في عام 2003 قام قسم الأتمتة الفائقة بجامعة ألينوي ببناء (سوبر كمبيوتر) من خلال شبك وتجميع 70 جهازاً من "بلاي ستيشن2".. تدخلت حينها وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لتدمير الجهاز الذي لم تزد تكلفته عن خمسين ألف دولار مقابل 47 مليون دولار لكمبيوتر بنفس القدرات تملكه هي..وكان جهاز البلاي ستيشن (حينها) بمثابة قفزة تقنية متقدمة لدرجة ضغطت أمريكا (قبل هذه التجربة) على شركة سوني لمنع تصديره إلى العراق وكوريا الشمالية.. فرغم أن الجهاز مصمم للترفيه المنزلي إلا أنه كان يمكن تحويره - حسب البنتاغون - للأغراض العسكرية واستعماله لتوجية الصواريخ والقاذفات والمهام العسكرية.وبعد خفوت هوس الإرهاب (الذي تلا تفجيرات سبتمبر) ظهرت أجهزة أقوى حتى من بلاي ستيشن بنسخه التالية 3 و4 و5... ورغم أن شركة سوني استسلمت للضغوط وأجرت تعديلات على موديلاتها اللاحقة (بحيث يصعب تجميعها اليوم كدماغ واحد) اتضح أيضاً أن تفوق أي جهاز لا يعني بالضرورة قدرة الشعوب المتأخرة على تغييره بطريقتها!وكانت وزارة الدفاع الأمريكية بعد تفجيرات سبتمبر قد اتهمت لعبة تلفزيونية (نسيت اسمها الآن) بتدريب الإرهابيين على الطيران فوق نيويورك. وهي لعبة محاكاة تنتجها شركة ميكروسوفت تتضمن الطيران فوق مباني نيويورك والتجول بينها (وتتضمن إمكانية ضرب مبنى التجارة الدولي والامباير ستيت).. كما أعربت عن قلقها من وجود أجهزة الكترونية أخرى يمكن انتزاع برامجها وأنظمة التوجيه فيها واستعمالها من قبل "الإرهابيين" لتوجيه الصواريخ أو إسقاط الطائرات!الطريف فعلاً أن ضجة مماثلة أثيرت حول مكنسة تعمل لوحدها أنتجتها سامسونج قبل بضع سنوات.. صحيح أن المكانس ذاتية الحركة أصبحت شائعة اليوم ولكن المشكلة في مكنسة سامسونج أنها كانت تستعمل تقنية ملاحية مقصورة فقط على صواريخ كروز المشهورة - الأمر الذي مكنها من تتبع حتى حبة الأرز تحت الكنبة!أيضا سبق للبنتاجون أن طلب من شركة جوجل أن (ترى حلاً) لاستعانة المجموعات الإرهابية بنظام "جوجل إيرث" لكشف المواقع الخاصة بها في العراق وأفغانستان (ولا أعتقد شخصياً أنها وجدت حلا لهذه المشكلة العويصة).المدهش أن وزارة الدفاع الأمريكية لا تكسب دائماً هذا النوع من المعارك.. فقد سبق وتخلت هي ذاتها عن اختراعات خاصة بها (مثل شبكة الإنترنت وأنظمة التوجية وتحديد المواقع ال GBS) أما بسبب انتشارها أو لأنها أصبحت تملك تقنيات أفضل. فالبنتاغون مثلاً أول من وصل كمبيوتراته بشبكة داخلية خاصة به انتشرت لاحقاً خلف جدرانه (نعرفها اليوم باسم انترنت).. كما أن أنظمة التوجيه الفضائية كانت في البداية حكراً على الصواريخ البالستية قبل أن يتركها للاستخدام التجاري.أما نظام تحديد المواقع فبدأ عام 1960 فبفضل أقمار اصطناعية خاصة بأسطول الولايات المتحدة.. وحين أسقط الروس طائرة الركاب الكورية عام 1983 (بعدما دخلت مجالهم الجوي بالخطأ) أصدر الرئيس رونالد ريغان قراراً بجعل نظام الGBS متاحاً للاستخدام المدني.. وفي عام 2000 تخلى البنتاغون نهائياً عن نظام توجيهه العسكري (لصالح النظام المدني) الأمر الذي رفع دقة هذا الأخير من دائرة قطرها 100 متر الى 10 أمتار فقط!واليوم أيها السادة:كلما تهت في شوارع جدة أو الرياض وألجأ لنظام تحديد المواقع (وأصل إلى هدفي بدقة) أتساءل عن طبيعة التقنية الجديدة التي جعلت البنتاغون يتخلى لعامة الناس عن نظام الGBS الرائع! أتُراهم أصبحوا يعرفون تفاصيل منازلنا من الداخل؟ أتُراهم لهذا السبب أصيبوا بالرعب من مكنسة سامسونج!؟


جريدة الرياض ( فهد عامر الاحمدي )