Star_Fire
27-02-2007, 02:58 AM
البشريـــــة مقابـــل حفنـــــة لصــــــوص
_________
قبل خمسمائة عام تقريبا بدأ عدد من اللصوص والمجرمين والمحكومين بالاعدام رحلة الخلاص بقيادة المغامر امريكو فيسبوتشي لاكتشاف العالم الجديد، ومنذ ذلك التاريخ وفلسفة النهب تتبلور تدريجيا على يد ابناء واحفاد وورثة نفس اولئك اللصوص الاوائل صناع فلسفة العولمة الحاليين القائمة على نفس الايديولوجية القذرة بقتل الاصحاب الاصليين للثروة ونهب خيراتهم والحلول مكانهم واليوم تتجدد التجربة تارة بنفس الطريقة البدائية كما هو الحال مع الشعب الفلسطيني واخرى بالقوة الغربية المباشرة كما هو الحال الآن في العراق واخرى بواسطة الوكلاء كما هو الحال في لبنان، فمن اين يمكن للتنمية الوطنية والقومية ان تكون وهؤلاء اللصوص يقفون بعصيهم على برميل الخير في الارض يعاونهم لصوص صغار ووكلاء سخفاء مقابل فتات يلقونه لهم فرادى هنا وهناك وشعوبهم تموت جوعا.
الصراع على القوت او الثروة هو اساس الصراع على وجه الارض ويمكن القول ان الصراع على القوت كان ولا زال اساس الصراع منذ العشب والماء وحتى الذهب والبترول، وعادة ما كان الاقوياء هم اصحاب الحظوة في السيطرة على مقدرات الآخرين وما يجري في العالم المتمدن لا يختلف كثيرا عن نظام الغابة وسيطرة الحيوان الاقوى على الحيوانات الضعيفة والتعبير الشائع عن تسمية الاسد بملك الغابة يشبه نفس التعبير اليوم عن تسمية امريكا بسيدة او زعيمة او قائدة العالم فما يوحد بين ملك الغابة وملكة البشرية اليوم ان كلاهما قادران على السطو على مقدرات الاخرين.
هذا الصراع البدائي تحول تدريجيا الى حروب بين القبائل والتي كانت اساسا حروبا بسبب التنازع على مصادر المياه والاماكن الرعوية ثم صراعا بين الدول وظهور النمط الاستعماري في العالم، ولا ينسى الباحثين لتاريخ الحركات الاستعمارية تلك الصرخة التي اطلقها سيسيل رودوس وهو يرى العمال من مواطنيه يضربون احتجاجا على البطالة فقال ان الحل هو الخروج الى الخارج وقد كان هو سيد التجربة الاستعمارية في افريقيا وقد حملت روديسيا اليوم اسمه شخصيا، وبذا اتقنت الدول الاستعمارية تصدير ازماتها الاقتصادية الى الخارج والبحث عن حلول لمشاكلها خارج حدودها الوطنية وما الحلابين الاستعماريتين الأولى والثانية واتفاقيات تقاسم النفوذ بين الدول واخضاع دول لاخرى كما حدث بالاخضاع العسكري لليابان والمانيا وتوقيعها على اتفاقيات السيطرة لصالح الدول الاستعمارية المنتصرة وانشاء حلف الاطلسي والسيطرة الامريكية على الحلف ومشروع مارشال الاقتصادي وكذا اخضاع سائر دول العالم لسيطرة استعمارية مباشرة محكومة بقرارات اممية كما هو قرار الانتداب والذي اخضع العالم لحفنة قليلة من الراسماليين المستبدين.
يمكن القول أن الحرب الباردة وظهور قطبين في العالم بعد الحرب الثانية ومعسكرين قويين متعارضين قد صنعا حالة من التوازن بين الشرق والغرب وجعلت الصراع خفيا، وبسبب من وجود المعسكر الشرقي والصراع على النفوذ بين قوى السوق الراسمالي الى جانب تنامي حركات التحرر الشعبية في سائر بقاع الارض من وضع حد للاطماع الاستعمارية وجعلها تحسب الف حساب قبل ان تقدم على الاعتداء على مقدرات ايا من الشعوب الفقيرة.
إن الانكماش الذي اصاب الاتحاد السوفياتي والوهن الذي حل به وبالمعسكر الاشتراكي باكمله قد فتح شهية البلدان الاستعمارية على معاودة السعي لبسط نفوذها على مكامن الثروة الحقيقة في العالم وتحديدا مصادر النفط، وفتح الفرصة على مصراعيها امام البلدان الاستعمارية لوراثة الاتحاد السوفياتي في مناطق نفوذه وقد استعادت قضايا السيطرة على موارد الثروة في مختلف بقاع الارض اهميتها في سياسة الولايات المتحدة العسكرية لا الدبلوماسية، بعد ان تغيرت الاسس الاستراتيجية لمفهوم القوة لدى الولايات المتحدة من تكديس قوة ردع جبارة والاحتفاظ باكبر قدجر ممكن من التحالفات في العالم في مواجهة القوة المتعاظمة للمعسكر الاشتراكي والذي كان يعني حد ادنى من الاحترام للحلفاء لاهميتهم وللخشية من ان ينقلبوا الى الجانب الآخر، وبغياب الاتحاد السوفياتي ومنظومة الدول الاشتراكية اصبح الخوف من القطب الآخر غير قائم اصلا وقد اشار معهد دراسات الامن القومي في دراسة اعدها خصيصا لوزارة الدفاع الامريكية الى ان المؤسسة العسكرية الامريكية لا زالت فعالة ومهمة للامن القومي وحتى تتمكن من القيام بدورها ذاك فلابد أن يوازيها اقتصاد قوي وحيوي وقالت الدراسة نصا" يعتمد الامن القومي على المشاركة الناجحة في الاقتصاد العالمي " 0 وقد كان بيل كلينتون اول من اوضح ذلك أثناء حملته الرئاسية عام 1992 حين قال" ان قوتنا الاقتصادية يجب ان تصبح عنصرا مركزيا في تحديد سياستنا الامنية القومية" وفي توضيحه لفلسفة اعلاء شان الاقتصاد في السياسة الخارجية الامريكية قال كلينتون داعيا الى اعادة بناء ادارة الدولة الامريكية حتى" لا يعود الاقتصاد ابن العم الفقير ادبلوماسية المدرسة القديمة" وقد كان وزير خارجيته وارن كريستوفر اكثر وضوحا حين قال ان ادارته سوف " تدفع الامن الاقتصادي لامريا الى الامام بنفس القوة وسعة الحيلة اللتين كرسناهما لشن الحرب الباردة" هذه السياسة التي تربط بشكل وثيق بين الامن والاقتصاد لا بد لها وهي الدولة الاكثر استهلاكا للنفط والغاز ولذا فهي اذا ستبقى حريصة على تدفق آمن للموارد الرئيسة والحيوية لاقتصادها وعلى هذا اشار كلينتون الى ان " الازدهار في الداخل يعتمد على الاستقرار في المناطق الرئيسيةالتي نتاجر معها او نستورد منها السلع الحيوية".
الجنرال انطوني زيني في تفسيره لتواجد قواته في الخليج والصومال والبوسنة ومشاركتها في العمليات الحربية هناك قال " ان منطقة الشرق الاوسط ذات قيمة واضحة لنا كمصدر للنفط والغاز الطبيعي ....... وعدم الاستقرار في هذه المنطقة يمكن ان يعرض للخطر حرية الوصول الى هذه الموارد" واضاف " ان الحاجة الى الحفاظ على استقرار الامور هناك هي حيوية لاقتصادنا ".
تشير نصوص العقيدة العسكرية للجيش الروسي الحديث بادارة بوتين الى ان احدى مهمات القوات المسلحة الروسية هي " خلق الشروط لاجل امن النشاط الاقتصادي وحماية المصالح القومية للاتحاد الروسي في البحار الاقليمية وعلى الطرف القاري وفي النطاق الاقتصادي الحصري قبالة الشواطيء للاتحاد الروسي وفي اعالي البحار" وقد بدا التنافس حادا بين موسكو وواشنطن على السيطرة على مناطق بحر قزوين والسيطرة على بلدان آسيا الوسطى والنزاعات هناك لا زالت مستمرة بشكل او بآخر، كما ان كلا من الصين واليابان قد عملتا على تعديل خططهما الامنية وفقا لاولياتهم الاقتصادية وكذا تاتي المشاركة المتواصلة لانجلترا في حروب امريكا في الخليج وافغانستان محاولة للابقاء على مصالحها الحيوية مؤمنة وقد جاءت مشاركة فرنسا والمانيا وايطاليا واسبانيا في العديد من الانشطة العسكرية على نفس القاعدة ولكي تجد وسيلة للابقاء على حصتها محفوظة وقد سعت دول اخرى اقل اهمية واهدافا استعمارية للاستفادة من هذه الاجواء مثل كندا على سبيل مثال مما يؤشر الى ان البلدان الفقيرة اصبحت مطمعا سهلا لكل من يملك ان يركب في دبابات الجيش الامريكي المنفلت عقاله.
لم ينحصر التنافس على البترول والغاز وانما يمتد الى المواد الاولية الاخرى كالخشب والماس والاحجار الكريمة والنحاس، ويقول الباحثون في البنك الدولي ان البلدان التي تملك موارد هامة يمكن السطو عليها " يزيد احتمال ان تشهد حربا اربعة اضعاف عن الدول التي ليس فيها سلع أولية.
الولايات المتحدة لوحدها تستهلك 30% من كل المواد الخام المستعملة من قبل سكان العالم" ولما كان عدد السكان يتزايد بشكل سريع وقد قفز عدد سكان العالم من 2.6 بليون نسمة عام 1950 الى 6 بلايين عام 1999 بينما بقيت الموارد محدودة بل ان بعضها مهدد بالانقراض او الاختفاء فان السيطرة على هذه الموارد تكتسب اهمية عظمى.
إلى جانب النفط والمواد الاولية الصناعية الرئيسية يقف الماء كاخطر مادة مهمة للحياة والتجارة والنقل والتواصل والزراعة وبالتالي لاستمرار الحياة ولذا فان الصراع على مصادر وممرات المياه وثروات البحار هو صراع ازلي متواصل وما الحرب التي شنتها بريطانيا وفرنسا ضد قرار الرئيس عبد الناصر تاميم قناة السويس وسعيها عبر حرب عام 1967 لتجريد مصر من اهم مصدر اقتصادي حيوي باغلاق قناة السويس بعد احتلال سناء وسيطرة ومحاولات اسرائيل المستمرة للسيطرة على منابع نهر الاردن والسعي لتحويل مجراه واستئثارها ببحيرة طبريا والبحر الميت وثرواتهما واهميتهما الا نموذجا حيا على نهب خيرات الشعوب، وتجدر الاشارة الى انه رغم ان الارض تحوي مقادير هائلة من الماء الا ان الماء العذب محدود جدا وهو يشكل نسبة 3% من اجمالي مخزون ماء الارض وبالتالي فان تقدم البشرية وزيادة عددها سوف تعني نقصا حادا في هذا المخزون وتزيد من حدة الصراع على هذه المصادر ومن يتابع الاوضاع داخل الاراضي الفلسطينية يجد ان واحدة من اكبر الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني هو استمرار سيطرة اسرائيل على مصادر المياه الجوفية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وينضم الى خطر النقص في المياه العذبة خطر النقص في موارد اولية هامة كالغابات والعديد من الانواع النباتية والثروة الحيوانية، كما ان الدراسات التي تشير الى احتمال انخفاض نسبة هطول المطر سوف تزيد من انتشار الجفاف والتصحر وتزيد فرص الصراع حتى على الاراضي الخصبة التي ستقل مساحتها قطعا وسيقل تدفق المياه في انهار حيوية مثل نهري النيل والهندوس.
النزاعات إلى جانب أنها نشأت وتنشا على الوصول الى الموارد الاولية والسيطرة عليها لاستمرار تدفقها وكذا على المياه فهي ايضا نشات وتنشا على ثروات اعالي البحار والوصول اليها وكذلك على الممرات المائية مثل مضيق هرمز عند مدخل الخليج ومضيق ملقا بين اندونيسيا وماليزيا وباب المندب والبوسفور ( المضائق التركية ) وكذا قناة السويس وقناة بنما
- يتبع -
_________
قبل خمسمائة عام تقريبا بدأ عدد من اللصوص والمجرمين والمحكومين بالاعدام رحلة الخلاص بقيادة المغامر امريكو فيسبوتشي لاكتشاف العالم الجديد، ومنذ ذلك التاريخ وفلسفة النهب تتبلور تدريجيا على يد ابناء واحفاد وورثة نفس اولئك اللصوص الاوائل صناع فلسفة العولمة الحاليين القائمة على نفس الايديولوجية القذرة بقتل الاصحاب الاصليين للثروة ونهب خيراتهم والحلول مكانهم واليوم تتجدد التجربة تارة بنفس الطريقة البدائية كما هو الحال مع الشعب الفلسطيني واخرى بالقوة الغربية المباشرة كما هو الحال الآن في العراق واخرى بواسطة الوكلاء كما هو الحال في لبنان، فمن اين يمكن للتنمية الوطنية والقومية ان تكون وهؤلاء اللصوص يقفون بعصيهم على برميل الخير في الارض يعاونهم لصوص صغار ووكلاء سخفاء مقابل فتات يلقونه لهم فرادى هنا وهناك وشعوبهم تموت جوعا.
الصراع على القوت او الثروة هو اساس الصراع على وجه الارض ويمكن القول ان الصراع على القوت كان ولا زال اساس الصراع منذ العشب والماء وحتى الذهب والبترول، وعادة ما كان الاقوياء هم اصحاب الحظوة في السيطرة على مقدرات الآخرين وما يجري في العالم المتمدن لا يختلف كثيرا عن نظام الغابة وسيطرة الحيوان الاقوى على الحيوانات الضعيفة والتعبير الشائع عن تسمية الاسد بملك الغابة يشبه نفس التعبير اليوم عن تسمية امريكا بسيدة او زعيمة او قائدة العالم فما يوحد بين ملك الغابة وملكة البشرية اليوم ان كلاهما قادران على السطو على مقدرات الاخرين.
هذا الصراع البدائي تحول تدريجيا الى حروب بين القبائل والتي كانت اساسا حروبا بسبب التنازع على مصادر المياه والاماكن الرعوية ثم صراعا بين الدول وظهور النمط الاستعماري في العالم، ولا ينسى الباحثين لتاريخ الحركات الاستعمارية تلك الصرخة التي اطلقها سيسيل رودوس وهو يرى العمال من مواطنيه يضربون احتجاجا على البطالة فقال ان الحل هو الخروج الى الخارج وقد كان هو سيد التجربة الاستعمارية في افريقيا وقد حملت روديسيا اليوم اسمه شخصيا، وبذا اتقنت الدول الاستعمارية تصدير ازماتها الاقتصادية الى الخارج والبحث عن حلول لمشاكلها خارج حدودها الوطنية وما الحلابين الاستعماريتين الأولى والثانية واتفاقيات تقاسم النفوذ بين الدول واخضاع دول لاخرى كما حدث بالاخضاع العسكري لليابان والمانيا وتوقيعها على اتفاقيات السيطرة لصالح الدول الاستعمارية المنتصرة وانشاء حلف الاطلسي والسيطرة الامريكية على الحلف ومشروع مارشال الاقتصادي وكذا اخضاع سائر دول العالم لسيطرة استعمارية مباشرة محكومة بقرارات اممية كما هو قرار الانتداب والذي اخضع العالم لحفنة قليلة من الراسماليين المستبدين.
يمكن القول أن الحرب الباردة وظهور قطبين في العالم بعد الحرب الثانية ومعسكرين قويين متعارضين قد صنعا حالة من التوازن بين الشرق والغرب وجعلت الصراع خفيا، وبسبب من وجود المعسكر الشرقي والصراع على النفوذ بين قوى السوق الراسمالي الى جانب تنامي حركات التحرر الشعبية في سائر بقاع الارض من وضع حد للاطماع الاستعمارية وجعلها تحسب الف حساب قبل ان تقدم على الاعتداء على مقدرات ايا من الشعوب الفقيرة.
إن الانكماش الذي اصاب الاتحاد السوفياتي والوهن الذي حل به وبالمعسكر الاشتراكي باكمله قد فتح شهية البلدان الاستعمارية على معاودة السعي لبسط نفوذها على مكامن الثروة الحقيقة في العالم وتحديدا مصادر النفط، وفتح الفرصة على مصراعيها امام البلدان الاستعمارية لوراثة الاتحاد السوفياتي في مناطق نفوذه وقد استعادت قضايا السيطرة على موارد الثروة في مختلف بقاع الارض اهميتها في سياسة الولايات المتحدة العسكرية لا الدبلوماسية، بعد ان تغيرت الاسس الاستراتيجية لمفهوم القوة لدى الولايات المتحدة من تكديس قوة ردع جبارة والاحتفاظ باكبر قدجر ممكن من التحالفات في العالم في مواجهة القوة المتعاظمة للمعسكر الاشتراكي والذي كان يعني حد ادنى من الاحترام للحلفاء لاهميتهم وللخشية من ان ينقلبوا الى الجانب الآخر، وبغياب الاتحاد السوفياتي ومنظومة الدول الاشتراكية اصبح الخوف من القطب الآخر غير قائم اصلا وقد اشار معهد دراسات الامن القومي في دراسة اعدها خصيصا لوزارة الدفاع الامريكية الى ان المؤسسة العسكرية الامريكية لا زالت فعالة ومهمة للامن القومي وحتى تتمكن من القيام بدورها ذاك فلابد أن يوازيها اقتصاد قوي وحيوي وقالت الدراسة نصا" يعتمد الامن القومي على المشاركة الناجحة في الاقتصاد العالمي " 0 وقد كان بيل كلينتون اول من اوضح ذلك أثناء حملته الرئاسية عام 1992 حين قال" ان قوتنا الاقتصادية يجب ان تصبح عنصرا مركزيا في تحديد سياستنا الامنية القومية" وفي توضيحه لفلسفة اعلاء شان الاقتصاد في السياسة الخارجية الامريكية قال كلينتون داعيا الى اعادة بناء ادارة الدولة الامريكية حتى" لا يعود الاقتصاد ابن العم الفقير ادبلوماسية المدرسة القديمة" وقد كان وزير خارجيته وارن كريستوفر اكثر وضوحا حين قال ان ادارته سوف " تدفع الامن الاقتصادي لامريا الى الامام بنفس القوة وسعة الحيلة اللتين كرسناهما لشن الحرب الباردة" هذه السياسة التي تربط بشكل وثيق بين الامن والاقتصاد لا بد لها وهي الدولة الاكثر استهلاكا للنفط والغاز ولذا فهي اذا ستبقى حريصة على تدفق آمن للموارد الرئيسة والحيوية لاقتصادها وعلى هذا اشار كلينتون الى ان " الازدهار في الداخل يعتمد على الاستقرار في المناطق الرئيسيةالتي نتاجر معها او نستورد منها السلع الحيوية".
الجنرال انطوني زيني في تفسيره لتواجد قواته في الخليج والصومال والبوسنة ومشاركتها في العمليات الحربية هناك قال " ان منطقة الشرق الاوسط ذات قيمة واضحة لنا كمصدر للنفط والغاز الطبيعي ....... وعدم الاستقرار في هذه المنطقة يمكن ان يعرض للخطر حرية الوصول الى هذه الموارد" واضاف " ان الحاجة الى الحفاظ على استقرار الامور هناك هي حيوية لاقتصادنا ".
تشير نصوص العقيدة العسكرية للجيش الروسي الحديث بادارة بوتين الى ان احدى مهمات القوات المسلحة الروسية هي " خلق الشروط لاجل امن النشاط الاقتصادي وحماية المصالح القومية للاتحاد الروسي في البحار الاقليمية وعلى الطرف القاري وفي النطاق الاقتصادي الحصري قبالة الشواطيء للاتحاد الروسي وفي اعالي البحار" وقد بدا التنافس حادا بين موسكو وواشنطن على السيطرة على مناطق بحر قزوين والسيطرة على بلدان آسيا الوسطى والنزاعات هناك لا زالت مستمرة بشكل او بآخر، كما ان كلا من الصين واليابان قد عملتا على تعديل خططهما الامنية وفقا لاولياتهم الاقتصادية وكذا تاتي المشاركة المتواصلة لانجلترا في حروب امريكا في الخليج وافغانستان محاولة للابقاء على مصالحها الحيوية مؤمنة وقد جاءت مشاركة فرنسا والمانيا وايطاليا واسبانيا في العديد من الانشطة العسكرية على نفس القاعدة ولكي تجد وسيلة للابقاء على حصتها محفوظة وقد سعت دول اخرى اقل اهمية واهدافا استعمارية للاستفادة من هذه الاجواء مثل كندا على سبيل مثال مما يؤشر الى ان البلدان الفقيرة اصبحت مطمعا سهلا لكل من يملك ان يركب في دبابات الجيش الامريكي المنفلت عقاله.
لم ينحصر التنافس على البترول والغاز وانما يمتد الى المواد الاولية الاخرى كالخشب والماس والاحجار الكريمة والنحاس، ويقول الباحثون في البنك الدولي ان البلدان التي تملك موارد هامة يمكن السطو عليها " يزيد احتمال ان تشهد حربا اربعة اضعاف عن الدول التي ليس فيها سلع أولية.
الولايات المتحدة لوحدها تستهلك 30% من كل المواد الخام المستعملة من قبل سكان العالم" ولما كان عدد السكان يتزايد بشكل سريع وقد قفز عدد سكان العالم من 2.6 بليون نسمة عام 1950 الى 6 بلايين عام 1999 بينما بقيت الموارد محدودة بل ان بعضها مهدد بالانقراض او الاختفاء فان السيطرة على هذه الموارد تكتسب اهمية عظمى.
إلى جانب النفط والمواد الاولية الصناعية الرئيسية يقف الماء كاخطر مادة مهمة للحياة والتجارة والنقل والتواصل والزراعة وبالتالي لاستمرار الحياة ولذا فان الصراع على مصادر وممرات المياه وثروات البحار هو صراع ازلي متواصل وما الحرب التي شنتها بريطانيا وفرنسا ضد قرار الرئيس عبد الناصر تاميم قناة السويس وسعيها عبر حرب عام 1967 لتجريد مصر من اهم مصدر اقتصادي حيوي باغلاق قناة السويس بعد احتلال سناء وسيطرة ومحاولات اسرائيل المستمرة للسيطرة على منابع نهر الاردن والسعي لتحويل مجراه واستئثارها ببحيرة طبريا والبحر الميت وثرواتهما واهميتهما الا نموذجا حيا على نهب خيرات الشعوب، وتجدر الاشارة الى انه رغم ان الارض تحوي مقادير هائلة من الماء الا ان الماء العذب محدود جدا وهو يشكل نسبة 3% من اجمالي مخزون ماء الارض وبالتالي فان تقدم البشرية وزيادة عددها سوف تعني نقصا حادا في هذا المخزون وتزيد من حدة الصراع على هذه المصادر ومن يتابع الاوضاع داخل الاراضي الفلسطينية يجد ان واحدة من اكبر الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني هو استمرار سيطرة اسرائيل على مصادر المياه الجوفية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وينضم الى خطر النقص في المياه العذبة خطر النقص في موارد اولية هامة كالغابات والعديد من الانواع النباتية والثروة الحيوانية، كما ان الدراسات التي تشير الى احتمال انخفاض نسبة هطول المطر سوف تزيد من انتشار الجفاف والتصحر وتزيد فرص الصراع حتى على الاراضي الخصبة التي ستقل مساحتها قطعا وسيقل تدفق المياه في انهار حيوية مثل نهري النيل والهندوس.
النزاعات إلى جانب أنها نشأت وتنشا على الوصول الى الموارد الاولية والسيطرة عليها لاستمرار تدفقها وكذا على المياه فهي ايضا نشات وتنشا على ثروات اعالي البحار والوصول اليها وكذلك على الممرات المائية مثل مضيق هرمز عند مدخل الخليج ومضيق ملقا بين اندونيسيا وماليزيا وباب المندب والبوسفور ( المضائق التركية ) وكذا قناة السويس وقناة بنما
- يتبع -