تغيـيـر خلـــــق اللــــــــــه


الغلو في الزينة بتغيير خلق الله

قد رفض الإسلام الغلو في الزينة إلى الحد الذي يفضي إلى تغيير خلق الله، الذي اعتبره القرآن من وحي الشيطان، الذي قال عن أتباعه: (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) سورة النساء:119.





تحريم الوشم وتحديد الأسنان وجراحات التجميل

ومن ذلك وشم الأبدان، ووشر الأسنان، وقد "لعن الرسول عليه الصلاة والسلام الواشمة والمستوشمة، والواشرة والمستوشرة".

أما الوشم ففيه تشويه للوجه واليدين بهذا اللون الأزرق والنقش القبيح، وقد أفرط بعض العرب فيه -وبخاصة النساء- فنقشوا به معظم البدن. هذا إلى أن بعض أهل الملل كانوا يتخذون منه صورا لمعبوداتهم وشعائرهم، كما نرى النصارى يرسمون به الصليب على أيديهم وصدورهم.

أضف إلى هذه المفاسد ما فيه من ألم وعذاب بوخز الإبر في بدن الموشوم.

كل ذلك جلب اللعنة على من تعمل هذا الشيء (الواشمة) ومن تطلب ذلك لنفسها (المستوشمة).

وأما وشر الأسنان، أي تحديدها وتقصيرها، فقد لعن الرسول صلى الله عليه وسلم المرأة التي تقوم بهذا العمل (الواشرة)، والمرأة التي تطلب أن يعمل ذلك بها (المستوشرة). ولو فعل رجل ذلك، لاستحق اللعنة من باب أولى.

وكما حرم الرسول وشر الأسنان حرم التفلج، "ولعن المتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله".

والمتفلجة هي التي تصنع الفلج أو تطلبه، والفلج: انفراج ما بين الأسنان، ومن النساء من يخلقها الله كذلك، ومنهن من ليست كذلك، فتلجأ إلى برد ما بين الأسنان المتلاصقة خلقة، لتصير متفلجة صناعة، وهو تدليس على الناس، وغلو في التزين تأباه طبيعة الإسلام.

وبهذه الأحاديث الصحيحة نعرف الحكم الشرعي فيما يعرف اليوم باسم "جراحات التجميل" التي روجتها حضارة الجسد والشهوات -أعني الحضارة الغربية المادية المعاصرة- فترى المرأة أو الرجل ينفق المئات أو الآلاف، لكي تعدل شكل أنفها، أو ثدييها أو غير ذلك. فكل هذا يدخل فيمن لعن الله ورسوله، لما فيه من تعذيب للإنسان، وتغيير لخلقة الله، بغير ضرورة تلجئ لمثل هذا العمل إلا أن يكون الإسراف في العناية بالمظهر، والاهتمام بالصورة لا بالحقيقة، وبالجسد لا بالروح.

"أما إذا كان في الإنسان عيب شاذ يلفت النظر كالزوائد التي تسبب له ألما حسيا أو نفسانيا كلما حل بمجلس، أو نزل بمكان، فلا بأس أن يعالجه، ما دام يبغي إزالة الحرج الذي يلقاه، وينغص عليه حياته، فإن الله لم يجعل علينا في الدين من حرج".

ولعل مما يؤيد ذلك أن الحديث لعن "المتفلجات للحسن" فيفهم منه أن المذمومة من فعلت ذلك لا لغرض إلا لطلب الحسن والجمال الكاذب، فلو احتاجت إليه لإزالة ألم أو ضرر، لم يكن في ذلك بأس. والله أعلم.



ترقيق الحواجب

ومن الغلو في الزينة التي حرمها الإسلام النمص، والمراد إزالة شعر الحاجبين لترفيعهما أو تسويتهما، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النامصة والمتنمصة". والنامصة، التي تفعله، والمتنمصة التي تطلبه.

وتتأكد حرمة النمص إذا كان شعارا للخليعات من النساء.

قال بعض علماء الحنابلة: يجوز الحف (يقال: حفت المرأة وجهها: أي زينته بإزالة شعره) والتحمير والنقش والتطريف إذا كان بإذن الزوج لأنه من الزينة، وشدد النووي فلم يجز الحف، واعتبره من النمص المحرم. ويرد عليه ما ذكره أبو داود في السنن: أن النامصة هي التي تنقش الحاجب حتى ترقه. فلم يدخل فيه حف الوجه وإزالة ما فيه من شعر.

وأخرج الطبري عن امرأة أبي إسحاق أنها دخلت على عائشة، وكانت شابة يعجبها الجمال، فقالت: المرأة تحف جبينها لزوجها؟ فقالت: أميطي عنك الأذى ما استطعت.


( والصحيح في هذا الأمر أن المرأة المسلمة لا تقترب من وجهها ولا تحفه إلا إذا كان يخرجها عن أنوثتها كظهور الشعر مثل الرجال بالذقن والخدين )

والضرورة بقدرها ... وإنما الاعمال بالنيات


وصل الشعر

ومن المحظور في زينة المرأة كذلك، أن تصل شعرها بشعر آخر، سواء أكان شعرا حقيقيا أم صناعيا، كالذي يسمى الآن "الباروكة".

فقد روى البخاري عن غيره عن عائشة وأختها أسماء وابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة" والواصلة هي التي تقوم بوصل الشعر بنفسها أو بغيرها، والمستوصلة التي تطلب ذلك.

ودخول الرجل في هذا التحريم من باب أولى، سواء أكان واصلا كالذي يسمونه "كوافير" أو مستوصلا كالمخنثين من الشباب (كالذي يسمونهم الخنافس).

ولقد شدد النبي صلى الله عليه وسلم في محاربة هذا النوع من التدليس، حتى إنه لم يجز لمن تساقط شعرها نتيجة المرض أن يوصل به شعر آخر، ولو كانت عروسا ستزف إلى زوجها.

روى البخاري عن عائشة أن جارية من الأنصار تزوجت، وأنها مرضت فتمعط شعرها، فأرادوا أن يصلوها، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لعن الله الواصلة والمستوصلة".

وعن أسماء قالت: سألت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي أصابتها الحصبة، فامرق شعرها، وإني زوجتها، أفأصل فيه ؟ فقال: "لعن الله الواصلة والمستوصلة".

وعن سعيد بن المسيب قال: قدم معاوية المدينة آخر قدمة قدمها، فخطبنا، فأخرج كبة من شعر. قال: "ما كنت أرى أحدا يفعل هذا غير اليهود، إن النبي صلى الله عليه وسلم سماه الزور، يعني الواصلة في الشعر". وفي رواية أنه قال لأهل المدينة: أين علماؤكم ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه ويقول: "إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم".

وتسمية الرسول صلى الله عليه وسلم هذا العمل "زورا" يومئ إلى حكمة تحريمه، فهو ضرب من الغش والتزييف والتمويه، والإسلام يكره الغش، ويبرأ من الغاش في كل معاملة، مادية كانت أو معنوية، "من غشنا فليس منا".

قال الخطابي: إنما ورد الوعيد الشديد في هذه الأشياء، لما فيها من الغش والخداع، ولو رخص في شيء منها لكان وسيلة إلى استجازة غيرها من أنواع الغش، ولما فيها من تغيير الخلقة، وإلى ذلك الإشارة في حديث ابن مسعود بقوله "المغيرات خلق الله".

والذي دلت عليه الأحاديث إنما هو وصل الشعر بالشعر، طبيعيا كان أو صناعيا، فهو الذي يحمل معنى التزوير والتدليس، فأما إذا وصلت شعرها بغير الشعر من خرقة أو خيوط و نحوها، فلا يدخل في النهي.

وفي هذا جاء عن سعيد بن جبير قال: "لا بأس بالقرامل". والمراد به هنا: خيوط من حرير أو من صوف تعمل ضفائر، تصل به المرأة شعرها، وبجوازها قال الإمام أحمد.





صبغ الشيب

ومما يتعلق بموضوع الزينة صبغ الشيب في الرأس فقد ورد أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى يمتنعون عن صبغ الشيب وتغييره، ظنا منهم أن التجمل والتزيين ينافي التعبد والتدين، كما هو شأن الرهبان والمتزهدين المغالين في الدين، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن تقليد القوم، واتباع طريقتهم، لتكون للمسلمين دائما شخصيتهم المتميزة المستقلة في المظهر والمخبر. روى البخاري عن أبي هريرة انه صلى الله عليه وسلم قال: "إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم". وهذا الأمر للاستحباب كما يدل عليه فعل الصحابة، فقد صبغ بعضهم كأبي بكر وعمر، وترك بعضهم مثل علي وأبي بن كعب وأنس.

ولكن بأي شيء يكون الصبغ؟ أيكون بالسواد وغيره من الألوان، أم يجتنب السواد؟ أما الشيخ الكبير الذي عم الشيب رأسه ولحيته، فلا يليق به أن يصبغ بالسواد بعد أن بلغ من الكبر عتيا. ولهذا حين جاء أبو بكر الصديق بأبيه أبي قحافة يوم فتح مكة يحمله حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى رأسه كأنها الثغامة بياضا. قال: "غيروا هذا (أي الشيب) وجنبوه السواد". والثغامة نبات شديد البياض زهره وثمره.

وأما من لم يكن في مثل حال أبي قحافة وسنه فلا إثم عليه إذا صبغ بالسواد، وفي هذا قال الزهري: "كنا نخضب بالسواد إذا كان الوجه جديدا، فلما نغض الوجه والأسنان تركناه".

وقد رخص في الصبغ بالسواد طائفة من السلف منهم من الصحابة: سعد بن أبي وقاص، وعقبة بن عامر والحسن والحسين وجرير وغيرهم.

ومن العلماء من لم يرخص فيه إلا في الجهاد، لإرهاب الأعداء، إذا رأوا جنود الإسلام كلهم في مظهر الشباب.

وفي الحديث الذي رواه أبو ذر: "إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم". والكتم: نبات باليمن تخرج الصبغ أسود يميل إلى الحمرة، أما صبغ الحناء فأحمر.

وروي من حديث أنس قال: "اختضب أبو بكر بالحناء والكتم، واختضب عمر بالحناء بحتا".


ويمكن استعمال جميع الصبغات غير اللون الاسود وذلك للشعر فقط ... فلا حرمة فيها ولكن الخوف من ضرر تكرار الصبغات علي فروة الرأس .. فلا ضرر وضرار... أما بالنسبة للرسم بالصبغة السوداء علي اليدين فجائز ولا حرمة فيه ... ولكن يكون للمحارم فقط ... وتغطي اليدين عند الخروج إن كان بها نقش الحناء ..