انا مسلم
19-10-2003, 06:47 PM
الشبهة الأولى :
1- قياسه على نظام العواقل :
خلاصة نظام العواقل في الإسلام : أنه إذا جنى أحد جناية قتل غير عمد بحيث يكون موجبها الأصلي هو الدية أو القصاص ؛ فإن دية القتل توزّع على أفراد عاقلته الذين يحصل بينه وبينهم التناصر عادةً ، وهم الرجال البالغون من أهل وعشيرته ...إلخ ( حسب تفصيله في كتب الفقه ) وتهدف الحكمة فيه إلى غايتين :
1) تخفيف أثر المصيبة على الجاني المخطئ .
2) صيانة دماء الضحايا من أن تذهب هدراً ؛ لأن الجاني قد يكون فقيراً لا يستطيع التأدية فتضيع الدية .
* قال المخالفون : إن نظام العواقل لازم شرعاً بدون تعاقد ، والتأمين له نفس الغاية ، فما المانع أن يكون لازماً بتعاقد منظم ؟
* الجواب عليه :
أن هذا القياس غير صحيح وهو قياس مع الفارق ، وذلك من وجوه :
1) أن الهدف من تحمل العاقلة عن الجاني هو النصرة الشرعية ، بينما الهدف من عقد شركة التأمين هو الاستغلال المحض من الشركة .
2) أن كل فرد من أفراد العاقلة قد يقع منه قسطه الواجب عليه وقد لايقع ، فإن وقع هو في قتل خطأ فقد يدفع عنه أقل مما دفع أو أكثر أو مساوٍ ، فليس بين ما دفعه وما دُفع عنه أي ارتباط سوى موجب العقل ، فكان واضحاً في باب التعاون وتحمل المسؤولية .
3) أن القدر الذي يتحمله الفرد من أفراد العاقلة يختلف باختلاف حالته من غنىً أو فقر ، أما الشركة فإنه يؤخذ منها إذا وقع الخطر سواء كانت غنية أو فقيرة ، فإن كانت غنية : استلم منها ، وإن كانت فقيرة : بقي في ذمتها ، وهذا من الإجحاف .
4) أن ما تتحمله العاقلة مقدر شرعاً وهو : الدية ، أما عقد التأمين فيؤخذ المبلغ الموقَّع عليه في العقد ، سواء كان أقل من الدية أو أكثر – هذا في التأمين على الحياة .
ولذا فلا يصح قياس عقد التأمين على نظام العواقل .
الشبهة الثانية :
2- قياسه على نظام التقاعد والمعاش :
قال بعض المخالفين : أن الشخص لا يدري كم سيستلم مقابل الأقساط في نظام التقاعد والمعاش وفي التأمين على الحياة ، وأن الجهالة في نظام المعاش أكبر مع كونه مباحاً عند كافة الفقهاء دون أية شبهة .
الجواب عليه :
أولاً : لا يسلم لهم بأن كافة الفقهاء يقرون نظام التقاعد والمعاش دون أي شبهة ، وأن هذا من البالغة التي يردّها الواقع ، فإن المسألة نظرية ويوجد من الفقهاء من يخالف فيها .
ثانياً : هناك فروق بين نظام التقاعد والمعاش وبين التأمين التجاري لا يستقيم معها قياس التأمين عليه ، ومنها :
1- أن ما اقتطع من راتب الموظف - في نظام التقاعد - لا يزال على ملكه باقياً ، بخلاف التأمين التجاري المحرم .
2- أن ما ضم إلى المبلغ المقتطع في نظام التقاعد يعتبر مكافأة التزم بها ولي الأمر باعتباره مسؤولاً عنه وعن أسرته ، وقد وضع لصرفها نظاماً راعى فيه مصلحته ومصلحة ألصق الناس به ، لما بذله الموظف من جهد في خدمة الدولة .
3- النظام التقاعدي ليس من باب المعاوضات المالية وليس مقصده الربح والاستغلال كما هو الحال في التأمين التجاري المحرم .
4- النظام التقاعدي هو من باب المكافأة ومقصده الرعاية والجزاء بالمعروف .
(باختصار وتصرف من : مجلة البحوث الإسلامية عدد 20 ص 45-46 للجنة الدائمة للافتاء - الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء ) .
الشبهة الثالثة :
3- قياسه على ضمان المجهول وضمان ما لم يجب :
· قال بعض المخالفين : الضامن يجب عليه أداء ما ضمنه مع أنه مجهول من حيث المبدأ ؛ فكذلك التأمين يجب على المؤمن أن يدفع للمستأمن قيمة ما ضمنه بعد وقوع الخطر وإن كان مجهولاً من حيث المبدأ .
· الجواب عليه : أن هذا القياس لا يصلح ، لأمور :
1) أن الضمان من عقود التبرعات ، فاغتفرت فيه الجهالة لجهل المشقة ، وللتيسير على الناس ، أما التأمين فهو من عقود المعاوضات فلا تغتفر فيه الجهالة .
2) أن أركان الضمان أربعة :
أ – ضامن .
ب – مضمون .
ج – مضمون له .
د – مضمون عنه .
أما التأمين فأركانه ثلاثة :
أ – ضامن ( الشركة ) .
ب – مضمون ( مبلغ التأمين ) .
ج – مضمون له ( المستأمن ) .
أما ( المضمون عنه ) فمفقود في التأمين ؛ فلا يصح القياس .
3) أن الضامن في الشريعة : فرع ، والمضمون عنه : أصل ، أما في التأمين فالضامن : أصل ، فلا تتفق الصورتان .
4) أن الضامن إذا دفع إلى المضمون له ما ضمنه : فإنه يرجع إلى المضمون عنه ويأخذ منه ما دفعه ، فلا ضرر على الضامن .
أما الشركة فإنها تدفع ما يجب عليها ولا ترجع إلى أحد ، فتقرر الضرر عليها ، فلا يقاس ما فيه ضرر على ما لا ضرر فيه .
الشبهة الرابعة :
4- قياسه على الإيداع :
· قال بعض المخالفين : بما أنه يجوز الإيداع بأجرة للأمين وعليه ضمان الوديعة إذا تلفت ؛ فكذلك يجوز أن يدفع المستأمن مبلغاً لشركة التأمين على أن تؤمنه بعد خطر معيّن .
· الجواب عليه أن هذا القياس لا يصح لأنه قياس مع الفارق ، وذلك لأمور :
1- أن الأجرة في الإيداع هي عوض عن قيام الأمين بحفظ شئ في حوزته يحوطه ، بخلاف التأمين فإن ما يدفعه المستأمن لا يقابله عمل من المؤمِّن يعود على المستأمن بمنفعة ، وإنما هو – كما يقولون – ضمان للأمن والطمأنينة .
2- أن شرط العوض في الضمان لا يصح ، بل هو مفسد للعقد .
3- إن جُعل مبلغ التأمين في مقابلة الأقساط كان معاوضة تجارية جهل فيها مبلغ التأمين أو زمنه ، فاختلف عن عقد الإيداع بأجر .
4- إن الضمان في صورة الإيداع قاصر على ما يمكن الاحتراز منه من أخطار ، بخلاف التأمين فإن الضمان فيه عام فيما يمكن الاحتراز منه وما لا يمكن .
5- أن ملكية الوديعة تكون لصاحبها مهما مكثت عند المودَع عنده ، ويستردها المودِع في أي وقت شاء ، أما الأقساط التي يدفعها المستأمن للشركة فإنها تصبح ملكاً للشركة ، وخصوصاً في التأمين على الأشياء أو من المسؤولية .
فالقياس مع الفارق ، ولا يصح .
الشبهة الخامسة :
5- قياسه على عقد الولاء :
عقد الولاء هو : " أن يقول شخص مجهول النسب لآخر : أنت وليي .. تعقل عني إذا جنيت وترثني إذا أنا مت " ، أو : " أن يتفق شخص من غير العرب قد أسلم مع عربي مسلم على أن يلتزم العربي بالدية إذا جنى مولاه ، ويلتزم غير العربي أن يرثه مولاه العربي إذا لم يكن له وارث سواه " .
· قال بعض المخالفين : إن هناك شبهاً بين عقد الولاء وبين التأمين وهو : أن العربي يتحمل جناية غير العربي بعقد الموالاة مقابل إرثه ، والمؤمِّن يتحمل جنايات المستأمن نظير ما يدفعه من أقساط التأمين .
· الجواب عليه : أن هذا القياس لا يصح لأمور :
1- أن عقد ولاء الموالاة وإن كان معمولاً به بالنسبة للنصرة ونحوها ؛ فهو مختلف في نسخه وأحكامه بالنسبة للإرث به ، والأدلة الصحيحة تشهد بنسخ الإرث به ، فلا يصح التخريج عليه .
2- أن من شروط القياس أن يكون المقيس عليه منصوصاً أو مجمعاً عليه ، وإلا فللمخالف في الفرع أن يمنع حكم الأصل ، فلا يكون القياس مفيداً في إلزام المخالف حكم الفرع .
3- وجود الفارق : فإن عقود التأمين هدفها الربح المادي المشوب بالغرر والقمار وفاحش الجهالة ، بخلاف عقد الموالاة فالقصد الأول فيه يهدف إلى التآخي في الإسلام والتناصر والتعاون في الشدة والرخاء وسائر الأحوال .
4- أن هذا الاستدلال على تقدير تسليمه لا يدل إلا على جواز فرع من فروع التأمين وصورة من صوره وهي : التأمين ضد المسؤولية ، بينما المخالف يرى جواز التأمين مطلقاً ، فلا مطابقة بين الدليل والدعوى !!
الشبهة السادسة :
5- قياسه على عقود المضاربة :
· قال بعض المخالفين : إن المتعاقدين في المضاربة يتفقان على أن يدفع أحدهما مالاً ليعمل فيها الآخر على أنّ ما كان من ربح فهو بينهما ، وهذا ينطبق على عقود التأمين ، فإن المستأمن يدفع الأقساط مثلاً ، وشركة التأمين تستغل ما اجتمع لديها من الأقساط ، والريح بينهما حسب التعاقد ، وإذا كانت من عقود المضاربة أو في معناها فهي جائزة .
· والجواب أن هذا القياس لا يصح لأمور :
1- أن رأس المال في المضاربة لم يخرج عن ملك صاحبه ، وما يدفعه المستأمن يخرج بعقد التأمين عن ملكه إلى ملك الشركة حسب ما يقتضي به نظام التأمين .
2- أن رأس مال المضاربة يستحقه ورثة مالكه إذا مات ، وفي التأمين قد يستحق الورثة نظاماً مبلغ التأمين ولو لم يدفع مورثهم إلا قسطاً واحداً ، وقد لا يستحقون شيئاً إذا جعل المستفيد آخر سوى المستأمن وورثته .
3- أن الربح في المضاربة يكون بين الشريكين نسبة مئوية مثلاً ، بخلاف التأمين فربح رأس المال وخسارته للشركة ، وليس للمستأمن إلا مبلغ التأمين أو مبلغاً غير محدد .
الشبهة السابعة :
7- قياسه على ضمان خطر الطريق :
يقول بعض المخالفين : يلزم ضمان خطر الطريق فيما إذا قال شخص لآخر : " اسلك هذا الطريق فإنه آمن ، وإن أصابك فيه شئ فأنا ضامن ، فسلكه فأُخذ ماله ، حيث يضمن القائل ، ويسمى ( السوكرة ) عند الحنفية .
· والجواب : أن هذا القياس لا يصح لأمور :
1- أن التأمين يقوم على القسط المدفوع للشركة مقابل تحملها خطراً مؤمناً ضده ، ولا يشترط دفع شئ للضامن مقابل ضمانه .
2- في الضمان تنشغل ذمة الضامن مع ذمة المدين في أصل الدين ، وفي التأمين لا يوجد ضم ذمة إلى ذمة .
3- أن الشركة تدفع مبلغ التأمين ولا ترجع على أحد لتأخذ منه ما دفعته ، وأما الضامن إذا دفع إلى المضمون له فإنه يرجع على المضمون عنه ويأخذ منه ما دفعه عنه .
4- أن محل الضمان في الكفالة هو الدين ، وأما في التأمين فإنه يتمثل في تعويض الضرر .
5- ليس التأمين من قبيل ضمان الغارّ ، لأنه لابد أن يكون الغارّ عالماً بالخطر ، والمغرور ( المغرّر به ) غير عالم به ( أي بالخطر ) ، وصاحب السوكرة غير عالم بالخطر .
6- أن ما ورد عن الحنفية أن الذي يرشد إلى طريق يضمن .. تعليل ذلك : لأنه هو الذي يعلم خطر الطريق .
7- عقد الضمان لا يلزم المضمون له بشيء ، بينما أنه في عقد التأمين يلتزم المؤمن له بدفع قسط التأمين .
فلا يصح هذا القياس .
الشبهة الثامنة :
8- قياسه على عقد الاستئجار للحراسة :
· قال بعض المخالفين : إن عقد التأمين يبذل فيه المستأمن جزءاً من ماله في سبيل الحصول على الأمان من نتائج الأخطار التي يخشاها ، فلذلك يقاس على عقد الحراسة .
· والجواب أن هذا القياس لا يصح لأمور :
1- أن الحارس إذا قصّر في عمله فإنه لا يستحق الأجرة ، والشركة لا تقدم أمناً ولا تدفع عدواناً ، وهي تأخذ الأجرة من المستأجر مقدماً ، سواءً وقع الخطر المؤمن منه أم لم يقع ، وهذا أخذ للمال بغير عِوَض ، فيكون أكلاً للمال بالباطل .
2- أن محل العقد في الحراسة ليس هو الأمان ، بل هو لقاء قيام الحارس بعمله ، سواءً حصل الأمان أم لم يحصل ، لأن الأمان لا يدخل في قدرة الحارس ، وأما شركة التأمين فهي لا تحرس المؤمن له ، ولا تمنع وقوع الخطر المؤمن منه ، والأمان من أعمال النفوس فلا يمكن العاقد حصوله .
3- أن الحارس لا يضمن إلا إذا تعدى على الشئ فأفسده أو فرط في حفظه .
4- أن شركة التأمين تلتزم بدفع مبلغ التأمين ، وإن لم يمض من المدة المقررة في العقد إلا بعضها .
أتى هذا المقال من Islam Message
http://www.islammessage.com/ar
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.islammessage.com/ar/modules.php?name=Sections&op=viewarticle&artid=187
1- قياسه على نظام العواقل :
خلاصة نظام العواقل في الإسلام : أنه إذا جنى أحد جناية قتل غير عمد بحيث يكون موجبها الأصلي هو الدية أو القصاص ؛ فإن دية القتل توزّع على أفراد عاقلته الذين يحصل بينه وبينهم التناصر عادةً ، وهم الرجال البالغون من أهل وعشيرته ...إلخ ( حسب تفصيله في كتب الفقه ) وتهدف الحكمة فيه إلى غايتين :
1) تخفيف أثر المصيبة على الجاني المخطئ .
2) صيانة دماء الضحايا من أن تذهب هدراً ؛ لأن الجاني قد يكون فقيراً لا يستطيع التأدية فتضيع الدية .
* قال المخالفون : إن نظام العواقل لازم شرعاً بدون تعاقد ، والتأمين له نفس الغاية ، فما المانع أن يكون لازماً بتعاقد منظم ؟
* الجواب عليه :
أن هذا القياس غير صحيح وهو قياس مع الفارق ، وذلك من وجوه :
1) أن الهدف من تحمل العاقلة عن الجاني هو النصرة الشرعية ، بينما الهدف من عقد شركة التأمين هو الاستغلال المحض من الشركة .
2) أن كل فرد من أفراد العاقلة قد يقع منه قسطه الواجب عليه وقد لايقع ، فإن وقع هو في قتل خطأ فقد يدفع عنه أقل مما دفع أو أكثر أو مساوٍ ، فليس بين ما دفعه وما دُفع عنه أي ارتباط سوى موجب العقل ، فكان واضحاً في باب التعاون وتحمل المسؤولية .
3) أن القدر الذي يتحمله الفرد من أفراد العاقلة يختلف باختلاف حالته من غنىً أو فقر ، أما الشركة فإنه يؤخذ منها إذا وقع الخطر سواء كانت غنية أو فقيرة ، فإن كانت غنية : استلم منها ، وإن كانت فقيرة : بقي في ذمتها ، وهذا من الإجحاف .
4) أن ما تتحمله العاقلة مقدر شرعاً وهو : الدية ، أما عقد التأمين فيؤخذ المبلغ الموقَّع عليه في العقد ، سواء كان أقل من الدية أو أكثر – هذا في التأمين على الحياة .
ولذا فلا يصح قياس عقد التأمين على نظام العواقل .
الشبهة الثانية :
2- قياسه على نظام التقاعد والمعاش :
قال بعض المخالفين : أن الشخص لا يدري كم سيستلم مقابل الأقساط في نظام التقاعد والمعاش وفي التأمين على الحياة ، وأن الجهالة في نظام المعاش أكبر مع كونه مباحاً عند كافة الفقهاء دون أية شبهة .
الجواب عليه :
أولاً : لا يسلم لهم بأن كافة الفقهاء يقرون نظام التقاعد والمعاش دون أي شبهة ، وأن هذا من البالغة التي يردّها الواقع ، فإن المسألة نظرية ويوجد من الفقهاء من يخالف فيها .
ثانياً : هناك فروق بين نظام التقاعد والمعاش وبين التأمين التجاري لا يستقيم معها قياس التأمين عليه ، ومنها :
1- أن ما اقتطع من راتب الموظف - في نظام التقاعد - لا يزال على ملكه باقياً ، بخلاف التأمين التجاري المحرم .
2- أن ما ضم إلى المبلغ المقتطع في نظام التقاعد يعتبر مكافأة التزم بها ولي الأمر باعتباره مسؤولاً عنه وعن أسرته ، وقد وضع لصرفها نظاماً راعى فيه مصلحته ومصلحة ألصق الناس به ، لما بذله الموظف من جهد في خدمة الدولة .
3- النظام التقاعدي ليس من باب المعاوضات المالية وليس مقصده الربح والاستغلال كما هو الحال في التأمين التجاري المحرم .
4- النظام التقاعدي هو من باب المكافأة ومقصده الرعاية والجزاء بالمعروف .
(باختصار وتصرف من : مجلة البحوث الإسلامية عدد 20 ص 45-46 للجنة الدائمة للافتاء - الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء ) .
الشبهة الثالثة :
3- قياسه على ضمان المجهول وضمان ما لم يجب :
· قال بعض المخالفين : الضامن يجب عليه أداء ما ضمنه مع أنه مجهول من حيث المبدأ ؛ فكذلك التأمين يجب على المؤمن أن يدفع للمستأمن قيمة ما ضمنه بعد وقوع الخطر وإن كان مجهولاً من حيث المبدأ .
· الجواب عليه : أن هذا القياس لا يصلح ، لأمور :
1) أن الضمان من عقود التبرعات ، فاغتفرت فيه الجهالة لجهل المشقة ، وللتيسير على الناس ، أما التأمين فهو من عقود المعاوضات فلا تغتفر فيه الجهالة .
2) أن أركان الضمان أربعة :
أ – ضامن .
ب – مضمون .
ج – مضمون له .
د – مضمون عنه .
أما التأمين فأركانه ثلاثة :
أ – ضامن ( الشركة ) .
ب – مضمون ( مبلغ التأمين ) .
ج – مضمون له ( المستأمن ) .
أما ( المضمون عنه ) فمفقود في التأمين ؛ فلا يصح القياس .
3) أن الضامن في الشريعة : فرع ، والمضمون عنه : أصل ، أما في التأمين فالضامن : أصل ، فلا تتفق الصورتان .
4) أن الضامن إذا دفع إلى المضمون له ما ضمنه : فإنه يرجع إلى المضمون عنه ويأخذ منه ما دفعه ، فلا ضرر على الضامن .
أما الشركة فإنها تدفع ما يجب عليها ولا ترجع إلى أحد ، فتقرر الضرر عليها ، فلا يقاس ما فيه ضرر على ما لا ضرر فيه .
الشبهة الرابعة :
4- قياسه على الإيداع :
· قال بعض المخالفين : بما أنه يجوز الإيداع بأجرة للأمين وعليه ضمان الوديعة إذا تلفت ؛ فكذلك يجوز أن يدفع المستأمن مبلغاً لشركة التأمين على أن تؤمنه بعد خطر معيّن .
· الجواب عليه أن هذا القياس لا يصح لأنه قياس مع الفارق ، وذلك لأمور :
1- أن الأجرة في الإيداع هي عوض عن قيام الأمين بحفظ شئ في حوزته يحوطه ، بخلاف التأمين فإن ما يدفعه المستأمن لا يقابله عمل من المؤمِّن يعود على المستأمن بمنفعة ، وإنما هو – كما يقولون – ضمان للأمن والطمأنينة .
2- أن شرط العوض في الضمان لا يصح ، بل هو مفسد للعقد .
3- إن جُعل مبلغ التأمين في مقابلة الأقساط كان معاوضة تجارية جهل فيها مبلغ التأمين أو زمنه ، فاختلف عن عقد الإيداع بأجر .
4- إن الضمان في صورة الإيداع قاصر على ما يمكن الاحتراز منه من أخطار ، بخلاف التأمين فإن الضمان فيه عام فيما يمكن الاحتراز منه وما لا يمكن .
5- أن ملكية الوديعة تكون لصاحبها مهما مكثت عند المودَع عنده ، ويستردها المودِع في أي وقت شاء ، أما الأقساط التي يدفعها المستأمن للشركة فإنها تصبح ملكاً للشركة ، وخصوصاً في التأمين على الأشياء أو من المسؤولية .
فالقياس مع الفارق ، ولا يصح .
الشبهة الخامسة :
5- قياسه على عقد الولاء :
عقد الولاء هو : " أن يقول شخص مجهول النسب لآخر : أنت وليي .. تعقل عني إذا جنيت وترثني إذا أنا مت " ، أو : " أن يتفق شخص من غير العرب قد أسلم مع عربي مسلم على أن يلتزم العربي بالدية إذا جنى مولاه ، ويلتزم غير العربي أن يرثه مولاه العربي إذا لم يكن له وارث سواه " .
· قال بعض المخالفين : إن هناك شبهاً بين عقد الولاء وبين التأمين وهو : أن العربي يتحمل جناية غير العربي بعقد الموالاة مقابل إرثه ، والمؤمِّن يتحمل جنايات المستأمن نظير ما يدفعه من أقساط التأمين .
· الجواب عليه : أن هذا القياس لا يصح لأمور :
1- أن عقد ولاء الموالاة وإن كان معمولاً به بالنسبة للنصرة ونحوها ؛ فهو مختلف في نسخه وأحكامه بالنسبة للإرث به ، والأدلة الصحيحة تشهد بنسخ الإرث به ، فلا يصح التخريج عليه .
2- أن من شروط القياس أن يكون المقيس عليه منصوصاً أو مجمعاً عليه ، وإلا فللمخالف في الفرع أن يمنع حكم الأصل ، فلا يكون القياس مفيداً في إلزام المخالف حكم الفرع .
3- وجود الفارق : فإن عقود التأمين هدفها الربح المادي المشوب بالغرر والقمار وفاحش الجهالة ، بخلاف عقد الموالاة فالقصد الأول فيه يهدف إلى التآخي في الإسلام والتناصر والتعاون في الشدة والرخاء وسائر الأحوال .
4- أن هذا الاستدلال على تقدير تسليمه لا يدل إلا على جواز فرع من فروع التأمين وصورة من صوره وهي : التأمين ضد المسؤولية ، بينما المخالف يرى جواز التأمين مطلقاً ، فلا مطابقة بين الدليل والدعوى !!
الشبهة السادسة :
5- قياسه على عقود المضاربة :
· قال بعض المخالفين : إن المتعاقدين في المضاربة يتفقان على أن يدفع أحدهما مالاً ليعمل فيها الآخر على أنّ ما كان من ربح فهو بينهما ، وهذا ينطبق على عقود التأمين ، فإن المستأمن يدفع الأقساط مثلاً ، وشركة التأمين تستغل ما اجتمع لديها من الأقساط ، والريح بينهما حسب التعاقد ، وإذا كانت من عقود المضاربة أو في معناها فهي جائزة .
· والجواب أن هذا القياس لا يصح لأمور :
1- أن رأس المال في المضاربة لم يخرج عن ملك صاحبه ، وما يدفعه المستأمن يخرج بعقد التأمين عن ملكه إلى ملك الشركة حسب ما يقتضي به نظام التأمين .
2- أن رأس مال المضاربة يستحقه ورثة مالكه إذا مات ، وفي التأمين قد يستحق الورثة نظاماً مبلغ التأمين ولو لم يدفع مورثهم إلا قسطاً واحداً ، وقد لا يستحقون شيئاً إذا جعل المستفيد آخر سوى المستأمن وورثته .
3- أن الربح في المضاربة يكون بين الشريكين نسبة مئوية مثلاً ، بخلاف التأمين فربح رأس المال وخسارته للشركة ، وليس للمستأمن إلا مبلغ التأمين أو مبلغاً غير محدد .
الشبهة السابعة :
7- قياسه على ضمان خطر الطريق :
يقول بعض المخالفين : يلزم ضمان خطر الطريق فيما إذا قال شخص لآخر : " اسلك هذا الطريق فإنه آمن ، وإن أصابك فيه شئ فأنا ضامن ، فسلكه فأُخذ ماله ، حيث يضمن القائل ، ويسمى ( السوكرة ) عند الحنفية .
· والجواب : أن هذا القياس لا يصح لأمور :
1- أن التأمين يقوم على القسط المدفوع للشركة مقابل تحملها خطراً مؤمناً ضده ، ولا يشترط دفع شئ للضامن مقابل ضمانه .
2- في الضمان تنشغل ذمة الضامن مع ذمة المدين في أصل الدين ، وفي التأمين لا يوجد ضم ذمة إلى ذمة .
3- أن الشركة تدفع مبلغ التأمين ولا ترجع على أحد لتأخذ منه ما دفعته ، وأما الضامن إذا دفع إلى المضمون له فإنه يرجع على المضمون عنه ويأخذ منه ما دفعه عنه .
4- أن محل الضمان في الكفالة هو الدين ، وأما في التأمين فإنه يتمثل في تعويض الضرر .
5- ليس التأمين من قبيل ضمان الغارّ ، لأنه لابد أن يكون الغارّ عالماً بالخطر ، والمغرور ( المغرّر به ) غير عالم به ( أي بالخطر ) ، وصاحب السوكرة غير عالم بالخطر .
6- أن ما ورد عن الحنفية أن الذي يرشد إلى طريق يضمن .. تعليل ذلك : لأنه هو الذي يعلم خطر الطريق .
7- عقد الضمان لا يلزم المضمون له بشيء ، بينما أنه في عقد التأمين يلتزم المؤمن له بدفع قسط التأمين .
فلا يصح هذا القياس .
الشبهة الثامنة :
8- قياسه على عقد الاستئجار للحراسة :
· قال بعض المخالفين : إن عقد التأمين يبذل فيه المستأمن جزءاً من ماله في سبيل الحصول على الأمان من نتائج الأخطار التي يخشاها ، فلذلك يقاس على عقد الحراسة .
· والجواب أن هذا القياس لا يصح لأمور :
1- أن الحارس إذا قصّر في عمله فإنه لا يستحق الأجرة ، والشركة لا تقدم أمناً ولا تدفع عدواناً ، وهي تأخذ الأجرة من المستأجر مقدماً ، سواءً وقع الخطر المؤمن منه أم لم يقع ، وهذا أخذ للمال بغير عِوَض ، فيكون أكلاً للمال بالباطل .
2- أن محل العقد في الحراسة ليس هو الأمان ، بل هو لقاء قيام الحارس بعمله ، سواءً حصل الأمان أم لم يحصل ، لأن الأمان لا يدخل في قدرة الحارس ، وأما شركة التأمين فهي لا تحرس المؤمن له ، ولا تمنع وقوع الخطر المؤمن منه ، والأمان من أعمال النفوس فلا يمكن العاقد حصوله .
3- أن الحارس لا يضمن إلا إذا تعدى على الشئ فأفسده أو فرط في حفظه .
4- أن شركة التأمين تلتزم بدفع مبلغ التأمين ، وإن لم يمض من المدة المقررة في العقد إلا بعضها .
أتى هذا المقال من Islam Message
http://www.islammessage.com/ar
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.islammessage.com/ar/modules.php?name=Sections&op=viewarticle&artid=187