بسم الله الرحمن الرحيم





ضحكـــــــة فــــي العمـــــر مــــــرة !!
( الخاطرة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( الخاطرة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
ضحكة قد تكون الأولى والأخيرة .. حيث الجرأة لكاتب يبستم في ساحات المشانق .. وتلك الأقلام تتهشم وتتحطم تحت أقدام الشهداء بجرم المداد .. والأوراق تتمزق فوق الأرض بفعل ذلك السليط الساخط الغاضب .. والموت هو ذلك الرسول الذي يغلق باباَ من دونه المتاعب .. والسؤال هو : هل الموت أسبابه الجوع أم الظمأ أم الكبت لأنفاس تريد البوح والتغريد بأناشيد الحرية للأجيال والأحباب .. وقد تلجم الأنفاس بقسوة حتى نفاذ الرمق وإسدال الحجاب .. وقد يكون الموت من أسبابه ذلك الجدل لحروف تطال سليطاَ لا يطيق بكاء الأرامل والأطفال والنواحب .. ولكن مهما تكون الأسباب فالأروع في الأمر أن الموت في حوبة الأحوال يمثل عرساَ وخلاصاَ من تلك النوائب !! .. كما يمثل زغرودة فرح لنفوس تضيق بها الأحوال فتؤثر الإفلات بالموت من أيدي السجون والمشانق .. نفوس تعانق الموت بالأحضان والأفراح ثم تضحك طرباَ حين تدنو الخلاص .. ولكنها قد تكون الضحكة الأولى والأخيرة .. وعندها تزال ستائر الظلام في غرف التعذيب .. كما تزال القيود من حول المعاصم لتتراخى السواعد وتعانق الثرى .. ثم تلك الأجساد الطاهرة تفترش الأرض باشتياق ونهـم بعد طول الوقفة والعناء والعـذاب .. ليعقبها ذلك السكون والوجوم حين تخمد تدفقات المداد وتغلق صفحات الكتاب .. وبعدها تتمثل أبدية الصمت في عالم القبور والدثور .. ثم المزيد والمزيد من ساحات الخضوع والركوع .. فتلك الأيادي كم تجيد البطش في الظلام !.. وكم تعشق الكبت حين تخرس الألسن من الكلام !.. فهي كالعادة تجيد تعمير القبور ولا تجيد تعمير الزروع والضروع .. فماذا أفاد صمت القبور تلك الأمم والشعوب ؟.. أجيال وأجيال ترحل عن هذه الدنيا تحت ويلات القمع والإخراس والتكميم .. أقلام تبدأ الجملة في الحياة لتختمها في القبور ! .. لتبقى السيرة مجهولة في ذمة الملكين باليمين والشمال .. فيا عجباَ من قوة ضاربة طائشة تملك العدة والسلاح براَ وجواَ وبحراَ ثم تخاف وترجف من ويلات المداد !! .. فما السر في حروف لا تملك إلا قول الحقيقة كما لا تملك إلا إنارة الدروب بالإفصاح ؟ .. أيعقل أن تكون سنة اليراع أشد فتكاَ من قاذفات الصواريخ والراجمات ؟!! .. فيجيب أهل الحكمة بالقول أن القلم رغم التواضع والهزال قد يسقط هيبة الجبال !! .. وتلك معجزة حين تزلزل الحروف قلاعاَ حصينة كم تقاوم ألوان النوازل من ويلات المدافع والطائرات .

( الخاطرة للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
ــــــ


الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد