السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا النص تفريغ كامل لمحاضرة الشيخ محمد بن صالح المنجد - الانترنت بين الدعوة والمقاهي .
ونعتذر للشيخ محمد وللإخوة القراء فلا يخلو الأمر من خطأ في النقل أو الكتابة ، ونشير إلى أن النص كتب كما ألقي في المحاضرة ما يعني أنه لا ينبغي الحكم عليه كمقال أو رسالة ولكن يبقى نص محاضرة مفرغ .
ولأهمية الموضوع نقترح على من يستطيع من الإخوة أو ممن كان قريب من الشيخ ، إعادة ترتيب وكتابة الموضوع وعرضه على الشيخ ليتم طباعته بعد ذلك كرسالة أو كتيب ومن ثم نشره .
نسأل الله أن ينفع به وأن يثيب الشيخ الفاضل محمد بن صالح المنجد على ما يقوم به من جهد وأن يجعل ذلك في ميزان حسناته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإنترنت بين الدعوة والمقاهي
الشريط الأول
إلقاء فضيلة الشيخ / محمد المنجد.
الحمد الله رب المعلمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد…
فعنوان محاضرة هذه الليلة عن موضوع عصري له خطورته الكبيرة ـ الإنترنت بين الدعوة والمقاهي .
في بداية أيلول/سبتمبر عام 1969 م تمكن جهازا حاسب آلي بينهما بضعة أمتار في كاليفورنيا من تبادل المعلومات عن طريق الهاتف ليدشن ذلك ولادة هذه الشبكة - شبكة نسيج العنكبوت - وكانت قد نشأت كفكرة في مختبرات وزارة الدفاع الأمريكية في جزء من برنامج حرب النجوم الذي يرمي إلى بناء شبكه لا يوجد بها مركز تصلح للاستخدامات العسكرية وقد قفز عدد الذين ارتبطوا بهذه الشبكة ، وتطور أمرها تطورا سريعا حتى بلغ عددهم مائة وثمانين مليون مستخدم مرتبطين عن طريق ثلاثين مليون جهاز حاسب آلي في العالم فيما أعتبره بعض الناس أهم اختراع في القرن العشرين .قال الله تعالى ( علم الإنسان ما لم يعلم ) والله سبحانه وتعالى قد جعل الإنسان في هذه الأرض خليفة يعمرها بطاعته وأعطاه من الإمكانات العظيمة في عقله ، وخلق له في الأرض أمورا ليستثمرها فمن أستثمرها في طاعة الله فطوبا له ومن استثمرها في معصيته فويل له ، إن العجب لينقضي إذا قارنا واقع هذه الشبكة ، في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو هريرة قال عليه الصلاة والسلام (لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب وتتقارب الأسواق ويتقارب الزمن ) وفي رواية ( ويقترب الزمن ويكثر الهرج) وقيل ما الهرج : قال " القتل " . رواه الإمام أحمد رحمه الله وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سمحان وهو ثقة .
وقد فسر الأئمه الماضون رحمهم الله تقارب الزمن الوارد في الحديث بقلة البركة في الوقت وسرعة انقضائه كما جاء ذلك في كلام الخطاب وبن الخطابي والثوري بن حجر وغيرهم . وفي عصرنا هذا قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في تعليقه على فتح الباري في التقارب المذكور: يفسر بما وقع في هذا العصر من تقارب ما بين المدن والأقاليم وقصر المسافة بينها بسب اختراع الطائرات والسيارات والإذاعة وما إلى ذلك والله أعلم .
ولو طبقت هذا الكلام على الشبكة لوجدته ينطبق تمام الانطباق فإن هذه الشبكة قد قربت البعيد ووصلت من قطع وجعلت آفاق العالم بين يديك وكأن هذا العالم قرية واحدة ، وأما تقارب الأسواق الوارد في الحديث فقال الشيخ العالم مسعود بن عبد الله الدخيلي رحمه الله تعالى في كتاب إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم و أشراط الساعة : وأما تقارب الأسواق الوارد فالظاهر والله أعلم أن ذلك إشارة إلى ما وقع في زماننا من تقارب أهل الأرض بسبب المراكب الجوية والأرضية والآلات الكهربائية التي تنقل الأصوات كالإذاعات والتلفونات الهوائية التي صارت أسواق الأرض متقاربة بسببها فلا يكون تغير في الأسعار في قطر من الأقطار إلا و يعلم به التجار الغالبية في جميع أرجاء الأرض فيزيدون في السعر إن زادوا وينقصون في نقص .
وهكذا فتقارب الأسواق إذا من ثلاثة أوجهه.
أولا : سرعة العلم بما فيها وسرعة السير ومقاربة بعضها بعضا في الأسعار. ومن عرف هذه الشبكة وما فيها من تقارب الأسواق في هذا الزمن لا يجد مثال أكبر على انطباق الحديث في الواقع في مسالة تقارب الأسواق أكبر مما حدث في شبكة الإنترنت . إن موقعا مثل موقع على سبيل المثال يحوي ثلاثة ملايين سلعة ، وفي مزاد عالمي على مختلف هذه السلع ، ويستطيع الإنسان أن يشتري من كثير من هذه المواقع المبثوثة على الشبكة ما شاء من السلع المختلفة بل ويعرض ما لديه وهذا الذي نراه على هذه الشبكة يعطينا دليلا واضحا على أننا في آخر الزمان وعلى أن أشراط الساعة قد تحققت فعلا ، ـ الأشراط الصغرى ـ ولم يبقى منها إلا القليل جدا ربما نحو ثلاثة أن ينحسر الفرات عن جبل من ذهب ، وبعد ذلك تنتهي الأشراط الصغرى كلها ، وتبقى الأشراط الكبرى العشرة التي ستأتي ولا مانع من تداخل بعض الأشراط الصغرى مع بعض الأشراط الكبرى كما ذكر العلماء رحمهم الله تعالى . لكن الشاهد عندما نرى تقارب الأسواق أو تقارب الزمان في شبكة الإنترنت فإننا فعلا نوقن مزيد من إثبات نبوة النبي علية الصلاة وسلام الذي اخبر عن أشياء ورأيناها قد تحققت فعلا بعد أكثر من ألف و أربعمائة سنه مثل هذه الاختراعات المبثوثة في الأرض .
ومن الأحاديث المتعلقة بإشراط الساعة التي لها علاقة أيضا بشبكة الإنترنت حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( إن بين يدي الساعة فشو التجارة ) حديث صحيح وهذه التجارة الإلكترونية الآن تكتسح بالبلايين وستقترب عام 2002م من ترليون ونصف ترليون دولار وقد قال عليه الصلاة والسلام أيضا في أشراط الساعة ( ويظهر الزنا) ورواه البخاري وفي رواية الحاكم ( وتشيع الفاحشة ) ويوجد الان في الشبكة ما لا يقل عن 400000 موقع من مواقع الدعارة والفساد تنشر الفحش والعهر والرذيلة على مستوى العالم . ومن علاقة هذه الشبكة بأشراط الساعة ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ( بين يدي الساعة يظهر الربا ) رواة الطبراني وقال المنذري : رواة الصحيح . وتجري على هذه الشبكة معاملات ربويه كثيرة جدا ومعظم البنوك العالمية قد صار لها مواقع على هذه الشبكة ، وتزداد وتنتشر. لأن إحصائياتهم ودراساتهم وحساباتهم قد أفادت بأن كلفة إجراء عملية واحدة من العمليات البنكية للعمل وجها لوجه يكلف البنك 1.07 دولار بينما يكلف إجراء هذه العمليه عن طريق الشبكة 0.1دولار الفارق كبير جدا ومعنى ذلك أنه بمرور الزمن فإنه من المتوقع أن تختفي البنوك بمعناها المفهوم المعهود من جهة تعامل الناس وربما تصبح مباني ضخمة فيها أجهزة ضخمة وأناس يشغلون هذه الأجهزة ، أما عمليات السحب والإيداع الشراء والبيع والتحويل وغير ذلك من العمليات المصرفية فسيتم عن طريق الشبكات من خلال أجهزة الناس في بيوتهم ومكاتبهم وشركاتهم ولا يحتاج أن يذهبوا إلى البنوك ، وإذا كان الربا هو الذي أسست علية هذه المصارف فان إشاعتها عن طريق الشبكة واضح جدا كما يتضح ذلك في عمليات الدفع المتزايدة بواسطة البطاقات الائتمانية الربويه كالفيزا و الماستركارد وأميركان إكسبرس وغير ذلك من البطاقات التي يسحب فيها الشخص على المكشوف بالفائدة وهي الربا ، ولا يجوز تسميتها بالفائدة إذ أي فائدة فيها وهي تستجلب لعنة الله وغضبة سبحانه وتعالى .
ومما يرتبط أيضا بهذه الشبكة من أشراط الساعة حديث النبي صلى الله علية ( ويكثر الكذب ) وهذا الحديث الصحيح الذي رواه ابن حبان . وأخبر عليه الصلاة والسلام أيضا عن أناس يعذبون في قبورهم ويشرشر شدق أحدهم إلى قفاه ومنخاره إلى قفاه يمنا وشمالا وهو الرجل الذي يكذب فتبلغ الأفاق . والان ممكن أن يكذب الشخص إلى هذه الشبكة فتبلغ المشرق والمغرب .
لقد انتشرت هذه الشبكة انتشارا عظيما وآخر الإحصائيات تقول أن عدد المشتركين على الشبكة قد بلغ 211 مليون شخص ، وهذا اكثر من الإحصائية التي ذكرناها قبل قليل والتي قد نقلت في وقت سابق ، ومعنى ذلك ، وأردت أن أبين أن الانضمام إلى هذه الشبكة يتقدم تقدما سريعا جدا وأن إقبال الناس ينمو نموا مطردا للغاية .
77% من الناس في أمريكا يقولون للمستخدمين هذه الشبكة أنهم قد استفادوا منها .
44% انهم لا يستطيعون العيش بدونها .
87% يستخدمونها للاتصال بأقربائهم وأصدقائهم .
وهذه الشبكة آخذة في الانتشار وقد دخلت في البلاد الإسلامية والعربية. هناك معوقان أساسيان يعوقان استخدام هذه الشبكة بالنسبة للبلاد العربية .
1. ضعف المعلومات الفنية لدى أفراد الناس .
2. ضعف الإلمام باللغة الإنجليزية .
هذه الشبكة أيها الاخوة في الحقيقية لها منافع كثيرة جدا ولا أريد أن أشوق أليها ولا أدعو أليها بل أنني أبين الأخطار بالإضافة إلى الفوائد. وبداية الفوائد لسبب ، هذه الفوائد كثير كما قلنا منها:
الشراء السهل.استعراض السلع طلب السلع بسهولة كالكتب وغيرها بالنسبة للباحثين والجامعين وأصحاب الرسائل وغيرهم .
التجارة عن طريق هذه الشبكة.
انخفاض أسعار المكالمات . بينما تبلغ مثلا تسعيرة المكالمة إلى أمريكا 9 ريالات في الدقيقة فعن طريق الشبكة تتصل في أميريكا في الساعة بـ 9ريالات .
وكذلك سهولة الاتصال بمراكز الأبحاث العالمية.
وكذلك إرسال البريد بسرعة هائلة .بدلا من أن يأخذ خطاب بريدي أسبوع أو أسبوعين يأخذ الآن ثواني .
مراقبة المحلات والبيوت من بعد كبير، وحتى المدارس .
سماع راديو والإذاعات عن طريق هذه الشبكة .
ومشاهدة البرامج الاستشارات الطبية النقاشات إلى تتم في قنوات الحوار.
وكذلك فان هذه الشبكة بالإضافة استخداماتهم الدنيوية يوجد لها استخدامات دينية كثيرة جدا . فما هي الاستخدامات النافعة لهذه الشبكة في مجال الدعوة إلى الله سبحانه تعالى ونشر هذا الدين ، وكيف نستفيد من هذه الشبكة في هذا المجال؟
لقد تبين لي من خلال البحث أيها الأخوة أن حضورنا الإسلامي على هذه الشبكة ضئيل جدا ، وهذا أمر مخز بالنسبة لخير أمة أخرجت للناس ، وتخلفنا العام على هذا المستوى على الصعيد العالمي ، ولا اقصد الأفراد الذين همهم الفرجة وإنما أوجه الكلام إلى الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى ومن يستطيع منهم أن يقدم شيئا لهذا الدين من أهل العلم وطلبته ، والناس الذين هم بعزل عن الفتن ، الكلام موجه إلى هؤلاء في هذا المجال ، إن الأحداث المتوالية عن الغربيين والشرقيين تثبت بما لا يجعل مجالا للشك أن هناك فراغا في قيادة العالم وان هناك افتقارا لمنهج يحققه العدل في الأرض ، إن العالم مليء بالظلم والاعتداءات والقرصنة ومليء كذلك بأمور كثيرة من الفساد والشحناء والبغضاء وشريعة الغاب التي يأكل فيها القوي الضعيف ، أنة عالم يعيش بلا ضوابط انهم أناس يسقطون تحت الانهيارات العصبية والجنون والانتحار وغير ذلك من الأشياء التي تثبت أن هناك فراغا كبير يعيشه الناس في العالم وانه لا عدل إلى بشريعة الإسلام ولا يملا هذا الفراغ إلا هذا الدين الذي نزلة الله سبحانه وتعالى ولن يستقيم أمر العالم إلا إذا سطعت عليه شمس النبوة .
وإذا كان هذا الدين رحمه للعالمين وكان الإسلام دينا عالميا نازلا من الله سبحانه وتعالى دينا ربانيا لا يقبل الله غيرة من أهل الأرض جميعنا من عربهم وعجمهم كما قال عز وجل ( ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه) ، إذا فلابد إذا اقررنا بعالمية هذا الدين وانه يجب تبليغه للعالم كافة ، لابد أن نستعمل جميع الوسائل التي تؤدي إلى تحقيق عالمية الدين ونشره في الأرض ، ولذلك قال بعض أهل العلم عن هذه الشبكة أنها وسيله عظيمة القيمة ، حجة الله على خلقه ، لا يمكن أبدا أن نكون نحن الأعلى في المنهج إذا لم تكن أيضا نستخدم الوسائل التي تؤدي إلى علوه في الواقع ، والا صارت تلك هزيمة وقعود عن نصرت هذا الدين ، ونحن مطالبون بإقامة حجة الله على خلقة والله عز وجل قال ( لتكونوا شهداء على الناس ) ، ولابد أن نشعر بأن علينا واجبا في إيصال دين الله تعالى لأنها أرض الله كافة ما استطعنا أيها الأخوة .
إن مسألة نشر الدعوة عن طريق هذه الشبكة لا مفر منه ولا يمكن العقود عنه بعد ما وجدت وقامت في العالم . إننا ببعض التخطيط والإمكانات ممكن أن نصل إلى مشاريع دعوية مفيدة جدا نقدمها لهؤلاء الناس الذين يعيشون الانطواء الروحي في الأرض الذين قد عموا ، الذين قد ملأ إبليس قلوبهم بدلا من يعمرها الأيمان . فلابد أن نشعر بالدافع لغزو هذه القلوب ومحاولة إيصال نور الإسلام أليها.
أما بالنسبة للعلوم الشرعية فإننا بحاجة إلى إمكانات ضخمة وخطط وجهات تتبنى مشاريع كبيرة لعمل قواعد بيانات واسعة في سائر لوازم الشريعة مثل التفسير والحديث والفقه والعقيدة وغيرها هذا أولا .
ثانيا نحتاج ألي محركات بحث عربية متقدمة ومتطورة لان الشبكة تفتقر إلى هذا والقليل الموجود ليس شائعا ولا يفي بالغرض .
ثالثا يمكن أن تخدم العلوم الشرعية بإيجاد قواعد البيانات التي يبحث فيها المتخصص عما يشاء من أحاديث النصوص وكلام العلماء بشكل متيسر ثم يربط الناس بدروس أهل العلم على هذه الشبكة. لأن هذه الشبكة يمكن أن يبث من خلالها دروس العلماء سواء من القصيم أو الرياض والحجاز أو الشمال أو الجنوب أو مصر و الشام و اليمن وغير ذلك ، وان توجد هنالك قنوات خاصة بالدروس العلمية على هذه الشبكة وعند ما يلقي الشيخ درسا في المسجد يبث عن طريق الشبكة آنيا وفي الوقت نفسه إلى أنحاء العالم وإذا كان هناك أناس منا قد بلغوا أجرا عظيما في ثني الركب في حلقة العلم وعند المشايخ وأهل العلم وهناك أناس محرومون من هذه النعم بسبب عدم وجود علماء لديهم ، عدم وجود من يقيم الدروس العلمية لديهم ، فإنهم يمكن أن يسلكوا سبلا يلتمسون منها علما عن طريق قنوات الدروس العلمية الموجودة على هذه الشبكة إذا وجدت فان من سلك سبيلا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريق إلى الجنة ، خامسا يجعل فتاوى أهل العلم تصل إلى الناس عن طريق الاستفتاءات التي تحدث بترتيب معين في ساعات معينه مع أهل العلم عبر قنوات الإفتاء التي يمكن أن تكون مبثوثة عن طريق هذه الشبكة سواء كان في الفترة كما يقولون على الهواء أي فورية أو كانت تدرس ويرسل الجواب للسائل .