بسم الله الرحمن الرحيم








تداعـت الأخلاقيـــات في عــالم اليــوم !!
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
في هذا العصر العجيب من السهل جدا أن تعرف ماذا يملكون .. وأن تعرف ماذا يريدون .. وأن تعرف ماذا يرغبون .. وأن تعرف ماذا يشتهون !!.. والأخطر من ذلك أن الأمر يتعدى البديهيات لتعرف المحظورات والممنوعات التي ترد إليك قسرا وجبراَ ! .. حيث معالم الجسم الممنوع المستور تحت الأستار !.. والناس بطريقة عجيبة تعطي أسرارها للراغبين وغير الراغبين .. الآلاف والآلاف من فئات العمر تعرض ذاتها بطريقة جريئة لم تكن معهودة في سلوكيات البشر من قبل ! .. فتلك الأنثى في عالم الأهواء قد تخطت سياج الحياء والاستحياء المعهودة في حـواء .. كما تخطت سياج الحشمة والوقـار .. ثم حطمت كل فواصل الحد التي كانت تحفظ مياه الوجوه !.. وذلك الرجل في عالم الزيف والسقوط ليس بذلك الرجل الكامل السوي المستقيم .. وقد تخطى أسوار القيم والمقامات الكريمة .. تلاحقك أسرار الناس رغم أنف الحيطة والحذر .. ورغم الركض والابتعاد .. فتلك أروقة البريد الإلكتروني تنساب إليها الرسائل من كل حدب وصوب وهي تعج بالمئات والمئات من حروف وصور وأصوات تنادي وتفصح عن ذاتها وعن أسرار حياتها وسيرتها .. وهذا العصر يقال عنه عصر التكنولوجيا .. حيث مواقع التواصل الاجتماعي.. وحيث غرف اللقاء عبر الأثير في الشبكة العنكبوتية العالمية .. فيها يتم الاتصال رغم أنف الحادبين على أخلاقيات الشعوب والأمم .. ورغم المسافات والفصال والانفصال تجري مناسك اللقاء والالتقاء .. ثم الوقوع في حمى الإفلات والانفلات .. والناس فيها تعرض مكنونات الصدور بطريقة فاضحة تفقد مكابح الحشمة والوقار .. ثم رغبات ومكنونات النفوس التي تنادي وتلح بطريقة يندي لها الجبين .. فيا لها من مغريات ويا لها من معروضات !! .. والكل بشغف شديد يريد التعرف إليك وإلى سيرتك الذاتية بذلك القدر الملح المجنون .. كما أن الكل يريد التحدث إليك والتواصل معك بشتى الوسائل والسبل المتاحة وغير المتاحة للخوض في الأمور الخاصة والعامة .. ثم لا تكتفي تلك الأنفس المتلهفة بالقدر الذي يقول كفى .. ولكنها تتمادى لتسبح نحو الأعمق ثم الأعمق .. ثم الطامة الكبرى حين تتقارب المدى !! .. فرغم تلك المسافات الشاسعة تكاد الأصابع أن تلامس مواضع الحرمة في أجساد الآخرين !! .. فتلك الأوصاف لمعالم الأطراف والحواس والممنوع !! .. وهنالك تتم كامل الخريطة والمواصفات لأسرار البدن !! .. ثم تلك الأنات والآهات !! .. وتلك توجسات الأنفس ورغباتها وشهواتها .. فيا للهول فإن ذلك الأثير العجيب كاد أن يجمع ذات البيـن رغـم تلك المسافات .. وكاد أن يقارب الأنفاس والزفرات !! .. وعندها الويلات للأفئدة الحائرة التي تصول وتجول في حمى الموبقات .. فتلك مكائد الشيطان الذي يقف عند الأبواب والأعتاب !! .. جدل عجيب لا يخطر على عقول الغافلين الأبرياء من بني الإنسان !! .. مغريات من كل ألوان الأعمار .. بنـات يافعات في أعمار الأزهار !!.. وفتيـات في أعمار الكمال والإبهار !!.. ونساء في أعمار العقل والكبار !!.. ثم ذلك الحوار تلو الحوار !! .. والعطاء من الأسرار بذلك المقدار !!.. همسات وغمزات ثم لمسات عبر الأثير والأقمار !! .. حتى كادت الأنفس أن تقول خذوني بقوة أيها الناس في الأحضان !! .. ثم أجعلوني نمطاَ يقبل المـد والانحصار !! .. بعدها تتجلى أخيراَ ملامح اللحظة الحاسمة التي تنادي بالرشفة الكبرى تحت الستار !! .. فيا أسفاَ على لحظات تنهار فيها أخلاقيات الأمم وتسقط فيها الفضائل والمقامات .. ويا أسفاَ على أناس وأقوام تخوض ليلاَ ونهاراَ في حياض الأوحال .. وقد تداعت قلاع الأخلاق في عصر الابتكارات .. وتبدلت معاني الحشمة في إنسان ينادي بمنكر العادات والشعارات .. ذلك الإنسان الذي يبرر الجرأة في تخطي مفاهيم الماضي والأديـان والحضارات .. ومن العجيب أن نرى في تلك المنابر أيضاَ صغار الأعمار الذين يجاهرون بجرأة الكبار .. ويتعاطون بالألسن والحروف كل ألوان الفواحش والموبقات .. ويتواجدون في مواقع التواصل آناء الليل وأطراف النهار .. ثم اليافعات الماهرات تلك الزمر التي تجيد الأخذ والرد بالقدر الذي يخرس الفطاحل الكبار !! .. قاصرات سافرات تتحدين الأخريات اللاحقات بالقدر الذي يوجب الشجب والإنكار !! .. فأي عصر هذا العصر الذي يبيح وبنادي بالرغبة والشهوة لكل ألوان الأعمار بمنتهى الاستهتار ؟؟.. وأية حضارة تلك الحضارة التي تبرر الموبقات بفرية التقدم والتحرر والازدهار ؟؟ .
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
ـــــــ

الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد