تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأستاذ مصطفى حسني : لم يخدعوني بأنها بدعة .



bucbouc
13-05-2009, 11:52 PM
جمعه وأعده :أبو عبد العزيز


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
شاهدت أمس حلقة الأستاذ مصطفى حسني (خدعوك فقالوا دي بدعة) , وأريد أن أعلق تعليقات مهمة على هذا اللقاء وأقول للأستاذ مصطفى بأنهم لم يخدعوني .


للأسف يا أستاذ مصطفى خلطت في هذه الحلقة بين حقٍّ وباطل وصحيح وسقيم.
قمت بخلط بعض مما يصحّ انتقاده على بعض من يتصدّى لانكار البدع وخلطت فيه بين هذا وبين حقّ صحيح.


فلم تفرق للأسف بين الأمور الخلافية.... وبين البدع
وأيضا ً كان من الواجب أن تنصح المتساهلين في إنكار الأمور الخلافية هذه .بدلا من أن تلبس على العامة وتأتي بمسائل خلافية تجعلها من البدع وترد وكأن هذا حال كل شباب الصحوة ومشايخها .!
وإن كنت أعلم أنك مجرد ناقل من احدى كتب الصوفية أو مقالاتهم على الشبكة العنكبوتية , ولكن هذا لا يعني عدم الرد وكشف ما جاء من أخطاء وتلبيسات في الحلقة


بداية :
الخلط بين الحكم على الفعل بأنه بدعة وبين الحكم على الواقع فيه. فمعلوم أنه ليس كل من وقع في فعل مبتدع صحّ أن يطلق عليه أنه مبتدع.. بل إنه قد يُطلق عليه مجتهد مخطئ إن كان اعتمد في ذلك على اجتهاد صحيح مبني على قواعد الاجتهاد المعروفة... وهذا يكون في اختلاف الفقهاء في ثبوت فعل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأنا أعطي مثالا على ذلك غير بعيد, فالشيخ ناصرالدين الألباني رحمه الله تعالى لمّا سئل عن وضع اليد على الصدر بعد الرفع من الركوع أجاب بأنه بدعة, والشيخ ابن باز رحمه الله وابن عثيمين رحمهما الله تعالى يقولان أنها سنة, فهل سمعنا أن الشيخ ناصر قال هم مبتدعة؟ الحقيقة أن هذا لايصحّ لا في ابن باز ولا ابن عثيمين ولا غيره ممن قد يقول بذلك. والسبب أن هذا الفعل عند الشيخ ناصر بدعة لأنه لم يثبت عنده. في حين هو ثابت من فعل بعض الصحابة وحكموا على سنيته بأنه لم يخالفهما فيه أحد, فكان الاختلاف على هذا الأساس, وإنما يطلق على المبتدع إسمه كمبتدع إذا كان محسّنا للابتداع في الدين عالما بأنها بدعة معتقدا بأن الابتداع في دين الله جائز.. فهذا مبتدع يصح إطلاق وصف المبتدع عليه.


هذه المسألة التي ذكرتها.. لا ينبغي أن تكون فقط بين علماء أهل السنة والجماعة, بل هي منهج يُطبّق على الجميع, فلا يقال لمن يصلي صلاة التسابيح لثبوت الحديث عنده أنه مبتدع, ولكن يُقال الحديث لا يصح وهي صلاة مبتدعة, أما فاعلها فلم يصدق عليه وصف المبتدع لأنه إنما فعلها لا استحسانا للابتداع ولكن لثبوتها عنده, أو لكونه يأخذ بقاعدة العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال. ومع بطلان العمل بالحديث الضعيف ووضوح ذلك والذي أعتبره ليس من الخلاف المعتبر في هذا, ومع هذا لا يُقال عن الذي وقع في فعل بدعة بسبب تسليمه بهذا القول أنه مبتدع لأنه ليس بمحسّن للبدع
فليت الأستاذ مصطفى كان أكثر إنصافا في انتقاده لبعض الممارسات التي نعتقدها في مجال انكار البدعة والتي نوافق على أنها موجودة وأن الحق أن يتنبه لها وأن تُعالج لأن الحق هو مرادنا لا غير.. ولكن هلاّ كان أكثر إنصافا وأكثر موضوعية؟!!.


إن الأمثلة التي طرحتها يا أستاذ مصطفى هي من المسائل التي فيها أخذ وردّ وتفصيل ليس بالسهولة التي حاولت وضعها في خانة البدع هكذا. وإليك البيان:



1- مسألة التسبيح بالسبحة: فهي مسألة خلافية, فهناك من أئمة الدعوة السلفية المباركة من يقول بأنه لا بأس به مع أفضلية عقد التسبيح بالأنامل, كالشيخ بن باز رحمه الله تعالى.
( سئل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله , أخونا يسأل عن السبحة هل هي حرام، أم جائز استعمالها؟
لا حرج فيها كونه يسبح بخرز أو شيء يسبح به، أو حصى أو نوى فلا بأس لكن الأصابع أفضل، كونه يسبح بأصابعه كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل، فقد روي عنه- صلى الله عليه وسلم - أنه رأى بعض نسائه يسبحن بالحصى فلم ينكر ذلك عليه الصلاة والسلام، وكان بعض السلف يسبح بالحصى وبعضهم بغيره فالأمر في هذا واسع، لكن الأصابع أفضل، ولهذا جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال للنساء أمرهن أن يعقدن بالأنامل وقال: (إنهن مسئولات مستنطقات)وكان يعقد بأصابعه - صلى الله عليه وسلم - .... ))
http://www.binbaz.org.sa/mat/17357 (http://www.binbaz.org.sa/mat/17357)


وهناك في المقابل من أئمة الدعوة من يراها بدعة لا يجوز استعمالها كالشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى.


إلا أن مدار الخلاف بينهم في هذه المسألة هو حول ثبوت الآثار التي جاءت. فمن حكم ببدعية السبحة؛ قال بذلك لعدم ثبوت الحديث عنده سندا, ومن قال بأنه لا بأس به وجائز... قال بثبوت تلك الآثار.
فهل يُفهم من هذا أن ابن باز مبتدع عن الشيخ ناصر الدين الألباني؟! رحم الله الجميع؟ أقول إجابة على هذا السؤال:
لا... لا يُفهم هذا.
الشيخ ناصر يقول أنها ـ أعني التسبيح بالحصى وما شابه ـ بدعة..... لأن الآثار الواردة عنده ضعيفة , الشيخ ابن باز يقول أنها ـ أعني التسبيح بالحصى وما شابه ـ جائز مع أفضلية العقد بالأنامل... لثبوت الآثار . تلاحظ أن الشيخ بن باز رحمه الله.... حكم بجوازها على أساس ثبوت الآثار عنده وليس على أساس تحسين البدع. وعليه فالشيخ ناصر لا يحكم بأن الشيخ ابن باز مبتدع.. لأن الشيخ ابن باز هنا اجتهد ورأى صحة الآثار فبنى عليها ما حكم به.
فهي عند الشيخ ناصر بدعة... ولكنها عند الشيخ بن باز ـ رحم الله الجميع ـ جائزة بنص عنده وليس بتشهّي ومحبة ابتداع.
فأعطيك قاعدة تفيدك إن شاء الله يذكرها الإمام الشاطبي في كتاب الاعتصام:
( ليس كل من وقع في البدعة سمّي مبتدعا )
والسبب.. لأنه لم يقع فيها تحسينا للبدع وابتداعا منه.. بل وقع فيها لاجتهاد بأنها ثابتة في الشرع بنص عنده اجتهد فأثبته.


وقبل أن أتطرق إلى النقطة الأخرى أحب أن ألفت نظرك يا أستاذ مصطفى أن القرطبي وأبو شامة في كتابه "الباعث على انكار البدع والحوادث" احتجا بحديث ابن مسعود في انكاره على من كانوا يعدون التسبيح بالحصى واعتبراه من أنواع البدع :
(تفسير القرطبي7/140)
(الباعث على إنكار الحوادث1/14).
فأرجو أن تنتبه لهذه الأشياء لاني رأيت منك تهورا ً كبيرا خصوصا ً عند ذكرك لهذه المسألة وطعنك بطريقة غير مباشرة في أهل العلم القائلين بالجواز .

__________________

bucbouc
13-05-2009, 11:54 PM
2-وأيضا ما هو ليس ببدعة دينية ككتابة المصحف:
فهذا أمر دنيوي أن تثبت القرآن في مصحف واحد والذين خالفوا من الصحابة ما خالفوهم لعلّة الابتداع.
فجمع المصحف وتنقيطه وتشكيله لا يندرج تحت البدع والمحدثات، لأن البدعة ما لم ‏يفعله النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضي له وعدم المانع. ولم يكن في عهد النبي ‏صلى الله عليه وسلم مايقتضي نقط المصحف وشكله لقلة من يعرف القراءة من ‏الصحابة، واعتمادهم على الحفظ، وأمن وقوع الخلل في قراءة القرآن، فلما كثر الناس ‏باتساع الفتوحات، ودخل في الإسلام قوم عجم اقتضى الحال عمل ذلك، وهذا يدخل ‏تحت المصالح المرسلة.

3-قراءة القرآن للمتوفى ووصول الثواب له :
أيضا من المسائل الفقهية الخلافية التي أقحمتها في حلقة البدعة وجئت ببعض الكتب تنقل أقوال القائلين بالجواز وفقط !! أهذه هي الأمانة العلمية يا أستاذ مصطفى ؟ .

قال الإمام النووي الشافعي (676هـ) عند شرحه لحديث إذا مات ابن آدم : (( وأما قراءة القرآن وجعل ثوابها للميت والصلاة عنه ونحوهما فمذهب الشافعي والجمهور أنها لا تلحق الميت )) . انتهى . شرح النووي على مسلم (6/94) .

وقال أيضاً : (( وأما قراءة القرآن فالمشهور من مذهب الشافعي أنه لا يصل ثوابها إلى الميت )) . انتهى . شرح النووي على مسلم (1/205) .

وقال إمام المالكية في عصره أبو عبد الله الحطاب (954هـ) في كتابه مواهب الجليل لشرح مختصر خليل (2/625) ناقلاً عن التوضيح (لخليل) : (( وكذلك القراءة لا تصل على المذهب ، حكاه القرافي في قواعده والشيخ ابن أبي جمرة وهو المشهور من مذهب الشافعية )) انتهى

ونقل الإمام الحطاب المالكي كلام صاحب كتاب ( كنز الراغبين العفاة ) عند حديثه عن القراءة للميت : (( والمشهور من مذهب إمامنا الشافعي وشيخه مالك والأكثرين كما قاله النووي في فتاويه وفي شرح مسلم أنه لا يصل ثواب القراءة للميت )) انتهى . مواهب الجليل (2/627) .

وقال الإمام الأصولي المالكي أحمد بن إدريس القرافي (684هـ) في كتابه ( الفروق ) تحت عنوان : الفرق الثاني والسبعون والمئة بين قاعدة ما يصل إلى الميت وقاعدة ما لا يصل إليه : (( القربات ثلاثة أقسام ، قسم حجر ( أي منع ) الله تعالى على عباده في ثوابه ، ولم يجعل لهم نقله لغيرهم ..... وقسم : اختلف فيه هل فيه حجر أم لا ؟ وهو الصيام والحج وقراءة القرآن ، فلا يصل شيء من ذلك للميت عند مالك والشافعي رضي الله عنهما ))انتهى . (الفروق 3/990)

وسئل سلطان العلماء العز بن عبد السلام ، الإمام الأصولي الشافعي الكبير (660هـ) : هل في تلقين الميت بعد مواراته ووقوف الملقن تجاه وجهه خبر أم أثر ، أم لا ؟
وهل يصل الثواب بالقراءة إذا أهداه القارئ إلى الميت أم لا ؟
وأيهما أولى : القراءة عند قبره وإهداؤها إليه ، أو في المنزل ؟
فأجاب ، رحمه الله ، : (( لم يصح في التلقين شيء ، وهو بدعة ، وقوله عليه السلام (( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله )) محمول على من دنا موته ويئس من حياته .

وأما ثواب القراءة ، فمقصور على القارئ ، لا يصل إلى غيره لقوله تعالى : ) وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى( [النجم :39] ، وقوله ) لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ( [البقرة : 286] وقوله ) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ( وقوله عليه السلام : (( من قرأ القرآن وأعرابه , فله بكل حرف عشر حسنات )) فجعل أجر الحروف وأجر الاكتساب لفاعليها , فمن جعلها لغيرهم فقد خالف ظاهر الآية والحديث , بغير دليل شرعي , ومن جعل ثواب القراءة للميت , فقد خالف قوله تعالى : ) وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ( فإنّ القراءة ليست من سعي الميت ؛ وكذلك جعل الله العمل الصَّالح لعامليه بقوله : ) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ( [فصلت:46] , فمن جعل شيئاً من الأعمال لغير العاملين فقد خالف الخبر الصادق
والعجبُ أنَّ من الناس من يثبت ذلك بالمنامات , وليست المنامات من الحجج الشرعية التي تثبت بها الأحكام . ولعل المرئْيَّ في ذلك من تخبيط الشيطان وتزيينه . ولا يجوز إهداءُ شيء من القرآن , ولا من العبادات , إذ ليس لنا أن نتصرّف في ثواب الأعمال بالهبات كما نتصرف في الأموال بالَّتبرعات )). انتهى ( الفتاوى الموصليّة للعز بن عبد السلام (ص 98 _100) بتحقيق الأستاذ إياد خالد الطباع ).

- قال الإمام ابن كثير - رحمه الله - في "تفسيره" (4/401) مناقشاً مسألة إهداء ثواب القراءة للموتى، حيث جزم بعدم وصوله، معللاً سبب المنع: "إنه ليس من عملهم، ولا كسبهم، ولهذا لم يندب إليه رسول الله أمته، ولا حثهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، ولو كان خيراً؛ل سبقونا إليه.





نحن نعلم أنّ هذه المسألة خلافيّة وأنّ الحنفيّة وبعض المالكية ومتأخري الشافعيّة قالوا باحتمال وصول ثواب القراءة للميت من باب الطمع بفضل الله وكرمه....ولكن لماذا لم تذكر هذا الخلاف في حلقتك يا أستاذ مصطفى وتجعل المشاهد يعتقد أن ما سوى ذلك هي أفكار خاطئة تلقوها من مشايخهم ( التبديعين ) على حد قولك ...ألم يكن بوسعك أن تقول : المسألة فيها خلاف بين العلماء , والذي أختاره وأميل إليه أنّ ثواب القراءة يصل للموتى إن شاء الله ؟






4-مسألة المسح على الوجه بعد الدعاء :مثلها مثل العد بالحصى جاءت أحاديث ضعيفة في هذا الشأن فقال من ضعّفها بعدم الجواز .... وقال من صحّحها بالجواز .فهناك مانعون وهناك مجيزون قديما ً وحديثا وطبعا كعادتك في الحلقة للأسف ذكرت أقوال القائلين بالجواز فقط . وتركت المشاهد المسكين في حيرة .
من أجمل ما قرأت هو ما ذكره الفقيه ابن عثيمين رحمه الله عندما سئل عن ذلك :
قل الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع في باب صلاة التطوع : وأما مسح الوجه باليدين بعد الدعاء فمن العلماء من قال: إنه بدعة؛ لأن الأحاديث الواردة فيه ضعيفة، كشيخ الإسلام بن تيميه - رحمه الله - فإنه يقول للداعي إذا انتهى من دعائه ولو كان رافعاً يديه لا يمسح بيديه؛ لأن الأحاديث الواردة بهذا ضعيفة. والأحاديث الصحيحة الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام في دعائه أنه إذا رفع يديه فإنه لا يمسح بها وجهه صلى الله عليه وسلم. ومن العلماء من قال: إن المسح سنة بناء على أن الأحاديث الضعيفة إذا تكاثرت قوى بعضها بعضاً. والذي أراه أن مسح الوجه بعد الدعاء ليس بسنة؛ لكن من مسح فلا ينكر عليه، ومن ترك فلا ينكر عليه..

هكذا تكون ردود أهل العلم وبيان الحقائق , ولم يقل الشيخ أن ابن تيمية قال أن ذلك بدعة وسكت كما هو منهجك يا أستاذ مصطفى في الحلقة , هذا هو الفرق بين العالم المحقق والناقل الغير مدقق.

وأزيدك بقول ممن قالوا بالمنع :
-قال العز بن عبد السلام : ( ولا يستحب رفع اليد في القنوت كما لا ترفع في دعاء الفاتحة، ولا في الدعاء بين السجدتين، ولم يصح في ذلك حديث، وكذلك لا ترفع اليدان في دعاء التشهد؛ ولايستحب رفع اليدين في الدعاء إلا في المواطن التي رفع فيها رسول اللهيديه، ولا يمسح وجهه بيديه عقيب الدعاء إلا جاهل، ولم تصح الصلاة على رسول الله في القنوت، ولا ينبغي أن يزاد على صلاة رسول الله في القنوت بشيء ولا ينقص) اهـ الفتاوى 392.

- قال البيهقي:" فأما مسح اليدين بالوجه عند الفراغ من الدعاء فلست أحفظه عن أحد من السلف في دعاء القنوت ، وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة ، وقد روي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث فيه ضعف . وهو مستعمل عند بعضهم خارج الصلاة ، و أما في الصلاة فهو عمل لم يثبت بخبر صحيح ولا أثر ثابت ، ولا قياس . فالأولى أن لا يفعله ويقتصر على ما فعله السلف رحمهم الله من رفع اليدين دون مسحهما بالوجه في الصلاة وبالله التوفيق ". ( سنن البيهقي 2/212).




__________________

bucbouc
13-05-2009, 11:55 PM
5- شبهة الصحابي رفاعة رضي الله عنه (ربنا ولك الحمد حمدا ًكثيرا طيباً.الخ ) وصلاة بلال بعد الوضوء , وسنة القتل التي كان سببها الصحابي خبيب رضي الله عنه :
إن ما فعله أولئك الصحابة ليس من البدع في شيء ...فالدعاء في الصلاة والثناء على الله فيها أمر مشروع ، وما علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الصلاة من أذكاره التزموا به ، وما زاد على ذلك فلا حرج على المسلم أن يقوله من عنده ، دعاء وثناء ..فعند الرفع من الركوع ، لو أنك قلتَ : ربنا لك الحمد .. ثم زدت محامد وثناءات من عندك ، فليس هذا من الابتداع في شيء ،بل هو من الذكر المطلق المشروع .وكون الصحابي قالها ثم أقره النبي عليها دليل على أن هذا الأمر لا يدخل في دائرة الابتداع ... فهو من الذكر المطلق الذي رخّص الشرع في قوله .
ولم يأتي الصحابي ويقول التزموا هذا الذكر فإنه مفيد (كقول بعد الطُرقيين أصحاب الطرق الصوفية وغيرها ).
فهذا الصحابي رضي الله عنه حمد الله بهذا الحمد العظيم اجتهادا منه فأقره عليه النبي صلى الله عليه وسلم فدل ذلك على مشروعية حمد الله تعالى بالمحامد المتنوعة في هذا الموطن ،وقد يصدر من بعض الناس محامد قد يكون فيها ما ليس بصحيح ولا موافق للشرع فلا يُشرع فعل ذلك بعد زمن التشريع وهذا هو تفسير قول الامام ابن حجرالذي نقلته :
حيث قال (استدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور ) أي كما ذكرت آنفا بأي أنواع المحامد والشكر وليس شرطا ً أن يكون ذكرا ً مشهورا معروفا بل أي ذكر غير مأثور وهذا مراده من قوله رحمه الله (غير مأثور)
فلم يقل مثلا ( استدل به على جواز البدع في الدين ) .!!
وصلاة النافلة المطلقة ليست من البدعة أيضا ، فبلال رأى التنفل في أي زمان ، ورأى أن أفضل الأزمنة ما كان بعد طهارة ،فهذا من النفل المطلق وليس من النفل المقيد ، وإنما صار مقيدا بعد إقرار النبي صلى الله عليه وسلم ... والدليل على ذلك أن بلالا قال : ما شاء الله لي أن أصلي ... يعني أنه إنما كان يتخير أفضل الفرص ليصلي النفل المطلق .. ومثل هذا لا حرج فيه أصلا .

أما الكلام عن سنة القتل التي كانت بسبب الصحابي خبيب رضي الله عنها فهي كسابقتها :
فالصحابي رضي الله عنه أراد أن يختم حياته بأفضل العبادات ألا وهي الصلاة
فهَم الصحابي رضي الله عنه على أداء ركعتين حتى يكون آخر عمله الصلاة فلم يقل أبدا صلوا قبل القتل ؟ أو يقول أن صلاة ركعتين قبل القتل سنة حسنة ؟ بل فعل ذلك من نفسه ولم يحث أحدا عليها .
بعد ذلك أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم فجُعلت سنة وهذا معنى أن الصحابي خبيب رضي الله عنه أول من سنّ سنة القتل .
فلولا وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن هناك أي تسنين .



ولم نر أحدا من الصحابة فعل عبادة ما لم ترد في الشرع بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحثوا الناس عليها وقالوا أنها بدعة حسنة ..


6-الذكر بعدد معين يحدده الذاكر هل هو بدعة ؟ :
تكلمت يا أستاذ مصطفى عن الذكر بعدد معين يحدده الذاكر وقلت أنه ليس ببدعة وقمت بالاستدلال ببعض النصوص عن الائمة ..الخ
وأريد ان أعقب وأقول كلامك صواب أُريدَ به باطل .
أولا :
المقصود بالذكر البدعي هي الأوراد التي يواظب عليها أصحاب الطرق مثلا
ليلا ونهارا بعد وقبل الصلاة ويجعلونها عامة تنشر في كتبهم فيأخذها الناس على أنها سنة نبوية متبعة
أما من وضع لنفسه ذكر معين يواظب عليه يزيد فيه أو ينقص فلا حرج في ذلك
فالذكر والدعاء والقرآن من العبادات المطلقة التي أطلق الشرع فعلها في كل وقت وزمان ومن وضع لنفسه قراءة لسورة لها فضل معين وتكرارها أو ذكر معين من الأذكار التي وردت في السنة فضلها ,أو دعاء يدعو به الله سبحانه ملحا مكررا إياه بينه وبين ربه.
فهذا لم يقل أحد أنه مبتدع . إنما يصير ذلك بدعة إذا فشى بين الناس أن يُقرأ كذا قبل وقت كذا 1000 مرة بحيث لو تُرك لاستنكر الناس ذلك . وغالبا عندما يتحدث أهل العلم عن هذا الأمر فهم يقصدون تخصيص أوراد معينة كما بالطرق الصوفية:
وقد نرى ذلك واضحا جليا في أذكار الطرق الصوفية ومؤلفاتهم حين يلزم الشيخ أتباعه بهذه الأعداد فتصير سنة بين الناس ومن ينكرها يُنكر عليه .
والجدير بالذكر أنه ,دائما ما ينصحنا مشايخنا حفظهم الله بقولهم : إجعل لنفسك وردا يوميا
تقرأ 3 أجزاء أو 5 مثلا , وأن تصلي على النبي وخاصة يوم الجمعة , تحفظ 3 آيات في اليوم ..الخ , هذا لأنهم يعلمون أن هذا الأمر شخصي ومفتوح لمن له طاقة وأن هذا لم يكن مستحب أو واجب بل الأمر مفتوح لمن يقدر كما بينت آنفا .
الخلاصة : الدعاء الأصل فيه الإطلاق فللإنسان أن يدعوا بما شاء ومتى شاء ولكن الذي هو بدعة هو تخصيص دعاء في زمن معيّن أو مكان معيّن وحثّ الناس واتخاذه له سنة وطريقة والتزامه مع أنه لم يرد في تخصيصه بهذا الزمان نص, ولكن غدا بين الناس سنّة فأصبح بتقصّد الناس هذا الدعاء المعيّن في هذا الزمن أوالمكان المعيّن؛ أصبح بتقصّد الناس ذلك بدعة. لا بأصل الدعاء.. فالدعاء جائز بأي صيغة تحب أن تناجي فيها ربك.
وهذا الأمر ذاته ينطبق على مسألة رفع اليدين بالدعاء بعد الصلاة المكتوبة, و الدعاء عند المذاكرة والامتحانات ..الخ

ثانيا ً : ذكرت رواية لم أجدها عند أهل السنة ووجدتها عند الرافضة في أن الإمام علي زين العابدين كان يصلي 1000 ركعة عند كل نخلة ركعتين فما مدى صحة هذه الرواية العجيبة ؟ يرد شيخ الإسلام ابن تيمية على رواية شبيهة لها عن الامام علي رضي الله عنه
فيقول في رده على الرافضي بن المطهر :
وأما ما نقله - أي الرافضي ابن المطهر -عن علي أنه كان يصلي كل يوم وليلة ألف ركعة فهذا يدل على جهله بالفضيلة وجهله بالواقع أما أولا فلأن هذا ليس بفضيلة فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يزيد في الليل على ثلاث عشرة ركعة وثبت عنه في الصحيح أنه قال
صلى الله عليه وسلم أفضل القيام قيام داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه
وثبت عنه أنه كان يقوم إذا سمع الصارخ وثبت عنه أنه بلغه أن رجالا يقول أحدهم أما أنا فأصوم ولا أفطر ويقول الآخر وأما أنا فأقوم ولا أنام ويقول الآخر أما أنا فلا آكل اللحم ويقول الآخر أما أنا فلا أتزوج النساء فقال النبي صلى الله عليه وسلم لكني أصوم
وأفطر وأقوم وأنام وآكل اللحم وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني
وثبت عنه في الصحيح أنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص لما بلغه أنه قال لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفعل فإنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ونفهت له النفس إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولزورك عليك حقا ولزوجك عليك حقا فات كل ذي حق حقه
فالمداومة على قيام جميع الليل ليس بمستحب بل هو مكروه بسنة النبي صلى الله عليه وسلم الثابته عنه وهذا مداومة صيام النهار فإن أفضل الصيام صيام داود عليه السلام صيام يوم وفطر يوم
وأيضا فالذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي في اليوم والليلة نحو أربعين ركعة وعلى رضى الله عنه أعلم بسنته وأتبع لهديه من أن يخالفه هذه المخالفة لو كان ذلك ممكنا فكيف وصلاة ألف ركعة في اليوم والليلة مع القيام بسائر الواجبات غير ممكن فإنه لا بد له من أكل ونوم وقضاء حق أهل وقضاء حقوق الرعية وغير ذلك من الأمور التي تستوعب من الزمان إما النصف أو أقل أو أكثر والساعة الواحدة لا تتسع لثمانين ركعة وما يقارب ذلك إلا أن يكون نقرا كنقر الغراب وعلى أجل من أن يصلي صلاة المنافقين كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال تلك صلاة تلك تلك صلاة المنافق يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرنى شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا ..
منهاج السنة (4|32) والله أعلم
بل وكذبها في صراحة في مواضع عدة من كتاب.



أليس الامام ابن تيمية يرد على أي بدعة على طول كما ذكرت في حلقتك يا أستاذ مصطفى , وأنه مكنش بيسيب أي بدعة ؟ فهل تأخذ بقوله ؟





__________________

bucbouc
13-05-2009, 11:57 PM
7- الإحتفال بالمولد النبوي :

تكلمت يا أستاذ مصطفى عن الإحتفال بالمولد النبوي وذكرت أقوال بعض أهل العلم في جواز الإحتفال , وكما هي عادتك في البرنامج تجاهلت (( عمدا أو من غير عمد )) أقوال القائلين بالمنع سواء من المتأخرين أو المتقدمين , فمسألة الإحتفال بالمولد أيضا ً من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم والراجح هو بدعية هذا الإحتفال , ولن أتكلم عن الأدلة الآن ولكني سوف أبدأ بنقل أقوال أهل العلم القائلين بالمنع من القدامى :

1- الشيخ تاج الدين عمر بن علي اللخمي المشهور بالفاكهاني المالكي رحمه الله:
قال: (لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة، الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بدعة أحدثها البطّالون، وشهوة نفس اعتنى بها الأكّالون.. إلخ) [السنن والمبتدعات (ص: 143)].
2- الإمام ابن الحاج رحمه الله:
قال: (فصل في المولد: ومن جملة ما أحدثوه من البدع، مع اعتقادهم أن ذلك من أكبر العبادات وأظهر الشعائر ما يفعلونه في شهر ربيع الأول من المولد وقد احتوى على بدع ومحرمات جملة) [المدخل: (2/ 2-10)].
3- الإمام أبو عمرو بن العلاء رحمه الله:
قال: (لا يزال الناس بخير ما تعجب من العجب - هذا مع أن الشهر الذي ولد فيه رسول الله وهو ربيع الأول هو بعينه الشهر الذي توفي فيه، فليس الفرح بأولى من الحزن فيه، وهذا ما علينا أن نقول، ومن الله تعالى نرجو حسن القبول) [الحاوي للسيوطي (1/ 190)].
4- العلامة أبو عبد الله محمد المحضار رحمه الله:
قال: (ليلة المولد لم يكن السلف الصالح يجتمعون فيها للعبادة ولا يفعلون فيها زيادة على سائر ليالي السنة؛ لأن النبي لا يعظم إلا بالوجه الذي شرع به تعظيمه..) [المعيار المعرب والجامع المغرب (ص: 99- 101)].
- الإمام الشاطبي المالكي رحمه الله:
فقد عدّ أنواع البدع ومنها (اتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيداً، وذمه المولد) [الاعتصام (ص: 34)].
- ظهير الدين جعفر التزمنتي رحمه الله:
قال: (عمل المولد لم يقع في الصدر الأول من السلف الصالح مع تعظيمهم وحبهم له -أي النبي- إعظاماً ومحبة لا يبلغ جمعنا الواحد منهم ولا ذرة منه).
- شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
قال: (وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية، كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال: إنها ليلة المولد، أو بعض ليالي رجب، أو ثامن عشر من ذي الحجة، وأول جمعة من رجب، أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار، فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف، ولم يفعلها، والله سبحانه وتعالى أعلم) [مجموع الفتاوى (25/ 298)].
- الشيخ محمد عبد السلام خضر الشقيري رحمه الله:
قال: (فاتخاذ مولده موسماً والاحتفال به بدعة منكرة، وضلالة لم يرد بها شرع ولا عقل، ولو كان في هذا خير كيف يغفل عنه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة والتابعون وتابعوهم والأئمة وأتباعهم) [السنن والمبتدعات بالأذكار والصلوات (ص: 138)].
- السيد علي فكري:
قال: (لم يكن في سنة العرب أن يحتفلوا بتاريخ ميلاد لأحد منهم، ولم تجر بذلك سنة المسلمين فيما سلف، والثابت في كتب التاريخ وغيرها أن عادة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم من العادات المحدثة) [المحاضرات الفكرية (ص: 128)].
- الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله:
قال: (هذه الموالد بدعة بلا نزاع، وأول من ابتدع الاجتماع لقراءة قصة المولد أحد ملوك الشراكسة بمصر) [المنار (17/ 111)].
وهناك تعليقات أخرى في مسألة المولد سأوردها في آخر المقال باذن الله تحت عنوان ( الأستاذ مصطفى أراد أن يوضح مفهوم البدعة فورّط نفسه ).





__________________

bucbouc
13-05-2009, 11:59 PM
أما كلامك عن البدعة وتقسيماتها

ذكرت بعض الشبه القديمة حول البدع وتقسيماتها , وهذا مما أطال العلماء في الرد عليها ككتاب الاعتصام للشاطبي والإبداع في مضار الابتداع للشيخ علي محفوظ وغيره , فأكتفي بوضع بعضها هنا
وأذكر فقط شبهتين هنا لأهميتهما:
1-قول الإمام الشافعي- رحمه الله -: "البدعة بدعتان:
بدعة محمودة، وبدعة مذمومة، فما وافق السنة، فهو محمود، وما خالف السنة، فهو مذموم" واحتج بقول عمر في قيام رمضان: "نعمت البدعة هذه" رواه أبو نعيم في"حلية الأولياء" (9/113).
وقوله: المحدثات من الأمور ضربان: ما أحدث يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماع، فهذه بدعة ضلالة.وما أحدث من الخير لا خلاف لواحد من هذ، فهذه محدثة غير مذمومة.قد قال عمر في قيام رمضان: "نعمت البدعة هذه".
يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى. أخرجه البيهقي في "مناقب الشافعي"(1/469).
الجواب:
قال الشيخ سليم الهلالي في "البدعة وأثرها السيئ في الأمة" راداً على من يستدل بقول الشافعي هذا (ص63- 66):
أولاً: بالنسبة لما أخرجه أبو نعيم في "الحلية"‏ (9/113) ففي سنده عبد الله بن محمد العطشي، ذكره الخطيب البغدادي في "تاريخه" والسمعاني في"الأنساب" ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
وأما بالنسبة لما أخرجه البيهقي ففيه محمد بن موسى الفضل، لم أجد له ترجمة.
ثانياً: قول الشافعي إن صح لا يصح أن يكون معارضاً أو مخصصاً لعموم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والشافعي نفسه - رحمه الله - نقل عنه أصحابه أن قول الصحابي إذا انفرد ليس حجة، ولا يجب على من بعده تقليده، ومع كون ما نُسب إلى الإمام الشافعي فيه نظر بدليل ما في "الرسالة "‏ للشافعي (‎ص597- 598)، فكيف يكون قول الشافعي حجة، وقول الصحابي ليس بحجة؟!
ثالثاً: كيف يقول الشافعي رحمه الله بالبدعة الحسنة وهو القائل: "من استحسن فقد شرّع".
والقائل في "الرسالة" (‎ص507): "إنما الاستحسان تلذذ".
وعقد فصلاً في كتابه "الأم"‏ (7/293- 304) بعنوان: "إبطال الاستحسان".
لذلك؛ من أراد أن يفسر كلام الشافعي- رحمه الله - فليفعل ضمن قواعد وأصول الشافعي، وهذا يقتضي أن يفهم أصوله، وهذا الأمر مشهود في كل العلوم، فمن جهل اصطلاحات أربابها جهل معنى أقاويلهم، وأبعد النجعة في تفسيرها.
إن المتأمل في كلام الشافعي- رحمه الله - لا يشك أنه قصد بالبدعة المحمودة البدعة في اللغة، وهذا واضح في احتجاج الشافعي- رحمه الله - بقول عمر رضي الله عنه، وعلى هذا الأصل يفسر كلام الشافعي، وأنه أراد ما أراده عمر بن الخطاب أي: البدعة اللغوية (‎كما سبق بيانه) لا الشرعية؛ فإنها كلها ضلالة؛ لأنها تخالف الكتاب، والسنة، والإجماع، والأثر) انتهى كلامه بتصرف.

2- تقسيم العز بن عبد السلام للبدعة الى خمسة أقسام ,واجبة كالرد على أهل الزيغ؛ وتعلم العلوم الشرعية وتصنيف الكتب في ذلك، ومندوبة كإحداث الربط والمدارس والأذان على المنائر وصنع إحسان لم يعهد في الصدر الأول، ومكروهة كزخرفة المساجد، ومباحة كالتوسع في المأكل والمشرب، ومحرمة وهي ما أُحدث لمخالفة السنة ولم تشمله أدلة الشرع العامة ولم يحتو على مصلحة شرعية.
الجواب:
أولاً: بالنسبة إلى تقسيم البدع إلى خمسة أقسام فالجواب عنه: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل بدعةٍ ضلالة)‏‏ وهذا الحديث عام لم يدخله التخصيص كما سبق بيان ذلك.
ثانياً: قال الإمام الشاطبي في "الاعتصام"‏ (1/246) عن هذا التقسيم:
(إن ‎هذا التقسيم أمرٌ مخترع، لا يدل عليه دليلَ شرعي، بل هو في نفسه متدافع؛ لأن من حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي؛ لا من نصوص الشرع ولا من قواعده، إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على وجوبٍ أو ندبٍ أو إباحةٍ؛ لما كان ثَمَّ بدعةٌ، ولَكان العمل داخلاً في عموم الأعمال المأمور به، أو المخير فيها.
فالجمع بين كون تلك الأشياء بدع، وبين كون الأدلَة تدل على وجوبها أو ندبها أو إباحتها جمعٌ بين متنافيين.
أما المكروه منها والمحرم؛ فمسلم من جهة كونها بدعاً لا من جهةٍ أخرى، إذ لو دل دليل على منع أمر ما أو كراهته؛ لم يثبت ذلك كونه بدعة؛ لإمكان أن يكون معصية كالقتل والسرقة وشرب الخمر ونحوه، فلا بدعة يتصور فيها ذلك التقسيم البتة، إلا الكراهية والتحريم حسبما يذكر في بابه).
هذا بالنسبة إلى التقسيم المذكور، أما بالنسبة إلى الأمثلة التي ذكروها لهذا التقسيم فالجواب عنها ما يلي:
(أما الرد على أهل الزيغ فإنه من إنكار المنكر لأن البدع هي أعظم المنكرات بعد الشرك بالله، وهو أيضاً من الجهاد في سبيل الله ومن النصيحة للمسلمين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما من نبيً بعثه الله في أمةٍ قبلي، إِلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته و يقتدون بأمره. ثم إنها تخلف من بعدهم خلوفٌ، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون. فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن؛ وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل} رواه مسلم.
وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على الثلاثة الذين قال أحدهم: {أما أنا فأصلي الليل أبدا ، وقال آخر: أنا أصوم ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما والله؛ إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي؛ فليس مني} .
وأنكر ابن مسعود وأبو موسى رضي الله عنهما على الذين اجتمعوا للذكر بطريقة غير مشروعة؛ كما سبق بيانه، ولما خرج الخوارج وأظهروا بدعتهم أنكر ذلك الصحابة وقاتلوهم، ولم يخالف أحد من الصحابة رضي الله عنهم في إنكار بدعتهم ووجوب قتالهم.وقد وردت الأحاديث الكثيرة في ذمهم والأمر بقتالهم إذا خرجوا).
وأما بالنسبة للتصنيف في جميع العلوم النافعة فالأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: {بلغوا عني ولو آية} ‏ رواه البخاري، وقوله صلى الله عليه وسلم: {نضر الله امرءا سمع مقالتي فبلَغه، فرب حامل فقهٍ غير فقيهٍ، ورب حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه} ، ومن وسائل التبليغ تصنيف الكتب الشرعية.
(‎وقد كان بعض الصحابة يكتب الأحاديث في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فقد جاء في سنن الترمذي عن أبي هريرة أنه قال: "‏ليس أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب وكنت لا أكتب"، وذكر أهل السير أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب يكتبون له الوحي وغيره).
بل قد حث النبي صلى الله عليه وسلم على كتابة العلم فقال: {قيدوا العلم بالكتابة}.
(أما بالنسبة لإحداث الربط فلا نقول بأنه ليس له عهد لدى سلفنا الصالح، فأين أنتم عن الصفة وأهل الصفة، فهي رباط على فقراء الصحابة، وهي أصل في مشروعية وقف الأربطة على الفقراء).
(وأما المدارس؛ فلا يتعلق بها أمر تعبدي يقال في مثله: بدعة؛ إلا على فرض أن يكون من السنة أن لا يقرأ العلم إلا بالمساجد، وهذا لا يوجد، بل العلم كان في الزمان الأول يبث بكل مكان؛ من مسجد، أو منزل، أو سفر، أو حضر، أو غير ذلك، حتى في الأسواق فإذا أعد أحد من الناس مدرسة يعين بإعدادها الطلبة؛ فلا يزيد ذلك على إعداده له منزلا من منازله، أو حائطاً من حوائطه، أو غير ذلك فأين مدخل البدعة ها هنا؟!
وإن قيل: إن البدعة في تخصيص ذلك الموضع دون غيره والتخصيص ها هنا ليس بتخصيص تعبدي وإنما هو تعيين بالحبس كما تتعيَّن سائر الأمور المحبسة، وتخصيصها ليس ببدعة، فكذلك ما نحن فيه).
(وأما الأذان على المنارة فلا يدخل في مسمى البدعة لأن البدعة في الأذان هي الزيادة في ألفاظه مثل قول الرافضة: أشهد أن علياً ولي الله، وقول بعضهم: أشهد أن علياً حجة الله، وقولهم: حي على خير العمل وتكريرهم قول: لا إله إلا الله مرتين في آخر الأذان ورفعهم الصوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الآذان، فهذا هو المبتدع في الأذان. وأما الأذان على المكان المرتفع فهو مروي عن بلال فقد روى أبو داود والبيهقي عن عروة بن الزبير عن امرأة من بني النجار قالت: "كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر"وقد ترجم له أبو داود بقوله: "الأذان فوق المنارة" وترجم له البيهقي بقوله: "الأذان في المنارة").
(‎وأما صنع الإحسان فإنه من المعروف وليس من البدع سواء كان معهوداً في الصدر الأول أو لم يكن معهوداً فيه.
وقد قال الله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ)) [النحل:90] وقال تعالى: ((وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين)) [البقرة:195] والآيات والأحاديث الصحيحة في الحث على الإحسان كثيرة جد، ولم يحدد صور معينة للإحسان بحيث لا يجوز فعل غيره، وإنما يذم منه ما تجاوز الحد وكان من التبذير).
(وأما زخرفة المساجد فكيف يقال أنها من البدع المكروهة، وقد نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على النهي عنه، وقد نهى عنها عمر أيضاً، فهي منهي عنها نصاً.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما أمرت بتشييد المساجد} قال ابن عباس: "لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى" أخرجه أبو داود وأمر عمر ببناء المسجد وقال: "أكن الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس").
(‎وأما بالنسبة للتوسع في المأكل والمشرب فهذه من الأمور المباحة ولا يقصد باستعمالها أمر تعبدي، فهي مشمولة بالنص النبوي الكريم: {أنتم أعلم بأمور دنياكم} رواه مسلم؛ وقوله تعالى: ((وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)) [الأعراف: 31] فما استحدثه الناس في أمور حياتهم مما لا يتعارض مع النصوص العامة في مراعاة الاقتصاد والإباحة العامة، فلا يعتبر بدع، فقد عرف العلماء البدعة بأنها طريقة محدثة في الدين).
وأما البدع المحرمة وهي حسب تعريفهم: ما أحدث لمخالفة السنة، ولم تشمله الأدلة العامة؛ ولم يحتو على مصلحة شرعية.
فالجواب عن ذلك: أن هذه الشروط مخالفة للأحاديث النبوية والآثار السلفية التي جاءت في التحذير من البدع عموماً دون تخصيص أو تفصيل بين ما أحدث خلاف السنة أو غيره وإليك البيان:
1 - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة} وهذا الحديث عام في إنكار جميع البدع كما سبق بيان ذلك.
2 - أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن وقوع الاختلاف بعده فقال: {فإن من يعش منكم؛ فسيرى اختلاَفاً كثيراً} ‏وأرشد من يدرك هذا الاختلاف بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده فقال: {فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ} ‏ولم يقل لهم: فعليكم بما يوافق سنتي وسنة الخلفاء الراشدين ولم يخالفها مثل، ثم حذرهم من المحدثات عموماً فقال: {واياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة} ولم يقل: وإياكم ومحدثات الأمور المخالفة لسنتي، فإن كل محدثة مخالفة لسنتي وسنة الخلفاء بدعة؛ وكل بدعة مخالفة لذلك فهي ضلالة.
3 - قال الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "كل بدعةٍ ضلالة وإن رآها الناس حسنةً" ولم يخصص بدعة من أخرى.
4 - وقال عبد الله بن مسعود: "أيها الناس! إنكم ستحدثون ويحدث لكم، فإذا رأيتم محدَثة؛ فعليكم بالأمرِ الأول".
5 - وقد مر معنا إنكار ابن عمر رضي الله عنهما زيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد العطاس! بحجة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلمهم ذلك؛ وكذلك إنكار عائشة رضي الله عنها على المرأة التي سألتها عن سبب أن المرأة الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة بحجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بقضاء الصلاة وإنما أمرهم بقضاء الصيام.
وكذلك مر معنا إنكار الإمام النووي- رحمه الله - صلاة الركعتين بعد السعي!.
فهذه الأدلة وغـيرها تبين فساد تلك الشروط التي اشترطـوها في البدعة المنكرة حسب زعمهم.
(والحاصل من جميعِ ما ذكر فيه قد وضح منه أن البدع لا تنقسم إلى ذلك الانقسام بل هي من قبيل المنهي عنه إما كراهةً وإما تحريماً).




__________________

bucbouc
14-05-2009, 12:00 AM
الأستاذ مصطفى أراد أن يوضح مفهوم البدعة فورّط نفسه :



1-من الأخطاء العجيبة نقلك يا أستاذ مصطفى كلام السيوطي رحمه الله عن ابن كثير (عندما كان يتكلم عن إمام اسمه عُمَر الجامع المظفري ) ويؤسفني أنك وقعت في هذا الخطأ من جهلك وعدم إلمامك بمسألة المولد وهذا إن دلّ فإنما يدل على نقلك من الكتب أو مواقع الصوفية دون دراسة مسألة المولد.
فتقول :



قال ابن كثير في تاريخه بيتكلم بيشكر في امام اسمه عمر الجامع المظفري .... ابن كثير بيشكر في واحد في كتابه التاريخ ..وهو بيشكر في واحد كان بيعمل المولد النبوي الشريف
قال ابن كثير في تاريخه بيتكلم بيشكر في امام اسمه عمر الجامع المظفري .... ابن كثير بيشكر في واحد في كتابه التاريخ ..وهو بيشكر في واحد كان بيعمل المولد النبوي الشريف
أولاً: عمر الجامع المظفري ليس اسم شخص وإنما الامام السيوطي بينما يذكر الملك المظفر وأنه من بدأ المولد , ذكر أنه (( عَمرَ الجامع المظفري بسفح قاسيون))
وهذا هو النقل من كتاب الحاوي ليظهر الأمر بوضوح ((
وأول من أحدث فعل ذلك صاحب اربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدين علي ابن بكتكين أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد وكان له آثار حسنة ، وهو الذي عمر الجامع المظفري بسفح قاسيون ، قال ابن كثير في تاريخه : كان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاً هائلاً وكان شهماً شجاعاً بطلاً عاقلاً عالماً عادلاً رحمه الله وأكرم مثواه
وهذا يا أستاذ مصطفى ما رميت به مخالفيك ممن سميتهم التبديعين بأنهم لم يتعلموا الفقه ولا درسوا ولم يجلسوا ليتعلموا..الخ وليت شعري, فأنت تتكلم في مسألة المولد وتستدل بأقوال العلماء وأنت لا تعرف من أول من أبتدع بدعة المولد النبوي الشريف , فوقعت فيما تنكره على غيرك دون أن تدري .

ثانيا ً: في قولك أن ( الإمام ابن كثير بيمدح من ابتدع المولد ) فهذا الكلام يحتاج الى توضيح وبيان :
إن الإمام ابن كثير في كتابه البداية والنهاية، ينقل التاريخ، ولا يعني نقله لحدث تاريخي، أنه يقرّ ما فيه، وأما ثناؤه على صفات الملك الحميدة، فلا يتناقض مع كون المولد بدعة، فالشخص قد يجمع بين الصواب و الخطأ، والسنة والبدعة.
وهذا الملك (كوكبري) كانت لديه بدع أخرى أيضاً، كما قال ابن كثير في المصدر نفسه: "ويعمل للصوفية سماعاً من الظهر إلى الفجر يرقص بنفسه معهم". انتهى، مع ما له أيضاً من الخير والإحسان والبر والجهاد.
هذا مع أنه قد يمدح بعض الملوك أو السلاطين لأعمال يقومون بها، هي مذمومة لو فعلها غيرهم، والبدعة قد يفعلها جهلة الملوك، بحسن قصد، فيثابون على قصدهم الحسن، وإن كان ما فعلوه بدعة يجب النهي عنها.
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "فتعظيم المولد واتخاذه موسماً قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم، لحسن قصده وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قدمت لك أنه يحسن من بعض الناس، ما يستقبح من المؤمن المسدد، ولهذا قيل للإمام أحمد عن بعض الأمراء: إنه أنفق على مصحف ألف دينار، ونحو ذلك فقال دعه، فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب، أو كما قال، مع أن مذهبه: أن زخرفة المصاحف مكروهة، وقد تأول بعض الأصحاب أنه أنفقها في تجديد الورق والخط". (اقتضاء الصراط ص 297).
فحتى لو فرض أن الإمام ابن كثير أثنى على الملك الذي احتفل بالمولد، فلما يتضمنه ذلك من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته - وهذا قليل في الملوك -، فحسّن من هذا الوجه الثناء به على ذلك الملك، وإن كان قد يستقبح من المؤمن المسدد، مع أن هذا لا يعني إقرار الإمام ابن كثير بدعة المولد، بل ثناؤه كان على حسن قصد الملك، لا على بدعة المولد.(ذكره الشيخ حامد بن عبد الله في الرد على من أجاز المولد) .

2- وأيضا نطقك لكلمة إربل .." أربل".. بفتح الألف ... والصحيح "إربل" بكسر الألف وسكون الراء وباء مكسورة ولام.

3- ومما يضحك الثكلى قولك : أن السيوطي تلميذ الحافظ بن حجر ..فتقول (( يقول ان بن حجر ذكر في كتاب المقصد في عمل المولد (دا كتاب لتلميذه الامام السيوطي). )
والامام السيوطي رحمه الله ولد عام 849 هـ
والامام ابن حجر رحمه الله توفي عام 852 هـ
أي أن الإمام ابن حجر توفي وكان عند السيوطي ثلاثة أعوام .!! فكيف يكون تلميذا للامام ابن حجر ولو فرضنا أنه كان يحضر له إذ نقل البعض أنه ذهب مع أبيه بعض المرات الى مجلس الحافظ ولكن هذا لا يعني تتلمذه عليه , فطفل عنده من العمر ثلاث سنوات قد لا يحسن فهم كلام أبيه العامي فكيف اذا حضر مجلس الحافظ بن حجر .


* ومما يظهر عدم إطلاعك ومدارستك لكلام الأئمة فمعظم الائمة ممن ذكرتهم في الحلقة ممن قالوا بالجواز هم نفس الائمة القائلين بعدم الجواز في مسائل أخرى ذكرتها بنفسك في الحلقة .. وليت شعري ليس هذا فقط بل وشنّعت على من ينكرها .!

ومثال ذلك :



- شيخ الاسلام ابن تيمية نقلت عنه جواز السبحة في حين أنه من القائلين بعدم جواز قراءة القرآن للميت وعدم وصول ثوابه + عدم جواز الاحتفال بالمولد + مسح الوجه بعد الدعاء (وكل ذلك نقلناه بهذا الموضوع )

- العز بن عبد السلام : نقلت قوله في تقسيم البدعة في حين أنه من القائلين بعدم جواز مسح الوجه بعد الدعاء ووصف فاعل ذلك بأنه غبي جاهل .كما ذكرت آنفا .

-ابن كثير : قال بعدم جواز قراءة القرآن للميت وعدم وصول ثوابه

-أبو شامة ..استدل بحديث ابن مسعود في انكار العد بالحصى والذكر الجماعي



ما رأيك الآن يا أستاذ مصطفى ؟ ألست القائل بأن( ابن كثير وابن تيمية لما يلاقوا أي بدعة بينكروا على طول ) ؟
***



وأحب أن أنهي موضوعي بهذه اللطيفة الجميلة والتي تجعلنا نفهم حقيقة موضوع البدعة وكلام الأستاذ مصطفى :
في بحث باسم البراهين على ألا بدعة حسنة في الدين :
كثيراً من الذين قالوا بالبدع الحسنة قد أنكروا أعمالا في ظاهرها الحسن، بل إنك لتجد أحد العلماء يقول في بدعة ما أنها حسنة تجد عالماً آخر وهو ممن يقول بالبدع الحسنة ينكرها أشد الإنكار وإليك بعض الأمثلة على ذلك:

1- العز بن عبد السلام وهو من أشهر من قال بتقسيم البدع إلى بدع حسنة وبدع سيئة يقول في كتابه "الفتاوى" (ص392): (ولا يستحب رفع اليد في القنوت كما لا ترفع في دعاء الفاتحة، ولا في الدعاء بين السجدتين، ولم يصح في ذلك حديث، وكذلك لا ترفع اليدان في دعاء التشهد؛ ولا يستحب رفع اليدين في الدعاء إلا في المواطن التي رفع فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، ولا يمسح وجهه بيديه عقيب الدعاء إلا جاهل، ولم تصح الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في القنوت، ولا ينبغي أن يزاد على صلاة رسول الله في القنوت بشيء ولا ينقص) اهـ.
وقال في"الترغيب عن صلاة الرغائب الموضوعة"(ص7- 8): (فإن الشريعة لم ترِد بالتقرب إلى الله تعالى بسجدةٍ منفردةٍ لا سبب له، فإن القرب لها أسباب، وشرائط، وأوقات، وأركان، لا تصح بدونها.
فكما لا يتقرب إلى الله تعالى بالوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار، والسعي بين الصفا والمروة من غير نسكٍ واقعٍ في وقته بأسبابه وشرائطه؛ فكذلك لا يتقرب إليه بسجدةٍ منفردةٍ، وإن كانت قربةً، إذا لم يكن لها سبب صحيح.
وكذلك لا يتقرب إلى الله عز وجل بالصلاة والصيام في كل وقتٍ وأوانٍ، وربما تقرب الجاهلون إلى الله تعالى بما هو مبعد عنه، من حيث لا يشعرون) اهـ.
وهذا الكلام صدر من العز بن عبد السلام - رحمه الله - أثناء إنكاره لصلاة الرغائب المبتدعة؛ وقد أنكر هذه الصلاة بالإضافة إلى العز بن عبد السلام كثير من العلماء القائلين بالبدعة الحسنة مثل الإمام النووي في "فتاوى الإمام النووي" (ص57) وعبد الله الغماري في "حسن البيان في ليلة النصف من شعبان"؛ مع العلم أن بعض العلماء قال باستحبابها مثل ابن الصلاح وأبو حامد الغزالي في "الإحياء" وأبو طالب المكي في "قوت القلوب" وعدوها من البدع الحسنة.
وقال أيضاً العز بن عبد السلام كما في "فتاوى العز بن عبد السلام" (ص289): (ومن فعل طـاعة لله تعالى، ثم أهدى ثوابها إلى حي؛ أو ميت لم ينتقل ثوابها إليه إذ ((وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)) [النجم: 39] فإن شرع في الطاعة ناوياً أن يقع عن ميت لم يقع عنه إلا فيما استثناه الشرع كالصدقة: والصوم، والحج) انتهى كلامه، ومعروف أن كثيراً من العلماء قالوا بجواز إهداء كثير من الطاعات للأموات وإن لم يرد دليل على ذلك وإنما قياساً على ما ورد!.
وقال أيضاً في (ص197- 199): (أما مسألة الدعاء فقد جاء في بعض الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلم بعض الناس الدعاء فقال في أوله: (قل اللهم إني أقسم عليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة) وهذا الحديث إن صح فينبغي أن يكون مقصوراً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه سيد ولد آدم، وأن لا يقسم على الله تعالى بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء لأنهم ليسوا في درجته، وأن يكون هذا مما خُص به تنبيهاً على علو درجته ومرتبته) انتهى كلامه رحمه الله وكثير ممن قلده في تقسيم البدع تجده يخالفه في هذه المسألة! فيقول بجواز الإقسام على الله بغير النبي صلى الله عليه وسلم مع العلم أن الراجح عدم جواز ذلك مطلقاً.


2- الإمام أبو شامة - رحمه الله - أنكر في "الباعث على إنكار البدع والحوادث" كثيراً من بدع الجنائز مثل قول القائل أثناء حمل الجنازة: استغفروا له غفر الله لكم، كما أنكر أن يكون للجمعة سنة قبلية (ص258- 304)، وأنكر كذلك صلاة الرغائب (ص138- 196)، وأنكر كذلك صلاة ليلة النصف من شعبان (ص134- 138)، ومع كل ذلك قال (ص95) بأن الاحتفال بالمولد النبوي يعتبر بدعة حسنة!!.

3- محمد متولي الشعراوي المفسر المصري أنكر رفع الصوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان كما يفعله كثير من المؤذنين في كثير من البلاد الإسلامية فقد وجه إليه سؤال كما في "الفتاوى" (ص487): (جرت العادة في معظم المساجد أن يؤذن المؤذن وعقب الانتهاء من الآذان يقول: الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله جهر، فهل الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم جهراً عقب الآذان هي من صلب الآذان أم أن هذه زيادة عما ورد نرجو الإفادة؟
ج: هذا حب لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لكن أنت تحبه بمشقة، هو قال: (إذا سمعتم المؤذن وانتهى من اذانه فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي)، وللمؤذن وللذي سمع نصلي عليه في سرنا، لكن المؤذن ليس له أن يوجد شيئاً بصوت الأذان الأذان الأصيل وبلهجة الأذان الأصلية؛ حتى لا يفهم الناس أن ذلك من صلب الأذان) انتهى كلامه، وفي المقابل نجده يقول بجواز الاحتفال بالمولد النبوي (ص544-545)!.

4- أما حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية سابقاً فيقول بمشروعية رفع الصوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من قبل المؤذنين بعد الأذان في كتابه "فتاوى شرعية وبحوث إسلامية" (ص265-267)؛ مع أنه قال في (ص290) جواباً على سؤال: هل في الشريعة الغراء صلاة تسمى صلاة الشكر؟
فأجاب: (لم يرد في الكتاب ولا في السنة نص يفيد مشروعية هذه الصلاة لا فرادى ولا جماعة. وأمر العبادات يقتصر فيه على ما ورد عن الشارع، ولا سبيل فيه إلى القياس، ولا مجال فيه للرأي، وإنما الذي أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم السجود لله تعالى شكرا إذا أتاه ما يسره أو بُشر به.. الخ).



فظهر بهذه النقول أنه لا يوجد ضابط معين يميز بين البدعة الحسنة - المزعومة - والبدعة السيئة؛ حتى عند القائلين بهذا التقسيم، ولا يسلم الشخص من الوقوع في هذا الاضطراب إلا بمتابعة السنة وترك الابتداع في الدين.

وأضيف بأن سبب الخلاف في بعض هذه المواطن يكون بسبب وجود بعض الأحاديث وردت ضعيفة.في مواطن أنكرها المنكرين ,وعند الآخرين أعتقدوا بصحتها فقالوا بجوازها مثل صلاة الرغائب والنصف من شعبان . وهذا ما ذكرته آنفا في مسألة السبحة والمسح على الوجه بعد الدعاء..

هذا ما أردت بيانه وتوضيحة للأستاذ مصطفى , وأسأل الله أن يكون هذا الموضوع شافيا كافيا لك ولكل طالب للحق

****

جمعه وأعده :أبو عبد العزيز

ناصر المحمدي
14-05-2009, 10:26 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


وصلاة النافلة المطلقة ليست من البدعة أيضا ، فبلال رأى التنفل في أي زمان ، ورأى أن أفضل الأزمنة ما كان بعد طهارة ،فهذا من النفل المطلق وليس من النفل المقيد ، وإنما صار مقيدا بعد إقرار النبي صلى الله عليه وسلم ... والدليل على ذلك أن بلالا قال : ما شاء الله لي أن أصلي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ..(( يا بلال إني أسمع دف نعليك في الجنة فما ارجى عمل عملته في الإسلام قال يا رسول الله ما أحدثت في ساعة من نهار إلا توضأت وما توضأت إلا صليت بذاك الوضوء ركعتين .))
بارك الله فيك ..
والله يهدي إخواننا ..
في امان الله

حمصي
15-05-2009, 02:59 PM
قولك
الدعاء الأصل فيه الإطلاق فللإنسان أن يدعوا بما شاء ومتى شاء ولكن الذي هو بدعة هو تخصيص دعاء في زمن معيّن أو مكان معيّن وحثّ الناس واتخاذه له سنة وطريقة والتزامه

يزيل بعض الاشكالات
فاتخذ الرجل وردا من القران يوميا جزء او ما أشبه يقراه بعد العصر او ما اشبه ليس من البدعة و انما يصير بدعة ان اعتقد افضلية خاصة حصلها "بالتجربة أو بالرؤيا أو ما أشبه" أو ان دعا الناس اليها أو انكر على من لم يلنزمها فهنا يصير هذا العمل بدعة
و يزيل الاشكال عن كثيرا من الاثار التي يسدل بها الناس على ان الصحابة كانوا يبدعون
كالتزام ذاك الصحابي لقراءة قل هو الله احد في كل صلاة و مثله كثير فهذه الاعمال و امثالها لا باس بها ان لم يظن صاحبها انها سنة و لم يدعوا اليها و لم ينكر على تاركها و لم يعتقد فضيلة خاصة لها و لم تنتشر بين الناس على انها سنة
بوركت أخي