المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عشرون عام في العزلة (مذكرات)



عزمي المعز
17-02-2007, 11:59 AM
شمس خجولة تستأذن في الخروج ونسمات تلفح بلفحات رطبة ,شجرة الفايكس العملاقة تهتز بخشوع كطفل يرتل في آي الله عند خلوة الشيخ (طه البشير)..
ومجموعات النمل تدب في بطولة وهدوء وأسراب من طيور (الرهو) تتجه شمالاً كلوحة متجانسة الألوان والرسم تطلق أصواتاً حزينة حنينة في رحلة مجهولة مقدسة ...
حننيني بحننك ..
مازلت أردد تلك العبارة كلما مر بي سرب من تلك الأسراب بأنامل ممتدة متراقصة كأني أعبث بعاج البيانو ..
وأتمني بين نفسي أمنية ..هكذا قد حدثتني جدتي (عزيزة بت العمدة) رحمها الله مازلت أذكر ملامحها جيداً بشعرها المجعد الناعم (وفلقة الصلاة)تزين وجهها الذي بدت عليه آثار القدم جلية وتلك (الشلوخ) الثلاث إنتظمت في خديها بشكل مرير ..
بدت كمن أراد أن يعطس وهي تغلق عينيها في هدوء وتفتح فمها في عجلة وتشد ملامح وجهها ثم تحنو علي بشئ لم أعهد مثله , ولكنني أحسست بدفئ يتغمدني للحظات وأكاد أميز رائحتها تلك إبتسمت وكأنما أرادت البكاء , سألتها بطفولية مفرطة وأنا إبن السنوات الست ..
- أنتي يا حبوبة (القرن) المعلق في الأوضة ده شنو ؟
زادت عندها تلك الإبتسامة وتلألأت أعينها وحدقت في سقف غرفتها ذات الحصير ثم شهقت بعمق وأخذت تهز رأسها في هدوء ...
- ده قرن التور بتاع عرسي ....
سألتها بعفوية مفرطة ..
- هو إنتي يا حبوبة عرستي ...
أكاد أقسم إنني لم أسمع بضحكة مثل هذه ولم أري في حياتي إستغراق في الضحك مثل مارأيت عندها تلك اللحظة ...
وردت علي وما تزال ضحكتها تلوح ولكنها تلعثمت مع إصرار الجدة علي ردها ..
- كيفن عاد يا ولدي ما عرست ..
ثم تعود إلي ماهي عليه من ضحكها الهستيري وتردد..
- الله يجازيك ياولدي ..

عزمي المعز
07-03-2007, 02:54 PM
وما بين ضحكات جدتي الساخرة وما بين أصوات أسراب الرهو (قصة ) فعندما كنت كعادتي عند كل صباح أرقب تلكم الأسراب وأمدد أناملي بتلك القدسية المحببة ,إذ هو صوت حاجة(عزيزة) وهي تدندن في لحن لم أدرك مطالعه وهي منشغلة (بعواسة) الكسرة في تكلها الصغير المجاور لحيطة (ناس علي الزبير)..إستأثرني ذلك اللحن وبدأت أقترب منه متلصصاً حتي لا ينتهي ,أسترقت السمع و سمعت منه ..
روحي معاك إتلطفيلا ...
لم أدرك وأنا إبن تلك السنوات الست معني تلكم الكلمات ولكنها برغم غموضها علقت في ذاكرتي طوال هذه السنوات ..
وحالما بلغت العشرين كانت الجدة قد رحلت ,وبقيت ذكراها تجول في الذواكر..سمعت ذلك اللحن مجدداً ونظرت إلي السماء ..أسراب الرهو ثانية ..وكأني سمعت جدتي تدندن بلحنها تلك تعوس كسرتها ورائحتها تملأ الأرجاء ..
إنتظرت بثوق لحنها الخالد في مخيلتي وأنا أرقبه كلما مر بي سرب من تلك الأسراب حدقت بلا أعين لتلكم السماء وأرهفت سمعي منتظراً ...

عزمي المعز
17-03-2007, 03:48 PM
إستوينا علي نهج تلكم الحياة البسيطة بكل مافيها من متع وزيف , تتبادل النقائض في ساحتها وكأن صروف الدهر ذات المزاج المتقلب قد تركتنا وأرتحلت , عند حلول موسم النبق كنا نسير كجماعات النمل الأسود في طريقنا إلي الغابة نحمل في أيدينا أكياس فارغة وكانت الأحاديث الدائرة في تلك اللحظات أضراب من البطول الخرافية وبعض ما لقيه بعضنا في إحدي الغارات النبقية ..أذكر إن أحد عمال البابور قد تعقب أثرنا وهم بملاحقتنا فأسرعنا تجاه القرية وصوت أقدامنا يكاد يقلق الطير والوحش ..كنا نلحث بعد أن وقفنا لنلتقط أنفاسنا ..
- والله جنس كردة ...
قالها (خالد) وصوته يتلعثم بأنفاسه وكان يرددها بمتعة وإبتسامة ..
- حقو نمشي تاني .. الزول دا ما بعرف يجر ..
قالها (محمد) ..
وجلست أنا بدوري تحت ظل شجرة النيم الضخمة وقاما بتقليدي في ذلك أسندت رأسي علي جزعها وبدأت أردد في أغنية حفظتها منذ أيام قلائل ..لم يكن صوتي يعجبهم ولكنني أطرب نفسي بتلك الأغنية حدقت في السماء فالسحابات البيضاء مايزلن يتمثلن كعهن .. وبعض طيور (الجنة) الخضراء تزقزق في كبرياء وطرب ..
كففت عن تطريب نفسي بتلك الأغنية التي ملها السامعون وأخذت أفكر فيما إذا أقبلنا إلي القرية خاليي الوفاض من النبق , سنكون مصدراً لسخرية الجميع منا ..
قررنا بعد أن أخذنا قسطاً غير كبير من الراحة أن نذهب لإلتقاط النبق ونقول بين أنفسنا
- تباً لذلك (العامل)..
كنا نراه كذلك ولم يختلف عن ما كان , كنت أعرف شجرة نبق كبيرة للغاية ...
عُبأت الأكياس في نهاية المطاف .. وظهر (عامل البابور) ثانية وفي يده هذه المرة عصاً أقرب للعكاز ..بدت الشجاعة ترتسم علي وجه (خالد) فقد كان أشجعنا ...
- أنا أخاف لي من (عامل غريب)..
ولكن ذلك (العامل) ضربه بقوة وقسوة .. حملنا أكياسنا فوق ظهورنا و(خالد) ممسك في ثيابنا وآثار ضرب (العامل) بادية علي وجهه..و(العامل) يلاحقنا بكلماته ..
- تاني أوأ أشوفكم هنا تاني ...
نقطة >>

رابعة العدوية
17-03-2007, 11:34 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عزمي المعز

حقا استغربت اني لم ادخل ها هنا من قبل وان كان لدي رجاء ما أن تقوم بتجمة الكلمات السودانية !

تحيتي لك ولقلمك

عزمي المعز
18-03-2007, 02:20 PM
الأخت رابعة العدوية :
التجلة لك والشوق أبعثه إليك حاراً كحرارة الشمس الإستوائية ووافر كالنيل المقدس ..
في هذه المذكرات قصدت أن أكتب باللهجة الدارجة السودانية لإعتزازي بالقيم السودانية وبث تلك اللهجة ذات الحضور المتواضع في الأواسط العربية , ولكنها القيم وتلك هي الرسالة مع وافر حبي وتقديري ..

عزمي المعز
18-03-2007, 02:25 PM
لقد إدلهمت الخطوب في ليلة قبرية , من ليالي الشتاء الموحشة المعالم , كنا نفتقر لحس الفكاهة في تلك الليلة , فقد غاب عنا (خالد) الذي كان يمتعنا بقصصه ورواياته الطريفة والساخرة , كنا نقضي معظم الوقت نضحك بلا تردد , وخالد يسرد من دون ملل, هكذا كانت ملامح ليلتنا ..
إفتقدناه في ذلك المساء المكفهر العابس , تبادر إلي ذهني تلك المقولة ..
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر ..
بينما نحن نضيع الوقت بأساليب أقل ما يمكن وصفها بالمملة ..
ونحن بين ممللنا القابع وبين أفكارنا الأكثر مللاً , تسلل بعضنا بعد إلقائهم حججاً وذرائع واهية للعودة للبيوت , كنت أخر من عاد , وإستلقيت في سريري ناظرأ في ملكوت الله , النجم يتلألأ بإنتظام , وصف من النجيمات تتناجي , ونجمة القطب , والكوكب الأحمر , والدب الأصغر , والعذراء , والفرقد جميعهن هناك ينالهن الإعجاب والمتعة تلك المتعة التي تختفي فور إنارة الكهرباء , كان (اللحاف) بارداً رطباً , فقد قمت بإخراجه من بعد آذان المغرب حتي يتثني له حد الإمتاع , إبتسمت حينها وأنا أنظر بين نفسي إلي مالية البشر فلو خلقوا كاملين لما بحثوا عن الكمال , إستوقفني كتابة (أندرية جيد) في قصته (إيزابيلا) وكيف إن ذلك الطالب الذي أتي إلي (الكارفورش) حيث الدكتور (دي سان أوريل) فتعلق بوهم وحقيقة (إيزابيل دي سان أوريل ) باحثاً في داوخله عن الكمال الذي ينقصه , فالكمال الروحي الذي يتمثل في (كازمير) الفتي المعتوه , والكمال الخَلقي الذي يتمثل في (إيزابيل) فشده (الكارفورش) برغم قسوة الطبيعة والتقاليد ..
والكمال الذي أنشدته في تلك الليلة كمال الأشواق والتلألؤ ..
نقطة >>

لوفي ,,
18-03-2007, 07:21 PM
سلمت أناملكـ..

رواية رائعة,,

عزمي المعز
20-03-2007, 12:39 PM
عندما كنا نخطو نحو عالم العشرين دورة دارتها الأرض حول كوة الكون بدت لنا التضاريس التي عشنها فيما يقارب العقدين أشبه بفجيعة , فقصصنا التي تنطوي عليها الذاكرة بشئ من الإنزوائية والحياء لم تكن تعبر عن أطفال أشقياء فحسب وإنما عبرت عن أطفال ذوي مساحات هامشية في حيز ضيق في مجتمع كنا نخشي فيه تلك البوارق المتغنجة , فمسحة الحنان التي تربض علي أكتافنا وتمسح شعرنا الذي قد غفي عليه الملكوت, كانت تأتيني من جدتي لأبي وما بينها وبين عقد آت كانت السماء تنذر بعواصف عواطف وإختلاجات ...
في المساء الأول من شهر كانون الثاني (يناير) بينما أولئك يخرجون من الجناين بأبواق عرباتهم وأهازيجهم وضجة تعلو المكان وتصخبه كنت قد صورت رسماً فوتوغرافياً لإمرأة تبدو في سنوات عمرها الأربعين كان في وجهها شئ من الحزن والألم مما صممت علي إلتقاط صورة لها ...
بدأت بعد أيام عدة من ذلك عندما تمعنت دقة التعبير في ذلك الرسم الفوتوغرافي ,كانت تحدق بكبرياء مجروح وخليط من أمل غائب ترسم علي شفتيها إبتسامة باهتة ترتدي ثوباً رمادي اللون مع بعض الزخارف السوداء ..
الصورة تجسيد للواقع بعين الفنان أما اللوحة فتجسيد لخيال الفنان الواقع هكذا قرأت في إحدي الكتب التي تهتم بالفن والفوتوغرافيا ...
ربما إنني أردت أن أرها هكذا , خبأت الصورة في علبة مقتنياتي الخاصة ..
مرت الأعوام سريعاً ...
نظرت لتلك الصورة فرأيت المرأة تبتسم كما أرادت ...
نقطة>>

عزمي المعز
24-03-2007, 01:17 PM
تلاشت الحقائق , وإدلهمت الخطوب , وغشا الأعين ضباب مشرع كجناحي الملك جبريل تغطيان المشرق والمغرب والقلب يشكو حرقة وسكنت في الحلق عبرات ..
هكذا قد سمعنا عن مرارة الغبن والجور , تنادي الأدمع في لوعة وحرقة ولكنها كغيرها تتخاذل عن نصرتك ..الكون يضيق رغم إتساعه وشسوعه , وتكون أنت في تلك المدارات تسبح وحيداً كوحدة الغفاري أو متشرداً كلقيط سيكون اليوم عندك كالأمس والأمس عندك بشهر والشهر عندك بسنة وكأنها أيام الدجال ..
سيسألك الناس عن مصابك وماقد حاق بك , سوف ينادوك وفي ألحانهم حنين وبكاء , إذ أنت لم تحفل بمن راح وجاء ..فأتي أو لا تأتي أو إفعل بقلوبهم ما تشاء ...
لم تمضي سوي أعوام قليلة من قرأتي لقصة البؤساء لفيكتور هيجو وماتزال عالقة في المخيلة بكل تفاصيلها فالبؤس هو السيد يأمر فيطاع في هذه الأيام وتلاشت أيام الفرح والحبور وكأن الله أطلق من البؤس ما يملأ به النواصي والقلوب فيجد مقاماً طيباً في القلوب والعقول ..
اللهم أشهد أن لا إله غيرك وأن محمداً عبدك ورسولك ..
نقطة <<

عزمي المعز
19-04-2007, 12:55 PM
ضباب مشرع وأشعة مقدسة ترتمي في أحضان ذلك الخلود الذي خطه الخالق وأبدعه , لكم نحترق شوقاً لتلكم الأيام التي علقت بتلك الذواكر المنشغلة , حملناه بحنو كحنو ظئر تحمل رضيعها البكر وتلقه في غيابة ذلك القدر خوفاً من بطش الدهر ..
عندما كنا نجلس في شجرة الفايكس العملاقة تلك وفي أيدينا نبل وحصي وفي قلوبنا أشياء لا يمكن حصرها ...
عندما نلعب في ليل مكتمل قمره الفات الفات نجلس حول وهم طفولي نتربع علي رؤوسنا خافضيها في خشوع مغمضي الأعين نردد بشبق وبراءة ...
الفات الفات في إيدينو .. سبعة لفات في إيدينو ..
عم علي بياع الزيت .. مرتو وداها البيت ..
فات فات في أيدينو .. سبعة لفات في إيدينو ..
كانت كأس غضب الله فارغة خاوية عندما كنا ننعم بتلك الأيام التي لن تعود ...
عندما نحمل شنطة الدمورية و صوت علبة الهندسة يعبر عن موسيقي نادراً ما تتكرر ..
عندما وعندما وعندما ....
وعندما نضع تلك النقطة >>

عزمي المعز
27-05-2007, 01:04 PM
عند خط الأفق وعند تلك النهايات عند مكمن الشمس وقوس قزح يداعب الأصيل الخلود برقة كرقة أنثي مكتملة الأنوثة ,تتخالج الأصوات والروئ صوت إرتطام الموج وصوت عمال الكمائن وأصوات بعيدة بعيدة تنبعث من القرية , نسيم يحمل معه رائحة الأسماك والمانجو والروث الممزوج بالطين اللزج وأولئك يدندنون في لحن شجي , يحملون الطين بجهد نملوي ...
جلست حينها متأملاً بصمت كصمت الدمي أو الأوثان والأصوات تجتاحني كأنها من كل صوب مشكلة لدي سمفونية قلما تتكرر , أمسكت قلمي ولكن التعبير الذي غاب عني منذ تلك الأيام مايزال يلفظني بإحترام وأنا ما بين السموات والأرض في جذب سماوي كدرويش غارق في ذكر الله تتجلي صورتي وأنا إبن السنوات التسع عند حصة الإنشاء وذلك اللوح الخشبي الأدهم وقد خط عليه بخط متقطع البياض ...
بسم الله الرحمن الرحيم
التاريخ 7/11/1989
الخريف
قلم الرصاص في يمناي أديره في تمرد واضح وأقلبه كيفما أشاء محاولاً إصطفاء التعبير من معجمي البسيط لإنتقاء الأفضل ,تواردت إلي خاطري الغيوم وبروق والرعود وإبتلال الأرض وذلك الإخضرار ..
ولكن التعبير قد غاب عني وبدأت أرسم صورة الخريف في مخيلتي ,عندما كنا نخرج تحت زخات المطر ونضحك بمرح طفولي عارم , تبتل ثيابنا وتتلطخ بالطين , ونحن نضحك بعبث , ترتجف قلوبنا خوفاً من التوبيخ الذي ينتظرنا عند وصولنا الديار , ولكن التعبير حينها ما يزال غائب عني , أشهق عندها بهدوء وأرسلها زفرة متقطعة أبتسم حينها إبتسامة صفراء , وضعت قلمي جانباً وبدأت أغني ...
نقطة حتي يأتي التعبير >>

عزمي المعز
28-05-2007, 04:15 PM
علي مقربة من ذلك الخيال الجميل عند أغصان التوت البري وأزهار النيلوفر الأبيض وفراشات تطير بخفة الضباب مشرع حينها وأجسام تتلألأ بإنسجام خفي نهر صغير يشق الأشرعة كنصل حاد والأزاهر والرياحين تحفه بلطف بار ..
كنت ماأزال إبن السنوات الثلاث , نظرت إلي تلك الصورة العتيقة في إلبوم الصور كانت بالية بعض الشئ ألوانها لوحة من الأبيض والأسود وآثار الزمن بادية عليها جلياً , طفل يرتدي عصابة علي جبينه كانت باهتة بعض الشئ ولكن الهلال في منتصفها مايزال محتفظاً ببريقه , وسيف صغير أحمله في يدي اليمني والخضاب يعتجرها بأنفة , أدركت حينها إنني وقتها (عريس)..!!
لم أعد أتذكر تلك المراسم التي لا تنسي ولكن الزمن كفيل بمحوها من ذاكرتي ,أحاول جاهداً تذكر تلك المرحلة , فجلست إلي جوار أمي وهي كعادتها تحتسي بعض المشروبات المسائية وسألتها القصة ..
- والله ما مذكرة حاجة , الكلام ده ليهو أكتر من عشرين سنة دايرني أذكروا ليك أسي ...
خاب أملي حينها ,وأدركت بين نفسي إن تلك المرحلة من عمري قد أقفل عليها بمفتاح ضائع وكما تقول تلك الأحجية (المفتاح عند النجار والنجار عايز فلوس والفلوس عند السلطان والسلطان عايز عروس والعروس عايزة المنديل والمنديل عند الجهال والجهال عايزين لبن واللبن عند البقر والبقر عايز حشيش والحشيش تحت الجبل والجبل عايز مطر والمطر عند ربنا ربنا يا ربنا نحن جهال إيه ذنبنا )..
أيقنت صعوبة مهمتي تلك ببعث ذلك الماضي وتلك الحقبة ..
في صبيحة يوم من أيام الأسبوع سمعت صوت حاج (مبارك ود الجيلي) ينادي ..
- أرح معانا الضقالة عندنا طهور الولد ده ...
كانت هيئته كهيئتي عند تلك الصورة الخضاب وتلك العصابة والسيف , فتشوقت لبقية التفاصيل علها تأتيني بقبس ,ركبنا العربة وإنطلقنا لم تمضي سوي دقائق حتي كنا عنده ...
عجوز بلغ من الكبر أشده يرتجف بلا خوف غار وجهه بين تلك التجاعيد الكثيرة يحرك فمه بإستمرار كأنه يمضغ لحماً , وبدأت تلك المراسم ..
- عاين الطيارة ديك ....
وعينك ماتشوف إلا النور ...
نقطة>>

عزمي المعز
11-06-2007, 01:18 PM
إبتسمت (عزيزة بت العمدة) وبعض دمعات إستأذنت الخروج من مخابئها فتناولتها بسبابتها اليسري والإبتسامة ماتزال مرتسمة علي وجهها الذي لاذ الزمن عليه وأكسبه نكهة خالصة خاصة , إزداد ألق وجهها إشراقاً حينها ...
- الوليد ده من هو صغير شقي ...
فأبتدرت ضحكتها تلك , وأسرت بين نفسها ...(ربنا يحفظ )...
في كُرسيّ البلاستيكي الأبيض عند منتهي النهايات السعيدة والحزينة قبالة المغيب وأنا أنتظر نداء كمال عثمان بلهفة خجولة وخوف باطن , أقلب تلك الذكريات بين تلك المخيلة بين تلك الدمعات التي أستقبلها بالإبتسامات بجميع ألوانها يتخلج الإحساس بروعة المكان والذكري فينتابني الحنين الذي يغشاني في أغلب الأحيان ..
- الله أكبر ...الله أكبر ...
كبير الله .... أدخل كرسي الأبيض وأستعد للصلاة ...
نقطة >>

رابعة العدوية
11-06-2007, 08:02 PM
لا زلت هنا ..

متابعة ..

عزمي المعز
18-06-2007, 02:16 PM
بسطت رابعة الحبل لنا فوصلنا الحبل منه ما أتسع
حرة تجلو شتيتا واضحاً مثل قرن الشمس في الغيم سطع
أبيات من عينية سويد أستهلها في تلك الحضرة ... أجل خير الكلام ما قل ودل ...
أشكرك..

رابعة العدوية
19-06-2007, 11:59 AM
بسطت رابعة الحبل لنا فوصلنا الحبل منه ما أتسع
حرة تجلو شتيتا واضحاً مثل قرن الشمس في الغيم سطع
أبيات من عينية سويد أستهلها في تلك الحضرة ... أجل خير الكلام ما قل ودل ...
أشكرك..

:أفكر: مرحبا مجددا ..

:D بصراحة اول مرة تصادفني هذه الأبيات ..

لا زلت متابعة وان كنت بالمرة القادمة سأدرج بعضا من الكلمات التي استعصت علي ولم أفهمها ..

شكرا لك ..

عزمي المعز
19-06-2007, 01:08 PM
شمس ترسل شعاعها بتأنق إنجليزي ترفع قبعتها إحتراماً لضريح الشيخ طه عند شروقها وتستأذنه عند المغيب ,الطير ما يزال يردد ألحانه السماوية تلك , وعند شجرة النيم الضخمة والتي كانت تمثل لنا ذلك العالم بكل أساطيره وكل خرافاته , فقد سمعنا إن (سحارا) يقطنها وإن غولاً كان يلوذ بها عندما يشتد الحر فيطلبها طلباً لظلها الذي وسع كل شئ وأحتبت بفنائه تلك الأساطير , يداعبها النسيم فتتمايل كأنثي مغترة بقوامها اللدن ,والطير من حولها يرمي بألحانه تلك ,وذلك القبر الأسمنتي البارز كتب علي شواهده شواهد الخلود والكبرياء ..
يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلي ربك راضية مرضية وأدخلي في عبادي وأدخلي جنتي
إنا لله وإنا إليه راجعون ..
والتلال البرزخية غير بعيدة عن ذاك الفناء وتلك اللوحات السوداء تقف شاهدة علي تلكم الحكايات وتلك الأيام ,يرقد تحتها أولئك رحلوا في هدوء والإبتسامة مرتسمة علي شفاههم وعلي وجوههم ..
كل واحد منهم يروي تأريخ بأكمله ..
هذا قبر المرحوم
التاي أحمد عثمان
المتوفي سنة ...
هذا قبر المرحوم
تاج الأصفياء بشير
المتوفي في يوم السبت 25/1/.....
قبور وقبور ..
أذكر حينها جدي طه الأمين (عليه رحمة الله) بجبينه الوضاء وإبتسامته العذبة يغمغم بالذكر الخفي يتفلت إبهامه بين أصابعه وصوته يتردد في مخيلتي ..
-الله يباركك ..
مسحت حينها تلك الدمعة التي خرجت من مخبئها دون إستئذان وقرأت الفاتحة لروحهم ومضيت أفكر ..
البيوت تقترب مني رويداً رويدا والهدوء يتلاشي بفعل خطواتي المثقلة المتجهة نحو القرية ,بصري في الأديم وقلبي خافق بين دنيا وبرزخ ...
نقطة أقلب الصفحة >>

رابعة العدوية
19-06-2007, 08:33 PM
شمس ترسل شعاعها بتأنق إنجليزي


:D تأنق انجليزي ؟! ..

ألا ترى ان هذا رفع من قيمة القيم الانجليزية نوعا ما ..؟!

دمتْ

عزمي المعز
24-06-2007, 02:40 PM
العزيزة جداً رابعة العدوية
التجلة لك ..
في البدء أود أن أشكر لك الدقة ولكني أود أن ألفت نظرك لما كنت أرمي إليه , فقد قصدت من التأنق الإنجليزي التأنق المعروف ليس ذلك إعلاءاً من شأن الإنجليز ولا أحط بمقولتي تلك بقدر الشمس إنما ضرورة الأدب كما تعلمين فالضرورات تبيح المحظورات وأكثر ذلك في الأدب فقد حق تقديم ما حقه التأخير لضرورة الشعر وتغيير حركات الإعراب في شتي الصور لذا كان لابد لي من ذلك الوصف حتي يأخذ صورة جمالية في الوصف ومن ذلك كان التشبيه في اللغة العربية كنحو ..زيد كالأسد في الشجاعة وليس ذلك منك ببعيد أود أن أشكرك ثانية لدقتك علي إني من الذين يحترمون ذكاء الأنثي وأكن التقدير كله لذلك ...
دمتي ..

عزمي المعز
24-06-2007, 02:51 PM
في الماضي أحاسيس لا يمكن إدراكها وكأنها نافدة إلينا من أقطار الغيب ,نغمض أعيننا حيالها ونبتسم بهدوء غريب وكأننا نتلذذ بها كطقس بوذي تالد , الأحاسيس تذدان بتلك البقعة الضوئية الرائعة نتمناها بين أنفسنا دائماً نستنشقها بهدوء فينشرخ جدار الماضي الجميل فنشتم فيه كل تلك الروائح العذبة الجميلة نتمني بين أنفسنا أن لا تغادر صدورنا الجافة ولكنها تذهب عند حلول أول زفرة منا ..
أذكر عندما وقفت أمام المرآة ذات صباح تأهباً لذهابي الكئيب للمدرسة وأنا أرتدي حلتها تلك وشنطة الدمور علي كتفي متسخة بالأتربة وبقايا الحبر السائل محملة بالكراسات وبعض الكتب والتي كان دوري فيها وكوب شاي الصباح بالقرب مني رغم تلك الجرعات التي أخذت منه علي حين غرة ..
إنتهي درس التسريح بعد لحظات قليلة وأقبلت أردد المانشيت الذي حفظ في أرجاء البيت ...
- فردة الشبط التانية وين ؟
فأسمع الرد نفسه في كل يوم حتي حفظت تلك الإسطوانة ...
- أنا كنت لابسها معاك أمش فتشا براك ...
أومأ بحركات إعتدتها عند سماع ذلك الرد فتبدأ رحلة البحث عن فردة الشبط حتي يتم العثور عليها في أخر المطاف فأداعب رأسي قليلاً فأضرب بها الأرض بحركة تذمر واضحة فينتهي بي الحال في المدرسة ..
تقتادني تلك الجموع الذاهبة للمدرسة بتذكيرهم ما حدث بالأمس ضاحكاً تارة وغاضباً تارة أخري فينقضي اليوم بين مزاحنا وغضبا وتتماذج فينا الذكريات عندها ....
نقطة>>

مازن حج علي
24-06-2007, 06:41 PM
{بطاقة تهنئة بعرس الشهادة}

إلى الشهيد البطل/ محمود أبو هنود (أسد عيبال)

والقائد العسكري لكتائب الشهيد "عز الدين القسّام"

وإلى رفاقه الشهداء الميامين "أيمن ومأمون رشيد حشايكة" رحمهم الله جميعاً وأسكنهم فسيج جناته.


الشاعر العربيّ لبيدُ بن ربيعة الكنعاني
يوم الجمعة 15 رمضان 1422هـ
30 تشرين ثاني (نوفمبر) 2001م
http://www.palestine-info.info/arabic/poems/abohanod.jpg





1

"يا صيدُ" حزناً ودّعي "محمـودا"

فوق الأكـفِ وعاهدي "هنّودا"

2

سقط الغضنفرُ في حماك مخضّـباً

كالنســـر طاح وهامه ممدودا

3

"يا صيدُ" للحدث العظيم تزلزت

عزفتْ بلحن النّـــائبات نشيدا

4

"يا صيدُ" أفقدها المصاب صوابها

وتصــــدّعت وديانها ترديدا

5

وتفجّر البركانُ للغضـب الذي

غَمَرَ البلاد هــــواتفاً وبريدا

6

عذراً"عصيرةُ" فالفــقيدُ مبجّل

"لكتــائب القسّام" كان عميدا

7

هذا التبادل للشــهادة مـاثلٌ

فلديـك "أمجدُ" من بني "مسعودا"

8

"محمودُ" مذ طلب الشهادة راضياً

طفـــق اليهود بإثره مقصودا

9

بطل المسيرة راح يجــهرُ مؤذناً

سننُ الجهــاد لكي يؤول شهيدا

10

"محمودُ" ركنٌ في انتفاضـتنا التي

قلبت كـــيان الغاصبين جليدا

11

رفعت له كل الفــصائل رايةً

طول البلاد وعـــرضها تمجيداً

12

حسدوا "لمحمودَ" الإمـارةَ قادها

عبثاً تروقُ لمن يعيــشُ حسودا

13

تبّت فعالُ الخـــائنين لدينهم

وتجاوزوا حُمرَ الخـطوطِ حدودا

14

ماذا جنى الســفهاءُ غير نذالة

نفخوا الجيوبَ وفي الحساب رصيدا

15

فُضحَ العميلُ وإن توارى خِـسَّةً

بالخـــزي ضلّ إلى الخفاء بليدا

16

يا"أمُ محمودَ" الصــبورةَ ثابري

رُشّي الحبيـب مع العطور ورودا

17

وتقبّلي ســيل التهاني واهنأي

حضرَ العـريسُ فأطلقي الزّغرودا

18

أزفَ الرحيلُ إلى العـروسِ تزُفّهُ

والغــــارُ فوق جبينه يَبرودا

19

لا تألمي بالله يــومَ فـــراقهِ

ترك الدُّنــــا فمصيرنا محدودا

20

بُشـــراكِ دارُ الخالدين مقرُّهُ

جنّاتُ عدن بــاركت "محمودا"

21

فهناك حــور العين حين تهيأتْ

طرْفُ الحِســانِ بدا لهنّ سعيدا

22

في صــحبة الأبرارِ ينهلُ كوثراً

من حوضِ "أحمدَ" بل ينالُ مزيدا

23

يا خــالتي "محمودُ" ليس كمثله

كالليثِ رغـــم يَفَاعَه جُلمودا

24

أغدقتِ من لبنِ الســباعِ بجوفهِ

أرضعت شبــلك منذ حلّ وليدا

25

"محمودُ" في عمرِ الزهــور تألقاً

يمضي إلى حـــسن المقامِ مجيدا

26

لا ضير يا "محمودُ" أنـتَ إمامُنا

في جنّةِ الرضــوانِ فزت شهيدا

27

هيهات أن يُوفيكَ حـقّكَ شاعرٌ

مهما رثاكَ وإنْ يــكونُ "لبيدا"

28

"محمودُ" في رحـم القضيةِ ضَيغَمٌ

زرع الديارَ صلابةً وصـــمودا

29

ذاك الفتى الوسميُّ في أقرانـــهِ

يوم الوغى بفعاله مشــــهودا

30

أمُّ المعاركِ يوم كان حصــارُهُ

جمعوا لجُنحَ الظّلامِ حشـــودا

31

وتقاطرت تلك السّــرايا خَلسةً

بالمركبات المثقلات جـــنودا

32

فتحتْ عليه القــاذفاتُ لهيبها

باب الجحيمِ أُوارها ورُعـــودا

33

"محمودُ" كالـطوفانِ زمجرَ غاضباً

فكــــأنما مُلئَ العرينُ أُسُودا

34

وارتدَّ من خـلف الجدارِ مهاجماً

ضغط الزنـــاد وأشعل البارودا

35

رشقَ القنــــابل للعدوِ بخفَّةٍ

فتمزّقت إَرَبَ الكـــلابِ ثريدا

36

أردى ثلاثتهُمْ بأوّلِ زخـــةٍ

وتجنْدلتْ جِيفُ العُلُـوجِ حصيدا

37

أضحى اشتباكُ النار بين صفوفهم

باراكُ باتَ لســــانُهُ معقودا

38

فتسارع الإسعافُ يغسلُ عارهم

حملَ المشاةَ إلى الجــحيمِ طُرودا

39

جيشُ الدفاعِ إلى الوراء تقهقروا

ليطاردوا ممنْ أتــــوهُ طريدا

40

"محمودُ للقــسّامِ" خيرُ خليفةٍ

ورسمْتَ نهجاً للجهـــادِ أكيدا

41

وعقدتَ عزمـكَ لن تمُرَّ فلولهم

صدقُ المبادئَ أنْ تظـــل فريدا

42

وصنعتَ نصراً رغمَ كثرةِ جُندهم

هذا لعُمركَ في الســجل خلودا

43

وأدرتَ معركةِ الإبـــاءِ بعزةٍ

وتركتَ أجلافَ اليــهود قرودا

44

ينسابُ من عنتِ الحصارِ بجرحه

خرَقَ الكمينَ إلى "السُّريْجِ" وحيدا

45

زحف الأبيُّ إلى المديــنةِ عُنوةً

فتسابقتْ لجراحــــه تضميدا

46

بثقَ الإخاءُ من المُحافظ أفـرزت

وتوطّدت سُبُلُ النضــال جديدا

47

حقدوا عليه وطاردوهُ بقســوةٍ

كمْ أهرقُوا للمخـــبرين نقودا

48

قصفتْ له المِيراجُ في ثكناتــهِ

في السّجنِ كان دمـارُهُ منشُودا

49

في المرّتينِ نجا بقُدرة خالـــقٍ

بالشكر خرّ "لربِّـــه" توحيدا

50

ناجى "إله الكونِ" صلّى خاشـعاً

مُتبتلاً فضْلَ الدُّعاءِ ســـجودا

51

رصدُوا "لمحمودَ" المنافذَ تــارةً

من رُعبهم قد جرّدُوا الطُـوربيدا

52

يا لَيْتَهم قد واجهُواُ محاربـــاً

بلْ غِيلةً وسلاحَهُ مغمُــــودا

53

لكنْ وقدْ حُمَّ القضـاءُ على الفتى

وجَدَ السّبيل أمامَهُ مســـدودا

54

إنّ الذي جلبَ الجُــناةَ مُخادعٌ

بخيانةٍ باع الضميرَ حقــــودا

55

عصفتْ صواريخُ الأباتشي رَكبَهُ

بالطـــائرات وفجّروا العُنقُودا

56

فتفحّمَ الباصُ الصّغــيرُ ككُتْلة

صمّـاءَ في طرفِ السّياجِ حديدا

57

وتهالكَتْ منهُ القُوى مُـتأرجحاً

ثُمّ انــحنى صوبَ الجنُوب قعودا

58

وتدفقَ الرشاشُ ينْهكُ جــسمَهُ

فهوى الـنحيلُ على التُّراب قديدا

59

وتناثرتْ أشلاؤُهُ بفظاعــــةٍ

عجباً يـــصيرُ بلحظةٍ مفقودا

60

شرفُ الشهادةِ من ينالُ وِسَامها

ضَمِنَ النعيـــمَ لأهله وخُلودا

61

وردَ"الحشـايكةُ" النُّمُورُ حياضها

أرْواحُهُم نحو الــسّماء صعودا

62

وتعانق الأخــوانِ "أيمنُ" جاثياً

"مأمُونُ" طار من الزُّجـاجِ بعيدا

63

عبقتْ دماءُ الطُّهرِ طابَ رحيقُها

"هنُّود" صاهرَ في النّجيعَ "رشيدا"

64

عُمقُ التلاحُــمِ في الفِداء هديّةٌ

ولشعبنا بنضاله معـــــهودا

65

هذا هو القَــدرُ المنُوطُ بأرضنا

عبر الزمانِ وفي الرّباطِ شهــودا

66

لِوادعـه الآلاف حيث توافدت

فجع الفصــائل قد ذُهِلْنَ شُرُدوا

67

"عِيبَالُ" يُؤْلمُـــهُ ويحزنُ كونهُ

للسّجنِ سيقَ وفي اليدينِ قُــيودا

68

و"القُدسِ" تعشـقُهُ يصونُ عَفافَها

"هنُّودُ" هامَ بعِشقها مشْــدُودا

69

في "القُدسِ" معركةُ البقاء نخوُضُها

وبَها نعُودُ إلى اليـــقين وجُودا

70

يا أمّتي فيمَ التخـــاذُلُ والخنا

لم تُضْمِرِينَ الشَّجْــبَ والتنديدا

71

هُبّي "حماسُ" فدّمـريِ لكِيَانهمْ

لا تعقدين مع الغـــُزاةِ عُهُودا

72

ضُمّي "الجهادَ وفتحَ" ولتتحالفوُا

ضدَّ اليهودِ كتائبـــاً وفُهُودا

73

شرَكٌ سلامُ الزّيــفِ لا تتوهمّوا

لبنيِ القُــــرُود تُوثّقُون عُقُودا

74

رُدّي بتفجيرِ القَــنابلَ واتركي

صِيغَ البَيَان ونــفّذي التهديدا

75

مُوفازُ لا يكفي وعـازَرَ بادري

صُبّيِ على خُبُــثِ القَرَاد أسيدا

76

شارونُ يسفُكُ للــدماء غزيرةً

عاثَ الفســـادَ بإِفكِهِ نمرودا

77

فَلْتقّتُلوهُ لعلَّ نزْفَ جـــرَاحنا

تَشفى إذا طمــسَ الهلاكُ يهودا

78

ولتحرقوا الحاخامَ يهدر حـُمقَهُ

لاوي البغيضُ وظـــِئْرَهُ عُوفيدا

79

"مــوسى" كليمَ اللهِ قبّحَ فعْلَهُمْ

مُذْ حرّقوا الألواحَ والــتُّلمُودا

80

منْ يقتُـــلُونَ الأنبياءَ تلطّخوا

بالمنكرَات يصُوغُها دافــــيدا

81

غدرُوا "اليَسُوع" بفتنةٍ أَوْدتْ بهِ

"يحيى" الذبيحُ وخـالفُوا "داوودا"

82

وتآمروا حــين اصطفاه بمُلكهِ

"طالوتُ" ضاق بخـَصْمِهِ جالُودا

83

قسماً بأمْرِ الله ســوفَ نُبيدهُمْ

ونساؤُهُم بين الحـــُقُول عبيدا

84

عُملاءُ "إسرائيلَ" فليــتجرّعُوا

سُمَّ الزُّعافِ ويلعقـــونَ مُبيدا

85

يا "آلَ هنُّودَ" الكِــرام عَزاءنا

بالدّمِ ننظُمِ للشهيد قـــصيدا

عزمي المعز
02-10-2007, 01:27 PM
منذ أن تقلدنا بالتقاليد التي إمتدت عبر بوابة القرون الخالدة ونحن مانزال نولي كل الإهتمام للحفاظ علي تلك المقتنيات والموروثات الشعبية والعرقية فتربيتنا التي إنتهجها أسلافنا قد عنت لنا الكثير والكثير فخلال العقود التي إتسمت إلي حد كبير بالعقلانية الإبداعية في أصول التربية الجماعية وكنا من أواخر تلكم الأجيال التي شهدت تلك الفترة الخاصة ..
عندما يشغلنا اللهو واللعب في الأحايين الكثيرة عند مفترقات الحي لم يكن بال أهلونا مشغولاً بنا كما هو الحال في مثل هذه الحالات ..
أذكر حينها عندما ذهبنا للمطار (مطار أم دغينة) كانت الشقاوة هي طابع الجميع وبعض البطولات والتي يرسمها بعضاً ممن خاضوا إثارة المخاطرة في الذهاب للمطار كانوا يجلبون (الموتورات, والأسلاك الشائكة والتي تستخدم في صناعة العربات والأسلاك الرباطية كما كنا نسميها ) كانت المخاطر تمثل حداً رهيباً من الإثارة والتشويق لا يمكن لآحد منا أن يدعه يمضي بسلام ..
كان (هاني) الذي أنضم إلينا أخيراً ممن خاضوا تلك المخاطرة وبدأ يسرد في تفاصيل مجازفته الماضية بدءاً بتسلق الأسوار العالية من الأسلاك الشائكة ومروراً بالكلاب الشرسة التي تحرس المطار ومن ثم حراس المطار الذين لا يترددون بدفع من سولت لهم أنفسهم بشتي أنواع التعذيب المتاحة آنذاك ..
بدأ بعضنا ينسلخ من الأمر خوفاً من مغبة الأفعال التي تخلفها وذهبت مع الوفد الذاهب للمخاطرة كنا نحمل أدواتنا الخاصة (زردية , وكماشة وأكياس) ..
لاحت لنا فرادس المطار وإنشغلنا بحجم الإثارة التي تنتظرنا قطعنا الأسلاك الشائكة بإتجاه كوشة المطار التي نتحمل منا بالكنوز ..
لم تمضي سوي دقائق حتي وقفنا أمام الكنز فالموتورات في إنتظارنا كما قيل لنا والأسلاك كذلك ولكن مالم يكن في الحسبان إن ذلك الرجل كان ورائنا ..
بعد أن إمتلأت الأكياس بالكنوز تسمرنا عند مكاننا عند رؤية ذلك الرجل بملامحه التي تدعو إلي الرعب والجزع ..كان لونه فاحماً وعينيه حمراويتين وشاربه الكثيف المكتظ يمسك بين يديه عصا غليظة يربت بها علي يده اليسري وكانما إنتظر ذلك طويلاً ..
غلب علينا البكاء في تلك اللحظة ..لم يعد عقلنا يفكر في شئ البتة ..
ولكني تيقظت حينها فتركت متاعي عنده وأسرعت نحو القرية ...
نقطة >>

عزمي المعز
10-12-2007, 08:55 AM
تحت الظلال البعيدة وفي فردوس الروح عالم يعج بالحكايات والأساطير عندما تمتزج الخرافة بالواقع والخيال بالحقيقة والجمال البهي يختلط بزفرات غبن عندها فقط ندرك إن الأيام قد تبدلت وتغيرت ...
في عصر كل يوم سبت عند بنية الشيخ ود أبزيد تجتمع الأفواج لإقامة حولية الشيخ فيأتون من كل فج وحدب محملين بالبليلة واللقيمات والشاي كقرابين في روح الشيخ , كنا حينئذ أطفال لم تتعدي أعمارنا السادسة ننظر بإبتهاج وننتظر منح الشيخ بعد إنقضاء الحولية , نعود إلي أهلونا والسعادة تغمرنا إلي أخمص أقدامنا ...
قمنا في ذلك اليوم بزيارة قبة الشيخ ود أبزيد ووجدنا إمرأة تدفن شئ عن تلك القبة المقدسة , إنتظرنا ذهابها بفارغ الصبر , وذهبنا ننقب من ورائها , فوجدنا إنها دفنت مبلغاً من المال إقتسمناه فيما بيننا في سعادة ومضينا وكل الحبور يحفنا ....
نقطة..

عزمي المعز
10-12-2007, 09:00 AM
تحت الظلال البعيدة وفي فردوس الروح عالم يعج بالحكايات والأساطير عندما تمتزج الخرافة بالواقع والخيال بالحقيقة والجمال البهي يختلط بزفرات غبن عندها فقط ندرك إن الأيام قد تبدلت وتغيرت ...
في عصر كل يوم سبت عند بنية الشيخ ود أبزيد تجتمع الأفواج لإقامة حولية الشيخ فيأتون من كل فج وحدب محملين بالبليلة واللقيمات والشاي كقرابين في روح الشيخ , كنا حينئذ أطفال لم تتعدي أعمارنا السادسة ننظر بإبتهاج وننتظر منح الشيخ بعد إنقضاء الحولية , نعود إلي أهلونا والسعادة تغمرنا إلي أخمص أقدامنا ...
قمنا في ذلك اليوم بزيارة قبة الشيخ ود أبزيد ووجدنا إمرأة تدفن شئ عن تلك القبة المقدسة , إنتظرنا ذهابها بفارغ الصبر , وذهبنا ننقب من ورائها , فوجدنا إنها دفنت مبلغاً من المال إقتسمناه فيما بيننا في سعادة ومضينا وكل الحبور يحفنا ....
نقطة

kmr
13-12-2007, 07:57 PM
حلوات الكلمات بس اغلب الي بين اقواس يعني بالمرّه بنفهمنش هه!!
التعابير رائعه جدًا يعني حلو كتير الجمله: منذ أن تقلدنا بالتقاليد التي إمتدت عبر بوابة القرون الخالدة
الى الامام سر:biggthump

عزمي المعز
07-02-2008, 10:37 AM
لا يلقي الله علي عواتقنا أكثر مما نستطيع تحمله , وكأنما (رمسيس الثاني) يصب جام غضبه ولعناته علي , الحزن قد بلغ أشده وصدي الكلمات يتردد طوال تلك السنوات كبقرات فرعون العجاف , والسنبلة ما تزال في دفاتر الغيب , والمسافات ما تزال بذلك الطول الذي عهدته , وما أزال أدون في دفتري اللعين انهال عليه وأوسعه حروفاً بقدر غضبي وحزني .....
وجدار حزني الواهي أقامه الزمن خوفاً من إستخراج كنزه حتي يبلغ الحزن أشده , وكأنه جدار مساكين المدينة تلك , وسفينة أيامي قد أعيبت خوفاً من اللأ خوف نفسه ...
عند حواجز النكران , وعند النهايات , وعندما يظهر قوس قزح بألوانه السبعة بعد زخات رقيقة يمثل إنعكاس للماء في رحمة الضوء ويمثل لوحة الطبيعية عندما تفرد جمالها , العطر باق ما يزال , والحزن كذلك ...
28/11/2002