بسم الله الرحمن الرحيم




المظاهــر التـي تحجــب الحقائــق !!
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
لا تعتقدوا جازمين وحازمين أبداَ .. ولا تحكموا تواكلاَ على الظواهر .. فإن مجريات العصر عجيبة وغريبة ! .. وتلك الثوابت التي تتراءى للأعين قد تكون رخوة كاذبة بالقدر الذي يخدع النبهاء ناهيك عن البلهاء .. والكلمات التي تسمعها الآذان قد تكون مصنوعة ملفقة منمقة من ورائها المقاصد والنوايا والمآرب .. والأفعال في الظواهر قد لا تطابق المكنون في السرائر .. والنعوت في هذا العصر قد تكون خادعة لا تطابق أصحابها جملةَ وتفصيلاَ .. فنعوت الأنبياء قد يرائي بها الفساق والأشقياء والسفهاء .. كما أن نعوت الفجار والكفار والعصيان قد تلصق افتراءَ بالصالحين والأتقياء .. زمن فيه المعاني والمسميات مغايرة لا توافق الجواهر .. وفيـه الحقائق تختفي خلف أغطية المكائد .. والتعتيم سمة تجعل الصدق والإخلاص حلم مستحيل المنال .. فلا تشفق على مقتول فقد يكون عند الحقيقة قاتلاَ مجرماَ سفاكاَ للدماء .. كما لا تلوم قاتلاَ فقد يكون عند الحقيقة مرغماَ مجبراَ على قتل الأبرياء والأنبياء !! .. عصر فيه الواجهات تغطي على براهين الحقائق .. وفيه تتلون مكنونات الصدور والأفئدة والضمائر .. وفيـه تكون المظاهر خادعة غير تلك الجواهر .. فالذي يدعي الإخاء قد يضمر الخنجر في الخفاء .. والذي يدعي العداء قد يكون بريئاَ من الأبرياء .. أحداث تبالغ في مجرياتها بقدر يخالف مناسك العقلاء .. فكم شاهدت الأعين من أطفال يقتلون ويقتلون في الأنحاء ؟!.. وكم شاهدت الأعين من أرامل والأزواج على قيد الحياة ؟!..وكم شاهدت الأعين من أدعياء للبطولة والفروسية وهم عند المحك جبناء ؟!.. وكم شاهدت الأعين من شرفاء أقـوام يتسولون في الأرجـاء ؟!.. وكم شاهدت الأعين من علماء إفتاء يفتون بسفاهة الكلمات ويتملقون الجهلاء ؟!.. وكم شاهدت الأعين من جبابرة الفسوق والنفاق ينالون الثناء والمديح والتمجيد والإشادة بالتملق والرياء ؟!.. عصر فيه العفيف النظيف الشريف كالقابض على جمرة النار في الكـف .. وفيه الغراب دليل قـوم يمر بهـم على جيف الكلاب !! .. فيا عجباَ من عصر أصبحت فيه السيادة في أكمام الغير من أهلها .. وفيـه جهلاء الأقوام يديرون عجلات الأمور بغير حيـاء ! .. وفيـه مهرة الأقوام يتخبطون في مشاوير الضياع .. وتلك المنابر تفتقد أهلها أهل المقدرات والمؤهلات والذكاء .. وشوائب النعوت وكذا سواقط الصفات تكسب أصحابها بالمكانة والثـراء .. فالسرقة والسلب والنهب والنصب والاحتيال مؤهلات مطلوبة تجلب السعادة لهـؤلاء وهؤلاء !!.. أما الصدق والأمانة والنزاهة والعفة والكرامة فهي مؤهلات مرفوضة تجلب الويلات لأصحابها الفضلاء !! .. وألسنة الناس أصبحت تتمنى وتقول : ( متناقضات المحاسن هي المطلوبة والنافذة في هذا العصر لكسب السيادة والأموال والسرعة في الإثـراء !! ) .. صور مقلوبة ومعكوسة ولكنها مطلوبة بشراهة وشغف في عصر العجائب !! .. وكل من يجتهد في تعديل تلك الصور المعكوسة يحارب ويطارد حتى يستكين لواقع الأحوال .. وإذا عاند وأطال الجدال ينفى من الأرض ثم يكون في زمرة الظالمين للأنفس .. فهو في عرف أهـل العصر إنسان يدخل ضمن شائبة الذين يتطهرون ! .. شائبة هي في أصلها شريفة وطاهرة ونقيـة وعفيفة ونبيلة ولكن يا ليت القوم يعلمون ! .

( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
ــــــ


الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد