~*~سحابة صيف~*~
09-02-2005, 06:31 AM
كان مسالماً وادعاً ..
في نظراته السلام بكل معانيه وحقائقه ، وفي طريقة كلامه تطل البساطة بأبهى صورها ، معلنة أن الناس لا زالوا على الفطرة ، وفي حركة يده والتفاتته ما يجعلك تحبه من أول نظرة .
نشأ في بيئة مرصعة بالصدق والحب والإخاء ، لا يعرف للكذب طريقا ، ولا للخيانة مسلكا ، دينه الوضوح التام ، ومأكله ومشربه حب الخير للغير ، يقضي يومه في حلقة مليئة جميلة ، من بيته إلى مسجده إلى عمله .. وهكذا دواليك .
عاش ما عاش سليماً من آفات القلوب وكوارث العقول ، ومكث ما قُدِّر له حراً طليقاً من آسار بلا أغلال ..
حتى جاء يوم لا كالأيام .. وليلة لا كاليالي
رنين الهاتف الصاخب يحطم كل جدران الصمت ، ينحرها على غير قبلة
توجه إليه ، وهو يحادث قلبه ، (لعله صديق صدوق) ، أو (أخ في حاجة) .. بل (لعلها أمي الحبيبة) .. في أثناء ذلك عثرت رجله ، فحوقل واسترجع ، سقط وإذا به منبطح على الأرض ، وإذا يده على سماعة الهاتف ..
- مرحبا ..
= الووووووو (صوت ناعم لم يسمعه من قبل)
- من يتحدث معي ؟
= هذا منـزل تغريد ؟
- لا .. أخطأتي الرقم أختي الكريمة ؟
<LI>
أغلق الهاتف .. وقام لبعض شأنه .. وإذا رنين الهاتف ينحر الصمت مرة أخرى
- مرحبا
= هذا منـزل تغريد ؟
- لا .. ألم تتصلي من قبل ؟
= أحببت أن أتأكد .. ولكن
- ولكن .. ماذا ؟
= يبدو عليك أنك من المثقفين ؟
- الحمد لله ..
= أنا أحب الثقافة .. وأكتب الشعر .. أسمع هذا البيت
- يا أختي .. أنا ..
<LI>
لم تمكنه من الإكمال قائلة :
- صوتك في القلب يسري --- فبات قلبي في لظى الجمر
- ولكن على أي أوزان الخليل هذا ..
= من هو الخليل ؟ لا أعرفه
- إذن .. كيف تكتبين الشعر ، ولكني سأعدها خاطرة
= ألف شكر على ذوقك ولطفك .. حقيقة أنت لطيف جداً
* احمرت وجنتاه .. وبح صوته ..
- شكراً لك .. وأيضاً أنت كذلك ..
= هل تقرأ شعر نزار أم أنت من قراء شعر عمر بن ربيعة ، هل تعرف وضاح اليمن ؟
- نعم أعرفه وأعرف قصته ..
= تعجب من الحب .. وكيف يفعل بالمحبين ؟
= هل أحببت من قبل ؟
- ...
= أرجو أن لا أكون قد سببت لك إزعاجاً
- لا .. لا .. ولكن ..
- أنا لم أجرب الحب ، قرأت عنه كثيراً في دواوين العرب
= للحب حرفان ولكنهما ساحران ؟
- صحيح .. هما حرفان ..
= سعدت بالحديث معك .. سأتصل عليك مرة أخرى ..
- ...
<LI>
ذهول تام
عيناه تسمرتا في سقف المنزل ، أطرافه لا تتحرك ، جلس يتحسس أذنه ، هل أنا في حلم ، ماذا جرى .. أأنا أكلم امرأة !! ، أحادثها أتباسط معها !! .. لا .. لا .. أكاد لا أصدق .. سأخرج .. سأبتعد .. لأنسى ما جرى
<LI>
من الغد .. وفي نفس الوقت .. رنين الهاتف .. مكث برهة يحادث نفسه .. إنها هي .. نعم إنها هي .. وفي لمحة خاطفة .. رفع سماعة الهاتف ..
- ألوو
= ألووووووووو .. مرحبا .. كيفك حبيبي
- على ما يرام .. كيفك حبيبتي
<LI>
ثم انطلقا في سفر من الغرام بعيد ، وحديث يتبعه حديث .
<LI>
تواصلت المكالمات وكثرت .. وما كان ممنوعاً صار محبوبا .. وما كان محرماً صار هنيئاً مريئاً ..
<LI>
مرت الأيام وهو على تلك الحال ، ماضٍ في سراديب الغواية ، منحدرٌ في دركات اللهو والغفلة ..
<LI>
حتى لاح فجر التوبة في أفق الهداية ، وانجلت غيمة البؤس عن محياه النضر ، فآب إلى ربه وتاب ، واستغفر ربه وخر راكعاً وأناب ، فصلى ركعتين ، وتحدرت دموع صادقات على وجنتيه ، وأنشأ يقول :
يا رب قلبي أزمنا ---- حين اللعين تمكنا
زلّتْ به الأقدام في وحلٍ ---- وقد رام الخنا
هتفت به هتّافة ---- يا ويلها تبغي الدُّنى
فأجاب دون ترددٍ ---- وكأنها فرص المُنى
حادثتها فتمكنتْ ---- منّي وكنتُ الأرعنا
ولو انني أجْبهْتُها ---- لغدوتُ منها صيّنا
لكنني أسلمتها ---- نفسي فصرتُ المُغبنا
قد كنتُ في بحبوحةٍ ---- في راحةٍ أجني الجنى
أغدوا وأعدوا آمناً ---- من أن أُراع وأُحزنا
حتى تغشى القلب فا ---- تنةٌ فأمسى مُدمنا
ولهان أبغي كلمةً ---- منها لتحْيي الأغصُنا
وأظل في قلقٍ إذا ---- ما الصوت عني أحرنا
طوراً أقوم وتارةً ---- أهوي على نار العنا
يا رب إني قافلٌ ---- عن درب ربّاتِ الخنا
فاغفر لعبدٍ تائبٍ ---- ضل الطريق وما ونى
قـــــــــلتُ :
هنّ النساء بكيدهنـ ---- ن يصِدْنَ لا صيد القنا
يرمِين بالألحاظ سهْـ ---- ـماً ما يجاوز لُبّنا
ويفِلْن بالغنج الرهيـ ---- ـب جحافلاً من صبرنا
وإذا طرقْنَ القلب قا ---- ل بسكرةٍ .. ها قد أنا
وإذا هززْن رماحهـ ---- ـنّ هتكْنَ سِتراً واهنا
وبكلٍ سُمٍّ قاتلٍ ---- يرمين قلباً مُحصنا
النار تحت ثيابهـ ---- ـنّ تُذيب أركان البِنا
والموت ينصِبُ مكمناً ---- منهنّ يا لَلمكنا
ولقد خُلقنَ وإنهـ ---- ـن بلية تحوي العنا
فاصرف فؤادك سالماً ---- منهن والتحِف السّنا
منقول
في نظراته السلام بكل معانيه وحقائقه ، وفي طريقة كلامه تطل البساطة بأبهى صورها ، معلنة أن الناس لا زالوا على الفطرة ، وفي حركة يده والتفاتته ما يجعلك تحبه من أول نظرة .
نشأ في بيئة مرصعة بالصدق والحب والإخاء ، لا يعرف للكذب طريقا ، ولا للخيانة مسلكا ، دينه الوضوح التام ، ومأكله ومشربه حب الخير للغير ، يقضي يومه في حلقة مليئة جميلة ، من بيته إلى مسجده إلى عمله .. وهكذا دواليك .
عاش ما عاش سليماً من آفات القلوب وكوارث العقول ، ومكث ما قُدِّر له حراً طليقاً من آسار بلا أغلال ..
حتى جاء يوم لا كالأيام .. وليلة لا كاليالي
رنين الهاتف الصاخب يحطم كل جدران الصمت ، ينحرها على غير قبلة
توجه إليه ، وهو يحادث قلبه ، (لعله صديق صدوق) ، أو (أخ في حاجة) .. بل (لعلها أمي الحبيبة) .. في أثناء ذلك عثرت رجله ، فحوقل واسترجع ، سقط وإذا به منبطح على الأرض ، وإذا يده على سماعة الهاتف ..
- مرحبا ..
= الووووووو (صوت ناعم لم يسمعه من قبل)
- من يتحدث معي ؟
= هذا منـزل تغريد ؟
- لا .. أخطأتي الرقم أختي الكريمة ؟
<LI>
أغلق الهاتف .. وقام لبعض شأنه .. وإذا رنين الهاتف ينحر الصمت مرة أخرى
- مرحبا
= هذا منـزل تغريد ؟
- لا .. ألم تتصلي من قبل ؟
= أحببت أن أتأكد .. ولكن
- ولكن .. ماذا ؟
= يبدو عليك أنك من المثقفين ؟
- الحمد لله ..
= أنا أحب الثقافة .. وأكتب الشعر .. أسمع هذا البيت
- يا أختي .. أنا ..
<LI>
لم تمكنه من الإكمال قائلة :
- صوتك في القلب يسري --- فبات قلبي في لظى الجمر
- ولكن على أي أوزان الخليل هذا ..
= من هو الخليل ؟ لا أعرفه
- إذن .. كيف تكتبين الشعر ، ولكني سأعدها خاطرة
= ألف شكر على ذوقك ولطفك .. حقيقة أنت لطيف جداً
* احمرت وجنتاه .. وبح صوته ..
- شكراً لك .. وأيضاً أنت كذلك ..
= هل تقرأ شعر نزار أم أنت من قراء شعر عمر بن ربيعة ، هل تعرف وضاح اليمن ؟
- نعم أعرفه وأعرف قصته ..
= تعجب من الحب .. وكيف يفعل بالمحبين ؟
= هل أحببت من قبل ؟
- ...
= أرجو أن لا أكون قد سببت لك إزعاجاً
- لا .. لا .. ولكن ..
- أنا لم أجرب الحب ، قرأت عنه كثيراً في دواوين العرب
= للحب حرفان ولكنهما ساحران ؟
- صحيح .. هما حرفان ..
= سعدت بالحديث معك .. سأتصل عليك مرة أخرى ..
- ...
<LI>
ذهول تام
عيناه تسمرتا في سقف المنزل ، أطرافه لا تتحرك ، جلس يتحسس أذنه ، هل أنا في حلم ، ماذا جرى .. أأنا أكلم امرأة !! ، أحادثها أتباسط معها !! .. لا .. لا .. أكاد لا أصدق .. سأخرج .. سأبتعد .. لأنسى ما جرى
<LI>
من الغد .. وفي نفس الوقت .. رنين الهاتف .. مكث برهة يحادث نفسه .. إنها هي .. نعم إنها هي .. وفي لمحة خاطفة .. رفع سماعة الهاتف ..
- ألوو
= ألووووووووو .. مرحبا .. كيفك حبيبي
- على ما يرام .. كيفك حبيبتي
<LI>
ثم انطلقا في سفر من الغرام بعيد ، وحديث يتبعه حديث .
<LI>
تواصلت المكالمات وكثرت .. وما كان ممنوعاً صار محبوبا .. وما كان محرماً صار هنيئاً مريئاً ..
<LI>
مرت الأيام وهو على تلك الحال ، ماضٍ في سراديب الغواية ، منحدرٌ في دركات اللهو والغفلة ..
<LI>
حتى لاح فجر التوبة في أفق الهداية ، وانجلت غيمة البؤس عن محياه النضر ، فآب إلى ربه وتاب ، واستغفر ربه وخر راكعاً وأناب ، فصلى ركعتين ، وتحدرت دموع صادقات على وجنتيه ، وأنشأ يقول :
يا رب قلبي أزمنا ---- حين اللعين تمكنا
زلّتْ به الأقدام في وحلٍ ---- وقد رام الخنا
هتفت به هتّافة ---- يا ويلها تبغي الدُّنى
فأجاب دون ترددٍ ---- وكأنها فرص المُنى
حادثتها فتمكنتْ ---- منّي وكنتُ الأرعنا
ولو انني أجْبهْتُها ---- لغدوتُ منها صيّنا
لكنني أسلمتها ---- نفسي فصرتُ المُغبنا
قد كنتُ في بحبوحةٍ ---- في راحةٍ أجني الجنى
أغدوا وأعدوا آمناً ---- من أن أُراع وأُحزنا
حتى تغشى القلب فا ---- تنةٌ فأمسى مُدمنا
ولهان أبغي كلمةً ---- منها لتحْيي الأغصُنا
وأظل في قلقٍ إذا ---- ما الصوت عني أحرنا
طوراً أقوم وتارةً ---- أهوي على نار العنا
يا رب إني قافلٌ ---- عن درب ربّاتِ الخنا
فاغفر لعبدٍ تائبٍ ---- ضل الطريق وما ونى
قـــــــــلتُ :
هنّ النساء بكيدهنـ ---- ن يصِدْنَ لا صيد القنا
يرمِين بالألحاظ سهْـ ---- ـماً ما يجاوز لُبّنا
ويفِلْن بالغنج الرهيـ ---- ـب جحافلاً من صبرنا
وإذا طرقْنَ القلب قا ---- ل بسكرةٍ .. ها قد أنا
وإذا هززْن رماحهـ ---- ـنّ هتكْنَ سِتراً واهنا
وبكلٍ سُمٍّ قاتلٍ ---- يرمين قلباً مُحصنا
النار تحت ثيابهـ ---- ـنّ تُذيب أركان البِنا
والموت ينصِبُ مكمناً ---- منهنّ يا لَلمكنا
ولقد خُلقنَ وإنهـ ---- ـن بلية تحوي العنا
فاصرف فؤادك سالماً ---- منهن والتحِف السّنا
منقول