الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى ازواجه وذريته وآله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يومِ الدِّينِ وَبَعْدُ فَ{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون(نَعَمْ اَخِي {كُتِبَ(أيْ فَرِضَ عَلَيْكُمُ الصِّيَام؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَالصِّيَامُ لَيْسَ فَرِيضَةً خَاصَّةً بِاُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَاِنَّمَا هُوَ عِبَادَةٌ قَدِيمَةٌ جَاءَتْ مَعَ الرُّسُلِ السَّابِقِينَ اَيْضاً عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ وَلِذَلِكَ قَالَ سُبْحَانَهُ{كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ(أيْ كَمَا فُرِضَ عَلَى الْاُمَمِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَكُمْ؟ وَلَيْسَ مِنَ الضَّرُورِيِّ اَنْ يَكُونَ صِيَامُهُمْ كَصِيَامِنَا؟ وَاِنَّمَا كَانَتْ تُوجَدُ عِبَادَةٌ عِنْدَهُمُ اسْمُهَا الصَّوْم؟ ثُمَّ اَخَذَتْ نَفْسَ الِاسْمِ عِنْدَنَا وَاِنْ كَانَتْ طَرِيقَتُهَا مُخْتَلِفَةً عَنْ طَرِيقَتِنَا؟ نَعَمْ اَخِي كَذَلِكَ الصَّلاَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاَوْحَيْنَا اِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَاِقَامَ الصَّلَاةِ وَاِيتَاءَ الزَّكَاة( فَاَوْحَى اللهُ تَعَالَى اِلَى هَؤُلَاءِ الرُّسُلِ الْاَمْرَ بِالصَّلَاةِ وَالْاَمْرَ بِالزَّكَاةِ؟ وَالْمُهِمُّ اَنَّ هُنَاكَ صَلَاةٌ وَاَنَّ هُنَاكَ زَكَاةٌ اَيْضاً فِي شَرِيعَتِهم وَاِنْ كَانَتْ صِفَتُهَا وَكَيْفِيَّتُهَا تَخْتَلِفُ عَنْ صَلَاتِنَا وَعَنْ زَكَاتِنَا؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَاَمَّا الصَّوْمُ؟ فَاِنَّ الْغَايَةَ مِنْهُ هِيَ تَقْوَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِدَلِيل{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون(نَعَمْ اَخِي؟ وَكَلِمَةُ تَتَّقُون؟ هِيَ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ مَانِعَةٌ؟ جَمَعَتْ كُلَّ مَعَانِي الْخَيْرِ؟ وَمَنَعَتْ دُخُولَ غَيْرِ هَذِهِ الْمَعَانِي مِنَ الْخَيْرِ فِي هَذِهِ الْكَلِمَة؟ وَكَلِمَةُ التَّقْوَى؟ بِمَعْنَى اَنْ تَاْخُذَ وِقَايَةً اَوْ حِمَايَةً مِنْ شَيْءٍ مَا؟ وَنَحْنُ نَتَّقِي غَضَبَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِطَاعَتِهِ؟ وَنَتَّقِي نَارَ جَهَنَّمَ بِالْبُعْدِ عَنِ الْمَعَاصِي وَالْآثَامِ؟ وَنُنَفِّذُ اَوَامِرَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَمَا اَمَرَنَا عَزَّ وَجَلّ؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَالتَّقْوَى هِيَ اَيْضاً تَقْوَى الْمَعَاصِي وَالْآثَامِ؟ بِمَعْنَى الْبُعْدِ وَالِامْتِنَاعِ عَنْهَا؟ وَالصِّيَامُ ثَمَرَتُهُ التَّقْوَى؟ وَلِذَلِكَ يَلْزَمُكَ اَخِي اَيْضاً مِنْ هَذِهِ التَّقْوَى؟ اَنْ تَتَّقِيَ كَثِيراً مِنَ الْاَمْرَاضِ الَّتِي يَنْفَعُ الصَّوْمُ مَعَهَا؟ وَرُبَّمَا يَكُونُ الصَّوْمُ عِلَاجاً لَهَا كَالسُّكَّرِي مِنَ النَّمَطِ الثَّانِي؟ كَمَا وَيَلْزَمُكَ اَيْضاً مِنْ هَذِهِ التَّقْوَى؟ اَنْ تَتَّقِيَ كَثِيراً مِنَ الْاَمْرَاضِ الَّتِي لَاتَسْتَطِيعُ اَنْ تَصُومَ مَعَهَا؟ كَالسُّكَّرِي مَثَلاً مِنَ النَّمَطِ الْاَوَّل؟ نَعَمْ اَخِي {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون(ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى{اَيَّاماً مَعْدُودَات(بِمَعْنَى اَنَّ هَذَا الصَّوْمَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ قَلِيلَةِ الْعَدَد؟ وَالْعَرَبُ تَقُولُ عَنِ الْاَيَّامِ الَّتِي مِقْدَارُهَا شَهْرٌ اَوْ اَقَلّ؟ اَيَّاماً مَعْدُودَة؟ وَقِيلَ{اَيَّاماً مَعْدُودَات(هَذَا فِي بَدْءِ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّوْمِ؟ فَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُؤْمَرُونَ اَنْ يَصُومُوا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ اَيَّامٍ؟ بِمَعْنَى اَنَّهُمْ كَانُوا يَصُومُونَ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ يَوْماً فِي السَّنَة؟ فَمَاذَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِك؟ جَمَعَ اللهُ هَذِهِ الْاَيَّامَ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ وَهُوَ رَمَضَان؟ وَخَفَّفَهَا سُبْحَانَهُ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ؟ اِلَى ثَلَاثِينَ اَوْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْماً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ مِنْ حِكْمَةِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَوْلُهُ{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج(لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْمُتَفَرِّقَ الَّذِي كَانُوا يَصُومُونَهُ ثَلَاثَةً مِنْ كُلِّ شَهْرٍ؟ اَيْسَرُ مِنَ الْمَجْمُوعِ الَّذِي جَمَعَهُ سُبْحَانَهُ لِهَذِهِ الْاَيَّامِ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ وَهُوَ رَمَضَان؟ فَحِينَمَا يَصُومُ الْاِنْسَانُ ثَلَاثَةَ اَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ؟ اَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ اَنْ يَصُومَ شَهْراً مُتَتَابِعاً؟ فَلَمَّا كَانَتِ الشِّدَّةُ اَكْثَرَ فِي صَوْمِ شَهْرٍ مُتَتَابِعٍ؟ خَفَّفَ اللهُ هَذِهِ الْاَيَّامَ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْماً؟ اِلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْماً اَوْ ثَلَاثِين؟ وَاَمَّا الصَّلَاةُ؟ فَقَدْ اَبْقَاهَا اللهُ عَلَى يُسْرِهَا مُتَفَرِّقَةً غَيْرَ مُتَتَابِعَةٍ؟ اِلَّا لِلْمُسَافِرِ قَصْراً وَجَمْعاً بِتَقْدِيمٍ اَوْ تَاْخِيرٍ لِلصَّلَاةِ النَّهَارِيَّةِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ اَوِ الْعَصْرِ اَوِ لِلصَّلَاةِ اللَّيْلِيَّةِ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ اَوِ الْعِشَاءِ؟ اِلَّا صَلَاةَ الْفَجْرِ فَقَدْ بَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا؟ وَلَايَجُوزُ جَمْعُهَا مَعَ أيِّ صَلَاةٍ اِلَّا صَلَاتَيِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمْعاً صُورِيَّاً تَاْخِيرِيّاً مَكْرُوهاً لِغَيْرِ عُذْرٍ قَاهِر؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ خَفَّفَهَا اللهُ مِنْ خَمْسِينَ صَلَاةٍ مُتَتَابِعَةٍ؟ اِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ لِغَيْرِ الْمُسَافِر؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ تَخْفِيفَ الصَّلَاةِ جَاءَ مُتَفَرِّقاً لِغَيْرِ الْمُسَافِرِ بِعَكْسِ تَخْفِيفِ الصِّيَامِ الَّذِي جَاءَ مُتَتَابِعاً لماذا؟ لِاَنَّ الصَّلَاةَ تَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَة؟ وَاَمَّا الصِّيَامُ؟ فَلَا يَتَكَرَّرُ اِلَّا مَرَّةً فِي السَّنَة؟ فَاقْتَضَى اَنْ يَكُونَ مُتَتَابِعاً؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَحِينَمَا شَرَعَ اللهُ الصَّوْمَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ؟ نَسَخَ سُبْحَانَهُ وُجُوبَ الصِّيَامِ لِلْاَيَّامِ الثَّلَاثَةِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ؟ وَلَكِنَّهُ اَبْقَى مَشْرُوعِيَّةَ صِيَامِهَا مُسْتَحَبَّةً غَيْرَ وَاجِبَةٍ؟ اِلَّا عَلَى مَنْ يَقْضِي صِيَامَ رَمَضَانَ بِالصُّدْفَةِ فِي هَذِهِ الْاَيَّام؟ اَوْ بِالْعُقُوبَةِ عَلَى اِفْطَارِهِ عَمْداً؟ اَوْ جِمَاعِهِ لِزَوْجَتِهِ عَمْداً؟ اَوْ ظِهَارِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ؟ اَوْ كَفَّارَةً لِيَمِينِهِ الْمُنْعَقِدَةِ؟ اَوْ جَبْراً لِتَمَتُّعِهِ فِي الْحَجِّ اِنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ؟ بِمَعْنَى اَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قَادِرٍ اَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ اَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْر؟ وَالْاَفْضَلُ اَنْ يَكُونَ الصِّيَامُ فِي الْاَيَّامِ الْبِيضِ الَّتِي هِيَ الرَّابِعُ عَشَرَ وَالْخَامِسُ عَشَرَ وَالسَّادِسُ عَشَرَ؟ وَقِيلَ هِيَ الثَّالِثُ عَشَرَ وَالرَّابِعُ عَشَرَ وَالْخَامِسُ عَشَرَ وَاللهُ اَعْلَم؟ وَسُمِّيَتْ بِاَيَّامِ الْبِيضِ؟ لِاَنَّ الْقَمَرَ يَكُونُ فِيهَا كَامِلاً؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَلِهَذَا حِينَمَا شُرِعَ الصِّيَامُ فِي رَمَضَان؟ نُسِخَ حُكْمُ وُجُوبِ الصِّيَامِ فِي هَذِهِ الْاَيَّامِ الثَّلَاثَةِ؟ وَلَكِنْ بَقِيَ صِيَامُهَا مَشْرُوعاً؟ وَلَكِنْ نَزَلَتْ دَرَجَتُهَا مِنَ الْوَاجِبَةِ اِلَى الْمُسْتَحَبَّة؟ بِمَعْنَى اَنَّكَ اَخِي اِذَا فَعَلْتَ صِيَاماً فِيهَا؟ كَانَ لَكَ الْاَجْرُ وَالثَوَابُ عِنْدَ اللهِ؟ وَاِنْ لَمْ تَفْعَلْهُ؟ فَلَاثَوَابَ وَلَاعِقَابَ عَلَيْكَ؟ نَعَمْ اَخِي{اَيَّاماً مَعْدُودَات(وَرَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ يَجْعَلُ الْعَزَائِمَ تَقْتَرِنُ بالرُّخَص؟ بِمَعْنَى اَنَّهُ يَجْعَلُهَا تَجْتَمِعُ مَعَ الرُّخَصِ تَيْسِيراً عَلَى عِبَادِهِ؟ بِمَعْنَى اَنَّ الْعَزِيمَةَ تَاْتِي فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ مَثَلاً{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَام(بِمَعْنَى اَنَّ اللهَ عَزَمَ عَلَيْكَ اَخِي اَنْ تَصُومَ بِعَزْمٍ وَبِقُوَّةٍ؟ وَلَكِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ؟ يَرْحَمُ مَرَضَكَ وَسَفَرَكَ وَضَعْفَكَ؟ بِعَزِيمَةٍ غَيْرِ صَارِمَةٍ؟ وَهِيَ مَايُسَمَّى بِالرُّخْصَة؟ نَعَمْ اَخِي؟ اَبْشِرْ؟ فَقَدْ جَاءَتْكَ الرُّخْصَةُ هُنَا بَعْدَ الْعَزِيمَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً اَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ اَيَّامٍ اُخَر(بِمَعْنَى اَخِي اَنَّكَ هُنَا تُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ؟ ثُمَّ تَقْضِي مِثْلَ الْاَيَّامِ الَّتِي اَفْطَرْتَهَا؟ أيْ بِعَدَدِهَا{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين(نَعَمْ اَخِي؟ هَذِهِ الْآيَةُ هُنَا لَهَا مَعْنَيَان؟ اَلْمَعْنَى الْاَوَّل؟ وَهُوَ الَّذِي يَعْرِفُهُ اَكْثَرُ النَّاسِ؟ اَنَّكَ اَخِي اِذَا كُنْتَ مَرِيضاً مَرَضاً مُزْمِناً؟ اَوْ ضَعِيفاً ضَعْفاً وَلَايَزُولُ هَذَا الضَّعْفُ؟ كَاِنْسَانٍ مَثَلاً تَقَدَّمَتْ بِهِ السِّنُّ؟ وَبِسَبَبِ هَذَا التَّقَدُّمِ فِي السِّنِّ؟ صَارَ عَاجِزاً عَنِ الصَّوْمِ؟ فَهَذَا لَانَقُولُ لَهُ اَفْطِرْ{فَعِدَّةٌ مِنْ اَيَّامٍ اُخَرَ( عَلَيْكَ اَنْ تَصُومَهَا قَضَاءً لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ لَنْ يَعُودَ شَابّاً لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ اِلَى الْوَرَاءِ تَتَدَهْوَرُ صِحَّتُهُ اَكْثَرَ فَاَكْثَرَ وَيُصَارِعُ الْمَرَضَ وَرُبَّمَا يُصَارِعُ الْمَوْتَ اَيْضاً؟ فَهَذَا يَقُولُ اللهُ لَهُ اَطْعِمْ مِسْكِيناً؟عَافَانَا اللهُ وَاِيَّاكُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ وَشَفَى اللهُ مَرْضَانَا وَمَرْضَاكُمْ؟ كَذَلِكَ اِذَا اُصِيبَ اَحَدٌ مِنْكُمْ بِمَرَضٍ مُزْمِنٍ مُلَازِمٍ لَهُ وَلَايُشْفَى مِنْهُ غَالِباً بِشَهَادَةِ الْاَطِبَّاءِ الَّذِينَ يُعَالِجُونَهُ؟ فَعَلَيْهِ اِنِ اسْتَطَاعَ اَنْ يُطْعِمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيناً وَجْبَتَيْنِ مِنَ السُّحُورِ وَالْفُطُورِ بِاعْتِدَالٍ وَمِنْ دُونِ اِسْرَافٍ وَلَاتَبْذِيرٍ يَجْعَلُهُ يَتَحَمَّلُ فَوْقَ طَاقَتَهِ؟ بَلْ مِنْ اَوْسَطِ مَا يُطْعِمُ اَهْلَهُ؟ فَاِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِسَبَبِ فَقْرِهِ؟ فَلْيَنْتَقِلْ اِلَى الْاَخَفِّ وَالْاَيْسَرِ مِنْ ذَلِكَ؟ وَهُوَ اَنْ يُطْعِمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ بِمِقْدَارِ زَكَاةِ اَوْ صَدَقَةِ الْفِطْر؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ عِبَارَةٌ عَنْ كِيلَوَيْنِ مِنَ الْقَمْحِ؟ اَوْ كِيلَوَيْنِ مِنَ الرُّزِّ(وَالنَّاسُ عِنْدَنَا فِي طَرْطُوس؟ يُفَضِّلُونَ الرُّزَّ عَلَى الْقَمْحِ وَالْبُرْغُلِ وَالْعَدَسِ وَيُكْثِرُونَ مِنْ اَكْلِهِ غَالِباً؟ بِمَعْنَى اَنَّ الرُّزَّ هُوَ غَالِبُ قُوتِهِمْ؟ بِمَعْنَى اَنَّهُمْ يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ اَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ فِي غِذَائِهِمْ وَمَعِيشَتِهِمْ(فَاِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ اَخِي اَنْ تُطْعِمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيناً؟ فَاَخْرِجْ مِقْدَارَ زَكَاةِ الْفِطْرِ طَعَاماً اَوْ نَقْداً عَنْ كُلِّ يَوْمٍ تُفْطِرُه؟ فَاِذَا كُنْتَ لَاتَسْتَطِيعُ اِلَى زَكَاةِ الْفِطْرِ سَبِيلاً وَلَا اِلَى الْوَجْبَتَيْنِ سَبِيلاً{فَلَايُكَلّفُ اللهُ نَفْساً اِلَّا وُسْعَهَا(لَكِنْ يَكُونُ دَيْناً فِي رَقَبَتِكَ اَخِي؟ بِمَعْنَى اِذَا رَزَقَكَ اللهُ بَعْدَ ذَلِكَ رِزْقاً حَسَناً؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ تُخْرِجُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ اَفْطَرْتَهُ؟ فَاِنْ لَمْ تُرْزَقْ بِشَيْءٍ اَبَداً؟ فَعَلَيْكَ اَنْ تَدْعُوَ اللهَ دَائِماً بِقَوْلِكَ{رَبَّنَا وَلَاتُحَمِّلْنَا مَالَاطَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا} وَاَمَّا اِذَا كُنْتَ اَخِي مَرِيضاً مَرَضاً عَادِيّاً؟ بِمَعْنَى اَنَّ هَذَا الْمَرَضَ غَيْرُ مُزْمِن ؟بِمَعْنَى اَنَّكَ سَتُشْفَى مِنْهُ غَالِباً؟ فَهُنَا لَانَقُولُ لَكَ اَطْعِمْ؟ وَاِنَّمَا نَقُولُ لَكَ اَفْطِرْ اِذَا كَانَ الصَّوْمُ يُؤَخِّرُ شِفَاءَك{فَعِدَّةٌ مِنْ اَيَّامٍ اُخَرَ( بِمَعْنَى اَنَّ عَلَيْكَ اَنْ تَقْضِيَ الْاَيَّامَ الَّتِي اَفْطَرْتَهَا حِينَمَا تُشْفَى؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ؟ اِنَّ الصَّوْمَ فِي بِدَايَةِ مَشْرُوعِيَّتِهِ؟ كَانَ الْمُسْلِمُ فِيهِ مُخَيَّراً بَيْنَ اَنْ يَصُومَ؟ اَوْ يُفْطِرَ وَيُطْعِمَ مِسْكِيناً عَنْ كُلِّ يَوْمٍ اَفْطَرَهُ؟ وَمَعَ ذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى مُرْشِداً لَهُمْ اَلَّا يَفْعَلُوا خِلَافَ الْاَوْلَى؟ وَالْاَوْلَى هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَاَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ اِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون( وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ الْعُلَمَاء؟ لِمَاذَا جَاءَ هَذَا التَّخْيِيرُ وَلَمْ يَاْتِ الْاِلْزَامُ بِالصَّوْمِ فَوْراً؟ قَالُوا؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَتَعَوَّدَ النَّاسُ عَلَى التَّكْلِيفِ دُونَ اَنْ يُفَاجَؤُوا بِهِ فَيَشُقَّ عَلَيْهِمْ؟ وَلِذَلِكَ جَاءَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ عَلَى مَرَاحِلَ؟ وَجَاءَ تَحْرِيمُ الرِّقِّ وَتَحْرِيرُهُ عَلَى مَرَاحِلَ اَيْضاً؟ حَتَّى لَايَشُقَّ عَلَيْهِمْ تَحْرِيمُهُمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً؟ لِيُهَيِّؤُوا اَنْفُسَهُمْ لِخُطَّةٍ اقْتِصَادِيَّةٍ جَدِيدَةٍ تُحَافِظُ وَتُبْقِي عَلَى الِانْتِعَاشِ الِاقْتِصَادِيِّ عِنْدَهُمْ وَتَجْعَلُهُمْ بِغِنىً عَنْ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي قَدْ تُسَبِّبُ لَهُمْ رُكُوداً اَوْ شَلَلاً اقْتِصَادِيّاً اِذَا نَزَلَ تَحْرِيمُهَا دَفْعَةً وَاحِدَة؟ وَمَااَكْثَرَ الطُّرُقَ الْحَلَالَ وَالْمُعَامَلَاتِ الْمُبَاحَةَ وَالْخُطَطَ الِاقْتِصَادِيَّةَ النَّاجِحَةَ الَّتِي تُغْنِيهِمْ عَنْ لَعْنَةِ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ وَمَحْقِهَا لِلْبَرَكَةِ فِي حَيَاتِهِمْ{وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي اُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآن(نَعَمْ اَخِي شَهْرُ رَمَضَانَ هُوَ ظَرْفٌ لِنُزُولِ الْقُرْآنِ؟ وَهَذِهِ الْآيَةُ تَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ كَمَا ذَهَبَ اِلَى ذَلِكَ الْمُفَسِّرُون؟ فَبَعْضُهُمْ يَقُول{اُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآن(أيْ لَمْ يَنْزِلْ دَفْعَةً وَاحِدَةً؟ وَاِنَّمَا بُدِىءَ فِيهِ بِنُزُولِ الْقُرْآنِ وَهِيَ الْآيَاتُ الْخَمْسُ الْقِصَارُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{اِقْرَاْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق؟ خَلَقَ الْاِنْسَانَ مِنْ عَلَق؟ اِقْرَاْ وَرَبُّكَ الْاَكْرَمُ؟ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ؟ عَلَّمَ الْاِنْسَانَ مَالَمْ يَعْلَمْ(وَقَالُوا اِنَّ الشَّيْءَ يُذْكَرُ اَحْيَاناً بِبَدْئِهِ مِنْ بِدَايَتِهِ؟ وَاَحْيَاناً بِبَدْئِهِ مِنْ نِهَايَتِهِ؟ وَاَحْيَاناً بِبَدْئِهِ مِنْ قُرْبِ نِهَايَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ كَالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ الَّذِي بَدَاَ نُزُولُهُ عِنْدَ قُرْبِ نِهَايَةِ رَمَضَانَ فِي الْعَشْرِ الْاَوَاخِر؟ نَقُولُ مَثَلاً نَزَلَ الشِّتَاءُ؟ أيْ بَدَاَ الشِّتَاءُ وَنَزَلَ عَلَيْنَا ضَيْفاً بَارِداً مُزْعِجاً وما زالت نهايته بعيدة؟ وَنَزَلَ الصَّيْفُ؟ أيْ بَدَاَ الصَّيْفُ وَنَزَلَ عَلَيْنَا ضَيْفاً حَارّاً مُزْعِجاً وَمَازَالَتْ نِهَايَتُهُ بَعِيدَة؟ نَزَلَ الرَّبِيعُ؟ أيْ بَدَاَ الرَّبِيعُ وَنَزَلَ عَلَيْنَا كَالْقُرْآنِ ضَيْفاً مُعْتَدِلاً وَسَطِيّاً مَحْبُوباً وَنِهَايَتُهُ كَذَلِكَ بَعِيدَة؟ وَقَبْلَ اَنْ يَنْتَهِيَ كُلُّ الرَّبِيعِ؟ نَقُولُ نَزَلَ الرَّبِيعُ اَيْ بَدَاَ الرَّبِيعُ وَاَصْبَحَتْ نِهَايَتُهُ قَرِيبَة؟ وَكَذَلِكَ قَبْلَ اَنْ يَنْتَهِيَ رَمَضَانُ؟ نَقُولُ نَزَلَ رَمَضَانُ أيْ بَدَاَ نُزُولُهُ وَانْتَهَى اَوْ كَادَ أنْ يَنْتَهِيَ وَاَصْبَحَتْ نِهَايَتُهُ قَرِيبَة وَهُنَا بَدَاَ نُزُولُ الْقُرْآنِ عِنْدَمَا كَادَ رَمَضَانُ اَنْ يَنْتَهِيَ وَهَذَا رَاْيٌ؟ وَاَمَّا الرَّاْيُ الْآخَرُ الَّذِي يَقُولُهُ الْفَرِيقُ الْآخَرُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ؟ فَهُوَ اَنَّ الْقُرْآنَ اُنْزِلَ مَرَّتَيْنِ مِنْ مَكَانَيْن؟ فَفِي اَلْمَرَّة الْاُولَى اُنْزِلَ جُمْلَةً وَاحِدَةً اِلَى بَيْتِ الْعِزَّةِ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا؟ ثُمَّ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَجَّماً؟ وَكَلِمَةُ مُنَجَّماً اَيْ مُوَزَّعاً وَمُفَرَّقاً وَتَشْبِيهاً لَهُ بِالنُّجُومِ الَّتِي تَهْدِي السَّائِرِينَ فِي ظُلُمَاتِ اللَّيْلِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْر؟ نَعَمْ اَخِي نَزَلَ الْقُرْآنُ اِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا دُفْعَةً وَاحِدَةً؟ ثُمَّ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْاَمِينُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُتَفَرِّقاً؟ وَلِذَلِكَ اَحْيَاناً فِي الْقُرْآنِ يَقُولُ الله{اَنْزَلَهُ( بِمَعْنَى دَفْعَة وَاحِدَة؟ وَاَحْيَاناً اُخْرَى يَقُول{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْاَمِين(أيْ كَانَ جِبْرِيلُ يَنْزِلُ بِالْقُرْآنِ حَسَبَ الْمُنَاسَبَاتِ وَالْاَحْوَالِ بِاَمْرٍ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَا؟ نَعَمْ اَخِي؟ اِنَّهُ{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي اُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدَىً لِلنَّاس( بِمَعْنَى اَنَّ الْقُرْآنَ هُوَ هُدَىً لِلنَّاس؟ وَالْمَقْصُودُ بِالنَّاسِ هُنَا هُمُ الْعَالَمِينَ بِمَنْ فِيهِمْ مِنَ الْجِنِّ اَيْضاً اِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ كَلِمَةَ النَّاسِ جَمْعٌ مُفْرَدُهُ اِنْسَان؟ وَالْاِنْسَانُ بِمَعْنَى اَنَّهُ قَابِلٌ لِلنِّسْيَان؟ وَكَذَلِكَ الْجِنِّيُّ اَيْضاً قَابِلٌ لِلنِّسْيَان بِدَلِيل{وَاَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللهِ شَطَطَا(وَالشَّطَطُ يَاْتِي بِمَعْنَى النِّسْيَان{وَاَنَّا ظَنَنَّا اَنْ لَنْ تَقُولَ الْاِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِبَا(مِمَّا يَدُلُّ وَبِالدَّلِيلِ الْقَاطِعِ عَلَى اَنَّ هَذَا النَّفَرَ مِنَ الْجِنِّ قَبْلَ اَنْ يُؤْمِنَ؟ كَانَ مَخْدُوعاً بِشَيَاطِينِ الْاِنْسِ وَالْجِنِّ الَّذِينَ قَاسَمُوهُ وَحَلَفُوا لَهُ اَنَّهُمْ لَنْ يَقُولُوا عَلَى اللهِ كَذِبَا؟ وَهَذَا مَاحَصَلَ مَعَ آدَمَ وَحَوَّاءَ بِالضَّبْطِ؟ حِينَمَا قَالَ الشَّيْطُانُ لَهُمَا{ مَانَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ اِلَّا اَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ اَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِين؟ وَقَاسَمَهُمَا اِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِين؟ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُور(وَلَكِنَّ آدَمَ نَسِيَ عَهْدَ اللهِ لَهُ فِي قَوْلِهِ{اِنَّ لَكَ اَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَاتَعْرَى؟ وَاَنَّكَ لَاتَظْمَاُ فِيهَا وَلاتَضْحَى(وَلَكِنْ عَلَى شَرْط يَاآدَم؟ اَلَّا تُصَدِّقَ الشَّيْطَانَ مَهْمَا اَقْسَمَ وَحَلَفَ لَكَ مِنَ الْاَيْمَانِ الْكَاذِبَة بِدَلِيل{اِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ؟ فَلَايُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى(وَلَكِنْ مَاذَا كَانَتِ النَّتِيجَة{وَلَقَدْ عَهِدْنَا اِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ؟ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمَا(وَهَذَا مَاحَصَلَ اَيْضاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{يَااَيُّهَا النَّاسُ(مِنَ الْاِنْسِ وَالْجِنِّ؟ كُلُّكُمْ قَابِلٌ لِلنِّسْيَانِ؟ وَلَكِنْ اِيَّاكُمْ اَنْ تَنْسَوْا {اِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقّ(وَلَنْ يَبْخَلَ عَلَيْكُمْ بِمَا وَعَدَكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ؟ وَاَبْشِرُوا فَاَنْتُمْ مِنْ اَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَلَكِنْ بِشُرُوطٍ مِنْهَا{فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا؟ وَلَايَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُور؟ اِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ(اِنْساً وَجِنّاً{فَاتَّخِذُوهُ عَدُوَّا(وَاِلَّا فَاِنَّهُ{اِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ اَصْحَابِ السَّعِير(نَعَمْ اَخِي؟ ثُمَّ يَقُولُ سُبْحَانَهُ عَنْ هَذَا الْقُرْآنِ الْعَظِيم{وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان(بِمَعْنَى اَنَّ كُلَّ آيَةٍ مِنْ آيَاتِهِ تُبَيِّنُ لَنَا طَرِيقَ الْهِدَايَةِ؟ وَلِذَلِكَ اِذَا انْحَرَفَ النَّاسُ عَنْ مَنْهَجِ اللهِ ؟ضَلُّوا وَاَضَلُّوا كَمَا يَحْصَلُ فِي عَصْرِنَا هَذَا؟ وَمَعَ الْاَسَفِ؟ فَاِنَّ اَكْثَرَ النَّاسِ فِي اَيَّامِنَا مُنْحَرِفُونَ عَنْ مَنْهَجِ اللهِ عُزَّ وَجَلَّ؟ وَلِذَلِكَ ضَلُّوا بِاَنْفُسِهِمْ؟ وَاَضَلُّوا غَيْرَهُمْ بِذَلِكَ الضَّلَالِ الْبَعِيدِ؟ مُتَجَاهِلِينَ وَضَارِبِينَ بِعُرْضِ الْحَائِطِ مَافِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ{بَيِّنَاتٍ(دَلَائِلَ وَاضِحَةٍ{ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان(بِمَعْنَى اَنَّهُ آيَاتٌ كَرِيمَةٌ فَارِقَةٌ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ؟ وَبَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ؟ وَبَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَام{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ(وَكَلِمَة شَهِدَ هُنَا بِمَعْنَى حَضَرَ؟ وَالْمَعْنَى اَنَّ مَنْ جَاءَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ وَهُوَ مُقِيمٌ غَيْرُ مُسَافِرٍ وَيَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ وَلَيْسَ هُنَاكَ فِي الْمَرْاَةِ حَيْضٌ وَلَانِفَاسٌ؟ فَعَلَيْهِ اَنْ يَقُومُ بِوَاجِبِ الصَّوْمِ{وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً اَوْ عَلَى سَفَرٍ(نَعَمْ اَخِي؟ لَابُدَّ اَنْ تَتَدَبَّرَ مَعِي؟ لِتَفْهَمَ لِمَاذَا تَكَرَّرَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَرَّتَيْنِ؟ هُنَا؟ وَعِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى اَيْضاً{اَيَّاماً مَعْدُودَات؟ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً اَوْ عَلَى سَفَرٍ؟ فَعِدَّةٌ مِنْ اَيَّامٍ اُخَر(نَعَمْ اَخِي؟تَكَرَّرَتْ رَفْعاً لِلِالْتِبَاس؟ مَاهُوَ هَذَا الِالْتِبَاس؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ فِي اَوَّلِ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّوْمِ؟ كَانَ الصَّائِمُ مُخَيَّراً بَيْنَ اَنْ يَصُومَ؟ اَوْ يُفْطِرَ وَيُخْرِجَ فِدْيَةً؟ وَاِنْ كَانَ الْاَفْضَلُ لَهُ اَنْ يَصُوم؟ فَلَمَّا نُسِخَ هَذَا الْحُكْمُ وَاُلْغِيَ؟ اَصْبَحَ عَلَى الشَّكْلِ التَّعَبُّدِيِّ التَّالِي؟ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ اَنْ يَصُومَ؟ فَلَا اَقْبَلُ مِنْهُ الْفِدْيَةَ؟ وَلَاتَصِحُّ مِنْهُ الْفِدْيَةَ؟ وَلَااَقْبَلُ مِنْهُ الْاِفْطَارَ وَلَوْ دَفَعَ الْفِدْيَةَ؟ فَرُبَّمَا تَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ اَنَّ رُخْصَةَ الْاِفْطَارِ فِي السَّفَرِ وَالْمَرَضِ لِلْمُسْتَطِيعِ قَدْ نُسِخَتْ اَيْضاً كَمَا نُسِخَتِ الْفِدْيَةُ عَنِ الْمُسْتَطِيع؟ وَكَلِمَةُ نُسِخَتْ بِمَعْنَى اُلْغِيَتْ؟ فَسَاَلَ رَسُولُ اللهِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ مَابَالُ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَة؟ وَيَخْلُقُ مَالَاتَعْلَمُونَ(مِنْ وَسَائِلِ السَّفَرِ وَالرُّكُوبِ الْحَدِيثَةِ الْمُكَيَّفَةِ بِالْهَوَاءِ الْبَارِدِ وَغَيْرِهِ مِنْ وَسَائِلِ التَّرْفِيهِ الْمَشْرُوعَة{وَتَحْمِلُ اَثْقَالَكُمْ اِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ اِلَّا بِشِقِّ الْاَنْفُس؟ اِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيم(فَمَاذَا تَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ يَااَخِي يَاجِبْرِيل؟ فَقَالَ جِبْرِيلُ مَابِهَا يَارَسُولَ الله؟ فَقَالَ هَذِهِ الْآيَةُ تُوحِي اَنَّ الْمُسَافِرَ يَسْتَطِيعُ الصِّيَامَ وَهُوَ مُسَافِرٌ بِخِفَّةٍ عَلَى هَوْدَجٍ مَحْمُولٍ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ؟ وَلَنْ يَحْتَاجَ اِلَى حَمْلِ اَثْقَالِهِ وَاَغْرَاضِهِ وَبِضَاعَتِهِ عَلَى ظَهْرِهِ بِوُجُودِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ الَّتِي تُرِيحُهُ مِنْ شِقِّ الْاَنْفُسِ وَالتَّعَبِ؟ وَرُبَّمَا لَايَصِلُ اِلَى هَدَفِهِ فِي هَذَا الْبَلَدِ الَّذِي يُرِيدُ السَّفَرَ اِلَيْهِ اِلَّا بِطُلُوعِ الرُّوحِ لَوْلَا اَنْ وَضَعَ اللهُ عَنْهُ وِزْرَهُ الَّذِي اَنْقَضَ ظَهْرَهُ عَلَى مَاسَخَّرَهُ لَهُ مِنْ ظُهُورِ الْبَعِيرِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِير؟ فَقَالَ جِبْرِيلُ دَعْنِي اَسْاَلُ رَبِّي يَارَسُولَ الله؟ فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى لِلْمَرَّةِ الثَّانِيَة{وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً اَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ اَيَّامٍ اُخَر؟ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ؟ وَلَايُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر(نَعَمْ اَخِي؟ كَرَّرَ سُبْحَانَهُ هَذِهِ الرُّخْصَةَ؟ مِنْ اَجْلِ تَثْبِيتِهَا وَالتَّاْكِيدِ عَلَيْهَا؟ وَانْظُرْ اَخِي اِلَى الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ الْمُعْجِزِ حَتَّى فِي تَنْظِيمِهِ بِمَا يُسَمَّى نَظْمَ الْكَلَام؟ فَفِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ قَالَ الْقُرْآن{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً اَوْ عَلَى سَفَرٍ(وَاَمَّا فِي الْآيَةِ اللَّاحِقَة{وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً اَوْ عَلَى سَفَرٍ( لَمْ يَقُلْ مِنْكُمْ لِمَاذَا؟ حَتَّى لَايَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ مِنَ الْآيَةِ السَّابِقَةِ اَنَّ الْخِطَابَ مُوَجَّهٌ اِلَى الصَّحَابَةِ فَحَسْب؟ فَجَاءَتْ الْآيَةُ اللَّاحِقَةُ بِدُونِ كَلِمَةِ مِنْكُمْ؟ حَتَّى تُزِيلَ هَذَا الْوَهْمَ؟ لِيَعْرِفَ الْجَمِيعُ اَنَّ الْخِطَابَ مُوَجَّهٌ لِلْمُسْلِمِينَ جَمِيعاً مُنْذُ عَهْدِ رَسُولِ اللهِ اِلَى قِيَامِ السَّاعَة؟ وَحَتَّى لَايَتَاَلَّى قَائِلٌ عَلَى اللهِ بِتَنَطُّعِهِ وَتَشَدُّدِهِ وَتَزَمُّتِهِ وَغُلُوِّهِ وَقَوْلِهِ اِنَّ السَّفَرَ فِي اَيَّامِنَا اخْتَلَفَ وَضْعُهُ عَنِ السَّفَرِ فِي الْاَيَّامِ الَّتِي مَضَتْ؟ فَيُؤَكِّدُ الْقُرْآنُ لِاَمْثَالِ هَؤُلَاءِ الْمُتَنَطّعِينَ الْهَالِكِينَ؟ حَتَّى لَايَنْخَدِعَ النَّاسُ بِهِمْ؟ اَنَّ رُخْصَةَ الْاِفْطَارِ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ؟ مَازَالَتْ قَائِمَةً اِلَى قِيَامِ السَّاعَة؟ نَعَمْ اَخِي؟ فَكَلِمَةُ مِنْكُمْ فِي الْآيَةِ السَّابِقَة؟ رُبَّمَا اَوْهَمَتْ؟ اَنَّهُ اِذَا تَطَوَّرَتْ وَسَائِلُ السَّفَرِ؟ رُفِعَتِ الرُّخْصَةُ عَنِ الْمُسَافِرِ وَلَمْ يَعُدْ رَبُّ الْعِزَّةِ يَقْبَلُ مِنْهُ الْاِفْطَارَ اِذَا كَانَ قَادِراً عَلَى الصَّوْمِ؟ فَاَتَتْ هَذِهِ الْآيَة{مَنْ كَانَ مَرِيضاً اَوْ عَلَى سَفَرٍ(بِدُونِ مِنْكُمْ؟ أيْ اَنَّ الرُّخْصَةَ سَتَبْقَى قَائِمَةً اِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ؟ تَفَضُّلاً مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ حَتَّى وَلَوْ كَانَ الْمُسَافِرُ يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ مَعَ وُجُودِ اَحْدَثِ وَسَائِلِ التَّكْيِيفِ وَالتَّرْفِيهِ وَالرَّاحَةِ فِي الْبُولْمَانَاتِ وَالطَّائِرَاتِ السُّعُودِيَّةِ اَوِ الْخَلِيجِيَّةِ؟ وَحَتَّى وَلَوْ كَانَ يَرْكَبُ التَّايْتَنِكْ مِنْ بَوَاخِرِ الْحَقِيقَةِ اَوِ الْاَحْلَام؟ فَاِنَّ الرُّخْصَةَ مَاتَزَالُ بَاقِيَةً اِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ السَّفَرَ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ اَمْرِهِ؟ وَمَهْمَا كَانَ مُرِيحاً؟ فَاِنَّهُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ النَّفْسِيِّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَذَابٌ جَسَدِيٌّ لِمَاذَا؟ بِسَبَبِ الْحَنِينِ وَاللَّوْعَةِ عَلَى فِرَاقِ الْاَهْلِ وَالْاَصْحَابِ وَالْوَطَنِ اِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ اِلَيْهِ؟ وَلِذَلِكَ كَرِهَ اللهُ اَنْ يُلْحِقَهُ بِلَوْعَتِهِ هَذِهِ لَوْعَةً اُخْرَى عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْجِنْسِ؟ وَرُبَّمَا يُسَافِرُ دُونَ اَنْ يَصْطَحِبَ مَعَهُ زَوْجَتَهُ؟ فَتَلْحَقُهُ لَوْعَةٌ اُخْرَى اَيْضاً عَلَى الْجِنْسِ الْحَلَالِ؟ لِاَنَّهُ لَايَسْتَطِيعُ اَنْ يُمَارِسَهُ حَلَالاً مَعَ غَيْرِ زَوْجَتِهِ؟ اَضِفْ اِلَى ذَلِكَ اَخِي؟ اَنَّ الْمُسَافِرَ يَحْتَاجُ اِلَى قُوَّةِ اسْتِيعَابٍ وَتَرْكِيزٍ وَذَاكِرَةٍ قَوِيَّة؟ وَرُبَّمَا يَكُونُ اَحْمَقَ اَخْرَقَ غَشِيماً لًايُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي كُلِّ الْاُمُورِ اَوْ فِي بَعْضِهَا؟ فَكَمَا اَنَّ صِيَامَهُ يُؤَخِّرُهُ عَنِ الشِّفَاءِ اِنْ كَانَ مَرِيضاً؟ فَرُبَّمَا يُؤَخِّرُهُ اَيْضاً عَنِ الْعَنَاوِينِ الَّتِي سَافَرَ مِنْ اَجْلِ الْوُصُولِ اِلَيْهَا لِيَقْضِيَ اَشْغَالَهُ فِيهَا وَلَايَتَاَخَّرَ كَثِيراً فِي الْعَوْدَةِ اِلَى بَلَدِهِ؟وَرُبَّمَا يَتَعَرَّضُ لِلسَّرِقَةِ وَالنَّشْلِ اِذَا لَمْ يَكُنْ مُرَكِّزاً وَمُنْتَبِهاً جَيِّداً عَلَى اَغْرَاضِهِ؟ وَلِذَلِكَ جَاءَتْ رَحْمَةُ اللهِ تَعَالَى فِي الْاِبْقَاءِ عَلَى هَذِهِ الرُّخْصَةِ اِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ مِنْ اَجْلِ الْمُسَافِرِ وَلَوْ كَانَ يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ مَعَ وُجُودِ اَحْدَثِ وَسَائِلِ التَّكْيِيفِ وَالتَّرْفِيه وَبِكَلِمَةِ مِنْكُمْ اَوْ مِنْ دُونِهَا لِمَاذَا؟ حَتَّى لَايَتَاَلَّى عَلَى اللهِ قَائِلٌ هَالِكٌ بِتَنَطُّعِهِ وَتَشَدُّدِهِ وَتَزَمُّتِهِ بِقَوْلِهِ اِنَّ السَّفَرَ فِي اَيَّامِنَا اخْتَلَفَ الْآنَ وَضْعُهُ عَنِ السَّفَرِ فِي الْاَيَّامِ الَّتِي مَضَتْ؟ فَجَاءَ تَاْكِيدُ الْقُرْآنِ عَلَى النَّاسِ برخصة الافطار في المرض والسفر اِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ؟ حَتَّى لَايَنْخَدِعُوا بِهَؤُلَاءِ الْمُتَنَطّعِينَ الْهَالِكِينَ؟ وَلِيَعْلَمُوا اَنَّ الرُّخْصَةَ مَازَالَتْ قَائِمَةً اِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ؟ نَعَمْ اَخِي؟ فَجَاءَتْ كَلِمَةُ مِنْكُمْ فِي الْآيَةِ السَّابِقَة؟ وَرُبَّمَا اَوْهَمَتْ اَنَّهُ اِذَا تَطَوَّرَتْ وَسَائِلُ السَّفَرِ؟ رُفِعَتِ الرُّخْصَة؟ فَاِذَا بِهَذِهِ الْآيَةِ اللَّاحِقَةِ؟ تَاْتِي عَلَى الشَّكْلِ التَّالِي{مَنْ كَانَ مَرِيضاً (بِدُونِ كَلِمَةِ مِنْكُمْ؟ أيْ اَنَّ الرُّخْصَةَ سَتَبْقَى قَائِمَةً وَبَاقِيَةً اِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ تَفَضُّلاً مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ وَيَسْتَفِيدُ مِنْهَا مِنْكُمْ اَيُّهَا الصَّحَابَةُ؟ وَمِنْ غَيْرِكُمْ فِي زَمَانِكُمْ وَفِي غَيْرِ زَمَانِكُمْ اَيْضاً اِلَى قِيَامِ السَّاعَة؟ نَعَمْ اَخِي{وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً اَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ اَيَّامٍ اُخَرَ؟ بِمَعْنَى اَنَّهُ يَقْضِي نَفْسَ عَدَدِ الْاَيَّامِ الَّتِي اَفْطَرَهَا بِعُذْرِ السَّفَرِ اَوِ الْمَرَض؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَمَاهُوَ الْمَقْصُودُ هُنَا بِهَذَا الْمَرَض؟ هَلْ هُوَ الْمَرَضُ الْمُزْمِنُ؟ اَوِ الْمَرَضُ الطَّارِىء؟ بَلْ هُوَ الْمَرَضُ الطَّارِىءُ يَااَخِي وَالَّذِي يُرْجَى مِنْهُ الشِّفَاءُ مِنْ اَجْلِ اَنْ تَقْضِيَ الْاَيَّامَ الَّتِي اَفْطَرْتَهَا؟ وَاَمَّا الْمَرَضُ الْمُزْمِنُ الَّذِي لَايُرْجَى مِنْهُ الشِّفَاءُ وَالْبُرْءُ؟ فَعَلَيْكَ اَخِي اَنْ تُخْرِجَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ فِدْيَةً؟ وَهِيَ اِطْعَامُ مِسْكِينٍ وَجْبَتَيْنِ؟ وَهُمَا الْفُطُورُ وَالسُّحُورُ؟ اَوْ قِيمَتُهُمَا نَقْداً اِذَا لَمْ يَرْغَبِ الْمِسْكِينُ بِطَعَامِكَ اَخِي؟ وَاَمَّا كَيْفَ تُقَدِّرُهُمَا؟ فَحَسَبَ مَصْرُوفِكَ اَنْتَ اَخِي؟ لَاحَسَبَ مَصْرُوفِ الَّذِي يُفْتِيكَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّكَ اَخِي اَدْرَى بِمَصْرُوفِ بَيْتِكَ مِنَ الْمُفْتِي الَّذِي يُفْتِيكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{مِنْ اَوْسَطِ مَاتُطْعِمُونَ اَهْلِيكُمْ(فَرُبَّمَا يَكُونُ الْمُفْتِي غَنِيّاً يَسْتَطِيعُ اَنْ يُطْعِمَ اَهْلَهُ بِالْوَسَطِيَّةِ الَّتِي اَمَرَ اللهُ بِهَا فِي قَوْلِهِ{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ(وَاَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي{قُدِرَ(ضُيِّقَ{عَلَيْهِ رِزْقُهُ(فَلَايَسْتَطِيعُ سَبِيلاً اِلَى تِلْكَ الْوَسَطِيَّةِ الْوَاسِعَةِ الَّتِي يَسْتَطِيعُهَا الْغَنِيّ مَعَ اَهْلِهِ؟ فَرُبَّمَا يَسْتَطِيعُ الْغَنِيُّ اَنْ يُطْعِمَ اَهْلَهُ بِوَسَطِيَّةٍ قَدْرُهَا عَشْرَةُ آلَافِ لَيْرَةٍ فِي الْيَوْمِ؟ وَرُبَّمَا لَايَسْتَطِيعُ الْفَقِيرُ اَنْ يُطْعِمَهُمْ اِلَّا بِوَسَطِيَّةٍ قَدْرُهَا اَقَلُّ مِنْ اَلْفِ لَيْرَةٍ فِي الْيَوْمِ؟ فَاَنْتَ اَخِي الْفَقِيرُ؟ وَاَنْتَ اَيْضاً اَخِي الْغَنِيُّ؟ كِلَاكُمَا اَدْرَى مِنَ الْمُفْتِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى{مِنْ اَوْسَطِ مَاتُطْعِمُونَ اَهْلِيكُمْ(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ؟ اَهْلِيكُمْ اَنْتُمْ ؟وَلَمْ يَقُلْ سُبْحَانَهُ مِنْ اَوْسَطِ مَاتُطْعِمُونَ اَهْلَ الْمُفْتِي الَّذِي يُفْتِيكُمْ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْمُفْتِي الَّذِي لَايَسْتَطِيعُ اَنْ يَقُومَ مَقَامَكَ فِي الْاِطْعَامِ الْوَسَطِيِّ؟ لَايَسْتَطِيعُ اَيْضاً اَنْ يَقُومَ مَقَامَكَ فِي هَذِهِ الْفَتْوَى الْخَاصَّةِ الَّتِي يَنْبَغِي عَلَيْكَ اَنْ تَسْتَفْتِيَ فِيهَا قَلْبَكَ وَالْوَاقِعَ الْمَادِّيَّ الَّذِي تَعِيشُهُ وَاِنْ اَفْتَاكَ الْمُفْتُون؟اَوْ تَسْتَعِينَ بِمُخَمِّنٍ شَرْعِيٍّ خَبِيرٍ مُخْتَصّ يُخَمِّنُ لَكَ نَقْداً اَوْ طَعَاماً هَذَا الطَّعَامَ الْوَسَطِيَّ الَّذِي اَمَرَ بِهِ سبحانه؟ نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة{وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً اَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ اَيَّامٍ اُخَرَ(لِمَاذَا هَذِهِ الرُّخَصُ يَارَبّ{يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَايُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ(نَعَمْ اَخِي؟ اَللهُ تَعَالَى اَوّلاً يَاْتِي بِالْعَزِيمَةِ؟ ثُمَّ يَاْتِي بِالرُّخْصَةِ؟ وَالْعَزِيمَةُ هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَام(وَاَمَّا الرُّخْصَةُ فَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً اَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ اَيَّامٍ اُخَر؟ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ(نَعَمْ اَخِي؟ اَحْكَامُ الشَّرِيعَةِ الْاِسْلَامِيَّةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّيْسِيرِ؟ لَكِنْ فَرْقٌ بَيْنَ التَّيْسِيرِ؟ وَبَيْنَ التَّمْيِيعِ وَالتَّسَيُّب؟ تَرَاهُ كَالْخِنْزِيرِ يُفْطِرُ عَلَناً فِي رَمَضَان وَيُدَخِّنُ عَلَناً؟وَلِسَانُ حَالِهِ يَقُول طِزْ بِرَمَضَان وَطِزْ بِالصَّائِمِين؟ ثُمَّ اِذَا سَاَلْتَهُ لِمَاذَا لَاتَصُوم؟ فَيَقُولُ لَكَ حِينَمَا اَصُومُ اَشْعُرُ بِالْعَطَشِ وَاَشْعُرُ بِالْجُوعِ؟ وَنَقُولُ لِهَذَا السَّفِيه؟ لِمَاذَا اِذاً فَرَضَ اللهُ الصِّيَامَ اِذَا كُنْتَ لَنْ تَشْعُرَ بِالْعَطَشِ وَلَا بِالْجُوع؟ بَلْ اِنَّ مِنْ حِكْمَةِ الصَّوْمِ اَنْ تَشْعُرَ بِالْجُوعِ وَبِالْعَطَشِ لِمَاذَا؟