المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال ماذا لو كنت مكان من أساء إليك؟



حسام حربى
10-12-2011, 11:36 PM
http://i29.fastpic.ru/big/2011/1211/a2/e11f81760d8b19d212abfb289df192a2.jpg

فى فترة من الفترات كنت شديد القسوة فى الحكم على الآخرين ولم أكن أتقبل -داخلياً على الأقل- أى نوع من التقصير أو الأخطاء منهم، وأتوقع منهم الكمال التام فى أى تعامل. لكن دائماً ما كان هناك نوعاً واحداً من الأخطاء التى أجد نفسى مُجبراً على إلتماس العذر لمرتكبيها، وهى تلك الأخطاء التى كنت أقع أنا بها فى فترة من الفترات. ويبدو أن هذا نمط عام شديد الإنتشار.. فمن الصعب أن نجد من يعذر الكذابين إلا إن كان هو وُضع فى ظروف جعلته يكذب عن إضطرار أو إختيار فى يوم من الأيام، ومن الصعب أن نجد من يعذر اللصوص إلا إن كان وُضع هو فى ظروف جعلته يسرق فى يوم من الأيام، وقس على ذلك كل التصرفات الصغير منها والكبير التى نتأفف منها وننظر لمن يقوم بها بنوع من التعالى والأفضلية.. دائماً إرتكابك لهذا الفعل فى الماضى يكسر فيك تلك الإنفة والغطرسة فتجد نفسك تقدر ظروف من يقومون بها وتضع نفسك مكانهم فتتعاطف معهم بدلاً من أن تغضب منهم.

لكن تساؤلاً خطيراً جال بخاطرى.. وهو أنى عملاً بتلك القاعدة ينبغى علىّ أن أعذر جميع الناس سواءاً كنت أقترف فى الماضى مثلما يقترفون هم الآن أم لا، لأتنى ببساطة لو كنت وُضعت مكانهم لتصرفت مثلهم تماماً، فلا أحد يختار الظروف والجينات التى يولد بها.

ويترتب على تلك الفلسفة نظرة مغايرة تماماً إلى فكرة العقاب.. فلا ينبغى أن يكون عقاب المخطىء بهدف التشفى أو الإنتقام، بل يكون بهدف تقويم سلوكه وردع الآخرين عن أن يحذو حذوه فقط. بل وتكاد تمتد الفكرة لتمحو كلمة "مخطىء" من القاموس بالمرة.. فمهما بلغ سلوك الناس من إنحطاط وتردى من وجهة نظرنا فهم لا يفعلون إلا ما تمليه عليهم ضمائرهم -التى لم يختاروها- وتربيتهم -التى لم يختاروها- وجيناتهم الوراثية -والتى لم يختاروها هى الأخرى- وبالتالى فعلى أى أساس نعطى أنفسنا الحق فى تعريف الصواب من الخطأ؟ مثلاً ماذا ستقول للص يجادلك ويقول لك أن السرقة من حقه لأنه فقير وغيره غنى؟ وماذا ستقول لقاتل يجادلك ويقول أنه قتل شخصاً بسبب تصرفاته التى جعلته غير قادر على الصبر عليه أكثر من ذلك؟ ستضطر أن تعاقبهم وإلا صار المجتمع فوضى، لكنك أثناء معاقبتهم لا ينبغى أن تكرههم أو تحتقرهم أو تظن نفسك أفضل منهم.. فهم قد فعلوا ما قد أملاه عليهم تفكيرهم كما تفعل أنت ما يمليه عليك تفكيرك تماماً. كل ما هنالك أن تفكيركما مختلف. ويمكننا تشبيه من يعاقِب إنساناً بِنِية الإنتقام بمن يعاقب قطة بسبب قضاء حاجتها فى مكان مختلف عما دربها عليه بِنِية الإنتقام منها. سيكون هذا تصرف طفولى وأهوج.. فالمفروض أن يعاقبها عقاباً محدوداً بقدر ما يجعلها تدرك أن ما فعلته كان خطأ (من وجهة نظره)، لا أن يتشفى فيها أو "يرد لها الإساءة".

أخيراً أعترف أنه من الصعب إن لم يكن من المستحيل علىّ اتباع تلك النصيحة.. فكلنا تعرضنا لمواقف ندرك فيها تماماً أن حجم الغِل والإستفزاز الذى نجد صدورنا تضيق به لا يمكن إحتواءه أو التعامل معه بكل تلك الحكمة. لكن فى نهاية اليوم عندما أعود إلى بيتى وأرقد على فراشى مراجعاً ما حدث أدرك تماماً أن ذلك الشخص لم يكن مخطئاً ولم يكن يستحق تعاملى معه بقسوة رداً على ما فعله معى، لكنى أسامح نفسى أيضاً على إنفلاتها فى رد الفعل لأن هذه هى الطريقة الوحيدة لخوض بحر الحياة الثائر وإلا صرت لقمة سائغة للجميع، كما أنه ما حملنى على ذلك إلا تربيتى وظروفى وجيناتى التى لم أخترها أنا أيضاً!

حسام حربى
http://ubser.wordpress.com

ام ابـراهيم
11-12-2011, 03:17 PM
خيراً أعترف أنه من الصعب إن لم يكن من المستحيل علىّ اتباع تلك النصيحة.. فكلنا تعرضنا لمواقف ندرك فيها تماماً أن حجم الغِل والإستفزاز الذى نجد صدورنا تضيق به لا يمكن إحتواءه أو التعامل معه بكل تلك الحكمة. لكن فى نهاية اليوم عندما أعود إلى بيتى وأرقد على فراشى مراجعاً ما حدث أدرك تماماً أن ذلك الشخص لم يكن مخطئاً ولم يكن يستحق تعاملى معه بقسوة رداً على ما فعله معى،لكنى أسامح نفسى أيضاً على إنفلاتها فى رد الفعل لأن هذه هى الطريقة الوحيدة لخوض بحر الحياة الثائر وإلا صرت لقمة سائغة للجميع، كما أنه ما حملنى على ذلك إلا تربيتى وظروفى وجيناتى التى لم أخترها أنا أيضاً

أخي حسام تحليلك منطقي
لكن يجب أن نتمالك نحن أعصابنا و نكضم غيضنا و إلا لماذا نعاتب الأخرين على ردود أفعالهم فحين نحن نبالغ في ردت الفعل
الإصلاح و تقويم السلوك نبدأ بأنفسنا أولا ثم كلمني على الغير
نطالب الاخر بالإصلاح و ننسى أنفسنا هل يعقل هذا ؟
انت تحدثت على الإنسان المنحرف الذي يسرق و يقتل
هذا خارج عن طبيعة الإنسان لهذا نطلق عليه تسمية منحرف و في الحقيقة يستاهل العقاب حتى و لو كان الرغبة في الإنتقام منه
حتى في ديننا الإسلامي نطلق عنه القصاص
تصور لو واحد قتل إبنك و كان بينك وبينه مشاكل و جاء و قتل إبنك
ما دخل الطفل البريء في مشاكلكم
هل تعاقب المذنب بنيت إصلاحه أو بنيت الإنتقام منه و الإنتقام لإبنك؟

امير بفكري
11-12-2011, 11:06 PM
مثل مقالت الاخت استغفار علي الشخص ان يتمالك اعصابه تحياتي لكم

oksanamo
12-12-2011, 12:23 AM
الصبر ثم الصبر على الصبر

Heartbeat
12-12-2011, 08:29 AM
شيء جيد ان يضع الانسان نفسه مكان الطرف الاخر قبل ان يحكم او يتصرف
ولكني لا اظن ان هذا الامر يسري على كل موقف
هناك مواقف وافعال لا تحتاج ان تضع نفسك مكان الطرف الاخر
خصوصا اذا كانت افعال خطيرة او لها ضرر كبير
مثل القتل وغيره من الامور الخطيرة
مثلاً من المستحيل ان نعذر لشخص خان بلده لأن بلده لم يهتم به
او شخص عاق لوالديه لأنهم لا يهتمون به

ولكن في الغالب الامر حسن
وهو ان تضع نفسك مكان الاخرين حين يخطئون او يتصرفون اي تصرف لا يعجبك
مثلا لو شخص قام بفعل امرٍ لم يعجبني الومه واعاتبه واقول له لماذا فعلت كذا وكذا
وبنفس الوقت انا اعرف يقينا اني لو كنت مكانه ربما افعل ما فعله
دائما حين اقوم بتصرف ينتقدني عليه الاخرين اغضب لأني اعلم جيدا انه لو حصل لهم سوف يفعلون كما فعلت
ولكني يجب ان اعلم انه من الطبيعي ان ينتقدني الاخرين لن اجد من يؤيدني على مافعلت احد حتى وان كانو يعلمون ان مافعلت سوف يفعلون مثله لو حصل لهم

اخي حسام طرح جميل شكراً لك

chris
12-12-2011, 04:05 PM
من الجيد ان تضع نفسك مكان الاخرين وتفكر جيدا ً بما فعلوه
من اجل ان نعتبر من خطائهم و نستفيد من تجربتهم فلا نقع فيها
فالمثل يقول (( العاقل من يتعظ بغيره والأحمق من يتعظ بنفسه ))

واما في حالة العقاب على هذا الخطاء فللاسف يتفوت الانسان بالعقاب فبعضهم يسرف في العقاب حتى انه ياخذ حقه وزيادة بل ويزيد ويسرف حتى يتحول من مظلوم الى ظالم ويصبح من مجني الى جاني
وهؤلاء كون سبب هذا الامر الكبت الكثير لمشاعر الغضب في داخلهم او الحالة النفسية التي يتعرض لها و التي انفجرت في وجه هذا الشخص مرة واحدة

والبعض الاخر يكون قادر على العقاب و باشد انواعه الا انه يفكر بان من امامه هو انسان بشري خلقه الله غير كامل و الخطا و الغفوة و النسيان من مزاياه فيراعي ذلك فيصفح عنه و ينبه لخطائه
وهذا الامر يحتاج شخص حكيم و رجل ذو بعد تفكير و نظر

و البعض الاخر لا يحب العنف في العقاب الا انه يستخدم وسائل اخرى في العقاب تعتمد على تفكيره و ما تربى عليه فالشخص الطيب تجد وسائل عقابه الوعظ و التنبيه و الارشاد بينما الشخص الذي ربي في بيئة قاسية تجده يعاقب بالقسوة و الشدة

في الحيقة الموضوع ليس سهل الحديث عنه ببضع كلمات بل هو عميق جدا


شكرا على الموضوع يا اخي العزيز



سلام chris

Amanda~
13-12-2011, 01:45 PM
موضوع عجبني وطريقة التفكير ولكن نادر من يفكر بهاالطريقة الا من رحم ربي
معظم الناس لاتتحمل بعضها وتسعى للتشفي والانتقام من من اخطاء لا والاسوأ من كل هالكلام
بعض الناس تسعى وتحاول الدوس على من هم اضعف
لاحول ولاقوة الا بالله

المقاتل ليون
14-12-2011, 11:58 PM
شكرا لك على هذا الموضوع الجميل فعلا
لا تجد شخصا يتصف بمثل هذه الصفات
الى القليل من لديهم هذه الصفات فعلا لابد
ان يصبر ولا يعمل اعمال يندم عليها

دمية الخيط
15-12-2011, 02:52 AM
السلام عليكم

موضوع ممتاز .. وبارك الله لك أخي فيما تفضلت ..

أنا بالنسبة لي لو أخطأ أحد في حقي بأي شكل من الأشكال ...
فلن أكون مثله بإذن الله ..لأني أضع في اعتباري قدوتي .. نبيي محمد صلى الله عليه وسلم في تحمله وصبره على الأذى ليُرضي الله تعالى .. ودلالة على حُسن خُلقه الكريم ..( كان خُلقه القرآن ).
ولا أقول هذا الكلام .. إلا حقيقة وليس إدعاء .. وكل ما كان الانسان شفافاً كان شديد الحرص على عدم إيذاء الآخرين ،، وهذا ليس هذا ضعفاً .. بل بالعكس ولنا في قوله صلى الله عليه وسلم .. الدروس والحكم ...فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام :
( ليس الشديدُ بالصرعه بل الشديد من يُمسك نفسه عند الغضب )
والمفروض على كل مسلم أن يتقي الله ولا يؤذي غيره لا بهمز ولا بلمز ولا بأذى حسي أو معنوي ..
وليتقِ الله ربه ..من ظلم الناس وأذيتهم ..حتى لا يبتليه رب العالمين في نفسه ومن يُحب ..
نسأل الله رضاه والجنة ..
وحب كل من يُحب ..
والبعد عن أذى المسلمين بأي شكل ..

دمية الخيط

حسام حربى
18-12-2011, 12:53 PM
أخي حسام تحليلك منطقي
لكن يجب أن نتمالك نحن أعصابنا و نكضم غيضنا و إلا لماذا نعاتب الأخرين على ردود أفعالهم فحين نحن نبالغ في ردت الفعل
الإصلاح و تقويم السلوك نبدأ بأنفسنا أولا ثم كلمني على الغير
نطالب الاخر بالإصلاح و ننسى أنفسنا هل يعقل هذا ؟

الحقيقة يا استغفار أنى لم أطالب الآخر بالإصلاح البتة بل بالعكس.. أقريت أن ما يقترفه ليس له ذنب فيه وأنه صنيعة الظروف أو بالتعبير الإسلامى "القدر".


أ
تصور لو واحد قتل إبنك و كان بينك وبينه مشاكل و جاء و قتل إبنك
ما دخل الطفل البريء في مشاكلكم
هل تعاقب المذنب بنيت إصلاحه أو بنيت الإنتقام منه و الإنتقام لإبنك؟
قد نختلف فى هذه النقطة لكنى أرى أنك إن أردتى معاقبة إنسان فعلاً فعليكى بقتل أحد أقاربه وليس بقتله (كما يفعلون فى الصعيد بمصر). أما إن قتلتيه هو فأنت هكذا تعاقبين إبنه الذى تيتم! لكن لهذا موضوع آخر..




شيء جيد ان يضع الانسان نفسه مكان الطرف الاخر قبل ان يحكم او يتصرف
ولكني لا اظن ان هذا الامر يسري على كل موقف
هناك مواقف وافعال لا تحتاج ان تضع نفسك مكان الطرف الاخر
خصوصا اذا كانت افعال خطيرة او لها ضرر كبير
مثل القتل وغيره من الامور الخطيرة
مثلاً من المستحيل ان نعذر لشخص خان بلده لأن بلده لم يهتم به
او شخص عاق لوالديه لأنهم لا يهتمون به


على أى أساس سنقرر لو كان السارق مثلاً يمكن مسامحته لكن الخائن لا يمكن أو العكس؟ لا يمكننا أن نضع الفواصل حيث شئنا يا هارت.. فإما أن نقر بأن الناس لا اختيار لهم وهم ضحية الظروف و إما أن نحمل كل شخص مسؤولية أفعاله.


بالنسبة للأعضاء الذين يثنون علىّ لتخلقى بخلق التسامح فيبدو أنهم غفلوا عن آخر فقرة فى المقال!

Heartbeat
18-12-2011, 01:46 PM
حين قلت السارق يمكن مسامحته ليس كل سارق انا فقط قلت انه ربما يكون هناك سارق يسرق من اجل لقمة العيش له ولأطفالة
وليس كل السارقين طبعاً بعد التأكد من ظروفه , وذكرت هذا كمثال
وقلت ايضا ان الخائن صعب مسامحته خصوصاً من يخون بلدة , ربما يقول البعض ان الخائن ايضا من الممكن انه مجبر على الخيانه
على العموم هذه وجهت نظري والحمدالله اني لست بموقع المحاسبه بمثل هذه الامور
ما انا الا انسان عادي لا افقه بالاحكام الشرعيه ولا المدنية

ام ابـراهيم
18-12-2011, 10:36 PM
قد نختلف فى هذه النقطة لكنى أرى أنك إن أردتى معاقبة إنسان فعلاً فعليكى بقتل أحد أقاربه وليس بقتله (كما يفعلون فى الصعيد بمصر). أما إن قتلتيه هو فأنت هكذا تعاقبين إبنه الذى تيتم! لكن لهذا موضوع آخر..

أنا عرضت مثال أنه ليس من المعقول من يقتل إبني أحاسبه بتسامح بلا سيكون في شيء من الغضب إتجاهه
و المثل الذي يقول العين بالعين و السن بالسن و البادئ أظلم لا أطبقه في حياتي
فأنا أتبع القانون بما أننا دولة قانون
و اترك القاضي و القانون يأخذ مجراه

على الرغم أنني معروفة بالتسامح إلا أنني أكتم بداخلي الغضب خاصة مع أناس لم أسئ إليهم و عاملتهم بصدق و لا أجد في المقابل إلا الإساءة
أتركهم لله و أنا على يقين أن الله لا يترك حقي

لست ضدك أبدا اخي حسام و فهمت قصدك أن الإنسان رهين الظروف وهي التي تتحكم في تصرفاته صدقت و كلامك كله جواهر بس في أمور جنية و وراثية يرثها
الأبناء على الأباء و لقد أثبت العلم صدق ما أقول
بمعنى الإنسان رهين الظروف و الطبيعة الفيسيولوجية له .
تقبل مروري و دام قلمك

Heartbeat
19-12-2011, 07:52 AM
فى فترة من الفترات كنت شديد القسوة فى الحكم على الآخرين ولم أكن أتقبل -داخلياً على الأقل- أى نوع من التقصير أو الأخطاء منهم، وأتوقع منهم الكمال التام فى أى تعامل. لكن دائماً ما كان هناك نوعاً واحداً من الأخطاء التى أجد نفسى مُجبراً على إلتماس العذر لمرتكبيها، وهى تلك الأخطاء التى كنت أقع أنا بها فى فترة من الفترات. ويبدو أن هذا نمط عام شديد الإنتشار.. فمن الصعب أن نجد من يعذر الكذابين إلا إن كان هو وُضع فى ظروف جعلته يكذب عن إضطرار أو إختيار فى يوم من الأيام، ومن الصعب أن نجد من يعذر اللصوص إلا إن كان وُضع هو فى ظروف جعلته يسرق فى يوم من الأيام، وقس على ذلك كل التصرفات الصغير منها والكبير التى نتأفف منها وننظر لمن يقوم بها بنوع من التعالى والأفضلية.. دائماً إرتكابك لهذا الفعل فى الماضى يكسر فيك تلك الإنفة والغطرسة فتجد نفسك تقدر ظروف من يقومون بها وتضع نفسك مكانهم فتتعاطف معهم بدلاً من أن تغضب منهم.


نعم ربما التمس العذر لمن اخطأ , ان كنت قد وقعت انا بنفس الخطأ ولنفس الظروف التي يمر بها , ولكني لا اعلم يقيناً ان كانت لنفس الظروف او لا
ولذالك اترك الامر لله يحاسبه في الدنيا وفي الاخرة , ثم للقانون ان كان هناك قانون يحاسبه , اما انا ليس لي الا الدعاء له بالهداية
اخي حين يكون هناك انسان صالح لا يكذب او يسرق , ولا يحب السارقين والكاذبين هذه ليست غطرسه
ان اخذنا نلتمس العذر لهم دائماً يتمادون في اخطائهم , ويقلدهم الاخرين بما اننا اخذنا نلتمس لهم العذر دائما
في النهاية لا نستطيع ان نلوم من يغضب من السارقين والكذابين , ولا نلوم من لا يغضب منهم



لكن تساؤلاً خطيراً جال بخاطرى.. وهو أنى عملاً بتلك القاعدة ينبغى علىّ أن أعذر جميع الناس سواءاً كنت أقترف فى الماضى مثلما يقترفون هم الآن أم لا، لأتنى ببساطة لو كنت وُضعت مكانهم لتصرفت مثلهم تماماً، فلا أحد يختار الظروف والجينات التى يولد بها.


لا لا ينبغي ان تعذر في كل شيء , هناك بعض الامور لا عذر لها
لا تستطيع ان تجزم انك لو وضعت مكانهم سوف تفعل ما فعلوا , بكل بساطه الفقراء كثيرون , هل جميعهم يسرقون




ويترتب على تلك الفلسفة نظرة مغايرة تماماً إلى فكرة العقاب.. فلا ينبغى أن يكون عقاب المخطىء بهدف التشفى أو الإنتقام، بل يكون بهدف تقويم سلوكه وردع الآخرين عن أن يحذو حذوه فقط.


حين يكون القانون هو من يعاقب لا يوجد في العقوبه تشفي او انتقام , وان كان صاحب الحق هو من يعاقب هذا امرٌ بينه وبين الله لا نستطيع ان نجزم انه يتشفى او ينتقم
ولكن هذا لا يوجد الان هناك قانون يعاقب , وان كان القانون نائم , فبالتأكيد سوف يكون هناك انتقام وتشفي
وان كان الخطأ لا يحاسب عليه القانون , هنا صاحب الحق بين امرين اما ان يترك امره لله او ان يأخذ حقه بنفسه
كيف يأخذه لا اعلم ربما بنفس الطريقه التي اخطئ عليه بها



بل وتكاد تمتد الفكرة لتمحو كلمة "مخطىء" من القاموس بالمرة.. فمهما بلغ سلوك الناس من إنحطاط وتردى من وجهة نظرنا فهم لا يفعلون إلا ما تمليه عليهم ضمائرهم -التى لم يختاروها- وتربيتهم -التى لم يختاروها- وجيناتهم الوراثية -والتى لم يختاروها هى الأخرى- وبالتالى فعلى أى أساس نعطى أنفسنا الحق فى تعريف الصواب من الخطأ؟


كل انسان يرى الحق والصواب من وجهة نظرة الخاصة
ولذالك وجد قانون هو من يحاسب المخطئ , لا تستطيع ان تقول للقانون انت اخطأت في السابق ولذالك يجب ان تلتمس لي العذر
هل من المنطق ان يقول السارق للقاضي الذي يحكم عليه , التمس لي العذر فلو كنت مكاني لسرقت



مثلاً ماذا ستقول للص يجادلك ويقول لك أن السرقة من حقه لأنه فقير وغيره غنى؟ وماذا ستقول لقاتل يجادلك ويقول أنه قتل شخصاً بسبب تصرفاته التى جعلته غير قادر على الصبر عليه أكثر من ذلك؟ ستضطر أن تعاقبهم وإلا صار المجتمع فوضى، لكنك أثناء معاقبتهم لا ينبغى أن تكرههم أو تحتقرهم أو تظن نفسك أفضل منهم.. فهم قد فعلوا ما قد أملاه عليهم تفكيرهم كما تفعل أنت ما يمليه عليك تفكيرك تماماً.


لو قال لي السارق والقاتل ذالك ربما اقول له نعم لو كنت مكانك كان من الممكن ان اقوم بما قمت به ولكني لا اجزم بذالك
ولذالك سوف اقول له هناك قانون ولو فعلت انا ما فعلت انت سوف يحاسبني ايضا
نعم لا يجب ان نكرههم او نحتقرهم , ولكن ايضا لا يجب ان نعذرهم



كل ما هنالك أن تفكيركما مختلف. ويمكننا تشبيه من يعاقِب إنساناً بِنِية الإنتقام بمن يعاقب قطة بسبب قضاء حاجتها فى مكان مختلف عما دربها عليه بِنِية الإنتقام منها. سيكون هذا تصرف طفولى وأهوج.. فالمفروض أن يعاقبها عقاباً محدوداً بقدر ما يجعلها تدرك أن ما فعلته كان خطأ (من وجهة نظره)، لا أن يتشفى فيها أو "يرد لها الإساءة".


نعم هنا اوافقك بما تقول , يعاقب ولكن من دون مبالغة او تشفي وانتقام



أخيراً أعترف أنه من الصعب إن لم يكن من المستحيل علىّ اتباع تلك النصيحة.. فكلنا تعرضنا لمواقف ندرك فيها تماماً أن حجم الغِل والإستفزاز الذى نجد صدورنا تضيق به لا يمكن إحتواءه أو التعامل معه بكل تلك الحكمة. لكن فى نهاية اليوم عندما أعود إلى بيتى وأرقد على فراشى مراجعاً ما حدث أدرك تماماً أن ذلك الشخص لم يكن مخطئاً ولم يكن يستحق تعاملى معه بقسوة رداً على ما فعله معى، لكنى أسامح نفسى أيضاً على إنفلاتها فى رد الفعل لأن هذه هى الطريقة الوحيدة لخوض بحر الحياة الثائر وإلا صرت لقمة سائغة للجميع، كما أنه ما حملنى على ذلك إلا تربيتى وظروفى وجيناتى التى لم أخترها أنا أيضاً!


نعم اظن ان الجميع كذالك مثلك تماماً
كما يجب علينا ان نلتمس لهم العذر لظروفهم
يجب ايضا ان يلتمس لنا العذر نحن ايضا , للظروف التي وضعونا بها , بسبب افعالهم واخطائهم