بسم الله الرحمن الرحيم










التفكيـــــر بالصــــوت المسمــــوع !!
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
هي أحلام تراود الأذهان .. وأمنيات تجيش في الصدور ،، مع الإقرار بضحالة واستحالة الحيل والإمكانيات ،، تدخل عادة في إطار أحاديث النفس مع النفس .. والنفوس قد تحدث الذات ليلاَ ونهاراَ بتلك الأماني العديدة منها : ( لو فعلت كذا لكان كذا ،، ولو كنت أملك كذا لكان كذا ،، ويا ليت لنا مثل ما للآخرين من كذا وكذا !! ) ،، وتلك هي أحاديث النفس المتواترة التي تدخل في خانة المطالب المدعومة بالفطرة .. وهي مطالب ملحة مضطربة .. يقال عنها سلاح المستضعفين في الأرض .. حيث النوايا والأقوال التي لا تصاحبها الأفعال .. ولا تقع في أرض الواقع .. فهي أمنيات عادةَ تسبح في بحار الخيال والأوهام .. ولا تستند على قواعد العزيمة والتخطيط والتنفيذ ،، ولو تحققت تلك الأمنيات التي تجيش في صدور الناس في أرض الواقع لاختلفت معالم الأرض بين ليلة وضحاها ! .. ولكن تلك هي سنة الأحلام الروتينية في سرائر الناس .. وهي التي تصاحب الأعمار منذ المولد وحتى مشارف القبور ،، أمنيات جلها مهدورة مع الرياح تماثل مسقطات الأرحام من الجنين ،، مجرد تطلعات وأحلام تسقطها فتحات المناخل لعدم توفر الحظوظ ولعدم الجدية والحرص والاجتهاد .. والقلة منها فقط هي التي تنال خيار المناخل لترى النور في أرض الواقع .. وفي خانة تلك القلة يتنافس المتنافسون من أهل الحظوظ .. وهم هؤلاء الذين يدخلون في مشيئة الأثرياء .. وفي مسارات الحياة للفقراء أمنيات الإثراء طوال الأعمار .. كما أن للأغنياء أمنيات التطلع والمزيد طوال الأعمار ،، فتسقط أمنيات الفقراء في الغالب الأعم مصحوبة بالخيبة والتخاذل ،، أما أمنيات الأغنياء فهي تلك النافذة المتواجدة بمشيئة الأقدار ،، ولا تلام الأقدار في مشيئتها .. لأنها تبذل لهؤلاء لحكمة يعلمها الله .. وكذلك تمسك عن هؤلاء لحكمة يعلمها الله ! ،، وتلك الحكم هي التي تعطل حرص الحريص مهما يطال بالاجتهاد .. ولذلك يقال في الأمثال الشعبية : ( الدنيا لا تعطي كل حريص ! ) ،، ورب أبله غشيم ضحل التفكير تكون حظوظه من معطيات الدنيا أكبر من ذلك الحريص الواعي القدير ،، ثم أن تلك الأيام تتداول بين الناس لتغربل المستحقات حسب المقادير المكتوبة في الأزل .. ولتؤكد نهايات المآل والمصير ،، وفي نهاية المطاف تقع الطامة الكبرى عندما تسقط مباهج الحياة برمتها ويرحل الجميع عن هذه الدنيا خالي الكفوف إلا تلك المعية مع الأكفان !! ،، عندها تطوى أحلام الحالمين وتموت رغبات الراغبين وتنتهي مواسم الزاهدين .. والكل يمتطي فرس الموت في حيرة وهو يجاهر بالذهول ،، مرحلة يتجلي عندها المحك والحساب ! .. حيث تتمحور الدوائر حول أوراق الامتحان والابتلاء !! ،، فتلك هي الأعمال التي كسبتها الأيدي .. وتلك هي الموازين التي تفاصل بين الحسنات والسيئات !!.. فرب نائل فائز حائز شبع من خيرات الدنيا ومباهجها ثم يشتكي من طول الحساب وكثرة العثرات .. ورب فقير معدم يحمد الإله على المآل حيث يحاسب حساباَ يسيراَ وينقلب إلى أهله مسروراَ ،، عندها تتجلى حكم الأقدار حين تعطي وحين تمسك !! .. وهنا تجدر الإشارة بأن الأحكام ليست مطلقة على عواهنها .. فقد ينال صاحب الحظوظ قدراَ من الفوز في الدنيا وفي الآخرة .. وذلك حين يسخر مباهج الدنيا في طاعة الله .. كما أنه قد ينال ذلك الجزاء والعقاب في الدنيا والآخرة حين يسخر تلك المباهج في غضب وسخط الله .. والأمر كذلك ليس مطلقاَ في حق الفقراء والمساكين .. فقد ينالون الرضا والفوز بالدنيا والآخرة حين يرضون بالمقسوم لهم بمشيئة الأقدار .. كما قد ينالون سخط وغضب الله عندما يحتجون على المقادير والمستحقات المكتوبة لهم .. حيث يلعنون الحظوظ ويلعنون الظروف التي أوجدتهم فوق وجه البسيطة .. وعندها تقع الكبيرة .. وهي الاحتجاج على الله .. ونسأل الله العلي القدير أن يبعـدنا وإياكم من لحظة تذمر واحتجاج على المشيئة والأقدار .


( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )

ــــــــ


الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد