ساعة آبل الإلكترونية الأخيرة تعد أذكى ما تم إنتاجه حتى الآن من أجهزة التواصل الذكية.. والحقيقة أن أحداً لا يعرف إلى أيّ مستوى سيرتفع ذكاء أجهزتنا مستقبلاً.. ولا أحد يعرف متى ستصل هواتفنا وكمبيوتراتنا إلى مستوى الوعي والتفكير الذاتي.. المؤكد؛ أنه أقرب مما نتصور."قانون مور" يتنبأ بتطور الأجهزة الذكية بمعدل "الضعف" كل عامين.. ففي عام 1965 لاحظ مؤسس شركة انتل غوردون مور أن عدد الترانزستورات على شريحة السيلكون يتضاعف كل عامين بدون كلفة إضافية.. وهذا هو السبب في أن هاتفك الحالي (الذي يدخل جيبك بسهولة) يتفوق على الكمبيوتر الضخم الذي استعمل للهبوط على القمر وتجاوز سعره أربع ملايين دولار.. وكان مؤتمر الحاسبات المفكرة في سان فرانسسكو قد تنبأ عام 2005 بأن قانون مور سيستمر صالحاً لعقد آخر من الزمان (أي حتى نهاية عامنا الحالي 2015).. وبناء عليه نتساءل نحن عن ماذا سيحدث بعد ذلك؟في رأيي المتواضع هناك ثلاثة احتمالات ستحدث بين عامي 2015 و2025:إما يصدق قانون مور إلى مالا نهاية (وبالتالي تصبح أجهزتنا الإلكترونية أذكى وأقوى وأصغر كل عامين)..أو سنقف عند حد يمنع إضافة المزيد من الترانزستورات إلى الشرائح الإلكترونية (وبالتالي ستمر أجهزتنا بحالة بطء وشبه ثبات خلال العقد القادم)...أما الاحتمال الثالث فهو أن "العقد القادم" سيفاجئنا بنقلة نوعية تجعلنا (أو تجعلهم بتعبير أدق) يستغنون تماماً عن الشرائح السيلكونية الحالية، ويستبدلونها بشرائح عضوية أكثر قوة وسرعة وكفاءة تماثل خلايا الدماغ!أول احتمالين لا يحتاجان لشرح؛ في حين يستحق الاحتمال الثالث التوقف عنده طويلاً كونه يتحدث عن كمبيوترات عصبية وأجهزة عضوية بمعنى الكلمة.. وبطبيعة الحال لا يمكن لأي كمبيوتر أو هاتف ذكي أن يضاهي مخ الإنسان (ولا حتى مخ الذبابة) في إمكانياته المتقدمة.. ولكن؛ ماذا لو نجحنا في زرع خلايا عصبية على شرائح مفكرة بدلاً من الترانزستورات الكهربائية؟ماذا لو تم توظيف المادة العصبية (الموجودة في أدمغة الحيوانات والبشر) لصنع شرائح عضوية مفكرة تدير الأجهزة الإلكترونية وتتحكم بها؟ هل يمكن مثلاً استغلال المادة العصبية في دماغ القطة أو الفأر للتحكم بالأجهزة المتقدمة.. هل يمكن استغلال مخ إنسان مخدر للتحكم بمكوك الفضاء أو توجيه الصواريخ العابرة للقارات؟أذكر أنني قرأت عن نجاح العلماء الأمريكيين في تسخير إشارة عصبية (التقطت من مخ قرد) لتحريك ذراع ميكانيكية على بعد ألف كلم.. كما سبق لمتحف لندن للعلوم أن عرض روبوتاً آلياً يرى من خلال عين سمكة (بحيث تتبع الضوء وترسل الإشارات إلى الروبوت للتحرك بهذا الاتجاه أو ذاك)!!أما المستقبل فيمكن مشاهدته في فيلم اكزستنس للمخرج ديفيد كرونبرج.. ففي هذا الفيلم يقوم خبراء التقنية بتربية حيوانات برمائية مهجنة بغرض انتزاع نظامها العصبي واستخدامه في صنع الأجهزة المتقدمة.. وتبدأ أحداث الفيلم حين يتم تقديم لعبة ذكية جديدة أمام الجمهور(وهي ليست أكثر من كتلة عصبية حية برمجتها الشركة).. غير أن هذه اللعبة (العصبية) تأخذ زمام المبادرة من أدمغة المتواجدين وتدخل الجميع في عالم مختلف وغير واقعي لا يستطيعون منه فكاكاً!!وبمناسبة (لا يستطيعون منه فكاكاً).. من يضمن أن أجهزتنا الحالية لم تأخذ زمام السيطرة على عقولنا أصلاً دون أن ندري؟لماذا لم يعد بإمكاننا الصبر على فراقها وعدم النظر إليها لأكثر من خمس دقائق؟


فهد عامر الاحمدي
جريدة الرياض.