النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: ثعلب درمصرنجا (روايتى-متجدد)

  1. #1
    التسجيل
    01-08-2010
    الدولة
    مصر - أم الدنيا
    المشاركات
    20

    Post ثعلب درمصرنجا (روايتى-متجدد)

    مقدمة
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...

    أقدم لكل عضو اليوم بداية رواية اكتبها كهاوٍ يكتب ليملأ وقت فراغه و لم آتِ ككاتبٍ متفننٍ فى فنون اللغة ملمٌ بكل تفاصيلها , مجرد هاوٍ اراد ان يشارك إخوانه خواطره على هيئة رواية يكتبها –اذا سُمح له- فى شكل فصولٍ كلما أنجزت جزئا نشرته و تشاركته معكم. أرجو أن يكون ما سأقدمه خفيف الحث جليل التأثير على القارئ و إعذرونى إن كان بالإسلوب ركاكةً او ضعفًا ...
    ثعلب درمصرنجا

    (الجزء الأول)


    بدأت يومى فى منزلى و مستقرى الجديد الذى لم اعهد مثله و لم استحسن هيكله و الذي أتمنى أن اهجره فى القريب العاجل لأعود الى موطنى الأصلى الجدير بى و لكن كيف السبيل فهناك يجلس والدى متساندًا الى جانب الخيمة التى نقنطها الأن و غير بعيد منه اخذت أمى تطهى لنا ما يجلبه أخى من فضلات طعامٍ إنهمك فى تجميعها , كنت لا أدرى لماذا إنتقلنا الى هذه الخيمة البغيضة و لماذا تركنا قصرنا فى جنة وطننا و لا أعرف حتى كم من الوقت سنقضى فى هذا المكان البغيض .

    رغم صغر سنى فى ذلك الحين لكنى أدركت خصلةً من خصال الخلق كرهتها من حينها فقبل أيامٍ كان عيد ميلاد أخى الوحيد الذى يفوقنى فى عدد السنين بأحد عشرة سنة و قد أقام والدى لذلك حفلًا صاخبًا و كنت فى غاية السعادة حينها لا لأن أخى الأكبر سيكمل عامه العشرين ولا لذلك الحفل الصاخب الذى أعدت له والدتى الوانًا من الطعام , لم يكن كل هذا يعنينى بل كان كل ما أنتظره هو أن يتصل أبى بعمى ليدعوه للحفل فقد كان له ولدًا فى مثل سنى كنا كلما تقابلنا صغنا من المرح ضروبًا و أشكالًا لا نهاية لها.
    كنت أنتظر وصوله بفارغ صبرى فكلما دق جرس الباب هرولت إتجاهه لعله يخفى ورائه وجه عمى البشوش و إبنه الصديق و أخيرًا تحقق أملى و رجائي عندما سمعت أبى يحيي عمى على باب شقتنا و يداعب إبنه فى بهجةٍ و سعادة و لكنه لم يستطع الإستمرار فى ذلك فقد كنت أسحب ابن عمى من يده نحو غرفتى فلدينا الكثير لننجزه و لكل من والدينا مديحًا كاذبًا لينجزاه فلديهما أصدقاء فى الغرفة المجاورة ينتظر كل منهم أن يسمع من الوالدين اكاذيبهما إفتخارًا بها و يُنتظَر كل من عُرِف صديقًا أن يأخذ دوره فى تبادل الأكاذيب التى يبذل قصارى جهده فى إقناع الأخرين بها حتى يكاد هو نفسه يصدقها و يرمى نفسه فى عالمٍ الوهم المطلق فهناك يجلس أستاذ محمود المحامى بأحد مكاتب المحاماة و هو و إن كان فاشلًا فى إقناع القاضى ببرائة موكليه فهو ليس بالفاشل فى إقناع أصدقاءه بأنه أمهر محامى تم إنجابه على وجه هذه الأرض , و بجانبه يتربع عم سيد البقال الذى لا يتوقف لسانه عن مدح محاسن بضاعته و جمال متجره و هو لا يكتفى بذلك فحسب بل أيضًا يلقى بالأكاذيب على مسامع أصدقاءه فيسخر و يلهو بسمعة باقى تجار الحارة كما الهو انا و ابن عمى بألعابنا الجميلة .
    كنت بالكاد اسمع المهندس عامر و هو يمدح زوجته و يذكر حسن علاقتهما ببعضهما البعض و يلقى هو الأخر بالأكاذيب فقد رأيته فى سابقة هذه الليلة متخفيًا تاركًا بيته و زوجته طالبًا من أخيه فى صوت هامسٍ محرجٍ لم أسمعه و لكننى إستنتجته من حركة شفائه ان يأويه فى بيته هذه الليلة فقد تشاجر مع زوجته.

    كنت اخاف الإقتراب من هذه الغرفة حين يوجد بها الكبار لأننى ظننت أن الشياطين تحفها و تتخلل من بداخلها
    و كنت أتمنى أن يتوقف بى الزمن فلا اصل لسن السادسة عشر و يتم الزج بى رغمًا عنى داخل هذه الغرفة الكئيبة بحجة أننى أصبحت رجلًا و لا أرى صلةً فى واقع الأمر بين الرجولة و هذه الغرفة.

    لم أشعر ذلك اليوم بمرور الوقت و كأنه يخدعنا كأعدائنا يمر كالريح فى أوقات السعادة و تتوقف عقاربه عن الدوران فى ساعات الشقاء.
    ذهبت فى تلك الليلة السعيدة لعائلتى الى سريرى الناعم المريح متمنيًا تكرار يومٍ كهذا او حتى أن يكون كل يومٍ هو عيد ميلاد أخى لأقابل ابن عمى فنكشف عن أشكالٍ جديدةٍ للمرح و لعل أمنيتى لم تكن قوية بما يكفى لتهزم الأقدار ...
    التعديل الأخير تم بواسطة mnsmas ; 04-01-2015 الساعة 01:34 PM

  2. #2
    التسجيل
    01-08-2010
    الدولة
    مصر - أم الدنيا
    المشاركات
    20

    Post ثعلب درمصرنجا -الفصل 2,3-

    الثعلب الدرمصرانجى

    (الجزء الثانى)

    عندما ايقظتنى امى فى صباح اليوم التالى – كما كنت أعتقد – تلمست فى كلامها صوتًا غريبًا لم أعهده عليها و قد إنتظرت طويلًا حتى تخرج امى من الغرفة لأكمل نومى كما كنت أفعل فى كل صباحٍ مشرقٍ و لكنى لم الحظ فى تلك اللحظة اى بادرة ضوءٍ لصباحٍ مشرقٍ فقد كان سوادًا قاتمًا و رغم ذلك لم ابالى فقد كان لى شعور طفلٍ يريد العودة لنومه مجددًا ليستعيد حلمه الجميل.
    لم تمضِ لحظات طوال حتى وجدت نفسى أطير فى الهواء لم تكن قوةً خارقةً من قواى التى ظننت انى أمتلكها بسذاجة عقل الأطفالِ بل كانت يد ابى تحملنى و تجرى رجله به الى خارج المنزل حيث وجدت عمى بسيارته و قد تحول وجهه البشوش الى شكلٍ آخر اجهله و سيارته التى مُلِئت بأمتعة أسرته و التى كنت اظن انه سيجد ما لا يحتاجه منها ليرميه موفرًا مكانًا فى سيارته لنا.
    لا أعرف ما كان يدور فى رأسه حينها و لكن كان يمكننى ان ارى بعينيَ التى يتخللها النعاس كيف أسرعت السيارة مختفية وراء المنازل الخاوية و كان يمكننى سماع ابى يتفوه بافظع الألفاظ فى حق اخيه.
    لم نكن وحدنا فى الشارع انذاك فقد إكتظ الشارع عن آخره على غير عادته فكان مِن مَن حولنا اناسًا يهرعون الى حيث لا اعرف و آخرون يصيحون و ابى من بين كل هؤلاء ينقب عن مَلَكٍ فى الأرض لعله يحمله مع أسرته فيأخذنا الى حيث لا أدرى .
    حاولت معرفة ما يحدث فكنت كلما سألت والداى ارى الكلمات الحبيسة تحاول الخروج من أفواههما فلا تستطيع و لكنى شعرت أن شيئا ليس بالجيد يوشك أن يحدث و مع ذلك لم أشغل نفسى فى التفكير بالأمر فقد رأيت حافلةً كبيرةً أسرع لها أممٌ من الناس و شاهدت ابى يجرنى و معنا امى و اخى يسرعان الى الحافلة التى توقفت ليخرج منها رجل جيشٍ متحدثًا الى الناس فى لهجةٍ قوية شارحًا لهم كلامًا لم أفهمه و لكنى اذكر اننى سمعته يقول بصوته الغليظ كلمة "العدو" و التى ميزتها من بين باقى الكلمات فدائمًا ما يَرِد هذا اللفظ على لسان شخصيات الكرتون و دائمًا ما تكون الهزيمة من نصيب مَن يطلق عليه هذا اللفظ.
    طلب الرجل ان يتوافق أهل الشارع على خمس عشرة أسرةٍ منهم لركوب الحافلة و لا اعلم إن كان هذا تنبؤٌ بالغيب أم حكمةٌ تعلمتها من وجه عمى فقد علمت أن أمثال هؤلاء الناس فى وقت الشدة لا يملكون القدرة على التوافق فيما بينهم فقد كانت كل العيون منصبةٌ على حصد مكانٍ داخل هذه الحافلة كأنهم ستقلهم الى جنة خلدهم , و حقيقةً لا أعلم ما فعله ابى لنحظى أنفسنا بمكانٍ داخل هذه الحافلة و لكننى كنت سعيدًا لذلك رغم انى لم اكن ادرى الى اين تقلنا هذه الحافلة , ببرود الأطفال الذى إمتلكته فى ذلك الحين وضعت رأسى على جانب الحافلة إستعدادًا للنوم و ليتنى القيت نظرة وداعٍ أخيرةٍ على منزلى قبل الدخول فى نومٍ عميق.

    بقلم / MnsMas


    (الجزء الثالث)

    ها انا الأن وسط الخيام فوق نار الصحراء الصفراء على أرضٍ تملأها أجسام بشر القوا بأجسادهم من شدة عنائهم على الصفراءِ , ها انا أرى من كانوا معنا بالأمس القريب حولنا فى الصحراء تحت الشمس الحارقة فى مكانٍ فسيح لا به زرعٌ و لا ماءٌ و لا طعام.
    لماذا نحن فى هذا المكان ؟ هل تكون رحلة نظمتها القرية أم كابوثًا مؤلمًا أنتظر نهايته بحلول موعد استيقاظى , كان يجب علي أن أفهم ما يحدث حولى رغم صِغَر سنى فأرسلت سمعى لينصت الى ما يقوله بعض الرجال بالجوار و حاولت بعقلى الصغير أن استوعب ما يُقال و بعد فترةٍ من الاستنتاج للكلام الذى يجاهد سمعى لإستخلاصه من حديث الرجال و يكافح عقلى الصغير لفهمه تيقنت الأمر و ليتنى لم أفعل فقد كانت الحقيقة مؤلمةٌ حقًا..

    إنها الحرب اللعينة التى تدخل على أخضر الحدائق فتحوله الى إحمرار اللهيب و تقلب بياض النهار الى سواد الليل , و قد كان للمعتدين ما ارادوه من خيراتٍ و نعيم فقد كان من العجيب ما كنت أسمعه عن يقظة عيونٍ حارسة و أمجاد أيادٍ ماهرة و بطولات جيشٍ فدائي و الذى لم أجد من مظاهره نطفةً آنذاك, كان الناس فى حارتنا يتحدثون عن قوة جندنا و عزة شعبنا و كان من المهين حقًا أن يدخل المعتدى ليعتدى فلا يجد جندًا للإعتداء الا قليلًا مِن مَن تماسكوا و ترابطوا , بل و من العجيب أيضًا أن لا يجد شعبًا من ذوي العزة بل يدخل فى هدوءٍ أرضًا قدمها سكانها هديةً و فضلوا حياة الذل عن موت العزة ,شعبًا تفرق هربًا الى كل صوبٍ طالبين مساندة من ظنوه صديقًا* و لكن هيهات هيهات لما يطلبون فلا تستعمل هذه الكلمة بين الدول بل هى سياسة المكسب فمِن قبل كانت الدولة التى نقف على حدودها الأن- المسماه بلباستر – تحاول منافقتنا بأساليبٍ عدة مما يبتكره السياسيون من طرق النفاق طمعًا فى خيرات و نِعَم الغير , اين ذهب هذا النفاق و كيف تحول بنا الحال و استحال , ننافقهم و نتوسل اليهم ليسمحوا لنا بمأوى نحتمى به او برزقٍ نُطعَم منه او حتى بشربة ماءٍ يُحسنوا لنا بها, كل ما قدموه لنا هو قطعةٌ باليةٌ من القماش لكل أسرةٍ هاربةٍ مستجيرة.

    مرَّت الأيام و لم يتغير الحال , كانت أيام شدةٍ و شقاء و العهد فيها انها سرعان ما تتحول الى ايام يسرٍ و نعيم و لكنى لم اكن أرى لها اى بارقة نورٍ يُأمل ان تغلب ظلام الذل , مرَّت الأيام ليأتى هذا اليوم الكئيب و كنا على موعدٍ مع الحزن المريرفقد وصل مسامعى صراخًا و عويلًا يخرج من خيمةٍ من خيام الصحراء التى إتخذها ابناء وطنٍ ناكرى الجميل موطنًا لهم , لم أفزع من شدة الصوت و لا من اندفاع الناس نحو مصدره فقد تعودت ذلك فى تلك الأرض النائية عن روحى بل كان الفزع كل الفزع عندما تبينت مصدر الصوت ...

    بقلم / MnsMas


  3. #3
    التسجيل
    01-08-2010
    الدولة
    مصر - أم الدنيا
    المشاركات
    20

    Post ثعلب درمصرنجا (روايتى-متجدد)

    ملحوظة : سيتم وضع بقية فصول الرواية كردود فى نفس الموضوع حتى يسهل على القارئ متابعتها
    الفصول السابقة :-

    - الفصل الاول
    - الفصل الثانى و الثالث
    ثعلب درمصرنجا
    (الجزء الرابع)

    إنها تبكى و تصرخ بشكلٍ لم تعهده عيناى من قبل ,تعصف بالآلام من مخارج حروفها و تفجر من العيون بحور دموعها و ينطق لسانها بألفاظٍ لا صلة بينها و يقطِّع الدمع صوتها تقطيعًا يحيطها من اسرعوا اليها ليهدئوا من شدة روعها فى جزعٍ و هلع و أخى قد استقر يمينها على غير مبالاةٍ بها فآلامه فاقتها قدرًا فكان مرتميًا على رمال الصحراء غير مكترثٍ بنارها فهى و ان كانت حارقة فليست بأكثر من نار قلبه الموقدة, ارتمى ليأخذ من جار والده مجلسًا و يحتضنه بحرارة طفلٍ يودع اباه , ترقبت طويلًا و انتظرت كثيرًا ان يبادله ابى شعوره و يتبادل معه الأحضان و يردها عليه بحرارة ابٍ يعشق ابنائه و لكن فى تلك اللحظة التى يقشعر لها الجسد و يندى لها الجبين و يقفو الآلم بعضه بعضًا كان ابى غليظ القلب يقابل الحب بالبرود و الأحضان بالسكون فهو لم يحرك ساكنًا بل و لم يكلف خاطره حتى بفتح عيناه المغمضتين إرضاءًا لأخى فقد كان جسمه هامدًا لا تُحركه الا احضان أخى , مع مرور كل وهلةٍ كنت ارى الحاضرون يزدادون عويلًا و يطلقون صراخًا ظنًا منهم – او قل منى – ان ابى قد نام نومًا عميقًا و ربما يستيقظ فى حال ارتفع صوت عويلهم المزعج المؤلم, و حقيقة الأمر كما عرفتها ان ابى كان نائمًا حقًا و لكنها النومة الأبدية فلا صوت عويلٍ سيزعجه و لا حرارة حضنٍ ستوقظه بل ولا حتى نظرةٌ بائسةٌ حزينةٌ من طفلِ لا يدرك من الأمر شيئًا ستعيده. انها الحقيقة الوحيدة المؤكدة للحياة , يولد الإنسان بمخزون دقات قلبه بين يديه يُقضى ما يشاء منها فى ما شاء حتى اذا نفذ مخزونه كانت حقيقة الموت.
    مرَّت الساعات كليالٍ طوالٍ من الحزن و الهم , نظرةٌ بائسةٌ حزينةٌ تكسي وجوه المشيعين فى ظلمة ليلٍ قاسٍ يتخللها نظرة اتعاظٍ موارين هذا الملاك بالتراب.
    انه موعظة الماضى و شعلة الضوء فى حاضرى فمازالت كلماته تلك و خطبه هذه التى يقذفنى بها ان زللت فتقع فى صدرى موطنًا للحزن الذى سرعان ما يتحول الى عالمٍ من السعادة حين ادرك انها خير تقويم لى فى حياتى و خير إرشاد لى فى مستقبلى. هذا الملاك الذى تكلف ما يطيق و ما دونه طمعًا فى توفير احتياجات اسرته التى احبها و احبته . مازالت نصائحه لى عالقةٌ فى ذهني لا تبغى خروجًا و لا اريد لها ذلك ,انها خير نصائح قدمها ابٌ يعشق ابنائه و يخشى عليهم طغيان الزمان اذكر منها (انت من تضع قوانينك انت من تصنع واقعك)...

    بقلمى / MnsMas

    ملحوظة أخيرة : أتمنى ان تكونوا استمتعتم بهذ الفصل و لى طلبٌ و رجاء عند كل قارئٍ ان يشاركنى سواء بالنقد او النقاش البناء و عدم الاكتفاء بالقراءة فقط و للجميع جزيل الشكر منى و فائق الاحترام ...

  4. #4
    التسجيل
    01-08-2010
    الدولة
    مصر - أم الدنيا
    المشاركات
    20

    رد: ثعلب درمصرنجا (روايتى-متجدد)

    ملحوظة : بعد طلب الأخوة الكرام تم إضافة معجم لبعض الكلمات التى قد لا يكون واضح جلي مرادها للبعض

    ثعلب درمصرنجا

    (الجزء الخامس)






    ما ابغضها من لحظاتٍ يعرض لك فيها عقلك الباطن آلامك و يجسدها إزائك(1) تجسيدًا و ما اسعدها من أوقاتٍ حين تدرك ان لبراعة و مهارة عقلك الباطن حدٌ و زوال و أن لكل كابوسِ يجسده نهايته المحتومة مهما طال امده و بعُد أجله, ما أشدهما من شهرين ينفقهما ذو العشر سنوات فى لهيب الصحراء دون ابٍ و لا صديق و لا طعام الا القليل, يرى اخاه الشاب و قد تغير به الحال يتكلف(2) ما يتكلفه الكبار من اجل الحصول على رزقٍ يسد به جوع أسرته المرير , يصول و يجول طمعًا فى فضلات الطعام و مخلفاتٍ مُنَّ علينا بها من دول الجوار, و امه ما اوفاها من ملاكٍ تحث الدموع على الإنهمار و قد استحال خدها من كثرة ما شهد من دموع ليالى الآسى و الشقاء فأصبح حالها كحال وردة ناصعة الجمال عصفت بها رياح المآسي فأحالتها(3) وحيدةً باليةً بئيسة.



    بقى الحال و استمرت عواصف الآلام تعصف بأهل الخيام فكلٌ مترقبٌ نصيب اهل خيمته من مصائب الحياة متسائلٌ بمن تنزل النازلة(4) و بمن تفتك الأمراض. يترقب الجميع ذلك اليوم الذى يقطع أواصر(5) الحزن و ينهى الحداد المتصل ,ذلك اليوم الذى يأتى حين تشتد بك المصائب و تعصف بك الأهوال يأتى مثل ذلك اليوم ليلطف الآلام و ليكون اليسرُ بعد العسر فقد وصلت فى يومٍ من أتراب(6) هذه الأيام قاطراتٌ يملئها الطعام و الشراب و الدواء فرح بها كل مواكبٍ و أسرع لها كل هالعٍ ,نزلت هذه القاطرات باليُمن و الخير على أهالى الخيام فأُقيمت الولائم و مُلِئت معدة كل جائع و إرتوى حلق كل ظمئان و إلتئم جرح كل مريض و عمت البسمة وجه كل حزين و كنت انا بين هذا و ذاك تملئنى الحيرة و تطغى عليَّ الدهشة و تباغت الأسئلة عقلى فقد أثبت منطق الحياة أن لكل عطاءٍ مقابل مساوٍ له فى المقدار و يخالفه إتجاهًا فما تُراه يكون مقابل كل هذا المنّ و الكرم ! ,و ربما لم يتأخر الجواب و لم يطل خفاؤه فقد ظهر الجواب جليًا(7) فى غضون ساعات حين وجدتُ مجموعةً من التجار أصحاب الملابس الأنيقة و النفوس المريضة أحاط بهم مجموعةٌ من الحراس أشداء البنية يطلبون صغار السن و حسناوات النساء , يعِدون بحياةٍ أفضل لكل مقبلٍ ملبٍ لدعوتهم و ينعتون كل رافضٍ للدعوة بأنه جمُ(8) الضلال , لقد خيرونا آن ذاك اما حريةً او ما ظننته نعيمًا و رخاء , أغرونا بما قدموه لنا من رزقٍ و طعام ,كان من الصعب على من ضاقت به الدنيا و عصفت به القوارع(9) ان يرفض عرضٍ كهذا او ان يفوِّت فرصة كهذه فهو و إن كان يخشى مكرهم فهو يرى بياض ملابسهم و أناقة مظهرهم و يُمَّنى نفسه بشئٍ من هذا القبيل.



    لقد كنت- و ان لم يخبرونى بذلك- عبئًا على اخى و ثقلًا على فؤاد امى , لم يكن نفع من وجودى و لا ضرًا من رحيلى, أطرقت كثيرًا فى التفكير لعل عقلى يلهمنى الصواب و يرشدنى الى إتخاذ القرار و لعل عقلى الضئيل لم يدرك آنذاك أن أوهام الضلال كانت تنقب لها عن طريقٍ لتحوم فيه حول عقلى موسوسةً له فى ترددٍ من الآمر الى الرحيل و التنقيب لحياته عن شكلٍ جديد, لم أدرى حينها عواقب القرار و لم أشغل بالى بالتفكير الى اين يُشدُ الرِحال كل ما علمته و تيقنته هو انى أصبحت رجلًا فى وقتٍ سابقٌ لأوانه و أن حياة اللهو و المرح لا مكان لها فى حياة الرجل الا موضعًا فى ذاكرته و لا سبيل لها فى مثل تلك الحال.



    لم يكن من الصعب عليَّ إتخاذ القرار و إن كنت صغيرًا فى السن لا أقدر عواقب إختياراتى و لا أدرك متى مآبى(10) و لا أملك خبرة الكبار بل ما كان صعبًا حقًا هو ان أخبر امى و اخى بمضمون القرار و انتظر من أمٍ تعشق أبنائها و تبغض مفارقتهم و أخٍ هرُم و أحس بمسؤولياته إتجاه أخيه و شعر أنه معنيٌ بمكان ابيه – رحمه الله – ان يعطيانى ختم المُضي الى مجهولٍ لا أراه , لذلك قررت آنذاك – و إن كان عيبًا مشينًا لم يعهده أفراد عائلتنا- ان لا أخبر أحدًا بصفقتى مع التجار.



    كان التجار قد أعلنوا انهم مغادرون ليلًا و على من أراد الإلتحاق أن يخلع ثوب الحرية فهناك ثوب ظننت انه مزينٌ بالعسجد(11) بالإنتظار . بتُّ ليلتى الأخيرة من ليالى الصحراء المرار فى أحضان أمى الدافئة التى أتمنى أن تحوى الأقدار على المزيد من حرارة أحضانها حين اللقاء, لم أنتظر طويلًا ليقع أخى و تتبعه امى فى ثباتٍ عميق من شدة الإرهاق , نهضت فى هدوء و حذرٍ شديد مرسلًا قبلةً خفيفةً لتستقر على وجه أمى آمِلًا ألا توقِظها , كان من الصعب الذهاب تاركًا خلف ظهرى من إنتقاهم قلبى ليملأ أركانه بحبهم فلم أدرى لحياتى سبيلًا طوال العشر سنوات غير سبيل عائلتى و كان من العسير تجنب إخبارهم الى أين شددت الرحال – و ان كنت نفسى لا أعلم وجهتى – .



    خالفت تلك الليلة و لأول مرة قانونًا من قوانين امى فدائمًا ما كانت تقول لى "إن لم يكن المرء صادقًا أمينًا مع والديه فمع من اذًا سيكون" ,ترددت كثيرًا و انا أخطو فوق الرمال وسط مخيمات اللاجئين متذكرًا سلاسل الذكريات و حنين الماضى و لكن عذرًا امى و اخى فقد رددها لى أبى من قبل و ها انا أرددها الآن فانا من أضع قوانيني لأنه ما من أحدٍ غيرى يصنع واقعى ...



    مرادفات :



    (1) إزائك : أمامك (2) يتكلف : يتحمل (3) أحالتها : حولتها
    (4) النازلة : المصيبة (5) أواصر : سلاسل (6) أتراب : أمثال
    (7) جليًا : واضحًا (8) جمُّ : كثير (9) القوارع : المصائب
    (10) مآبى : رجوعى (11) العسجد : الذهب

    بقلمى / MnsMas



    تنويه بسيط : تم تقسيم الفصول الأساسية لأجزاء صغيرة كما سبق حتى يسهل نشرها و يسهل على القارئ متابعتها لذلك أعتذر إن شعر البعض بقصر الجزء المنشور , و بذلك تكون كل الأجزاء السابقة المكتوبة -قصدًا- بنظام السرد هى المدخل الأساسى للتوغل فى أحداث الرواية.

  5. #5
    التسجيل
    01-08-2010
    الدولة
    مصر - أم الدنيا
    المشاركات
    20

    Post الفصل السادس


    أعتذر عن التأخير في نزول الفصل السادس و أتمنى أن يعجبكم ...





    ثعلب درمصرنجا


    (الجزء السادس)




    كعادة المرء ينافق ليحصل على مبتغاة حتى اذا تم له طلبه استحال جبارًا فى الأرض فإجترف ما اراد بحق من يريد, إنهم تجار الرقيق الذين ما زالوا يتربحون من رجسهم حتى يومنا هذا , يُغرون ضعاف الحيلة بكرمهم حتى اذا تحقق مرادهم و وقَّع الطلقاء مواثيق العبودية استحال الكرم شُحًا(1) و قساوةً و نقبت الرحمة لها عن طريقٍ غير سبيل سواد قلوبهم المتحجرة.


    جلست فى أحد اركان هذه الشاحنة كبيرة الحجم حقيرة الغرض تحاول انفي استخلاص الهواء النقي من أكناف الروائح الكريهة و تخفي عيناي براءة طفلٍ طفق يراقب أشكالًا و الوانًا من بنى أدم ممن ضاق بهم الحال و لم يجدوا مفرًا من واقعهم الا مكانًا حصدوه فى تلك الشاحنة التى تنقلهم الى المجهول.


    كان الهدوء يخَيِّم على الشاحنة التى ملئتها الأوساخ الا فى هدير محركها و استمر شبح الخوف يُضفي(2) بالهدوء على أفواه قليلي الحيلة من الركاب, هدوءًا جعل النعاس يتمكن من عقل طفلٍ صغير و يرسل فى مخيلته ذكريات ماضٍ جميل, و لكن دائمًا ما يعكر صفو الأحلام قساوة الواقع فقد قطع نعاسي صوتٌ هامسٌ متقطع يخرج من حنجرة غليظة .
    -"هلا صببت لى بعض الماء يا بني"
    تلفَّتُ حولي لأتبين مصدر الصوت و بذلت جهدًا ليس بالقليل لتمييز المتحدث , لقد كان عجوزًا فى سن متأخرة زري(3) الهيئة لا يتبين المرء على وجهه خبرة الكبار ولا مرح الصغار يُغشِي(4) رأسه بياض الشيب و و تتداخل التجاعيد لتشكل رسومًا من الآلام طُبِعَت على وجهه , كان ينظر اليَّ فى شقاءٍ و آلم و يداه ممدوتان نحو إبريقٍ من الفخار ثُبِت على حافةٍ من جوانب الشاحنة الذى لا تقوى يداه المرتعشتين على ولوجها(5) فيكتفي بمدها نحو هذا الإبريق طالبًا نعمه و ماؤه , بطبيعة إنسانيتي التي لازلت أحتفظ بها رغم كل الصعاب لم أطل التفكير فقد وجدت نفسي أكب الماء المتغير لونه الى السواد فى كوب من البلاستيك العفن الذي غصته(6) عوالم و فنون من الحشرات التى تصول و تجول فى بركة ماءٍ عكر داخل كوبٍ من البلاستيك البالي , سلمت الكوب للعجوز ليتعامل هو بدوره مع محتواه فوجدته يَعُب(7) ماءه غير مبالٍ بطعمه و لا بمظهره و الماء يفيض من فمه فيسيل على قطعة القماش البالية التى ستر بها جسده .


    هنأ العجوز بشربة ماء إنطلق صوته الغليظ بعدها من حنجرته مرة أخرى ليصل الى مسامعي دون غيري بسؤالٍ لم أعرف له جوابًا .
    – "ماذا آتى بك الى هنا ؟ ".
    فكرتُ قليلًا لأخْلُص الى ردٍ مناسب و لكن لم يهدني فكري لجوابٍ فأطلقت لساني فى ترددٍ من أمري
    –" فى الحقيقة .. لا أعرف ربما لأني أريد ..."
    قاطعني العجوز بتتابع اسألته – "أتعرف الى أين تٌقِلٌك هذه الشاحنة ؟!! "
    -" نعم فقد سمعت البعض يقول اننا سنُرسَل للعمل فى المصانع الكبيرة و سيُوَفَر لنا ما نحتاجه من طعامٍ و شراب و ربما نحصل على مأوى كبير ومن الأجر الوفير"


    ما لبست أن أنهيت جملتي تلك حتى سمعتها و عرفتها ... هذه الضحكة الشبيهة بالصراخ التى تفوح من أفواه كبار السن طيبي القلب فيخرج فيها الهواء ممزوجًا باللعاب تحوم(8) حولهما روائح الفم الكريهة , لم أتلقى حينها تعليق العجوز سريعًا كأنه يحاول تركيب جمله لتخرج كاملةً دون تقطيع قبل أن يستطرد
    -" انا ايضًا سمعت هذه الجملة من قرابة الثمانية و السبعين عامًا , ... لقد كنت طفلًا ربما في مثل حجمك الضئيل حين تفتحت عيناي على حقيقة واقعي الآليم فقد كنت أحس للآخرين فضلًا لا أملكه , وُلِدت و ترعرعت لا أعلم لي أمًا و لا ابًا و اشتدت بي الأهوال فبدلًا من أن يمد المجتمع يد العون لي بات يضطهدني و يلومني على ما لم أفعل ... ظل الحال حتى سطعت شمس ذلك اليوم الذي بِعت فيه ما أدري بما لا أعلمُ ... بعت حريتي و بتُّ أُباع و أُشترى مثل العبيد".
    أنهى العجوز حديثه مُفكرًا في آلام الماضي مُحرِكًا مشاعري التي ذكَّرَتْني بجمال خواطر الماضي التي أخشى عليها الضياع بين تلابيب ظلام المستقبل , كنت منصتًا مطرقًا لكل حرفٍ خارج من مخارج حروف العجوز فربما شعرت وجهًا للشبه بيننا و ربما كانت لي نفس آلامه و لكني بأي حالٍ من الأحوال لا اريد نفس النهاية التي أتلمسها في حال العجوز البائس الذي تحول وجهه الى نافورةٍ من الماء بفعل دموعه التي إنهمرت من عينيه كأنها تحاول أن تزيل آلام الماضي و كلل(9) الحاضر .


    كنت أطوق لأسمع منه عن كل يومٍ قضاه في حياته منذ التحاقه بالتجار فربما استطعت تفادى أخطاء ماضيه لو باح لي بمكتوم أسرارها, أسندت ظهري الى جانب الشاحنة لأتخذ من جانب العجوز مجلِسًا و هيأت نفسي لأصوب استفساراتي لمسامعه –"هل يمكنك أن تخبرني أكثر عنك .. ربما عن حياتك , ماضيك و اسمك تحديدًا؟"
    أطلق العجوز إبتسامة خفيفة قبل أن يجيب -" أظن أني لست أملك إسمًا .. او ربما إمتلكت واحدًا من قبل و لكن تراكم الآلام أطاح به في غياهب النسيان , و لا أعتقد ايضًا انك ستحتاج للقبك في هذا المكان اذا قبعت(10) فيه مثلي سنوات طوال".
    تعجبت من رده الغريب فربما ظننت كثيرًا أنه من الصعب على المرء أن ينسى اسمًا نودِيَ به طوال حياته , من شدة خوفي و اضطرابي من إجابته رددت همسًا اسمي فربما التقطه العقل و ثبَّته في بواطنه فلا يكون من سبيلٍ لنسيانه , و بقلق الأطفال من الأوهام أو ربما تكون صفة النزال داخل أكناني أخبرت العجوز بصوت متحدٍ – "بالنسبة لي لن أنسى إسمي مهما توالت علَّي مصائب العُمر" استطردت بنبرة زاد فيها التحدي و إرتفع فيها همسي "اسمي هو حسين نادالي من درمصرنجا ..." . كان صوتي مرتفعًا بعض الشئ فربما أردت أن افخر بنفسي حتى في أشد الأوقات قساوةً عليها أو ربما أردت التفاخر بوطني و إن كانت ألسنة العالم في ذلك الآن تزدريه , حقيقةً لم أجد سببًا مقنعًا و لكنها كانت رغبةً ملحةً تدفعني لذلك
    كان المشهد في الشاحنة مملوءً بالعجائب فها هو العجوز رفع رأسه ليشاهد طفلًا أشرق بحماسته في الظلام رغم هندامه المتسخ الممزق و قلة حيلته , وقف رافعًا صوته ناطقًا اسمه و مفتخرًا بوطنه و قد أحاط به هذا و ذاك يتعجبون من فعله المُحيِّر وسط شاحنةٍ لا يُشم منها الا ذلًا و هوانًا .
    كان العجوز يتمعن النظر في وجهي و ساد الصمت لحظات قطعها العجوز متسائلًا في دهشةٍ
    – " أنت من الدولة التي إحتلها الدنجيون ؟!!"
    -" نعم ... لا .. ربما لا أعرف فكل ما أدركته قبل رحيلي هو أن دولتي كانت في حالة الحرب البغيضة مع أخرى و لم يساعفني الحظ لأتيقن من يكون هذا العدو الحقير "
    -"نعم انهم الدنجيون فلعلي سمعت حديثًا عن ذلك الآمر منذ زمنٍ قريب و أدركت أن الدنجيون فعلوا بكم ما فعلوه بالكثير من الدول قبلكم فقد لقبوا أنفسهم لذلك الشر بالدولة التي لا تُهزم و ..."
    قاطعته متمتمًا بصوتٍ لا أعتقد أن مسامعه التقطته -"ربما يكون هذا تفسير لهروب جيشٍ و شعبٍ دون مواجهة خوفًا من ملاقاة حتفهم و لكن الخوف من الضلال و تصديق الأوهام لم يكن يومًا مُبررًا"
    , استطرد العجوز غير مكترثٍ بتمتمتي –" كل دول العالم تهابهم و تخشى ملاقاتهم فهم يملكون جيشًا زاحفًا مدمرًا و عتادًا(11) ليس بأقل منه فتكًا"
    , توقف العجوز قليلًا و كأنه يحاول أن يتبين أمرًا ما حوله ثم استطرد بلهجةٍ امتزج معها القلق
    –"ربما لا يسعنا الوقت لإكمال الحديث فتقريبًا نحن على أعتاب 'سيرفانتس هاوس' "
    –" 'شوربونرش هاوش' و ماذا تكون؟!!"
    –"انها 'سيرفانتس هاوس 'دار للخدم و مقرٌ لبيعهم لأصحاب المصانع و إجبارهم لفعل ما لا يطيقون ...أظن انها لفظة اجنبية ." .
    كنت صغيرًا في السن لأُميز هذا اللفظ من ذاك و أُحدد لغته أو قُل في حقيقة الأمر أني لم أعشق دراسة اللغات فربما يكون هذا اللفظ قد القت به مدرستي في الفصل على مسامعي عدة مرات أو يكون قد مرَّ علَّي في بعض إمتحانات اللغة الإنجليزية مراتٍ عديدة و لكني لم أكترث(12) به أو بغيره من الكلمات فقد كنت بليدًا في دراسة اللغات و لكني لم أكن بالفاشل أبدًا في مواد العلم و الرياضيات . عُدت لواقعي بعد وهلةٍ من تذكر الماضي لأجد أن الشاحنة قد توقفت و فم العجوز قد انقطع عن الحديث و يداه ممدوتان في خوفٍ و اضطراب الى باب الشاحنة محثًا اياي التزام السكون و قد لاح(13) على وجهه علامات خوفٍ مما سيكون...




    المرادفات :


    (1) شحًا : بخلًا
    (2) يُضفي : يُكسِب
    (3) زري : حقير
    (4) يُغشي : يُغطي
    (5) ولوج : وصول
    (6) غصت : ملئت
    (7) يعُب : يشرب
    (8) تحوم : تحلق
    (9) كلل : تعب / عناء
    (10) قبعت : انطويت
    (11) عتاد : سلاح
    (12) أكترث : أهتم
    (13) لاح : ظهر




    بقلمى / MnsMas




    خارج نطاق الرواية
    *
    في النهاية تذكيرٌ بسيط بمجمل ما وصل الى القارئ من معلومات : اسم البطل هو حسين نادالي طفل عمره عشرة سنوات من دولة تُسَمى "درمصرنجا" هرب سكانها من الحروب مع الدولة المعادية "دنجا" الى كل صوبٍ و كان من نصيب اسرة الطفل أن سكنت مخيمات اللاجئين على حدود دولة "بلباستر" المجاورة لدولتهم المُحتلة , يترك الطفل مخيمات اللاجئين فيصل الى "سيرفانتس هاوس" دار الخدم التي سنعلم عنها الكثير في قادم الرواية بإذن الله ,و الى أن القاكم أستودعكم في أمان الله...


  6. #6
    التسجيل
    01-08-2010
    الدولة
    مصر - أم الدنيا
    المشاركات
    20

    Post رد: ثعلب درمصرنجا (روايتى-متجدد)

    بدايةً أحب أنوه أن ضعاف القلوب , صغار السن و المصابين بأمراض القلب يُمنعون من قراءة هذا الفصل لما فيه من لوحات الرعب و الآلم J و أترككم مع الحبر الأحمر



    ثعلب درمصرنجا

    (الجزء السابع)


    الحبر الأحمر




    سيطر الرعب على قلوب الجالسين و فاحت روائح الهلع بين الحاضرين , جلس هذا الطفل الصغير ذو الشعر الأسود القصير يراقب هذا و ذاك مرسلًا قلبه دقات سريعة امتزجت فيها مشاعر الخوف و الرهبة من طلعة ذلك الرجل الضخم مفتول العضلات الذي صعد سلالم الشاحنة في وقارٍ جعل وجوه الرعب القابعة(1) أمامه تُبَادل طلعته بنظراتٍ مُلِئت بخلجات(2) الرهبة و الخوف , وقف هذا الضخم بصلعته التي فر منها الشَعر مدججًا(3) بسلاحه و مستطلعًا أماكن مختلفة في محيط نظره , لم يمضِ من الوقت الكثير قبل أن يقطع صمتَ الترقب صوتُ ذلك الضخم متحدثًا بأنفةٍ و بلهجةٍ عربيةٍ تشبه لهجة سكان دولة بلباستر

    –" أهلًا بكم في جحيم الأرض" أصدر من حنجرته قهقهةً قبل أن يستطرد -" أنتم على أعتاب عالمكم الجديد و لكل عالمٍ قواعد و قوانين تميزه دون غيره , و لدينا أيضًا ما نمليه عليكم من قوانين الجحيم" لم تفارق هذه القهقهة المتعجرفة وجهه المرعب و هو يخرج مكتوبًا من جيبه قبل أن يتابع صوته المزعج في الإنبعاث

    –" أولًا: لا تناقش أيٌ من ساداتك في أوامرهم و كن مُطيعًا , ثانيًا : إعرض نفسك للبيع بشكلٍ تُقنع به المُشتري لأنه اذا لم تُباع بحلول نهاية الشهر فمع كامل الأسف لن يكون بمقدورك استقبال وهلةٍ في الشهر الجديد " إرتفع صوت قهقهته بما يكفي ليدون في قلوب السامعين كُتبًا من الذل و الخوف , أرسل الضخم لمحةً في وجوه البائسين كأنه يريد التأكد من تأثير خطابه و وعيده قبل أن يواصل –"في الأخير, يُقدَّم لكل ماكثٍ في الدار رغيف خبزٍ في مستهل(4) كل يومٍ و يحق للسيد هانز مالك الدار أن يمنع عنكم ما أراد من كرمه الوفير.." أنهى كلامه موجهًا أنامل يده لتشير الى رجلٍ بالجوار و قد إلتحف داخل بذلةٍ زرقاء اللون و لُفَّت رقبته القصيرة برابطة عنقٍ زرقاء و هُيأت فوق رأسه قبعة من نفس اللون, أحاط به ضخام البنية كأنهم سُخِروا لخدمته و قد حمل بين شفتيه سيجارًا ضخمًا ينتج من مؤخرتها سحابٌ من الدخان الأسود الذي لا يعلم الحكيم مصدره , أمجرد دخان سيجاره؟ أم ما فاض من سواد قلبه!...

    لم أُبالِ بالمشهد بأكمله حولي من تهديد و وعيد ضخام البنية و لم أكترث(5) بتناقض الوان بؤسنا في الشاحنة مع الوان النعيم حول السيد هانز بل كان إنتباهي كله منصَّبٌ(6) نحو هذا الطفل الذي يقاربني عمرًا و قد إرتدى الوانًا و أشكالًا من الطيبات يلهو و يلعب بما أحاطه من زخارف الأشياء و حين يصيبه الكلل يتوجه بجسده ليلتحم بأحضان أبيه ذو البذلة الزرقاء فتصبح أجسادهم جزئًا واحدًا لا تفرقهم عينٌ عن بعضهم البعض , رأيته مشهدًا بث في نفسي آلام ذكريات الماضي و ربما تمنيت آنذاك أن أختلس(7) مكان الصبي فأكون انا ابن السيد هانز المدلل الذي أتبادل معه دفئ أحضان الأباء , أعادني صوت الضخم مرة أخرى الى واقعي البائس مُخلفًا خلفي أحلام الخيال , -"أسمعوني جيدًا , ربما لم يجرب أحدٌ منكم لذة العقاب بعد و لكن ان أردتم أن تتذوقوه فها قد جائتكم فرصتكم" أشهر سلاحه قبل أن يواصل تهديده بنبرته المرعبة

    –"سأعد حتى ثلاثة و من لم يصل للدار عند الرقم ثلاثة فليستعد لإستقبال ما يلحق به من عقاب" , مددت نظري للأمام ليقع على جمال و روعة ذلك القصر الذهبي الكبير الذي مُلئ بالزخارف و الأشجار و روعة الخَضَار تخرج من أكنانه أضواء بهجةٍ و سرور و تُطرَب مسامع قانطيه(8) بترانيم البلابل و صياح الديوك و قد أحاط بهذا الجمال ذلك السور فضي اللون بسحره الخلاب, كان هذا القصر الباهر الذي أراه في الأفق لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن يصل اليه جنس أدم في ثلاث ثوانٍ فقط ,و لحسن حظي أن العجوز التقطني من بحور الأوهام فوجدته يشد يدي و يقفز بي من الشاحنة في رشاقةٍ لم يخال(9) لي أن من في مثل سنه بمقدورهم إمتلاكها , لم نكن نهرول اتجاه هذا القصر الجميل و ربما خطر ببالي لوهلةٍ أن العجوز قد يكون مدركًا لطريقٍ مختصرٍ أو ما شابه ,و لكنه كان يجرني نحو وجهةٍ مختلفةٍ تمامًا , كان بناءًا عتيقًا استقر فوق الرمال يغطيه الغبار و يملئه ظلامٌ قاتم ٌ و قد خيَّم عليه الهدوء القاتل...

    كنا في غضون الثلاث ثوانٍ داخل هذا البناء الذي يشبه في هيكله زنازن السجون و ربما من شدة الهلع لم أتيقن اذا كان كل من في الشاحنة قد نجح في الوصول الى الدار أم تخلَّف البعض ممن تعثروا من إندفاع الرقيق , ساقنا حراس هذا الدار الى مستقرنا منه و أُمِرنا لنتخذ من رمال أرضه مجلسًا كما يُساق قطيع الغنم الى حظيرته الجافة, مكثنا برهةً من الوقت كان الصمت و الخوف أسيادها, و استمرت ملامح الرعب تتخلل الوجوه و تسودها قبل أن يزعجنا صوت الضخم مرة أخرى بعجرفته

    –" ربما يود السيد هانز أن يزيد كرمه عليكم فقد قرر أن يأويكم في هذه الدار فائقة الجمال و أن يحسن ضيافتكم بتقديم أشهى الطعام المُعد خصيصًا لكم لذا إتبعوني بإنتظام" أنهى حديثه بتواصل قهقهته المُستهزِئة المعتادة و أدار وجهه ليختفي خلف الجدران البالية العتيقة , لم أُفارق جوار العجوز لما تلمست فيه من معرفةٍ لمُخفيات المكان فربما كان له ماضٍ طويل و ربما مرَّ عليه من الآلام الكثير في تلك الدار, كنا نقف صفًا أمام إثنين من الحراس المسلحين الذين وضعوا أمامنا بعض الصناديق الخشبية و أخذوا يُسلِّمون كل زائر كرم ضيافته , إنه رغيفٌ من الخبز الذي ربما كان يفوقني في العمر و الذي تحول لونه الى الخضار العفن الذي تجد الحشرات لها فيه مستقرًا و موطنًا, كان الصف طويلًا و متزحزحًا قليلًا قليلًا , و بعد مرور وقت ليس بالقصير حان دوري لأتلقى نصيبي من الطعام و منَّيتُ نفسي بالحصول على رغيفٍ نظيف و لكن لا يوجد الصالح وسط الخبائث , حصلت على قطعتي من الخبز يائسًا و انا لا أعلم كيف السبيل لأكلها فربما مرَّ علَّي في الصحراء أيامًا لا يستطعم فمي من الطعام شيئًا و لكني أذكر أنه حينما كان يجد ما يتذوقه فبالتأكيد يكون طُعمًا يقبله لسانه و تهضمه معدته , لم يصل معدتي في ذلك اليوم من الطعام البالي بقدر ما مضغت من الحشرات و انا أراقب هذا و ذاك كيف يأكلون هذا العفن الذي بين أسنانهم و يتمزج البعض بمزاقه !! ,لم يلفت في ذلك اليوم شيئًا بقدر ذلك الشاب العشريني أسمر الوجه بريء النفس طيب القلب الذي ظل ينظر لقطعته من الخبز بضيقٍ و حنقٍ شديد قبل أن يصيح بصوته الناعم –" ما هذا العفن الذي تسموه كرم الضيافة , ربما تطعمون طوارق الليل(10) بأفضل من هذا , والله إن لم تراعوا أدميتنا فلنهجرن هذا الدار و ن..." قاطعه الرجل الضخم بصوته المخيف –" أتريد الشهي من الطعام ؟ ,لك ما أردت .. إتبعني الى المطبخ و إختر ما تريد من الطيبات"

    كنت على وشك أن أسير على درب ذلك الشاب ببراءة عقل الأطفال فربما ظننت أنهم سيكرموه حق الكرم و يقدموا له ما أشتهى من الطعام و لحسن حظي أن العجوز أمسك بيدي و منع فمي الصغير من الصياح بيده الأخرى و ربما فقط في تلك اللحظة فهمت ما كان يقصده العجوز من ذلك الفعل , ساور الظن عقول جميع المشاهدين بل و تيقنوا من أننا لن نرى وجه هذا الشاب الشجاع مرةً أخرى و لكن أخطأ الجميع و خاب ظن الحاضرين فقد رأينا وجهه الباسم في اليوم التالي

    ... كان وجهًا متكعمًا دون جسد عُلِق على مدخل هذا الدار و نُقش عليه بعض الكلام باللغة الإنجليزية التي لم أتبين لها معنىً , تسائلت بعد هذا المشهد المؤلم كثيرًا , هل كان قراري بالرحيل خاطئًا أم إنها مجرد آلام الصواب, تذكرت أمي و أخي و تخيلت حالهما حين إستيقظا مذعورين باحثين عن طفلٍ صغير في آرجاء الصحراء الفسيحة و الدمع ينهال على وجوههم كما إنهال على وجهي حال تذكرتهم, يسيرون هائمين حيارى هنا و هناك لعلهم يجدوا لهذا الولد أثرًا يتعقبوه فلم يكن من نصيبهم الا أن وجدوا هذه القطعة من القماش و التي كُتِب عليها بخطٍ ركيكٍ متقطع –"لم أُطيق أن أكون حملًا عليك أخي ولا مدعاةً لأحزانك أمي , أحبكما..." كنت أتمنى أن أُطيل الكتابة لأدون كل مشاعري على قطعة القماش تلك و ربما لو توفر لي ما يتوفر لكُتاب الروايات من حبرٍ و أوراق لتيسر كتابة كتب و مقالات المديح لهما و لكنه من الصعب حقًا أن يكتب المرء أكثر من هذه الجملة بإستخدام أحمر دمه بدلًا من الحبر الأسود ...




    المرادفات :

    (1) القابعة : المنطوية
    (2) خلجات : مشاعر
    (3) المدجج : المسلح
    (4) مستهل : بداية
    (5) مكترث : مهتم
    (6) مُنَّصب: مُوَّجه
    (7) أختلس : أسرق خفية
    (8) قانطين : سكان
    (9)لم يخال لي : لم أظن
    (10) طوارق الليل : حيوانات الشوارع




    بقلمى /MnsMas



    في النهاية أنتظر آرائكم ,تصوراتكم و نقدكم . و أترككم في آمان الله

  7. #7
    التسجيل
    01-08-2010
    الدولة
    مصر - أم الدنيا
    المشاركات
    20

    Post كن ثعلبًا

    ثعلب درمصرنجا

    (الجزء الثامن)
    كن ثعلبًا




    -"إنها ليلةٌ واحدةٌ و يكون للشهرتمامًا و لجحيمكم مكانًا ... لم يتبق أمامكم إلا مشترٍ واحد من أصحاب المتاجر و الشركات يبغي أحدكم و يُرسَلُ البقية الى مسواهم الأخير ." وقف هذا الضخم يبني بكلماته تلك في نفوسنا قصورًا من الرعب و الخوف... فلم يتبق من وجوه الذل القابعة في الدار غير أربعتنا نرقد منكسي الرؤوس ,فها هو أولهم مَجلسًا و أدناهم عمرًا, انه هذا الطفل الصغير الذي عانى الكثير من الآلام التي تتخلل الجسد فتفتك به و تقتحم النفوس فتدمرها تدميرًا على مدار شهرٍ كامل بل و واكب أيضًا سلسلةً من مشاهد الرعب و سفك الدماء حتى أصبح قلبه معتادٌ على صدمات الخوف و عينه قد إعتادت حمرة الدماء و ربما كان لمسامعه نصيبٌ جمٌ من إلتقاط ألفاظ التهديد و الوعيد, هذا الطفل الذي لا يعلم سبب إعراض هذا المشتري و ذاك عن شرائه فربما كان حجمه ضئيلًا لا يقوى على جهد الصناعة و ربما كان عقله صغيرًا لا يستوعب فنون النفاق لدى التجار..قد جلس عن يمينه هذا الأربعيني الذي استحال به الحال من الرفاهية المطلقة الى ذلٍ و هوان فقد عصفت به الأقدار و تراكمت عليه الديون و خسر من المال ما أفنى من شبابه في تلقيطه من هنا و إنفاقه هناك فلم يجد من الأمر مفر و لم يختر سبيل إلا الإلتحاق بموكب الهوان و بَيع نفسه لهؤلاء التجار لسداد ما استطاع من الديون بالتخلي عن أغلى ما يملكه انسان , راقبته منذ بداية الشهر, و رأيت كيف تحولت وسامة وجهه الى علامات ذلٍ رُسِمت على جبينه و كيف أصبح جسمه السمين نحيلًا حتى أنه ليكاد بطنه تلتصق بظهره من شدة الجوع , هو يتذكر أيام عزه التي كان لها زوالًا , يتذكر شبابه بمسكنه الذهبي و حريره الفضي و قصوره فائقة الحسن و الجمال و يتخلل هذه الذكريات آلام هذا الشهر و هوانه فكل يومٍ فيه نسبةً له أسوء من سابقه فقد رفض كل شارٍ شرائه متعللًا بإنعدام عهده مع المشقة و الكلل... ثالثنا كان هذا الشاب الذي لم أره واقفًا منذ وصولنا تلك الدار , كانت دائمًا له معاملةٌ خاصةٌ بيننا فلم يفارق هو كرسيه المتحرك الذي ينقله ببطئ يمينًا و شمالًا و يطلب في رفقٍ من أحدنا أن يجره الى وجهته إذا أُهلِكت يداه من جر عجلات كرسيه, حاول هذا الشاب في كل يومٍ من الشهر طرقًا مختلفةً من استئصال الكرامة و تثبيت المهانة و لكن كل محاولاته بائت بالفشل فكان من نصيبه غض البصر و الإهمال من كل مشترٍ و جبار , أيستطيع من يحتاج الخدمة هو نفسه أن يخدم غيره !! ...كان رابعنا هو ذلك العجوز طيب القلب الجالس على شمالي و الذي حاول على مدار شهرٍ كامل بكل السبل المتاحة إخفاء مهاراته عن عين المراقبين و فضل المكوث بجواري رغم ما تلمسته فيه من مهارةٍ و ذكاء لم أتلمس مثلها في غيره حتى من الشباب , و ربما أتقن هذا العجوز التمثيل إتقانًا بمرور و إنقضاء أيام هذا الشهر فقد كان أبكمًا أمام هذا الشاري و أصمًا أمام آخر حتى وصل به الحال و ربما لأول مرةٍ في حياته التي أفناها في تلك الدار أن ينقضي الشهر و تراه العين ضمن البائسين الذين يُخطَط لهم هلاكًا و جحيمًا...

    بقيت ساعاتٌ و يصل هذا المشتري الأخير الذي سينقذ أحدنا من ملاقاة مصير الآخرين , إنها ساعات إنتظار المصير و التي دائمًا ما تكون في ثقلها على النفس أشد من المصير نفسه , فربما في هذه الساعات هدانا فكرنا أو فكر أحدنا الى التخلص من زميله البائس ليحصد هو عين المشتري الأخير و زاد قلقي حين وجدت العجوز منطوٍ بعيدًا و يداه تنزف إحمرار الدماء و قد خيل لي حينها أنه ربما إعتدى عليه أحد الشابين في الخفاء فالتزمت ركني و جلست القرفصاء خوفًا و رعبًا , مرَّت هذه الساعات الطوال على نفوسنا و عين كل منا تدور و تحوم لتقع مرة على الحراس أقوياء البنيان أو لتقع على ذلك الجدار البالي الذي أحاط بنا , و بينما نحن على ذلك الحال وصلت مسامعنا أصوات الترحيب و التهليل بهذا الرجل القادم لدارنا و كان لزامًا لذلك أن يُطِلَّ علينا الضخم بطلته المرعبة ليأمرنا بالوقوف في ذلك الصف الأخير الذي ربما يكون أخر مستقر في حياة ثلاثة منا ...

    دخل هذا الرجل أبيض الوجه واسع العينين بدين الهيئة و الذي بدا عليه من شكل ملبسه أنه تاجرٌ من كبار التجار حينما وقع بصري عليه للوهلة الأولى قبل أن نوجه أعيننا صوب الرمال , ساد الصمت دقائق معدودة تيقنت فيها أن عينه تتفحصنا واحدًا تلو الأخر قبل أن يصيح فينا السيد هانز الذي وقف بجوار هذا المشتري كعادته.
    –"الحاج علي الدرمصرانجي يريد أن يعرف من هو أكثركم ذكائًا في فنون الرياضيات و الحساب و يود أن يطرح عليكم سؤالًا في الرياضيات من يجيبه يكون من نصيبه النجاة" .
    كانت هذه الجملة كفيلة بأن تعيد معنوياتي الى السماء فقد كنت و كما ذكرت مميزًا في دراستي في الرياضيات فلم تستعصِ علَّي أي مسألة طوال فترة الدراسة بالإضافة الى أنه لا يخال لي أن هذا الأربعيني و ذاك الشاب ذو الكرسي المتحرك و معهم الرجل العجوز يُلِمون شيئًا بالحساب علاوةً على كل ذلك أني أذكر أن السيد هانز في حديثه ذكر هذا الإسم الذي كنت على وشك نسيان لفظته "الدرمصرانجي" , إنه إسم عائلة هذا التاجر مما يعني أن أصوله و ربما منشأه أيضًا كان في بلادي درمصرنجا ... منَّيت نفسي في هذه الدقائق التى سبقت السؤال و هيأت نفسي لأقابل سؤاله بإجاباتي ثم آتت تلك اللحظة التي يتبخر فيها كل ما حُفِظ داخل العقل و الفكر و تُستبدل محلها مشاعر الخوف و الرهبة.

    بصوته الغليظ نقل الرجل الضخم السؤال من لسان الحاج علي الى مسامعنا .
    –"أسرعكم في الإجابة يفوز ... ما هو حاصل ضرب سبعة و أربعين و ثلاث مائة.. في.. ثلاثة و سبعين" , كنت مميزًا في الرياضيات و لكن لم أكن مميزًا في سرعة الإجابة على الأسئلة اللحظية فقد كنت أميل الى التريث قبل الإجابة , و مع هذه الأجواء التي تُشتِت العقل و الفكر لم يكن هناك سبيل لعقلي لحساب ناتجٍ و لا طريق للساني للنطق بأرقامٍ . ساد الصمت ألسنة الجميع وسط ترقبٍ من الحاج علي لتحصل أذنه على الجواب الصحيح من لسان الناجي المُقدّر منا....

    مهما تقدم بي العمر و تدهور بي الحال أو راق لن أنسى تلك الجملة و لن أجعل لها سبيلًا خارج الذكريات , إنها جملةٌ قيلت همسًا لم تسمعها أُذنٌ على وجه هذا الكوكب غير أُذناي, صوت هامس قد صدر عن ملاكٍ نَدُر أن يرى المرء مثله في ظلام ذلك الكون , كان صوت هذا الملاك بالكاد يصل الى مسامعي و تستلقط أذناي حروفه بصعوبة و عسر
    –" الإجابة هي واحدٌ و ثلاثون و ثلاث مائةٍ و خمسةٌ و عشرون ألفًا .. أجب سريعًا على السؤال"
    بدون تفكير في صحة الجواب ولا تقدير لعواقب الأمور و لمجرد ثقتي في ذلك العجوز الذي لم أجد منه إلا نورًا أضاء لي أيام شهرٍ معتم , أسرعت و كررت ما سمعَته أذني من جواب ليخرجه لساني بصوتٍ مسموع متردد تسمعه أذن الجميع...
    أغلقت عيناي من شدة الخوف و الرهبة ليأخذ سمعي كل تركيزي و أنا أنتظر من حاسة السمع أن تلتقط التهنئة بالنجاة و لكن بدلًا من ذلك كان لحاسة اللمس دورها ذلك الحين فقد شعرت أنامل العجوز تداعب يدي اليسرى في خفاء و حذر لتضع في أكنانها قطعةً من القماش الملفوف المكعم و تحثني أصابعه لإحكام قبضتي عليها حتى لا تفلت , عادت حاسة السمع لتحصد دورها و إنتظرْتُ أن تنقل لي صوت السيد هانز أو الحاج علي يخبرني بصحة جوابي و لكن لم يكن لصوتيهما وجود فقد كان ما وصل مسامعي آنذاك صوتٌ مألوف عهدته طوال شهرٍ من الزمان و أحببته طول مكوثي في تلك الدار , إنه العجوز قرر أن ينطق الآن أمام ترقب الجميع و يقطع حبال الصمت.
    -" أظن الإجابة هي واحدٌ و أربعون و ثلاث مائةٍ و سبعةٌ و ثلاثون ألفًا"

    إنه عقلي الصغير الذي طرح تلك الأسئلة و جلب لوجداني كل تلك الحيرة ,فما هذا الضلال العظيم!!, أيتحول المرء في لحظات الشدة ليخيب أمل طفل صغير فيه؟!! , طفل أحبه و وثق فيه منذ عرفه ,هل فضل هذا العجوز بعد كل تلك التضحية أخيرًا إكمال حياته و التضحية بحياة طفل صغير ؟! و لكن لما كل هذا و لما أخبرني صوته بهذا الجواب اذا كان لا يريد لي نجاةً ؟!! أيكون قد خشي أن أستطرد التفكير فيحصل عقلي على الجواب قبله ؟! فربما اراد تشتيتي بالجواب الخاطئ ليكون له فرصته في النجاة و يكون لي قدري من الهلاك !!..
    .
    .
    ربما ثواني الوقت التي ساد فيها الصمت بعد جواب العجوز كانت كفيلة لأن تتحول فيها كل مشاعر الحب و الإحترام لذلك العجوز الى بغضٍ و كره.
    - بعض الثواني في حياة الإنسان كفيلةٌ أن تُفقِدَه أعز الأخدان إن كان لعقله الوهم الخاطئ و لفكره جهل تقدير المواقف , ثوانٍ فقط يستطيع فيها هذا الإبليس أن يوسوس لك بعيوب أخاك فتمقته و يفيض قلبك كرهًا له ,و لكن الوقت وحده يكفل لك الندم على تلك الثوانِ المرار حينما يكون للصواب من عقلك إكتشاف...
    سادت فترة الصمت وسط ترقبٍ من الجميع , جوابان منهما واحدٌ صحيح , ثلاثة بؤساء و معهم ناجٍ وحيد.
    كانت عيناي مغلقتان و الأوهام ترفرف فوق عقلي و تحوم حينما تكلم السيد هانز –" كيف لم ندرِ بأن بيننا كتلة الذكاء هذه , هنيئًا لك يا حاج علي هذا الطفل الذكي"..
    كادت مشاعر الفرح و السعادة تغمر قلبي لولا أنني تذكرت عجوزًا أطاح بنفسه تضحيةً في سبيلي, كنت أريد النظر اليه و تأمل الخير على وجهه فربما يكون الأخير من نوعه على هذه الكرة التي سادها الظلام , وددت كثيرًا في تلك اللحظات الحديث معه ربما على أقل تقدير لأشكره و لكن للأسف لم يُسمَح لي بالتفوه و لم تجد كلمات الإعجاب المحشورة لها طريقًا الى اللسان فكانت مجرد لحظاتٍ قضيتها في عجبٍ و إعجاب قبل أن يجرني الحراس نحو غرفةٍ بالجوار صائحين في بصوتهم المكروه –"هيا تقدم فقد دفع الحاج علي حقك من الأموال للدال و أنت الأن مسخر لخدمته متى شاء , اما رفاقك هؤلاء فلا شأن لك بهم فموعدهم مع المنية ليس ببعيد"تبع صوت الحراس صوت السيد هانز بهدوء قائلًا –"عندما أخرج مع الحاج علي نفذوا الأمر المُنتظر ..." , تعمدت التباطئ في الحركة إنتظارًا لخروج السيد هانز و الحاج علي لأتيقن ما هو منتظر الحدوث, كنت على وشك النظر للخلف لألقي نظرة وداع على العجوز قبل سماع ضجيج ثلاث طلقاتٍ متتالية من الرصاص كما صوتها في الأفلام و مسلسلات الخيال,فضلت ذلك الحين عدم النظر للوراء على مشهد الدماء الذي كان لعقلي تخيله و كان لقلبي خوفًا من منظره فقد تيقنت أين إستقرت كل رصاصة من هذه الرصاصات الثلاث, لم أتكلف الدموع على الشابين و لا حتى على ذلك الملاك العجوز فقد ذرفت الخيام من قبل أنهار الدموع على أبي فما عاد من موتته و لا نفعته في مسواه و لا زادتنا إلا آلامًا ,و لكنه كان قد طرق أبواب مداركي اسلوب جديد لا يحتاج الدموع بل يحتاج إطلاق الوعود و إستعمال الوعيد... إنه اسلوب الإنتقام الذي قررت إنتهاجه في تلك اللحظة لأجعل كل لحظةٍ في حياتي جحيمًا لأعدائي و كل ثانيةٍ في واقعي تخطيطًا لإنتقامي...
    وضعني الحراس في غرفةٍ صغيرة إحتوت على إناء من الماء للإغتسال قبل الإلتحاق بالحاج علي بالخارج , تذكرت تلك القطعة من القماش و التي ما زالت قبضتي محمكة عليها خشية ضياعها فربما هي آخر ما لدي من رائحة العجوز, نظرتُ حولي لأتفقد المكان مخافة وجود عيون مراقبة و حال تأكدي من خلو المكان من بُغض الحراس فتحت قطعة القماش في حذرٍ شديد لتستقر عيناي على عطر الكلام..
    -"اذا كنت تقرأ قطعة القماش هذه الآن فهذا يعني أنك نجوت من هذا الدار , و قد يعني هذا أيضًا أن كاتب هذا الكلام ربما وارى التراب و لكن لا حزن عليه و لا آهات فقد قضى من العمر نصيبه و رضي بقدره المحتوم,لقد كنت شقًا منك في صغري , طفلًا أحب الرياضيات و كره مواد اللغات و ما يسع انسان وارى التراب ان يساعدك بفعلٍ أو سؤال و لكنها أمنيةٌ تمنيتها لك بني و نصيحةٌ أخيرةٌ أتركها بين يديك –يموت العدل في عالم الظلام , فكن ثعلبًا ..." .
    علَّي أن أعترف أن الخطأ كان حليفي حين ظننت أنه من الصعب على المرء أن يستخدم دمه ليكتب جملة الوداع لأمه و أخيه لأن الصعب حقًا أن يستخدم عجوزٌ مريض دماؤه العطرة ليكتب جملًا لطفلٍ عرفه شهرًا فقط في حياته, و ربما وصل عقلي تفسير رؤيتي للعجوز محاطًا بالدماء قبل ساعات, قرأت الجمل الحمراء في حزنٍ تام و عاهدت نفسي على الإنتقام و تنفيذ وصايا العجوز لي – و ان لم أفهم مرادها آنذاك- و لكن تطور الأحداث أزاح الغبار عن مخفيات الأسرار... فحقًا يموت العدل في عالم الظلام , تعيش الثعالب و تهلك الأغنام...
    بقلمي / MnsMas

  8. #8
    التسجيل
    01-08-2010
    الدولة
    مصر - أم الدنيا
    المشاركات
    20

    رد: ثعلب درمصرنجا (روايتى-متجدد)

    ثعلب درمصرنجا

    (الجزء التاسع)
    لــــويـــس


    في كل مرحلةٍ جديدةٍ يقف المرء على أعتابها , يشرع عقله متمنيًا لحال أفضل و رخاء أجمل , يتخيل فكره و يتوهم بما هو قادم , و يرسم له عقله صورًا من الوهم تطغى على أكنان نفسه حتى يكاد يظن أن هذه الأوهام ستكون حقيقته المطلقة ... و ربما صدمات الحقائق كفيلة بأن تهدم تلك الأوهام...

    وقفت على باب الدار مشتت الفكر و مضطرب العقل مترقب لطورٍ جديد من أطوار الحياة , يقودني الحراس الى تلك السيارة الفخمة بيضاء اللون التي تناقض مظهرها مع حقارة الدار خلفي , مكثت أمام باب السيارة الخلفي و تهيأت لأقابل من بداخلها بالإنحناء كما تعودتُ ذلك الفعل من كثرة إجباري عليه طوال الشهر.

    فُتح باب السيارة و توقعت أن تصتطدم عيناي بالحاج علي بداخلها الذي توقعت أنه هو من إشتراني و إن كان مظهره المتواضع لا يأهله لأن يمتطي هذا الجمال المتنقل .. ما هي إلا لحظات قضيتها منتظرًا صوت الأوامر التي قد يلقاها سمعي من الحاج علي أو الحراس ... و لكن لم يكن لهذا الحدث موطئًا في ذاكرتي , كان لعقلي ذكرى ذلك الرجل في السيارة الفارهة ذو البذلة الزرقاء التي تلف قميصه ناصع البياض و قد حجبت عيناه نظارة سوداء اللون أخفت بعض ملامحه .. وقفت في ذهول و دهشة فلا يمكن أن يتحول الحاج علي من مظهر التاجر المتواضع الى هذه الهيبة و الرقي .. من خلفي وقف هؤلاء الحراس و في مقدمتهم السيد هانز برهةً من هدوءٍ تام قبل أن يقطعه متقدمهم
    – "شرفنا حضورك الينا يا سيد مارك و نتمنى أن ينال صبينا إعجابك.."
    دون أن يغير الرجل ذو البذلة موضع نظره تهيأ مبتسمًا قائلًا –"أتمنى أن ينال إعجابي لأنه إن لم يكن فستضيع مع إعجابي أعناقكم".
    إبتسم السيد هانز بدوره أثناء رحيله إبتسامة صامتة الصوت غامضة المقصد ثم إختفى وراء أسوار ذلك القصر المهيب , وقفت في صمت و تيقنت أنه لا عيون مراقبة أو قيود مكبلة و للحظات شعرت بنسيم الحرية من جديد قبل أن يشعر كتفي بيدٍ ما تلجني برفق , نظرت خلفي في هدوءٍ لأجد بإنتظاري وجه الحاج علي باسمًا و سرعان ما تفوه بهمسات سريعة –" لما أنت ما زلت هنا ألا يجب أن تكون في السيارة ؟! "
    ألقيت نظرة خلفي لأجد تلك السيارة فائقة الجمال نفيسة الثمن بيضاء اللون و لكن بكل حال إستدعت نظراتي تلك الشاحنة خلفها التي تكاد تمتنع عن الحركة من شدة هلاكها, بطبيعة الحال فقد تعلمت من العجوز –رحمه الله- مكان من هم مثلي و تيقنت الأمر حال وجدت الحاج علي يتجه نحو تلك الشاحنة فلم يكن بدًا الا أن أتبعه لتلك الشاحنة منكس الرأس.
    ربما هذه هي الحياة و تلك هي قواعدها , فأنت حين تطلب الشئ منها لا تجد تلبيةً و لكن حين تغض الطرف عن طلبك و تظن أنه لا سبيل اليه تعاندك الدنيا فتلبي جزءًا من رغبتك , و ما كان أحب الرغبات الى قلب طفل صغير تحمَّل عناءً لا يقوى شاب و لا شيب أن يتحمله إلا بشق الأنفس من أن تلج قدمه مثل هذه السيارة البيضاء و ما أسعده حين يخبره مثل ذلك الحاج بأن مجلسه ليس في تلك الشاحنة البالية و انما حجز له مكان بجانب السيد مارك في تلك السيارة بالأمام .. توجهت نحو السيارة البيضاء و قلبي يرفرف فرحًا تارةً و خوفًا تارة أخرى في هذا الحال , تقدمت أناملي ببطئ نحو باب السيارة اللامعة في تردد من الأمر قبل أن يمنعني من ذلك في رفق سائق السيارة و يرسل أنامله لتحل محل سابقتها المترددة و تفتح يده الثابتة بابًا للسعادة أمامي .. دعاني السائق للدخول فتقدمت برفق و هزت جسدي تلك الرعشة الغريبة التي تجمع بين الرهبة و السعادة و التي تلج الأجسام حين يعاملك شخص ما – على غير العادة – بإحترام طال غيابه عن شهور ذلك الطفل .. جلست بجانب السيد مارك متأملًا لعلامات وجهه المريبة التي منعت بعضها من الظهور هذه النظارة السوداء على عينيه ... أغلق السائق باب السيارة برفق إثري , كنت في حيرة من أمري لا أدرك ما الذي ينبغي عليّ فعله في مثل ذلك الحال , لم يسبق لي حتى في سنوات عزي أن ركبت سيارةً كهذه أو عوملت بجلال كذلك .. ركب السائق في المقعد الأمامي للسيارة وإنطلقت هي بدورها بثلاثتنا و تبعتها شاحنة البؤس تجر عجلاتها من خلفنا ..
    إنتظرت طويلًا حديث السيد مارك الغامض الذي لم أسمع لصوته نبرةً وُجهت لي حتى الآن و كدت أبدأ الحديث طلبًا لنبرته بالظهور و لكن مشاعر الخوف ثبتت لساني على حاله , الخوف من فقدان المكانة الجديدة أو ربما الخوف من أن يقذف بي في الشاحنة خلفنا بسبب لساني فآثرت السكوت و السكون في مقعد السيارة الخلفي المريح و أن أقنع بلحظات الهدوء و السكون و الراحة حولي ..
    أخذت السيارة تشق الرياح في طريقها , كنت لا أدري كم من الوقت مرَّ و لا حتى كم من المسافات قطعنا و لكن كانت أفكار الأمل في الطور الجديد تطغى على عقلي و تسيطر عليه و لم ينقطع عقلي عن تلك الأفكار الا حين نبهه سمعي الى وصول ترددات لصوت السيد مارك يتحدث بلهجةٍ عربية متقطعة في هاتفه .
    -" مرحبًا .... اذًا كل شئ على ما يراد .... أرسل لي الأوراق الى مكتبي و رتبها.."
    أغلق السيد مارك هاتفه و تفاجئت كثيرًا حين توجهت نحوي نظراته و رأيت علامات الابتسام على وجهه قبل أن يحدثني قائلًا – " مبارك ابني العزيز لويس مارك ".
    في بادئ الأمر توقعت أنه يتحدث مع ابنه لويس ربما في جهاز صغير في أذنه من الإختراعات الحديثة التي تُوصِل الأصوات فأنا حسين و أبي جمال و لا تشابه بين الحال و الحال و ربما العين وحدها تستطيع أن تفرق حسينًا البائس عن لويسًا المنعم .. و لكن كانت الدهشة كل الدهشة عندما تيقنت حقيقة الأمر ... لا جهاز حديث و لا إختراع خبيث فقد كان الحديث معي و كنت انا ذلك الـ لويس ....

    بقلمي / MnsMas

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •