المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سقراط



د.اسامة الحاتم
30-05-2005, 01:16 PM
ولد سقراط في اثينا حوالي سنة 470 قبل الميلاد ، من اب يصنع التماثيل وام قابلة ، وقد لاحظ الابوان بحزن عميق ان طفلهما كان على قسط وافر من الدمامة والقبح .
ولكن هذا الطفل العبقري ـ و كما لاحظ الجميع مع مرور الايام والسنين ـ كان يتمتع بذكاء ممتاز ونفس قوية ، مع دقة في الملاحظة وعمق في التفكير ، مما مكنه من استيعاب علوم عصره بسهولة ويسر ، وبذلك اصبح واحدا من مفكري اليونان الكبار في سن مبكرة ، ولكنه بقي محافظا على تواضعه ، فكان يعلن ـ دائما ـ انه ليس حكيما ، ولكنه فيلسوف ، أي محب للحكمة .
وكان ينشر افكاره وتعاليمه بطريقة اشتهر بها ، وهي طريقة الحوار ، فكان يسال محدثه عن امر من الامور ، فاذا اجابه قال له سقراط : ان جوابه حسن ، ولكن فيه مسالة غامضة يريد ان يتعرفها ، ولا يزال يحاوره هكذا ، حتى يعرف محاوره انه يجهل هذا الشئ ، وعندئذ ياخذ سقراط في بيان الحقيقة كما يراها .
وكان سقراط يثير هذه الحوارات ـ التي كان لها دور كبير في توجيه الاثينيين الى تدقيق الفكر وحب البحث والحرية في التفكير ـ حيثما اتفق : في السوق ، وفي الشوارع ، وفي الملاعب الرياضية ، ويتخذ من كل ما يقال موضوعا يثيره ويوجه الاذهان الى التفكير فيه والبحث عنه ، فيسال ما معنى الخير ، وما معنى العدل ، وما معنى الحق ، الى نحو ذلك من مسائل ، كما كان يتعرض لنظم الحكم فيبين ما في الحكم الديمقراطي من مزايا وعيوب ، وما في الحكم الارستقراطي من استبداد وظلم الى كثير من امثال ذلك .
كان قد سبق سقراط في بلاد اليونان طائفة تسمى " السفسطائيين " ، وكانوا طائفة متفرقة تطوف في في بلاد اليونان ، تعلم الناس السياسة والبلاغة والتاريخ والطبيعة ، ولكنهم كانوا يحملون في ثنايا تعليمهم مبادئ في منتهى الخطورة ، فهم يثيرون الشكوك في نفوس الناس حول المبادئ الموروثة ويعلمون الشباب ان البلاغة هي خدمة الفكرة سواء أكانت حقا ام باطلا ، ويعلمون الناس اللعب بالألفاظ والمغالطة ، ومن اجل هذا اشتق من اسمهم هذا كلمة " سفسطة " للدلالة على المغالطة والتهويش على السامع ، والاخطر من ذلك انهم كانوا ينكرون حقائق الاشياء ، فليس هناك حق في ذاته او باطل في ذاته ، بل الحق بالنسبة لي ما رايته حقا ، وبالنسبة لك ما رايته حقا ، فكان من نتيجة هذه الارآء ان تعرض كل نظام سياسي او خلقي لخطر الانهيار و السقوط .
ادرك سقراط مدى خطورة هذه الافكار الهدامة ، فحارب السفسطائيين بلا هوادة ، واقام البناء الاخلاقي الذي هدموه ، وقرر ان هناك حقائق ثابتة لا نسبية ، وان هناك خيرا وشرا ، وليس الخير ما اعتقدته انت خيرا ، بل ما طابق الخير في الواقع ، وان هناك عدلا ولو رآه ولو رآه بعض الناس ظلما ، وهكذا .
كان السفسطائيون يرون ان الحواس وحدها هي التي تدرك الاشياء ، فاساس كل معلوماتنا عن طريق الحس ، فخطأهم سقراط في ذلك ، وابان ان التامل والتفكير العقلي ايضا وسيلة من وسائل المعرفة ، فالحواس تدرك الاشياء البسيطة والجزئيات كهذا الانسان وهذه الشجرة ، ولكنها لا تدرك الكليات كالانسان والشجرة بمعناها الكلي وانما يدركها العقل ، وقد هدى هذا التفكير سقراط الى " تعريف الاشياء " ، فان التعريف للكليات لا للجزئيات ،فاذا عرفت الانسان فانت تقصد الصفات الاساسية التي يشترك فيها كل الناس ، وقد امتاز سقراط بنبوغه في هذه التعاريف وتحليلها تحليلا دقيقا.
وهكذا كان لسقراط فضل كبير في اعادة الطمانينة الى نفوس الناس وازالة ما اثاره السفسطائيون من شكوك ، ولم تكن هذه الطمانينة التي اعادها سقراط الى النفوس مجرد تسليم بالموروث ، بل هي ايمان مبني على الحجة والبرهان .
وكان لسقراط مزية اخرى ، وهي توجيه الناس الى النظر في نفوسهم بعد ان كان اكثر تفكيرهم موجها الى العالم الخارجي ، وقد عرف عنه القول المشهور : " اعرف نفسك " ، ومن اجل هذا بحث في الاخلاق والخير والشر ، واشتهر عنه بحثه في العلاقة بين المعرفة والخير ، فكان يرى ان الانسان اذا عرف الخير فهو لا بد ان يفعله ، فاذا عرف فوائد الصدق ، فلا بد ان يصدق ، وكذب الناس ناشئ من جهلهم بمضار الكذب ، وقد خطأه الفلاسفة الاخرون من بعده ، وقالوا ان الانسان قد يعرف فوائد الصدق ويكذب ، لانه قد يكون واسع المعرفة ولكنه ضعيف الارادة ، وضعف ارادته هذا هو الذي يمنعه من ان يعمل وفق ما يعرف من الخير ، وايا كان الامر ، فقد كان لسقراط فضل كبير على الفلسفة والتفكير الانساني ، لا يزال اثره باقيا على مر الزمن .
ونتيجة لدعوة سقراط الى افكار جديدة ، ومهاجمته للنظم الديمقراطية والارستقراطية وبيان ما فيهما من عيوب ، فقد اصبح له خصوم كثيرون يكيدون له ويعملون على الايقاع به ، فاتهم بثلاثة تهم ، وهي انه ينكر آلهة اليونان ، وانه يدعو الى آلهة جديدة ، وانه يفسد الشباب بتعاليمه .
وقدم سقراط الى المحاكمة ، فأصر على ارائه ولم يعدل عنها ولم يحاول الهرب من السجن ، وكان في مقدوره ذلك ، فحكم عليه بالاعدام ، واعدم وهو في السبعين من عمره .
لا يكاد يوجد انسان مثقف لا يعرف من هو سقراط وما هي تعاليمه ، من الذي يعرف اسماء القضاة الذين حاكموه وحكموا عليه بالموت ؟</B>

بوالوليدلكويتي
30-05-2005, 03:22 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أتمنى يا أخي أن تشرح لنا ماهي الفلسفة وما هي النتيجة التي وصل لها أغلب الفلاسفة والى ماذا تقود الفلسفة


وجزاكم الله خير الجزاء