بسم الله الرحمن الرحيم








الحصـــــــاد العلقــــــــــــم !!
لقد أخطأت في الحسابات .. وكنت أسقي الشجرة الخاطئة .. وبذلت جهداَ لأوجد شيطانا مارداَ .. خدعتني مظاهر الغلاف حيث فقدت الحكمة عند الاختيار .. وقد أعمى الشغف عيني فتسلقت الأوهام قبل التأكد من حدة الأشواك .. وغافلتني اللوعة والشفقة حين حجبت عني أسرار المحتويات .. وما كان يضير لو أنني أخذت جولة عقل وإمعان بين الصفحات .. لعرفت الحقيقة قبل الوقوع في شباك الندم والحسرات .. ولاكتشفت أسرار الورود التي تفقد روعة النضار وتفقد حلاوة العبق والنفحات .. لقد أعمتني مظاهر الواجهة بالانبهار .. ذلك الدلال وذلك الابتذال وذلك الاختصار وذلك الاخضرار .. فتجرأت بالإقدام قبل التمعن في الهوية والعنوان .. وركبت فرس الهوى متعجلاَ أعمى في ذلك المشوار .. حتى تجمدت عندي حواس الحكمة وتعطلت لغـة الحوار .. والخطأ الجسيم أنني أحسنت النية في نوازل الأمطار .. وكنت أحسبها طيبة مخلصة تخلو من الأخطار .. وما كنت أدري بخبايا الحمم في أكباد الأغوار .. فهذه الدنيا في طيها الكثير والكثير من الأسرار .. وقلبي قد تعود الطيبة وتعود أن يتمادى مغمض العين كالأعمى الذي يفقد نعمة الإبصار .. وتلك البراءة والطيبة تقتل الظباء حين تنام مطمئنةَ العين والذئاب بالجوار .. وأنا مددت المدد بنيه الصدق والوفاء وبذلت الكرم بفيض الأنهار .. وتلك يدي كانت مخلصة تمد اللقمة بإخلاص ولكنها نالت العضة حين أطعمت فاهاَ يترصد بالغدر والإضمار .. ثم كانت الطامة الكبرى حين سقط جدار الهيبة والاتزان في هاوية الاحتقار .. وعندها أفاق القلب من غفلة حجبت عنه الحقيقة كالجدار .. فكان لا بد من وقفة جازمة تعيد العزة لنفس طاشت في هاوية الانبهار .. والاحتفاظ بماء الوجه واللجوء لمنبر العزة والوقار .. وذلك القلب قد تراجع منكسراَ يفقد الخاطرة ويقبل العثرة بالاعتراف والإقرار .. فنادى بالخصام مجاهراَ ثم القرار تلو القرار .. وذلك الإقدام والجرأة بالصد والهجران دون أثر للغفران .. والابتعاد عن سواحل الموت بالركض والفرار .. فقالوا : عجباَ وما الجدوى وقد فات الأوان ؟! .. وتلك الشجرة أصبحت عملاقة تتحدى قوة السلطان .. وبقاءك أو فرارك هراء لا يملك الأثر في الحسبان .. فبكيت لأني تماديت في مشوار لا يليق بالفرسان .. وحصدت الندامة لأني أوجدت شجرة ثمارها تحرق الوجدان كحمم البركان ! .
( الخاطرة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد