بسم الله الرحمن الرحيم












الباحـث عـن موضـع بيـن القبـور !!
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )


( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
لقد تيقن أن الأوتاد لا تملك الجذور .. وأن الثوابت لا تملك الديمومة .. وأن الأحوال كالرياح تعشق السفر والترحال .. ودوام الحال من المحال .. وأن الإفراط في حب البقاء غفلة الغافلين .. وأن الإعمار من أجل الخلود والأبدية حماقة الحمقى .. وحركة الكون لا تعرف السكون والبقاء والخلود إلى الأبد .. فتلك الجبال رغم ثباتها وجمودها تترقب اللحظة لتكون كالعهن المنفوش .. وتلك السموات والأرض تنتظر اللحظة لتكون مطويات باليمين .. فالتبدل والتحول والزوال هي السنة المفروضة في هذا الكون .. فكيف لابن آدم أن يطمئن ثم يجاهر بالتحدي والإنكار والإلحاد ؟؟ .. ثم يكون ذلك الجدل العقيـم ؟!.. يتجاهل المصير ويتغافل عن المـرد ؟!.. يتمسك بالزائل الراحل ويستميت من أجل المفقود !!.. وهو ذلك الإنسان الموهوم الذي يتعاظم بالإكبار .. ويتفاخر بالزهو .. ويجادل بالفلسفة المختلقة من أعماق الخيال .. ويؤمن بتلك الأفكار الجدلية التي لا تلتقي مع الحقائق .. ويقتدي باجتهادات البشر رافضاَ فضائل الوحي من السماء .. ويدعي قـوة الشأن عقلاَ ومهارةَ .. كما يدعي كمال المعرفة والفهـم .. وعند المحك نجـد أن مقداره وحجمه وسطوته أدنى من قشة تتلاعب بها الرياح .. فهو ذلك القزم الذي يفقد مقومات البقاء والثبات .. دائماَ يأمل في طول البقاء ويتجاهل يوم اللقـاء والحساب .. يستبد كثيراَ ثم يجاهر بالكفر والعصيان .. ولا يرى أن في الكون ربـاَ يملك الشئون والأقدار .. كما يتعاظم تيها وضلالاَ وهـو يشرك بالواحد القهار .. فكيف لعاقل فطن أن ينكر الخالق ويبالغ في الإنكار ؟!.. وكيف لمخلوق تذيبه لفحة الحـر أن يستهين بقسوة الشواء يوم القيامة بالنـار ؟! .. فيا عجباَ من غافل مغرور يجاهر بالتيه والغي والضلال وهو في محنـة الابتلاء والامتحان ! .. والإنسان فوق وجه الأرض صنفان .. صنف يمتطي أفراس الحكمة ويدور حريصا حول أسوار القبـور .. وهو في العمق يدرك جيداَ أن المصير ينتهي عند تلك الجحـور .. يرجو النجاة من هول الابتلاء والامتحان يوم الحساب .. ولا تفارقه أبداَ سيرة المـوت كما لا تفارقه لحظة الإقبار ! .. وهنالك تلك الدنيا التي تشده دوماَ وتبعده عن سيرة الموت والآخرة .. فإذا به يجاهد النفس لتدور حريصة حول حمى الموتى والقبور .. فيتقي ويلات الامتحان باللجوء لشرعة الرحمن .. يعبد الله مخلصاً له الدين ولا يشرك به أحـداَ .. وصنف آخر يجد الدنيا هي غايـة الهـم ومبلغ العـلم .. فهو ذلك الغافل المغرور الذي يرى الدنيا نهاية المطاف ! .. كما يرى أن السانحة تتاح للإنسان فقط مرة واحدة في مسار التواجد في الكون ! .. وفي اعتقاده أن الإنسان توجده الصدفة حين يقدم للحياة .. كما تأخذه الصدفة حين يرحل بالموت ! .. حيث المصير من التراب إلى التراب !.. دون أن تكون له تبعات في الماضي قبل الحياة .. أو تكون له تبعات في الآتي بعد الممات .. وفي اعتقاده الجازم أن الأمر ينتهي بمجرد الإقبار !! .. وعليه فهو يجتهد ليلاَ ونهاراَ لينتهز الفرص المتاحة في تناول كل مباهج الدنيا وشهواتها .. فهو كالأنعام يعيش اللحظات بعيداَ عن الترقيات الروحية العالية .. حيث الاندماج بأثقال المادة الدونية دون التحليق في عوالم الروح والتسامي .. ودون الإبحار في عوالم الأنوار الربانية ثم الالتحاق بركب الملائكة .. وشتان بين صنف وصنف !! .. يهدي الله من عباده من يشاء ويضل من يشاء .. زمـر من عباد الله هم الأصفياء الذين يستحقون تلك الدرجات من التكريم وحسن الجزاء .. ثم الخلود الأبدي في جنات عرضها السموات والأرض .. وزمـر أخرى من خـلائق الله هم هؤلاء الخبثاء الذين يؤثرون الحياة الدنيا ويحاربون الله .. ويفنون الأعمار في الشرك والإلحاد والمعاصي والموبقات .. والعياذ بالله .. ثم يستحقون بذلك أشد العقاب حيث الخلود في النار يوم الحساب .

( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
ــــــــ

الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد