بسم الله الرحمن الرحيم






المعــــــلم بالعـــــلم وليـــــس بالقمـــــع !!
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
مراحل الدراسة هي فترة يتعلم فيها الطالب ذلك القدر المتاح من العلوم .. كما يتعلم محاسن الطبائع والأخلاقيات من ذلك المعلم المربي .. ولكن ليس كل من يرد في خانة المسمى هو ذلك المعلم .. بل تعددت صور المعلم بصالح الصفات وطالحها .. ويا عجباَ كم وكم تتعدد الصور والطبائع في ذلك المعلم !! .. فهنالك ذلك الصنف من الأساتذة الأجلاء المحترمين الذي يجيدون المهنة بالمهارة والمقدرة العلمية العالية .. ذلك الأستاذ المحترم المتمكن في مقدراته العلمية .. ثم يزداد علواَ ورفعة ومكانةَ بأخلاقياته العالية الدمثة .. فهو ينال التقدير والاحترام والمحبة من كافة الطلاب .. ولا يجد ما يعكر صفوفه من الهرج والمرج بفضل تلك الصفات الحميدة الكريمة العالية الممتازة .. فمثل ذلك الأستاذ الفاضل لا يحتاج في مساره ومنهجه أن يكون قاسي القلب عنيف الطبع .. فهو ذلك المحبوب الجاذب حين يؤدي رسالة التدريس .. وأمثال هؤلاء الأساتذة الأجلاء لا يستخدمون العنف والضرب إطلاقاَ في أساليب التدريس .. وفي الجانب الآخر يتواجد ذلك الصنف الآخر في مسميات الأساتذة .. ذلك الصلف الجلف العنيد الذي يفقد المنهج الحضاري في أساليب التدريس والتعليم .. وهو ذلك الدخيل في مسارات التدريس دون أن يكون مؤهلاَ لتلك المهنة العالية العظيمة .. نجده دائماَ والعصا في الكف .. يتخذ الضرب والترهيب والتهديد أسلوباَ في التربية والتعليم .. وهو يظن أنه يفعل الثواب بذلك الأسلوب البدائي الهمجي .. ويؤمن بأن الضرب وسيلة ضرورية في إيجاد الضبط والربط .. وذلك المنطق هو منطق لا يوافق الحقيقة .. ومنطق ينافي الأسلوب العصري الحديث الصحيح في عالم التربية والتعليم .. وقبل أيام تناقلت الأنباء خبراَ مفاده أن أحد هؤلاء المعلمين المتسلقين لجدار تلك المهنة المقدسة قد تسبب بالضرب المبرح في مقتل طفل صغير !! .. فيا عجباَ من معلم كاد أن يكون رسولاَ .. والرسل هم الكرماء الرحماء الذين لا يقتلون الأطفال الصغار الأبرياء .. ولا يمكن أن يدخل ذلك القاتل الجاهل في زمرة الأنبياء والمرسلين .. إنما هو ذلك السفاح الذي يدخل في زمرة المجرمين .. وأمثال ذلك المعلم لا يستحقون الانتماء لأسرة المعلمين الأفاضل إطلاقاَ .. وفي الأساس هم يعانون من نقص في ناحية من النواحي .. وقد يشتكون من علل في نشأتهم أو قد يشتكون من علل في البيئات التي قدموا منها .. ذلك النقص في المقدرات أو في الأداء .. وذلك الصنف من المعلمين يمثل الشخص المتناقض العجيب حين يعاني من النقص في جانب من الجوانب ثم يجتهد لإكمال ذلك النقص بضرب الصغار والاهانة .. فهو يجهل أساليب التربية الحديثة .. بل هو مجرد فرد متسلق في تلك المهنة العظيمة .. والكثير من ساحات التربية والتعليم في البلاد العربية تعج بأمثال هؤلاء المتسلقين .. والتجارب أثبتت أن ذلك المعلم الذي يؤمن بأسلوب الضرب والترهيب في التربية والتعليم هو أفشل أنواع المعلمين .. وأضراره في المجتمعات أكثر من منافعه كثيراَ .. فهو يتسبب في الكثير من الكوارث والفواجع دون أن يدري بذلك .. حين يكون سبباَ في خلق أجيال وأجيال في الساحات تكره وتمقت المدارس والتعليم .. وإذا لم تكره المدارس بالضرورة فإنها تكره مادة من المواد العلمية بسبب كراهيتها لأستاذ المادة .. ويقسم الكثيرون من الناس الذين مروا بمراحل التعليم والدراسة المختلفة ومروا بتلك التجارب القاسية مع بعض المعلمين بأنهم كرهوا مادة من مواد التعليم بسبب أستاذ المادة .. ذلك الأستاذ الجلف البغيض الذي لا يجيد إلا تعاطي الضرب والترهيب .. فهو ذلك العاجز الذي لا يملك المقدرة في إيصال المعلومة لأذهان الصغار بالطريقة السلسلة السهلة .. كما أنه لا يملك المقدرة في جذب انتباه الصغار وتحبيب المادة إلى النفوس .. ولكنه دائماَ ذلك الساخط الغاضب المتعجرف الذي يجيد الضرب والإهانة .. فهو دائماَ بأسلوبه ذلك العنيف ينفر طلاب العلم ولا يحبب .. ويخلق الكراهية في النفوس والأحقاد .. والمحصلة في النهاية ذلك المربي الفاشل الذي يوجد الأجيال الفاشلة في الشوارع والطرقات .. أما ذلك الصنف الأول من الأساتذة الأجلاء الكرام فهو ذلك الأستاذ الراقي الواعي الذي تظل سيرته معلقة بالأذهان طوال مراحل العمر .. تلك السيرة الحسنة المحببة إلى النفوس .. في الوقت الذي فيه معلم الضرب والترهيب هو ذلك الممقوت الذي يلاحق بلعنات الصغار .. وتظل سيرته ممقوتاَ ومكروهاَ في الأذهان حتى مشارف القبور .
وكم تعج ساحات المدارس في العالم العربي بأمثال هؤلاء المتسلقين لجدار المهنة دون أن يملكوا مثقال ذرة من الجدارة .. واللوحة المألوفة هي لوحة ذلك المعلم الذي يمسك بالعصية ويتجول في أروقة المدرسة وهو يهدد ويزمجر .. تلك الصورة البدائية الكئيبة التي تضع المعلم في إطار البلطجة والهمجية .. ومتى ما تواجد ذلك النوع من المعلمين فهو ذلك المسقوط عن المعيار والاحترام .. وفي الدول المتقدمة المتحضرة نجد أن الزمن قد تخطى تلك الصورة للمعلم الجلف الصلف .. ليتواجد في الساحات ذلك المعلم المؤهل علمياَ وأسلوباَ .. الذي يجاري العصر بأسلوب الحوار والنقاش والأخذ والرد .. كما تبدلت أساليب المعاملة والتربية والتدريس في مرافق التعليم .. وفي صفوف الصغار والكبار من الطلاب نجد ذلك الأسلوب العصري الحضاري حيث الوفاق بين الطلاب والمعلمين بالحوار والنقاش والأخذ والرد في بيئة تسود بالهدوء والوقار .. بيئة خالية من التشدد والتشنج .. والعقول الواعية في تلك البيئة تحس فعلاَ بأن المعلم كاد أن يكون رسولاَ .. وهو ذلك المعلم الذي يحتل تلك المكانة المحببة والاحترام في نفوس الصغار .. وبنفس القدر هو ذلك المعلم الذي يوجد المكانة والمحبة لطلابه الصغار .. فأين نحن من ذلك العالم المتقدم المتحضر ؟؟ .. ونحن ما زلنا في بدايات المشوار نقتل الصغار بالضرب المبرح بحجة الضبط والربط !! ؟؟ .. وما زالت صورة البلطجة والهمجية هي السائدة في مدارسنا .. تلك الصورة البشعة لمعلم يماثل الوحش وهو ذلك الفالت الذي يرعب الحملان الوديعة بالضرب والبطش والترهيب !! .. ومع ذلك ندعي بأننا نواكب العالم في أساليب التقدم والتحضر !! .. كما ندعي مواكبة الحضارة في القرن الحادي والعشرين !! . فيا عجبا !! .
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
ـــــــــ


الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد