المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دعي لي حبي الاول



رابعة العدوية
07-07-2006, 10:44 PM
كنت اريد ان اجيء اليك يا نوال كي ازيل من نفسك ذلك الغضب الذي عبثا حاولت كبح جماحه في تلك الليلة التعيسة وانا احوال ان ابرئ نفسي امامك لكم كنت عنيفة معي فلم تتركي لي فرصة اوضح لك فيها امر ذلك الخطاب الذي عثرت عليه في جيبي ورحت ترمينني باقسى نعوت الخيانه والخدر وتصرخين في وجهي وتبكين ويداك تخرجان ملابسك وتدفعان بها الى الحقيبة ثم اذا بك تندفعين الى الخاجرج وانا اجري خلفك وتلقين بنفسك باحدى السيارات ولقد تبعتك كالمجنون ولكنني لم اكد اصل الى المحطة حتى كان القطار يطير بك الى الاسكندرية !فوقفت ذاهلا وقد غامت الدنيا في وجهي حتى اذا افقت بعض الشيء عدت اجر جرا الى البيت وهنالك وقفت في الردهة اجيل البصر حولي في الحجرات المظلمة ثم ارتميت على احد المقاعد ورحت ابكي ! نعم كنت اريد ان اجيء اليك لاستعيدك الى بيتك وزوجك الا انني ما لبثت ان اصابني التردد ورحت اقلب الافكار في خاطري في حيرة قائلا لو انني اخفيت الحقيقة عنك فلن تصدقيني ولو انني قلتها لك فلن تصفحي عني
وطال مع كثرة التفكير عذابي فرايت ان اكتب لك يرادوني الامل في ان قلبك الحنون قد يرحمني وضميرك الطاهر قد يصفح عني فاقرئي قصتي يا نوال ابوح لك بها في هذا الخطاب واحكمي علي لا بقلب المرأه التي تحب وتحطم في سبيل حبها كل شيء وانما بقلب الزوجة التي يسع حلمها كل شي
وانت انسانة يا نوال ةلذلك فانني اطمئن الى حكمك !

كان ذلك يا نوال منذ سنوات حين كنت اقيم مع اهلي في حلوان وكنت لا ازال طالبا في كلية الطب ومع اني كنت نحيف البنية اعاني ضعفا مستمرا الا انني كنت طالبا مجتهدا اقصر وقتي كله على الدرس وقد افردت لي حجرة كنت اقضي فيها كل اوقاتي وكانت حياتي تسير على منوال واحد لا تغير فيه حتى كان يوم من ايام ابريل التي تهب فيها انفاس الربيع وقد استيقظت مع الفجر باكرا لابدأ استذكاري فما ان فتحت النافذة المطلة على الشارع حتى فوجئت بشيء جديد اضطربت له نفسي اذ طالعني في النافذة المقابلة لغرفتي وجه فتاه جميلة الصورة غضة العود لا تتجاوز السابعة عشة من عمرها فما لمحتني حتى شاعت حمرة الخجل في محياها الناصع البياض وانطلقت الى الداخل مسرعة ! وما لبثت ان عرفت انها الساطنه الجديدة للمنزل المقابل وانها وفدت مع امها الى حلوان بعد فجيعتها بابيها وكان في وجهها مخايل براءة ودلائل نعمه فلا يحسبها الناظر اليها الا طفلة مدللة
وانت تعلمين يا نوال ما يحدث بين شاب في مقتل العمر وفتاه صغيرة نافذتها تواجه نافذته فقد استيقظ القلبان الصغيران وغرقت انا في تلك النشوة السحرية التي سرت في كياني فجعلتني اهيم في عالم اخر كانه الفردوس ولم اطق ان تكون فاتنتي بعيدة عن عيني لحظة واحدة فجعلت مكتبي تجاه نافذتها ورحت استمد من عينيها البضاحكتين قوة عجيبة اواصل بها دراستي اما هي فقد هزتها هذه التجربة الاولى في حياتها هزا عنيفا فكانما مستها يد عصا سحرية جعلت كيانها يستحيل الىنور وبهاء وكم كان قلبي يختلج في عجب ممتزج بالبهجة حين افتح نافذتي مع اول خيط من خيوط الفجر فاراها واقفة تنتظرني حتى اذا رأتني تهللت عيناها بالفرح وتراقصت على فمها ابتسامة سعادة غامرة كانها كانت تنبثق من ينبوع صدرها الذي يروح ينخفض ويعلو ثم اذا بها تندفع نحو الداخل كانما تذكرت شيئا ثم لا تلبث ان تعود وهكذا تظل اليوم كله لا عمل لها ولاشاغل يشغلها الا ذلك الفتى الذي كان يسعدها النظر اليه وتراه سعيدا بالنظر اليها
وظللنا هكذا يا نوال نتبادل هذا الحب البريء الطاهر الذي يحد اقصى سعادته فيه في نظرة حالمة او بسمة حانية فلا يطمع في مزيد وظلت هكذا حالنا سنة كاملة لم نتبادل فيها كلمة واحدة ولا اتفقنا على لقاء بل اننا كنا احيانا نتقابل عفوا بالطريق فكان يبدو عليها الارتباك وكنت ابادر انا لاعفيها من ارتباكها الى الابتعاد عنها وان راح قلبي يرفرف كالطائر الحبيس يريد ان ينطلق اليها
ولو لم يحدث ما حدث لكان حبي لكوثر دون ان يترك اكثر من ذكرى لطيفة ناعمه كتلك التي يتركها في نفوس الناس ما يمر بهم من عواطف اللبكر في مطلع حياتهم
ولكن تعاسه حظي ابت الا ان تخلق من هذه الذكرى اللطيفة الناعمه ماساة فاجعة ظللت حياتي بسحابة قاتمه من الشقاء ذلك الشقاء الذي حاولت ان اخفية عنك يا نوال وحاولت ان اجعل حببك لي يدفعه عن حياتي كما تدفع نسمات الفجر كتل الضباب

جِهَاد و كَفَى
08-07-2006, 08:26 PM
سلامٌ عليكِ عزيزتي ..

تبارك الله .. لقلمكِ سحر .. أجدتِ تطويع الحرف في القصة ..

لكن أخبريني .. أهنا انتهت قصتك ..

فيض تحية

رابعة العدوية
09-07-2006, 09:48 PM
عزيزيت جهاد وكفى
لم تنته القصة هنا وان كانت انتهت على اوراقي
لكن اصبت بالاحباط اذ لم اجد من يقرؤها !
تحياتي لك !

جِهَاد و كَفَى
09-07-2006, 10:11 PM
عزيزيت جهاد وكفى
لم تنته القصة هنا وان كانت انتهت على اوراقي
لكن اصبت بالاحباط اذ لم اجد من يقرؤها !
تحياتي لك !


عزيزتي .. اركنيه على جنبٍ إحباطكِ ..

فليس الأمر يتعلق بكِ بل بمن يقرأ

فيض تحية

رابعة العدوية
10-07-2006, 12:28 AM
جهاد وكفى
مشكورة عزيزتي على الاطراء
وان شاء الله سترين البقية بأقرب فرصة
تحياتي

رابعة العدوية
10-07-2006, 03:04 PM
السلام عليكم
اليكم الجزء الثاني من القصة
مع خالص التحية


وكانت الفاجعه في شهر ابريل في ذات الشهر الذي سعدت به برؤية كوثر قبل عام
كنا نقف في نافذتينا كعادتنا وكل منا غارق في عيني الاخر واذا بنا نسمع جلبه في شرفة المنزل المجاور لمنزلها حتى اذا التفتنا ناحيتها وجدنا رجلا كهلا يتفحص ما حواليه شأن الساكن وهو يتفحص منزله الجديد ثم ما لبثت ان تبعته سيدة ممتلئة الجسم بدا واضحا انها زوجته وقد راحت هي الاخرى تتطلع حواليها وتبدي سرورها ثم ارتدا الى الداخل وما ان تواريا حتى اندفعت الى الشرفة في حركة صاخبة فتاه هيفاء العود سمراء البشرة في نحو العشرين من عمرها ذات شعر حالك السواد مسترسل في ثورة على كتفيها وعينين دعجاوين راحت تتفرس بهما بكل ما حولها في جرأة ونهم عجيبين وعلى فمها ابتسامة ظافرة !
ووقعت عيناها اول ما وقعتا على كوثر ثم اذا بهما تتحولان في لمحة سريعة الى ناحيتي وظلت تحدق في عيني فترة طويلة وقد ازدادت ابتسامتها اتساعا فما ادارت وجهها الى الناحية الاخرى حتى وجدتني احول بصري سريعا الى كوثر لارى وجهها ابيض مثل الثلج وما ان التقت عيوننا حتى استدارت فجأة وانطلقت الى الداخل مسرعة وكانما اصابها سهم قاتل ولست ادري لماذا شعرب برغبة مفاجئة بالبكاء وران على قلبي شيء ثقيل المني مع انني لم اكن قد ادركت بعد في وضوح حقيقة ما حدث ثم القيت نفسي على مقعد بجانبي وما لبث الامر ان اتضح في ذهني كانت الغيرة قد فتحت نافذتها فجأة واغمدت سهمها في قلب صغيرتي التي لم تكن قد عرفت الحب حتى الان الا بريئا صافيا ! وحينئذ شعرت بالكراهية نحو تلك الجارة الجديدة التي اقتحمت دنياني السعيدة وارادت ان تعكر صفو حبي .
وقمت على الفور كانما يدفعني مارد الغضب في داخلي فأغلقت النافذة في عنف امام السمراء الجريئة وجلست الى مكتبي وتناولت كتابا من كتب الدراسة ورحت احملق في سطورة بعينين زائغتين الا انني ما لبثت ان طويته في ضيق وقمت واستلقيت على السرير ورحت اتقلب علية كانما اصابتني الحمى وان هي الا دقائق حتى ضقت بالسرير كذلك وشعرت برغبة عارمة في مغادرة البيت والانطلاق الى الصحراء كي اهرب من هذا الشعور بالضيق الذي كان يضغط على صدري غير اني لم اكد
ارتدي ملابسي حتى سمعت ابي يناديني واسقط في يدي وشعرت بقبضة تضغط على قلبي اذ كنت اعلم ان والدي يجلس في تلك اللحظة في الشرفة الماقبلة لشرفة السكنة الجديدة وخفت ان تراني كوثر هناك فيزداد المها بل ربما سرب الشك اليها في اخلاصي لحبها .ولكني لم اجد بدا عنان البي نداء والدي فلما ذهبت اليه طلب مني ان اقرأ له موضوعا في احدى الصحف لان القراءة كانت تتعب عينينة في ذلك الحين فتناولت الصحيفة من يدة في سكون
وكان يجلس موليا ظهرة شطر البيت المقابل فاضطررت الى ان اجلس ووجهي نحو شرفة الجارة الطائشة .وكانت هي في ذلك الوقت قد اغاظها ما حدث مني حين اغلقت النافذة المجاورة في وجهها فاذا الغيظ قد الهب رغبتها في ان تغزو قلبي وتنتصر على عنادي وقد ادركت بغيزة المرأة ان الفتاه التي رأتها تناجيني بعينيها في المنزل المجاور لها كانت غريمة لها فأبت من اول ساعة لسكناها الا ان تعلن الحرب عليها وتنتزع منها فتاها
ورحت وانا منهمك في قراءة الصحيفة لابي اردد النظر الواجف نحوها وهي جالسة في مواجهتي ثم اعود فارد النظر الطرف نحو نافذة حبيبتي وقلبي ينتفض خوفا من ان تعود وترانا على هذه الحال ورحت اسرع بالقراءة عسى ان يتنهي الموضوع الذي ارداه ابي الا ان الوقت راح يمضي ويمضي !

..MeRyL..
11-07-2006, 04:52 PM
ماشاءالله رووووووعهـ..

يعطـيكـِ الـعـافيهـ..

نـنتظر التـكملهـ,,

رابعة العدوية
12-07-2006, 12:14 AM
ميرلي
الله يعافيك
مشكور للمرور
تحياتي

المواطن كين
12-07-2006, 05:34 AM
مولد قلم
اختى : رابعة العدوية
جميل ما خططته اناملك
ومؤشر جيد لأنضمام عضوه
جديدة لقافلة منتدى القصة والرواية
ولهذا استمرى .. فنحن معك..
تحياتى

جِهَاد و كَفَى
12-07-2006, 09:21 AM
مرحبًا سيدتي ..

ما زلت أتابع ..

:)

رابعة العدوية
13-07-2006, 03:03 AM
المواطن كين
تحية طيبة
القصة تجربة جديدة اخوض غمارها
قد تفلح وقد تخيب
محاولة رأيت انها تستحق النشر
تحية لك

رابعة العدوية
13-07-2006, 03:07 AM
جهاد وكفى
اهلا
اعذريني للتأخير
ظروف خارجة عن ارادتي

رابعة العدوية
14-07-2006, 05:44 PM
عذرا للتأخير واترككم مع القصة
..............
وأثناء ذلك سمعت طرقة عالية في الشرفة المقابلة فالتفت إلى هناك فإذا السمراء اللعوب تتصنع الوقوع من مقعدها حتى إذا رأتني انظر ناجيتها اعتدلت فجأة وراحت تضحك ضحكا عاليا وفي هذه اللحظة رأيت كوثر في نافذتها تنظر إلينا وترى السمراء تضحك لي عندما سمعت ضجتها وأدرت بصري إليها وحينئذ كدت من غير وعي انتصب على قدمي و أصيح بعنف قائلا كوثر ولكنها كانت قد أغلقت النافذة في عنف وشعرت بدوار ينتابني فكدت اسقط من على المقعد بينما سمعت ضحكة مجللة تخترق أذني وتطعنني في قلبي وكانت هذه ضحكة السمراء القاسية !
وشعرت كأنما الدم الذي في عروقي قد هرب وأسدلت على عيني سحابة كالليل فما عدت أرى الأسطر ولا الكلمات التي اقرأها في الصحيفة وشعر بي أبي في هذه اللحظة بأن شيئا قد طرأ علي فنظر إلى وجهي ثم هتف منزعجا مالك يا بني ؟إن وجهك اصفر فهل تكون القراءة قد أتعبتك ثم نهض في اضطراب
راب قائلا قم استرح في فراشك فاني لأخشى أن تكون علة القلب قد اشتدت عليك ولكني لم استرح في فراشي بل غادرت البيت منطلقا إلى كثبان الرمل الممتدة خلف المدينة حيث همت على وجهي وفي صدري عاصفة هوجاء إذ احتدم فيه الجزع من الألم الذي تعانيه حبيبتي مختلطا بالغيظ من تلك الماجنة التي أساءت إليها ووخزت بنصل الغيرة قلبها وشعرت بذلك الحب الناعم اللذيذ الذي كان يعيش مطمئنا قلبي وقد استحال فجأة إلى حب عاصف يهدر باللم المرير وتوقفت عن السير وسط الرمال ورحت اهتف باسم حبيبيتي ثم انطلقت راجعا اجري في ذهول !
وجلست في تلك الليلة إلى مكتبي تجاه نافذتها المغلقة أحملق في الظلام الذي يكتنفها والأمل يراود قلبي في كل لحظة إن تدفع حبيبتي مصراعي النافذة فترد إلى جسدي الروح التي سلبتها منمي ولكن انتظاري طال دون جدوى فقضيت الليلة كلها ولم تطف بي سنة نوم حتى الصباح فلما رأيت أول خيط من خيوطه راح الأمل يتجدد في قلبي وقلت لعلها لا تطيل غضبها مني وخصامها لي فتفاجئني بالفجر كعادتها بطلعتها الفاتنة وابتسامتها التي أسعدت أيامي ولكن ساعات النهار مضت دون أن تفتح النافذة بل مضت الأيام وعيناي لا تبرحان تلك النافذة الحبيبة وهي مغلقة في وجهي وقد استحال ألمي وبكائي إلى ذهول صامت لم اعد ادري معه شيئا مما يدور حولي وقد هجرت كتبي وعلومي
حتى كانت صبيحة يوم من الأيام التالية إذ فتحت نافذة غرفتي فأذهلتني مفاجأة جديدة رأيت نافذة كوثر مفتوحة ولكنها لم تكن واقفة بجوارها فدق قلبي دقا عنيفا وكدت إن أصيح من الفرح وشعرت بدمائي تنساب في عروقي بعد أن كانت هاربة وكأنما أشرقت الشمس لأول مرة إمام عيني بعد ليل طويل ورحت انتظر حبيبتي في قلق يكاد يحطم أعصابي وقد اعتزمت هذه المرة أن أخاطبها باسمها وان اكلمها وان اثبت لها براءتي من كل ما حدث بل أن ابعث إليها بقبلة في الهواء تمسح على قلبها المجروح وتزيل كل اثر من الغضب في نفسها !
وفيما إنا غارق في تلك الخواطر إذا بي أراها مقبلة من الداخل ومتجهة نحو النافذة وتقف خلفه وحينئذ جمد الصوت في حلقي ووقفت مبهور الأنفاس حائرا لا ادري ماذا افعل.
وفي هذه اللحظة شاءت لي التعاسة حظي أن التفت إلى شرفة البيت المحاذي إلى بيتنا فرأيت شابا في مقتبل العمر جميل الطلعة بادي الفتوة ينظر إلى ناحية نافذتها ويبتسم فلم ادر ما حدث لي وكل ما شعرت به في هذه اللحظة أن شيئا في داخلي قد تحطم وتهاوى !
فما دار بخلدي يوما أن تخون كوثر حبي وان تطردني من جنة حبها !

..MeRyL..
14-07-2006, 08:52 PM
مشكوووووووره ^_^

وننتظر الجزء الجديـد ..

رابعة العدوية
16-07-2006, 12:24 AM
شكرا ميرلي
وتحياتي للمرور
رابعة

رابعة العدوية
21-10-2006, 12:06 AM
وراحت سلوى تزورني كل يوم –بعد ذلك – وتملأ جو غرفتي بمرحها وهي ما تفتأ تصوب نحوي نظراتها الجريئة وتداعبني بعباراتها الساخرة ثم تنشر حولي عبير عاطفة فيها حرارة وفيها حنان .
ومع ذلك فإنها ما كانت تخرج من عندي حتى كنت أتسلل إلى النافذة فأرى كوثر واقفة وراء مصراع النافذة وأرى الشاب جالسا قبالتها فتعتصر قلبي يد قاسية وأعود إلى السرير مهموما محزونا !


وقد حدث أن كانت سلوى في حجرتي ذات يوم وطلبت مني كتابا تقرأه فقمت انتقي لها أحد كتبي وإذ لاحظت هي وهني وتضعضعي أمسكت بإحدى يديها يدي ووضعت الأخرى على ظهري فلما أصبحنا أمام النافذة لمحت كوثر مقبلة وما أن رأتنا على هذا الحال حتى امتقع لونها واستدارت –في الحال – وعادت مسرعة .وحينئذ شعرت بشيء غريب شعرت بسعادة تغمر قلبي دفعة واحدة .وبلذة تسيطر على كياني كله وتدغدغه ..وأدركت أن هذه هي لذة الانتقام أو لذة التعذيب ! كان قلبي لا يزال على حبه لها ,ولكنه وجد لذته _مع ذلك_ في أن يعذبها !


ومن ذلك اليوم بدأت أجلس مع سلوى بجانب النافذة وأبهج قلبي بإيلام كوثر وإدماء قلبها !
إلا أنها أدركت –فيما يبدو –غايتي فأغلقت نافذتها مرة أخرى ولمن تفتحها فحرمتني حتى من هذه اللذة التي كانت تنبثق كينبوع ماء في صحراء محرقة ! وعادت النار تلهب قلبي مرة أخرى .وعبثا حاولت أن أحول عاطفته إلى سلوى لأرحمة من هذا الجحيم الذي يتلظى فيه .ولكنه كان كالمؤمن المتعصب الذي يتحمل أقسى أنواع العذاب ولا يتحول إيمانه ! ...ومضت بضعة أيام أخرى وإذ كنت في إحدى الأمسيات جالسا في الشرفة ومعي سلوى وقد انصرفت أختي إلى بعض شأنها في المنزل رأيت النور من خلال نافذة كوثر ثم إذا بها تفتح النافذة وتلتفت إلى ناحيتنا ولمحت بريق عينيها خلال ظلمة الشارع وفي هذه اللحظة قفزت إلى ذهني فكرة جنونية فجذبت سلوى إلى الجزء الذي يسطع فيه نور الحجرة من الشرفة وضممتها إلى صدري وقبلتها ! ...وعندئذ رن في أذني صوت غلق النافذة في شدة فتركت سلوى –وهي ذاهلة مما حدث – والتفت إلى ناحية النافذة المغلقة وقد اختفت كوثر خلفها . فغمرت قلبي لذة وحشية وشعرت بالنار المنطفئة فيه تنطفئ كلها ويحل محلها إحساس الأرض العطشى حين تنسكب فجأة فوقها السيول


ومرت دقيقة واحدة ..وإذا بصرخة تمزق الليل .وحدثني قلبي ,فإذا بي اندفع كالمجنون –حافي القدمين- إلى باب المنزل ,أطوي درجات السلم في طرفة عين ثم اجري –في الشارع – إلى باب المنزل المقابل واصعد درجاته واهجم هجوما على المسكن الواقع في الدور الثاني .وهنالك في الردهة رأيت كوثر تقف ذاهلة والنار تشتعل في كل جسمها ..وأمها تخرج من إحدى الحجرات منفوشة الشعر وفي يدها رداء ثقيل تلقيه عليها وتلفها به ,فلم يبق باديا إلا وجهها وهي تنظر ناحيتي بعينين زائغتين ! ولكن النار امتدت إلى شعرها فاندفعت الأم إلى اقرب غطاء منها ولفت به الرأس أيضا وقد حدث كل ذلك في لحظة خاطفة وقفت فيها جامدا كمن نزلت عليه صاعقة ثم ما لبثت أن صرخت كوثر !


وفطنت أمها إذ ذاك إلى وجودي فالتفت نحوي وقبل أن تنطق كلمة واحدة كنت قد اندفعت إلى داخل البيت فعرفت في الحال مقصدي وجرت خلفي فلم تلحق بي إلا في المطبخ وعلبه الكبريت في يدي فقضيت على جسمي بذراعين قويتين وقالت لي((ماذا تريد أن تفعل بنفسك أنت الآخر ؟.)) ثم دفعتني إلى الردهة وقالت لي ((اطلب الإسعاف )) فانطلقت إلى الخارج وكان السكان الآخرون في هذه اللحظة قد أقبلوا مهرولين فلم أميز منهم أحدا لولا أن والدي وأخي حملاني حملا إلى البيت حتى إذا وصلا إليه أرقداني على السرير


فقفزت منه8 واندفعت إلى المطبخ وأمسكت مرة أخرى بعلة الكبريت لولا أن لحقا بي مع أمي وبقية إخوتي فرحت أحاول –بكل قوتي وأعصابي – أن افلت منهم وهم بين الإشفاق على ضعفي والخوف مما أريد أن اصنع بنفسي !
وظللنا على هذه الحال طويلا حتى إذا عرفوا أن قوتي قد انهارت ابتعدوا عني وحينئذ سقطت على الأرض كما يسقط المقتول وغبت عن الدنيا !

رابعة العدوية
22-10-2006, 01:59 AM
ومضى الليل كله حتى إذا أفقت مع الصباح وجدت أهلي كلهم بجواري والطبيب يحدق في وجهي وزجاجات الحقن منثورة حولي وحينئذ بذلت بعض الجهد في استعادة انتباهي و ذاكرتي وما لبثت أن صرخت وأنا أهم بالنهوض قائلا (كوثر ,كوثر) فانحنى أبي وهي يقول في ضراعة وحنان : ( أرجوك يا بني إن تهدأ ,فإنك في خطر ,واقل حركة ستقتلك وكن مطمئنا على كوثر فقد أخذوها الى دار الإسعاف ولا بد أنها ستعود بعد أيام !!


وقال الطبيب لأبي وهو يتأهب للانصراف وعلى وجهة إمارات الخطورة (إن حالته تستدعي الراحة التامة مدة شهور فان القلب يعاني أزمة لا ينجيه منها إلا الله !) وخرج فرحت أقول لأبي (أتوسل إليكم أن تأخذوني إليها فلم يعد الأمر سرا ولم اعد اخجل أمامكم منه إنني أحبها وأنا الذي قتلتها فهل تكونون قساة علي لدرجة أنكم تمنعونني من رؤيتها ؟!
فقال لي أبي (نحن لا نمنعك قسوة عليك يا بني وإنما رحمة في شبابك فان ذهابك معناه موتك أيرضيك يا بني أن تقتل نفسك وتقتلنا معك ؟! وعند ذلك دفنت رأسي في الوسادة ورحت ابكي بكاء مرا وأتوسل وكنت إذا اخذ مني الجهد أغفيت قليلا وإذا بي أتخيل صرخة تمزق الليل ونارا مشتعلة وكوثر تنظر ناحيتي بعينين زائغتين فأصحو صارخا وأروح ويداي ممدودتان الى الأمام اهتف قائلا (كوثر ..كوثر )


فلما جاء المساء كنت قد فقدت كل قوتي ونمت نوما طويلا حتى إذا صحوت وجدت ظلام الليل حالكا وما من احد بجانبي فتسللت من السرير وفتحت النافذة في سكون وحدقت البصر في ساعتي –على ضوء القمر – فوجدتها الحادية عشرة فقلت في نفسي إن آخر قطار يغادر حلوان الى القاهرة في الساعة الثانية عشرة فهنالك إذن متسع من الوقت وأسرعت ارتدي ملابسي على ضوء القمر وتسللت من المنزل الى محطة حلوان وكان القطار خاليا من الناس فوضعت رأسي بين كفي ورحت ابكي وأناجي حبيبتي بصوت مرتفع (قتلتك ..قتلتك يا حبيبتي ..أنا مجرم ..أنا قاتل ..! )
وظللت على هذه الحال حتى وصل القطار الى القاهرة فاندفعت مهرولا ولا ادري كيف وصلت الى دار الإسعاف إنما الذي أدريه هو أنني دخلتها فوجدت موظفا واقفا في إحدى الحجرات فتقدمت إليه وقلت له أين المحترقة التي وصلت أمس من حلوان ؟؟) فأجابني بعدم اكتراث (لقد ماتت)
وعميت عيناي وشعرت في طنين في أذني وكأنما انطلقت عاصفة حولي تهدر وريحها تطوحني كقصبة منفردة في الصحراء وخرجت أتلمس الطريق في ظلمة حالكة وقد شل عقلي فلم ادر ما افعل أو الى أين اذهب وانطلقت أسير على غير هدى وكأنما تدفعني إرادة مغناطيسية وراسي بين ذاك فريسة الحمى وقلبي يدق بضربات متقطعة متهافتة ولم يعد حولي إلا سكون الساعات الأخيرة من الليل وإذا بي –بعد حين من الوقت – أبصر النيل أمامي وعندئذ هبت كل المشاعر المغمى عليها في داخلي وصحت قائلا ( كوثر ! كوثر ...ها آنذا اكفر عن جريمتي واتبعك يا حبيبتي ...)) واندفعت الى النيل وألقيت في نفسي في مائه !


ولكن الموت راحة وقد كان مكتوبا لي في لوح القدر أيام أخرى من التعاسة والشقاء !

المواطن كين
24-10-2006, 03:21 AM
لعل ما جذبنى لقصتك ،هذا الأسلوب الجزل الرشيق
فلا هو نوع من المبالغة اللفظية على حساب الفكرة وما هو بالسهل الذى يثر الضحك
كبعض التجارب التى لم تثقل..وربما لو حاولتى ان تضيفى نوع من الحوارالمباشر
لكان كسرت حاجز خطير يقع فيه الكثير ،
مثلا لو قرأت حادثة معينه فى احدى الصحف ستجدى سرد منطقى لتتعايشى مع هذا الحدث الى اخره
ولكنه فى اخر الأمر اسلوب صحفى ، وهذا الاسلوب يختلف كثيرا كثيرا عن الأسلوب الأدبى
برغم هذا السرد المشترك الذى يجمعهما..
سؤال..من اين تأتى بأفكار قصصك؟ ولما كتاباتك تتسم بالندرة
تحياتى

رابعة العدوية
24-10-2006, 09:37 PM
لعل ما جذبنى لقصتك ،هذا الأسلوب الجزل الرشيق
فلا هو نوع من المبالغة اللفظية على حساب الفكرة وما هو بالسهل الذى يثر الضحك
كبعض التجارب التى لم تثقل..وربما لو حاولتى ان تضيفى نوع من الحوارالمباشر
لكان كسرت حاجز خطير يقع فيه الكثير ،
مثلا لو قرأت حادثة معينه فى احدى الصحف ستجدى سرد منطقى لتتعايشى مع هذا الحدث الى اخره
ولكنه فى اخر الأمر اسلوب صحفى ، وهذا الاسلوب يختلف كثيرا كثيرا عن الأسلوب الأدبى
برغم هذا السرد المشترك الذى يجمعهما..
سؤال..من اين تأتى بأفكار قصصك؟ ولما كتاباتك تتسم بالندرة
تحياتى
لسلام عليكم
المواطن كين !
سرني أن ألتقي بك في صفحات قصتي المتواضعة !
وسرني أكثر أن أرى تعليقك
سيدي لم تكتمل القصة بعد !
أعترف أن القصة تفتقر الى عنصر الحوار وربما تكون محاولة بائسة أخرى ولكني وجدت أن هذه المحاولة تستحق أن تنشر !
وستجد أن الأحداث لاحقا ستتطور بشكل يأخذ منحى أخر !
بصراحة وببساطة أيضا لم أفهم كثيرا بداية تعليقك ربما لأنني مبتدئة هنا وفي كتابة القصة ككل !

مجرد جواب لسؤاليك :
السؤال الأول :من أين أتي بأفكار لقصصي ؟!
أغلب ما أكتبه من قصص على ندرته واختلاف مستواه <وقد نشرت هنا ما وجدت أنه أحسن النماذج من حيث اللغة والفكرة > هو مجرد خيال بحت لمشهد ما أراه !
مشهد قد لا ينتبه له السابلة في الطريق ولكنه ينطبع في ذهني ويتطور ويختزل الى أن أجد أن الوقت قد حان لأخراجه ! سأعطيك مثالا بسيطا !
على طريق الجامعة قصر كبير امر به في الذهاب والاياب قصر تحيط به الاسرار والناس أيضا وكفضول انساني بحت أمتلك انطباعا خاصا عن هذا القصر يجعلني أرغب في اكتشافه والكتابه عنه ولو كان من وحي الخيال ! هكذا يتبلور لدي المكان أما بالنسبة للشخوص فهم أيضا شخوص مساكين أوقعتهم المصادفة البحتة تحت ناظري وقد لا أعرفهم ولكنهم يوحون لدي أنهم ملائمين لهذا الدور او ذاك وهكذا تبدأ القصة ! شخوص بالشارع ناسبوا ما أتخيله ! أمكنة عجيبة ! استجداء لفكرة جديدة وتصور للأحداث وربما أستعين ببعض القصص التي أسمعها مع بعض التحوير والخيال ثم الكتابة ! التي قد تكون بطيئة وقد تكون سريعة وأخيرا مرحلة الحكم والقراءة وهنا فقط أبدأ فرزا دقيقا للكلمات ومحاكمة قد تنتهي بإعدام القصة او خروجها الى النور !
أتعشم أن أكون قد أجبت على سؤالك ! ربما اجابة ضبابية جدا لكن أعتقد أنني هكذا أكتب!

السؤال الثاني:
لم تتسم كتاباتي بالندرة ؟
يعود ذلك لعدة أسباب
أولا :
المحاكمة القاسية لما أكتب تحت شرط نقدي غريب بعض الشيء ينص على أن لا تكون الكتابة نسخا لما تمت كتابته ولا اعادة له وانما أن تكون عملا انقلابيا وذكرى جديدة وبهذا الشرط سيدي أكتب واليه استند في الحكم والاعدام ! تستطيع العودة الى كتاب نزار قباني الكتابة عمل انقلابي فمن هناك استقيت هذه المعرفة!

ثانيا:
أن ميدان القصة ليس ميداني ! فلست قاصة جيدة -الا بما يتعلق بقصص وخيالات الأطفال- أكتب القصة عندما أشعر بالحاجة الى تغيير الجو من طريقتي الكتابية!

ثالثا :
معظم كتاباتي كتابات ذاتية أي أنها تصب في دائرة التأمل والبحث عن الذات وما شاهدته أثناء اليوم والتعليق على ما أراه ! باختصار أجد الكتابة هي وسيلتي لأناقش ذاتي وأتعمق فيها !

رابعا :
محاولتي أن يكون كل ما ينشر هنا متميزا !

خامسا :
لم يتبق شيء ! وعذرا للإطالة ! أرجو أن تتكرم وتشرح معنى ما كتبت في أول الأسطر واعذر قصور فهمي وابتدائي !

تيحتي !