نماذج النزاعات على الموارد الحيوية
1 – الصراع النفطي في الخليج:
بعد الحرب العالمية الاولى اعتمدت الولايات المتحدة على حماية مصادر النفط بحماية الانظمة الحليفة هناك وذلك وفق الرؤية التي رسخها ترومان عام 1947 واستمر على نهجها ايزنهاور عام 1957 وهي تعتمد على وجود عسكري امريكي في البلدان النتجة للنفط وتعهد بحمايتها من خطر الغزو الخارجي ( الاتحاد السوفياتي ) وقد استمرت الامور على ذلك حتى حرب اكتوبر عام 1973 حين استخدمت الدول العربية سلاح النفط في الحرب على اسرائيل بوقف امداد الدول التي تدعم اسرائيل بانفط وظهر النفط كسلاح خطر وسلعة استرتيجية من الدرجة الاولى وقد ادى ذلك الى ارتفاع اسعار النفط الى اربعة اضعاف وقد ادى الفرار الى حالات نقص في الوقود لدى العديد من البلدان وانخفض الانتاج الصناعي العالمي وساد السوق العالمي ركودا اقتصاديا استمر لفترة طويلة، ومنذ ذلك بدات الولايات المتحدة تنظر الى النفط كسلعة استرتيجية ومصدر للاستقرار العالمي واخذت تفكر باستخدام القوة للسيطرة على مصادره وتامين تدفقه وقد عبر عن ذلك هنري كيسنجر في حديثه لمجلة Business Week في عددها الصادر بتاريخ 13/1/1975 صفحة69 قائلا " ان الولايات المتحدة مستعدة للذهاب الى الحرب لاجل النفط واضاف ان واشنطن رغم كونها لا ترغب في استخدام القوة في نزاع على الاسعار لوحدها لن تتردد من فعل ذلك حيث يوجد خنق فعلي للعالم المصنع " الذي يملك الصناعة " وفي 23/1/1980 وبعد الاطاحة بشاه ايران وظهور الازمة النفطية الثانية بعد حرب اكتوبر صرح الرئيس الامريكي في جيمي كارتر في ذلك اليوم قائلا بان بلاده " سوف تصد باية وسيلة ضرورية بما في ذلك القوة العسكرية " كل محاولة لتقييد تدفق النفط في الخليج وقد وجد تهديد كارتر فرصته للتنفيذ في عام 1990 حيث رات امريكا ان السيطرة العراقية على نفط الكويت والسعودية لاحقا سوف يفرض تهديدا لا يحتمل على الامن الاقتصادي الغربي وكانت النتيجة حربا امريكية باسم تحرير الكويت وحماية مصادر الطاقة، ويعرف العالم كيف تطورت حرب الخليج الى احتلال الكويت والسيطرة التامه على نفطه وترسيخ الوجود العسكري الامريكي في المنطقة بانماط واشكال مختلفة كالاحتلال في العراق والتاجير في قطر والاستضافة في الكويت والسعودية وتجدر الاشارة الى البلدان العربية السعودية والعراق والامارات والكويت وليبيا تملك 56.8% من احتياط النفط العالمي وذلك حسب تقرير وكالة الطاقة الدولية عام 1999م.
2 – الصراع في حوض بحر قزوين:
يضم حوض بحر قزوين روسيا وايران وبعض جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا وهي اذربيجان وجورجيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان واوزبكستان وهو يعتبر ثاني موقع للاحتياطي النفط في العالم وكذا مركز هام للغاز الطبيعي، لهذا تتنامى هناك الصراعات الاثنية والسياسية وتبدو جلية في الصراع غير المباشر بين الولايات المتحدة والاتحاد الروسي وكذا مع ايران، ولا شك يذكر العالم جيدا احداث خريف 1999 في كل من جمهورية داغستان الروسية وهجوم موسكو على الشيشان والقتال الذي اشتعلت اواره في كل من اوزبكستان وغرغيزستان بين الحكوميين والاسلاميين، الى جانب ذلك بدات بلدان حوض بحر قزوين بنشاط محموم للاستفادة من مخزون الطاقة الكامن على شواطئهم وقد اشارت البروفسورة مارثا بريل الكوت من جامعة كولجيت الى ان الاهتمام المتزايد بالطاقة المخزونة في بحر قزوين سوف تخلق " عدم استقرار في المنطقة وازمة يمكن ان تمتد من البحر الاسود الى المحيط الهندي ومن جبال الاورال الى حوض تاريم في الصين"، كما أن ما تتعرض له ايران اليوم من مضايقات وحصار تقوده الولايات المتحدة وبرضى الدول الصناعية الكبرى ياتي في هذا السياق ذلك ان ايران وحدها مثلا تملك حسب تقرير ادارة الطاقة الدوليه في كانون ثاني عام 2000 وحدها 15 بليون برميل من احتياطي نفط بحر قزوين وكذلك اا تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي وهي تملك 5.1% من احتياطي النفط العالمي.
إن الصراع على الطاقة في بحر قزوين يبدو هو المصدر الاساس للصراع الدائر بين روسيا وامريكا في المنطقة وهو تكرار للصراع الاقدم بين روسيا القيصرية وبريطانيا في القرن التاسع عشر على السيطره على المنطقة نفسها، فروسيا تسعى للاحتفاظ بنفوذها التاريخي هناك بينما تسعى الولايات المتحدة لجعل بحر قزوين الممول البديل للنفط من المنطقة العربية وتامين وصوله الى الغرب بمعزل عن السيطرة الروسية او الايرانية وقد اوضح ذلك وزير الطاقة الامريكي بيل ريتشاردسون قائلا" ان هذا يتعلق بامن طاقة امريكا الذي يعتمد على تنويع مصادرنا للنفط والغاز على النطاق العالمي، انه يتعلق ايضا بمنع حدوث اعتداءات استرتيجية من قبل اولئك الذين لا يشاركونا قيمنا".
3 – النفط في بحر الصين الجنوبي:
بحر الصين الجنوبي يشمل شمالا تايوان والصين وشرقا الفيلبين وجنوبا اندونيسيا وماليزيا زغربا فيتنام، فهو اذن يضم اخطر الدول واكثرها فاعلية ونشاطا في في القارة الآسيوية ومكمن الخطر في تلك المنطقة ياتي لاسباب عدة منها:
ا – أن المنطقة تعتبر المخزون الاستراتيجي الثالث للطاقة في العالم.
ب – ان الدول المحيطة متنازعة على السيطرة عليها وهي مستعدة للقتال في سبيل احكام سيطرتها هناك فالتنافس بين الدول المحيطة شديد.
ج – ان الدول الاستعمارية لا زالت تحتفظ بذكريات مؤلمة من تواجدها في المنطقة.
د – ان دول المنطقة تملك اعلى معدلات نمو اقتصادي في العالم وحتى في ذروة فترة الركود الاقتصادي العالمي في الاعوام ما بين 1997 – 1999 فقد تجاوزت معدلات النمو لديه في بعض الحالات اكثر من 10% سنويا.
هـ – رغم ان آسيا تنتج اليوم من الطاقة بقدر ما تستهلك الا انها سوف تجد نفسها مع الزمن مضطرة للبحث عن مصادر خارجية للطاقة بزيادة الفجوة بين ما تنتج وما تستهلك.
و – ان التقديرات للمخزون في بحر الصين الجنوبي تجاوزت حسب تقرير وزارة الجيولوجيا والموارد المعدنية الصينيه ما مقداره 130 بليون برميل من النفط وهو يفوق مخزون اوروبا وأمريكا اللاتينية مجتمعتين رغم ان هذه التقديرات غير مثبته الا انها فتحت الابواب للاطماع المتبادلة بين دول المنطقة حول حصصها من المياه الاقليمية.
اخطر ما في تلك المنطقة هي جزر سبارتلي التي تدعي كل من الصين وفيتنام وتايوان والفلبين وبروناي وماليزيا ملكيتها او ملكية اجزاء منها، الصين بدات نشاطا ووجودا عسكريا هناك وكذا وشرعت بالتنقيب عن النفط وكذا فعلت فيتنام، وكذا فعلت الفلبين وماليزيا باقامة مواقع عسكرية صغيرة هناك مما يؤشر الى ان المنطقة مقبلة على نزاعات خطيرة قد تنفجر في كل لحظة وسوف تجد من يغذيها،ذلك ان القوة المتعاظمة للصين سوف تدفع بالبلدان الاخرى التي تنازعها الى التعاون مع حلفاء خارجيين كما فعلت الفلبين بعد احداث رصيف الاذى الذي وقع في 8 شباط 1995 فقد لجات الى دعوة الولايات المتحدة الى تنفيذ اتفاقية الدفاع المشترك بينهما لعام 1951 ورغم ان الولايات المتحدة ادعت ان المنطقة لا تشمل اتفاقية الدفاع المشترك الا انها قامت بتزويد الفلبين بالمساعدات العسكرية والتدريب وقدمت احتجاجات شديدة اللهجة الى الصين، ويتزايد التسلح في المنطقة بشكل حثيث كما هو الحال لدى ماليزيا واندونيسيا وتايلاند وحتى الدول الاصغر حجما كسنغافورة وبروناي فقد استثمرت مبالغ باهظة في التسليح وخصوصا في مجال البحرية العسكرية لحماية مصالحها بشكل او بآخر.
المصالح الخارجية في المنطقة كثيرة ومتنوعة فاليابان تعتبر تلك المنطقة اهم مصدر للنفط لديها خصوصا في المستقبل وهي لذلك اتخذت عدة اجراءات استباقية وخصوصا في مجال مراجعتها لقوتها الدفاعية، في 19/11/1999 كتب ستيفن كنزر في نيويورك تايمز ان اليابان وفي اول مراجعة كبرى لبرنامج الدفاع القومي اشارت ان " بلدانا كثيرة في المنطقة تقوم بتوسيع او تحديث قدراتها العسكرية مما يفرض تهديدات جديدة للمصالح اليابانية ولموازنة هذه التهديدات تطالب بتحسنات نوعية في القوات اليابانية وخاصة تلك الموجهة للدفاع البحري في المناطق المحيطة باليابان"، اما الولايات المتحدة ورغم محاولتها عزل نفسها عن الصراع الدائر هناك الا انها وجدت نفسها بعد حادث رصيف الاذى امام حقيقة المطامع الصينية في المنطقة وهي لذلك اطلت براسها معبرة عن مطامعها هناك وذلك في اول تعليق علني رسمي على نزاع سبارتلي فقد ادان البيان الامريكي الاعمال احادية الجانب هناك باشارة مبطنة الى الصين واشار البيان الامريكي الى ان واشنطن تعارض بشدة استخدام القوة لحل الادعاءات المتنافسة واشار البيان الى ان الحفاظ على حرية الملاحة هو مصلحة حيوية للولايات المتحدة وبموقف اكثر وضوحا ابلغ مساعد وزير الدفاع الامريكي جوزيف ناي الصحفيين اليابانيين ان الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام القوة العسكرية لابقاء الممرات البحرية مفتوحة في بحر الصين الجنوبي سوف يعرض للخطر تدفق السلع الاساسية الى اليابان وحلفاء الولايات المتحدة الآخرين وبالتالي ينتهك مصلحة امريكية هامة.
4 – الصراع على المياه:
يمكن القول أن الصراع على الماء هو اقدم مصدر للصراع عبر التاريخ بل هو واحدة من سمات السلوك الانساني تاريخيا فالماء مصدر الحياة ومصدر القوة ومصدر الثروة منذ بداية الحياة الانسانية على الارض، يذكر العهد القديم ان بني اسرائيل لم يدخلوا ارض الميعاد الا بعد ان طردوا السكان الاصليين للمنطقة الخصبة المحاذية لنهر الاردن كما ان سينحاريب ملك آشور دمر منشآت الري في بابل كعقاب لهم على موت ابنه، في عام 1885 قتل السودانيين الجنرال البريطاني تشارلز غوردون وجنوده ذبحا في الخرطوم عند التقاء الفرعين الاساسيين لنهر النيل، وفي عام 1898 كادت تقع الحرب بين فرنسا وبريطانيا بسبب التنافس على منطقة الفاشودة في جنوب السودان وهو موقع استرتيجي على نهر النيل، كذلك كان الصراع العربي الاسرائيلي على مياه نهر الاردن ومنابعه ومصابه وسعت اسرائيل الى تحويل مجرى نهر الاردن ولا زالت تصر على سيطرتها عليه وعلى منابعه ومصابه وذلك واحدا من اخطر مظاهر ذلك الصراع، كما ان الصراع بين العراق وسوريا عام 1975 كاد يصل حد الصدام بعد ان انشات سوريا بحيرة الاسد مما خفض تدفق نهر الفرات نحو مصبه في العراق كما برزت اهمية الفرات ايضا عندما قامت تركيا عام 1990 بقطع جريان النهر لتملأ احدى خزاناتها مما هدد بازمة حادة بين بلدان حوض الفرات.
سوف يكون للصراعات التاريخية على مياه النيل والفرات ودجلة ونهر الاردن ونهر الهندوس وكذلك على المياه الجوفية دورا حقيقيا وبارزا في الصراعات الدولية في المستقبل القريب فمخزون الارض من المياه العذبة يتناقص والحاجة لها تتزايد وبشدة.
5 – ثروات الارض من المعادن والمواد الاولية:
ليس الماء ولا النفط وحدهما رغم اهميتهما هما مصدر النزاعات ولكن المعادن والموارد الاخرى لها اهمية كبيرة في النزاع للسيطرة عليها مثل المعادن الثمينة كالذهب والماس وكذلك الخشب، وقد ظهر ذلك في النزاعات في كل من انغولا بين الحركة الشعبية لتحرير انغولا والاتحاد الوطني للاستقلال رغم ان الصراع من الباطن كان بين الاتحاد السوفياتي وامريكا وانغولا تملك مخزون هائل من الذهب والماس وقد تسببت الصراعات هناك بمقتل اكثر من مليون شخص، وكذا كان الصراع في سيراليون بين الفئات المتحاربة على السيطرة على حقول الماس وراح ضحية هذا الصراع منذ عام 1991 اكثر من 50000 شخص وكذا الحال في مناطق عديدة في العالم، ويغذي هذه الصراعات الشركات فوق القومية الاحتكارية والتي تمثل الوجه الاقتصادي لنظام العولمة الاستعماري الحديث وهذه الشركات تساهم في تاجيج النزاعات وتتدخل بها بشكل مباشر وهي في الغالب تتشكل من مرتزقة من الجنود المسرحين من الخدمة مع نهاية الحرب الباردة مثل شركاتExecutive Outcomes وكذلك شركة Sandline International وقد تنامت هذه النزاعات بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وبسبب من الاستفحال المجنون للشركات الكبرى وسعيها لامتلاك تلك الثروات والسيطرة عليهاوكذا كان الصراع على المعادن في وقد تنامت هذه النزاعات بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وبسبب من الاستفحال المجنون للشركات الكبرى وسعيها لامتلاك تلك الثروات والسيطرة عليها وكذا كان الصراع على المعادن في غينيا الجديدة وعلى الماس في سيراليون وانغولا وعلى الخشب في بورنيو وهذا على سبيل المثال لا الحصر ومن يعود الى جذور هذه الصراعات يجد الاصابع الاستعمارية عبر شركاتها الاحتكارية او شركاتها شبه العسكرية ضالعة في ذلك كليا وكذا الانشطة الامنية للولايات المتحدة الامريكية بشكل مباشر او غير مباشر.
أنماط السطو:
" ان اكتشاف امريكا واكتشاف طريق الهند الشرقية عبر راس الرجاء الصالح هما اعظم واهم حدثين في تاريخ البشرية...
لا تستطيع حكمة البشر ان تتنبأ أية فوائد أو أية مصائب للبشرية ستنتج عن هذين الحدثين العظيمين"
آدم سميث
عام 1492م تم تهجير اليهود الاسبان او اجبارهم على التحول الى المسيحية وكذا كان مصير مسلمي الاندلس وظهور محاكم التفتيش الاسبانية وتوسيع سيطرتها البربرية الى ان تنامى الصراع مع البلد الاستعماري الاقوى وهو هولندا والتي تمثلت آنذاك بشركة الهند الشرقية الهولندية، الشركة الدولة في جوهرها والتي حازت على امتيازات الدولة كاملة بما في ذلك شن الحروب وعقد المعاهدات وهي شركة ملكها الصيارفة والتجار الهولنديين والاسرة الحاكمة البريطانية وتحولت الى امبراطورية عسكرية استعمارية من الدرجة الاولى، يقول ثوماس برادي " ان المغامرين الذين ارسوا اسس الامبراطوريات التجارية في القرنين السابع عشر والثامن عشر تابعوا تقليدا اوروبيا قديما قائما على الاتحاد بين الحرب والتجارة ولذا منح التاج البريطاني شركة الهند الشرقية عام 1609 حق السيطرة الاحتكارية على التجارة مع الشرق وبذا اعلنت الحرب البربرية التي عانى منها السكان الاصليين ودمرت حياتهم وكذا بناهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ومنذ عام 1622 وبعد ان اخرجت بريطانيا البرتغال من مضيق هرمز لجات الى تقسيم ما تبقى من العالم وفق الطريقة الاستعمارية المعروفة واخضعت شعوب العالم الفقيرة والمالة للثروة لسيطرة المستعمرين الراسماليين.
عانى الآسيويون من السيطرة البرتغالية العسكرية على طرق التجارة واجبار السفن الاسيوية على دفع مبالغ باهظة مقابل حمايتها العسكرية من قبل الاسطول البرتغالي ثم جاءت هولندا وبريطانيا لتستخدم نفس الطريقة ولكن بشكل اكثر ذكاء وعصرنة، ولقد مثلت شركة الهند الشرقية والاستعمار البريطاني للهند النموذج الافظع للسلب والسطو على مقدرات الشعوب فقد تم افقار البنغال على سبيل المثال كليا واعتصرت من قبل المستعمرين حتى النهاية ورغم ان احد الرحالة الانجليز وصف البنغال ذات يوم قائلا انها " ارض رائعة، لا تستطيع الحروب ولا الاوبئة ولا القمع تدميرها " كما ان ابن بطوطة قال عنها انها " انها بلاد مترامية الاطراف ينمو الرزق فيها غزيرا وفي الحق لم ار مكانا في الارض كلها يفيض خيرا مثلها " لكن هذا الرحالة وكذا ابن بطوطة نسوا النهب والسطو والا فانهم كانوا سيعرفوا جيدا اليوم كيف تمكن النهب الاستعماري الى تحويلها كنموذج للبؤس والشقاء في العالم.
في الشأن العربي وموضوعة السيطرة على مصادر الطاقة كان جون فوستر دالاس واضحا جدا بقوله يجب ان تتكون الواجهة من ديكتاتوريات عائلية تلتزم جيدا بما يقال لها وتضمن استمرار تدفق الارباح للولايات المتحدة وعميلها البريطاني وشركائهم، كما يجب ان تتم حمايتها بقوى اقليمية قادرة ومن الافضل ان لا تكون عربية ( تركيا، اسرائيل، ايران، باكستان) مع بقاء العضلات الامريكية البريطانية كاحتياط، وقد ظلت سياسة دالاس متبعة الى ان دبت الفوضى وانطلقت الاحلام القومية والاستقلالية لدى العرب وكذا لدى القوى الاقليمية كالثورة الايرانية والانشطة الاسلامية في باكستان وافغانستان فلم تجد امريكا وبريطانيا بدا من اعادة الاحتياط الى الخدمة كما حصل في افغانستان والعراق للوقوف على بوابات ايران وباكستان وتركيا وروسيا.
وتمارس البلدان الاستعمارية أنماطا مختلفة من السطو المباشر وغير المباشر بما في ذلك إنشاء المناطق التجارية الحرة وإنشاء المصانع في البلدان ذات الوفرة في المواد الأولية والأيدي العاملة الرخيصة الثمن مما يضمن لها إنتاجا في ارض البلد المنتج للمواد الخام وعمالة رخيصة وأسواق قريبة وهذا يعتبر من اخطر أنواع النهب المتعدد الأغراض ويجعل من البلد منتجا وسوقا لصالح الأجنبي ولا يدفع بالبلد أبدا خطوة إلى الأمام وبدل أن يراكم ثرواته يبددها ويحولها إلى نقد سائل يصب في خزائن المستثمرين الأجانب وبلدانهم.
حظيرة الأغنياء ومرعى الفقراء:
سعت الولايات المتحدة لجمع الاغنياء في حظيرتها والقيام بدور الراعي السيد وذلك منذ نهاية الحرب الاستعمارية الثانية والانتهاء من تقاسم النفوذ وبروز الولايات المتحدة كقوة عظمى تنامى دورها بمشروع مارشال وتصدرها الحرب العنيفة والباردة ضد الاتحاد السوفياتي والانطلاق نحو استعادة مكانة المستعمرين الفارين من مستعمراتهم والحلول مكانهم كبريطانيا وفرنسا الى ان ملكت الصدارة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وبدات باستخدام العالم خمسته وسبعته وثمانيته على هواها وبدا العالم الغني شياه في حظيرتها بينما اعتبرت كل العالم الآخر مرعى لها ولشياهها ولذا قال جورج بوش في احدى خطبه الاخيرة اثناء حملة انتخابات الكونغرس عام 11/ 2006 ان ما يهم الولايات المتحدة في الشرق الاوسط هو اسرائيل والنفط، وإسرائيل هنا هي العصا الامريكي في المنطقة بعد ان خرجت ايران واهتزت صورة باكستان وتركيا بسبب الصراع المفتعل مع الاسلام.
الانقسام الاخطر:
لقد وضعت ثمانينات القرن الحالي العالم على حافة الانقسام الحاد بين قلة قوية مسيطرة قادرة على نهب ثروات البشرية تمثلها حفنة من الوكلاء في بلدانهم وبين البشرية باسرها الخاضعة للافقار والتجويع والتدمير ليزيد الاغنياء غنى، فاية تنمية ممكنة الآن في افغانستان وباكستان والهند ومثل هذه الدول تتصارع ليس على الخبز ولكن على الحرب وهي تسعى لامتلاك اسلحة الدمار الشامل وشعوبها تموت من قلة الخبز وكذا اصاب العراق البلد الاغنى في المنطقة وتنشغل السعودية بعمل جدار الكتروني بمليارات الدولارات لحماية حدودها لصالح الشركات الامريكية المنتجة ويتنامى الصراع الداخلي في بلدان عديدة وكذا تعيش الاجواء من الصراع في سوريا ولبنانت وايران وجميعها تعيش هاجس التهديد المتواصل من عصابة الاغنياء ناهيك عما يجري في فلسطين، وفي مطلع القرن الحادي والعشرين تشرعن منظمة الامم المتحدة الاحتلال رسميا كما هو الحال في العراق وافغانستان وتدافع عن الجريمة المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني،ان ذلك يبين بوضوح حجم الانقسام الخطر بين قلة تدعي الحق بالحياة على حساب العالم اجمع وترى ان على الآخرين ان لا يطالبوا بدور اكبر من الدور المناط بهم كخدم اوفياء للكبار.
عصابة لصوص:
السبعة الكبار وفي افضل الاحوال الثمانية وصندوق النقد الدولي واتفاقية الجات هذه هي عصابة العصر الحديث التي يمكن اختزالها بزعيم العصابة الأكبر الولايات المتحدة التي تقسم الادوار وبالتالي النصيب من خير البشرية كما تراه مناسبا وحسب الولاء لمصالحها من قبل الآخرين بما في ذلك اعضاء ناديها الرئيسيين وكذا الوكلاء الفرعيين الذين يمكن القول انهم اللصوص المباشرين وسارقي ثروات شعوبهم لصالح الغير فالتاريخ يعرف وكلاء السلع ووكلاء التجسس ولكنه عرف في العصر الحديث وكلاء اللصوص الذين يسرقون انفسهم وشعوبهم وخيرات بلادهم لاعدائهم، دونما سبب اللهم الا الخوف من قوة اللص الاكبر واستسهال دور وكيل اللص على دور ممثل الشعب المالك الحقيقي للثروة.
- يتبع -