بسم الله الرحمن الرحيم





إشـــارات الفطـــرة فــــي الإنســــان !!
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمـد )
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمـد )
أضواء الفجر حين تأتي تغمر الأفئدة بالأفراح والانشراح .. بداية يوم تعني مواكبة الحياة والانطلاقة .. ثم ترحل الشمس حثيثاَ نحو غايتها حتى تختفي بالمغيب .. ثم تلك الفطرة في الإنسان حين يودع راحلاَ أبيضاَ هو النهار الذي يعني الحركة والبركة .. ليستقبل قادماَ أسوداَ هو الليل الذي يعني المجهول والانطواء .. تلك العلامات العجيبة التي خلقت في ذهن الإنسان الميل الفطري لمعاني البياض والنفور الفطري لمعاني السواد .. فالنهار دائماَ يرتبط بالوضوح والسطوع والآمال .. والليل دائماَ يرتبط بالغموض والإبهام والظلام والأحزان .. فالبراءة والعفة والإخلاص والوفاء والنقاء والطهر والصدق والعفاف والفضيلة معاني جميلة دائماَ تحمل صور البياض في الأذهان دون ذلك التشويه .. أما صفات ألأضداد مثل الرزيلة والغش والكذب والخداع والخيانة والغدر والفسوق والفجور والموبقات فنجدها دائماَ تتخذ صور السواد في الأذهان .. وتلك هي الإشارات الأولى التي رسخت تفضيل البياض على السواد في ذهن الإنسان .. فنفس الإنسان قد اختزنت مع مرور الأزمان عداءاً مكبوتاً للون الأسود دون ذلك اللون الأبيض .. رغم أن السواد قد يكون عزيزاَ ومطلوباَ في بعض المواقف .. فذاك سواد العين مطلوب وهو يتوسط دائرة العين عزةَ وبهاءَ .. كما أن البياض قد يكون مرفوضاَ في بعض المواقف .. فذاك الشيب لا تريده الأنفس حتى ولو كان ببياض الثلوج .. والعلة مفهومة فالشيب يقرب النهايات وهو من علامات الموت .. تلك النهايات التي لا يريدها الإنسان .. وسواد الشعر يعني البدايات في مشوار الحياة تلك البدايات التي تمثل جبال الآمال .. والإنسان يتمنى البياض في الكثير من المواقف والمعاني ولكنه يرفض ذلك البياض حين يحتل مواقع السواد من الشعر .. عندها نجد السواد قد أصبح مطلوباَ وعزيزاَ بالفطرة من ذلك الإنسان .. فنجده في مرحلة يزيل البياض في غفلة الأعين فإذا بالبياض يطغى يوماَ بعد يوم ليشكل الأغلبية .. وعندها يدخل الإنسان في حيرة .. ممقوت يتوفر ومرغوب يسافر .. ولا يتوقف الأمر عند ذلك الحد بل تأتي على الإنسان مرحلة يفقد فيها السواد والبياض .. ليعيش مرحلة أخرى من أحوال العمر حيث تلك الصفحات الخالية التي لا تقبل التلوين أو الأصباغ .. لتؤكد للإنسان أن العمر قد شارف .. ومع ذلك نجد من يجتهد يائساَ ليخفي الآثار بأغطية الباروكة والقناع الزائفة .. ولكن هيهات هيهات فالزيف لا يغطي الحقيقة .. ولا يكون ذات قيمة .. مجرد مظهر لإرضاء أعين الناس .. والناس قد تعلم الحقيقة ثم تلتزم بالصمت حتى لا تجرح الشعور والإحساس .


( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمـد )

ــــــــــــ


الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد