المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انجيلا ميركل بين الرعونة والسعي للشهرة السياسية.



مقداد بركش
09-10-2010, 11:55 AM
ليس أقل من هذا الوصف.. أن نقول إنها تتميز بالرعونة لا يكفي.. ولولا اللياقة لكان

الوصف الواجب هو أن السيدة مستشارة ألمانيا تتميز بالغباء السياسي الأصيل.. وبالتأكيد ليس من المقبول إطلاقاً من الصحافة الألمانية أن تصف تصرفها الأخير بأنه يتسم بالشجاعة.. إن بعض أنواع الشجاعة ـ لو يعلمون ـ يؤدي إلي الجحيم.

السيدة المستشارة التي ألقت إلي العالم الإسلامي بإدانتها لمحاولة القس الأمريكي جونز أن يحرق نسخاً من القرآن.. هي نفسها التي كرمت الرسام الدنماركي في جريدة بولاند بوستن الذي نشر الرسوم المسيئة للرسول.. وهي نفسها التي اعتبرت أن العواقب التي أدي إليها نشر الرسوم لابد أن تكون درساً في التسامح وأن الحرية أساسها الإقدام والشجاعة.. وفي حين أدانت حرق القرآن فإنها قالت إنه يحق لهذا الرسام أن ينشر تلك الرسوم في أوروبا.

المسألة إذن لم تعد مقصورة علي رسام متهور أو ساعٍ للشهرة.. أو صحفي يريد أن يتطاول علي عقيدة نصف العالم.. أو قس منحط ومجنون.. المسألة تمتد إلي سياسيين ومسئولي دول يعضدون هذه التوجهات الملهبة والمفجرة.. والتي تهدد أمن أوروبا قبل أن تهدد استقرار العالم والعلاقات بين أصحاب العقائد فيه.. وفيما يبدو فإن العصر الحالي قد أوتي قدراً من العابثين الذين لا يدركون طبيعة ما يفعلون أو أنهم يدركون ويسعون حثيثاً إلي الجحيم بتصرفات يغطونها بشعارات من هذا النوع غير المقبول.

إن التفسيرات التي سيقت علي ألسنة مسئولين ألمان، وبمن فيهم مسئولة الإعلام في الجهة التي كرّمت الرسام ، وهي مؤسسة اسمها (إم 100)، لا يمكن أن نمررها، والقول إن ميركل لا علاقة لها باختياره للتكريم.. وإنما قامت بذلك لجنة من 22 شخصاً.. في المؤسسة.. هو كلام فارغ لا وزن له ولا يعفيها من المسئولية.. بل يحملها جريرة اقتراف هذا الموقف المعادي للعقيدة التي نؤمن بها ويكشف عن تبنيها لتوجهات عنصرية ومساندتها لاضطهاد معنوي أثم.

ولو أن المستشارة الحمقاء لم تختر الرسام فإنها وقفت في احتفال تكريمه.. بل لم تلتزم الصمت.. وإنما ألقت كلمة.. ولم تتوقف عند حدود المجاملة الدنيا.. بل أثنت عليه وصافحته.. وقالت إن نشر الرسوم من حقه.. واستمرأت ووصفت هذا بأنه نوع من حرية التعبير.. وامتدحت ما اعتبرته شجاعته.. فأي جرم ينتظر بعد ذلك من المستشارة الألمانية.

نحن نرفض الإرهاب.. وندين بشدة أي تصرف يقود إليه ويشجع عليه.. ولكن التصرفات والأفكار والنظريات والسلوك الذي يؤدي إلي الإرهاب لا يأتي فقط من معسكر المتطرفين المسلمين.. ولكنه أيضاً يأتي من هذه النوعية من الحكام في أوروبا التي فقدت عقلها.. ولم تعد تعي طبيعة التصرف الحكيم.. ليس فقط من أجل وزن العلاقات مع أصدقائها المسلمين حول العالم.. ولكن أيضاً من أجل حماية الأمن القومي لألمانيا التي تتميز بفئة إسلامية كبيرة ومثيرة للجدل. ميركل تصب زيتاً علي نار ما صدقنا أنها انطفأت أو خمدت.. تلهب الشعلة من جديد.. وتعضد تطرفاً.. وتغذي مشاعر عدائية ضد الإسلام.. وتقف ضد أصحاب العقيدة التي تهينها بهذا التكريم.. ولا أعتقد أن المؤسسات الألمانية الرصينة يمكنها أن تجد في تصرف السيدة المستشارة أي أمر يفيد المصالح الألمانية.. بل العكس هو الصحيح.

وإذا كانت المستشارة علي هذا القدر من الرعونة، فإنني لا أعتقد أن قوة ألمانيا كدولة واقتصادها المتماسك في ظل أزمة عالمية، يمكن أن يدفعها إلي هذا الغي في التصرفات، فهي ليست الدنمارك.. وهي ليست مثل الكنيسة المتواضعة التي كان قسها المجنون يحاول أن يحرق نسخا من القرآن الكريم.

إن ما فعلته ميركل يلقه بظلال كثيفة ويفجر عواقب وخيمة علي طبيعة نظرتنا إلي الدولة التي تتولي أرقي منصب فيها