بسم الله الرحمن الرحيم







الخنـــــــادق والمـــــــآرب !!
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
تلك خنادق الانتماء وقد تباينت وتفرقت في أهدافها .. تجمع الناس في شأن من الشئون .. فالبعض ينتمي لخندق من الخنادق لأغراض دنيوية بحتة .. والبعض ينتمي لخندق من الخنادق لمجرد المظاهر الجوفاء .. وهو ذلك الماكر الماهر الذي يستغل الولاء .. والبعض ينتمي لخندق من الخنادق لمجرد الإرث عن الأجداد والآباء .. فخلايا الخنادق تتشكل من أنفس قد تتناقض في النوايا وتتباعد في المقاصد .. وهي خلايا تتفاوت كأصابع الكف حيث لا تتساوى في الطول والعرض والمهام .. والناس حين تتجه لتلك الخنادق لديها في الأعماق تلك المقاصد والمآرب .. وتلك الخنادق حين تختص بأمور الدنيا فهي جدل قد يقبل الانفلات .. كما يقبل عثرات الأهواء .. وحينها لا يهم كثيراَ أن تحتوي في صفوفها الصالح والطالح من ألوان الخلايا .. وتجري عليها المقولة الشائعة : ( أن الطيور على أشكالها تقع ) .. كما تجري عليها المقولة : ( ساحات الأسواق مرتع للمجانين والعقلاء ) .. أما خنادق المسلمين فهي خنادق العقيدة السماوية السامية النبيلة .. والانتماء إليها بشروطه وأخلاقياته .. والفرد في خنادق المسلمين يجب أن يحمل ذلك الولاء الصادق الذي لا يشوبه الرياء .. وحين ينتمي للخندق ينتمي بنية خالصة لوجه الله .. تلك الخنادق المقدسة التي تعني قمة الصفاء والنقاء .. وهي تفترض أن تكون أطهر الخنادق وأشرفها للإنسان فوق وجه الأرض .. ولا تكون خلاياها إلا من تلك الصفوة النقية الطاهرة المختارة .. تلك الخلايا التي تعمل مخلصة لإعلاء كلمة التوحيد .. والذي ينتمي لخنادق الإسلام والمسلمين يجب أن يخلص النية لله رب العالمين .. ويجتهد حين يجتهد لنشر أنوار العقيدة في أرجاء الأرض .. ويتمسك بتعاليم العقيدة نصاَ وروحاَ وعبادة وإخلاصاَ دون تهاون أو إفراط .. ولا يجوز في ساحات تلك الخنادق أي مظهر من مظاهر النفاق والرياء .. كما لا تتسامح النفوس في تلك الساحات إذا اكتشفت أن عنصراَ فيها يخالف تعاليم العقيدة بالموبقات والأدران .. فهي منابر طاهرة لصفوة طاهرة تلتزم بنهج السماء .. ولكن مع الأسف الشديد هنالك البعض الذي يوجد خنادق الرياء تحت مسميات الإسلام .. هؤلاء المنافقون الذين يتاجرون باسم الدين .. يحققون المآرب والمصالح تحت ستار الدين الحنيف .. فتلك الشعارات المرفوعة منهم للملأ تظهر الصلاح والإصلاح والتقى والعفاف .. في حين أن أفعالهم وأحوالهم تؤكد الفساد والمفسدة .. بل أكثر من ذلك أنهم يجتهدون في محاربة العقيدة ليلاَ ونهاراَ .. فالمظاهر فيهم تؤازر الدين نفاقاَ .. والخفايا فيهم تحارب الدين جملة وتفصيلاَ .. وفي بعض البلاد هؤلاء يستغلون الدين الحنيف لكسب التعاضد والسند .. فإذا أشتد الوغى وتكالبت عليهم سطوة الأعداء يحتمون بالعقيدة تحت شعار الجهاد في سبيل الله .. حينها نجدهم يفيضون في مآثر الجهاد .. ويمجدون التضحيات بالمال وبالنفس .. ويبشرون القتلى بالشهادة وبحور العين في الجنان .. ثم فجأة إذا تلاشت المخاطر نسوا الله ونسوا سيرة الجهاد في سبيل الله والاستشهاد .. ثم انقلبوا على أعقابهم وقد تنكروا للعقيدة .. وتلك أحوال الفساد والمفسدة تجري في المجتمعات كالنار في الهشيم .. ولا نجد منهم ذلك الحرص الشديد في إرساء تعاليم الدين الحنيف بين الناس .. كما لا نجد منهم الحرص على تطبيق الحدود الشرعية حين تقع المخالفات .. وعندها يكتشف الناس أن الدين مجرد غطاء وواجهة تفتقد خلفية المحتويات .. كما تكتشف أن الدين ليس له ذلك الأثر الفعال المطلوب في حياة الناس .. والذي يعني الإمطار بالخيرات والاتقاء من الشرور .. إنما هو ذلك المسمى ( الدين ) الذي يشكل مجرد ديباجة ويافطة ترفع عند اللزوم .. ذلك السلاح الذي يستخدم حين يلزم الأمر لكسب التعاطف والتعاضد من المسلمين .. أما خلاف ذلك فلا نجد للدين وللعقيدة أثراَ حين يكتوي الناس من سوء الأحوال وقسوة الحياة .. كما لا نجد للدين أثراَ حين تنتشر مظاهر الفساد والموبقات في المجتمعات .. الفساد في الأموال والفساد في الأعراض والفساد في الأخلاق والفساد بالإلحاد .. وغيرها الكثير والكثير من المظاهر التي تشتكي منها بلاد المسلمين اليوم .. فلو كان الدين حقاَ يتمثل بأحكامه وإرشاداته وتعاليمه العادلة لما تفشت تلك الموبقات في المجتمعات .. والذين يتاجرون باسم الدين إنما يرتكبون جرماَ كبيراَ لا يغتفر .. يتلاعبون بعقيدة الناس ولا يخشون الله حين لا يبالون بالأمر كثيراَ .. ويحسبونها هيناَ والأمر أكبر من ذلك .. ويظنون أن الوقفة صغيرة وهي كبيرة من الكبائر .. ينافقون حين يحتمون بالدين ويعزفون أوتار الجهاد في سبيل الله .. وعندما تنجلي تلك المصائب يفرون عن حمى الدين كفرار الحمر المستنفرة التي تفر من قسورة .

( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
ـــــــــ


الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد