المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في الفلّوجة رفعت الآليات الأميركية الاعلام البيضاء



tahrer
25-04-2004, 09:24 PM
هرباً من مصير فيتنام والصومال.. وخوفاً من تكرار تجربة الاسبان :

هل يستبدل الأميركان قواتهم في العراق بجيش من المرتزقة

ويقودونه بـِ"الرموت كونترول"؟

في الفلّوجة رفعت بعض الآليات الأميركية الاعلام البيضاء لتتمكّن من الانسحاب

.. وفي دجلة والفرات وجد العراقيون جثثاً متفحّمة في أكياس من النايلون

شبكة البصرة

نبيل أبو جعفر- البيادر

لم يعرف أحدً حتى الآن لماذا تمّ خطف الصحافي الفرنسي الكسندر جوردانوف في العراق, طالما أن فرنسا لم تشارك في الحرب ولم تؤيدها, وطالما شكَّكَتْ على الدوام بنوايا قوات الاحتلال وندّدت بأساليبها, وكانت على وشك استعمال حق "الفيتو" للحؤول دون تمرير قرار استعمال القوة بشكل اوتوماتيكي قبل أن تُنهي فرق التفتيش أعمالها وتُستَنفَذْ كل الطرق السلمية لايجاد مخرج من قضية أسلحة الدمار, وما زالت على موقفها المناهض للحرب.

وأمام هذه الخطوة المشوبة بعلامات الاستفهام والاستغراب لم يستبعد البعض- قبل اطلاق سراح جوردانوف- أن تكون القوات الأميركية ممثلة ببعض عملائها, أو المرتزقة الذين يعملون لحسابها هي التي قامت بعملية خطفه وخطف غيره من رعايا الدول الأخرى لتُظهر للعالم أن هؤلاء المقاومين ارهابيون, لا يفرّقون بين الصديق والعدو, ولتستفزّ مشاعر دول وشعوب المخطوفين, وليس ذلك غريباً على زعيمة الارهاب الدولي وحليفتها بريطانيا, بعد كل ما اقترفتاه من جرائم لا يتصورها العقل في الفلّوجة أدّت الى استشهاد أكثر من 700 مواطن - حتى الآن- من بينهم حوالي مئتي طفل ومئتي امرأة!

لكن اطلاق سراحه بعد أيام, ثم اطلاق سراح غيره من الرهائن بعد التحقيق معهم فتح أعين المراقبين على حقيقة أخرى في ظل اتساع الحديث عن وجود جيش من المرتزقة يعمل رديفاً لقوات الاحتلال, واكتشاف جثث متفحمة لبعضهم ملقاة داخل أكياس من النايلون في نهري دجلة - والفرات, وتبيّن أن لا علاقة لخطف البعض بمواقف دولهم, بل يعود ذلك الى ضرورة التأكد الدقيق من هوياتهم وعدم وجود أي صلة لهم بمجموعات المرتزقة العاملة في مجالات الأمن والتجسس والحماية الشخصية..الخ, وهو ما فَسَّره احتجاز كل منهم لفترة زمنية محدّدة, لكنها كافية للتثبّت من سبب وجوده الحقيقي على أرض العراق في هذه الظروف.

tahrer
25-04-2004, 09:26 PM
جثث المرتزقة ما بين النهرين

أما الجانب الذي لم يكن معلوماً بدقة وبالارقام فهو حجم ظاهرة الاستعانة بالمرتزقة التي عادت الى العراق من باب واسع, بعد أن كادت تُطوى في دفاتر التاريخ, خصوصاً بعد دخول قوات الاحتلال مرحلة المآزق المتتالية, وفقدان الحليف الحقيقي على الأرض, باستثناء الازلام وقيادات الأكراد, ثم عدم تمكن هذه القوات من استقطاب دول جديدة للتطوّع معها في مهمة اخضاع العراقيين, في الوقت الذي خفّ فيه حماس العناصر العملية للاحتلال بفعل تبخّر آمالها في الحصول على غنيمة من تركة وطنها المحتل, واكتشافها زيف كل ادعاءات "القوة الأعظم" حول قدرتها على تطويع الناس, من خلال تأمين احتياجاتهم وأمنهم, وإشاعة الديمقراطية..الخ!

ولما كان المرتزق بطبيعته لا يُعطي اهتماماً لأي قيم, وينصبُّ هدفه على خدمة الجهة التي تستأجره, سواء كسلاح للقتل, أو عنصر للحماية, أو عين للمراقبة, فان قضية المشاعر والأخلاق وما شابه لا علاقة لها بعمله, لذلك أخذت قوات الاحتلال تزيد من أعداد هؤلاء المرتزقة, وأقامت لهم معسكرات تدريب في أكثر مكان لتهيئتهم أكثر على التعامل مع "ظروف" العراق الاستثنائية التي دفعت أعداداً من جنودها الى الهرب أو الانتحار, ورفعت أرقام قتلاها من الجنود النظاميين, والمجندين حديثاً من بين أوساط طالبي الجنسية, وفرضت عليها ضرورة التخلص من جثث هذا الصنف الأخير من القتلى عن طريق القائها في النهر أُسوة بما تفعله بجثث المرتزقة من سائر الجنسيات و..الكفاءات الذين تجاوز عددهم حسب إحصاء أُجري مطلع العام الحالي العشرة آلاف مرتزق, وتراوحت رواتب كل منهم ما بين 10 و25 ألف دولار, حسب شهادة الخبرة العملية, ومجال الاختصاص وحدود المهمّة لمن لا رابط بينهم غير جمع المال. ويتوقع "الخبراء" أن يكون هذا العدد قد تضاعف مؤخراً, مع اشتداد معارك الفلّوجة واتساع دائرة الثورة الشعبية, في الوقت الذي عجز فيه الكومبيوتر الأميركي عن فك لغز "التركيبة الكيماوية المميزة للعراقين" حسب تعبير الرئيس الأسير صدام حسين, الذين استطاعوا ببطولاتهم المذهلة دفع المحتلين الى قاع المستنقع, وفرضوا عليهم استحالة الخروج منه بأقل مما أنزلتهم بهم فيتنام من هزيمة أخذت بوادرها بالظهور منذ اليوم السادس لمعارك الفلّوجة, عندما قامت بعض الآليات العسكرية الأميركية برفع الأعلام البيضاء لتتمكن من تجنّب النيران الكثيفة, وليُفتح لها مجال الانسحاب من أحياء المدينة الساخنة كالجولان والحي السكني, وهو المكان الذي تمّ فيه حسب شهادة مراسل موقع "مفكرة الاسلام" اسر ثلاثين جندياً أميركياً ليلة 12 -13 نيسان الجاري دون أن يبدوا أي مقاومة.

.. وشهد شاهد من أهلهم!

ولا تقتصر مثل هذه الشهادة على مراسل عربي, بل قام الرهينة الأميركي توماس هاميل بالكشف عن جوانب أخرى من هذه الحقيقة, حين قال أنه كان الوحيد الذي نجا من الموت من بين عناصر القافلة التي تعرضت لهجوم على مشارف الفلّوجة, مؤكداً وضع الاحباط الذي تعيشه القوات الأميركية على أرض المعركة, والوضع المماثل الذي تواجهه إدارة بوش بسبب تصاعد ظاهرة خطف الرهائن الأجانب, ووصول حجم الخسائر الى حدّ لا يمكن استمرار تحمّله رغم المكابرة اللفظية, الأمر الذي سيجبرها على اتخاذ قرار الانسحاب مهما كان الثمن وترك البلد لأهله, بعد أن اختلف الجوّ الذي تعيش تحت وطأته جذرياً عن الأجواء "الوردية" التي أوهمت الناس بها بعد الاحتلال مباشرة, فلا غرور التفوق العسكري بقي على حاله, ولا هَرَعَ الناس لطلب ودّ المحتلّين وتثمين تجربتهم "الديمقراطية" التي اقتصرت على السماح للعملاء باصدار العشرات من الصحف الصفراء, ثم عادت وأَعْملت سيف الملاحقة والعقاب على رقاب من يشذّ عن نهجها الذي يحدّده الحاكم المدني, كما حصل لصحيفة "الحوزة" الناطقة بلسان جماعة مقتدى الصدر, بل عمّت الفوضى وسادت شريعة الغاب, ومرَّغ رجال المقاومة هيبة "الدولة الأعظم" في رمال الفلّوجة, وأوقعوا بها حجماً من الخسائر أضعاف اضعاف ما تعترف به. واذا بالشعب الذي صوّره الأميركيون أنه مستسلم وليس فيه من يقاوم غير بعض الجيوب في "المثلث السني" الذي وصفوه بوكر الارهاب, وملجأ الأجانب والقتلة وجماعة بين لادن وأبو مصعب الزرقاوي. هذا الشعب توحَّد بسنّيّيه وشيعته على ارض المقاومة في الذكرى السنوية الأولى للاحتلال, باستثناء مجلس المحكومين الإمَّعات, والقيادات الكردية العميلة, و"الوجوه" التي تجسست ضدّ بلدها وعادت اليه على ظهر دبابات الأميركان.

tahrer
25-04-2004, 09:29 PM
العودة لـِ"جيش صدام"!

وممّا زاد من ضغط هذا الوضع على قوات الاحتلال رفض كتيبة من "الجيش العراقي الجديد" ومعها قوات الشرطة مشاركة الأميركان في قتال أهل بلدهم بالفلّوجة, وقد نسف هذا الموقف مخططات الأميركان الذين ظنّوا أنهم بحلّ "جيش صدام", وتشكيل جيش جديد يجري تدريبه تحت أنظارهم أو أنظار أصدقائهم من العرب يمكن أن يخلقوا وضعاً جديداً, فرأوا أنفسهم مرّة أخرى أمام خيار صعب لا بدّ من مواجهته, وهو الاعتراف أولاً بخطأ حلّ "جيش صدام", والاعتراف ثانياً بالحاجة الى كفاءة ضباطه الكبار والصغار وضرورة إعادتهم الى مواقعهم السابقة بعد أن يتم اخضاع ملف كل منهم للتدقيق!

ولم يمض وقت طويل حتّى أعلن القائد الأعلى للقوات الأميركية في المنطقة الجنرال جون أبي زيد هذا الاعتراف على الملأ في حديث لصحيفة الواشنطن بوست (عدد 13/14) حيث قال:"ان هناك حاجة للاستعانة بضباط كبار من الجيش السابق في عهد صدام الذي حلّه الحاكم المدني بول بريمر, ولهذا فسوف نرى بيننا عدداً كبيراً من هؤلاء في كلٍ من وزارة الدفاع وهيئة الأركان المشتركة وحتى في الميدان". ولم يخف "أبي زيد" انطباعاته السلبية من رفض "الجيش الجديد" القتال ضد "متمردي" الفلوجة, مؤكداً أنه شاهَدَ بنفسه فيلماً يُصوّر بعض هذه القوات وهي تتعامل مع المقاومة العراقية ضد القوات الأميركية.

هروب الخبراء والجواسيس و..الاسرائيليين!

هذا الاعتراف الاميركي المذهل أمام ازدياد وتيرة العنف والخطف التي طالت كل الأجانب المشتبه بتواجدهم في العراق, كانت إحدى نتائجه الطبيعية هرب اعداد من الخبراء والجواسيس والتجار الاسرائيليين الذين كانوا يسرحون ويمرحون في ظل دعم آلة الدمار الأميركية.

وعلى حد تعبير المدير العام للغرفة التجارية الأردنية- الاسرائيلية يشاي سوريك فان الشركات الاسرائيلية التي ذهبت الى العراق لتمارس نشاطها عن طريق شركات أميركية أو غربية, وأبرمت عقوداً مع مثيلاتها العراقية قد توقفت عن العمل, كما توقفت عن تصدير بضائعها الى هناك, سواء عن طريق الأردن أو الخليج أو غير ذلك. وكان من المتوقع أن توقف الشركات العراقية تحويل التزاماتها المالية المترتبة لبعض الشركات الاسرائيلية, أو المتعددة الجنسية (الاسرائيلية - الأجنبية).

حصل ذلك رغم بذل قوات الاحتلال قصارى جهدها للتعتيم على حقائق الوضع المتدهور, والأرقام المذهلة للخسائر التي تحلّ بين صفوفها, وفشلها في وضع حدّ للتخبط وتحديد الجهة المسؤولة عمّا يجري: هل هي مقاومة مقتدى الصدر, أم "فلول النظام السابق" وعناصره الحزبية والعسكرية والمخابراتية كما يردد الأميركان وازلامهم. أم فدائيو صدام والمتطوعون العرب, أم هي مقاومة القاعدة وأنصار الاسلام وجماعة أبو مصعب الزرقاوي.. الى آخر الجهات التي لا يتوقف تعدادها عن حدّ.

ومع استمرار حالة التخبط وفلتان الغرائز العدوانية لم يعد أحد يعرف أيضاً أين ستكون الساحة المقبلة لممارسة الجنوب الأميركي, وأي مدينة ستشهد الضربة الوقائية التالية, والى متى سيتوقف البحث عن "نوايا" العراقيين بعد فقدان الأمل في العثور على أسلحة الدمار الشامل لديهم, وما هي النتيجة المتوقعة لاستمرار حصار النجف والإصرار على اقتحامها بالقوة "ان لزم الأمر" لالقاء القبض على الصدر؟

الثابت الوحيد أمام هذه التساؤلات أن الأميركان قد دخلوا "عش الدبابير" بأرجلهم, وعلقوا بداخله, وأيا كانت نتيجة ذلك فلن تختلف كثيراً عمّا أصابهم في فيتنام والصومال, حتى لو استبدلوا كل قواتهم بجيش كامل من المرتزقة, واكتفوا بقيادة معاركه عن بُعد بواسطة "الرموت كونترول" ومن ينظر الى سحنة بوش في هذه الأيام يرى هذا المصير في عينيه الغائرتين وسط وجهه المكفهر.

باريس - نبيل أبو جعفر

الجمعة 3 ربيع الاول 1425 / 23 نيسان 2004

MustafaMM
26-04-2004, 12:44 AM
جزاك الله خير

H.warrior
26-04-2004, 01:19 AM
جزاك الله الف خير والله يكون في عون اخواننا العراقيين