بسم الله الرحمن الرحيم









سـريـــــــرة الإنســـــان آيـــــــة كبــــــــــرى !!
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
العقل في الإنسان جدل يقبل القياس والمعيار .. ويملك المساند التي تتيح للآخرين من الوقوف والحكم على قوة ومقدار ذلك العقل .. فيقال ذاك عاقل وذاك جاهل وذاك مخبول وذاك معتوه وذاك ذكي وذاك غبي .. والكثير من تلك النعوت التي توافق أحوال العقول .. فعقول الناس يمكن الحكم على مقدار قوتها ودرجاتها .. بل أكثر من ذلك يمكن الاجتهاد في تطويرها ونماء مقدراتها بذلك القدر الذي يوجد الفطاحل من الناس بالتعلم والثقافة .. ولكن هنالك ( خواطر الناس ) .. تلك المكنونة الغامضة التي تمثل السر العجيب .. وتمثل تلك المعضلة التي تعني المستحيل البعيد .. والخاطرة هي ( السريرة ) .. وهي خاصية عميقة جداَ وبعيدة المنال .. ومن العبث أن يجتهد البعض في كشف أغوار خواطر الآخرين .. فذاك عمق مقدس يمثل خزانة أسرار النفس .. ولا تكون إلا لصاحب الشأن .. وهي الخاصية العجيبة التي أوجدها رب العرش العظيم لتكون مساحة خالصة لصاحبها دون الآخرين .. فلا يقدر شخص أن يشارك آخر في خصوصية الخاطرة مهما تقاربت عروة الصلة .. ولا جدوى من عروة التقارب بالدم أو الرحم أو الرفقة أو المعاشرة أو الصداقة أو الأهلية .. والذي يريد أن يعرف شيئاَ عما يدور في خاطرة إنسان آخر عليه أن يجتهد ويتكهن .. والمحصلة تكون مجرد اجتهاد لا يوافق الصواب في أغلب الأحوال .. بل ذلك البعد الشاسع عن الحقيقة .. تلك الحقيقة التي لا تكون إلا عند إقرار صاحب الخاطرة .. وقد يصدق وقد يكذب .. وأمهر علماء النفس يعجزون عن كشف ما في ضمائر وخواطر الناس .. بل الشائع أن علماء النفس يضعون فرضيات جزافية لصور اجتهادية يظنونها الأقرب للصواب المحتمل .. وهي صور قد تكون بعيدة جدا عن ذلك الواقع الذي يدور في عمق الخاطرة .


.............. و( الخاطرة ) هي السريرة المقدسة العجيبة في الإنسان التي لا تقبل التعدي .. ولا تقبل الاحتلال من الآخرين .. ولا يعلم أسرار السرائر إلا الله الخالق البارئ .. فهو الخالق الذي أوجد في الإنسان الكثير من الآيات .. وآية السريرة هي من تلك الآيات الكبرى في الإنسان .. لا تقبل المشاركة ولا تقبل المساهمة ولا تقبل الاقتحام .. وهي البؤرة الإعجازية التي أعجزت أقوى الجلادين في سجون العالم .. حيث تلك الأسرار الممنوعة المساس !! .. فخاصية الخاطرة ( السريرة ) هي ملكية خالصة للإنسان صاحب الشأن .. خاصية محصنة ومسورة بأسوار لا يمكن للآخرين اجتيازها .. وسبحان الله رب العرش العظيم الذي أراد بحكمته أن يخصص للإنسان ساحة لتكون خالصة له من دون الآخرين .. وفيها صاحب الشأن هو السيد على أحكامه وعلى قراراته .. ويملك ذلك المجال الحر المطلق في تحركاته وتصرفاته .. وبذلك يصبح المسئول الأول والأخير عن إرهاصات خواطره من الأفعال والأعمال والأقوال .. وهي مسئولية جسيمة تعني خيار الابتلاء والامتحان .. وتتجلى الحكمة الربانية الكبيرة حين يكون الحساب يوم الحساب بموجب مكنونات الخواطر والسرائر حتى تقع العدالة !.. فالحكمة تستوجب العدالة في محاسبة نفس تخطو خطواتها من تلقاء نفسها .. تلك الخطوات التي تنتجها السريرة على مسئولية صاحبها .. وحتى لا يتهرب الإنسان عند الحساب يوم الحساب ليقول : ( كان هنالك من يشاركني في السريرة ويدفعني في القرار !!) .. فتلك فرية تخالف سنـة السريرة .. وبذلك يكون الإنسان مسئولاََ مسئولية تامة كاملة عن خطوات سريرته .. والنفس لا تتحمل من الأوزار إلا ما كان منها .. والتي تكون منها لا تقع إلا بإرادة حـرة في الخيار .. فهو يملك ذلك الخيار في ساحة خاطرته .. يملك خيار الإقدام كما يملك خيار الامتناع .. ويوم القيامة هو اليوم الذي يكشف فيه الأسرار .. وهو يوم إزالة الغطاء عن مكنونات السرائر ( يـوم تبـلى السـرائر ) .. أي يوم تختبر سرائر الناس.. فيظهر منها يومئذ ما كان في الدنيا مستحيلاَ ومستخفياَ عن علم الآخرين .

( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
ــــــــــ الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد