المواطن كين
10-12-2005, 10:14 PM
مقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدمة
قال احد الفلاسفة القدامى:
إن روح الإنسان عندما تهبط على الأرض تنشطر الى نصفين
ويتوه كل نصف عن الآخر وفى حياتهم تظل انصاف الأرواح
تبحث عن انصافها الأخرى حتى تكتمل وتصبح روحـا واحـدة
وعلى هذا الأساس جاءت لى فكرة هذه القصة عن تلاقى الأرواح
ولكن دعونى اطرح سؤالا : هل من الممكن ان يُحب إنسان إنسانا آخـــر:
دون أن يراه ؟
وقد يكون بينه وبين هذا الإنسان بلاد وصحـراء
وبحار وحدود .. ولكن أعتقد ان القلوب إذا احبت والأرواح إذا
تلاقت لاتستطيع حدود العالم ولا جنسياتها ان تُفرقها
................................................
كلمة اخيـرة ::
هذه اول قصة لى فى المنتدى تتسم بالرومانسية
وهذا النوع بعيدا عن ما قدمته قبل ذلك ،،
وسيتم تحمليها على اجزاء ربما اثنين او ثلاث "”
كيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن
********************************************
الشخصيات حسب الظهور:
--------------------------------------------
عمار بن ادريس
تميمة صالح درويش
لالــــو ..خادم عمار
صالح درويش..والد تميمة
نايف ..صديق عمار
شهاب ..ابن صاحب شركة دايفنج
مازن..الأخ الأصغر لتميمة
ديانا..الأخت الكبرى لتميمة
------------------------
" القلوب لا تعرف جنسيات "
(الجزء الأول)
لقد اصبح لقائهم يوميا..
.. انه لا يستطيع أن يمضى يوما دون هذا اللقاء بينهم وعرف عنها الكثير من تعدد هذه اللقاءات وهى تريد ان تُعرفه الكثير عنها وهى سعيدة بذلك وهو سعيد بذلك ، انها تروى له ادق تفاصيل حياتها الشخصية ، تحكى له عن يومها فى الجامعة وفى البيت وأسرارها الشخصية ، حتى اسرار الفتيات التى لا تحكيها إلا لأمهاتهن اصبحت تحكيها له..وهى تعترف بينها وبين نفسها انها اصبحت فى حالة ادمان لهذه اللقاءات .و تحس انها تعيش لأجله
كل الوقت.. تنام لتحلُم بلقاء الغد ، تكتب له وتتكلم معه ، لكن الشئ الوحيد الذى لم يحدث بينهما حتى الأن
هو لقاء الأوجه ورؤية العين على الرغم من انها تحفظ ملامحه كما وصفها لها وهو يعيش داخل سمات وجهها كما وصفتها له.. شعرها الأصفر كسبائك الذهب وعيناها الزرقاويين فى زرقة مياه البحر ، إن ما بينهم لا يتعدى الكتابات ..كتابات تظهر على شاشة كلا منهما وصلت الى حد العشق ، وقد اعترفت له ذات مرة انـه لو مر يوما لم تكتب له فيه او يكتُب لها تحس أن شيئا كبيراً ينقصها ، وهذه الكتابات التى تظهر على الشاشة جعلته يعيش بداخلها وتعيش هى بداخله ، كل منهما يعيش حياته مع الآخـر .. وقد تعرف عليها منذ اكثر من ثلاث سنوات عن طريق إحدى المنتديات ، وتأثر بكتاباتها وأرائها الجريئة والمواضيع التى تطرحها التى تنُم عن ثقافة واسعة ورأى صائب فى فهم الحياه ، فعزم على إرسال رسالة خاصة لها قدم لها نفسه وعرض عليها صداقته ووافقـت
وأرسلت له الرد..وكتبت تقول
<<انا ارحب بصداقتك واتشرف بها جدا وقد كنت مُتابعة ايضا لمواضيعك فى المنتدى وارائك أحترمها جداً وكثيرا ما اعجبت بها وقد ابهرنى موضوعك الأخير بطرحة المتميز، المرأة فى عصر العولمه وإتفقت معك فى كل ما قلته">>
-----------------------
انها كانت تتابع ما يكتب كما كان هو يتابع ما تكتُب وإبتسم بينه وبين نفسه لهذه المفارقة ونشأت صداقة
بينهما من هذا اليوم واصبحت تتأرجح ما بين صداقة وبين شيئا اكبر ربما الفه، واصبحت الكتابة بينهم شبه يوميا ثم يوميا . ثم لم يكتفو بالكتابات فلجأو الى الشات بطريقة المحادثة الصوتيه وسمع صوتها لأول مرة.. صــوتا مبحوحا فيه رنـــة ملائكية تأخذك بعيداً عن الأرض وتُحلق بك فوق فى السماء ..
صوتها موسيقى..انغام تتناثر فوق اُذنـه ..... واتفقوا على موعد ثابت بينهما كل ايام (الأربعاء والخميس والجمعه) من الخامسه الى الثامنه ثم ما لبث بعدها أن جعلوه كل يوم من الخامسة الى السادسة والنصف، وصوتها يرن فى اذنـه ويتسلل الى قلبه كشدو البلابل ..وعرف انها من اصل لبنانى وتُقيم فى الأردن وعرفها به اكثر وبتفاصيل حياته.. انه من المغرب اسمه عمار بن إدريس يقيم فى السعوديه منذ خمس سنوات لظروف عمله ، وهو مهندس فى إحدى شركات البترول هناك .. يقيم بمفرده فى المنزل الذى خصصته له الشركه ومعه خادم اندونيسى يتولى شئون المنزل وإعداد الطعام له اسمه :لالو ، ولكنه يعترف لها انه لا يعتمد على الطعام الذى يعده له الخادم ويُفضل تناول طعامه إما فى المطاعم او السندوتشات ، إن هذا الأندونيسى يعد له أطعمة غريبة من آكلات بلده..حتى انه ذات يوم قدم له حساءاً ساخنا به قطع صغيرة جداً من اللحم وعندما إحتسى الإناء كاملا سئله عن إسم هذه الأكلة اللذيذة ..فقال له الخادم بزهو:-انه حساء الضفادع الشهير ، اشهر اكلاتنا فى اندونيسيا ، ومن يومها لم يعد يأكل شيئا من يد هذا الخادم مطلقا وفضل أن يأكل من المطاعم على الأقل فى المطعم يعرف الطعام الذى يأكله ،، وحدثته هى عن حياتها فى الأردن مع عائلتها ودراستها فى الجامعة ..انها تدرس إدارة اعمال واسمها : تميمة صالح درويش ..وعادة ما ينادونها الأهل والأصدقاء "ميمو" وهى تعشق بلدها الأصلى لبنان فوالدها نزح الى الأردن منذ ما يقرب من عشرين عاما حتى تكونت شخصيته فى المجتمع الأردنى ، انـه الأن المدير الفنى ومصمم الأزياء والأدوات البحرية لشركة "دايفنج" لملابس الغوص ومستلزمات البحر،، انه يصمم ملابس الغوص وكل ما يحتاجه رجال الغوص من نظارات البحر والزعانف الصناعية وانابيب الأكسجين والقوارب الهوائية وايضا يصمم الأزياء الخاصة لملابس البحر ، وتميمة تتحدث معه كثيرا عن لبنان التى تحبها الى درجة العشق وتحكى له عن زيارتها لها كل عام ، إنها تزروها مع والدها فى الأجازة الصيفية من كل عـام ولهما بيتا هناك فى منطقة جبلية فى بيروت ..يطل على جبال لبنان ذو الطبيعة الخلابه وقد وقعت فى غرام بيروت من أول مره رأتها فيها عندما كانت فى سن الخامسه ولم تكن تعرف وقتها انها بلدها ومصدر جنسيتها واصبحت فى إنتظار الصيف كل عام فى لهفة لقضاء الأجازة هناك حيث تستمتع بالسير مع والدها فى شارع الحمراء وفى الروشة وبركوب التلفريك التى تعشقه عشقا جنونيا ...... وعمار مُستمتع بحديثها، لقد اخذته من خلال أحاديثها عن لبنان فى رحلة سياحية هناك حتى انه احب لبنان من كثرة حديثها عنها ،، وثلاث سنوات مـرت على هذه الصداقة التى اصبحت كإدمان لكل منهما " عمار وتميمة"0
حتى جـــــــــاء يومــــــــا00
سمع صوتها كأنين عصفور فسألها فى لهفة :
-ما لصوتك حزينا .......؟
وبكت بعدها فلم تستطع ان تتمالك نفسها وسمع بكائها واحس بدموعها ، انه يحس بهذه الدموع تسيل على وجنتيه هو، انه اصبح يشعر بها كما لو كان يشعر بنفسه 0 وقالت فى حزن
-سأتزوج . تصور يا عمار سأتزوج رغما عنى رجلا يكبرنى بواحد وعشرون سنه0
فقال لها فى جزع:
-كيف هذا ومن الذى يرضى بذلك..
فقالت وهى تكاد تهمس:
-إن والدى هو الذى يرضى بذلك وانا اعذره.. فقال مستفسراً ا:- ومن هذا الرجل ؟ فأجابته
-انه الأبن الأكبر لصاحب الشركة التى يعمل بها والدى وكلمة واحدة منه لوالده كفيلة بطرد والدى من هذه الشركة الذى يعمل بها منذ ستة عشر سنه ، إن والدى بدأ مع صاحب الشركة من الصفر وهو الذى أسسها معه حتى اصبحت أكبر شركة فى هذا المجال بالأردن.. واستطردت: انا حائره يا عمار واشعر ان العالم كله ضدى ، انا لا اريد هذا الزواج ..فقاال لها فى تحد
-قولى لا إن لا احـد فى العالم يستطيع ان يُرغم إنسان على شئ يقول له لا إن كلمة لا مع الحق قوية جداً يا تميمة .. فقط قولى لا،، فقالت وصوتها مدبوحــــا
-انه ليس قرارى يا عمار، انا لا أملك القرار فى يدى ولا املك كلمة لا حتى اقولها .. وقاطعها قبل أن تكمل كلامها وهو يسئلها فى سرعة:
- خبيرنى اولا كيف حدث هذا بالتفصيل، كيف طلبك للزواج؟ هل كان بينك وبينه علاقة او كنتما تتكلما سويا ، ربما احس من كلامك بالتجاوب معه، فلذا اعتقد انك ِ تميلى له، فقالت له فى يأس :
-ابداً لقد ذهبنا ذات يوم انا وابى والعائلة الى حفل أقامه صاحب الشركة دعا فيه العاملين فى شركته بمناسبة إفتتاح فرع جديد للشركة فى لبنان وهناك رأيت شهاب ابن صاحب الشركة لأول مره وكان يطيل النظر لى حتى اننى اصيبت بالضيق من كثرة نظراته.. وانتهز فرصة إبتعاد ابى عنا بالحديث مع اصدقاء العمل وإنصراف بقية العائلة الى مائدة الطعام واقترب منى يُقدم نفسه لى ثم فجاءة عرض على الزواج وانه سيفعل اى شئ من اجلى لو وافقت ،، فرفضت على الفور مُتعلله بأنى ما زلت ادرس بالجامعة ولا افكر فى الزواج حاليا ، فقال : لايهم.. اعدك ان الزواج لن يؤخرك عن الدراسه ، نستطيع ان نعلن الخطوبه حتى تنتهى من دراستك.. وصمتت تميمة ثم عادت تقول فى اســـــــــــى
-لكن ما عرفته عنه يا عمار بعد ذلك كان افظع،،
وتابعها عمار بالسؤال فى ترقب قائلا
- ما هذا الشئ الذى عرفتيه ؟
فقالت فى ســــــــــــخرية:
- انه متزوج وله طفلان ويريدنى الزوجه الثانية لسيادته 0 وبكت بعدها بكاءاً كأنين العصفور وهى تقول:
-انا احس انى ضائعه وتائهه يا عمار ، لا اعرف ماذا افعل .. انا احيانا اصبحت افكر فى الإنتحار ،، 0 وحاول عماراً ان يطمئنها وهو يقول لها فى حنان:
-كل شئ سيصبح على ما يرام لا داعى لهذه الأفكار ، الحياه لا تؤخذ هكذا فقط قولى لا ولن يستطيع احد إرغامك على شئ لا تريدينه صدقينى يا تميمة .. ارفضى بقوة ولن ينتهى العالم بهذا الرفض
وقالت فى استسلام:
-حاضر سأحاول
وقال لها:
-سنتكلم غداً فى موعدنا .. ارجو ان اسمع منك اخباراً مفرحه.. الى اللقاء
ولم يستطع خلال هذا اليوم ان يفكر فى شيئا سواها ، قضى هذا اليوم بنصف عقل ونصف روح وكان النصفين الأخرين هناك فى الأردن عند تميمة ..وظل صوتها يرن فى اذنـه ،، وانحصرت افكاره فيما قالته له ، ربما لأنها اصبحت شيئا اساسيا فى حياته وفى ايامه منذ ثلاث سنوات، وقد تعود عليها.. على ما تكتبه وعلى ما تحادثه بصوتها انه اصبح يعرفها اكثر مما يعرف نفسه .. يعرف عائلتها فرداً فرداً ويعرف طبائعهم ، يعرف اخوها الأصغر مازن المولع بكرة القدم ويعرف اختها الكبرى ديانا التى لاتريد شيئا من الدنيا سوى العلم والأبحاث العلميه ، انها تقضى ستة عشر ساعة يوميا فى الأبحاث العلمية لا تريد ان تتزوج ولا تعرف ان تمزح كما اخوتها يفعلون او تُفكر ان تخرج يوما للنزهه ..إن تميمة تقول عنها انها لاتطاق ، كل حياتها ابحاث علميه فقط ..... ويعرف اباها الشديد الحنان على اولاده وبالأخص تميمة . انه يحبها اكثر من ديانا ومازن ،،والقى عمار سؤالا لنفسه.. لماذا هذا الأب قرر ان يبيع إبنته رغم ما يتصف به من حنان وحب لتميمة بشكل خاص وهذا ما قالته عن والدها : انه احن اب فى العالم ، وربما كما قالت لو فكر ان يرفض عرض الزواج لوجد نفسه فى الشارع عاطلا دون عمل بعد هذه السنين0 إذن المشكلة تكمن فى عمل هذا الأب فى وظيفة لا تقل مستواها عن وظيفته كى تجعله يعيش فى نفس المستوى الذى اعتاد عليه .. اذن لو عرف ان يدبر لهذا الأب تلك الوظيفة لأستطاع ان يحل مشكلة تميمة.. وإبتسم ساخرا من نفسه وهو يقول: ما لى انا بهذه الفتاة وهذه المشكلة ، واحس برغبة قوية فى الإجابه على هذا السؤال .. اجابة نابعة من السنوات الثلاث الماضية التى تعرف فيها على تميمة، لم يشعر فيها انه يعيش وحيداً فى بلد غير بلده.. لقد كانت تملأ يومه وحياته كلها تملأها بهجة. تحكى له حكايات طريفة حدثت لها فى الجامعة وفى البيت ،، وكانت تساعده فى شرح طريقة عمل الأكلات التى يحبُها ليقوم بطهيها بنفسه بعيداً عن أكلات خادمه الأندونيسى الذى لا يتهاون فى ان يطهو له حشرات زاحفه مادامت هى من مطبخ بلاده ، ، كانت توصف له طريقة الطهى والمقادير وكم تأخذ وقت على النار..لقد علمته ان يصبح طاهى جيد 0 وعلمته ان يتمسك بدينه وعلمته كيف يحب الدنيا كلها يحب عمله ويحب السائق الذى يأخذه الى العمل ويحُب زملائه فى العمل ويُحب خادمه الأندونيسى ، لاشك انها علمته اشيئا كثيره . والأهم انها علمته علم الحياة ..إن الحياة علم كبير وقد تعلمه من تميمة 00 وإندهش فى نفسه قائلا: كيف لهذه الفتاة التى لم يرها مرة واحدة ان تؤثر فيه الى هذا الحد ، فتفق ذهنه على سؤال : هل تريد رؤيتها ، ولاحتله الإجابه وهو ينظر مشدوها الى السماء فى هذه الليلة المرصعة بالنجوم ، إجـابه من اعماقه.. نعم انه يتمنى ان يراها رؤية العين ، انه يُحبها دون ان يراها . دون ان يعى انه يُحبها ، انه يتذكر عندما كان يمر يوما عليه لم يتحادثا فيه0ويتذكر عندما سافرت فى اجازة الصيف الى لبنان، إن هذه الأجازة كانت شهرا كاملا لم تحادثه فيه ، وكانت ايام هذا الشهر تمر عليه ثقيلة ، كان يشعر فيها انه وحيدا الى حد انه كان يبكى كل ليلة.. نعم يحب تميمة بقلبه وعقله . ولماذا الإنكار ، ثم قضى ليلته يفكر كيف يُدبر وظيفة لهذا الأب تجعله فى نفس المستوى ، وفجأة تذكر ان له صديق فى العمل قرر ان يترك الوظيفة ويعمل عملا حرا لحسابه بعدما ضاق بالعمل فى الشركة وقيودها ليتثنى له التفرغ مع هذا العمل الحر لهوايته فى كتابة الشعر وبالأخص الشعر الغنائى ..انه يطمح بأن يتغنى بأشعاره نجوم الغناء فى العالم العربى وهو بالفعل له تجربة وحيدة عندما غنى له رابح صقر اغنية من تأليفه، وهو يفكر فى مشروع جديد يدر ربحا ويقوم هو بمجرد الإشراف فقط ويتقاسم الأرباح مع من يقوم بإدارة المشروع ، وقد عرض ذات يوما على عمار ان يستقيل هو الآخر من الوظيفة.وفكر له فى اكثر من مشروع يقوم بإدارته . لكن عمار اعتذر له فى ادب وقال له : انه لايفكر فى ترك عمله والذى هو من صميم دراسته لعمل آخر يجهله، وقد طرقت الفكرة على رأس عمار
-ماذا لو عرض عليه إقامة شركة لمستلزمات البحر. وفى اليوم التالى كان يبحث عمار يبحث عن نايف ليعرض عليه الفكرة.........
................تــــــــابع........
قال احد الفلاسفة القدامى:
إن روح الإنسان عندما تهبط على الأرض تنشطر الى نصفين
ويتوه كل نصف عن الآخر وفى حياتهم تظل انصاف الأرواح
تبحث عن انصافها الأخرى حتى تكتمل وتصبح روحـا واحـدة
وعلى هذا الأساس جاءت لى فكرة هذه القصة عن تلاقى الأرواح
ولكن دعونى اطرح سؤالا : هل من الممكن ان يُحب إنسان إنسانا آخـــر:
دون أن يراه ؟
وقد يكون بينه وبين هذا الإنسان بلاد وصحـراء
وبحار وحدود .. ولكن أعتقد ان القلوب إذا احبت والأرواح إذا
تلاقت لاتستطيع حدود العالم ولا جنسياتها ان تُفرقها
................................................
كلمة اخيـرة ::
هذه اول قصة لى فى المنتدى تتسم بالرومانسية
وهذا النوع بعيدا عن ما قدمته قبل ذلك ،،
وسيتم تحمليها على اجزاء ربما اثنين او ثلاث "”
كيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن
********************************************
الشخصيات حسب الظهور:
--------------------------------------------
عمار بن ادريس
تميمة صالح درويش
لالــــو ..خادم عمار
صالح درويش..والد تميمة
نايف ..صديق عمار
شهاب ..ابن صاحب شركة دايفنج
مازن..الأخ الأصغر لتميمة
ديانا..الأخت الكبرى لتميمة
------------------------
" القلوب لا تعرف جنسيات "
(الجزء الأول)
لقد اصبح لقائهم يوميا..
.. انه لا يستطيع أن يمضى يوما دون هذا اللقاء بينهم وعرف عنها الكثير من تعدد هذه اللقاءات وهى تريد ان تُعرفه الكثير عنها وهى سعيدة بذلك وهو سعيد بذلك ، انها تروى له ادق تفاصيل حياتها الشخصية ، تحكى له عن يومها فى الجامعة وفى البيت وأسرارها الشخصية ، حتى اسرار الفتيات التى لا تحكيها إلا لأمهاتهن اصبحت تحكيها له..وهى تعترف بينها وبين نفسها انها اصبحت فى حالة ادمان لهذه اللقاءات .و تحس انها تعيش لأجله
كل الوقت.. تنام لتحلُم بلقاء الغد ، تكتب له وتتكلم معه ، لكن الشئ الوحيد الذى لم يحدث بينهما حتى الأن
هو لقاء الأوجه ورؤية العين على الرغم من انها تحفظ ملامحه كما وصفها لها وهو يعيش داخل سمات وجهها كما وصفتها له.. شعرها الأصفر كسبائك الذهب وعيناها الزرقاويين فى زرقة مياه البحر ، إن ما بينهم لا يتعدى الكتابات ..كتابات تظهر على شاشة كلا منهما وصلت الى حد العشق ، وقد اعترفت له ذات مرة انـه لو مر يوما لم تكتب له فيه او يكتُب لها تحس أن شيئا كبيراً ينقصها ، وهذه الكتابات التى تظهر على الشاشة جعلته يعيش بداخلها وتعيش هى بداخله ، كل منهما يعيش حياته مع الآخـر .. وقد تعرف عليها منذ اكثر من ثلاث سنوات عن طريق إحدى المنتديات ، وتأثر بكتاباتها وأرائها الجريئة والمواضيع التى تطرحها التى تنُم عن ثقافة واسعة ورأى صائب فى فهم الحياه ، فعزم على إرسال رسالة خاصة لها قدم لها نفسه وعرض عليها صداقته ووافقـت
وأرسلت له الرد..وكتبت تقول
<<انا ارحب بصداقتك واتشرف بها جدا وقد كنت مُتابعة ايضا لمواضيعك فى المنتدى وارائك أحترمها جداً وكثيرا ما اعجبت بها وقد ابهرنى موضوعك الأخير بطرحة المتميز، المرأة فى عصر العولمه وإتفقت معك فى كل ما قلته">>
-----------------------
انها كانت تتابع ما يكتب كما كان هو يتابع ما تكتُب وإبتسم بينه وبين نفسه لهذه المفارقة ونشأت صداقة
بينهما من هذا اليوم واصبحت تتأرجح ما بين صداقة وبين شيئا اكبر ربما الفه، واصبحت الكتابة بينهم شبه يوميا ثم يوميا . ثم لم يكتفو بالكتابات فلجأو الى الشات بطريقة المحادثة الصوتيه وسمع صوتها لأول مرة.. صــوتا مبحوحا فيه رنـــة ملائكية تأخذك بعيداً عن الأرض وتُحلق بك فوق فى السماء ..
صوتها موسيقى..انغام تتناثر فوق اُذنـه ..... واتفقوا على موعد ثابت بينهما كل ايام (الأربعاء والخميس والجمعه) من الخامسه الى الثامنه ثم ما لبث بعدها أن جعلوه كل يوم من الخامسة الى السادسة والنصف، وصوتها يرن فى اذنـه ويتسلل الى قلبه كشدو البلابل ..وعرف انها من اصل لبنانى وتُقيم فى الأردن وعرفها به اكثر وبتفاصيل حياته.. انه من المغرب اسمه عمار بن إدريس يقيم فى السعوديه منذ خمس سنوات لظروف عمله ، وهو مهندس فى إحدى شركات البترول هناك .. يقيم بمفرده فى المنزل الذى خصصته له الشركه ومعه خادم اندونيسى يتولى شئون المنزل وإعداد الطعام له اسمه :لالو ، ولكنه يعترف لها انه لا يعتمد على الطعام الذى يعده له الخادم ويُفضل تناول طعامه إما فى المطاعم او السندوتشات ، إن هذا الأندونيسى يعد له أطعمة غريبة من آكلات بلده..حتى انه ذات يوم قدم له حساءاً ساخنا به قطع صغيرة جداً من اللحم وعندما إحتسى الإناء كاملا سئله عن إسم هذه الأكلة اللذيذة ..فقال له الخادم بزهو:-انه حساء الضفادع الشهير ، اشهر اكلاتنا فى اندونيسيا ، ومن يومها لم يعد يأكل شيئا من يد هذا الخادم مطلقا وفضل أن يأكل من المطاعم على الأقل فى المطعم يعرف الطعام الذى يأكله ،، وحدثته هى عن حياتها فى الأردن مع عائلتها ودراستها فى الجامعة ..انها تدرس إدارة اعمال واسمها : تميمة صالح درويش ..وعادة ما ينادونها الأهل والأصدقاء "ميمو" وهى تعشق بلدها الأصلى لبنان فوالدها نزح الى الأردن منذ ما يقرب من عشرين عاما حتى تكونت شخصيته فى المجتمع الأردنى ، انـه الأن المدير الفنى ومصمم الأزياء والأدوات البحرية لشركة "دايفنج" لملابس الغوص ومستلزمات البحر،، انه يصمم ملابس الغوص وكل ما يحتاجه رجال الغوص من نظارات البحر والزعانف الصناعية وانابيب الأكسجين والقوارب الهوائية وايضا يصمم الأزياء الخاصة لملابس البحر ، وتميمة تتحدث معه كثيرا عن لبنان التى تحبها الى درجة العشق وتحكى له عن زيارتها لها كل عام ، إنها تزروها مع والدها فى الأجازة الصيفية من كل عـام ولهما بيتا هناك فى منطقة جبلية فى بيروت ..يطل على جبال لبنان ذو الطبيعة الخلابه وقد وقعت فى غرام بيروت من أول مره رأتها فيها عندما كانت فى سن الخامسه ولم تكن تعرف وقتها انها بلدها ومصدر جنسيتها واصبحت فى إنتظار الصيف كل عام فى لهفة لقضاء الأجازة هناك حيث تستمتع بالسير مع والدها فى شارع الحمراء وفى الروشة وبركوب التلفريك التى تعشقه عشقا جنونيا ...... وعمار مُستمتع بحديثها، لقد اخذته من خلال أحاديثها عن لبنان فى رحلة سياحية هناك حتى انه احب لبنان من كثرة حديثها عنها ،، وثلاث سنوات مـرت على هذه الصداقة التى اصبحت كإدمان لكل منهما " عمار وتميمة"0
حتى جـــــــــاء يومــــــــا00
سمع صوتها كأنين عصفور فسألها فى لهفة :
-ما لصوتك حزينا .......؟
وبكت بعدها فلم تستطع ان تتمالك نفسها وسمع بكائها واحس بدموعها ، انه يحس بهذه الدموع تسيل على وجنتيه هو، انه اصبح يشعر بها كما لو كان يشعر بنفسه 0 وقالت فى حزن
-سأتزوج . تصور يا عمار سأتزوج رغما عنى رجلا يكبرنى بواحد وعشرون سنه0
فقال لها فى جزع:
-كيف هذا ومن الذى يرضى بذلك..
فقالت وهى تكاد تهمس:
-إن والدى هو الذى يرضى بذلك وانا اعذره.. فقال مستفسراً ا:- ومن هذا الرجل ؟ فأجابته
-انه الأبن الأكبر لصاحب الشركة التى يعمل بها والدى وكلمة واحدة منه لوالده كفيلة بطرد والدى من هذه الشركة الذى يعمل بها منذ ستة عشر سنه ، إن والدى بدأ مع صاحب الشركة من الصفر وهو الذى أسسها معه حتى اصبحت أكبر شركة فى هذا المجال بالأردن.. واستطردت: انا حائره يا عمار واشعر ان العالم كله ضدى ، انا لا اريد هذا الزواج ..فقاال لها فى تحد
-قولى لا إن لا احـد فى العالم يستطيع ان يُرغم إنسان على شئ يقول له لا إن كلمة لا مع الحق قوية جداً يا تميمة .. فقط قولى لا،، فقالت وصوتها مدبوحــــا
-انه ليس قرارى يا عمار، انا لا أملك القرار فى يدى ولا املك كلمة لا حتى اقولها .. وقاطعها قبل أن تكمل كلامها وهو يسئلها فى سرعة:
- خبيرنى اولا كيف حدث هذا بالتفصيل، كيف طلبك للزواج؟ هل كان بينك وبينه علاقة او كنتما تتكلما سويا ، ربما احس من كلامك بالتجاوب معه، فلذا اعتقد انك ِ تميلى له، فقالت له فى يأس :
-ابداً لقد ذهبنا ذات يوم انا وابى والعائلة الى حفل أقامه صاحب الشركة دعا فيه العاملين فى شركته بمناسبة إفتتاح فرع جديد للشركة فى لبنان وهناك رأيت شهاب ابن صاحب الشركة لأول مره وكان يطيل النظر لى حتى اننى اصيبت بالضيق من كثرة نظراته.. وانتهز فرصة إبتعاد ابى عنا بالحديث مع اصدقاء العمل وإنصراف بقية العائلة الى مائدة الطعام واقترب منى يُقدم نفسه لى ثم فجاءة عرض على الزواج وانه سيفعل اى شئ من اجلى لو وافقت ،، فرفضت على الفور مُتعلله بأنى ما زلت ادرس بالجامعة ولا افكر فى الزواج حاليا ، فقال : لايهم.. اعدك ان الزواج لن يؤخرك عن الدراسه ، نستطيع ان نعلن الخطوبه حتى تنتهى من دراستك.. وصمتت تميمة ثم عادت تقول فى اســـــــــــى
-لكن ما عرفته عنه يا عمار بعد ذلك كان افظع،،
وتابعها عمار بالسؤال فى ترقب قائلا
- ما هذا الشئ الذى عرفتيه ؟
فقالت فى ســــــــــــخرية:
- انه متزوج وله طفلان ويريدنى الزوجه الثانية لسيادته 0 وبكت بعدها بكاءاً كأنين العصفور وهى تقول:
-انا احس انى ضائعه وتائهه يا عمار ، لا اعرف ماذا افعل .. انا احيانا اصبحت افكر فى الإنتحار ،، 0 وحاول عماراً ان يطمئنها وهو يقول لها فى حنان:
-كل شئ سيصبح على ما يرام لا داعى لهذه الأفكار ، الحياه لا تؤخذ هكذا فقط قولى لا ولن يستطيع احد إرغامك على شئ لا تريدينه صدقينى يا تميمة .. ارفضى بقوة ولن ينتهى العالم بهذا الرفض
وقالت فى استسلام:
-حاضر سأحاول
وقال لها:
-سنتكلم غداً فى موعدنا .. ارجو ان اسمع منك اخباراً مفرحه.. الى اللقاء
ولم يستطع خلال هذا اليوم ان يفكر فى شيئا سواها ، قضى هذا اليوم بنصف عقل ونصف روح وكان النصفين الأخرين هناك فى الأردن عند تميمة ..وظل صوتها يرن فى اذنـه ،، وانحصرت افكاره فيما قالته له ، ربما لأنها اصبحت شيئا اساسيا فى حياته وفى ايامه منذ ثلاث سنوات، وقد تعود عليها.. على ما تكتبه وعلى ما تحادثه بصوتها انه اصبح يعرفها اكثر مما يعرف نفسه .. يعرف عائلتها فرداً فرداً ويعرف طبائعهم ، يعرف اخوها الأصغر مازن المولع بكرة القدم ويعرف اختها الكبرى ديانا التى لاتريد شيئا من الدنيا سوى العلم والأبحاث العلميه ، انها تقضى ستة عشر ساعة يوميا فى الأبحاث العلمية لا تريد ان تتزوج ولا تعرف ان تمزح كما اخوتها يفعلون او تُفكر ان تخرج يوما للنزهه ..إن تميمة تقول عنها انها لاتطاق ، كل حياتها ابحاث علميه فقط ..... ويعرف اباها الشديد الحنان على اولاده وبالأخص تميمة . انه يحبها اكثر من ديانا ومازن ،،والقى عمار سؤالا لنفسه.. لماذا هذا الأب قرر ان يبيع إبنته رغم ما يتصف به من حنان وحب لتميمة بشكل خاص وهذا ما قالته عن والدها : انه احن اب فى العالم ، وربما كما قالت لو فكر ان يرفض عرض الزواج لوجد نفسه فى الشارع عاطلا دون عمل بعد هذه السنين0 إذن المشكلة تكمن فى عمل هذا الأب فى وظيفة لا تقل مستواها عن وظيفته كى تجعله يعيش فى نفس المستوى الذى اعتاد عليه .. اذن لو عرف ان يدبر لهذا الأب تلك الوظيفة لأستطاع ان يحل مشكلة تميمة.. وإبتسم ساخرا من نفسه وهو يقول: ما لى انا بهذه الفتاة وهذه المشكلة ، واحس برغبة قوية فى الإجابه على هذا السؤال .. اجابة نابعة من السنوات الثلاث الماضية التى تعرف فيها على تميمة، لم يشعر فيها انه يعيش وحيداً فى بلد غير بلده.. لقد كانت تملأ يومه وحياته كلها تملأها بهجة. تحكى له حكايات طريفة حدثت لها فى الجامعة وفى البيت ،، وكانت تساعده فى شرح طريقة عمل الأكلات التى يحبُها ليقوم بطهيها بنفسه بعيداً عن أكلات خادمه الأندونيسى الذى لا يتهاون فى ان يطهو له حشرات زاحفه مادامت هى من مطبخ بلاده ، ، كانت توصف له طريقة الطهى والمقادير وكم تأخذ وقت على النار..لقد علمته ان يصبح طاهى جيد 0 وعلمته ان يتمسك بدينه وعلمته كيف يحب الدنيا كلها يحب عمله ويحب السائق الذى يأخذه الى العمل ويحُب زملائه فى العمل ويُحب خادمه الأندونيسى ، لاشك انها علمته اشيئا كثيره . والأهم انها علمته علم الحياة ..إن الحياة علم كبير وقد تعلمه من تميمة 00 وإندهش فى نفسه قائلا: كيف لهذه الفتاة التى لم يرها مرة واحدة ان تؤثر فيه الى هذا الحد ، فتفق ذهنه على سؤال : هل تريد رؤيتها ، ولاحتله الإجابه وهو ينظر مشدوها الى السماء فى هذه الليلة المرصعة بالنجوم ، إجـابه من اعماقه.. نعم انه يتمنى ان يراها رؤية العين ، انه يُحبها دون ان يراها . دون ان يعى انه يُحبها ، انه يتذكر عندما كان يمر يوما عليه لم يتحادثا فيه0ويتذكر عندما سافرت فى اجازة الصيف الى لبنان، إن هذه الأجازة كانت شهرا كاملا لم تحادثه فيه ، وكانت ايام هذا الشهر تمر عليه ثقيلة ، كان يشعر فيها انه وحيدا الى حد انه كان يبكى كل ليلة.. نعم يحب تميمة بقلبه وعقله . ولماذا الإنكار ، ثم قضى ليلته يفكر كيف يُدبر وظيفة لهذا الأب تجعله فى نفس المستوى ، وفجأة تذكر ان له صديق فى العمل قرر ان يترك الوظيفة ويعمل عملا حرا لحسابه بعدما ضاق بالعمل فى الشركة وقيودها ليتثنى له التفرغ مع هذا العمل الحر لهوايته فى كتابة الشعر وبالأخص الشعر الغنائى ..انه يطمح بأن يتغنى بأشعاره نجوم الغناء فى العالم العربى وهو بالفعل له تجربة وحيدة عندما غنى له رابح صقر اغنية من تأليفه، وهو يفكر فى مشروع جديد يدر ربحا ويقوم هو بمجرد الإشراف فقط ويتقاسم الأرباح مع من يقوم بإدارة المشروع ، وقد عرض ذات يوما على عمار ان يستقيل هو الآخر من الوظيفة.وفكر له فى اكثر من مشروع يقوم بإدارته . لكن عمار اعتذر له فى ادب وقال له : انه لايفكر فى ترك عمله والذى هو من صميم دراسته لعمل آخر يجهله، وقد طرقت الفكرة على رأس عمار
-ماذا لو عرض عليه إقامة شركة لمستلزمات البحر. وفى اليوم التالى كان يبحث عمار يبحث عن نايف ليعرض عليه الفكرة.........
................تــــــــابع........