بسم الله الرحمن الرحيم

إن الكثير من شباب المسلمين والغيورين على دينهم والراغبين في نوال الدرجات العلا الكثيرين منهم يظنون أنه لابد من الحرب والقتال والجهاد بالسنان لنيل المنازل العلا في الجنان التي أعدها الله للشهداء. وهذا هو الذي يحتاج إلى تصحيح، إن الشهادة في سبيل الله من المنازل العالية التي خص الله تعالى هذه الأمة ببركة حبيبه صلى الله عليه وسلم، فجعل لها من الأبواب ما يستعصى على الحصر، وما هذا إلا بحبِّه صلى الله عليه وسلم لأمته، وفتحه لأبواب نيل المنازل العالية على مصراعها. وليس الموت في الحرب أو الشهادة بالقتل في ميدان الوغى إلا واحدة منها فهيا بنا لنصحح هذا المفهوم ولنرى معاً هل هو المقتول في الحرب أوفى سبيل الله وفقط

لا، بل هناك كثيرون، منهم على سبيل المثال المقتول في سبيل الله، المصاب بالطاعون، الغريق، المبطون، النفساء وكان مما قاله صلى الله عليه وسلم في ذلك
{ أَتَعْلَمِينَ مِنَ الشَّهِيدُ؟ الْقَتْلُ فِي سَبِيل اللهِ شَهَادَةٌ، وَالطَّاعُونُ شَهَادَةٌ، وَالْغَرَقُ شَهَادَةٌ، وَالْبَطْنُ شَهَادَةٌ، وَالنُّفَسَاءُ يَجُرُّهَا وَلَدُهَا بِسَرَرِهِ إلى الْجَنَّةِ }(1)فأخبر صلى الله عليه وسلم أن في القتل شهادة، وفى الطاعون شهادة، وفى البطن شهادة، وفى الغرق شهادة، وفى النفساء يقتلها ولدها جمعا شهادة،

و قَالَ { مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللّهِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. قَالَ إنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إذاً لَقَلِيلٌ قَالُوا فَمَنْ هُمْ؟يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ: مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ. وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ } (2)وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :{ يٌّأتِي الشُّهَدَاءُ والمُتَوَفَّوْنَ بالطَّاعُونِ فَيَقُولُ أَصْحَابُ الطَّاعُونِ: نَحْنُ شُهَدَاءُ، فَيُقَالُ انْظُرُوا فِانَّ جِرَاحَتَهُمْ كجِرَاحِ الشُّهَدَاءِ، تَسِيلُ دَماً كَرِيحِ المِسْكِ، فَهُمْ شُهَدَاءُ فَيَجِدُونَهُمْ كَذَلِكَ }(3)

وشرح هذا الحديث أنه يختصم الشهداء والمتوفون على فرشهم إلى ربنا في الذين يتوفون من الطاعون، فيقول الشهداء إخواننا قتلوا كما قتلنا، ويقول المتوفون على فرشهم إخواننا ماتوا على فرشهم كما متنا، فيقضى الله بينهم فيقول ربنا انظروا إلى جراحهم فإن أشبهت جراحهم جراح المقتولين فإنهم منهم ومعهم؛ فينظرون إلى جراح المطعونين فإذا جراحهم قد أشبهت جراح الشهداء فيلحقون بهم. ومنهم المصاب بالحريق، من مات تحت الهدم ، المصاب بذات الجنب، وعن هؤلاء إضافة إلى ما سبق يقول عليه الصلاة والسلام:
{ إنَّ الطَّعْنَ شَهَادَةٌ، وَالْبَطْنَ شَهَادَةٌ، وَالطَّاعُونَ وَالنُّفَسَاءَ بِجِمْعٍ شَهَادَةٌ، وَالْحَرْقَ شَهَادَةٌ، وَالْغَرَقَ وَالْهَدْمَ شَهَادَةٌ، وَذَاتَ الْجَنْبِ شَهَادَةٌ(4)
وقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم على سبيل البيان لا الحصر:
{ الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ في سَبِيلِ الله: المَطعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالمَرْأةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدةٌ (أي لنفساء أو التي تلد، وقيل: والحامل) }(5)

ومنهم المتصدي للإمام الجائر، وعنه يقول عليه الصلاة والسلام:
{ أَكْرَمُ الشُّهَدَاءِ عَلى اللهِ رَجُلٌ قَامَ إلى إمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ بِمَعْرُوفٍ وَنَهَاهُ عَنْ مُنْكَرٍ، وَأَشَدُّ النَّاسِ عَذَابَاً رَجُلٌ قَتَلَ نَبِيًّا، أَوْ قَتَلَ رَجُلاً أَمَرَهُ بِمَعْرُوفٍ وَنَهَاهُ عَنْ مُنْكَرٍ، قَتَلَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ ثَلاَثَةً وَأَرْبَعِينَ نَبِيًّا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَامَ مَائَةُ رَجُلٍ وَاثْنَا عَشَرَ رَجُلاً مِنْ عُبَّادِ بَنِي إسْرَائِيلَ فَأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ فَقُتِلُوا جَمِيعَاً } (6)
ومنهم المائدة فى البحر الذى يصيبه القيء، وعنه يقول صلى الله عليه وسلم:
{ الْمَائِدُ فِي الْبَحْرِ الَّذِي يُصِيبُهُ الْقَيْءُ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ، وَالْغَرِيقُ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ }(7)

ومنهم من مات زائراً البيت الحرام، أو من مات زائراً المسجد النبوي، أو من مات زائراً بيت المقدس، وعنهم يقول صلى الله عليه وسلم:
{ قَالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: مَنْ زَارَنِي فِي بَيْتِي أَوْ فِي مَسْجِدِ رَسُولِي، أَوْ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَمَاتَ مَاتَ شَهِيداً } (8)ومنهم من طلب الشهادة صادقا، وعنه يقول صلى الله عليه وسلم:
{ مَنْ طَلَبَ الشَّهادَةَ صَادِقاً أُعْطِيها ولَوْ لَـمْ تُصِبْهُ }(9)

ومنهم من جرح في سبيل الله، ومن سأل الله القتل في سبيله صادقا من نفسه ثم مات أو قتل، وعنهم يقول الصادق الصدوق صلى الله عليه وسلم:
{ مَنْ قَاتَلَ في سَبِيلِ الله فُوَاقَ نَاقَةٍ فَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ سَألَ الله الْقَتْلَ مِنْ نَفْسِهِ صَادِقاً ثُمَّ مَاتَ أوْ قُتِلَ فإنَّ لَهُ أجْرُ شَهِيدٍ ـ زَادَ ابنُ المُصَفَّى مِنْ هُنَا ـ وَمَنْ جُرِحَ جَرْحاً في سَبِيلِ الله، أوْ نُكِبَ نَكْبةً، فإنَّهَا تَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأغْزَرَ مَا كَانَتْ، لَوْنُهَا لَوْنُ الزَّعْفَرَانِ وَرِيحُهَا رِيحُ المِسْكِ، وَمَنْ خَرَجَ بِهِ خُرَاجٌ في سَبِيلِ الله عَزَّوَجَلَّ فإنَّ عَلَيْهِ طَابَعُ الشُّهَدَاءِ }(10)

- ومنهم من قال فيهم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
{ مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَقَرَأَ ثَلاَثَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْحَشْرِ، وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَاتَ شَهِيداً، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي كَانَ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ }(11) حم، عن راشد بن حنيش رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ). جامع الأحاديث والمراسيل
(1) عن راشد بن حنيش رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ). جامع الأحاديث والمراسيل.
(2)مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
(3)تبةَ بنِ عبدٍ مسند الإمام أحمد ورواه الطبراني في الكبير
(4)ى الكبير عن ربيع الأَنصاري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ).جامع الأحاديث
(5) بن عتيك مسند الإمام أحمد وسنن أبي داوود.من حديث طويل
(6)ر ، عن أَبي عُبَيدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) جامع الأحاديث والمراسيل.
(7)أبو داود. (الترغيب والترهيب عَنْ [أُمِّ حَرَامٍ ] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
(8)يلمي عن أَنَسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ (جامع الأحاديث والمراسيل وكنز العمال)
(9)صحيح مسلـم » عن أنس رضي الله عنه (كتاب الأذكار)
(10)َاذَ بنَ جَبَلٍ ، سنن أبي داوود
(11) بن يسارٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ جامع الأحاديث والمراسيل



http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo...C9&id=86&cat=2


منقول من كتاب {بنو اسرائيل ووعد الأخرة}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجانا