله (فرُس) من قلبيهما

    -

    نكمل إن شاء الله على نفس المنوال
    وكل عام وانتم بخير (مجدداً)

    -



  2. #2

    رد: جـن (رواية قصيرة) القسم الرابع

    تسلم على هذا الموضوع القيم الرائع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •