بارك الله فيكم يا إخوة وشكر لكم طيب تعبيركم.
عرض للطباعة
بارك الله فيكم يا إخوة وشكر لكم طيب تعبيركم.
فنجان قهوة
أطلانطيس يابانية
الى جانب التنافس على أسواق السيارات في العالم، تدور بين الولايات المتحدة واليابان حرب شديدة الوطأة، موضوعها قارة اطلانطيس المفقودة. وساحة الحرب على عمق عشرة أمتار تحت سطح البحر، في مواجهة ساحل جزيرة ياناجوني، حيث عثر اليابانيون على بقايا معبد يقول العلماء في جامعة ريوكيو اليابانية في جزيرة اوكيناوا إن عمره يزيد على ضعف عمر الأهرامات في مصر، وانه من أقدم الآثار الإنشائية التي جرى اكتشافها حتى الآن. أما عالم الجيولوجيا الأمريكي البروفيسور روبرت شوش، من جامعة بوسطن، الذي لا يتصور أي مجد خارج نطاق الحضارة الغربية فانه يقول: ليس من الضروري أن يكون ما اكتشفه اليابانيون يتمتع بأهمية تاريخية، إذ ربما يكون مجرد صخور تعرضت لعوامل التعرية البحرية.
ويقول عالم الآثار الياباني ماساكي كيمورا إن الآثار التي عثر عليها الغواصون في مواجهة ساحل جزيرة ياناجوني ليست “صخورا تعرضت لعوامل التعرية”، وإنما “هرم عملاق أنشأته يد البشر قبل ما يزيد على 10 آلاف سنة”، وألمح ماساكي إلى كتابات الفيلسوف اليوناني أفلاطون الذي ذكر أن قارة اطلانطيس المفقودة تعرضت للتدمير بفعل زلزال عنيف أو بركان عام 9500 قبل الميلاد، وقال إن المعبد الذي جرى اكتشافه في مواجهة الساحل الياباني يعود إلى نفس الفترة التاريخية التي كانت فيها قارة اطلانطيس موجودة.
وعندما تعرض كيمورا للهجوم والسخرية من جانب العلماء الأمريكيين، هب العلماء اليابانيون للدفاع عنه، وأعلنوا أن البحوث التي اجروها كشفت أن الهرم الياباني الذي جرى اكتشافه كان فوق سطح البحر قبل ما يتراوح بين 8000 إلى 10000 سنة، وانه مصنوع من كتل كبيرة من الحجارة. وقال كيمورا: “يبدو أن هذا الهرم معبد أقيم لوثن قديم كان يعبده اليابانيون، اعتقادا منهم انه هو الذي يجلب السعادة إلى سكان اوكيناوا”. وأضاف: “قد يكون هذا الهرم شاهدا جديدا على حضارة تاريخية جديدة، إذ ليس هنالك أي دليل في العالم يشير إلى أنه كان باستطاعة البشر، قبل 10 آلاف سنة، بناء هرم بهذا الحجم العملاق”.
وعندما احتدمت المناقشات حول الاكتشاف الياباني في الولايات المتحدة، قام عدد من العلماء الأمريكيين بزيارة الموقع ومعاينته، وألقى البروفيسور شوش قنبلته التي تركت أثرا يفوق الأثر الذي تركته قنبلتا هيروشيما وناجازاكي في نفوس اليابانيين، فقد قال: “إن ما يقول اليابانيون إنه هرم، هو مجرد تشكيلات صنعتها عوامل طبيعية بالصخور الطبيعية تحت سطح البحر، وليس هنالك أي جزء فيه يشير إلى أنه أنشئ من حجارة عملاقة منفصلة، جرى جمعها إلى جانب بعضها بعضا”. وهذه النقطة مهمة جدا، لأن الحجارة المنفصلة المجموعة إلى بعضها بعضا تعني أن البشر هم الذين جمعوها، أما في حالة الهرم، أو الهيكل الياباني فليس هنالك ما يشير إلى ذلك على الإطلاق. والحرب الإعلامية لا تزال مستمرة، ولكن اليابانيين تراجعوا فيها قليلا، فأعلن البروفيسور كيمورا وغيره من العلماء في طوكيو: “أن الهرم قد يكون كتلة صخرية عملاقة جرى نحتها بأيدي البشر”، وبذلك قابلوا العلماء الأمريكيين في منتصف الطريق، ولكن العلماء الأمريكيين الذين يبحثون عن حضارة قديمة ينسبونها لبلدهم لتبرير زعامتها الحديثة للعالم، ويقولون إن قارة أطلانطيس كانت في الأطلسي، في مواجهة الساحل الأمريكي، يرفضون تقديم أية تنازلات، ويصرون على أن النصب مجرد كتل صخرية تعرضت لعوامل التعرية، لأن اعترافهم بأن الاكتشاف الجديد منحوت بيد البشر يعني أن اليابان كان لها حضارة قبل 10 آلاف سنة. وفي عصر الهيمنة الأمريكية “الإسرائيلية”، ليس غريبا أن يصل التزوير إلى الأركيولوجيا.
أبو خلدون
فنجان قهوة
خروق في الحقول المغناطيسية
الإنسان جزء من هذا الكون الكبير الذي يعيش فيه ولذلك من الطبيعي أن نفترض إنه يتأثر بالظواهر الكونية المختلفة، فقد اكتشف العلماء أن الانفجارات الشمسية تسبب متاعب صحية للذين يعانون من الحساسية تجاه تقلبات الطقس، كما اكتشفوا أن القمر، إضافة إلى تأثيره في حركة المد والجزر، ينشط عارض المشي أثناء النوم لدى المصابين بهذا الداء. وليس أدل علي مدى تأثرنا بما حولنا من إن الحياة كلها على الارض يمكن أن تنتهي بشكل مفاجىء إذا اصطدمت الأرض بصخرة كونية كبيرة، أو مذنب مثلا.
والأرض ذاتها تؤثر في ساكنيها، فإلى جانب الماء والغذاء والمناظر الطبيعية الخلابة التي توفرها لهم، هنالك الزلازل والأعاصير والصواعق والبراكين، ويتحدث العلماء عن إشعاعات غريبة ذات تردد منخفض تنطلق من باطن الأرض وتؤثر إلى حد كبير في البشر وكل الكائنات الحية، كما لاحظوا أن البنايات التي تشيّد فوق أحواض مائية جافة تنهار لأسباب غير معروفة. وفي كل 12500 سنة يغيّر قطبا الأرض الشمالي والجنوبي، مكانهما، مما يؤدي إلى حدوث فيضانات كونية تغرق الناس والزرع.
ويقول العلماء في أكاديمية العلوم الروسية إنهم لاحظوا وجود علاقة بين العديد من الظواهر الطبيعية التي نتعرض لها وبين اضطرابات تحدث في حقلها المغناطيسي، وسبب الاضطرابات في الحقل المغناطيسي هو: إشعاعات غريبة تنطلق من باطن الأرض إلى سطحها، ولا يعرف العلماء حتى الآن سبب هذه الاشعاعات ولكنهم يقولون إنه بعد وصولها إلى السطح تتحول إلى بحار من الجزيئات الكهرومغناطيسية الشاردة التي تنذر بالشر، وتحدث خروقا في نسيج الحقل الكهرومغناطيسي للأرض، وكأن صندوق بندورا في الأساطير اليونانية قد فتح وخرجت كل الشرور الموجودة فيه. ولعل في ذلك تفسيراً لبعض الأمراض غير القابلة للشفاء التي تظهر في هذا المكان أو ذاك من الكرة الأرضية، وفي دراسة أجراها العالم التشيكي أولدريخ يوريك تبين ان 50% من المصابين بالسرطان يعيشون في بنايات كانت تحتها، قبل عقود أو قرون، مياه جوفية، أو أنهار نضبت، ويلاحظ أولدريخ أن الحوادث على الطرق السريعة في تلك المناطق أكثر من غيرها في الأماكن الأخرى وأشد خطورة، ويقول: “في تلك الطرق، يكون السائق عاديا لا يشكو من شيء، وفجأة يفقد وعيه بشكل مؤقت، ويفقد القدرة على السيطرة على السيارة بسبب توتر مفاجىء يحس به يرفع نسبة الإدرينالين في دمه، فيحدث الحادث”.
ويقول العلماء: إن خروقا كبيرة في مجال الأرض المغناطيسي بدأت تظهر بوضوح، مما يشير إلى ان القطبين، الشمالي والجنوبي، على وشك تغيير موضعهما، وهذه الظاهرة حدثت في الماضي السحيق عدة مرات، وهي تتكرر كل 12500 سنة، وفي المرات السابقة أدت إلى اختفاء الديناصورات وتدمير قارة اطلانطيس وغرقها تحت الماء، ويقول العالم الألماني الكسي دودينكو، نائب مدير معهد شميت للفيزياء إنه عندما تحدث ظاهرة تغيير موقع القطبين تحدث كارثة كونية تؤدي إلى موت معظم الكائنات الحية على الأرض، لأن الحقل المغناطيسي للأرض يضعف إلى حد كبير، وتصبح إمكانية حماية الأرض من التأثيرات الضارة للأشعة الشمسية ضعيفة جدا.والأرض حبة رمل في فلاة في هذا الكون الفسيح، ولكنها تتأثر بما يجري فيه.
أبو خلدون
فنجان قهوة
جورباتشيف يتكلم
يتذكر الأمريكيون والأوروبيون الغربيون ميخائيل جورباتشيف بأنه الرجل الذي أنهى الحرب الباردة، وأبعد شبح “اليوم الآخر” عنهم. وعندما اقتحم الألمان جدار برلين وحطموه ليلتقي القلب بالقلب، فيما وصفه أحد الشعراء الألمان بقوله: “كنت أتنفس نصف الهواء، وأعيش بنصف قلب، وعندما سقط جدار برلين، صرت أعيش بشكل طبيعي” جلس جورباتشيف يتابع الأخبار على شاشة التلفزيون بحياد تام. أما الروس فإنهم يتذكرون أن جورباتشيف هو الذي سمح بتفكيك الاتحاد السوفييتي، وحوله من أقوى امبراطورية في العالم إلى دولة ثانوية.والروس سعيدون ولا شك بجو الحرية والانفتاح الذي يعيشونه، بعد أن عاشوا ما يزيد على سبعة عقود في ظل نظام صارم يحصي عليهم حتى أنفاسهم، ولكنهم اكتشفوا أن الانفتاح على الطريقة الأمريكية لا يطعم خبزا وإنما ينازع الفقير على رغيف خبزه، وأن الذين استفادوا من الانفتاح هم مجموعة من الفاسدين يطلق الروس عليهم اسم “الأوليجارش”، كما اكتشفوا أن الحرية بالمفهوم الغربي مجرد خدعة هدفها تفكيك المجتمع وتأليب الجماهير على أولي الأمر بينهم.
وفي الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها بوتين حاول جورباتشيف ترشيح نفسه، وقرر البداية من القرية التي ولد فيها، من مسقط رأسه، حيث ناسه وعزوته، فأرسل خبراً لرئيس البلدية يخبره برغبته في زيارة القرية، وفوجىء عند وصوله أن أحدا لا ينتظره في محطة القطار، وأن رئيس البلدية لم يحاول تنظيم استقبال رسمي له، فاضطر للانتقال إلى القرية بسيارة أجرة، وعندما وصل، استقبله الناس، وبعضهم من أقاربه، استقبالا عدائياً، وقالت له إحدى السيدات: “ما الذي جاء بك إلى هنا، لقد كنا أقوى دولة في العالم فحولتنا إلى دولة من دول العالم الثالث”، فقال جورباتشيف لها: “لولا الجلاسنوست والبريسترويكا، لما كان ياستطاعتك ترديد مثل هذا الكلام حتى بينك وبين نفسك” فردت المرأة: “البريسترويكا والجلاسنوست لا تدفع حساب البقال وتكاليف العلاج الطبي، ولا تسدد أقساط أولادي في المدارس، هذا إذا لم نقل إنها حولتك أنت شخصياً من رئيس امبراطورية عظمى إلى عامل في محل أمريكي للبيتزا”، في إشارة إلى ظهور جورباتشيف في دعاية تلفزيونية لأحد محلات البيتزا الأمريكية في موسكو.
وعاد جورباتشيف من حيث أتى لا يلوي على شيء، وقرر صرف النظر عن ترشيح نفسه، فمن لا يثق أهله به ينبغي ألا يتوقع الحصول على ثقة الآخرين.
وقبل أيام ظهر جورباتشيف في برنامج تلفزيوني على شاشة ال “إي بي سي” هاجم فيه الولايات المتحدة بعنف، واتهمها “بخيانة تراثه” ولم يوفر بلده روسيا، وقال: “الأمريكيون يعانون من مرض خطير جدا، أكثر فتكاً من الأيدز يطلق عليه اسم “عقدة المنتصر” فقد انتصروا في الحرب الباردة، فأصبحوا يميلون إلى العجرفة، ويرغبون في فرض أسلوب حياتهم على العالم كله، وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه”.
وصب جورباتشيف جام غضبه على الرئيس الأمريكي جورج بوش، واتهمه بالضحالة والعناد، وعلى نائبه ديك تشيني ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد وقال: “إنهم مجرد صقور يحمون مصالح المؤسسة العسكرية الأمريكية التي يديرها أشخاص ضحلون لا يتمتعون ببعد النظر”. وما لم يقله جورباتشيف في المقابلة هو أن سياسته هي التي أتاحت لهؤلاء بالتصرف بمقدرات العالم.
أبو خلدون
فنجان قهوة
أمس.. واليوم
يذكر زميل مخضرم عايش الحياة الأدبية والفكرية في مصر في الربع الأخير من القرن الماضي أن نجيب محفوظ، الحائز جائزة نوبل، كان قريبا جدا من الناس البسطاء والعاديين، ويرى فيهم عالما شديد الغنى. ولم يكن يرفض طلب أي قارىء لمقابلته، وعندما تقابله، تشعر بأن بينك وبينه حميمية شديدة. وإذا صادف وجلست إليه في المقهى الذي كان يتردد عليه، وأعطاه، جماهيريا، اسمه، بحيث بات الناس يعرفونه باسم “مقهى نجيب محفوظ” فإنه يتباسط معك، وربما يدخل معك في قافية.
وعباس محمود العقاد كان له مجلسه الخاص الذي يتردد عليه كبار الكتاب وهواة الأدب، وكان العقاد يستمع إلى كل من يحضر مجلسه باهتمام بالغ، وعندما كتب قصة حياته قال إنه عاش إلى آخر العمر تلميذا في مدرسة الناس البسطاء، لأن حياتهم خصبة وملهمة. وفي سيرته الذاتية، يقول عبد الوهاب البياتي انه كان يحرص دائما على الاحتفاظ بصلة قوية بالناس العاديين الذين يصفهم بقوله: “هؤلاء البسطاء المسكونون بالثقافة العميقة وبتجارب أجدادهم منذ أقدم العصور”. ويسخر من المتعلمين الذين يستلهمون بسبب فقر ثقافتهم، الثقافة الغربية، ويقول: ان هؤلاء “أشبه بالفتيل الذي تنقطع جذوره”.
ومشكلة كتابنا ومفكرينا هذه الأيام إنهم ابتعدوا عن بيئتهم وعن ناسهم البسطاء، وباتوا يستلهمون تجارب الغربيين ورسومهم المتحركة، فيما يصفهم أحد الكتاب بأنهم متسولون استعاروا ثيابا وأزياء من كل شعب، ومن كل أمة، حتى فقدوا أصواتهم الحقيقية، وفقدوا الارتباط بينهم وبين حاجات مجتمعهم. وعندما تجلس إلى أحد من هؤلاء لا يتعامل معك بحميمية، كما يفعل نجيب محفوظ مثلا، وإنما يتحدث إليك بفوقية هو ليس أهلاً لها، وإذا دخلت معه في نقاش فإنه يحدثك عن الملل، والسأم، والعبثية، وبروميثيوس وكافكا، وشاتوبريان، وكازانتزاكيس وغير ذلك من التعابير والأسماء التي يحفظها عن ظهر قلب لاستخدامها عند الحاجة، ولكي تضفي عليه صفة المثقف رغم انه لا يعرف عنها وعن اصحابها شيئا.
وحاضرنا، نحن العرب، صعب جدا بالفعل، ولكن لا مكان فيه لليأس أو السأم أو العبثية، إذ إن المهمات التي تنتظرنا لحماية خصوصيتنا الإنسانية تحتاج إلى حياتنا كلها، وربما إلى حيوات أخرى الى جانب حياتنا، وهي لا تتطلب أعمالا قائمة على السأم والملل ولا حديثا إنشائيا عن فقدان العدالة، وإنما شعلاً تحرق الحاضر السيئ وتطوره، بشرط أن نعرف كيف تلتهب الشعلة، وما هي صورة المستقبل الذي يرسمه لهيبها.
وجيلنا الماضي، ومنه نجيب محفوظ، عايش ظروفا أقسى بكثير من الظروف التي يعيشها شبابنا وكتابنا وأدباؤنا هذه الأيام، فقد كانت كل الدول العربية تناضل من أجل الحصول على حريتها واستقلالها، وخاضت هذه الدول بعد ذلك معركة البناء الداخلي، بكل ما فيها من تحديات، وسجل الأدباء والشعراء تلك المرحلة، وكانوا يشحنون الجماهير بالأمل، وعندما كانت الآفاق تضيق حتى تصبح في حجم خرم الإبرة كان هناك زعيم عربي يقول: “لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس” او “ارفع رأسك يا اخي” وكان الجميع يردد هذه المقولة أو تلك، حتى اصبحت أسلوبا لحياتنا، أما بعض كتاب هذه الأيام فإنهم لا يقدمون لقرائهم الا اليأس والعبثية والملل والضياع.. إلى آخر ما هنالك، ولذلك ينبغي ألا نستغرب عندما نجد أمتنا العربية وقد وصل الحال بها إلى هذا الحال.. فالأدباء هم الذين يصنعون ضمير الأمة.
أبو خلدون
مشكور مشكور مشكور ^^
فنجان قهوة
الفاتنات الأديبات
كنت اتصور أن عبارة “الأدب النسائي” حكر علينا نحن العرب، فنحن لم نسمع عن ناقد يصنف كتابات الأخوات برونتي أو ماري شيلي، زوجة الشاعر شيلي التي ابتكرت شخصية فرانكشتاين، أو سيمون دي بوفوار، أو حتى فرانسواز ساجان في خانة “الأدب النسائي”. وكنت أتصور أن التعبير اقتضته الضرورة، وجذوره تعود إلى ثقافتنا في تدليل المرأة. فقد فوجئت الساحات النقدية في الوطن العربي في الستينات من القرن الماضي بموجة من الفتيات يكتبن قصصا يتحدثن فيها عن حيواتهن العاطفية وعشاقهن بصراحة صادمة، ويكتبن أدبا لا تستطيع مهما بلغ بك التسامح وضعه في خانة الأدب، وبحث النقاد في تراثنا فاكتشفوا فيه عددا من الكتب التي “تدلل” النساء ذوات الميول الأدبية، وتطلق عليهن اسم “النساء الشاعرات”، فادخلوا تعديلا طفيفا على التعبير واستخدموه لوصف كتابات أديباتنا الفاتنات.
ولكن الأديبات الفاتنات اللواتي يتحدث عنهن العالم اليوم لسن عربيات، وإنما صينيات جميلات جدا، ولدن بعد الثورة الثقافية ولم تطالهن عصا العم ماو، وقد حصلن على شيء من الاستقلالية في ظل انفتاح الصين الجديد فهجرن الحديث عن السياسة، وتركن قراهن وانتقلن إلى المدن الكبيرة، مثل شانجهاي وبكين، وعشن بحرية، ثم اتجهن إلى رواية تجاربهن في الحياة الجديدة بصدق، وكأنهن يقدمن إفادات لمركز شرطة، ومن هؤلاء “ويهوي” التي تروي في قصة “طفلة شانجهاي” مأساة امرأة مطلقة حائرة بين قلبين، قلب “تيان تيان” وهو رسام رقيق ولكنه عنّين، وقلب “مارك” العشيق الألماني. وويهوي تمتلك موقعا على الانترنت، وهي تصف إحدى المدن الصينية في الثمانينات في إحدى قصصها بأنها “ماخور تجريبي للرأسمالية''. وقد منعت الرقابة الصينية قصة “طفلة شانجهاي” ووصفتها بأنها “عمل ذو مستوى منحط” مملوء بمقاطع مخلة بالحياء، ويروج للأفكار العدمية لمفهوم من الحياة المبتذلة والمنحطة” ولكن المنع لم يؤد إلا إلى تنشيط مبيعات القصة بشكل سري.
ومن الأديبات الفاتنات “ميان ميان” التي تعيش في مدينة كبيرة هي شانجهاي، ولم تأت من الريف، وشقتها في شنجهاي مزينة بملصق كبير لمارلين مونرو، وقد نشرت قصة بعنوان “السكاكر الصينية” تروي فيها قصة ضياع طالبة في المرحلة الثانوية بعد انتحار زميلها في المدرسة، الذي يتعاطى المخدرات، ويجرها إلى هذا العالم، وهي تقول: إن قصتها المقبلة ستتمحور حول العلاقات بين الرجال والنساء، وحول مخدر الاكتساسي الذي يفتك ب “الأجيال الكيميائية من الشباب”، والكتابة عن المخدرات ربما تدخل في باب الكتابات الهادفة ولكن ليس إذا كانت في إطار قصة جنسية.
ومن الأديبات الفاتنات “زهاو بو” من شانجهاي، التي تصف في قصتها “بسكويت مشكل” العلاقات بين امرأة مطلقة ترفض أن تعيش حياة عادية، وتبحث عن الحب مع رجل غاو، ومع فتاة تجد متعتها في التحريض على الخيانة، وتوزع المؤلفة كتابها مصحوبا بقرص كمبيوتر يحتوي على موسيقا حالمة، وهنالك أيضا زهو ويننج التي نشرت قصة بعنوان “زهرة الفردوس” تتحدث فيها عن عاشق تائه وتصف نفسها بالقول “أنا الوحيدة التي أعرف أن الجسد الأكثر حرية”. ووي وي، وزهو جيرو ولينباي وجيودان وجيزي التي نشرت كتابا يصف علاقة عاطفية بين امرأتين، القاسم المشترك بينهن هو أنهن جميعاً جميلات ومثيرات.وكان الله في عون الرفاق الصينيين، إذ إن وجود عدد من الكاتبات يعد على أصابع اليد الواحدة يكتبن أدبا نسائيا أثار عواصف لها أول وليس لها آخر عندنا، فكيف إذا كن بهذا العدد، وهذا الجمال؟!
أبو خلدون
فنجان قهوة
فوضى قضائية
كتاب طريف صدر في الولايات المتحدة مؤخرا بعنوان “فوضى في المحاكم الأمريكية”. والفوضى ليس سببها، فقط، قضاة أمريكا الذين يحكمون وفق أهوائهم ويميزون بين المتهمين حسب اللون والمركز الاجتماعي والانتماء السياسي، وإنما سببها المحامون، وشهودهم.
والمحامون الأمريكيون من اكثر المحامين في العالم غباء وجشعا وعدم إخلاص لأخلاقيات المهنة، مما أتاح لهم تكوين ثروات طائلة، ولعل الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي يستطيع المحامي فيها أن يتحول إلى مليونير خلال فترة وجيزة من ممارسته المهنة، ومنذ منتصف القرن الماضي تحدث ايليا أبو ماضي في إحدى قصائده عن محام أمريكي يظهر في إحدى الصور وهو يضع يده في جيبه، فقال له أبو ماضي ساخرا، ما معناه: “ليس من عادتك وضع يدك في جيبك، والصورة ستكون أصدق تعبيرا لو وضعت هذه اليد في جيوب الآخرين”. ويتندر الأمريكيون على محاميهم بالقول: “إن المحامي شخص يساعدك على الحصول على حقك من الآخرين، لكي يأخذه هو لنفسه”. وكتاب “فوضى في المحاكم الأمريكية” يتضمن “لقطات” من مرافعات المحامين واستجوابهم للشهود في المحاكم، منقولة بالنص، ومن ذلك أن المحامي سأل أحد الشهود: “ابنك الأصغر، الذي يبلغ الحادية والعشرين من العمر، كم عمره؟ فأجاب الشاهد: “لقد قلتها أنت، إنه في الحادية والعشرين” وعاد المحامي يسأل: “للمتهمة ثلاثة أولاد، أليس كذلك؟” فقال الشاهد: “نعم” وقال المحامي: “وكم عدد الذكور بينهم” فقال الشاهد: “ليس بينهم أي ذكر” فقال المحامي: “وهل بينهم أية أنثى”؟ وفي إحدى الجلسات، تأمل المحامي صورة للمتهم مع بعض أصدقائه جرى تقديمها للمحكمة بين أدلة الإثبات وسأله: “هل كنت موجودا عندما التقطت هذه الصورة؟” فلم يجد المتهم أمامه إلا أن يرد بالقول: “أرجو أن تعيد السؤال من فضلك!”. واستجواب أخصائيي الطب الشرعي أثناء تقديم إفاداتهم فيه الكثير من المواقف الطريفة، ومثال على ذلك: سأل المحامي أحد الأطباء: “كم عملية تشريح أجريت لجثث موتى؟” فقال الطبيب الشرعي: “كل عمليات التشريح تجرى لجثث موتى” وفي جلسة أخرى قال المحامي: “هل تتذكر متى أجريت عملية تشريح الجثة؟” فقال الطبيب: “بدأت العملية في الساعة الثامنة والنصف مساء” فقال المحامي: “هل كان الضحية ميتا في ذلك الحين؟” فقال الطبيب: “أبدا، فقد كان يجلس على الطاولة ينظر إلي باستغراب، ويسألني لماذا أشرّح جثته؟”.
وفي استجواب آخر، سأل المحامي الطبيب: “قبل البدء بعملية التشريح، هل قست النبض؟” فرد الطبيب بالنفي، فسأله المحامي: وهل قست ضغط الدم؟، فرد الطبيب بالنفي أيضا، واستطرد المحامي قائلا: وهل فحصت التنفس؟ فقال الطبيب: “لا”، فقال المحامي، وكأنما اكتشف جوهرة ثمينة: “مادمت لم تفعل هذه الأشياء، وكان من المفروض أن تفعلها، فإن هنالك احتمالا أن الضحية كان لا يزال على قيد الحياة عندما بدأت بتشريح جثته” فرد الطبيب بالنفي القاطع فقال المحامي: “وما الذي يجعلك واثقا إلى هذه الدرجة”؟ فقال الطبيب: “لقد كان دماغه خارج جسمه وقد وضع في وعاء أغلق بإحكام على مكتبي” فقال المحامي: “ورغم هذا، هنالك احتمال أن الضحية كان على قيد الحياة” فقال الطبيب: “ربما كان على قيد الحياة كما تقول، ويمارس مهنة المحاماة” وهذه السخرية المرة من المحامين نجدها في أكثر من مكان في الكتاب، ومن ذلك أن محام قال للطبيب الشرعي، أثناء استجوابه: “أليس صحيحا أن الشخص الذي يموت أثناء النوم لا يدرك أنه مات إلا في صباح اليوم التالي؟” فرد عليه الطبيب بسؤال قال فيه: “أريد أن أسألك أولا: هل اجتزت الاختبار الذي تجريه نقابة المحامين للمحامين الذي يرغبون في ممارسة المهنة؟”.
أبو خلدون
فنجان قهوة
التوائم المتشابهة
حياة التوائم المتشابهة فيها الكثير من الجوانب الطريفة، ولكنها تثير الضيق، لأنها تلغي الفردية، وتعامل التوأم باعتبارهما شخصاً واحداً. وكثيرا ما يشعر أحد التوائم إن وجوده لا يعني شيئا دون وجود توأمه إلى جانبه، ففي كل مكان يوجد فيه بمفرده، يظنه الناس توأمه، وعندما يصحح لهم ظنونهم تنهال عليه الأسئلة عن توأمه، وكأن الناس يصرون على تذكيره أنه وتوأمه شخص واحد لا يجوز انفصال أحدهما عن الآخر ولو لبضع دقائق.
وعندما كنا في المدرسة الابتدائية كان معنا في الصف توأم متشابه إلى حد معجز، يصعب تمييز أحدهما عن الآخر إلا إذا كشف الإثنان عن ذراعيهما، إذ إنك ستكتشف حينها أن أحدهما أصيب بجرح في ساعده ترك أثرا ربما ليساعد الناس على تمييزه عن توأمه، وكان هذا التوأم يشيع جواً من الطرافة في المدرسة، فقد كانا يرتديان الزي نفسه، ويسرحان شعريهما بنفس الطريقة، ولم يكن الأساتذة والطلاب يميزون بينهما، وكان ضياع التمييز هذا سببا للكثير من المفارقات، فقد كان أحدهما يرتكب مخالفة سلوكية فيعاقب الآخر، وحتى في المنزل كان أحدهما يأخذ مصروف المدرسة من والده، ويعود بعد قليل ويزعم أنه “الآخر” ويأخذ المصروف ثانية ويذهب، وبعد دقائق يأتي الآخر ليفاجأ بالأمر، وباتهامه بالكذب.
وأشهر توأم متشابه في الولايات المتحدة حاليا هما جينا بوش وباربرا بوش، وقد أثارتا الكثير من العواصف في البيت الأبيض بتصرفاتهما، وسببتا الكثير من وجع الرأس لوالديهما بسبب إدمانهما المشروبات الكحولية، وإذا كان المسؤولون في كتاب جينيس يبحثون عن مادة لكتابهما، فإننا نقول لهما أن جينا وباربرا هما أول توأم تدخلان البيت الأبيض، إذ لم يسبق لأي رئيس أمريكي، على حد علمي، أن دخل البيت الأبيض وبرفقته توأم.
وفي الوسط الفني في أمريكا، هنالك الشقيقتان ماري وأشلي أولسون، اللتان بدأتا تعانيان من مشكلة التشابه بين التوائم على ما يبدو، فقررت إحداهما صبغ شعرها باللون الأحمر، واستغلت الماكياج لكي تبدو مختلفة ولو بعض الشيء عن شقيقتها. كما إنهما انفصلتا، فنيا، عن بعضهما، بعد استمرارهما في تقديم أعمال مشتركة لفترة طويلة، ويقول أحد أصدقائهما: “بعد أن عاشتا طوال السنوات الماضية متشابهتين في كل شيء، قررتا أن تكونا مختلفتين، حتى في التفاصيل الصغيرة، مما يدفع الكثيرين إلى التساؤل: “ماذا حدث بالضبط” وتجيب أشلي على هذا السؤال بالقول: “أشعر أحيانا إنني لا أعني شيئا للآخرين، فكل من يراني يسألني: “كيف حال ماري”، وتردد ماري كلاما مشابها وتقول إن كل من يراها يسألها عن شقيقتها التوأم.
والتوأم في التاسعة عشرة من العمر حاليا، وهما دائرة الضوء منذ السنة الأولى من عمرهما، وقد شاركتا في عدد لا يحصى من المسلسلات التلفزيونية باسم “التوأم أولسون”، ولكن مدير أعمالهما أعلن أنهما تخلتا كليا عن هذا الاسم، وستظهران في المسلسلات باسميهما فقط، كما توقفتا عن السفر، في المناسبات، مع بعضهما البعض، وفي إجازة عيد الميلاد الماضي وصلت أشلي لزيارة والديها في منزلهما في كاليفورنيا قبل توأمها ماري بيومين، وحتى في المناسبات التي تتطلب منهما السفر لتصوير مشاهد خارجية لبعض الأعمال الفنية، فإنهما لا تسافران معا، وإنما تسافر أحداهما قبل الأخرى ولو ببضع ساعات.
وحياة التوائم طريفة بالفعل، وقد يبدو من الغريب أن تكون عقدة كل منهما هي: توأمه.
أبو خلدون
فنجان قهوة
بشر آليّون
في أوائل السبعينات، أنتجت هوليوود مسلسلا تلفزيونيا طريفا يقوم ببطولته بشر آليون يشبهون البشر في الشكل تماما، حتى في التفاصيل الدقيقة، وهم يسمعون ويرون ويتكلمون ويتصرفون كالبشر، ولكنهم أكثر ذكاء من البشر، ويمتلكون قدرات لا يمتلكها البشر مصدرها علبة صغيرة موجودة في ظهورهم تحتوي على عدد كبير جدا من شرائح الكمبيوتر. وفي حلقة من حلقات المسلسل يشعر أحد هؤلاء أن حرارة الشمس ارتفعت وأصبحت فوق ما يحتمله جسمه، فيركز قليلا، وإذا به وسط غابة ظليلة تقيه من أشعة الشمس، وكم كان طريفا أن نرى أحدهم يصرخ ويستغيث على الشاشة، وقد سقط على الأرض غير قادر على تحريك رجليه، ليأتي أحد زملائه من البشر الآليين ويفتح الصندوق الصغير المثبت في ظهره ليكتشف أن سلكا صغيرا يصل شريحتين من الشرائح الكمبيوترية قد انقطع، فيزول الألم على الفور، وينهض (الرجل) عن الأرض، وكأن شيئا لم يكن.
شيء أشبه بالرسوم المتحركة، ولكن العلماء يقولون: إن هذا النوع من الروبوتات سينتشر على نطاق واسع بيننا قبل نهاية هذا القرن، وأن التكنولوجيا ستتمكن من ابتكار كائنات تشبهنا في الشكل والحركة تماما، بحيث لا يمكن تمييزها عن البشر العاديين، ولكن هذه الكائنات لا تملك قلبا ينبض، ولا دماء تجري في العروق، ولا رئتين تتنفس بهما، وإنما مجموعة أسلاك كهربائية وشرائح كمبيوتر مغلفة بغلاف مصنوع في المختبرات يشبه الجسم البشري في الشكل واللون والخصائص الخارجية تماما، ولكن عقلها يعمل بالكمبيوتر، وهي قادرة على العيش تحت الماء وفي ظل ظروف مناخية غير محتملة، وعضلاتها المصنوعة من الفايبر قوية جدا، والواحد منها لا يموت إلا إذا حدث تلف كامل في الأسلاك في جسمه. ويطلق العلماء على هذا النوع من البشر اسم “السيبورجيون”، ويقولون: إن ولادة هذا الجيل من الكائنات الآلية بات وشيكا، وقبل نهاية هذا القرن لن يكون غريبا أن تكتشف أن جارك واحد منهم.
والخطوات الأولى في انتاج السيبورج بدأت حاليا، فالمختبرات العالمية تتسابق لإنتاج أطراف اصطناعية تشبه الأطراف العادية في كل شيء وتقوم بعمل مماثل للعمل الذي تقوم به، وفي شركة “إي بي إم” يسعى المهندسون إلى صنع كمبيوتر على نمط العقل البشري، وقد تمكن هؤلاء من صنع شرائح كمبيوترية تزرع في الجسم وترتبط بالعقل، وتساعد المشلولين على الحركة.
ويبدو أن هذه الكائنات الآلية ستغير مفهوم العالم عن البشر، وفي كتاب صدر حديثا في الولايات المتحدة يقول مؤلف الكتاب جيمس هيوز: إنه لن يكون كافيا، في المستقبل، تعريف الكائن البشري بأنه شخص ذو كيان ووعي بالذات ويتمتع بمعدل معين من الذكاء، إذ إن هذه الصفات ستكون متوفرة في الروبوتات. بل إن بوادر التحرك نحو انتاج السيبورج بدأت تتجلى في الفن، فهنالك فنان يدعى ستيلارك يستخدم التكنولوجيا لنقل الإمكانات البشرية إلى الروبوتات، ومن بين مشاريعه إنتاج يد ثالثة يسيطر عليها “عقل” من مكان بعيد، عن طريق الانترنت، كما أن هذا الفنان يضع على جسمه كمية كبيرة من الأجهزة والأسلاك لتنشيط موجات دماغه، وتقوية عضلاته، وتحسين نبضه وتدفق الدم في جسمه، ومع تفاعل جسمه مع المؤثرات الخارجية يطلق شحنات كهربائية غريبة.
ويقول جيمس هيوز: إنه ينبغي تكييف عادات وتقاليد وقوانين شعوب العالم لقبول الإنسان السيبورجي على الأرض، ومثال على ذلك: ستضطر الدول إلى تغيير دساتيرها بحيث تضمن حقوق “الآلات الذكية والحيوانات” إلى جانب ضمانها لحقوق الإنسان. ويضيف: “إن إنسان السيبورج له حقوق أيضا، ولذلك ينبغي توسيع مفهوم كلمة “بشر” إذ إن السيبورجي سيعتبر نفسه متحدرا من سلالة بشرية”.
وعندما تنتهي من قراءة الكتاب تكتشف أن العلماء والمفكرين في الولايات المتحدة يعيشون أسرى عقلية الرسوم المتحركة وأفلام هوليوود التي قد تشيع البهجة في النفس، ولكنها لا تصنع حضارة، ولا تساهم في إنقاذ البشرية من التحديات التي تواجهها.
أبو خلدون
فنجان قهوة
طفلة تهدد الإمبراطورية اليابانية
في اليابان طفلة لا تزال في الثانية من العمر، ومع ذلك فإنها تشكل تهديدا خطيرا للنظام الأمبراطوري يفوق التهديد الذي شكله الجنرال ماك آرثر عام ،1945 عندما رسا بسفينته العسكرية في مواجهة الساحل الياباني واشترط أن يخرج الأمبراطور هيروهيتو من قصره، ويأتي إلى السفينة لتوقيع اتفاقية استسلام اليابان دون قيد أو شرط. والامبراطور الياباني لم يخرج من قصره طوال عمره، بل إن اليابانيين لا يذكرون أنهم رأوه ولو من بعيد في حديقة القصر، إذ إن تقاليد بلاد الشمس تحيطه بهالة من القداسة، وتقول الأساطير اليابانية إن أول أمبراطور حكم اليابان عام 660 قبل الميلاد، وهو الأمبراطور جيمو، يتحدر مباشرة من أماتيراسو، وثن الشمس التي كان اليابانيون يعبدونها، وهم يعتبرون امبراطورهم مبعوث العناية الإلهية لرعايتهم وتحسين أوضاعهم، ولذلك فإنه عندما خرج من القصر وذهب لمقابلة ماك آرثر ظل اليابانيون ينتحبون إلى حين عودته إلى قصره. وبعد الحرب عملت الولايات المتحدة على إزالة الهالة التي تحيط بالأمبراطور وفرضت على اليابانيين معاملته وكأنه واحد منهم.
والطفلة التي تهدد الإمبراطورية اليابانية ليست بعيدة عن العائلة المالكة، إنها واحدة منها، وهي الأميرة أيكو، الابنة الوحيدة لولي العهد الياباني الأمير ناروهيتو وزوجته الأميرة ماساكو. وبحكم كونها الابنة الوحيدة، فإنها سترث والدها ذات يوم، وتجلس على عرش اليابان من بعده.
والمشكلة هي أن أيكو أنثى، ومنذ ما يزيد على 2600 سنة هي عمر السلالة الحاكمة حاليا في اليابان، كان الحكم يذهب من الأب إلى ابنه، لا إلى ابنته، باستثناء بعض الفترات التي وصلت فيها المرأة الى الحكم ولكنها لم تمارسه بشكل فعلي. يضاف إلى ذلك أن والدة أيكو من عامة الشعب، وقد جرت التقاليد ان يكون الإمبراطور من أب وأم ملكيين، وعدم توفر هذا الشرط يشكل خطرا كبيرا يهدد كل الأسس التي قامت عليها التقاليد والديانة في اليابان، وإذا وصلت أيكو إلى العرش وتزوجت رجلا من عامة الشعب، فإن ابنها لن يكون من السلالة الملكية، لا من جهة الأم ولا من جهة الأب، الأمر الذي يعتبر ثورة كبيرة بالنسبة لليابانيين.
ووالدا الأميرة أيكو، ولي العهد الأمير ناروهيتو (45 سنة) وزوجته الأميرة ماساكو (41 سنة) فعلا الكثير لتحديث التقاليد الإمبراطورية في اليابان، وتسعى الحكومة حاليا لإلغاء قانون يمنع النساء من الوصول إلى العرش. ومع ذلك فإنه إذا وصلت أيكو إلى العرش فإنها لن تكون أول أمراة تحمل لقب امبراطورة في اليابان، فقد سبقها إلى ذلك ثماني نساء آخرهن الأمبراطورة جاساكوراماشي التي تنازلت عن العرش لابن شقيقها عام 1771 ولكن ذلك كان قبل صدور القانون الذي يمنع النساء من الوصول إلى الحكم. فقد صدر القانون عام ،1947 وقبل ذلك لم يشعر اليابانيون بضرورة إصدار قانون من هذا النوع، إذ إن العرف كان يقوم مقام القانون.
ويقول المراقبون: إن الحكومة اليابانية، تسير على حبل مشدود، فقد أحدث ولي العهد صدمة في اليابان عندما أعلن أنه سيتزوج أمرأة من عامة الشعب، وبعد الزواج بدأت الصحف اليابانية تتحدث عن اهتمامه بالعناية بابنته أيكو، وتربيتها، وهو ما يعتبره اليابانيون من عمل المرأة، وقد أحدث بعمله هذا الذي قبله اليابانيون في البداية على مضض، تغييرا في حياة العائلات اليابانية، إذ إن الكثيرين حذوا حذوه، ولكن، هل اليابانيون على استعداد للذهاب الى ما هو أبعد من ذلك؟ هذا ما سيكشفه لنا المستقبل.
أبو خلدون
شكرً أخي على الموضوع
ولكن شئ غريب جدًا أن تحكم عائلة واحدة 2600 سنة متواصلة
يبقى حسني مبارك عندنا مش غلطان في أنه يعطي الحكم لإبنه جمال
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة KILDON
أهلا وسهلا يا طيب.
ومعاك كل الحق في حسني... الرجل ماشي على العادات والتقاليد تمام!
فنجان قهوة
الأقلية اللبنانية في أمريكا
عندما اشتد أوار الحرب اللبنانية عام 1975 كتب سياسي أمريكي بارز غاب عني اسمه، مقالا في النيويورك تايمز طالب فيه بفتح باب الهجرة أمام اللبنانيين والفلسطينيين، وبرر مطالبته بالقول: “إن الإرث الحضاري لدى هؤلاء سيحدث نقلة في المجتمع الأمريكي شبيهة بالنقلة التي أحدثها المهاجرون الأوروبيون في حياة الهنود الحمر قبل قرنين من الزمن”.
والجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة محدودة الحرية في الحركة لأن لعنة “اسرائيل” تطاردها رغم أن الكثيرين من أفرادها حققوا نجاحا كبيرا، وفي وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) 100 عالم من أصل عربي لعل أشهرهم فاروق الباز، من أصل مصري، وعصام سعيد النمر، من أصل فلسطيني، الذي كان قبل وفاته في مايو/أيار 2005 من بين قلة قليلة من العلماء الذين يعطون الإشارة النهائية لإطلاق مركبات الفضاء، ومن بينها أبوللو 11 التي كانت أول مركبة فضائية هبطت على سطح القمر عام ،1969 وعلى سطح القمر الآن حجر صغير من كوكب الأرض مكتوب عليه كلمة “جنين” مسقط رأس العالم عصام النمر، سلمه عصام للرواد قبل دخولهم مركبتهم وطلب منهم وضعه على القمر، كما تحتفظ بلدية جنين بصورة موقعة من قبل رواد أبوللو 11 قدمها الدكتور عصام للبلدية في أول زيارة له للوطن عام 1972.
والجالية اللبنانية في الولايات المتحدة تتمتع بتقدير كل الأوساط، ومن أبرز شخصياتها رالف نادر، الناشط في مجال حماية المستهلك، والمرشح الدائم المستقل للرئاسة الأمريكية، وأكثر الشخصيات شعبية في الولايات المتحدة، وفي الخمسينات والستينات كان اللبناني “مزيد يعقوب” الذي اشتهر باسم داني ثوماس من أشهر ممثلي الكوميديا في العالم، وكانت ابنته مارلو ثوماس من الممثلات الشهيرات، وقد شاركت في مسلسل “تلك الفتاة” الذي انتجته شبكة الأي بي سي التلفزيونية واستمر عرضه من عام 1966 إلى عام ،1971 وفي المجال الإعلامي هنالك “كمال أمين قاسم” الذي اشتهر باسم كاسي قاسم، وكان من أفضل المذيعين ومقدمي البرامج في الولايات المتحدة، وهنالك “نيل صدقة”، مغني البوب وعازف البيانو، والمغني “بول أنكا” الذي عاش في الولايات المتحدة وحقق شهرة واسعة فيها، بينما هو يحمل الجنسية الكندية، والصحافي والكاتب ريموند حنانيا الذي نشر بعد أحداث سبتمبر/أيلول كتابا تحدث فيه عن المضايقات التي يواجهها ذوو الملامح الشرق أوسطية بعنوان “سعيد لأنني أشبه الإرهابيين”. ومن عائلة سنونو اللبنانية وصل جيمس سنونو إلى عضوية مجلس الشيوخ، ووصل آخر إلى منصب نائب الرئيس لشؤون الأمن القومي.
وقائد قوة السنتكوم في الولايات المتحدة من أصل لبناني هو جون أبي زيد، كما أن عائلة جبارة من العائلات الصناعية الكبيرة في الولايات المتحدة وأفرادها يحتلون مناصب بارزة في الدولة. وكان جيمس جباره الذي ينتمي إلى هذه العائلة من كبار ضباط الجيش الأمريكي ومن أبطال الحرب الكورية.
ورغم أن الأقلية اللبنانية مندمجة تماما في المجتمع الأمريكي إلا أنها شديدة الاعتزاز بوطنها، فعندما تعرض هذا الوطن لمحنة عام 1958 تمكنت الأقلية اللبنانية من دفع الجنرال ايزنهاور إلى إرسال قوات المارينز إلى لبنان، والرئيس بوش يأخذ في اعتباره نفوذ الأقلية اللبنانية في بلاده وهو يرسل وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس إلى المنطقة، ولا شك أنه سيغطي يده بأكثر من قفاز حريري قبل ممارسة أي ضغط على لبنان.
أبو خلدون
فنجان قهوة
عشرات الوجوه للمرأة
من بين الأفلام الشهيرة التي أنتجتها هوليوود فيلم بعنوان “7 وجوه لحواء”، ولكن خبراء الماكياج يقولون: إن المرأة لها أكثر من سبعة وجوه، وعندما يتحدثون عن ممثلات السينما في هوليوود بالذات يقولون: إن المرأة لها عشرات الوجوه، بمعنى أن كل ممثلة مشهورة في هوليوود لها وجه هو الوجه الذي وهبه الله لها، وهذا الوجه لا يؤهلها حتى أن تحلم بالحصول على اي دور في أي فيلم، حتى ولو كان دور كومبارس، وهنالك عشرات الوجوه الأخرى التي تظهر فيها الممثلة على الشاشة، أو أمام الجمهور، وهي الوجوه التي تمر عليها أصابع خبراء الماكياج، ومصففي الشعر، ومصممي الأزياء فتعمل عملها فيها، وتحول الممثلة من فتاة عادية، من النوع الذي يمكن أن تعثر في الشارع على العشرات ممن هن أجمل منها، إلى نموذج للجمال.
ويقول المسؤولون في صناعة السينما الأمريكية: إن هنالك ما يشبه التمرد بين الممثلات، بشكل عام، على الفتنة المزيفة، فهن يظهرن في الحفلات الخاصة، وفي منازلهن، وفي جولات التسوق من دون ماكياج، ولا يضعن الماكياج إلا من أجل الظهور أمام الكاميرا، ومن هنا جاء الحديث عن “المرأة ذات الوجهين” في هوليوود. ومثال على ذلك، فإن الممثلة أشلي يود تبدو، من دون ماكياج، وكأنها فلاحة قروية خارجة للتو من العمل في مزرعة لإنتاج القرع، فملابسها عادية، وشعرها غير مرتب، ووجهها خال من أي لمسة ماكياج، بما في ذلك ماكياج العينين، وهذا هو المنظر الذي تبدو به في منزلها، وفي الحفلات الخاصة، وجولات التسوق، أما عندما تقف أمام الكاميرا، فإنها تتحول إلى شيء آخر.
ومن دون الماكياج، لا تبدو جوليا روبرتس مؤهلة لدور “المرأة الفاتنة” الذي جسدته على الشاشة، ولكن لمسات خبراء الماكياج بتكبير حجم الشفتين، وتركيب رموش اصطناعية لها تغير من الصورة كليا، خصوصا وأن فمها أكبر من اللازم، بالنسبة لحجم وجهها.
والذين يرون وينونا رايدر في الطريق العام، يخطر لهم أن هذه الفتاة مشردة، من بنات العصابات، وربما يتصل أحدهم بالشرطة، ويطالب بوضعها في الإصلاحية، لحماية المجتمع منها، فهي تظهر بقميص رجالي واسع، وتضع على رأسها طاقية، وتبدو كالصبي، ولكن الصورة أمام الكاميرا تتغير تماما، والتركيز هنا على نزع القبعة أولا، والدقة في اختيار أحمر الشفاه، والماسكرا، وماكياج العينين.
وساندرا بولوك، بطلة فيلم “سبيد” تبدو من دون الماكياج وكأنها سيدة منزل فقيرة، غلبانة، أرهقتها متطلبات الزوج النكدي، والأولاد، ولذلك يحرص خبراء الماكياج على التركيز على تسريحة الشعر لجعل الوجه يبدو أكثر سعادة.
وعندما تفرد عارضة الأزياء هال باري شعرها، وتلبس النظارات، تتحول من نجمة غلاف تظهر في دعايات أكبر شركات أدوات التجميل، إلى فتاة لا تنشر الصحف صورها إلا في صفحات الحوادث الداخلية، ولكن الماكياج يفعل فعله، ويغير هال باري إلى فتاة أخرى، وهي تقول: إنها تحب السباجيتي، ومن أجمل فساتينها، بنظرها، فستان نقوشه قضبان سباجيتي.
وفي هوليوود، يطلقون على جوينيث بالترو لقب الفتاة المتمردة، فهذه الممثلة التي أدت دور البطولة في فيلم (شكسبير عاشقا) تظهر بملابس لا تدل على ذوق، وحتى الحقيبة التي تحملها، أشبه بالكيس تلفه حول وسطها، أما عندما تظهر أمام الكاميرا، فإن الوضع يتغير، ولذلك فإن الخبراء يقولون: إنها خير من يمثل المرأة ذات الوجهين، وعندما تسألها، تقول: “إنني لا أمانع في الجلوس فترة بين أيدي خبراء الماكياج، لأن الدقائق القليلة التي أمضيها معهم تنقلني من الفقر إلى الغنى، وتحقق لي الشهرة والنجومية”.
أبو خلدون
فنجان قهوة
طفل يشغل محاكم أمريكا
اليكس هيوز طفل في الثالثة عشرة، ومع ذلك فإنه سيرث، عاجلا أو آجلا، عدة مليارات من الدولارات عن والده الذي توفي عام 2000. ويبدو أن والدته سوزان تريد أن يتم هذا الأمر عاجلا، ولذلك دخلت في معركة قضائية مع الأوصياء على ثروة ابنها واتهمتهم بأنهم يحاولون نفخ جيوبهم على حسابه.
والطفل اليكس هو الوريث الوحيد لثروة والده مارك هيوز، وللشركة التي أنشأها لتسويق علاجات طبيعية لتخفيف الوزن، وكان الوالد قد توفي بسبب جرعة زائدة على الحد من الدواء قبل بلوغه الرابعة والأربعين من العمر، وترك وراءه أربع مطلقات وابنا واحدا من زوجته الثالثة، وتحصل الزوجة حاليا على 10 آلاف دولار في الشهر كمصروف لابنها اليكس، ولكنها تقول إنها بحاجة إلى المزيد لكي توفر لابنها الحياة التي كان يحياها عندما كان والده على قيد الحياة، ولذلك رفعت دعوى قضائية تطالب بنصيب ابنها من الإرث رغم عدم وصوله إلى السن التي حددها الوالد في وصيته، وقالت في دعواها: “إن المبلغ الذي أقبضه حاليا لا يأخذ بعين الاعتبار الحياة التي كان يحياها ابني برعاية والده، فقد كانت حياته تشمل السفر في إجازات إلى المناطق الراقية، والابحار في يخت خاص، وحضور المناسبات التي تتسم بالأبهة”، ولكن المشكلة هي أن الوصية تنص على حصول الابن على الثروة عندما يصل إلى سن الخامسة والثلاثين.
وتقول الأم: إنه عند وصول ابنها إلى الخامسة والثلاثين من العمر تكون الثروة قد تبخرت وذهبت إلى جيوب الأوصياء عليه، الذين يحاولون السيطرة على كل شيء، وكل هدف الأم، كما يقول محاميها، هو أن تمنعهم من ذلك، الأمر الذي يدفع الأوصياء إلى محاربتها ومحاولة تجنبها.
والأم ممثلة، وملكة جمال سابقة، وهي تقول إن الأوصياء اقتطعوا من الثروة خمسة ملايين من الدولارات كأتعاب لهم، و15 مليونا كأتعاب للمحامين والمحاسبين الذين عملوا في حصر الإرث، وتضيف: “لقد حصل الأوصياء على منجم الذهب، بينما حصل ابني على نفايته”.
والأوصياء هم: جاك رينولد، جد الطفل، وكريستوفر بير، مدير الشركة السابق، وكونراد لي، محامي الأب مارك منذ إنشاء الشركة، وفي ردهم على الدعوى التي أقامتها الأم قال هؤلاء إنها تطالب بنصيب الابن من الثروة لكي تنفقه على حفلاتها وحياتها الصاخبة. ويضيفون إن إشرافهم على الثروة لا يحميها فقط وإنما ينميها، وعند وصول الابن إلى العمر الذي حدده والده ستكون الثروة قد زادت بضعة ملايين أخرى. وطالبوا بترتيب جلسة مع الابن لاستمزاج رأيه حول ما يريد أن يفعل، ولكن والدته ترفض ذلك وتصر على الحصول على المال، ويقول الأوصياء إنهم سألوا الخبراء فيما إذا كانت حياة البذخ التي تطالب بها الأم تناسب طفلا في هذا العمر، فرد الخبراء بالنفي، وقد نقلوا هذه المعلومات إلى الأم ولكنها لم تقتنع.
ومحاكم لوس أنجلوس مشغولة بهذه القضية منذ فترة، وستظل مشغولة فترة طويلة أيضا لأن الزوجة ليست من النوع الذي يقر بالهزيمة أولا، ولأن المبلغ الذي تطالب به كبير جدا ثانيا، ولأن الأوصياء لا يريدون التخلي عن منجم الذهب الذي أوقعه الحظ بين أيديهم.
ألم نقل لكم إن المال يفسد الحياة ويتعب الفكر؟
أبو خلدون
فنجان قهوة
حديث بركان ميرابي
الذين يعيشون حياة البساطة، على الطبيعة، بعيدا عن الحياة المادية الحديثة ومتعها الزائفة، يفهمون “لغة الطبيعة” وكلما ازدادوا تفكيرا وتبصرا في ما حولهم، كان الحوار بينهم وبين الطبيعة أكثر وضوحاً، وإذا كان جبران يقول إن “خرير المياه في الجداول يكشف له الكثير من أسرار الكون”، فإن أبو القاسم الشابي الذي مات قبل بلوغه السابعة والثلاثين من العمر يقول إنه عندما كان يتجول في أحضان الطبيعة في جبال وهران كان يستمع إلى “حديث الكائنات” و”أنشودة الحياة”.
وقبل كارثة تسونامي، عرف أبناء إحدى القبائل البدائية في المنطقة أن شيئا خطيرا على وشك الحدوث، فرحلوا إلى الكهوف في الجبال العالية على مقربة منهم، وطالبوا غيرهم بالرحيل ولكن الناس سخروا منهم ولم يستمعوا إليهم، وبعد الكارثة سألهم الناس: “كيف عرفتم أن كارثة على وشك الحدوث”؟ فقالوا: “من الأرض، فقد أصبحت الأرض أكثر خشونة تحت أقدامنا، فأدركنا أن ذلك تحذير لنا بأن شيئا غير عادي سيحدث”. ويروي أستاذ بارز في علم النفس أنه في كل مرة يسافر فيها خارج بلده، يجد قطته الصغيرة بانتظاره في محطة القطارات عندما يعود، وكأن القطة عرفت بموعد عودته فخرجت لاستقباله.
وفي اندونيسيا رجل عجوز يعيش في كوخ صغير عند أقدام جبل ميرابي بجزيرة جافا، ويقول هذا العجوز إنه يستطيع قراءة الأصوات التي تنطلق من البركان عند قمة الجبل، قبل انفجاره، ويرى فيها رسالة للناس تقال بغير كلام. وكثيرا ما حذر هذا العجوز المسؤولين في الحكومة الإندونيسية من مشاكل ستتعرض لها البلاد استنادا إلى قراءته لأصوات البركان قبل الانفجار. وقبل مدة، انفجر البركان بشكل مفاجىء، ويقول العجوز إن قراءته للأصوات التي سبقت الانفجار كشفت رسالة ليست موجهة لإندونيسيا وإنما للولايات المتحدة، وتقول الرسالة إن هذه الدولة ستشهد حربا أهلية دموية خلال السنوات العشر المقبلة تعيد إلى الأذهان الحرب الأهلية التي جرت بين الولايات الشمالية والولايات الجنوبية في الماضي. والعجوز الاندونيسي اسمه امباه مريدجان، وهو لا يتمتع بموهبة الاستبصار وإنما “يقرأ” دلالات انفجار البركان فقط، ويحاول فك شيفرة الرسالة التي تحملها، وهو يقول إن انفجارات هذا البركان كانت تتوافق دائما مع أحداث سياسية مهمة تجري في إندونيسيا أو الخارج، ويقول العجوز إمباه مريدجان إن تجارب الأقدمين كشفت أن البركان، عندما ينفجر، يصدر أصواتا يمكن ان نفهمها، والأصوات التي انطلقت قبل انفجار البركان الأخير تشير إلى أن الأمريكيين فريقان يعيشان تحت علم واحد، وقد انقطع الحوار بينهما وكل فريق يرفض الآخر ويحتقره، ولا يحاول فهمه وملاقاته في منتصف الطريق، يضاف إلى ذلك أن المجتمع الأمريكي أسهم في نشر ثقافة العنف بين أفراده، والشعور العدائي بين الطرفين سيزداد، خصوصا بعد انتخابات الرئاسة المقبلة، إذ إن الفقراء في أمريكا سيشعرون بأن لا ممثل لهم في واشنطن، والشك الذي يراودهم منذ عقود طويلة تجاه الحكومة الفيدرالية سينتهي إلى انتشار أعمال العنف وتدخل الحكومة لإيقاف موجة العنف سيؤدي إلى زيادة حدة المواجهات، وستسيل الكثير من الدماء، الأمر الذي يدفع بعض الولايات الجنوبية إلى إعلان انفصالها عن الاتحاد، فتدفع الحكومة بقواتها لقمع الحركة الانفصالية، مما يؤدي إلى اشتعال حرب أهلية على نطاق واسع.
ونحن نأمل أن يكون حديث العجوز وبركانه خاطئاً هذه المرة، لأننا لا نريد الشر لأحد، ولكن الطريق الذي تسير به أمريكا سينتهي بها إلى هذا المصير، ومن يزرع الشوك لا يحصد إلا ما زرع.
أبو خلدون
فنجان قهوة
التكنولوجيا دمرت المجتمعات
في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، عندما كان التلفزيون لا يزال حديث العهد، كان يحرص على تقديم برامج هادفة وأخلاقية لمشاهديه، وكانت النصيحة التي يقدمها الخبراء للشباب هي: “تابعوا برامج التلفزيون، وستستفيدون الكثير منها”. وفي فرنسا، حاول سارتر استغلال الشاشة الصغيرة لنشر فكره الوجودي، وكان يوصي أنصاره بكتابة مسلسلات وتمثيليات وجودية بطريقة مشوقة وتقديمها على الشاشة، ولكن هذه الفكرة لم تنجح لسبب بسيط هو أن التلفزيون أفرز جيلا أكثر وعيا من أن تخدعه الفلسفة الوجودية. ولعلنا لا نبتعد عن جادة الصواب إذا قلنا إن العامل الرئيسي في انهيار هذه الفلسفة، والفلسفات التي تعطي اهتماما كبيرا للخيال، مثل السوريالية وغيرها من المدارس الفنية والأدبية، يعود إلى انتشار التلفزيون.
الآن، وبعد ما يزيد على أربعة عقود، تغير الوضع إلى حد كبير، فقد بلغ التلفزيون مرحلة الخرف، وفقد النهج الأخلاقي الذي كان يسير عليه، وسلك سبيلا يهدد القيم والأخلاقيات المتعارف عليها، بما في ذلك العلاقات داخل الأسرة، ومستقبل الشباب. ففي أحصائية ميدانية، تبين أن الطالب يقضي ما يقرب من 1100 ساعة أمام التلفزيون كل عام، في مقابل كل 900 ساعة يقضيها على مقاعد الدراسة، وبعد انتشار ثورة الاتصالات دخلت ألعاب الفيديو والانترنيت حلبة المنافسة على الساعات التسعمائة الخاصة بالدراسة، ودخل التلفزيون في منافسة معها محاولاً مخاطبة غرائز الشباب والنوازع الخفية لديهم، وكانت النتيجة أن الطلاب لم يعودوا يجدون أمامهم من الوقت ما يخصصونه للمدرسة. بل إنهم لم يعودوا يجدون ولو بضع ساعات في الاسبوع يجتمعون فيها مع باقي أفراد العائلة ويتبادلون الأحاديث.
وفي مدرسة هيلينا المتوسطة بولاية ألاباما الأمريكية، وضع مدير المدرسة طلابه البالغ عددهم 600 طالب أمام التحدي الكبير: عدم الجلوس أمام التلفزيون، والابتعاد عن ألعاب الفيديو والكمبيوتر لمدة يوم واحد في الشهر، ولم يطلب منهم تمضية هذا اليوم في الدراسة وإنما طالبهم بتمضيته مع عائلاتهم في نزهة، أو في زيارة الأصدقاء أو استقبالهم، وأعطى هذه العملية اسما كوديا هو: “عملية الإطفاء”، وقال لهم: “صدقوني عندما تصلون إلى سن الشيخوخة وتتذكرون ما كان، وما ينبغي أن يكون، لن يقول أحدكم: أتمنى لو أنني أمضيت فترة أطول في مشاهدة التلفزيون وإنما سيقول: أتمنى لو أنني أمضيت فترة أطول مع عائلتي”.
وفي الشهر الأول من العملية، لم يتحمس لها الكثيرون، وشارك فيها 60 طالبا فقط، ولكن هؤلاء تحدثوا إلى زملائهم الطلاب الآخرين عن “المتعة الجديدة” التي لمسوها خلال ذلك اليوم، متعة التواجد في جو عائلي، وفي الشهر الثاني ارتفع العدد إلى النصف، وقال طالب في العاشرة من عمره: “كل أفراد عائلتي قرروا الاشتراك في البرنامج، فقد تناولنا الغداء في الحديقة، ولعبنا الكرة وبعض ألعاب التسلية، وتحدثنا كثيرا، إلى حين حلول الظلام” وقالت والدته: “عندما اتذكر كيف كنا نعود إلى المنزل فلا يتحدث أحدنا إلى الآخر: الأولاد أمام الكمبيوتر أو ألعاب الفيديو، والأب أمام التلفزيون، أشعر بالغصة لأن السعادة الحقيقية كانت تضيع منا دون أن ندري، وأعتقد أننا لن نشاهد التلفزيون بعد اليوم.
وأبرز ما ترتب على انتشار ثورة الاتصالات والقنوات الفضائية هو: أن كل فرد من أفراد العائلة صار له جوه الخاص به، وضاع الجو العائلي الذي كان يضم الجميع، الأمر الذي انتهى بكل فرد، وبالتالي المجتمع بأكملة، إلى الكآبة، والوحدة، والأفكار السوداوية.
ولو بقي التلفزيون على صورته القديمة، ولو حاولنا السيطرة على ثورة الاتصالات بحيث لا نصبح عبيدا لها، لما كان هذا هو الحال.
أبو خلدون
فنجان قهوة
دجاج هوليوود
عندما يلتقي نجوم هوليوود في الحفلات والسهرات هذه الأيام، لا يدور الحديث بينهم عن الأفلام، أو مغامرات بوش، رغم أن هذه المغامرات تشغل تفكير الكثيرين منهم، وإنما يدور حول: “الدجاج”، الدجاج الحي الطبيعي الذي نراه في مزارع الدواجن، وليس دجاج الوجبات السريعة، والتيك أواي، أو الدجاج المشوي. وقبل مدة، نشرت صحيفة الصنداي تايمز البريطانية تحقيقا موسعا قالت فيه أن موجة تربية الدجاج هي أحدث صرعة بين نجوم السينما العالمية، إلى درجة أنه يندر أن تجد واحدا منهم لا يربي دجاجا في فيلته. وقالت الصحيفة في تحقيقها أن ستينج، وجورج كلوني، وأليسيا سلفرستون، وجنيفر أنيستون، وبراد بيت، ووينونا رايدر، وجوليا روبرتس، وجنيفر لوبيز، وسلفستر ستالون وزوجته جنيفر فلافين، وبريتني سبيرز، كل هؤلاء تحولوا إلى عشاق للقأقأة، وحولوا حدائق فيلاتهم إلى معسكرات للدجاج من كل الأنواع.
وتقول الصنداي تايمز أن براد بيت وجنيفر أنيستون يربيان نوعا جيدا من دجاج رود آيلاند، والدجاج الدنماركي، وقد حولا الجزء الأكبر من فيلتهما في سانتا باربرا إلى مزرعة دجاج، أما جورج كلوني فإنه مفتون بالدجاج إلى درجة أنه انضم إلى جمعية لتبادل الحيوانات الأليفة، وهو يعير أعضاء الجمعية الحيوانات الأليفة التي يربيها في منزله، مقابل سماحهم له بتمضية بعض الوقت مع دجاجاتهم. أما ستينج وعضو فرقة الرولينج ستونز رون وود فإنهما اختارا نوعا أكبر حجما هو الديك الرومي، وهما يستعينان بالخبراء لإنتاج فصيلة مميزة من هذه الطيور.
والنجمة التلفزيونية مارثا ستيوارت التي تقدم برنامجا أسبوعيا يتابعه ملايين المشاهدين لا تضع دجاجها في حظيرة، وإنما أنشأت له فندقا خاصا أطلقت عليه اسم “قصر الدجاج”. وتقول الصنداي تايمز إن النجمة السوبر جوليا روبرتس تنشئ حاليا مزرعة للدجاج في فيلتها في نيومكسيكو.
ويشعر علماء الاجتماع بالحيرة في تفسير هذه الظاهرة التي تجتاح هوليوود هذه الأيام، وتميل أكيرا ميزوتا ليبيت إلى الاعتقاد أن الطيور الداجنة تعطي الإنسان إحساسا هو بحاجة إليه بالعودة إلى الطبيعة، في عصر طغت عليه التكنولوجيا، وقالت في كتابها “الحيوان الكهربائي: العودة إلى منطق الحياة البرية”: “هنالك محاولات لا شعورية لدى كل إنسان في الوقت الحاضر لإعادة الارتباط بين جسمه والحياة البرية”، بينما يرى البعض الآخر أن التفسير الوحيد لهذه الظاهرة هو التباهي، وعندما يربي الممثل طيورا أليفة في فيلته، فإنما يريد أن يتظاهر أمام الناس بالعطف على المخلوقات الضعيفة، أو أن يقول: “إن لدي مساحة واسعة من الأرض في فيلتي، بحيث أنني أستطيع إنشاء مزرعة لتربية الدجاج فيها”. وسواء أكان هذا أو ذاك، فإن هذه الظاهرة تكشف مدى معاناة مشاهير هوليوود من الفراغ، والخواء الكبير في حياتهم.
وينظر بعض أنصار جمعيات الرفق بالحيوان بتوجس إلى هذه الظاهرة، ويتساءلون: “نعرف أن الصرعات في عاصمة السينما لا تستمر طويلا، فماذا سيحدث للدجاجات والطيور الأليفة التي يربيها النجوم في مزارعهم في الوقت الحاضر، عندما يمل هؤلاء هذه الصرعة، ويتجهون إلى صرعة جديدة، وهل تترك هذه الطيور لتنفق دون أن يمد أحد لها يد المساعدة؟”.
أبو خلدون
فنجان قهوة
الإعلام الأمريكي
قبل مدة نشرت جماعة ناطوري كارتا (حراس المعبد) إعلانا مدفوع الأجر في صحيفة النيويورك تايمز توضح فيه موقفها من “إسرائيل” والصهيونية، وتتحدث عن بعض تجاوزاتهما واستهتارهما بالشرعية الدولية، والجرائم التي يرتكبانها ضد المدنيين. والناطوري كارتا لا تعترف ب “إسرائيل” وترى أن الصهيونية العالمية مؤامرة ضد اليهود، وتعتبر منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعياً وحيداً لها، وترفع فوق مكاتبها العلم الفلسطيني لا نجمة داود، ولكنها فوجئت بعد نشر الإعلان إن موقفها تعرض للتشويه، فقد حذفت من الإعلان كل العبارات التي تمس “إسرائيل” بحيث بدت الجماعة وكأنها، على أحسن الفروض، “جماعة معارضة” داخل الجسم “الإسرائيلي” والصهيوني، لا رافضة جملة و تفصيلا لها، واحتجت الجماعة على ذلك وراجعت إدارة الجريدة، فقيل لها إن الجريدة ترفض نشر أية مادة يشتم منها العداء ل “إسرائيل”.
والذين يتابعون الأخبار التي تبثها القنوات التلفزيونية ويشاهدون المجازر التي ترتكبها “إسرائيل” ضد المدنيين في لبنان وغزة لا يعرفون إن هذه المشاهد لا تظهر على شاشات التلفزيونات والصحف الأمريكية، وأذكر أنني ناقشت، في منتصف السبعينات، جوناثان راندل، مراسل الواشنطن بوست في الشرق الأوسط، حول تغطية للحرب الأهلية في لبنان فقال لي إن المواد التي تظهر تحت توقيعه ليست هي المواد التي يرسلها، وإنما المواد التي دخلت مصفاة الرقابة، ففي الأخبار والتعليقات التي تتعلق بالشرق الأوسط و”إسرائيل” هنالك مجموعة قواعد ليس من المسموح تجاوزها لكل العاملين في أجهزة الإعلام في أمريكا هي: إن العرب هم دائما المعتدون، وأن “إسرائيل” تدافع عن نفسها فقط.
وعندما تنفذ المقاومة عملية ضد “إسرائيل” وتوقع بعض القتلى بين جنودها تصف أجهزة الإعلام الأمريكية العملية بالإرهاب، وتفرد مساحات واسعة لتغطيتها، وعندما توجه “إسرائيل” غاراتها الجوية وصواريخها ضد المدنيين العزل في غزة أو لبنان، تتحول القضية من إرهاب إلى دفاع عن النفس، وإذا وصل عدد الضحايا بين المدنيين حداً كبيراً، بحيث يصعب التستر عنه، كما حدث في مجزرة قانا مثلاً، فإن أقصى ما يحدث هو ضرورة “مطالبة كل الأطراف في المنطقة بضبط النفس”.
وحتى الآن، لا تزال “إسرائيل” تحتل أراضي من ثلاث دول عربية، إضافة إلى فلسطين، وعندما يتحرك أحد رجال المقاومة ويأسر جنديا “إسرائيليا” لمبادلته بأسرى من بلده، يصف إعلام أمريكا هذا العمل بالإرهاب، أما عندما تخطف “إسرائيل”، أو تأسر، آلاف الشباب العرب وتضعهم في السجون، تعتبر أجهزة الإعلام ذلك من حقها، حتى لو كان بعض المعتقين من النساء والأطفال، وحتى لو جرى اعتقالهم دون تهمة، فالتهمة جاهزة لدى الإعلاميين الأمريكيين، وهي: ““إن “إسرائيل” اعتقلتهم لأنهم ارهابيون”.
وحقوق الإنسان، واتفاقيات جنيف كلمات تزعج الإعلاميين الأمريكيين وتضايق المسؤولين في السي أن أن وفوكس، عندما تستخدم عنه الحديث عن العرب، أما فيما يتعلق ب “إسرائيل” فإن هذه الكلمات تكتسب بريقا خاصا ويجري التركيز عليها.
وعندما يرد ذكر “حزب الله” في أجهزة الإعلام الأمريكية، تتعبه على الفور عبارة “المدعوم من سوريا وإيران”، ولكننا لم نقرأ أو نسمع من يصف “إسرائيل” بأنها مدعومة من الولايات المتحدة وبريطانيا.
أخطر من ذلك: إن الصحافي أو المؤسسة الإعلامية التي لا تلتزم بكل هذه الأشياء توصف بالعداء للسامية، وتأييد الإرهاب، وإلا فإن حرية الرأي لن تكون ذات معنى.
أبو خلدون
فنجان قهوة
الضاحية
ضاحية بيروت الجنوبية التي دمرتها القنابل والصواريخ “الإسرائيلية” وكادت تزيلها من الوجود كانت، ذات يوم، ملجأ لكل الفقراء والمحرومين في لبنان، ومعطفا بشريا للمقاومة الفلسطينية، فكل البؤساء الذين يبحثون عن حل سياسي لمشكلاتهم الاقتصادية، وعن تسوية ايديولوجية لمعاناتهم، كانوا موجودين فيها، وكان التداخل اللبناني الفلسطيني مثيرا. لا هوية للعذاب.. كما لا هوية للأمل. وكان الناس يمتزجون بالناس حتى شعر ابن حي السلم ان العثور على غرفة اضافية تستوعب اطفاله الذين ينامون فوق بعضهم بعضا يرتبط ارتباطا جدليا بعودة نابلس الى اهلها، وكان ابن حي الرويس يؤمن أن توفر المال لشراء ملابس جديدة لأولاده يوم العيد يرتبط بتحرير حيفا ويافا وعكا، وكان الأمل، بل المستحيل، هو الذى يوفر الغرفة الإضافية والملابس للأطفال.
وكان سكان الضاحية الذين توافدوا من المناطق المهملة والمحرومة في لبنان يملكون مخزونا هائلا من اليأس والغضب، فقد قرأوا سارتر وكامو ورأس المال، وعرفوا الوجودية والعبث والسأم، كما قرأوا جيفارا وأعجبوا بالكفاح الثوري في نيكاراجوا وفيتنام. وكانوا يشعرون إنهم “مهجرون”، مثلهم مثل الفلسطينيين، وبالفعل فقد كانوا نسخة عن الفلسطينيين الذين دفعوا الى خارج مدنهم وقراهم. وكانت هنالك مقولة شهيرة لموسى الصدر لا تزال تستخدم حتى اليوم في المقارنة بينهم وبين الفلسطينيين هي: “المحرومون من وطنهم، والمحرومون في وطنهم”.
ولكم كان مثيرا منظر ابناء الضاحية الذين تقلهم البوسطات في الصباح باتجاه المصانع والأسواق والمرافىء. اما في الليل فقد كانت ضاحيتهم عبارة عن مساحة هائلة من التعب الذي ينام مع العتمة بين تلك البيوت الصغيرة، دون ان ننسى ان خيول السباق التي كانت للكبار الكبار على مقربة منهم كانت تعيش في اسطبلات واسعة.
يتحدثون عن الأطفال الذين ما ان يمضغوا اللقمة الصعبة حتى يشعروا بذلك الشيء الذى صنع عقولهم الصلبة، وصمودهم الذي لا نهاية له. والحقيقة ان العقول الصلبة ولدت هناك، ولم تكن الغرف الضيقة تتسع للولد والهواء معا، ولهذا السبب قال جورج امادو وهو يصف الحياة في ازقة ريو ديجانيرو: “كان انتماؤهم الى الأرض، لأنهم لم يستنشقوا قط كمية كافية من الهواء”. لكن رجال اللقمة الصعبة كانوا يجدون الوقت الكافي للهواء الكافي، ولكي يمضغوا بين اسنانهم ما قاله كبار قادة الثورات في العالم. لم يكن سكان الضاحية يعرفون ان الأشياء الصغيرة التي يقومون بها ستصبح ذات يوم الواجهة الأساسية لأزمة الشرق الأوسط.
اشياء كثيرة حدثت، ويقال ان الضاحية خرجت من “الحالة الفلسطينية” بسبب ما سماه قطب فلسطيني بارز ب “يوميات الخطأ”، ولكنها أبدا لم تخرج عن إيمانها بطروحات هذه الحالة، وما زال الفقير الذي يعود من عمله في المساء مرهقا وليس في يده إلا ربطة من الخبز لأولاده يعتقد إنه لولا “إسرائيل” لكانت الربطة سلة فواكه ولحوماً طازجة. ولا يزال ينام بينما مرجل الغضب يغلي في نفسه ونفوس أطفاله.
ماذا نقول عن الضاحية التي عرف أطفالها الاستشهاد من أجل القضية قبل أن يعرفوا الكلام؟
عندما غزت “إسرائيل” لبنان عام ،1982 فكرت في اقتحام الضاحية، ولكن حساباتها كشفت إنها بحاجة إلى آلاف الدبابات والأليات، وآلاف القتلى من جنودها، فعدلت عن الفكرة، وعندما دخلت القوات السورية لبنان عام 1976 فكرت في دخول الضاحية أيضا، من أجل احتواء الحالة الإيرانية فيها، ولكنها تراجعت. وليس صحيحا أن الضاحية دخلت في “الحالة الإيرانية” بعد خروجها من الحالة الفلسطينية، فأنصار إيران فيها قليلون، ولكنهم واسعو النفوذ بحيث تبدو خياراتهم وكأنها اتجاهات عامة، أما الضاحية فإنها لا يمكن إلا أن تكون لبنانية.
أبو خلدون
فنجان قهوة
أطفال عباقرة
عندما ظهرت شيرلي تمبل على المسرح ترقص وتغني، كانت في الرابعة من العمر، ومع ذلك فإنها أذهلت الجماهير بحضورها الطاغي.
وقبل سن العاشرة حصلت على الأوسكار وكانت أصغر ممثلة تحصل على هذه الجائزة في تاريخ السينما حتى الآن، إضافة إلى كونها أصغر فنانة تظهر على المسرح. وفي مرحلة متقدمة من عمرها عملت سفيرة للولايات المتحدة في إفريقيا، ورقصت، وهي تحمل هذا اللقب، على مسرح الأمم المتحدة.
والأطفال الموهوبون كثيرون، ولكن النوابغ فيهم قلة، وقد عرفت السينما العربية بعض الأطفال الموهوبين، أمثال فيروز التي أطلق عليها “الطفلة المعجزة” ورغم أن “فيروز” كانت تكاد تقترب من حافة النبوغ إلا أن المخرجين عندنا اغتالوا موهبتها عندما جعلوها تتصرف في الأفلام كالكبار، فكانت على الشاشة مجرد طفلة تحاول تقليد الكبار في تصرفاتهم وحديثهم، لا طفلة عبقرية تعيش عمرها وتكشف الجوانب العبقرية في هذا العمر.
وفي الولايات المتحدة حاليا جيل جديد من نجوم الكوميديا من الأطفال بدأ يثبت نفسه على المسرح وينافس النجوم المعروفين، ومن هؤلاء طفل في العاشرة من العمر يدعى سين سميث، يتمتع بموهبة كبيرة في ابتكار النكات التي ترسم الابتسامة على شفاه الناس، وتقول والدته، مويرا: إنه بدأ يطلق النكات في مرحلة مبكرة جدا من حياته، وتضيف: “يبدو أنه تعلم فن النكتة في الوقت الذي بدأ يتعلم الكلام.
ولكن احتراف سين للكوميديا بدأ قبل سنتين، عندما ألح على والدته لاصطحابه إلى عرض كوميدي يقدمه الكوميديان الأمريكي المعروف جوي كالاهان في “كوفيه كوميدي كلوب” بمدينة أزل سيتي بولاية نيوجيرسي، فقد لاحظ جوي كالاهان طفلا يجلس في الصف الأمامي ويبدو وكأنه يستمتع بالعرض، ويعلق على كل كلمة يقولها، فطلب كالاهان منه الحضور في الأسبوع التالي ووعده بتقديمه للجمهور، وعاد الطفل بعد أسبوع، وقدم عرضا استقبله الجمهور بضحك متواصل، فاسند كالاهان إليه تقديم فقرة في برنامجه وخلال فترة قصيرة جدا، أصبحت هذه الفقرة من أفضل فقرات العرض لدى الجمهور”.
وسين يقدم عرضا خاصا في أحد المسارح كل أربعاء، ويقدم برنامجا إذاعيا صباحيا، ويشارك في الحفلات الخيرية لجمع التبرعات، ورغم أن النكات التي يقدمها لها طابع طفولي وتدور في الغالب حول المدرسة، إلا أنها تدفع الكبار إلى الضحك، ومثال على ذلك قوله: “لقد انفصلت عن صديقتي وسار كل منا في طريق، فقد وضع المشرف كل واحد منا في فصل”، ونكتة أخرى: “لا أحد يحترمني في المدرسة، فقد اتهمت أحد زملائي في الصف بأنه غش عني في الامتحان، فقال لي: ولماذا أغش عنك، إنني استطيع الحصول على علامة السقوط ببساطة”، ورغم أن معظم نكات سين تدور حول شؤون الأطفال إلا أنه لا يوفر بوش من لسانه، ومن النكات التي يرويها عنه: “شعر الأطباء بالدهشة عندما اكتشفوا أن معدل دقات قلب الرئيس بوش هو: 43 نبضة في الدقيقة، وسبب الدهشة هو: إن هذه هي المرة الأولى في تاريخ البيت الأبيض التي يكون فيها معدل دقات قلب الرئيس يساوي معدل ذكائه”، وأخرى: “بعد مرور 100 يوم على وجود بوش في البيت الأبيض سأله أحد الصحافيين: “ما رأيك بالماية يوم الأولى في الحكم، فأجاب: غريب، هل مرت السنة الأولى من فترة رئاستي بمثل هذه السرعة؟”.
ويضحك الآخرون كثيرا عندما يسمعونه يطلق نكتة تقول: “تعرفت إلى صديقة جديدة، إنها تشبه أمي، وتتحدث وتتصرف مثلها، ولذلك فإن والدي لا يحبها.
أبو خلدون
فنجان قهوة
ثقافة التزييف
الدعاية فن امريكي، ولكن عبقرياً بريطانياً على الجانب الآخر من الاطلسي هو: ه.ج.ويلز، او هربرت جون ويلز، يقول: ان الدعاية عملية تزييف وخداع، يقرها القانون.
وعلى عكس الصورة التي يحاول الامريكيون نشرها عن انفسهم في الخارج، فإنهم من اكثر شعوب العالم جرأة في التزييف ومن اكثر الشعوب استعدادا لقبول الحقائق المزيفة.. وها هو رئيسهم السابق بيل كلينتون زيف ليتهرب من الخدمة العسكرية اثناء الحرب الفيتنامية.. وزيف وخدع زوجته والأمريكيين، وعندما تكشفت الحقيقة وكشف الامريكيون كذبه سامحوه. أما بوش فإنه زيف للهروب من الخدمة العسكرية أيضا، وزيف وضلل الأمم المتحدة بتقديم معلومات كاذبة لها عن أسلحة الدمار الشامل العراقية، وقد أحصى له أحد الكتاب ما يزيد على 263 كذبة خلال فترة رئاستة الأولى ومع ذلك فإن الأمريكيين يسامحونه.
واذا صح ما يقوله ابن خلدون بأن لكل شعب من الشعوب خاصة يتميز بها، فإن الخاصية التي يتميز بها الامريكيون هي التزييف. ورجال الاعمال الكبار الذين حققوا نجاحا كبيرا في الولايات المتحدة هم اولئك الذين اكتشفوا هذه الميزة في مواطنيهم واستغلوها الى ابعد مدى، فعندما قرر الملياردير الامريكي بارنوم تحويل جزيرة فيجي الى جزيرة سياحية، لكي تزدهر اعماله الواسعة فيها، لم يجد امامه الا الكذب والتزييف فاصطاد سمكة كبيرة، وقطعها الى نصفين، ثم وصل نصفها بنصف قرد، فأصبحت كائنا نصفه قرد ونصفه الآخر سمكة، واطلق عليها اسم “حورية فيجي” وعرضها على الصحافيين، وكانت النتيجة تدفق ملايين الامريكيين الى فيجي لرؤية ذلك الكائن الغريب الذي تحدثت عنه الصحف والذي لا وجود له الا في ذهن المزيف الملياردير.
وأثناء الحرب الباردة، كان الزعيم السوفييتي نيكيتا خروتشوف يقول انه يخشى هوليوود اكثر مما يخشى الصواريخ الامريكية العابرة للقارات. ويذكر الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الأب الذي اشرف على هندسة المراحل الاخيرة من الانهيار السوفييتي ان مدير شركة مترو جولدوين ماير كان يقول له: ان الهمبورجر والجينز وهوليوود وشركات السجائر هي التي حسمت الحرب الباردة لصالح الولايات المتحدة.
وربما كان مدير شركة مترو جولدوين ماير على حق في ما يقول، فبعد ما يقرب من العقد على انهيار الامبراطورية السوفييتية اكتشفت الشعوب التي انفصلت عنها وهي تحلم بالثقافة والديمقراطية على الطريقة الأمريكية انه ليس هنالك ثقافة او ديمقراطية يمكن استيرادها من أمريكا، ورغم ان هذه الشعوب مازالت تتعثر في مسيرتها نحو الديمقراطية بسبب غياب المنارة الهادية من امريكا، فإنها لا تتعثر على الاطلاق وهي تحشر نفسها في الجينز وتأكل الهمبورجر والشبس.
وفي الماضي كان الرئيس روزفلت يقول ان هدف امريكا هو أمركة العالم. وحيث ان رأس الفرد الأمريكي محشو بالهمبورجر فإن الامركة لن تكون بطرح قيم جديدة للعالم، وانما بافراغ القيم العالمية من محتواها، ففاقد الشيء، كما يقولون، لا يعطيه.. وثقافة امريكا هي الثقافة المضادة. وفي الماضي، كانت امريكا تخوض معركة الامركة بالجينز والهمبورجر وهوليوود، اما الآن فإنها اضافت لأسلحتها سلاحا جديدا فاعلا هو: الانترنت.
والانترنت التي أدخلتها امريكا الى كل بيت في العالم نموذج للثقافة الامريكية. انها الثقافة التي تحتوي على شيء من الثقافة يضيع وسط كم هائل من الثقافة المضادة.
أبو خلدون
مشكور أخوي شيتا .
وانا دائما اقرأ العمود الأخير من الكاتب الكبير ابن خلدون في جريدة الخليج الاقتصادي الاماراتية .
مشكور أخوي .
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة EMPIRE OF EVIL
أهلا وسهلا أخي الكريم..
بالفعل مقالة أبوخلدون هي أفضل استفتاحية.. :)
فنجان قهوة
البلوج فرنسياَ
رئيس الفرنسي الراحل شارل ديجول يلاحظ أن شعبه لم يتفق حتى على تفضيل نوع واحد من الجبنة، ويقول: كيف يحكم الإنسان شعبا يأكل 75 نوعا من الجبنة. ويتحدث سهيل إدريس مطولا عن النقاشات الفلسفية والأدبية التي تجري في مقاهي الحي اللاتيني التي تعبق أجواؤها بالدخان، أما إيغور ليشينوف الذي اختار اسما فرنسيا هو جاك ليست فيقول إن باريس لا تزال عاصمة الثقافة في العالم: “لأنها العاصمة الوحيدة في العالم التي أثبتت إن لحية لينين لم تكن تشبه السوق الأوروبية المشتركة ولذلك سقطت الشيوعية”، وفي الحي اللاتيني تستطيع أن تجد فنانا يرسم الموناليزا على ظهر امرأة، أو يخوض معك في نقاش طويل ليقنعك أن الدجاج ينبغي أن يضع ربطة عنق.
وفي عصر الانترنت حمل الفرنسيون نقاشاتهم من مقاهي الحي اللاتيني إلى الانترنت، فقد كشفت الإحصائيات أنهم من أكثر شعوب العالم ولعا بالبلوج، أو المفكرات الذاتية، التي تعتبر صحافة عصر الانترنت، وهم بذلك يتفوقون على الألمان والبريطانيين والأمريكيين، فخلال شهر مايو الماضي زار 60% من مستخدمي الانترنت الفرنسيين موقع بلوج أو أكثر، في مقابل 40% في بريطانيا و 23% في الولايات المتحدة و35% في ألمانيا، وإذا كان الفرق يبدو شاسعا، فإن الساعات التي يمضيها هؤلاء في المواقع توضحه بشكل اكبر، ففي يونيو الماضي أمضى الفرنسيون ما يزيد على الساعة في زيارة هذه المواقع في مقابل 12 دقيقة للأمريكيين و3 دقائق للألمان.
وما يزيد على 3 ملايين مستخدم انترنت فرنسي، أو ما يعادل 12% من المشتركين، يمتلك موقع بلوج خاص به، إلى درجة أن بنيامين جريفو المستشار الإعلامي لدومينيك شتراوس-كان، وزير المالية الفرنسية السابق الذي كان من أوائل السياسيين الذين أنشأوا موقع بلوج باسمه يقول: “لا يمكن أن تنجح في انتخابات الرئاسة الفرنسية إذا لم يكن لك موقع بلوج على الانترنت، وبالطبع فإن البلوج لم تأخذ دور أجهزة الإعلام الأخرى في هذا المجال، ولكنها ضرورية جدا”.
ويرى الخبير الإعلامي لويك لومير الذي يعتبر من رواد إنشاء مواقع البلوج إن هذه المواقع ستخفف من المظاهرات العمالية والإضرابات التي تتسم بالعنف، ويضيف: “إذا وجد الناس فرصة للتعبير عن أنفسهم على الانترنيت، فلماذا ينزلون إلى الشارع؟”.
وتتميز مواقع البلوج الفرنسية عن غيرها بكون مقالاتها أطول، وأكثر جرأة في الانتقاد، وتسلط الأضواء على العيوب السياسية والاجتماعية، وأكثر إثارة للاستفزاز من المواقع الأمريكية، ويقول الإعلامي الأمريكي الفرنسي المولد لوران فلور، رئيس مجلس إدارة شركة متريكس التي تتابع ما ينشر في مواقع البلوج: “أصحاب مواقع البلوج في أمريكا يستمعون إلى آراء الآخرين، ويأخذون هذه الآراء بعين الاعتبار، أما الفرنسيون فإنهم لا يتنازلون عن آرائهم”.
ويرى الفرنسيون في البلوج انبعاثا حقيقيا لثقافتهم، ونشرها. وفرنسا أول دولة في العالم حاولت استخدام ما يشبه الانترنت، عندما أنشأت شركة مينيتيل التابعة لشركة فرانس تيليكوم شبكة لنقل رسائل بين مشتركيها قبل أن يسمع الكثيرون بالانترنت، ولكن هذه الرسائل كانت تخضع للرقابة، كما إنها كانت خاصة بالنخبة، وفوق قدرة المواطن العادي،أما مواقع البلوج الحالية فإنها لا تخضع للرقابة، وهي في متناول الجميع. وفي فبراير/ شباط الماضي إنشأ مرشح الرئاسة عن الحزب الاشتراكي سيجولين رويال موقع بلوج باسمه زاره حتى الآن ما يزيد على نصف مليون شخص ونشر فيه 20 ألف تعليق، ويقول المراقبون إن الموقع ساهم في زيادة شعبية الحزب الاشتراكي.
وكم يبدو طريفا أن نقرأ في موقع “صباح الخير يا أمريكا” شخصا يقول إنه فكر في “إنقاذ أمريكا” وترشيح نفسه لرئاستها، ولكنه تراجع لأنه ليس على استعداد لتحويل رأسه إلى صندوق من الخشب.
أبو خلدون
فنجان قهوة
الأعشاب الطبيعية
في أحد برامج المسابقات التلفزيونية التي كانت معروفة في الثمانينات، سأل المذيع أحد ضيوفه: “أيهما أكثر فائدة للجسم، كوب من عصير الفواكه، أم كوب من عصير الأعشاب البرية، كالبرسيم مثلا؟” فرد المتسابق: “عصير الفواكه بالطبع” فقال المذيع بلهجته التلفزيونية المعروفة: “غلط” ثم راح يشرح فوائد الأعشاب البرية الغذائية، وقال: إن الواحد منها يحتوي على معظم العناصر الغذائية اللازمة للجسم، وإن كوباً واحداً منها يفيد أكثر من 7 وجبات غذائية كاملة.
وفي إحدى قصص أوهنري، يتحدث شاب ثري عن صديقه الملياردير روكفلر فيقول: “جلس إلى الطاولة بوجوم، وقد أحنى رأسه فوق كوب من عصير الكرفس أمامه”. وأوهنري اعتاد اللجوء إلى موقف غامض في قصصه بحيث تنتهي القصة ولا نكتشف سر هذا الموقف، ومن ذلك قصة له بعنوان الرسالة تدور حول رسالة تلقاها شخص بلغة لا يفهمهما، فحاول الاستعانة بأحد المارة لترجمتها، وما أن نظر هذا الشخص إلى الرسالة حتى تغيرت ملامحه، واربدت سحنته، وظهرت إشارات الخوف على وجهه وقال له: “أرجوك، دعني وشأني”، ثم ولى هاربا. ودخل الرجل إلى مطعم وطلب وجبة وأكلها، وعند دفع الحساب عرض الرسالة على صاحب المطعم وطلب منه مساعدته على ترجمتها، فكانت ردة فعل صاحب المطعم شبيهة بردة فعل الشخص الأول، وقال له: “أرجوك، لا أريد منك ثمن الوجبة، فقط اغرب عن وجهي ولا تعود ثانية إلى هذا المطعم”. واحتار الرجل وزاد فضوله لمعرفة سر هذه الرسالة التي انتقلت من يد إلى يد، وكانت ردود الجميع تجاهها متشابهة، وأخيرا أعرب أحدهم عن استعداده لترجمة الرسالة مهما كان محتواها، فيمد الرجل يده إلى جيبه لإخراجها ليكتشف انه فقدها. وتنتهي القصة من دون أن نعرف مضمون الرسالة او سبب فزع الآخرين من مضمونها.
وقصة أوهنري عن روكفلر ليست حبكة غامضة، وإنما انعكاس لاعتقاد شعبي أمريكي يؤمن به حتى روكفلر نفسه، وهو: “إن كوبا من عصير الكرفس هو العلاج المناسب لإراحة أعصاب ملياردير أرهقه العمل وسلبته حياة البذخ الحيوية”.
ويميل علماء التغذية إلى الأخذ بهذا الرأي، ويرى هؤلاء في الأعشاب البرية علاجا لكل الأمراض، وقبل مدة قرأت مقالا يتحدث عن هذه الأعشاب يقول: إن الحيوانات التي تعتمد في غذائها عليها تنمو في سنوات قليلة أضعاف نمو الإنسان في عمره كله، فضلاً عن انها لا تعرف شيئاً اسمه السرطان أو ضغط الدم أو أمراض القلب والشرايين، ويذكر أبقراط، أبو الطب، أن الأعشاب البرية تهدئ الأعصاب، وكانت ماركيزة دو بومبادور محظية لويس الخامس عشر تتناول كوبا من الشيكولا المخلوطة بالأعشاب قبل لقائها به، وكان كازانوفا، العاشق الشهير، يكثر من تناول الأعشاب البرية لأن مفعولها في تنشيط الجسم بأكمله، كما كشفت البحوث الحديثة، أكبر من مفعول الفياجرا.
وقبل مدة نشرت صحيفة “البرافدا” الروسية بحثاً أعده العلماء في أكاديمية العلوم الصحية في موسكو قالت فيه: إن الأعشاب البرية تحتوي على العناصر اللازمة لتنشيط الجسم بأكمله، كما انها تحتوي على نسبة عالية من مضادات الأكسدة والفيتامينات بمختلف أنواعها، وهي غنية بالبوتاسيوم العضوي والكالسيوم والفوسفور، وهذه العناصر مهمة لحفظ توازن الجسم عندما يتعرض صاحبه لإرهاق شديد في حياته أو عمله، إضافة إلى أن جذورها تحتوي على بروتينات وكاروتين وكولين.
ولست مضطراً إلى تناول عصير الأعشاب الطبيعية كما هو، إذ يمكن خلطه بالحليب أو غليه لإعداد شاي منه ففوائده تظل واحدة.
ويبدو أن الإنسان، في عصر العلم الذي لا يعرف إلا التخطي والتجاوز وتدمير مقاييس الأمس، يجد نفسه في كل مرة مضطرا إلى العودة إلى الطبيعة.
أبو خلدون
فنجان قهوة
أخطاء تفرض نفسها
الجاذبية هي التي تحفظ الكواكب والنجوم والأفلاك والمجرات في أماكنها في هذا الكون الذي نعيش فيه، ولولاها لاختل الكون، واصطدمت الكواكب والنجوم والمجرات ببعضها بعضها، وهنالك برنامج كمبيوتر علمي يحاكي حركة الكواكب والنجوم، ويكشف جاذبيتها ومواصفاتها، حاولت أن أعبث به ذات يوم، فنقلت الشمس من مكانها ووضعتها مكان كوكب عطارد، ثم نقلت عطارد ووضعته مكان الشمس، فكانت النتيجة أن تبعثرت كل كواكب مجموعتنا الشمسية في الفضاء، ثم تبعثرت مجموعة درب التبانة التي ننتمي إليها، وتحولت شاشة الكمبيوتر أمامي إلى لوحة سوداء إيذانا بأن الكون بأسره قد انتهى، فتذكرت الآيات الكريمة التي تتحدث عن حركة الكواكب ودقتها، وإن هذه الحركة محسوبة بمقدار وضعه العزيز الحكيم الذي خلق هذا الكون الكبير ويعرف كل إسراره.
ومع ذلك فإن الجاذبية التي تمارس هذا التأثير الغريب في الكون هي أضعف قوة في الطبيعة، ومثال على ذلك، فإن القوة الكهرومغناطيسية التي تشد الالكترون إلى نواة الذرة تزيد بما يعادل 40 ضعفا عن قوة الجاذبية بين الالكترون والنواة، وعلى هذا الأساس فإن معظم العلماء يتجاهلون تأثير الجاذبية أثناء دراستهم لعالم الذرة.
وفي الآونة الأخيرة، خرج عالم الفيزياء المعروف فابريزيو بنتو، من جامعة بويس، بنظرية جديدة تقول إن الجاذبية تؤثر، بشكل ملحوظ، في الالكترونات، وبشكل يستطيع علماء الفلك تمييزه بكل سهولة، ويضيف: “إن النجوم الكثيفة التي يطلق عليها العلماء اسم “النجوم النيوترونية” تمتلك مجال جاذبية يستطيع أن يؤثر حتى في الالكترونات المشدودة إلى ذراتها. والالكترونات بالطبع محصورة بمستويات معينة من الطاقة المحيطة بنواة الخلية، وهي تنتقل من مستوى إلى آخر عندما تمتص الذرة، أو عندما تطلق، كمية من الإشعاع، وعندما يحدث تنشيط قوي في الذرات تستطيع الالكترونات أن “تقفز” إلى مسافة تعادل المليمتر بعيدا عن قفزتها في الذرة غير النشطة، و 100 مليار ضعف قطر النواة نفسها. وبالطبع فإن هذه العملية تضعف من قوة التحام النواة بالإلكترون.
وأول من توصل إلى هذه الحقيقة بالحسابات النظرية هو العالم ليوناردو، من جامعة ويسكنسون، وقد دفعه ذلك إلى الاعتقاد أن الالكترون في مستويات الطاقة لا بد أن يشعر بجاذبية نجم نيوتروني قريب، وفي هذه الحالة فإن قوة جذب النجم ستغير من طاقة الالكترون، والتغير الذي يحدث في الطاقة سيؤدي إلى تغيير ذبذبات الأشعاع الذي تمتصه الذرة أو تطلقه.
ويقول البروفيسور بنتو أن التلسكوبات الراديوية يمكن ان تسجل هذا التغيير، ورغم ان النجوم النيوترونية لها مجال مغناطيسي قوي جدا يضعف تأثير جاذبيتها إلى حد كبير، فإنه يعتقد أنه بالإمكان تحديد الظروف التي يظل تأثير الجاذبية فيها فاعلا، وإذا نجح في ذلك، فإن نجاحه سيكون ذا أهمية كبيرة بالنسبة لعلماء الفلك، بل إنه سيغير الكثير من المفاهيم السائدة حاليا.
وحتى الآن، لا تزال الطريقة التي يستخدمها هؤلاء لقياس كتلة ومجال جاذبية النجم الالكتروني بدائية جدا، فهم يقيسون حركة نجم آخر يتصادف وجوده في مدار حول النجم الالكتروني، ومنها يقيسون الكتلة والجاذبية، ويقول البروفيسور بنتو إن الطريقة الجديدة ستتيح للعلماء قياس مجال جاذبية النجم الالكتروني بدقة بالغة حتى لو لم يكن هنالك نجم آخر بجواره.
والعلماء يكتشفون الآن إن معظم النظريات التي وضعوها حول الكون مغلوطة، ولكنهم يرفضون التراجع عنها ولا يعترفون بالخطأ، مثل ذلك العالم الذي اكتشف ثغرات كبيرة بنظرية الانفجار الكبير وقال إنها غير صحيحة، فحاربته الأوساط الفلكية لأن نظريته تنسف نظرياتهم تماما، لأن الخطأ هو الذي صنع لهم كل النفوذ والشهرة التي يتمتعون بهما، والتراجع عنه يعني انهيارهم. وكثيرة هي الاخطاء التي تفرض نفسها لأن المستفيدين منها ذوي نفوذ.
أبو خلدون
فنجان قهوة
أساور وخواتم للطاقة
يروي أحد الأطباء الأمريكيين في موقعه على الانترنيت إن سيدة كانت تتردد على عيادته تشكو من عدم الحمل رغم مرور سنوات على زواجها. وأجرى الطبيب لها فحصا شاملا لم يكشف وجود ما يبرر هذه الشكوى، فالمرأة بصحة جيدة جدا، وليس لديها ما يمكن أن يعيق الحمل. وكما تفترض التقاليد الطبية، خطر له أن المشكلة يمكن أن تكون لدى زوجها، فطلب إجراء فحص شامل له، ولكن ذلك لم يفد أيضا، فقد تبين أن الزوج هو الآخر بصحة جيدة، ولا عائق طبيا أمامه للإخصاب. واحتار الطبيب في الأمر، ولكنه لاحظ أن المرأة تتزين بكمية كبيرة من أدوات الزينة النحاسية: 8 خواتم في أصابع يديها، وسلسلة في عنقها، وأساور حول معصميها، فقال لها: مشكلتك يا سيدتي ليست طبية، وهي تكمن في هذه الأشياء التي تتزينين بها، وإذا نزعتها فإن المشكلة ستحل تلقائيا. ويقول الطبيب إن المرأة شعرت بالضيق عندما سمعت كلامه، وأحست إنها تعرضت للإهانة، ولكنها عادت إليه بعد أسابيع لتقول له إنها نفذت ما طلبه منها، فحملت على الفور.
ويجمع الأطباء على أن نشاط الجسم يتأثر إلى حد كبير بالسلاسل المعدنية التي يتزين بها الإنسان، سواء أكان رجلا أو امرأة. فالسلسلة التي يضعها الشاب في معصمه، أو حول رقبته مثلا، تشكل ما يشبه الدائرة الكهربية المغلقة، ولعل أجدادنا القدامى لاحظوا ذلك، فجعلوا من تقاليد الزواج أن يضع الرجل خاتما ذهبيا حول بنصره، ليس لأن البنصر يتصل بشرايين القلب كما تقول الأساطير، وإنما لأنه يحوي أعصابا تتصل مباشرة بمراكز النشاط العاطفي لدى الرجل، ووضع خاتم يشكل دائرة مغلقة فوقها ينشط هذه الأعصاب ويجعل صاحبها أكثر كفاءة من الناحية العاطفية.
وخبراء الوخز بالإبر الصينية يحتفظون في عياداتهم بإبر من الذهب الخالص، وأخرى من الفضة الخالصة، وإذا سألت أحدهم عن السر في ذلك، فإنه يجيبك إن كل نقطة في الجسم من النقاط المحددة للوخز بالأبر تتصل بأعضاء معينة في الجسم، سواء عن طريق أوردة أو أعصاب أو شرايين، فإذا كان العضو المراد معالجته سليما، ولكنه يشكو من الالتهاب، تستخدم الإبر الفضية في وخز النقطة التي ترتبط به، أما إذا كان ضعيفا والمطلوب تنشيطه ليعود إلى حالته الطبيعية، ووقايته من الالتهابات في المستقبل، تستخدم الأبر الذهبية، بمعنى إن الإبر الفضية تعالج الالتهابات والذهبية تقي منها، ولعل هذا هو السبب الذي دفع الإنسان، منذ أقدم العصور، إلى اختيار الفضة لصنع الصحون والملاعق، إذ إنها تساهم في حماية جسمه من الالتهابات، وإذا كان الأكل يحتوي على ما من شأنه أن يسبب الالتهابات فإنها تصرعه فور ملامستها له.
ولكن، لماذا تتزين المرأة، منذ أقدم العصور، بالذهب والفضة أكثر من الرجل؟ أقراط في الأذنين، وأساور في المعصمين، وخواتم في الأصابع، وخلاخيل في الرجلين.. إلى آخر ما هنالك؟ الجواب هو: لأن الناس منذ أقدم العصور لاحظوا أن هذه الحليّ الذهبية على عكس الحليّ النحاسية تنظم مسارات الطاقة في جسمها فبينما الحليّ النحاسية تجعلها اكثر عصبية، فإن الحليّ الذهبية تنشطها لكي تعمل في المنزل طوال النهار، تكنس وتطبخ وتغسل وتعتني بأولادها، ويظل لديها من الطاقة ما يعينها على استقبال زوجها عند عودته من العمل.
أبو خلدون
فنجان قهوة
من هو نك بيف
أثار اغتيال الرئيس الأمريكي جون كنيدي عام 1963 أسئلة كثيرة لم يتوصل المحققون والباحثون إلى أجوبة لها حتى الآن، وفي مقدمتها: من قتل كنيدي؟ وهل لي هارفي أوزوالد هو القاتل الحقيقي أم مجرد كبش فداء قدمه القاتلون للتغطية على القاتل الحقيقي، خصوصا وأن التحقيقات كشفت أن الرصاصة القاتلة التي اخترقت رأس كنيدي عند الصدغ وأدت إلى وفاته لم تأت من الجهة التي كان أوزوالد فيها، في أحد طوابق مبنى مقابل للشارع الذي كان موكب كنيدي يمر به، وإنما جاءت من مصدر أفقي، من حديقة صغيرة مواجهة للشارع؟ ولماذا أقدم جاك روبي على التسلل إلى المركز الذي يحتجز فيه أوزوالد وأطلق النار عليه أثناء انتقاله من غرفة الحجز إلى غرفة التحقيقات، ليقتله ويقتل السر الكبير معه.
وأوزوالد لم يعترف بشكل جدي إنه القاتل، وظل حتى أيامه الأخيرة معتصما بالصمت، وعندما توفرت له الفرصة لاستئناف الحكم رفض استغلالها، وهذا ما فعله ثوماس ماكفي، منفذ انفجار أوكلاهوما، وجيمس ايرل راي الذي اغتال الزعيم الزنجي مارتن لوثر كينج. وقد فعل الثلاثة ما فعله أوزوالد، فكانوا يتحدثون عن براءتهم بصوت خافت، ورفضوا استئناف الأحكام التي صدرت ضدهم.
وأمريكا بلد الألغاز والمافيا والجرائم الكبيرة التي يجري التستر عليها، تماما كما هي سياسة أمريكا التي تدار بعقلية المافيا وتتستر على الجرائم الكبيرة إذا كانت تخدم مصالحها.
نعود إلى قاتل كنيدي، لي هارفي أوزوالد، إنه يرقد الآن في مقبرة شانون روز هيل في فورت وورث بولاية تكساس، وقبره مغطى بقطعة بسيطة من الجرانيت تحمل اسم عائلته “أوزوالد” فقط، دون اسمه الأول ولا تاريخ وفاته، كما جرت العادة بالنسبة لشواهد القبور، وإلى جانبها قطعة أخرى من الجرانيت مشابهة لها تماما ومن اللون نفسه، تحمل اسم “نك بيف”، ويقول المؤرخون المختصون بدراسة حادث اغتيال الرئيس الأمريكي إنهم بحثوا عن صاحب هذا الإسم فلم يتوصلوا إلى نتيجة، بل إنهم لا يعرفون ما إذا كان اللحد الذي يحمل هذه القطعة الرخامية يحتوي على جثمان أم لا، وعندما سئلت ديبي الكسندر مديرة مقبرة شانون روز هيل عن صاحب اللحد قالت إن سجلاتها لا تشير إلى أن أحدا مدفون فيه، وأن قطعة الجرانيت التي فوقه ظهرت عام ،1998 وقبل ذك لم تكن موجودة.
ويرى البعض إن هذه القطعة من الجرانيت تحمل حلا للغز مهم في حادث اغتيال كنيدي، وربما كانت إسما كوديا، أو إشارة كودية، ولذلك نشر أحدهم موقعا على الانترنت بعنوان “من هو نك بيف” يطالب فيه رواد الانترنت المساعدة في حل اللغز. ويقول الباحثون المهتمون بدراسة حادث اغتيال كنيدي إنهم بحثوا عن صاحب هذا الإسم واكتشفوا أن شخصا يدعى نك بيف استأجر شقة في مواجهة نادي سيلار الليلي في نيويورك في أوائل التسعينات، ولكن صاحب الشقة والعاملين في النادي الليلي ورواده قالوا إنهم لا يعرفون شيئا عنه، ويقول باب جاكارينين، الباحث في اغتيال كنيدي: “لقد بحثنا طويلا ولم نتوصل إلى أية نتيجة”.
لغز آخر في حادث اغتيال كنيدي يضاف إلى الألغاز السابقة ليزيدها تعقيدا، لا ليساهم في حلها، وقبل مدة استقبل نجل مارتن لوثر كينج افرادا من عائلة جيمس ايرل راي المتهم بقتل والده، وقال لهم إنه واثق تماما إن ابنهم جيمس بريء من تهمة قتل والده، وأن القاتل الحقيقي، فعلها واستمر في حياته العادية.
وفي أمريكا ترتكب الجرائم الكبيرة، ويستمر كل شيء في حياته العادية.
أبو خلدون
فعلااقتباس:
سياسة أمريكا التي تدار بعقلية المافيا وتتستر على الجرائم الكبيرة إذا كانت تخدم مصالحها.
لو فى حد شاف فيلم عن مقتل جون كينيدى
على فكرة اللغز اتحل من زمان اوى المحقق اللى جه بعد المحقق اللى حقق فى قضيه الاغتيال أثبت ان المخابرات المركزيه وعلى ما اظن الثرى كلاى شاو مش فاكر كويس هو كدا امريكا عايشه على الحروب و عيب كينيدى انه كان عاوز ســلام و كان ناوى يسحب الجنود الامريكان من فيتنام و يوقف الحرب البارده مع روسيا و يوقف السباق الفضائى و يتعاون مع روسيا فى كل المجالات ..رحمه الله
شكرا على مواضيعك المتميزة
شكرا
اخوك / احمد
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد المغربى
شكرا على المشاركة الطيبة.
المتهمون بمقتل كنيدي كثر، ولكل منهم دافع لا بأس به، بدءا من أصحاب الثروات والمال، وانتهاء بعصابات المافيا، مهما قيل في القضية أنها انتهت، أو حلت، يبقى دوما العديد من المجاهيل والنقاط العصية على الحل.
فنجان قهوة
أسرار الجمال
من عهد هيلين، ملكة طروادة التي أشعلت حربا راح ضحيتها مئات الألوف من أجل جمالها، إلى كليوباترا التي فتنت يوليوس قيصر ومارك أنطونيو ودفعتهما إلى وضع تاج الامبراطورية الرومانية على رأسها، إلى عهد فاتنات هوليوود، تبدي المرأة، مهما كانت جميلة، اهتماما كبيرا بالحفاظ على نضارة بشرتها، لكي تظل مشرقة، ويقال إن أبقراط، أبو الطب، ابتكر كريما لجعل البشرة أكثر صفاء ونقاء وجمالا، كانت تستخدمه كل الجميلات في أثينا، ومن هنا بدأت شهرته.
وكانت نفرتيتي، زوجة أخناتون الجميلة، طويلة العنق، ولذلك كانت تصرف جل اهتمامها إلى الاعتناء بعنقها، ويقال إنها كانت تستخدم دهونا نادرا للعناية به. وفي المآدب والحفلات التي كانت تقيمها، كانت تصر على أن يضع كل مدعو عقدا من زهرات اللوتس حول عنقه، وأن يجلب معه باقة من الورود وكمية من الزعفران لنثر البتلات على المائدة والأرائك، فقد كانت نفرتيتي تحب رائحة الورد.
وعندما ذهبت كليوباترا لمقابلة مارك انطونيو في عرض البحر استحمت ببتلات الورد، ويقول المؤرخ بلوتارك إنها كانت تستحم يوميا بالحليب لكي يصبح جلدها أكثر نعومة.
ومارلين مونرو، أجمل جميلات هوليوود في الخمسينات، كانت تعتقد أن الرجال يميلون إلى الشقراوات، ولذلك صبغت شعرها من اللون البني (وهو لونه الطبيعي) إلى اللون الأشقر، وكانت تتعطر بشانيل 5 في المناسبات، أما اليزابيث تايلور فهي تعتقد أن عينيها أجمل ما فيها، ولذلك فإنها توليهما عناية خاصة، وتظلل جفنها الأسفل بلون بنفسجي مميز.
وعندما تظهر كاترين زيتا جونز في مناسبة عامة، تحرص على الابتسام لإظهار جمال أسنانها وبياضها، وهي تقول إنها تحافظ على بياضها ولمعانها بفركها مرة في الأسبوع بمزيج خاص ترفض الكشف عن تركيبته.
وعلى الطبيعة، يبدو وجه كاميرون دياز مليئا بحب الشباب، وقد راجعت أطباء التجميل فنصحوها بعدم إجراء عملية تقشير للجلد، ولذلك فإنها تخفي البثور بالماكياج، وتفرك وجهها يومياً بمسحوق الحليب ليصبح أكثر نعومة.
ونعومي كامبل تؤمن أن البن المسحوق يساهم في ترميم الانسجة التالفة في الجسم، ولذلك فإنها تفرك جسمها بمسحوق البن مرة في الأسبوع على الأقل ثم تلف الجسم بالسولوفان ليسخن، أما كريستينا أجيليرا فإنها تفرك وجهها يوميا بحبة طماطم ثم تأخذ حماما شمسيا. وصوفيا لورين تضيف إلى الطماطم العسل وزيت الزيتون، وتترك القناع على الوجه لمدة ساعة قبل إزالته بالماء.
وجولدي هاون لا يظهر عليها الكبر مهما تقدم بها العمر، والسبب إنها اكتشفت وصفة “سحرية لشباب الوجه الدائم”، فقد سمعت أن المرهم الذي يستخدم لمعالجة البواسير يشد العضلات المترهلة التي توجد عليها هذه البواسير، ولذلك فإنها تدهن وجهها به وخصوصا تحت العينين، لمحاربة الانتفاخ.
وقبل أن تذهب سيندي كراوفورد للمشاركة في أية مناسبة عامة تفرك جفنيها بحبة بطاطا، وتقول إن البطاطا تكافح التجاعيد والهالات السوداء تحت العينين، وأوميلا موتي تستخدم قناعا يتألف من ثمار الكيوي والعسل واللبن، تخلطه جيدا وتضعه على وجهها لمدة 20 دقيقة، وساندرا بولوك تستخدم قناعا من التفاح.
وكل الجميلات يستخدمن هذه الوسيلة أو تلك للعناية بالبشرة، والجهد الذي يبذلنه من أجل ذلك يفوق بكثير الجهد الذي يبذلنه في تثقيف أنفسهن.
أبو خلدون
فنجان قهوة
تقشير البصل
يسخر الروائي الألماني غانثر جراس، الحائز على جائزة نوبل، من الكتّاب الذين يكتبون سيرهم الذاتية، ويقول: “معظم هؤلاء يكتبون، في محاولة لإقناع القارىء بأن أمرا ما حدث على هذا النحو، وليس بطريقة أخرى.” وفي سيرته الذاتية التي ستصدر قريبا بعنوان “تقشير البصل” لا يحاول جراس تبرير أي موقف في حياته والتمني لو أنه حدث بطريقة أخرى، وإنما يقدم ما يصفه بأنه “طريق إضافية مفتوحة للقارىء” يعبر من خلالها إلى عالمه، ليقرأ ويفسر.
وتقشير البصل يدمع العينين، وقد بدأت عينا جراس تدمعان حتى قبل صدور الكتاب، فقد تحدث في الكتاب عن فترة من حياته كانت مجهولة لقرائه حتى الآن، هي: إنه انضم في مطلع شبابه إلى فرقة “أس أس” التي تضم نخبة الشباب النازي، ويذكر الألمان أن هذه الفرقة كانت تشرف على معسكرات الإبادة الجماعية، واعتراف جراس بأنه كان أحد أعضائها يعني أنه كان يتعاطف مع النازية، أولا، وأنه شارك في العديد من جرائم الحرب التي حدثت في هذه المعسكرات ثانيا. وتهمة من هذا النوع شديدة الخطورة، إذ إنها ستحرك كل أعشاش الدبابير في الأوساط الصهيونية ضد صاحبها، وعندما حامت شبهات حول كورت فالدهايم سكرتير هيئة الأمم المتحدة السابق، كادت تقضي على مستقبله السياسي، وتبعده عن منصبه كرئيس منتخب للنمسا. ولذلك فإننا نتفهم قلق المحرر في صحيفة الباييس الإسبانية عندما قال لجراس معلقا على الصفحات التي يتحدث فيها عن تجربته مع “الأس أس” في الكتاب: “ما كان عليك كتابة ذلك، وما كان لأحد أن يجبرك على القيام به أصلا” ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية كان جراس يجسد ضمير الشعب الألماني، وفي روايته “ثلاثية دانزيج” يصف الحقبة النازية بأنها “من أكثر الحقبات ظلاما في التاريخ الألماني”، ويصف جيل ما بعد الحرب في ألمانيا بأنه “جيل مضطرب مصدوم، فقد الإحساس بالاتجاه، وخرج من الحرب منهارا لا مستسلما دون قيد أو شرط، وكانت الظلمة تطبق على بلاده بأسرها”، ولكنه في رواية “طبل الصفيح” يرفض الصورة التي روجتها أجهزة الإعلام الغربية عن شباب المانيا بعد الحرب ويقول: “كان يتم التصرف كما لو أن الشعب الألماني بأسره فتن بشرذمة من البهلوانات والظلاميين، وذلك غير صحيح، فقد حدث كل شيء بحماس وبروح نهضوية”.
ومعظم الصحف الألمانية لامت جراس لأنه انتظر طويلا لإعلان هذا الجانب الخفي من حياته، وتساءلت صحيفة سوديتش زايتونج: “لماذا انتظر كل هذه المدة، ولماذا لم يعلن ذلك من قبل؟ وما كان ينبغي له أن يصمت، وكشفه هذا الجانب من حياته في الماضي ما كان ليفقده مصداقيته، بل ربما عززها، أما الآن فإنه فقد هذه المصداقية”. ووصفته صحيفة كولنز ستات شنزايجر بالجبن، وقالت: “لو أنه كشف هذه الحقيقة في الماضي فربما وجد بعض التفهم من جانب الجماهير، أما الآن، فإن تصرفه لا يمكن أن يوصف إلا بالجبن”.
وطالبت بعض الصحف الألمانية بسحب جائزة نوبل منه، وقالت: “لم يعد من حق هذا الرجل إعطاؤنا مواعظ أخلاقية”. أما صحيفة الفايناينشال تايمز دوتشلاند فقد قالت: لا أحد يتهم جراس، ولا أحد يشكك بقدراته الأدبية، ولكن السلطة السياسية والأخلاقية التي كان يتمتع بها فقدت مصداقيتها، خصوصا وإنه انتقد المستشار الألماني هيلموت كول والرئيس الأمريكي رونالد ريجان لأنهما زارا مقبرة لضحايا الحرب العالمية الثانية من الألمان دفن فيها بعض عناصر فرقة “الأس أس”، وكان الأولى به انتهاز الفرصة في ذلك الحين للاعتذار عن ماضيه”.
أبو خلدون
فنجان قهوة
أفكار مستعصية
في مقدمته لأحد كتبه، يقول أبو الفرج الأصفهاني: “إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتاباً”، إلا قال في غده: “لو غير هذا المكان لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل”.. ويعلل الأصفهاني ذلك بهيمنة الإحساس بالنقص على الذات البشرية، باعتبار أن الكمال لله وحده، أما صموئيل بيكيت، رائد اللامعقول في هذا العصر اللامعقول، فإنه يعلل ذلك بقوله: إن اللغة فقدت جزءا كبيرا من وظيفتها كوسيلة للتواصل.
وإلى جانب هيمنة الإحساس بالنقص على الذات البشرية، هناك معركة الكاتب اليومية في التعبير عن نفسه، وفي هذه المعركة، يخرج الكاتب خاسرا معظم الأحيان، وفي كل مرة ينتهي فيها من كتابة مقال، يلحظ وجود فارق هائل بين الصورة التي كانت في ذهنه قبل الكتابة، والصورة التي ترتسم في ذهنه عندما يقرأ ما كتب.. كقارئ.. فيحس أن أفكاره تعرضت لعملية تشويه مؤسية، وأن القارئ حصل منه على نصف مقال، أو ربع مقال، وربما أقل من ذلك.
وفوق ذلك كله، هنالك رغبة الكاتب القوية للاعتصام بالصمت، بسبب إحساسه بلا جدوى ما يكتبه، وأن “العرب لا يقرأون”.، إضافة إلى عدم فاعلية الكلمة، في عصر خرجت فيه شريعة الغاب من الغاب، وتحولت إلى أساس للتعامل حتى بين الدول الكبرى.
وطاغور، شاعر الهند الأكبر الذي كان ينصح الفقراء ببيع رغيف خبزهم وشراء وردة بثمنه، يقول: إن كل شيء يتحقق يفقد قيمته، حتى الحب يفقد قيمته عندما يتحقق، وفي إحدى قصائده يقول: إن أجمل الأيام هي تلك التي لم أعشها بعد، وأجمل القصائد هي تلك التي لم أكتبها بعد. وإذا كان برنارد شو يقول: إن الكلمة الانجليزية يتغير معناها عندما تعبر قناة السويس فإن الكاتب والشاعر محمد الأسعد يقول: إن الكلمة يتغير معناها بمجرد عبورها الشفتين، وأن القصائد والمقالات التي كتبها ليست بأكثر من عملية تشويه خطيرة مارسها ضد نفسه، وأنه من خلالها عرض نفسه للقراء جسدا من دون رأس، أو من دون ذراعين، لأنه لم يتمكن من التعبير عما في داخله بصورة صحيحة.
واذكر أني سألت أحد الكتاب الكبار عن الأسباب التي دفعته إلى إصدار أحد كتبه فقال لي: “كانت ملفاتي مزدحمة بقصاصات الأوراق، أنقلها من مكان إلى مكان، وأجد صعوبة في جمعها، وحفظها، فرأيت أن في جمعها في كتاب يسهل علي أمر حفظها”، بمعنى: إن الكتاب كان مجرد ملف شخصي له. وهذا ما يفعله روجيه جارودي، فكل الكتب التي أصدرها في الآونة الأخيرة هي مجموعة قصاصات من مصادر مختلفة حول موضوع معين.
وتقول غادة سلمان: إن أفضل كتبها هو الكتاب الذي ستنشره ذات يوم ويضم مجموعة من المقالات التي لم تجد طريقها إلى النشر، لسبب أو لآخر، ومن بين هذه الأسباب إن المقالات لم تنشر لأنها لم تكتب أساسا، فهي لا تزال مجرد أفكار في ذهن هذه الكاتبة الملهمة. وعندما سألوا الشاعر إقبال عن جديده في الفكر والشعر والفلسفة قال: “في رأسي فكرة لو قدر لها أن تتحول إلى كلمات لكانت أجمل ما كتبت”.. ومات إقبال من دون أن يحول هذه الفكرة إلى كلمات، رغم أنه خلف وراءه عشرات الكتب والقصائد والأفكار الفلسفية.
أبو خلدون
فنجان قهوة
غرائب الرقم 7
في معظم ميثيولوجيات العالم، يعتبر الرقم “7” هو رقم الحظ، ومن الأفلام السينمائية الناجحة فيلم “السبعة الرائعون”، الذي انتج عام ،1960 بطولة يول براينر وتشارلز برونسون، وقد حقق الفيلم نجاحاً غير عادي، رغم أنه عادي في كل شيء، ويعتقد منتجو الفيلم أن وجود الرقم 7 في اسمه هو السبب.
ويلعب الرقم 7 دوراً مهماً في حياة البعض، ومثال على ذلك سيدة من مدينة نيويورك ماتت عام 1985 وخلفت ثروة كبيرة أوصت بها للجمعيات الخيرية، وهذه المرأة من مواليد اليوم السابع من الشهر السابع يوليو/ تموز عام ،1907 بمعنى أن الرقم 7 يتكرر في يوم ميلادها، وفي الشهر الذي ولدت فيه، وفي السنة أيضاً، ولم تقف عجائب الرقم 7 عند هذا الحد، إذ ان هذه المرأة تزوجت من رجل التحق بالبحرية الأمريكية في بداية نشوب الحرب العالمية الثانية، وكانت سفينته ترابط في المحيط الباسيفيكي ورقمها 777 يتكرر فيها الرقم 7 ثلاث مرات، وطوال سنوات الحرب لم يتعرض هو أو السفينة التي يعمل بها لأذى رغم غارات الكاميكاز اليابانية التي لم توفر شيئا، ورغم الأعاصير الخطرة في المحيط. وبعد انتهاء الحرب عمل في التجارة وجمع ثروة طائلة تركها لزوجته، وماتت زوجته وهي في السابعة والسبعين من العمر أي في عمر يتكرر رقم 7 فيه مرتين.
وعجائب الدنيا سبع، والمعادن سبع، والحجارة سبع، والكواكب سبع، وقد قال ابن أبي حصينة في ممدوحة مشيرا إلى ذلك: “هي سبعة زهر خصصت بها / وكذا الطوالع سبعة زهر” ووصف ابن معتقد حبيبته بقوله: “ذات حسن لو تحسن النطق يوما / سبعة اشهب أقسمت بسناها” وبعض الناس سبعاويون، أي ولدوا أثناء الشهر السابع من الحمل، ومعدل ذكاء هؤلاء أعلى من معدل ذكاء الناس العاديين مع العلم أن المفروض أن يكون العكس هو الصحيح، وتقول الأساطير إن حياة الإنسان تمر بسبع مراحل، وهنالك دروة فلكية تعرف باسم “دورة السنوات السبع” ولكن الخبراء بالأرقام يقولون إن رقم 7 له جانب مظلم أيضا، ومثال على ذلك فإن عملية نسف قطارات الأنفاق في لندن حدثت في اليوم “السابع” من الشهر “السابع” عام 2005 (مجموع أرقام العام 7 أيضا) وأول انفجار حدث في السابعة، والثاني في 51:8 صباحا (مجموع الساعة والدقائق ،14 أي 7 x 2) وبين الانفجار الأول والأخير 56 دقيقة (7 x 8) وحافلة المترو المستهدفة تحمل الرقم 17758 وفيه يتكرر رقم 7 مرتين، ومجموعه ،28 أي 7 x 4.
ولم يكن الشهر السابع سعيداً بالنسبة لماري سورات، ففي عام 1865 دخلت هذه المرأة التاريخ باعتبارها أول امرأة ينفذ فيها حكم الإعدام شنقا في الولايات المتحدة لدورها في اغتيال ابراهام لينكولن، رغم أن كل الشواهد كانت تشير إلى أنها بريئة من التهمة.
والحرب العالمية الثانية التي ذهب ضحيتها الملايين بدأت بالفعل في 7 يوليو/ تموز عام 1937 بغزو ياباني للصين، وتقول الأساطير ان الابن السابع غالبا ما يكون ناجحاً في أي عمل يقوم به، كما أنه يمتلك حاسة سادسة قوية، وقد كان نوستردا موس أشهر عراف في التاريخ، الابن السابع للابن السابع، ويعتقد سكان الدول الاسكندنافية أن كسر المرآة نذير بسبع سنوات من سوء الحظ، ولكن هذا الاعتقاد لم يرد في أساطيرهم القديمة، ويبدو أنه مستحدث وهدفه تعويد أنفسهم وتعويد أولادهم على الحرص على المرآة، لكي لا يضطروا إلى شراء غيرها إذا انكسرت.
ورقم 7 ورد على ألسنة الشعراء أكثر من أي رقم آخر، فمحمد سعيد الحموي ضرب وراء الصبر سبعة أسداد بعد وفاة ممدوحه، ويخبرنا مصطفى وهبي التل: “بالأمس عن روح الفقيد لقد / أكلوا شواء وأرغفا سبعة” ومن جميل ما قيل في المدح ما قاله محمد الهمداني: “فلو قام داع خلف سبعة أبحر / دعا دعوة يا فضل.. يا فضل لباه”.
أبو خلدون
فنجان قهوة
لغة الأطباء
يشتهر الأطباء برداءة الخط، إلى درجة أن رداة خط الطبيب أصبحت مضربا للمثل. وكنت أعتقد أن السبب في ذلك هو أن الطبيب يكتب الوصفة على عجل، أو ربما هي محاولة للتميز، ولكنني اكتشفت أن السبب ليس هذا ولا ذاك، وقد كشف لي أحد الصيادلة سببا آخر فقال: إن أسماء الأدوية تتشابه في بعض الأحيان، وتختلف كتابتها في حرف أو اكثر، ومثال على ذلك: سوبرام، وهو عقار يستخدم لمعالجة أحد الأمراض النفسية، وسوبراك، وهو مضاد حيوي، وعقار الكلينداسين والكلينداميل، وفي كثير من الأحيان، لا يعرف الطبيب التهجئة الصحيحة لاسم الدواء، فيكتبه بطريقة تصعب قراءتها ويترك الباقي للصيدلي. بمعنى: إن رداءة خط الطبيب عملية مقصودة هدفها التهرب من كتابة التهجئة الصحيحة لاسم الدواء التي غالبا لا يعرفها الطبيب. ويتساوى في ذلك أطباء الولايات المتحدة، وأوروبا وأطباء العالم الثالث.
ولكن الأكثر خطورة من رداءة خط الأطباء هو ضعفهم في اللغة، وضعف أساليبهم في التعبير إلى درجة أن بعض التقارير الطبية التي يكتبونها عن المرضى الذين يترددون على عياداتهم تأتي في بعض الأحيان مثيرة للضحك. وخلال السنوات الماضية، قام الأديب البريطاني ريتشارد ليدار بجمع أمثلة عن الأخطاء التعبيرية التي يقع فيها الأطباء ونشرها في كتاب بعنوان “اللغة الإنجليزية الأكثر إثارة للغضب”. ويقول المؤلف في بداية كتابه انه جمع مادة الكتاب من الاطلاع المباشر على التقارير التي يكتبها الاطباء، بمساعدة الممرضات، ويستطيع القول إنه ليس هنالك أي طبيب لم يقع في خطأ تعبيري في حياته المهنية. ومن الأمثلة التي أوردها ليدار في كتابه:
* “تعاني المريضة من آلام شديدة إذا نامت على جانبها الأيمن لمدة سنة”، والمقصود بالطبع إنها تعاني من هذه الآلام منذ سنة.
* “وقع المريض، ويبدو أن ساقيه سارتا في اتجاهين منفصلين في ديسمبر”. وهو تصوير طريف لما يحدث عندما يتزحلق الإنسان ويقع على الأرض.
* “المريض ليس له تاريخ في الانتحار”. والمقصود محاولات الانتحار، لأن الانتحار يحدث مرة واحدة.
* “يعاني المريض من كآبة شديدة منذ بدأ بالتردد على عيادتي عام 1983”. بما يفيد أن سبب الكآبة هو التردد على العيادة.
* “كشفت الفحوصات أن المريضة حامل، بواسطة خبير السونار”. والمقصود أن الفحوصات التي أجراها خبير السونار كشفت أن المريضة حامل. * “المريضة سيدة في الحادية والسبعين وقد أصيبت بكسر في إصبع يدها عندما أكلت قطعة من الكيك”. والمقصود أن الكسر حدث أثناء تناول الكيك وليس لأنها أكلت الكيك.
* “يعاني المريض من ألم شديد في بطنه يسير بسرعة إلى قدميه”. وهذه صيغة غريبة لوصف ألم يمتد من البطن إلى القدمين.
وإلى جانب ذلك، هنالك مئات العبارات التي تثير الضحك، ولا نقول الغضب، من المستوى اللغوي لدى الأطباء.
وهنالك نكتة عن العبارة الشائعة لدى أطباء الولادة، عندما يولد الطفل ميتا، حيث يقولون: “لقد ضحينا بالطفل من أجل إنقاذ حياة الأم”، وتقول النكتة: “خرج الطبيب من غرفة العمليات ويداه ملوثتان بالدم، وقال لأهل المريضة الذين ينتظرون في الخارج: لقد اضطررنا للتضحية بحياة الطفل، والأم، من أجل إنقاذ حياة الزوج”.
أبو خلدون
ماشاء الله درر من الذهب كتبتها يداك
بيض الله وجهك و أثابك
شكرا على المعلومات المفيده
الله يبارك فيك أخي الكريم، لكن المقالات ليست لي، بل لصاحبها.اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة LO BO
=====
أهلا وسهلا.اقتباس:
شكرا على المعلومات المفيده
فنجان قهوة
انهيار القيم العائلية
الفراغ الروحي الذي تعيشه المجتمعات الغربية، لم يؤد إلى ضياع الشباب فقط، وإنما كبار السن أيضا. وفي دراسة أجراها البروفيسور مايرز مالفالد، أستاذ العلاج النفسي في كلية العلوم الصحية في جامعة نيويورك وشملت ما يزيد على 1100 شخص ممن تعدوا الستين من العمر، تبين أن 29،9% منهم غير مخلصين في علاقاتهم العائلية، لأن كل واحد منهم يرتبط بعلاقة آثمة. والطريف أن الدراسة شملت الناس العاديين الذين يفترض أنهم أكثر تمسكا بالقيم العائلية من الأثرياء، ولو أنها شملت أصحاب المال الذين تملأ فضائحهم الصحف لقفزت النسبة إلى ما يقرب من 100%. وقد علق البروفيسور مايرز على الدراسة قائلا: “جاءت النتائج مذهلة بالنسبة لي، فالذين شاركوا فيها متقدمون في العمر وليسوا مراهقين، ويفترض أن يكون لديهم الحد الأدنى من الاتزان والأخلاق، ولكنهم يتصرفون كالمراهقين تماما، وقد اعترف 29،5% منهم أنهم يمارسون الخيانة الزوجية، وهؤلاء اعترفوا بملء إراداتهم، وبعضهم رفض الاعتراف واعتبر القضية شخصية لا يجوز الحديث عنها، ولو اعترف الجميع لارتفعت النسبة إلى ما يزيد على 50%.
وأطول علاقة في الحالات التي درسها البروفيسور مايرز مستمرة منذ 35 سنة، وطرفاها رجل في الواحدة والثمانين من العمر، وامرأة في التاسعة والسبعين، وأقصر علاقة عمرها ثلاث سنوات، وكل الذين يرتبطون بعلاقات متزوجون منذ عقود، ولديهم أحفاد، ولم يحاول أحدهم طلب الطلاق، بل إنهم يرفضون فكرة الطلاق جملة وتفصيلا، والطلاق ليس خيارا بالنسبة لهم.
ويقول البروفيسور مايرز: إن العشاق الكهول يلتقون من مرة واحدة إلى ثلاث مرات في الأسبوع، واللقاءات تتم في الفنادق، أو على الشاطئ، أو في جولة في السيارة، ولكنهم لا يلتقون في منازلهم.
والدراسة التي أعدها الدكتور مايرز ذكرتني بحادثة طائرة ركاب تعرضت في منتصف الثمانينات، لخلل بعد إقلاعها متوجهة إلى هاواي بفترة وجيزة، واضطرت للعودة، وقد أطلقت الصحف الأمريكية على تلك الطائرة اسم “طائرة العلاقات غير المشروعة”، وذكرت أن بين ركابها رجلاً في الخامسة والستين من العمر قال لزوجته إنه مضطر للسفر من نيويورك إلى لوس انجلوس في رحلة تتعلق بعمله، فإذا به يسافر مع صديقته التي يقل عمرها عن عمر ابنته إلى هاواي لتمضية عطلة نهاية الأسبوع فيها، وراكبا آخر كشفت التحقيقات عن أن صديقته سبقته إلى هاواي، فلحق بها، ولكن الخلل الذي حدث في الطائرة حال دون لقائهما، ورجل أعمال أبلغ زوجته أنه مضطر للسفر إلى أوروبا لأمور تتعلق بأعماله وشركاته، ولكنه اختصر الطريق وصحب سكرتيرته الجميلة في رحلة إلى هاواي لتمضية إجازة فيها، وكثيرة هي القصص التي أسرفت الصحف الأمريكية في الحديث عنها في ذلك الحين إلى درجة أن القارىء يكاد يصل إلى نتيجة أن الركاب الوحيدين الذين كشفوا عن وجهة سفرهم الحقيقية هم الركاب غير المتزوجين، أو الركاب من سكان جزيرة هاواي الذين أمضوا أياما في الولايات المتحدة وحجزوا تذاكر للعودة إلى جزيرتهم.
والإخلاص في العلاقات العائلية هو أساس العلاقة الزوجية واللبنة الرئيسية في بناء العائلة، وعندما ينهار، يسقط كل شيء، وتنهار العائلة.
وهذه القضية محور اهتمام المختصين في أمريكا، وقبل مدة صدر كتاب فريد لأستاذة علم النفس المعروفة ماري بيبر بعنوان: “أن يكون الواحد منا ملجأ للآخر، إعادة بناء لعائلاتنا”. ويقول الكتاب: إن المفاهيم الزائفة عن الحرية الشخصية، وضياع القيم، والخواء الروحي أيقظت في المجتمعات الغربية الوحوش الكامنة فيها، وسينتهي الأمر بهذه المجتمعات بالعودة إلى شريعة الغاب، حيث لا يأبه الإنسان إلا بنفسه، ولا يسأل إلا عن نفسه.
أبو خلدون
فنجان قهوة
جهل خطير جداً
قبل مدة، نشر أستاذ للتاريخ في إحدى المدارس الأمريكية مقالاً عرض فيه بعض أجوبة طلابه عن اسئلة الامتحان الذي أجراه لهم في الفصل الأخير من العام الدراسي، وقال الأستاذ إنه يحتفظ بأوراق الإجابات لديه برسم أي مسؤول أمريكي يرغب في الاطلاع على المستوى الذي وصلت إليه الدراسة في المدارس الأمريكية. وأجوبة الطلاب تثير الدهشة بالفعل وتكشف جهلهم حتى في المعلومات التي يفترض أن يعرفها شخص لم ينل من التعليم حظا، ومن هذه الأجوبة: “بناة الأهرامات هم المومياءات، وكانت المومياءات تعيش في منطقة صحراوية، والمنطقة الصحراوية صعبة، إلى درجة أن شعوبها تهجرها وتعيش في مكان آخر. وقد بنت المومياءات الأهرامات على شكل مكعب مثلث الشكل”. وذكر أحد الطلاب أن “الاهرامات سلسلة من الجبال بين فرنسا واسبانيا”. وفي جواب عن سؤال آخر: “كان سقراط أستاذا يونانيا، وكان يلف على الناس كل يوم ويقدم لهم النصائح، ولكنه مات بسبب جرعة أفيون زائدة.. وهو يدرس كتب الإلياذة، ولكن هنالك من يقول إن شخصا آخر غير هوميروس، ولكنه يحمل اسما مشابها لاسمه، هو الذي كتب الإلياذة”.
وطلاب أمريكا يعرفون ان كريستوفر كولمبوس هو الذي اكتشف قارتهم، ولكنهم يقولون إنه اكتشفها عندما كان يتنزه على شواطئ الأطلسي، ويضيفون: “ان البريطانيين استعمروا أمريكا بعد ذلك، وقتلوا الهنود الحمر”، وقد حدثت الثورة الأمريكية “لأن المستعمرين البريطانيين كانوا يرسلون الطرود البريدية دون أن يضعوا عليها طوابع”. ومن أجوبة الطلاب الغريبة: “ذهب فرانكلين روزفلت الى بوسطن وهو يحمل كل ملابسه في جيبه، ويضع رغيفين تحت إبطيه ثم اخترع الكهرباء عن طريق فرك شعر قطتين ببعضه بعضا.. وقال: إن الحصان المقسوم إلى نصفين لا يستطيع الوقوف.. ومات عام 1790 ولا يزال ميتا حتى الآن”. وفي أوروبا، “بدأ عصر التنوير عندما اخترع فولتير الكهرباء وكان فولتير يتقن صناعة الحلوى ويحب الناس الحلوى التي يصنعها، ولذلك كتب كتابا بعنوان “كاندي” (وكاندي تعني بالإنجليزية الحلوى). و”في عصر التنوير اخترع اسحق نيوتن الجاذبية، والجاذبية تنتشر على نطاق واسع في الخريف حيث يكثر تساقط التفاح عن الأشجار”. و”في عصر النهضة انتشرت الموسيقا، وقد كتب بتهوفن موسيقا رغم انه أطرش، وكان اطرش إلى حد كبير، والى درجة انه كتب موسيقا صاخبة جدا”.
وربما شعرت مجلة “ناشيونال جيوجرافيك” بأن مقال أستاذ التاريخ مبالغ به، فقررت إجراء دراسة لكي تتأكد بالفعل لا بالقول، من مستوى طلاب أمريكا، فوضعت مجموعة من الأسئلة حول مواقع بعض القارات والدول والمحيطات على الخريطة، وأي الدول تحوي أكبر عدد من السكان، وأي الديانات أكثر انتشارا، إلى جانب بعض أسئلة المعلومات العامة التي يفترض أن يعرفها أي طالب في مدرسة ابتدائية، لا ثانوية، وكشفت الدراسة التي نشرتها المجلة على موقعها في الانترنت أن 30% من الطلاب الذين شاركوا فيها لا يعرفون موقع المحيط الأطلسي على الخارطة، و50% لا يعرفون موقع الهند، و11% لا يعرفون موقع الولايات المتحدة، وطنهم، و80% يجهلون موقع “إسرائيل” التي تغدق حكومتهم عليها مساعدات تفوق التصور، و69% لم يتمكنوا من التعرف إلى موقع بريطانيا حليفتهم الوحيدة في العالم، و80% لم يتمكنوا من تسمية 4 دول تمتلك أسلحة نووية و75% لا يعرفون الدول التي يزيد عدد سكانها على مليار نسمة. وايطاليا على الخارطة أشبه بالساق ذات الحذاء برقبة، ومع ذلك فإن 50% من الطلاب المشاركين لم يتعرفوا إليها على الخارطة. وقد وصفت المجلة نتائج دراستها بأنها تثير الرعب بالفعل، فطلاب اليوم هم قادة الغد، وهم الذين سيحكمون العالم، وطبيعي أنهم لن يستطيعوا ذلك، ماداموا لا يعرفون موقع بلدهم على الخارطة.
لقد كان مارتن لوثر يقول: “ليس هنالك ما هو أكثر خطورة من الجهل”، والجهل هو آفة المجتمع الأمريكي في هذا العصر.
أبو خلدون
فنجان قهوة
روبنسون كروزو
العلاقات بين الاسكوتلنديين والانجليز، ليست سمنا على عسل، ويقول البعض: إن السبب في ذلك هو غيرة الإنجليز على لغتهم، فالاسكوتلنديون يأكلون نصف الحروف عند نطقها ويستبدلون الحرف الأخير من كل كلمة بهمزة، إضافة إلى أن البريطانيين ينظرون إلى الشعوب الأخرى في المملكة المتحدة (مثل الإيرلنديين والاسكوتلنديين) باستعلاء، ويصفون الإيرلنديين بالغباء، والاسكوتلنديين بالبخل، ويطلقون عليهم الكثير من التشنيعات، ومن ذلك تلك النكتة التي تقول: إن أحد الاسكوتلنديين شعر بالغضب لأن صحيفة التايمز البريطانية دأبت على وصف أبناء شعبه بالبخل، فكتب إلى الصحيفة رسالة يقول فيها: “إذا لم توقفوا هجومكم الظالم على الاسكوتلنديين فإنني سأقاطعكم، وسأتوقف عن استعارة جريدتكم من جاري لقراءتها”.
وفي الآونة الأخيرة، أضاف بحث نشرته إحدى دوريات جامعة أوكسفورد مصدرا جديدا للتوتر بين الاسكوتلنديين والبريطانيين، عندما ذكر أن روبنسون كروزو ليس “شخصا سكوتلنديا” ورد ذكره في قصة للكاتب الاسكوتلندي الكسندر سيلكيرك، كما كان يعتقد، وإنما طبيب جراح بريطاني اسمه هنري بتمان ارتكب جريمة وصدر حكم بنفيه إلى جزيرة صحراوية في البحر الكاريبي. وفي البحث، يقول تيم سيفيرين، وهو مختص في أدب الرحلات: إن المذكرات التي خلفها بتمان كانت هي المصدر الذي استلهم منه دانيال ديفو قصة روبنسون كروزو.
ويقول تيم سيفيرين: إنه توصل إلى هذا الاستنتاج بعد عثوره، بمحض الصدفة، على دلائل في المكتبة البريطانية، تشير إلى وجود علاقة شخصية بين الطبيب الجراح المنفي، هنري بتمان، وكاتب قصة روبنسون كروزو دانيال ديفو. وقد كشف سيفيرين هذه الدلائل في كتاب صدر عن دار مكميلان للنشر في بريطانيا بعنوان “البحث عن روبنسون كروزو”. وعلقت جريدة التايمز البريطانية على الكتاب والاكتشاف بالقول:”لا شك أن الخبر سيقع موقع الصاعقة على الاسكوتلنديين الذين لا يزالون يعتقدون بأن “اسكوتلنديا” يدعى الكسندر سيلكيرك اعتاد على لبس ملابس من جلد الماعز هو الذي أوحى بقصة روبنسون كروزو لكاتبها، وفي المتحف الملكي في أدنبره، لوحة بارزة تذكر بذلك”.
وقصة سيلكيرك تتحدث عن شخص عاش وحيدا في جزيرة تقع على مسافة 400 ميل إلى الغرب من فالباريسو في تشيلي، ما يزيد على أربع سنوات، يأكل السمك ولحم الماعز، وربما استعان دانيال ديفو بهذه القصة لتوفير بعض مادة قصته عن روبنسون كروزو، ولكن سيفيرين يرفض الفكرة القائلة: إن سيلكيرك هو الشخصية الحقيقية لروبنسون كروزو التي ألهبت خيال الناس طوال القرون الثلاثة الماضية. ويذكر في كتابه أن دانيال ديفو وهنري بتمان صديقان حميمان شاركا في ثورة دوق منموث الفاشلة ضد الملك جيمس الثاني عام 1685. وقد تمكن ديفو بما لديه من مال من الحصول على العفو، أما بتمان فقد صدر حكم بنفيه إلى بربادوس. وفي عام 1689 نشر بتمان كتابا من30 صفحة عن تجاربه في الجزيرة بعنوان “علاقة معاناة الجراح هنري بتمان ومغامراته العجيبة” وقد صدر الكتاب قبل ثلاثين سنة من نشر قصة روبنسون كروزو. ويقول سيفيرين: هنالك تشابه يصل إلى حد التطابق بين تجارب بتمان الواقعية، وتجارب روبنسون كروزو الخيالية.
ويقول المختصون بأدب الكاتب دانيال ديفو: إن الاكتشاف الذي توصل إليه سيفيرين مهم جد. ويبقى أن يقتنع السكوتلنديون الذين يصرون على أن رجلهم الكسندر سيلكيرك هو روبنسون كروزو الحقيقي، وبالطبع فإنهم لن يقتنعوا، وسيعتبرون العملية مؤامرة إنجليزية.
أبو خلدون
فنجان قهوة
أينشتاين كما لا يعرفه الناس
الشهرة التي حققها البرت اينشتاين قبل وفاته عام 1955 جعلته أشبه بنجوم السينما، يعرف الناس عن “صورته الرومانسية” في أذهانهم أكثر بكثير مما يعرفون عن صاحب الصورة، فعبد الحليم حافظ “عندليب أسمر”، ولكنه ليس عندليبا اسمر في حياته الخاصة، فقد ظل المرض يأكله قطعة قطعة، حتى قضى عليه تماما، وربما لو خيّر بين الصوت الجميل والصحة لاختار الصحة حتى لو عاش غفلا منسيا لا يعرفه أحد، وصباح ليست شحرورة، وإنما إنسانة معذبة ظلت طوال حياتها تصارع الحياة والناس والظروف، وها هي في شيخوختها تعيش وحيدة لا تملك من الماضي إلا الذكريات التي تتحول إلى كوابيس عندما تجري مقارنة أضواء الماضي بظلام الحاضر، وسعاد حسني انتحرت عندما شاهدت نفسها في أحد الأفلام، ثم وقفت أمام المرآة لتكتشف أن الأيام حولتها إلى كتلة ضخمة من الشحم لا تستهوي أحدا.
وعندما يتذكر الناس أينشتاين يذكرون أنه صاحب نظرية النسبية التي لا يفهمها إلا قلة في العالم، ولكن الكل يذكر أنه كان يستخدم دراجة هوائية في تنقلاته، وأنه كان يرتدي معطفا سميكا حتى في أيام الصيف الحارة، وأنه مد لسانه لأحد المصورين عندما حاول المصور التقاط صورة له، فأصبحت صورة اللسان الممدود أكثر شهرة من نظرية النسبية، كما يذكر الجميع أن سيدة جميلة سألته أن يفسر لها النسبية فقال لها: “عندما تكونين مع حبيبتك، كيف تشعرين بمرور الوقت؟” فقالت له: “الساعة تمر كدقيقة”، فقال لها: “وعندما تكونين وحيدة أو مع شخص مضجر لا يلقى هوى في نفسك؟” فقالت له: “الدقيقة تمر كساعة”، فقال لها: “هذه هي النسبية”، ولكن: هل هذه هي النسبية بالفعل، أم الصورة الرومانسية لها؟
في الولايات المتحدة، أقام متحف التاريخ الطبيعي معرضا لاينشتاين ضم بعض مخطوطاته وأوراقه وحاجياته ورسائله الشخصية، وفي المعرض مخطوط لنظرية النسبية كتبه عام 1916 ورسالة إلى صديقه أرنولد سومرفيلد يصف فيها الجهد الكبير الذي بذله، والإرهاق الذي أحس به، وهو يحاول التوصل إلى نظرية النسبية، ويقول: “كانت تلك فترة من أكثر الفترات إرهاقا في حياتي، فقد كنت أتعرض خلالها لضغوط كثيرة أكاد أفقد معها رشدي”، كما يضم المتحف الرسالة التي كتبها اينشتاين للرئيس الأمريكي تيودور روزفلت يبلغه فيها أن الألمان يسعون إلى إنتاج القنبلة النووية، ورد روزفلت عليها.
ولكن ابرز ما في المعرض مجموعة رسائل شخصية لأينشتاين تكشف أن الإخلاص في الحياة الزوجية كان “نسبيا” بالنسبة له، فقد كان هذا العالم الكبير يرتبط بعلاقات عاطفية مع ما يزيد على عشر نساء، إضافة إلى علاقات عابرة أخرى، وفي رسالة كتبها إلى زوجته الثانية إلسا وابنتها (من زواج سابق) مارجوت، يقول أينشتاين إنه يتعرض لملاحقة إحدى سيدات المجتمع، ويسأل زوجته وابنتها: “ماذا أفعل؟” وفي رسالة أخرى كتب إلى مارجوت يناشدها لفت نظر صديقته مارجريتا بضرورة تجنبه في الحفلات العامة لكي لا تلفت نظر الفضوليين”
ومن النساء اللواتي ارتبط أينشتاين بعلاقات معهن: ستيلا، وإيثيل، وبيتي، وسيدتان تحمل كل منهما اسم توني، وسيدة رمز إليها باسم “السيدة ل” يعتقد أنها الثرية الإلمانية مارجريت لينباخ، وسيدة رمز إليها باسم “السيدة م” هي حتما الثرية الألمانية إيثيل ميخانوفيسكي التي تبعته إلى لندن عندما هاجر من المانيا، ثم تركته وعادت إلى برلين عندما حاول اينشتاين التقرب من إحدى صديقاتها. وقد ظلت هذه الرسائل مجهولة إلى أن كشف عنها متحف التاريخ الطبيعي الأمريكي في المعرض الذي أقامه عن أينشتاين
لقد كان جورج برنارد شو يقول:كلما اقتربنا من الموهوبين، نكتشف أنهم مجرد أناس عاديين” وربما كان ذلك صحيحا بالنسبة للأمور التي لا تتعلق بموهبتهم.
أبو خلدون
فنجان قهوة
القمريون
“القمريون: خمسة أصدقاء غيروا العالم”، كتاب صدر عن خمسة من أبرز العلماء في القرن الثامن عشر في أوروبا، من تأليف الباحثة جيني أوغلو. والأصدقاء الخمسة ينتمون إلى مدرسة علمية تحمل اسم “الجمعية القمرية” وهم يحملون لقب “القمريون” لأنهم كانوا يلتقون ليلا، عندما يكون القمر بدرا مكتمل الضياء يملأ نوره الآفاق، لا ليبثوا لواعج أشواقهم ويسألوا الليل وبدره ونجومه أن يجلب لهم من الحبيب كلمة، وإنما لمناقشة أبحاثهم العلمية وتبادل الرأي حول مختلف الأمور العلمية والثقافية، من الفلك إلى علم النبات إلى علم الحيوان. والأصدقاء الخمسة هم: ماثيو بولتون، وهو صناعي بارز وخبير في المعادن والمناجم، وجيمس واط العالم الذي اخترع الآلة البخارية، وإيراسموس داروين، جد تشارلز داروين صاحب نظرية النشوء والارتقاء، وجوس ويدجوود الذي أدخل تطويرات كبيرة على الآلة بحيث جعلها عاملا أساسيا في الصناعة، وجوزيف بريستلي، مكتشف الأوكسجين. وكان الخمسة يلتقون في ضوء القمر لأن التنقل في الليالي المظلمة في أوروبا كان ينطوي على الكثير من المغامرة، حيث اللصوص وقطاع الطرق ينتشرون في كل مكان، يترصدون العابرين لسلبهم أموالهم وحاجياتهم، وكان هؤلاء يقتلون كل من يحاول مقاومتهم، ولعل هذا هو السبب الذي جعل تشارلز ديكنز يقول في إحدى قصصه “إن الحياة الاجتماعية في لندن محكومة بأوجه القمر، واللقاءات العائلية كانت تتم في الليالي التي يكون فيها القمر بدرا”.
ولقاءات أعضاء “الجمعية القمرية” كانت تبدأ بتناول العشاء، حيث تتجمع النساء في ساحة المنزل حول مواقد النار لشوي السمك واللحم والدجاج، وحولهن أطفالهن يمرحون ويلعبون، بينما الرجال ينظرون إليهم بسعادة، وبعد العشاء وتناول الفواكه تختفي النساء والأطفال، ويفرد العلماء الخمسة أدواتهم وآلاتهم وأوراقهم، فيشرح ويدجوود نتائج محاولاته لعزل الكوارتز ويقدم لأصدقائه نماذج من هذا المعدن، ويعرض جيمس واط رسوما لنموذج الآلة البخارية التي اخترعها، ويستمر النقاش حتى ساعة متأخرة من الليل، ثم يعود كل واحد إلى منزله مع زوجته وأولاده، ليقضي ما تبقى من ليالي الشهر مع أبحاثه، وفي التفكير بأبحاث أصدقائه والنتائج التي توصلوا إليها.
ويذكر جوزيف بريستلي في مذكراته أنه عرض في أحد لقاءات “الجمعية القمرية” على زملائه نتائج أحد أبحاثه، والذي اثبت فيه أن الماء ليس عنصرا، كما يظن العلماء، وإنما هو مزيج من الهيدروجين والأوكسجين، ولم يدرك زملاؤه أهمية هذا الاكتشاف، إلى أن سمع به أنكوان لافوازييه عام 1783 فأعد بحثا مهما عنه. وتعلق جيني أوغلو على ذلك بالقول: “إن تطور هذا الاكتشاف العلمي الخاص بالماء شبيه بتدفق الماء نفسه، إنه يتجمع، ويسيل في قنوات عدة، وإذا صادفه حاجز فإنه يجرفه في طريقه”، والمعرفة الإنسانية تتجمع، وبفعل التراكم تتحول إلى قوة، ثم تتدفق في قنوات عدة، وإذا اعترضت الانماط التقليدية سبيلها فإنها تجرفها في طريقها، كما يجرف السيل السدود”.
وكم يبدو طريفا أن نتابع الآن الطريقة التي كان يعمل بها أولئك العباقرة الذين صنعوا النهضة الإنسانية ونقلوا البشر من عصور الظلام إلى النور، إلى عصر بات فيه “الاكتشاف المذهل” بأن الماء يتكون من الأوكسجين والهيدروجين معروفا حتى لدى طلاب المدارس الابتدائية في مدارسنا، وإلى عصر يسألك ابنك فيه، عندما تحدثه عن الآلة البخارية التي مهدت للصناعة الحديثة: “ما هي الآلة البخارية” لأن الآلات التي تعمل بالبخار تجاوزها الزمن بكثير.
أبو خلدون
فنجان قهوة
أرنولد شوارزينجر
المنظمات الصهيونية لا تترك أي فرصة تمر لابتزاز السياسيين والكتاب والمشاهير في العالم إلا وتحاول استثمارها، هكذا فعلت مع كورت فالدهايم، الرئيس النمساوي السابق، وأمين عام الأمم المتحدة السابق، وهكذا فعلت أيضاً مع الكاتب الألماني جونثر جراس، عندما اتهمتهما بالتعاون مع النازية، وهي ترى في الممثل الأمريكي ارنولد شوارزينجر، حاكم كاليفورنيا شخصية سياسية واعدة ربما تصل إلى البيت الأبيض، خصوصا أن الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان دخل البيت الأبيض من بوابة هوليوود وحاكمية كاليفورنيا، ولذلك فإنها ضمته إلى قائمة الابتزاز.
وشوارزينجر ممثل من أصل نمساوي، نجح في السينما، وتحول إلى العمل السياسي وفاز بمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا، وهو ينتمي إلى الحزب الجمهوري الذي أوصل بوش إلى الحكم، ولكن سياسة كبار الشخصيات في هذا الحزب مثيرة للجدل ولا تقابل بالارتياح من جانب الجمهور، وليس من المستبعد أن يلجأ الحزب لشخصية كاريزمية مثل شوارزينجر في معركة انتخابات الرئاسة المقبلة عام ،2008 ولذلك بدأت المنظمات الصهيونية منذ الآن بالبحث عن ماضي عائلة شوارزينجر، والتجاوزات التي ارتكبها والده أثناء الحرب عندما كان عضوا في الحزب النازي.
وشوارزينجر يعلم بماضي والده الذي كان مديرا للشرطة في إحدى القرى النمساوية أثناء الحرب، وقد انتقد في عدة مناسبات والده بسبب عضويته في الحزب النازي، ولكن الوثائق الجديدة التي تعتزم المنظمات اليهودية كشفها للجمهور لا تقتصر على عضوية الحزب فقط، وإنما تكشف أن والده كان عضوا في قوات العاصفة، أكثر القوات كفاءة وشجاعة في جهاز الأمن النازي، وكان أعضاؤها يعرفون باسم “ذوي القمصان البنية”. وقال المسؤولون في مركز سايمون فيزنثال الصهيوني إنهم سيدرسون المعلومات التي حصلوا عليها، ويقدمون تقريرا عنها لشوارزينجر، ثم يكشفونها للجمهور إذا اقتضى الأمر.
ولم يعلق شوارزينجر على ذلك، ولكن مستشاره الصحافي قال: “ليس من العدل أن نحمّل الابن مسؤولية أخطاء ارتكبها والده، خصوصاً أن شوارزينجر كان في السنة الثانية من العمر عندما انتهت الحرب”. فرد عليه زعماء المنظمات اليهودية والصهيونية بالقول: “إن التوراة تقول إن الأبناء يتحملون أخطاء الآباء حتى الجيل السادس”.
وكشفت البحوث التي أجراها مركز فيزنثال، ومقره لوس أنجلوس، أن جوستاف والد شوارزينجر، انضم إلى الحزب النازي عام ،1938 وحارب مع القوات الألمانية على الجبهة الروسية، ولكن المركز لم يجد أي جرائم عسكرية ترتبط باسمه، ومع ذلك فإن ابنه ارنولد حاول أن يشعر اللوبي “الإسرائيلي” في الولايات المتحدة بأنه يختلف عن والده، فتبرع بما يزيد على 750 ألف دولار للمركز، وسخر معظم وقت فراغه لدعمه.
وفي السنة الماضية، بدأت كاتبة أمريكية تدعى “ويندي لي” بإعداد كتاب عن قصة حياة أرنولد شوارزينجر، وسافرت إلى النمسا لتتبع نشأته، واطلعت على الوثائق التي أفرجت عنها الحكومة النمساوية بمناسبة مرور 30 سنة على وفاة والده جوستاف، فاكتشفت أنه كان عضوا في “العاصفة” التي أنشأها الحراس الشخصيون لهتلر. وتقول ويندي لي إن أرنولد شعر بالرعب عندما علم بهذا السر، وعندما توفي والده في النمسا عام 1972 لم يسافر للمشاركة في تشييع جنازته، ومع ذلك فإن المنظمات الصهيونية أعادت فتح هذا الملف واتخذته وسيلة لابتزازه.
والمنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة لا تترك شيئا للظروف، ولذلك فإنها تعد ملفا كاملا عن كل سياسي يبرز إلى دائرة الضوء لاستخدامه في ابتزازه، ولكن.. هل إثارة قضية شوارزينجر في هذا الوقت بالذات سببها أن المنظمات الصهيونية تشعر بأنها ابتزت الجمهوريين خلال فترة حكم إدارة بوش إلى الحد الأقصى، ولم يعد هنالك من زيادة لمستزيد؟ هذا ما ستكشفه الأيام.
أبو خلدون
فنجان قهوة
الموناليزا وويليس سيمبسون
أشهر قصة حب في عصرنا الحديث الذي غابت فيه الرومانسية، وتوقف الشعراء عن كتابة قصائد الغزل، إلى درجة أن الناس باتوا يقرأون “عيون إلزا” ودواوين نزار قباني من باب التفكه على هذين الشاعرين اللذين أضاعا وقتهما في كتابة القصائد للعيون والشفاه، هي تلك القصة التي وصلت ذروتها عام 1937 عندما وقف الملك إدوارد الثامن، ملك بريطانيا، وراء المذياع، وأعلن لشعبه: “إنني لا أستطيع الاستمرار في الحكم دون أن تكون المرأة التي أحب إلى جانبي”، وتنازل أدوارد الثامن عن العرش، ليتزوج المطلقة الأمريكية ويليس سيمبسون.
ويومها، تحول إدوارد الثامن إلى نموذج فريد للعشاق، فكتب الناس له الأغاني، ونقشوا اسمه على المحارم التي يتبادلها العشاق، ولم يكونوا يدركون في ذلك الحين أن المرأة التي باع الملك التاج البريطاني من أجل عينيها هي “رجل” في جسد امرأة. تماما كما هي باميلا باركر بولز، زوجة الأمير تشارلز، رجل في جسد امرأة.
والمؤرخون الذين يبحثون عن مواطن الإثارة في التاريخ لم يتركوا شيئا إلا قلبوه، ونظروا تحته، وقبل مدة، صدر في لندن كتاب بعنوان “دوقة وندسور” عن حياة ويليس سيمبسون التي توفيت قبل عشر سنوات. ويشير الكتاب، استنادا إلى شهادات طبية موثوقة، إلى أن هذه المرأة كانت تعاني من مرض غريب يطلق عليه الأطباء اسم “عارض عدم الحساسية تجاه الأندروجين” والطفل المصاب بهذا العارض يولد ذكرا مكتمل الذكورة، ولكن جسمه لا يستجيب للهرمونات الذكورية التي يفرزها من الداخل، ولذلك فإن شكله الخارجي يكون كشكل النساء، ويذكر الكتاب ان ويليس عندما ولدت في 19 يونيو/حزيران 1896 تأخر والدها الثري في تسجيلها، ثم أطلق عليها اسمه، لأنه كان يشك بكونها أنثى.
وعندما يكبر الطفل المصاب بهذا العارض يكون جسمه جسم امرأة كاملة الأنوثة، ولكنك تستطيع ان تتلمس بعض الملامح الذكورية في وجهه، كما هو الحال بالنسبة للسيدة ويليس.
ولكن، كيف وقع الملك إدوارد الثامن في هذا المطب، وتزوج رجلا؟
الكتاب يؤكد أن جلالته كان طبيعيا، ولم تكن لديه أية ميول غير عادية، ولكنه لم يكتشف حقيقة السيدة سيمبسون إلا بعد الزواج، ولأنه كان يحبها إلى حد كبير، فإنه تكتم على هذا الأمر، وعاش الاثنان مع بعضهما البعض كأصدقاء، لا كزوجين، وينسب الكتاب إلى السيدة سيمبسون قولها لصديق لها اسمه هيرمان روجرز أنها لم تكن تمارس العلاقات الزوجية مع زوجيها السابقين على الإطلاق، وأنها ستفعل الشيء نفسه مع الملك إدوارد، ولكنها ستكرس ما تبقى من عمرها لكي تحقق له السعادة في حياته.
آخر معقل من معاقل الرومانسية انهار وتحول إلى أنقاض، وغداً عندما يقف أحفادنا أمام الموناليزا في متحف اللوفر فإنهم لن ينظروا إلى ابتسامتها الغامضة بانبهار، كما كنا نفعل، وكما فعل الناس طوال القرون الخمسة الماضية، وإنما سيتساءلون: لماذا تغلق هذه المرأة فمها، هل تعاني من ألم في اللثة، أم أن رائحة فمها غير مقبولة؟
وسوف تشغلهم هذه القضية أكثر بكثير من الابتسامة الغامضة على شفتي الجيوكوندا.
أبو خلدون
فنجان قهوة
هتلر الخفي
على الرغم من مرور ما يزيد على ستة عقود على موته منتحراً، لا يزال الزعيم النازي أدولف هتلر مالئا الدنيا وشاغلا الناس، وقبل مدة صدر في ألمانيا كتاب جديد عنه من تأليف المؤرخ البروفيسور لوثار ماشتان أستاذ التاريخ في جامعة بريمن، وصفه النقاد بأنه “أول بحث جدي في حياة هتلر بهدف توثيقها”.
والكتاب بعنوان “هتلر الخفي”، وهو لا يعيد الى الأذهان، كما يوحي عنوانه، تلك الروايات التي شاعت بعد الحرب العالمية الثانية عن أن الزعيم النازي لم ينتحر عندما دخل الحلفاء برلين في المراحل الاخيرة للحرب، وإنما بقي على قيد الحياة، وتمكن من الهرب الى الخارج، ربما الى إحدى دول أمريكا الجنوبية، حيث عاش متخفيا باسم مستعار، فالكتاب يسخر من هذه الشائعات، ولكنه، في المقابل، يتحدث عن الجوانب الخفية من حياة هذا الزعيم الألماني، ويؤكد بالوثائق، إن هتلر كان شاذاً، أي “مثليا”.
وقد يتساءل البعض: “اذا كان هتلر مثليا، فما معنى علاقته بإيفا براون وزواجه منها في مخبئه في برلين، قبل انتحاره بساعات؟ ويجيب المؤرخ لوثار عن هذا التساؤل بالقول: كان زواج هتلر من إيفا براون هو الكذبة الأخيرة البارعة، في حياته الحافلة بالأكاذيب، لكي يذهب السر معه الى المحرقة”.
والشبهات حول شذوذ هتلر كانت تساور المؤرخين منذ أن نشر صديقه يوجين دولمان كتابه “روما نازية” عام ،1949 وقال فيه ان علاقته بهتلر أتاحت له الاطلاع على الجوانب الاكثر حميمية في حياة الزعيم النازي.
ولكن الكتاب نشر بالايطالية، وهي لغة غير رائجة بين الألمان، اضافة الى أن الذين أرخوا لحياة هتلر ركزوا على أنه “لم تكن له حياة خاصة، فقد كرس كل حياته لمبادئه، وللحزب النازي الذي يتزعمه”، ولكن البروفيسور ماشتان يستشهد في كتابه بمذكرات كتبها “هانز ميند” الذي كان مجندا في نفس الكتيبة التي خدم فيها هتلر أثناء الحرب العالمية الأولى، وفي هذه المذكرات يقول هانز: “ان الضباط المسؤولين ضبطوا هتلر عدة مرات في أوضاع مشينة”.
والطريف في الكتاب انه لا يرجع سياسة “الحل النهائي للمشكلة اليهودية” الى كره هتلر لليهود بسبب المؤامرات التي دبروها ضد ألمانيا وإنما الى شذوذه، ويقول البروفيسور ماشتان: “كان العديد من عشاق هتلر المثليين من اللاساميين، خصوصا البوهيمي العجوز ديتريش ايكارت الذي ساهم الى حد كبير في صنع أفكار هتلر، وبالطبع إيرنست روم الذي أمر هتلر بقتله مع غيره من المثليين في مذبحة “ليلة السكاكين الطويلة”، ويضيف: ماشتان في كتابه: ان مثلية هتلر هي التي دفعته الى السعي للوصول الى السلطة، لأنه يستطيع التخلص من كل من يحاول استغلال شذوذه لابتزازه” ويلاحظ ان جوبلز أعلن، ان هؤلاء كانوا على وشك تعريض القيادة الألمانية بأسرها للشكوك والخجل ووصمها بالشذوذ في إشارة الى شذوذ هتلر.
والكتاب حافل بالشهادات التي تدعم الرأي الذي يطرحه مؤلفه، ولكن مسألة اخراج موقف هتلر من اليهود من إطاره التاريخي والالماني وتفسيره بتأثير بعض اصدقائه الحميمين عليه يكاد يخرج الكتاب بأسره من جدية البحث.
أبو خلدون
فنجان قهوة
الأغبياء والأكثر غباء
نتحدث عن الحمقى والمغفلين ولدينا من نوادرهم الكثير، ومن ذلك ما فعله عجيل بن لجيم الذي اشترى فرسا واحتار في الاسم الذي يختاره له، فلم يجد أمامه إلا أن يفقأ إحدى عينيه ويطلق عليه اسم “الأعور”. وذلك المغفل الذي أقام وليمة لأن قميصه سقط من فوق، وعندما سئل عن دلالة سقوط القميص من فوق مما يستوجب إقامة الوليمة وتلقي تهاني حضورها بسلامة النجاة قال: “أرأيتم لو أنني كنت بداخله، ماذا كان سيحدث لي”.
ومن الكتب الطريفة التي صدرت في الولايات المتحدة كتاب بعنوان “الأغبياء والأكثر غباء”، يحتوي على مجموعة من المواقف والتصرفات التي تتسم بالغباء، وقام بها ناس عاديون في الولايات المتحدة. وقد بدأ هذا الكتاب ينافس كتاب “البوشية” على المركز الأول في قائمة أكثر الكتب مبيعا في الولايات المتحدة. ومن القصص التي وردت فيه:
عندما استقل بيتر ونسديل الحافلة للذهاب إلى عمله، ولاحظ أنها تتوقف عند كل موقف لأخذ الركاب، فخشي أن يصل متأخرا إلى عمله، ولذلك شهر مسدسه، وصوبه إلى رأس السائق، وطلب من الركاب التزام الهدوء، وأعلن أنه سيطلق النار على كل من تصدر عنه أية حركة، ثم طلب من السائق الدخول في طريق فرعي لتجنب زحمة المرور، وبعد دقائق كان بيتر قد وصل إلى عمله، فطلب من السائق التوقف، ثم اعتذر للركاب، وقال إنه اضطر إلى خطف الباص ليصل إلى عمله في الموعد المحدد.
وقصة بيتر تظل أخف من قصة هنري بولوك الذي فضل تمضية 32 سنة في السجن على الموافقة على طلب المحكمة بمنح زوجته الطلاق. وكانت الزوجة، أورا إبراهام، قد رفعت دعوى تطالب فيها بالانفصال عن زوجها، بعد 12 سنة من الزواج، بحجة أنه يمارس العنف ضدها لأنها لا تنجب، فأقرت المحكمة الطلاق، وطلبت من الزوج إخلاء طرف الزوجة لكي يصبح الطلاق رسميا، ولكنه رفض. وبعد عشر سنوات من صدور الحكم كان الزوج لا يزال يصر على موقفه، فاضطر القاضي إلى إصدار حكم بحبسه، في محاولة للضغط عليه لتنفيذ الحكم.
وبعد 31 سنة من وجوده في الحبس زاره ثلاثة من رجال الدين، ووعدوه بإطلاق سراحه، وبمنحه شقة ممتازة، ومبلغاً من المال، إذا وافق على الطلاق، ولكنه صرفهم وقال: “إنني لا أستطيع النطق بهذه الكلمة”. وبعد سنة واحدة توفي في السجن، وكان عمره عند وفاته 81 عاما.
وفي واشنطن اضطرت إدارة الشرطة إلى إلغاء عملية مداهمة لوكر كبير لإنتاج وترويج المخدرات يشارك فيها ما يزيد على 200 شرطي، لأن إدارة الشرطة أصدرت بيانا بالعملية قبل تنفيذها بيوم.
وفي إحدى المدارس في مدينة سيريس بولاية كاليفورنيا، حاصر ثلاثة من العمال جرذا في أحد الصفوف، وأغلقوا الباب لمنعه من الهروب إلى الخارج، ثم حاول أحدهم رشه بغاز كيماوي يؤدي إلى تجميده، لكي يجري التقاطه بسهولة، وفشلت العملية لأن أحد العمال الثلاثة أشعل سيجاره، ووصل الشرر إلى الغاز، مما أدى إلى حدوث انفجار أسفر عن إصابة الرجال الثلاثة و16 تلميذا بجروح.
وأصحاب العقول، كما يقولون، في راحة.
أبو خلدون
ماشاء الله موضوع جمييييييييييييييل جدا
بارك الله فيك ..اخى المراقب
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aakapel
وفيك بار ك أخي الحبيب
فنجان قهوة
البطل والظروف
ميرابو، خطيب الثورة الفرنسية الذي كان يلهب الجماهير ويشعل أحاسيسها بخطبه البليغة عن الحرية والإخاء والمساواة، لم يكن يحسن الخطابة في المراحل الأولى من الثورة، فقد كان صوته رتيبا ومخارج حروفه غير سليمة، وكان يضطرب لدى مواجهة الجماهير. وعندما شعر بأن الثورة بحاجة إلى “محرّض” يحرك مشاعر الجماهير ويدفعها إلى الدفاع عن مبادئها وتحقيق هذه المبادىء، صار يخرج كل مساء إلى شاطئ البحر يتأمل الرمال والصخور والأمواج بينما السكون الرهيب يغلف كل شيء من حوله، ثم يتخيل الرمال والأمواج جماهير تحتشد أمامه، ويبدأ بإلقاء خطب نارية ملتهبة فيها، وعندما يصبح باستطاعته التمييز بين الخيط الأبيض والخيط الأسود من الفجر يعود إلى منزله ويخلد للنوم، وقد أرهقته الخطابة، وخلال فترة وجيزة كان أفضل خطيب عرفته الثورات في تاريخها.
والسير وينستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية، الذي وصفه المؤرخون بأنه “أفضل خطيب في التاريخ”، لأن خطبه أثناء الحرب أثارت حمية البريطانيين ودفعتهم على الصمود بينما غارات الطائرات الألمانية تصب حممها عليهم على مدار الساعة، لم يعرف عنه قبل الحرب انه كان خطيبا، أو يتمتع بمقدار من الذكاء، فقد كان سياسيا عاديا لا يلفت اهتمام كبار الزعماء البريطانيين، وكان يعاني من التأتأة والديليكسيا، وأثناء الدراسة كان بليدا إلى درجة أن أحد أساتذته نصحه بترك الدراسة واختيار مهنة تساعده على العيش في المستقبل، ولكن تشرشل تغير كثيرا أثناء الحرب وأصبح من أبرز السياسيين البريطانيين، ومن كبار القادة في التاريخ الذين يستطيعون حشد شعوبهم وراء هدف. وكلام مشابه يمكن أن يقال عن الزعيم النازي أدولف هتلر.
وكثيرون هم الزعماء الذين وجدوا أنفسهم في ظروف صنعت زعامتهم، وكأنما الظروف هي التي تصنع البطل. ولكن بعض الأبطال تمكنوا من جمع شعوبهم حول قضية وحولوا هذه القضية إلى قضية شعبهم الأولى، فساهموا بذلك ب”صنع الظروف”. ولا شك في أن صمود المقاومة في جنوب لبنان والبطولة التي أبداها المقاتلون في وجه العدوان “الإسرائيلي” يعودان بالدرجة الأولى إلى نبوغ حسن نصر الله في تعبئة مقاتليه وطنيا.
وإينشتاين الذي وصف بعض العلماء ذهنه بأنه في حجم الكون كان شبه معاق، ولم يبدأ النطق إلا في السنة الرابعة من عمره، وظل حتى سنوات متأخرة من حياته عاجزاً عن التعبير عن رأيه بوضوح، كما كان يعاني من أحلام اليقظة، وكل من عرفه في طفولته، بمن في ذلك والداه، كان يقول إنه لن يحقق أي نجاح في حياته، وفي المدرسة كان بليدا إلى درجة أن أحد أساتذته قال له: “ستظل فاشلا طوال حياتك، ولن تتمكن من تحقيق أي شيء في المستقبل”، وكل الظواهر كانت تشير إلى أن حكم أستاذه صحيح، فقد فشل إينشتاين في شبابه حتى في تعلم قيادة السيارة، وبعد أسابيع طويلة من التدريب اكتشف ان كل ما يعرفه عن القيادة هو تشغيل محرك السيارة، وفتح الباب لدخولها والخروج منها، وظل طوال حياته يستخدم سيارات الأجرة.
ولا بد أن هنالك شخصا ما أقنع إينشتاين، في مرحلة ما من حياته، بإن السبيل الوحيد أمامه لتوفير لقمة عيشه هو: أن يهتم بالدراسة، واقتنع إينشتاين بذلك، وكانت تلك هي نقطة التحول الكبيرة في حياته، التي أوصلته في النهاية إلى أقصى مراحل النجاح.
ولعلها الظروف هي التي هيأت لإينشتاين اللقاء بهذا الرجل الذي لا يعرفه أحد، رغم أنه صنع عبقرية إينشتاين.
أبو خلدون
فنجان قهوة
السقوط التراجيدي
في أواخر عام 1992 أصدر الجنرال الأمريكي المتقاعد هاميلتون هاوز كتابا على درجة عالية من الأهمية عنوانه: “السقوط التراجيدي.. أمريكا عام 2020”.
وفي مقدمة الكتاب، يقول المؤلف الذي تقلب في مناصب عسكرية عدة بارزة في بلاده والخارج “إن رأيي الذي أعرضه في هذا الكتاب مبني على ما حدث للشعب الأمريكي من تغير في الأعراف وأنماط السلوك منذ عام ،1945 عندما خرجت أمريكا منتصرة من الحرب العالمية الثانية وأسهمت في تخليص العالم من النازية والفاشية، وأنقذت أوروبا من الدمار بمشروع مارشال، وفي ذلك الحين، كانت الولايات المتحدة من أكثر دول العالم أمانا واستقرارا، وأكثرها تطورا في السياسة والتكنولوجيا، أما الآن، فقد تراجعت أمريكا بشكل مأساوي، ولم تعد كما كانت في الماضي”.
وحتى الآن، ما زال يفصلنا عن عام 2020 الذي حدده الجنرال هاميلتون بداية للسقوط الأمريكي الكبير 14 سنة، وهي فترة تمر في غمضة عين في حياة الشعوب، وقد يبدو من المثير ان يتحول رجل عسكري أمضى حياته كلها في الثكنات الى عالم اجتماع، ولكن هاميلتون لا يتحدث عن المثالب الاجتماعية من حيث تأثيرها في المجتمع فقط، وإنما من حيث تأثيرها في الجيش، وهو يقول: إن هذه المثالب قضت، أو كادت، على التقاليد العسكرية الأمريكية، وحولت الجيش الأمريكي الى جيش استعراضات، رغم السمعة التي تحيط به، ويقول: “من الظواهر التي لم نعهدها في السابق وباتت مألوفة في عالم اليوم، وستؤثر في مستقبلنا في الغد، ظاهرة تحول النساء إلى رجال، والرجال إلى نساء، والتساهل إزاء الشواذ في الجيش، وكثرة تحرش المجندين بالمجندات، مما يتنافى مع القيم العسكرية، واحتماء البعض وراء الحرية الشخصية للخروج على التقاليد السوية”. ويرى الجنرال هاميلتون أن الإفراط في تقدير وممارسة الحرية الشخصية في أمريكا تعدى كل الحدود.
ومن الظواهر التي لم تكن مألوفة في المجتمع الأمريكي وأصبحت منتشرة، بدعوى الحرية الشخصية، كما يقول هاميلتون، ظاهرة انتشار المجلات والأفلام والسلوك الإباحي، وقد وصلت هذه الظاهرة حتى إلى أوساط الجيش، ويذكر هاميلتون في كتابه أنه كان يصاب بالصدمة عندما يضبط مجلات أو أفلاماً من هذا النوع مع مجنديه، ليجد من يقول له: “إن الأيام تغيرت، وينبغي عليك ان تغض الطرف”. ويذكر الجنرال في كتابه ان هذه الظاهرة أدت إلى انتشار التجاوزات الأخلاقية والشذوذ بين الجنود، وفي المجتمع ككل أدت إلى انتشار جرائم القتل والاغتصاب والأطفال غير الشرعيين.
وعندما يتحدث هاميلتون عن الظواهر الغريبة في المجتمع الأمريكي، فإنه يتوقع ان تحل محل العلاقات الطبيعية بين الناس، قبل حلول عام ،2020 ويتوقع عندها السقوط الأمريكي الكبير. كما أن هذا الجنرال يعيد إلى الأذهان ما قاله توينبي من أن الحضارات التي عرفها الإنسان عبر تاريخه سقطت من الداخل، ولم تسقط من الخارج.
14 سنة أمريكا، يستطيع أن يبتلعها الناس، ولكن، عندما تكون الإمبراطورية بحجم أمريكا.. يكون سقوطها مريعاً بالفعل.
أبو خلدون
فنجان قهوة
البحث عن الذات
كان يتحدث، وكنت استمع إليه باهتمام بالغ، فهو شاب في مقتبل العمر بدأت رحلته الطويلة في البحث عن الذات، قال:
قررت، قبل مدة أن أصبح شاعرا (!!)، كنت أظن أنه يكفي أن أتخذ قراراً ليتيسر لي تنفيذه. لم أكن أرغب في أن أصبح شاعراً تقليدياً مثل المتنبي وأبي العلاء المعري وأحمد شوقي، فهؤلاء كانوا يكتبون لجيل غير جيلنا، ويؤمنون بمفاهيم وقيم تختلف عن المفاهيم المعاصرة التي يؤمن شباب هذه الأيام بها، فضلا عن أنني لا أسمع أسماءهم تتردد إلا على ألسنة تلاميذ المدارس عندما يبدون تبرمهم من صعوبة حفظ النصوص، ولذلك قررت أن أكون شاعراً حداثياً. تعرف ولا شك أولئك الذين يصفون أنفسهم بالحداثيين، هؤلاء هم الذين قررت أن أكون منهم. وبدأت أكتب وأكتب، محاولا الجري على نسقهم، وأحاول أن تكون صوري وتعابيري غريبة وشديدة الغموض، لكي لا يفهمها الناس، وعندما أغالب الغموض فيغلبني، كنت ألجأ إلى كتابات الحديثين، فأستعير تعبيرا من هنا وآخر من هناك، وأصنع منهما قصيدة، ثم أذهب إلى حيث يلتقي أفراد قبيلة الشعراء لألقي عليهم ما كتبت فلا أحد يستمع، كما لا يستمع أحد عندما يقرأون هم أيضا، وبعد أشهر من مصارعة الشعر، بدا لي أن الشعراء لا مستقبل لهم، فأنا لا أعرف شاعرا أصبح مليونيرا من وراء شعره، فضلا عن أنني كنت أتصور أنني خلال أشهر قليلة من بدء كتابتي للشعر سأمسح عزرا باوند وأليوت وإدونيس ومحمود درويش من الوجود، ولكن المسافة بيني وبينهم ظلت أبعد من المسافة بين الأرض والنجوم في الفضاء.
وقررت هجر الشعر، واتجهت إلى الغناء، لعله من الأفضل أن أكون مطرباً، أو موسيقياً، فالغناء ليس صعباً شغله، فنجوم استوديوهات الفن ليسوا بأفضل مني، فضلاً عن أن صوتي أجمل من أصواتهم بشهادة الجميع، ومرة أخرى لم أكن أرغب في أن أصبح مطربا مثل عبدالوهاب، أو فريد الأطرش الذي كان يملأ الدنياء بكاء ونحيبا في أغانية، بل حتى ليس مثل عبدالحليم حافظ الذي كانوا يسمونه العندليب الأسمر، أريد أن أكون مطربا شبابيا يقدم اسهامات للأغنية الشبابية، فهذا النوع من الأغاني هو الذي يحبه الشباب هذه الأيام، ولذلك جمعت كل ما في مكتبتي من دواوين شعرية، وألقيتها طعما للنيران، وأشتريت “أورغ” كهربائياً، ومجموعة بوسترات لكبار المطربين والمطربات، مثل نانسي عجرم وروبي وأليسا وهيفاء وهبي، وملأت جدران غرفتي بالصور، واتفقت مع مجموعة من أصدقائي على تكوين فرقة غنائية شبابية على غرار الباك ستريت بويز والفور كاتس، وبدأنا نتدرب على العزف والغناء. وأسعدني أن أصدقائي أوكلوا لي مهمة رئاسة الفرقة التي أطلقنا عليها اسما غربيا جذابا طبعناه على كل تي شيرت نرتديه، وبدا لي أنني أصبحت على بعد خطوات من تحقيق حلمي، فأنا الآن رئيس فرقة موسيقية غنائية، وغدا ستشتهر الفرقة وتصبح معروفة، ونشتهر معها جميعا، وما العيب في الفرقة الموسيقية الغنائية، إن الدكتور أبو عوف هجر الطب من أجل تأليف فرقة غنائية، وفرقة الفور كاتس تحصل في ليلة واحدة على مبلغ يزيد على المبلغ الذي يحصل عليه كل الشعراء العرب في سنة كاملة، ولكننا جميعا سرعان ما شعرنا بالملل، وهجرنا الفرقة.
وحدثني الشاب عن اتجاهه للرسم، وهجره بعد ذلك بفترة، وعودته الى الكتابة، ولكن لكتابة القصة، وهجرها أيضا، وسألني النصيحة، قائلا: “ماذا أفعل؟” فقلت له: “ينبغي أن تعرف استعداداتك الفطرية أولاً، ثم أن تعرف ما تريده ثانيا، ثم تحسن اختيار القدوة الملهمة التي تعينك على الاستمرار في طريقك ثالثا، وتحمل الصعاب التي قد تواجهك في مسيرتك، وأنت ياصديقي لم تعرف حتى الآن ما تريده، ولم تتعرف إلى استعداداتك الفطرية ولا تحسن اختيار القدوة، ويهيأ لي أنك مستعجل تريد أن تصل إلى النجاح خلال أسابيع”.
أبو خلدون
فنجان قهوة
الطلاق في الغرب
الذين يأخذون علينا سهولة الطلاق في تشريعاتنا (وهو ليس سهلا بالمناسبة) نقول لهم إن الطلاق في الدول الغربية يمكن أن يتم لأسباب تافهة جدا، ففي الولايات المتحدة مثلا يمكن أن يحصل الزوج على الطلاق إذا كان شريكه يدمن الكمبيوتر، أو متابعة برامج التلفزيون أو مباريات كرة القدم على الشاشة الصغيرة، أو كان يحب اللعب بمكعب روبيك، والطلاق في أمريكا يتيح للمرأة الحصول على نصف ثروة زوجها بالطبع، وإذا كان الزوج يهوى أحد هذه الأشياء فإنه يخسر زوجته، ونصف ثروته.
ومكعب روبيك الملون ابتكره أحد العلماء لمساعدة الذين يعانون من التخلف العقلي، فتحول في الدول الغربية إلى لعبة شعبية.
وفي كندا، يكفي أن يثبت الزوج أن شريكه يعاني من الشخير أثناء النوم حتى يحصل على الطلاق على الفور، وفي إيطاليا يمكن أن يحصل أحد الطرفين على حكم بالطلاق إذا أجبره شريكه على القيام ببعض الأعمال المنزلية، إذا لم يكن هو راغبا بها، مثل غسل الصحون، أما أجداد الرومانيين القدماء الذين صنعوا حضارة روما، فقد كانوا يقرون الطلاق في حالة واحدة فقط هي: الخيانة الزوجية والقرائن التي قد تدل عليها، مثل: أن تصنع المرأة نسخة عن مفاتيح زوجها، أو أن تشرب النبيذ قبل اكتمال تخميره، أو ان تسرف في شربه، وقد ابتكر الرومان طريقة طريفة لفحص نسبة النبيذ التي استهلكتها المرأة هي “القبلة” حيث يدنو الرجل بشفتيه من شفتي المرأة، وإذا شم رائحة نبيذ عرف أنها مسرفة في الشرب، وقد عاشت هذه الطريقة إلى الآن، وانتقلت إلى العالم كله، وهي تستخدم حالياً سواء أسرفت المرأة في الشرب أم لا.
وفي بريطانيا، يعتبر الاستخفاف بشؤون الزوج مبررا للطلاق، وقبل مدة حصل أحد هواة كرة القدم على حكم بالانفصال عن زوجته لأنها غسلت قميصه المفضل الذي يحمل اسم فريقه مع باقي الغسيل، وكان في جيب القميص ورقة تحمل توقيعا من نجمه المفضل إضافة إلى أوراق أخرى.
وفي اليابان توافق المحكمة على إصدار حكم بالطلاق إذا كان شريك الحياة ينام بطريقة لا تعجب شريكه طالب الطلاق، أما في كوريا فهنالك سبعة أسباب تبرر المطالبة بالطلاق في مقدمتها معاملة أهل الزوج بطريقة لا تدل على الاحترام، أما الأسباب الأخرى مثل عدم التفاهم وعدم الاتفاق فإنها لا تعتبر أسبابا وجيهة.
وفي بعض الدول الآسيوية يحق للرجل المطالبة بالانفصال عن زوجته إذا لم تنجب خلال السنوات الثماني الأولى من الزواج، أو إذا أنجبت أطفالا ميتين، و”أم البنات” أي التي تنجب بناتا يحق لزوجها المطالبة بالانفصال بعد السنة الحادية عشرة من الزواج. وإذا اكتشف الزوج، أو الزوجة، إنه تعرض لخديعة بالزواج يحق له طلب الطلاق على الفور، ومن ذلك إن رجلا طلب الانفصال عن زوجته لأنه اكتشف ليلة الزواج إنها صلعاء. وفي الصين توافق المحاكم على الطلاق على الفور إذا أثبت الشريك إن شريكه من النوع “المشاكس” أو “الثرثار” الذي يهوى سماع الإشاعات ونشرها.
ومبررات الطلاق في الثقافة الغربية كثيرة، وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على عدم احترام مؤسسة العائلة.
أبو خلدون
فنجان قهوة
رقابة أمريكية
أول فيلم أمريكي لم يخضع للرقابة بدأ عرضه في دور السينما في نيويورك ولوس أنجيلوس يوم الجمعة الماضي. والفيلم يحمل اسما طريفا هو “This Film Is Not Yet Righted” أي “هذا الفيلم لم يحصل بعد على ترخيص للعرض” وهو فيلم وثائقي يبدو وكأنه تحقيق صحافي طويل عن الرقابة التي “يفرضها الاحتكاريون في هوليوود” على صناعة السينما الأمريكية، وأهداف هذه الرقابة وصحتها.
والأفلام الأمريكية تخضع للرقابة، كما هو الحال في أية دولة من دول العالم المتخلف الذي كان الأمريكيون يطلقون عليه اسم “العالم الثالث”، رغم أن النظام الأمريكي يتبجح بأن حرية التعبير تشكل إحدى الركائز الأساسية في النظام السياسي الأمريكي. والرقابة الأمريكية على الأفلام ليست حكومية، بمعنى إنها ليست تابعة رسميا لجهة حكومية، وإنما هي رقابة ذاتية من داخل هوليوود نفسها، وتقوم بها جمعية تحمل اسم “جمعية السينما الأمريكية” التي تضم كبار منتجي الأفلام مثل شركات فوكس وبارامونت وسوني بكتشرز ويونيفرسال ووالت ديزني وورنر، والهدف المعلن لهذه الجمعية هو مراجعة الأفلام قبل عرضها، وإصدار تصاريح بالعرض، لحماية الأطفال من المشاهد التي قد تكون مسيئة لهم، بينما الهدف الحقيقي هو حماية مصالح شركات هوليوود الكبرى التي تحتكر عضوية مجلس إدارة الجمعية.
وفي “جمعية السينما الأمريكية”، يتم تصنيف الفيلم حسب درجة عنف المشاهد التي يتضمنها، ومشاهد العري، واللغة الفاضحة التي يستخدمها الممثلون في حواراتهم، ويعطي الفيلم درجة “جي” إذا كان يسمح لكل فئات المشاهدين بمشاهدته، ودرجة “بي جي” إذا كانت الضرورة تتطلب وجود شخص راشد مع الأولاد، و”بي جي 13” لضرورة وجود الأهل مع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 13 سنة، و “آر” لضرورة وجود راشد مع الذين تقل أعمارهم عن 17 سنة، و”سي 17” للكبار فقط. وقد أنشأ هذا النظام عام 1968 جاك فالنتي رئيس جمعية السينما خلال الفترة من 1966 حتى 2004. ولكن المعايير التي استخدمها فالنتي اصبحت الآن مطاطة جداً، بحيث تتجاوز الجمعية مشاهد العنف والإباحية وتبيح الفيلم للجميع اذا كان من انتاج شركة كبيرة مثل شركة فوكس.
وفيلم “هذا الفيلم لم يحصل بعد على ترخيص للعرض” تحقيق مطول حول هذه الجمعية، استعان مخرجه كيربي ديك بمخبرين خاصين لكشف أسرار جمعية السينما، وأجرى مقابلات مع مخرجين وخبراء وأعضاء سابقين في الجمعية، ليكشف في النهاية أن عمليات منح التصريح تسير بطرق سرية وملتوية، وحسب معايير مثيرة للاعتراض، يفرضها أشخاص بينهم من جرى تعيينهم من قبل زملاء لهم في الجمعية يشكك الفيلم بصفتهم التمثيلية، ويقول الفيلم إن هذه التركيبة الغريبة لإدارة الجمعية هي التي جعلت صناعة السينما تتساهل إزاء مشاهد العنف في الأفلام، ولا تصنف الفيلم بأنه للكبار فقط إلا إذا كان يحتوي على مشاهد جنسية فاضحة، بينما مشاهد العنف أكثر خطرا على الأطفال من مشاهد الجنس.
ويكشف الفيلم أشياء مثيرة جدا عما يجري في كواليس الجمعية الأمريكية للسينما، ويستشهد ببعض مقاطع أفلام جرى تصنيفها بشكل خاطىء ليدعم فكرته، وبسبب المقاطع التي يحتويها الفيلم جرى تصنيفه من قبل الجمعية في فئة “للكبار فقط”، ربما لكي لا يعرف شباب أمريكا دون السابعة عشرة أن أفلامهم تتعرض للمراقبة.
أبو خلدون
فنجان قهوة
أسرار الأهرامات
قبل مدة، اثار عالم آثار أمريكي يتمتع بالحاسة السادسة، إلى جانب اختصاصه العلمي، ضجة عالمية عندما أعلن أن أهرامات الجيزة وأبو الهول، التي تعتبر من أكثر الآثار العالمية غرابة وغموضا، ليست معجزات هندسية في البناء ومدافن للفراعنة فقط، وإنما مكتبات كاملة، فهي تحوي في داخلها آلاف المخطوطات في مختلف العلوم والفنون وأساليب العيش في مصر الفرعونية، وبعض هذه المخطوطات تكشف جوانب مثيرة حول مهارة الفراعنة المعجزة في البناء والعلوم الطبية، إلى جانب وثائق سجل فيها الفراعنة كل ما توصلوا إليه من علوم وفنون لو قدر لها أن تخرج إلى النور في العصر الحاضر لأحدثت ثورة في حياتنا. وفي الأيام الأخيرة أعلن عدد من العلماء البارزين رأيا مشابها أعاد القضية إلى دائرة الضوء بقوة.
والأهرامات يزيد عمرها الآن على 4500 سنة، ومع ذلك فإن معظم الغرف بداخلها لا تزال مغلقة لم يدخلها إنسان، ومنها غرف الفرعون وزوجته، وكان الخليفة المأمون ، في أوائل القرن التاسع الميلادي، قد أمر بإجراء بعض عمليات الحفر وإحداث ثغرة في جدار إحدى الغرف لكي يتمكن من دخولها، وعن طريق هذه الثغرة دخل نابليون أثناء حملته لمصر وخرج من الغرفة وهو يرتجف، ولم يفصح عن سر اضطرابه، واكتفى بالقول: “ما الفائدة..لن يصدقني أحد”.
وترفض الحكومات المصرية المتعاقبة السماح بإجراء حفريات في منطقة الأهرامات وأبو الهول، أو إحداث ثغرات في جدران الغرف، خشية أن يؤدي ذلك إلى انهيار هذه المعجزة المعمارية التي تعتبر إحدى معجزات الدنيا السبع، ويقول عالم الآثار بيتر سندرسون الذي تلقى تدريبات على تنمية حاسته السادسة على أيدي خبراء وكالة المخابرات المركزية أثناء الحرب الباردة بين الأمريكيين والسوفييت أن الأهرامات تحتوي على ما يلي:
* خلف الجدار الغربي للغرفة المعروفة باسم “غرفة الملكة” مستودع مليء بالمخطوطات التي كتبها أطباء وعلماء ومؤرخون وكهنة، وإذا قدر لنا الدخول إلى هذه الغرفة والاطلاع على محتوياتها، فإننا سنعثر في وثائقها على إجابة للعديد من الألغاز حول الحضارة الفرعونية التي أذهلت العالم طول القرون الماضية.
* “غرفة الفرعون” تحتوي على جهاز يشبه راديتير السيارة كان الكهنة في مصر القديمة يستخدمونه لتكرير السوائل، وتحت مبنى الأهرامات غرفة تحتوي على جهاز اسطواني الشكل يشبه المولد الكهربائي.
* وجدران الهرم الأكبر مبطنة بمادة عازلة سوداء اللون، ومن ميزات هذه المادة القدرة على توصيل التيار الكهربائي عبر الهواء، وهذا يعني أن الفراعنة توصلوا إلى التكنولوجيا اللاسلكية قبل ما يزيد على 4000 سنة من اكتشافنا للكهرباء
* الفراعنة لم يبنوا الأهرامات كمدافن لملوكهم كما يقول علماء المصريات، وإنما كمكتبة عملاقة يودعون فيها كل ما توصلوا إليه من إنجازات حضارية، بدليل أن المأمون دخل غرفة الملوك ولم يجد بداخلها ضريحا للفرعون، والهرم الأكبر هو في الواقع عبارة عن هرم داخل هرم، أي هرم خارجي عملاق هو الهرم الظاهر للعيان، بني فوق هرم أصغر منه حجما، ولو أزلنا القسم الأعلى من الهرم الخارجي فإننا سنجد أنفسنا أمام ممر يؤدي إلى هرم أصغر حجما لا قمة له.
* الهرم الأكبر يتصل بنفق سري تحت الأرض بأبي الهول الذي يحتوي بداخله وتحته على متحف مذهل مليء بالتحف والمخطوطات التي لا تقدر بثمن.
وحتى الآن، يعتمد العلماء على الحدس والتخمين، لأن أحدا منهم لم يدخل الغرف المغلقة التي لم يدخلها إنسان، ولكنه من المنطقي أن نفترض أن الفراعنة لا بد حفظوا سجلات وافية عن حضارتهم، وأفضل مكان لحفظ هذه السجلات هو الأهرامات.
أبو خلدون
فنجان قهوة
العقد النفسية
قرأت كتابا طريفا عن العلاقات الزوجية بعنوان “ليس الآن يا عزيزي”، لأستاذ علم النفس الأمريكي المعروف البروفيسور أنطوني بوتريبيفو، والكتاب، كما يظهر من عنوانه، يتحدث عن الوسيلة التي يستطيع الزوجان بواسطتها التغلب على الملل الذي يزحف إلى حياتهما بعد فترة من الزواج، حيث تتراجع الرومانسية، أو تغيب، وتخلي المجال لما نطلق عليه “الصمت المنزلي” الذي يشغل الزوج نفسه فيه بقراءة الجرائد، وتشغل المرأة نفسها بالحديث على الهاتف، بدلا من التحدث إلى بعضهما بعضا.
والغريب أن البروفيسور انطوني ينصح الزوجين اللذين يعانيان من الصمت المنزلي بمتابعة برامج التلفزيون، وتمضية الساعات أمام هذا الجهاز الذي يعتبره علماء الاجتماع السبب الأول لكل الانحرافات التي يعاني منها المجتمع، ولكل الأزمات والخلافات بين الأزواج.
ويقول البروفيسور أنطوني للزوج الذي يعاني من الملل: “اتخذ الشخصيات التي تشاهدها في القصص والمسلسلات والمسرحيات كنماذج لك، فهذه الشخصيات تمر، غالبا، بظروف شبيهة بالظروف التي تمر أنت بها، في حياتك اليومية، ولا بد انك تلاحظ أن الشخصيات التلفزيونية تتمكن، في النهاية، من حل المشكلات التي تواجهها، مهما كانت هذه المشكلات”.
واستغرب بالفعل أن يصدر هذا الكلام عن أستاذ في علم النفس يدرك، قبل غيره، الأخطار التي تترتب على الثقافة التلفزيونية، وتشجيع الناس على اعتبار التلفزيون مرجعا أخلاقيا وسلوكيا لهم، وبدلا من أن يكون العلماء ودعاة الأخلاق ورجل الدين مرجعا لنا في التمييز بين الحق والباطل، والالتزام بالسلوك القويم، يصبح كتاب المسلسلات التلفزيونية هم المرجع.
وعلماء النفس عندنا من خريجي الجامعات الأمريكية “علميا ونظريا”. وهم يحاولون تطوير الفرد العربي على الطريقة الأمريكية، وقد ظلوا يطورون هذا الفرد حتى جلبوا آخرته لكثرة ما طوروه، ولا أذكر أنني قرأت كتابا من تأليفهم أو تأليف أساتذتهم في اليو أس إيه ألا وشعرت أنني مصاب بكل الأمراض والعقد النفسية التي يتحدث عنها الكتاب، مما جعلني أميل إلى الاعتقاد أن هذه الكتب مجرد دعاية لمؤلفيها، ودفع الناس إلى “وهم المرض” لكي تزدحم عياداتهم بالمراجعين.
وقبل مدة زرت أستاذا صديقا مختصا في علم النفس، وقادنا الحديث إلى الصرعات الأمريكية الجديدة في هذا العلم، مثل: شخصيتك من لون سيارتك، أو موديلها، أو فيلم الرعب المفضل لديك، أو الفيلم الرومانسي، أو مطربك أو ممثلك المفضل. واستخف الأستاذ الدكتور بعقلي عندما قلت له إنني لا أصدق هذه الخرافات، ومن باب التباهي بالعلم الذي ما بعده علم، أخرج من درج مكتبه مجموعة من الصور لبعض فاتنات هوليوود وسألني: من تعجبك من هؤلاء؟ وتأملت الصور، فوجدت أن كل واحدة أجمل وأكثر إثارة من الأخرى، فقلت: بصراحة، كلهن، فهز رأسه نحو اليمين ونحو الشمال، ربما لكي يثبت لي أن له رأساً، وقال: مسكين، إنك تعاني من عقدة نفسية خطيرة يطلق عليها اسم “هاي ميجوريتي سكسولوجي كومبليكيشن كومبليكس” ينبغي أن تعالجها بسرعة، وإلا فإنها ستتحول إلى عقدة أكثر خطورة هي: “هاي ميجوريتي سيكسولوجي كومبليكيشن أند كومبليكسايتد ميشن أب كومبليكس”، وضحكت، وقلت للبروفيسور الصديق: ألا تستطيع أن تختار لي اسما أقل تعقيدا لكي أعرف كيف أقوله للناس؟ وخرجت من عيادته، ونسي الطبيب بعد ذلك أنه صديقي.
أبو خلدون
فنجان قهوة
الملكة
عندما يتحدث البريطانيون عن ملكتهم اليزابيث الثانية يقولون: “إنها المرأة التي لم تتخذ قرارا خاطئا طوال حياتها”، ولكن فيلما بعنوان “الملكة” من إخراج ستيفن فريرز، يمثل بريطانيا في مهرجان البندقية السينمائي، عرض يوم السبت الماضي يوحي أن هذه النظرة ربما كانت صحيحة قبل وفاة الأميرة ديانا في أواخر أغسطس عام 1997 في حادث اصطدام مروري مروع في نفق باريسي، أما بعد هذا الحادث فإن بريطانيا لم تعد كما كانت، ولم يعد البريطانيون كما كانوا.
وديانا كانت “امبراطورية” حدودها القلوب حيثما كانت، وكانت هي تلك الفاتنة التي خرجت من بطن الحكايات لتعيد للبريطانيين أمجاد إمبراطوريتهم، ولقصر بكنجهام رونقه وأبهته، وبعد زواجها من الأمير تشارلز لم يعد البريطانيون يخشون الاقتراب من القصر خشية أن تخرج إليهم وجبة أسنان الملكة فيكتوريا أو هنري الثامن من إحدى خزائنه، وإنما باتوا يمضون الساعات في حديقة القصر على أمل أن تظهر ديانا على الشرفة لكي يقولوا لأحفادهم إنهم عاشوا تلك اللحظة التاريخية.
ويقول فيلم “الملكة” الذي تؤدي فيه الممثلة البريطانية هيلين ميرين دور الملكة اليزابيث إن الملكة أساءت تقدير ردود فعل البريطانيين على مصرع ديانا، فتعاملت مع الأمر بفتور، مما أثار غضب البريطانيين ودفع مئات الآلاف منهم إلى السير في جنازتها، في أكبر موكب جنائزي شهدته بريطانيا في تاريخها.
والممثلة هيلين ميرين سبق لها تأدية دور الملكة اليزابيت الأولى في مسلسل تلفزيوني يحمل هذا الاسم، وحصلت على جائزة ايمي عن الدور، ولكنها تقول إن دورها الحالي في الفيلم صعب جدا، رغم أنها أمضت أسابيع طويلة في التدريب لكي تتصرف وتتكلم كما الملكة اليزابيت.
ويوحي الفيلم إن “لعنة ديانا” لا تزال تطارد قصر بكنجهام، وستظل تطارده إلى ما شاء الله، فالملكة اليزابيث تشعر أن شعبها لم يعد يحبها، وباتت الصحف البريطانية تتحدث عن العائلة المالكة بطريقة لا تنم عن احترام، والأمير تشارلز يتوقع أن يتعرض للاغتيال في أية لحظة بسبب عدم شعبية الأسرة المالكة، وفي أحد مشاهد الفيلم تقول الملكة اليزابيث لوالدتها الملكة الأم، عندما كانت الاثنتان تقضيان إجازة قصيرة في قصر بالمورال في سكوتلنده: “حدث تغير في المفاهيم والقيم لدى البريطانيين، ولم يعودوا كما كانوا”، وتعرب لوالدتها عن رغبتها في التنازل عن العرش، وفي مشهد آخر تقول لتوني بلير الذي كان قد فاز في الانتخابات قبل أسابيع ووصل إلى رئاسة الوزراء: “لا أعتقد إنني سأستوعب ما حدث هذا الصيف في النفق الباريسي” وفي نهاية الفيلم تقول له: “لا أعتقد أن الشعب، في أية فترة من فترات حياتي، كرهني كما يكرهني الآن”.
ومخرج الفيلم لا يزعم أن فيلمه تأريخ دقيق لحادث مصرع ديانا رغم أنه
استند في إعداده. إلى وثائق كثيرة، وتحدث إلى مصادر مقربة من قصر بكنجهام ورئاسة الوزراء، ولا يتوقع أية إشكالات قانونية مع القصر ويقول إنه مطمئن لأن العائلة المالكة لم يسبق لها، في تاريخها أن رفعت دعوى أمام المحاكم ضد أي مواطن، وتحت أي ظرف من الظروف، ولذلك ضمّن فيلمه بعض المشاهد التي تثير الضحك، كذلك المشهد الذي يصف الأمير فيليب زوج الملكة اليزابيث زوجته بأنها “مثل الملفوفة” أو المشهد الذي تحمل الملكة فيه قربة ماء ساخن إلى فراشها، في اليوم الذي لاقت ديانا فيه حتفها.
أبو خلدون
فنجان قهوة
المرور عبر الجدران
المرور عبر الجدران أحدث ظاهرة من الظواهر الخارقة للعادة التي يخضعها العلماء للدراسة حاليا، بعد تزايد عدد الذين تقدموا بشهادات قالوا فيها انهم مروا بهذه التجربة في فترة ما من حياتهم. وقبل مدة، نشر الباحث الأمريكي ريموند فاولر المختص بمتابعة الظواهر الخارقة للعادة بحثاً قال فيه إنه قابل شخصياً العديد من هؤلاء، ولاحظ على أجساد بعضهم خدوشا توحي وكأنهم مروا بالفعل عبر زقاق حجري ضيق ترك جانباه آثارا في أجسامهم، ومثال على ذلك ما حدث للفتاة فيكتوريا هايبر التي روت تجربتها على الشكل التالي: أقيم منذ سنوات في غرفة مشتركة مع صديقة لي في مثل عمري تقريبا، اسمها كارول بيرسون، ونحن الاثنتين غير متزوجتين، وفي الأسبوع الماضي فوجئت بصديقتي تصر على الرحيل من الشقة، وحيث ان العلاقة بيننا قوية جدا، فقد سألتها عن السبب، ولكنها رفضت تقديم أي تفسير، وبعد يوم واحد عثرت الصديقة على شقة خالية، فاستأجرتها. ويقول ريموند فاولر: ان كارول شرحت له السبب الذي دفعها إلى الرحيل قائلة: انه ظاهرة غريبة شاهدتها من فيكتوريا. فقد كنت أكوي ملابسي، وقد وضعت حامل الكوي على الباب، بينما كانت فيكتوريا تجلس على الصوفا تتابع برامج التلفزيون، وفجأة، شعرت فيكتوريا بالعطش، وحاولت الخروج من الغرفة إلى المطبخ فلم تستطع، بسبب حاجز الكوي، فعادت وجلست على الصوفا وقالت انها ستشرب بعد انتهائي من الكوي، وبعد دقائق فوجئت بها تخترق الجدار، وتسير إلى الغرفة الأخرى، ثم إلى المطبخ، وتشرب، وتخترق الجدار مرة اخرى، وتعود إلى الاستلقاء على الصوفا، وأسقط في يدي، وهيئ لي انني أسكن مع جنيَّة، لا مع فتاة، فقررت الرحيل من الغرفة. والغريب ان فيكتوريا لا تذكر ان أمرا من هذا النوع حدث لها على الإطلاق.
ويقول الباحث ريموند ان الذين يمرون بظاهرة المرور عبر الجدران يكونون في حالة شبه غيبوبة، ولا يذكرون ما حدث لهم،. بينما يرى غيره ان السبب في الظاهرة هو الكائنات الفضائية، ولا يستبعدون ان يكون الذين يمرون بها أناساً يتعرضون للخطف، بشكل أو بآخر، ويقول أحد الباحثين: لقد مر البعض بتجربة المرور عبر الجدران، ومشى مسافة أميال، واستخدم وسائل انتقال، وعاد إلى منزله، وعندما سألناه عما حدث بعد خروجه من المنزل نفى ان يكون قد غادر المنزل على الإطلاق.
وتقول ماريا وارد، وهي بريطانية في الثلاثين من العمر انها استيقظت في الساعة الثالثة والنصف ليلا لتجد غرفتها غارقة بالنور، ورغم ان طفلها الصغير كان ينام معها في الغرفة فإنها لم تتمكن من إيقاظه، وشعرت بحافز قوي للنزول بواسطة درج البناية إلى الطابق الأرضي، حيث أخذت علبة صغيرة بيضاء اللون، وبعد ذلك قال لها زوجها انه شاهدها تمر عبر باب الشقة الخشبي. وتضيف: شعرت بالدهشة، ولكن الخدوش التي أصابت جسمي أثناء مروري عبر الباب كانت لا تزال واضحة.
ويقول الخبراء ان الأطفال يمرون بحالات من هذا النوع، وعندما يتحدثون عنها للكبار يعزو الكبار الحديث إلى خيال الطفولة الجامح، بينما قد تكون القصص التي يرويها الطفل صحيحة، ومع مرور الزمن، يكبر الأطفال ويغرقون في عالم الماديات، ويفقدون القدرات الخارقة للعادة التي يمتلكونها.
وظاهرة المرور عبر الجدران غريبة بالفعل، والنتائج التي توصل لها العلماء حتى الآن هي ان الذرات يمكن ان تعبر الجدران والمواد الصلبة من دون ان تتعرض لأي اختلال، ويقول العلماء ان المبدأ ذاته ينطبق على البشر، ولكن الدراسات لا تزال في مراحلها الأولى وهي حتما ستكشف الكثير في المستقبل.
أبو خلدون
فنجان قهوة
نباهة المشاهير
أن تكون مشهورا يعني ان تعطي ترخيصا للناس لكي يشاركونك صالون منزلك، وأن يضعوا آذانهم قرب شفتيك، يسترقون السمع لكل كلمة تتفوه بها، ويسجلونها. فالشهرة تعطي وزنا خاصا لك، وامتيازات خاصة للناس، ويكفي ان يكون صاحبها مطربا يتمتع بصوت جميل مثلا، حتى تصبح آراؤه في الفن والأدب والفلسفة والسياسة، محط اهتمام الجميع، حتى لو كانت هذه الآراء من نوع رأي المطربة البدوية سميرة توفيق، عندما سألها أحد الصحافيين عن رأيها بشكسبير فقالت: إنني لم استعمله، فأنا استعمل سوار دي باري. وشكسبير شاعر، وسوار دي باري نوع من العطور.
وفي الماضي، كان الفنانون يتمتعون بمستوى ثقافي جيد، فمعظم الفنانين العرب في الستينات كانوا من خريجي الجامعات، وكانت صوفيا لورين تتقن التحدث بخمس لغات، وبريجيت باردو تحمل شهادة الفلسفة، أما الآن، فإن الثقافة هي آخر ما يهتم به الفنان، ومعظم الفنانين، حتى في هوليود، من الذين تخلفوا عن الدراسة ولم ينهوا دراستهم الجامعية.
وقبل مدة، صدر كتاب جديد من تأليف لاري انجلمان بعنوان: “هم قالوا ذلك - نباهة وحكمة المشاهير المعاصرين” هو عبارة عن مجموعة أقوال لكبار الفنانين والسياسيين، معظمها يكشف انهم لا يتمتعون بالنباهة ولا بالحكمة، فقد سئل الرئيس الأمريكي بيل كلينتون عن شعوره عشية التحقيق في فضيحة مونيكا جيت، وبدلا من اللجوء للسياسة، والدبلوماسية، ومحاولة التهدئة قال: “أتمنى لو انني حنفية نار، أفرغ كل ما في جوفي على خصومي” وسئل دنيس رودمان لاعب كرة السلة المشهور عن رأيه بمادونا، فقال: “انها ليست لاعبة اكروبات، ولكنها ليست سمكة ميتة أيضا”.
وزازا جابور كان لها رأي غريب في الزواج، فهي تقول: “إنني أكثر النساء اهتماما ببيت الزوجية، فقد تزوجت 8 مرات، وفي كل مرة كنت أحتفظ بالبيت لي، بعد الطلاق” وتقول شير: “المشكلة التي تعاني منها معظم النساء هي: ان الواحدة منهن تشعر بالإنجذاب إلى شيء تافه، ثم تتزوجه” وتقول نيل كارتر التي اشتهرت في الوسط الفني في الولايات المتحدة بسرعة الزواج وسرعة الطلاق: “في بعض الأحيان أصاب برشح يستمر أكثر مما يستمر زواجي” وقال بوب باركر، مقدم برنامج “الثمن مناسب” الذي يعتبر من البرامج الناجحة في التلفزيونات الأمريكية، ردا على سؤال حول الحرية والانفتاح العاطفي لدى الشباب هذه الأيام: “إنني في السبعين من العمر، وقد جاءت الحرية والانفتاح في وقت لا استطيع انا الاستفادة منه، وهذا مؤسف بالنسبة لي”.
ودرو كاري يتمنى لو حصل كل مواطن أمريكي على ترخيص بحمل السلاح، بحيث ينام، ومسدسه تحت المخدة، لحماية نفسه من المجرمين، ويقول ان هذا هو الأسلوب الوحيد لمنع الجريمة، وفي مقابلة تلفزيونية أجريت معه قال: “اعتقد ان العالم سيكون أكثر أمنا لو حصل كل شخص على ترخيص بحمل السلاح، وتدرب عليه”. أما مايكل جاكسون فهو يقول انه لا يجيد استخدام السلاح، ولكن حراسه الشخصيين يجيدونه، وعندما اتهم بالإساءة للأطفال دافع عن نفسه بالقول: “لا أعتقد أنني قابلت أي شخص في العالم يهتم بالأطفال مثلي” وقد رد عليه الصحافي بالقول: “إننا نلاحظ ذلك جيدا”.
وذات يوم، كانت تونيا هاردينج، بطلة التزلج، تمارس السباحة، وشاهدت عجوزا في الواحدة والثمانين من العمر على وشك الغرق، فأنقذتها، وأجرت لها تنفسا اصطناعيا، وعندما استعادت العجوز وعيها سألتها تونيا: “هل قبلتي جيدة” فغضبت العجوز، وتمنت لو انها غرقت قبل سماع هذا الكلام.
وفي الكتاب الكثير من “الأقوال غير المأثورة” كل أهميتها هي إنها صدرت عن مشاهير.
أبو خلدون
فنجان قهوة
غزو المريخ
وكالة الفضاء الأمريكية تستعد لإرسال رواد فضاء إلى المريخ في العقد المقبل، ولكن المشكلة التي ستواجه هؤلاء عندما يصلون إلى الكوكب الأحمر ويسيرون فوق أرضه، كما سار الذين سبقوهم إلى القمر هي: إنهم لن يتمكنوا من التحدث إلى بعضهم البعض إلا إذا كانوا يجيدون لغة الإشارة، فهم لن يسمعوا أصوات بعضهم بعضا حتى لو حملوا معهم أقوى مكبرات الصوت في العالم. فقد كشفت تجربة علمية أجرتها جامعة بنسلفانيا على نموذج علمي يحاكي المريخ تماما ان الصوت ينتقل في جو المريخ بطريقة مغايرة تماما لطريقة انتقاله على جو الأرض، كما إن الضغط الجوي فيه منخفض جدا ويعادل 0،07% من مثيله على الأرض، وانخفاض الضغط الجوي يسهم في امتصاص الموجات الصوتية، كما يعرف الذين يسكنون في أعالي الجبال، حيث الطبيعة أكثر هدوءا.ويقول العلماء إن انخفاض درجة حرارة المريخ وارتفاع نسبة ثاني أوكسيد الكربون في جوه تسهم أيضا في امتصاص الموجات الصوتية، يضاف إلى ذلك أن الموجات الصوتية على هذا الكوكب تنتقل ببطء شديد، ولمسافة أقصر بكثير من المسافة التي تنتقل بها على الأرض بحيث لو أن رواد الفضاء فرشوا بطانية على أرض المريخ وجلسوا إلى جانب طائرة الكونكورد الفرنسية التي منعت معظم دول العالم استخدامها في مطاراتها بسبب ضجتها العالية، رغم سرعتها الكبيرة وقدرتها على قطع المسافة بين باريس ونيويورك في ساعة واحدة، فإن الرواد لن يسمعوا صوت الكونكورد ولن يعرفوا ما إذا كان محرك الطائرة يشتغل أم لا، لأن جو المريخ سيمتص الضجة. وإذا تحدثوا إلى بعضهم بعضا فإنهم سيرون شفاههم تتحرك ولا يسمعون صوتا. والضجة مرهقة، وتتلف الأعصاب، ولكن الصمت المطبق هو الموت. ولكن، كيف يمكن أن يعيش الإنسان في جو المريخ، إذا قدر له استعماره؟
التجربة التي أجرتها جامعة بنسلفانيا كشفت أن هذه العملية غير مستحيلة، إذ من المطلوب أولا إنشاء مستعمرة نسبة الأوكسجين فيها تشابه نسبته في جو الأرض، لكي يتمكن سكان المستعمرة من التنفس، وعند إقامة هذه المستعمرة لن يجد سكانها صعوبة في الحوار مع بعضهم بعضا، لأن جوها سيكون شبيها بجو الأرض، والصوت ينتقل فيها بالطريقة نفسها التي ينتقل فيها على الأرض. ومع ذلك فإن العلماء يدرسون حاليا سلوك الموجات الصوتية المختلفة ومن بينها الموجات الصادمة، وموجات صوت الرعد لمعرفة الطريقة التي تنتقل بها موجات هذه الأصوات ربما لتقليدها على المريخ. وتقول البروفيسورة أماندا هارفورد الباحثة في وكالة ناسا: “نعتزم دراسة سلوك سلسلة طويلة من الذبذبات الصوتية لمعرفة الموجة التي تجعل الأصوات على المريخ مسموعة” وحتى ذلك الحين، لن يتحول المريخ إلى محطة سياحية، ولا إلى مستعمرة بشرية، وسيظل المهتمون به هم الخبراء العسكريون في البنتاجون والباحثون في ناسا.
أبو خلدون
فنجان قهوة
الانفجار الكبير
أنصار نظرية “الانفجار الكبير” يقولون إن الكون كان، قبل 14 مليار سنة، عبارة عن “بيضة كونية ملتهبة” انفجرت وتبعثرت أشلاء في الفضاء، ومن هذا الانفجار ولد الكون، وفي حينه لم تأخذ الأوساط العلمية في العالم هذه النظرية على محمل الجد رغم أن إينشتاين نفسه تحدث في نظرية النسبية التي نشرها عام 1915 عن تمدد وانكماش الكون بما يمكن ان يعطي مصداقية لحكاية الانفجار. وفي عام 1929 تمكن الفلكي الأمريكي إدوين هابيل الذي يحمل التلسكوب الذي يسبح في الفضاء الخارجي حاليا اسمه من قياس المسافات بين المجرات والمجموعات النجمية ولاحظ أنها تبتعد عن بعضها البعض بشكل مطرد، وإذا كان هذا الكلام صحيحا، فلا بد أن المسافات بينها كانت في وقت مضى أقل، واستطرادا نصل إلى مرحلة كانت المسافات بينها “صفر”، وقد أطلق العلماء على هذه المرحلة التي كانت المسافات فيها بين المجرات غير موجودة اسم “مرحلة البيضة الكونية”.
ولكن، لماذا حدث الانفجار الكبير؟ وكيف حدث؟ وما هي الآلية التي أحدثته؟ وهل الانفجار الكبير مجرد “حدث” في تاريخ الكون أم أنه بداية لهذا التاريخ؟ هذه الاسئلة التي لا تزال تشغل بال علماء الفلك لم تتمكن نظرية الانفجار الكبير من تقديم إجابات لها، لأن هذه النظرية تفترض أن تاريخ الكون، وزمنه، بدآ بالانفجار الكبير، وقبل ذلك لم يكن هنالك تاريخ ولا زمن. وهذا ما لم يتمكن خصوم هذه النظرية من ابتلاعه.
وقبل أسابيع، خرج عالمان من أكبر العلماء في العالم هما البروفيسور نيل تيروك، من جامعة كيمبريدج، وبول ستيانهارت من جامعة برينستون بنظرية أكثر غرابة من نظرية الانفجار الكبير تقول إن الانفجار لم يحدث مرة واحدة وإنما تكرر مئات أو ربما آلاف المرات، وإنه لم يحدث قبل 14 مليار سنة وإنما قبل تريليونات السنين، أو ربما منذ الأبد، وسببه اصطدام فضاء الكون الذي نعيش فيه بكون مواز غير منظور أدى إلى انبعاث طاقة مذهلة وانتشار الإشعاعات والمواد وتبعثرها، وقد أطلق العالمان على نظريتهما اسم “النظرية الاكبيروتية”، وهي كلمة إغريقية قديمة تعني “النار العملاقة” وإذا تمكن العالمان من إقناع زملائهم في العالم بنظريتهم، فإن كل الفرضيات التي قامت على أساس نظرية الانفجار الكبير ستتهاوى، وكل العلماء الذين بنوا أمجادهم عليها سيتوارون إلى الظل.
وتقول النظرية الأكبيروتية إننا نعيش، نظريا، في عدة أكوان لا في كون واحد، وكوننا ثلاثي الأبعاد إضافة إلى الزمن الذي يعتبر بعدا رابعا، وإلى جانب الكون الذي نعيش فيه هنالك أكوان موازية هي عبارة عن طبقات بعضها فوق بعض، وفي التنزيل الحكيم: “ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا (نوح:15)” والمعروف أن أعلى كل طبقة، في البناية مثلا، يلتصق بأسفل الطبقة التي تسبقها، كما يحدث عندما تضع عددا من الأوراق فوق بعضها بعضا، ويقول العلماء إن بعض هذه الأكوان يحتوي على ما يصل إلى عشرة أبعاد لا نستطيع نحن بمحدودية حواسنا أن نراها أو نحس بها، وعندما يصطدم كون مواز بآخر تنطلق طاقة مذهلة تملأ الفراغ بين الطبقة والأخرى بالإشعاعات والمواد، وتدفعها إلى التمدد، ومع تمددها تبدأ حرارتها بالانخفاض.
والنظرية الاكبيروتية ربما أوضحت أسباب الانفجار الكبير، وخلصتنا من “البيضة الكونية” التي لم يتمكن أحد من تقديم تفسير لها، ولكنها في المقابل تركت العديد من الأسئلة التي لا تزال معلقة دون جواب.
أبو خلدون
فنجان قهوة
تحديث المناهج الدراسية
في أوائل الأربعينات من القرن الماضي، خرج مدرس اسمه خليل السكاكيني بطريقة فريدة في تدريس اللغة العربية ساهمت في ردم الهوة التي كانت سائدة، بين طريقة عمل الدماغ وأساليب التعليم المتبعة، تلك الهوة التي اكتشفها العلم الحديث قبل فترة بسيطة، بعدما عرف
المزيد عن طريقة عمل الدماغ، ولكن السكاكيني أدركها بداهة.
وبينما كانت مناهج التعليم تركز على حاسة السمع لدى الطالب، أدخل السكاكيني حاسة البصر كعنصر أساسي في منهجه، وأولاها قيمة تعادل قيمة السمع تماما، وأصدر سلسلة من الكتب أطلق عليها اسم “القراءة المصورة” وكان الطلاب يطلقون عليها اسم “راس روس” لأن الدرس الأول في الجزء الأول منها يبدأ بهاتين الكلمتين. ومن فلسطين انتشرت “راس روس” إلى كل الدول العربية.
وعندما نشر السكاكيني طريقته في تعليم اللغة لطلاب المدارس الابتدائية، كان الأسلوب المتبع في المدارس هو التعلم عن طريق الحفظ والمحاكاة، وكان الطالب الصغير الذي لا يعرف الألف من اللام يبدأ بحفظ السور القرآنية القصيرة عن ظهر قلب، ثم يتعرف على الأحرف بالمراس، ومع الزمن يدرك الطريقة التي تكتب بها الكلمات بالملاحظة، وحتى في بريطانيا، كان الطلاب يحفظون الحروف الهجائية عن طريق الترنم بها كأغنية، ويتعلمون القراءة عن طريق الممارسة كما هو الأسلوب في الدول العربية.
وعندما أصدر السكاكيني طريقته في تدريس اللغة، لم يكن الإنسان قد وصل إلى القمر، ولم تكن وكالة الفضاء الأمريكية موجودة، وكان الراديو الوحيد في بلدتنا هو الراديو الموجود في بيت المختار، ولم يكن العالم قد عرف الفاكس ولا الهاتف ولا البيجر ولا الخليوي، والتلفزيون كان موجودا كفكرة في خيال العلماء، بل إني أذكر أن إبراهيم عبد القادر المازني كتب مقالا بمناسبة وصول الراديو إلى مقهى في قريته يصور فيه دهشته عندما سمع هذا الجهاز ينطق لأول مرة، ولم يجد تفسيرا لما يراه سوى القول أن جنيا سكنه وبدأ يتحدث بفصاحة تفوق فصاحة سحبان، ويغني بصوت أكثر رخامة من صوت اسحق الموصلي.
ورغم ثورة الاتصالات، والاكتشافات الحديثة التي توصل إليها العالم حول طريقة عمل الدماغ والجهاز العصبي، لا تزال الطريقة الصوتية البصرية التي توصل إليها السكاكيني هي المعتمدة في التدريس، وهذا هو سبب التخلف الذي يعاني منه الطلاب في العالم بأسره في الوقت الحاضر، فنحن الآن في القرن الحادي والعشرين نستعد لإقامة مستعمرات فضائية ومع ذلك فإن مناهجنا الدراسية لا تزال تفكر بعقلية الأربعينات من القرن الماضي، وتتصرف بعقلية موزع البر يد الذي يتنقل بين القرى على بغل لتوزيع الرسائل، وهو لا يعرف أن البريد الإلكتروني يمكن أن ينقل هذه الرسائل إلى أبعد مكان في الكرة الأرضية. إننا بحاجة إلى إعادة النظر في الطريقة التي نوصل فيها المعلومات لطلابنا، وابتكار أسلوب يأخذ بعين الاعتبار الإنجازات التي حققها العلم، والمعارف التي تنقلها وسائل الاتصال، إذ من غير المعقول أن تظل الهوة بهذا الاتساع بين المدرسة والمجتمع الموجودة فيه.
أبو خلدون
فنجان قهوة
التمييز ضد البدانة
أمريكا غابة من أشجار الجميز، فمعدل السمنة فيها أعلى من مثيله في المجتمعات الغربية الأخرى، وربما لا مثيل له في العالم إلا بين عجائز المكتب السياسي السوفييتي قبل انهيار الامبراطورية السوفييتية وغياب نجومها الحمراء عن الآفاق، فقد كان هؤلاء يعيشون حياة الأباطرة ويأكلون الكافيار الفاخر، بينما شعوبهم تأكل نظريات ماركس ولينين.
وأمريكا بلد الحرية، والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولديها فائض كبير من هذه القيم التي تطمح إليها المجتمعات الإنسانية بأسرها، قررت تصديره إلى الخارج، وها هي ترسل حاملات طائراتها ورجال المارينز إلى العراق وأفغانستان لنقل الحرية والديمقراطية إليهما. ولدى أمريكا قائمة ب “التمييزات المحرمة” من بينها إنه لا يجوز التفريق بين الناس واضطهادهم على أساس الدين، ولكنها تتغاضى عن ذلك عندما يتعلق الأمر بالعرب والمسلمين، ولا يجوز التفريق على أساس اللون، وإن كان المجال يسمح بشيء من التجاوز إذا كانت القضية تتعلق بمواطنيها من الزنوج ذوي الأصول الافريقية، أو بالهسبانيكس ذوي الاصول الاسبانية الذين وفدوا إليها من المكسيك ودول أمريكا الوسطى والجنوبية. وقائمة التمييزات المحرمة تمتد لتشمل منع التمييز ضد التفضيل الجنسي والسماح للمثليين من الرجال والنساء بممارسة حياتهم الاجتماعية بالشكل الذي يرونه مناسبا، كأي مواطن آخر، فهذا حقهم الطبيعي، والشذوذ قضية خاصة.
وقبل مدة أضافت بعض الولايات الأمريكية إلى قائمة التمييزات المحرمة منع التمييز ضد الشقراوات، بحيث بات إطلاق نكتة تمس الشقراوات ولو من بعيد عملا مخالفا للقانون يستوجب الغرامة والحبس، كما أضافت بلدية سان فرانسيسكو إلى القائمة التمييز ضد البدناء، وبات تحويل البدانة إلى موضوع للتنكيت عملاً مخالفاً للقانون.
وحملة منع التمييز ضد البدناء بدأت بملصق دعائي عرضته إحدى صالات الألعاب الرياضية بهدف الترويج لنشاطاتها، والملصق يقول إن الكائنات الفضائية تستعد لغزو الأرض، وسوف تلتهم البدناء أولا، وقد رد البدناء على هذا الملصق بتنظيم مظاهرة أمام صالة الألعاب شارك بها الآلاف، رقصوا خلالها في الشوارع لإظهار خفة حركتهم، ورفعوا شعارات يردون فيها على الشعار الذي عرضته الصالة.وحاول توم أميانو، رئيس مجلس المراقبين في المدينة، استغلال هذه المناسبة فطلب من المدعي العام كارول كالوم، ولجنة حقوق الإنسان، النظر في إضافة البدانة إلى الفئات الاجتماعية التي يُحظر التمييز ضدها، وتمت الموافقة على طلبه، وبررت كارول الموافقة بالقول: “إن الأطفال البدناء يحرمون من العديد من النشاطات الرياضية، مثل لعبة الكرة الطائرة، وقد حان الوقت لكي نجعل التمييز ضدهم أمرا مخالفا للقانون”.
ولا أحد يعترض على حظر التمييز ضد أي إنسان، سواء أكان بدينا أو غير بدين، ولكن: أليس ضمان حريات المواطنين الأمريكيين الأساسية وحظر اعتقال أحد وزجه في السجن دون إذن من المحكمة، لمجرد معارضتهم للنظام، أجدى بكثير من منع النكات ضد الشقراوات أو البدناء؟ وهل إطلاق نكتة ضد شخص بدين أكثر خطورة من التنصّت على اتصالات المواطنين وبريدهم ومراقبتهم على مدار الساعة؟ وحتى لو كان البدناء أغلبية، فإن التنكيت عليهم لا يمكن أن يقفز إلى سلم أولويات النظام، ولا يمكن أن يكون في حجم انتهاك حريات المواطن الأساسية.
أبو خلدون
بيض الله وجهك يا أبا خلدون
اهلا اخوي -Cheetah-
تسلم على المواضيع القيمة والمثقفة
واعجبني اسلوبك في طرح المواضيع
وان شاء الله يستمر ابداعك ويستمر عطاؤك
والله يعطيك العافية ^_^
مشكور اخوي عالوضوع الجميييل
تسلم يا اخينا ابو خلدون على المواضيع الجميلة اللي طرحتها...
السلام عليكم ورحمت الله وبركاته
ماشاء الله عليك اخي عندك موسوعات علميه مني قادر اكمل الموضوع من طوله :)
ومشكور اخوي على المعلومات الجميله والرائعه
وشكرا
آسف جدا على التأخير...
الشكر لكم يا إخوة، ونتمنى لكم الفائدة والمتعة بإذن الله.
أكرر مرة أخرى، لست أنا من كتب هذه المقالات بارك الله فيكم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع بمثابة مصدر مهم لمقالات ابن خلدون
بعد أن اختفت عن الصحيفة لسبب مجهول !
الصحيفة أصبحت مملة بدون مقالاته وغيابه ترك فراغ كبير فيها
مع احترامي لجميع الكُتاب بالصحيفة ولكن للأسف أغلب كتاباتهم
تنحصر في مجالين " المحلي والسياسي " , وقليل هم من يُنوع في مقالاته مثل حسن مدن
و جمعة الامي .
مقالات ابن خلدون كانت فعلاً فنجان قهوة الصباح مع اني أفضل الشاي:p ولكنها
فعلاً تناسب كل الأذواق والأعمار لوضوحها حتى السياسية منها , الله يحفظه ويعطية الصحة وطولة
العمر .
جزاك الله ألف خير أخي Cheetah على التجميع .
وجزاكم الله خيرا
المقالات لم تتوقف إلا مؤقتا (للإجازة على ما يبدو)، لكنها الآن عاودت الظهور مرة أخرى.
فنجان قهوة
ثقافة القتل
قبل مدة، تحدثت الصحف الأمريكية عن مجرم روع أمريكا، وقالت انه اغتصب وقتل 38 امرأة ومثل بجثثهن بوحشية، وان جرائمه امتدت على طول الولايات المتحدة وعرضها، من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، وعندما تمكن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية من اكتشاف المجرم واعتقاله وتقديمه للمحاكمة، تبين أنه مجند في المارينز، وكان ضمن القوات الأمريكية التي شاركت في حرب الخليج الأولى لتحرير الكويت.
وثوماس ماكفي، الذي نفذ انفجار المبنى الفيدرالي في أوكلاهوما، ذلك الانفجار الذي أدى إلى سقوط المئات من الضحايا، مجند في المارينز وشارك في حرب الخليج الأولى أيضا، وعندما صدر حكم بإعدامه، لم يأبه حتى باستئناف الحكم، ولم يشعر في أية لحظة من لحظات المحاكمة بأنه ارتكب جريمة أدت إلى مقتل المئات من المدنيين.
لعلها تلك الهوة التي لا قرار لها من الوحشية التي سقط فيها الجنود الأمريكيون، كما يقول المحلل العسكري واين ستاينفورد، أو لعله التناقض الغريب بين أقوال حكومتهم وأفعالها، ففي الوقت الذي تتحدث أمريكا فيه عن الحرية، فإن جنودها يلاحظون انها تنتهك الحريات في كل مكان، وفي الوقت الذي تتحدث فيه عن حقوق الإنسان، فإن الضباط يطالبون الجنود بمعاملة أسراهم معاملة الحيوانات، وهذا التناقض بين الشعارات التي ترفعها أمريكا والفعل الذي تفعله أو تأمر جنودها بفعله هو الذي أحدث حالة من الانفصام في ذهنية الجندي الأمريكي. والانفصام الذي نتحدث عنه كشفته زوجة القناص الذي أرعب أمريكا قبل مدة، وأسقط العديد من الضحايا، قبل أن يتم اعتقاله، وقد كشفته الزوجة في مقابلة أجرتها إحدى الشبكات التلفزيونية معها تحدثت فيها عن التغير الذي حدث في شخصية زوجها بعد عودته من الحرب في العراق فقالت: “بعد عودته صار شديد العصبية، أصبح شخصا لا أعرفه، فالشخص الذي أعرفه بقي في العراق ومات هناك، أما الذي عاد إلينا، فإنه لا يطيق أن يقترب أحد منه” وهذا الإحساس هو الذي دفع جون إلى الاختباء فوق سطوح المنازل وترصد المارة لاصطيادهم ببندقيته.
ويقول تشارلز شيهان، من المارينز، إن زوجته أصبحت كثيرة الارتياب بصحة عقله، بعد عودته من الحرب في العراق، وكثيرا ما تسأله: “هل أنت على ما يرام؟”، وربما كانت على حق في ذلك، فالصحف الأمريكية تتحدث بإسهاب عن جرائم مروعة يرتكبها المارينز العائدون من العراق، ومن ذلك: بول ديلاني الذي طعن صديقته السابقة 30 - 40 طعنة بالسكين، ووقف يتأمل الدماء تنزف من كل أنحاء جسمها، إلى أن ماتت، والضابط فرانك روجي الذي عذب وقتل طفلة في الحادية عشرة من عمرها، ومثل بجثتها، وجيوفري جلين هتشينسون الذي قتل صديقته وأطفالها الثلاثة، وجوزيف لاندلام الذي قتل رئيسه السابق، وكل هؤلاء من المارينز الذين شاركوا في العمليات العسكرية في العراق. وقبل مدة، شكلت قيادة المارينز لجنة من 19 عسكريا لدراسة حالة أربعة من رجال المارينز الذين شاركوا في حرب أفغانستان، وقتلوا زوجاتهم بعد عودتهم، والزوجات الضحايا هن: تريسا نيفز التي وضع زوجها المسدس على صدغها وشد على الزناد، بعد يومين من عودته من أفغانستان، وجنيفر رايت وهي أم لثلاثة أطفال ضربها زوجها ضربا مبرحا ثم أطلق النار عليها، وأندريا فلويد التي قتلت بإطلاق النار على رأسها لأنها طالبت زوجها بالطلاق، ومارلين جريفيث التي طعنها زوجها 50 طعنة، ثم أشعل فيها النار، وعزت اللجنة في تقريرها هذه الجرائم إلى ضغوط العمل، والثقافة العسكرية.
والثقافة العسكرية الأمريكية لا تعلم الجندي فن الحرب، وإنما تعلمه كيف يتحول إلى مجرم.
أبو خلدون
فنجان قهوة
كذب المنجمون
مطلع العام، من كل عام، هو موسم المنجمين الذين كذبوا ولو صدقوا، وفي رواية أخرى “ولو صدفوا” لأن تحقق نبوءاتهم يأتي بمحض الصدفة فقط.
وقصة الخليفة العباسي “المعتصم” مع المنجمين مشهورة في التاريخ، فقد كان المعتصم يستعد لفتح عمورية وتحريرها من الروم، وشعر كبار المنجمين في بغداد بالأمر فحسبوا حساباتهم وضربوا الأخماس بالأسداد بالأسباع بالأثمان، ثم خرجوا بنتيجة يحذرون فيها المعتصم من المغامرة التي سيقدم عليها وقالوا له: “إن الأرض ستشهد ظهور مذنب يأتيها من الجهة الغربية، وهذا المذنب يزورنا على فترات متباعدة، وأثناء زياراته، ينبغي ألا يبدأ أحد معركة، وإلا تعرض لهزيمة منكرة فيها، ولكن المعتصم لم يأبه لتحذيراتهم، فقد كان يدرك تماماً “أن النشوة لا تزال تلعب برؤوس الروم، إضافة إلى أن المعارك التي خاضوها في تخوم الإمبراطورية الإسلامية قد أنهكتهم، وهذا هو الوقت المناسب لمنازلتهم”. وكانت صرخة تلك الأعرابية التي صاحت “وامعتصماه” لا تزال ترن في أذنه، فحشد جيشاً وخاض المعركة وانتصر، وبهذه المناسبة كتب أبو تمام قصيدته الرائعة “فتح عمورية” التي قال فيها للمنجمين: “أين الرواية بل أين النجوم وما/ صاغوه من زخرف فيها ومن كذب/ تخرصاً وأحاديثاً ملفقةً /ليست بنبع إذا عدت ولا غرب”. وظهور المذنبات يرتبط عادة في أذهان المنجمين بالأحداث الجسام، وكذلك انتقال الكواكب الثقيلة من برج لآخر، أو التقائها في برج واحد، وعندما ظهر مذنب هالي عام 1910 حدثت الحرب العالمية الأولى، وانتابت سكان نيويورك موجة من الجنون إلى درجة أن بعضهم ألقى بنفسه من فوق أسطح البنايات، بينما ركض بعضهم في الشارع وهو شبه عار ويصيح “مذنب هالي.. مذنب هالي” وعندما عاد هذا المذنب إلينا عام 1986 حدثت حرب الخليج الثانية وانهار الاتحاد السوفييتي وتفردت أمريكا بزعامة العالم.
ومن التكهنات المشهورة في التاريخ تلك التي توقعت اغتيال يوليوس قيصر يوم 15 مارس/آذار. وما أظن المنجم إلا كان عالماً بمؤامرة خصوم القيصر لقتله، قبل موعدها.
وفي مطلع هذا القرن قال المنجمون إن العقد الأول منه سيكون عقد الأمل والسلام العالمي لأن أورانوس سيدخل برج الدلو ويحرك النوازع الإنسانية لدى الشعوب والدول، ويدفعها إلى التقارب والتعاون وتسوية مشاكلها بالحوار الودي فإذا بنا نجد هذا العقد من أكثر العقود سوءاً ودموية.
وليس عندنا فلكيون عرب على معرفة بما يطلقون عليه “علم دلالات حركة النجوم” في الوقت الحاضر، ولذلك فإن فلكيينا يترجمون توقعاتهم السنوية عن الفلكيين الغربيين الذين لا يسلمون من الارتباط بأجهزة المخابرات، فالمخابرات اخترقت المجتمع الفلكي الغربي منذ الحرب العالمية الأولى، ومنذ ذلك الحين تحولت التنبؤات السنوية إلى “رغبات” و”مخططات” السي آي اي للعالم وخصوصاً للشرق الأوسط، ويكفي أن ننظر لتنبؤات عام 2007 التي روجها الفلكيون لكي نكتشف أنها كلها رغبات أمريكية، ابتداء من الفتنة المذهبية في المنطقة، إلى توجيه ضربة لإيران وسوريا، إلى غياب العديد من الشخصيات السياسية عن المسرح إلى الحرب مع “إسرائيل” وسقوط كوريا الشمالية. والفلكيون لم يعودوا كذابين فقط وإنما أصبحوا نشيطين في السي آي اي والموساد.
أبو خلدون
فنجان قهوة
وامعتصماه
ذات يوم، ذات امبراطورية اسلامية كان أباطرة الروم في أوروبا يحنون لها الرقاب، نقض الأمبراطور الروماني “نقفور” معاهدة الصلح التي كانت بين المسلمين وبين الامبراطورة الرومانية أريني، بعد أن خلعها الروم وملّكوه، وامتنع عن دفع الجزية، وأرسل إلى هارون الرشيد رسالة يقول فيها: “من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب، أما بعد، فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مكان الرخ وأقامت نفسها مكان البيدق، فحملت إليك من أموالها ما كنت حرياً بحمل أمثالها إليها، وذلك من ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك، وإلا فالسيف بيننا وبينك”.
ولما قرأ الرشيد الكتاب استبد به غضب لم يساوره من قبل، وكتب على ظهر الكتاب: “من عبد الله هارون إلى نقفور كلب الروم، الجواب ما ستراه، لا ما ستسمعه” ثم شخص من يومه حتى أناخ بباب العاصمة الرومية، ففتح وغنم، فطلب نقفور الصلح على جزية يؤديها كل سنة، فأجابه الرشيد إلى ذلك، ثم كر راجعا بجيشه إلى بغداد، وعندما وصل الرقة شعر نقفور إن الرشيد لن يعود لمحاربته، لأن البرد كان شديدا، فنقض العهد ثانية، ولكن الرشيد رجع رغم صعوبة الطقس، ولم يعد إلا بعد إذلال نقفور. وبعد الغزوة الثانية لجأ نقفور إلى جحره ولم يعد يرفع راية العصيان، وعندما كتب إلى هارون الرشيد يطلب منه عتق إحدى السبايا الروميات بعد ذلك بفترة بسيطة كان طلبه أشبه بالالتماس والاستعطاف، فقد كتب يقول: “إلى عبد الله الرشيد من نقفور ملك الروم، أما بعد أيها الملك، إن لي حاجة لا تضرك في دينك ولا دنياك، أن تهب لابني جارية من بنات أهل هرقلة كنت قد خطبتها له، فإن أردت أن تسعفني بحاجتي فعلت “واستهداه طبيبا وسرادقا من سرادقاته، فأستجاب الرشيد إلى طلبه وأرسل إليه الجارية محملة بالمتاع والعطور والهدايا”.
وذات يوم، ذات امبراطورية إسلامية كانت تحترم كرامة رعاياها وتدافع عنهم، تعرضت فتاة تقيم على أطراف الدولة الإسلامية لسوء معاملة من جانب الروم فصرخت: “وامعتصماه” فبلغت صرختها الخليفة المعتصم، فتحرك لنجدتها والانتقام لها، وجهز جيشا وغزا عمورية، وكان هذا الغزو درسا لكل من يفكر في الاعتداء على أي مواطن في الدولة الإسلامية، كائنا من كان.
وفي عهد الخليفة المأمون، الذي كان يقرب العلماء من مجلسه ويكافئهم على الكتب التي يؤلفونها بوزن الكتاب ذهبا، اشتهر اسم عالم في امبراطورية الروم كان من افضل علماء زمانه، فدعاه المأمون إلى بغداد، ووافق الرجل على الدعوة، وعندما علم الامبراطور الروماني بذلك، أرسل إليه من يقتله على الطريق، وانتقاما لهذا العالم ظل المأمون يشن غزوا على بلاد الروم في كل سنة في ذكرى مقتله.
رجال أضاؤوا التاريخ ورفعوا راية الإسلام عاليا في الآفاق. واهتمام بالوطن وبالمواطنين ورجال الفكر لا نجد له مثيلا في التاريخ. فأي شرف واعتزاز هو ذلك الذي يدفع خليفة المسلمين إلى تجهيز حملة لغزو دولة لمجرد أن أعرابية تعرضت لسوء معاملة فيها. امرأة عادية تتعرض لسوء المعاملة، فتهب الدولة بأسرها للدفاع عنها ونجدتها، وعالم يتعرض للاغتيال فتنتقم له الدولة بغزو سنوي في ذكرى اغتياله.
هذه صور من صور عزتنا يوم كنا مرهوبي الجانب أقوياء الأركان، أما الآن، فإن صرخات الاستغاثة تنطلق من كل مكان، من غزة ولبنان، من العراق والصومال، بينما نحن نصم الآذان عنها. لقد هنّا على أنفسنا فتعرضنا للإهانة حتى من جانب أثيوبيا.
أبو خلدون
فنجان قهوة
أطفال من الفضاء الخارجي
في منتصف الثمانينات من القرن الماضي أثار طفل دون السابعة من العمر، من منطقة الحسكة في سوريا، اهتمام أجهزة الإعلام عندما زعم أنه ليس من هذه الأرض وإنما من الفضاء الخارجي، من كوكب يحمل اسم “كرايتون”، وقد قابلت الطفل وسألته عن هذا الكوكب الغريب الذي لم نسمع به، وعن الحياة في هذا الكوكب، فقال لي، وبراءة الأطفال في عينيه: إن الحياة على كوكب كرايتون أجمل بكثير من الحياة على الأرض، والناس اكثر جمالا، ويتخاطبون بلغة تختلف عن لغتنا (وذكر لي بعض جمل بهذه اللغة يبدو أنه يحفظها عن ظهر قلب، بدليل أنه كررها برتابة، ولم يتفاعل معها كما يحدث عندما يتكلم العربية). وقال إن الناس في كوكب كرايتون لا يستخدمون وسائل نقل مثلنا، ولا يمشون، وعندما يرغب أحدهم بالانتقال من مكان إلى آخر، أو حتى من كوكب إلى آخر، يضم يديه إلى بعضهما بعضاً أمام صدره، كما يفعل البوذيون عند التحية، ويغمض عينيه، فينتقل في غمضة عين إلى المكان الذي يريد. وقد خرجت بنتيجة أن الطفل من مدمني الرسوم المتحركة، وأنه تأثر بهذه الرسوم فاخترع قصة الكوكب كرايتون، أو أن أحد من يصلحون لإعداد هذه الرسوم اخترعها له.
وتتحدث البرافدا الروسية (وهي ليست صحيفة الحزب الشيوعي المشهورة التي توقفت عن الصدور عام ،1991 وإنما صحيفة تحمل الاسم نفسه) عن طفل روسي في العاشرة من العمر، يتميز بعينين واسعتين، يقول إنه جاء من المريخ.
وقصة هذا الطفل، وهو من منطقة فولجوجراد، ويدعى بوريس، بدأت عندما كان في السابعة من العمر، عندما زار مخيما لبعض العلماء الذين يعملون في تلك المنطقة النائية من روسيا وقال لهم إنه يريد أن يحدثهم عن المريخ وسكانه والرحلات الفضائية التي يقومون بها إلى الأرض. ثم بدأ يتحدث عن المريخ، وطبيعته، ومناخه، والمدن المزدهرة التي كانت تقوم عليه، وقال إن هذا الكوكب كان في الماضي، موطنا لحضارة اكثر تقدما من حضارة الأرض الحالية بكثير، وقد ابيدت هذه الحضارة بحرب نووية مدمرة بين المريخيين. وأضاف إن هذا الكوكب لا يزال مسكونا ولكن سكانه يعيشون تحت أرضه، ويستنشقون غازات كربونية ولا يستطيعون العيش في جو كوكب الأرض. ثم تحدث عن حضارة لوميرا التي تقول الأساطير إنها كانت قائمة إلى جانب حضارة اطلانطيس على الأرض قبل ما يزيد على 100 ألف سنة، وقال إن سكان المريخ زاروا الأرض عدة مرات عندما كانت هذه الحضارة قائمة، وتعرفوا إلى سكانها، كما إنهم كانوا يقومون برحلات فضائية إلى المجموعات الشمسية الأخرى. ثم بدأ يعد المجموعات النجمية ويتحدث عن النجوم والكواكب وأقمارها، وذكر أسماء عدة كواكب لم يكتشفها العلماء حتى الآن.
وطوال ما يزيد على الساعتين، ظل العلماء يستمعون إليه باهتمام بالغ وهو يتحدث عن هذا الكون الغريب الذي يحيط بنا، واعترف العلماء بأنه يمتلك معلومات واسعة عن الفضاء الخارجي، فضلا عن أن المعلومات التي ذكرها عن حضارة لوميرا غير متوفرة إلا للباحثين المختصين، إضافة إلى أنه كان يستخدم مصطلحات علمية دقيقة لا يعرفها الناس العاديون عندما يتحدث عن المجموعات النجمية وكواكبها وأقمارها، وقال أحد العلماء إنه يستبعد تماما أن يكون حديثه مجرد خيال أطفال، أو أن يكون أحدهم قد ابتدع هذا الحديث له.
والروس بحاجة الآن، أكثر من أي وقت مضى، إلى تسلية تصرف نظرهم عن المعاناة التي يعيشونها، ويبدو أن قصة البرافدا تدخل في هذا الإطار.
أبو خلدون
فنجان قهوة
النازية والصهيونية
يذكر كبار السن من الفلسطينيين أن باخرة تحمل اسم “تل أبيب” وصلت إلى ميناء حيفا عام 1935 وهي تقل عددا كبيرا من المهاجرين الألمان. كانت الباخرة ترفع العلم الألماني، وقبطانها عضو في الحزب النازي ومالكها ثري صهيوني، وتبين فيما بعد أن الباخرة وصلت بموجب اتفاق بين زعماء النازية ورؤساء المنظمة الصهيونية العالمية وكان مفتي فلسطين الأكبر، الحاج أمين الحسيني يقول إنه كتب رسالة احتجاج إلى هتلر حول الاتفاق قال فيها: “إن عمال الميناء من الفلسطينيين كانوا ينظرون إلى الباخرة ويتصورون أنهم في حلم، أو أن أعينهم تخدعهم، إذ لم يكونوا يتصورون حتى في أحلامهم أن ألمانيا ستضخ هذه الحقنة المنشطة في عضل الصهاينة الذين يطمحون لإنشاء دولة يهودية في فلسطين” ولم يتلق الحاج أمين ردا على رسالته.
ويقول الصحافي الألماني البارز كلاوس بولكين، في كتابه “الاتصالات السرية” وأوليفيا أوجاردي في كتابها “وحوش الأبوكاليبس” إن التعاون كان كاملا بين الزعماء الصهاينة وألمانيا النازية، رغم كل ما يقال عن اضطهاد النازيين لليهود الألمان، وقد أثمر هذا التعاون برنامجا يطلق عليه اسم “هافارا” يتيح لليهود الهجرة من ألمانيا ومقايضة ممتلكاتهم بمعدات وأجهزة ومنتوجات من صنع ألماني، وقبل بداية الحرب العالمية الثانية كان الصهاينة في فلسطين قد استقبلوا70 ألف مهاجر من ألمانيا من خيرة المثقفين، وتلقوا ما تعادل قيمته 140 مليون مارك من المعدات الصناعية الألمانية شكلت البنية التحتية للصناعة “الإسرائيلية” في المستقبل، وأنقذت الاقتصاد الألماني الذي كان يعاني في تلك الفترة بسبب مقاطعة اليهود في كل مكان في العالم للبضائع الألمانية. وبموجب هذا البرنامج، جرى تكليف الزعيم النازي أدولف إيخمان الذي اختطفه اليهود من الأرجنتين وقدموه للمحاكمة كمجرم حرب، بإنشاء ما أطلق عليه “معسكرات زراعية” للشباب اليهود في النمسا لتدريبهم على حياة الكيبوتز، كما زار فلسطين والتقى مع زعماء الأقلية اليهودية فيها، ووضع القواعد الأساسية للتعاون بينهم وبين ألمانيا، وأعد تقريرا بذلك لا يزال محفوظا في أرشيف ملفات هتلر.
ويعيد المؤرخون التعاون بين الصهاينة والنازيين إلى سببين: أولهما عنصرية الحركتين، فكلاهما يؤمن بنقاء العنصر، وثانيهما أن هذا التعاون يفيد الطرفين، فهو يريح ألمانيا من عدد كبير من مواطنيها اليهود البالغ عددهم في منتصف الثلاثينات نصف مليون شخص كان 9000 منهم يؤمنون بالصهيونية فقط، والباقي يطالب بالاندماج في المجتمع الألماني ويرفض الفلسفة الصهيونية، وفي الوقت نفسه يساهم التعاون في تنشيط الهجرة بين يهود النخبة إلى “إسرائيل”، ويذكر الحاخام موشيه شونفيلد أن التعاون ظل قائما حتى أثناء ما يطلق عليه “الهولوكوست” ويقول إن زعماء المجلس اليهودي العالمي تعاونوا مع النازيين وخدعوا اليهود من غير الصهاينة، وكان الصهاينة يرون أن الأفضل لليهودي الأوروبي غير الصهيوني أن يموت، كما كانوا يرون أن الهولوكوست يمكن أن توفر أرضية أخلاقية وسياسية لإنشاء الدولة اليهودية التي حلم بها هرتزل، ويذكر حاييم وايزمن أنه قال، عندما سمع الأخبار الأولى عن الهولوكوست: “هذه حجر الأساس لقيام إسرائيل”.
ويقول المؤرخ بن هشت إن النزاع في الشرق الأوسط لا يمكن النظر إليه بمعزل عن التاريخ، ويضيف: إن حل المشكلة ليس في يد زعماء الليكود وكاديما وحزب العمل في “إسرائيل” ولا في يد أمريكا أو يهود أمريكا، وإنما بيد أباطرة المال اليهود في الغرب، فهم الذين خلقوا المشكلة من الأساس، والصهيونية مجرد حركة وظيفية لهم.
وربما كان بن هشت على حق في ذلك.
أبو خلدون
فنجان قهوة
رقص سياسي
من سالومي ذات الغلائل السبع، التي رقصت تلك الرقصة الشهيرة أمام هيرود، ملك اليهود إبان الحكم الروماني لفلسطين، لكي تتمكن من إغوائه ومساعدتها على التخلص من نبي الله يحيى الذي يقف عائقا دون تحقيق طموحاتها السياسية المنافية للأعراف والدين والأخلاق، إلى نجوى فؤاد التي رقصت أمام كيسنجر، إلى مادونا التي عبرت عن معارضتها لعملية غزو العراق ب “رقصة القنابل” التي صورت فيها عملية الغزو بمثابة القاء قنابل على الأمريكيين، وجعلت القنبلة الأخيرة من نصيب بوش، فألقتها في حضنه، لم يكن الرقص بعيدا عن السياسة، بل إنه كان إحدى أدواتها، وقبل مدة صدر في بريطانيا كتاب لويندي فينتورا يتناول التوظيف السياسي للرقص.
ويعتبر الزعيم الفييتنامي “جياب” أبرز من وظف الرقص سياسيا، فعندما نفذ هجوم التيت الكبير الذي احتل فيه 36 مدينة وقرية فييتنامية جنوبية وطرد القوات الأمريكية منها، فوجيء بأن الأمريكيين نجحوا في إجراء عملية غسيل دماغ لسكان هذه القرى وأوهموهم أن خصومهم الشيوعيين من الفييتناميين الشماليين من أكلة لحوم البشر، ولذلك طلب من قواته مساعدة سكان هذه القرى في حياتهم اليومية، وحراثة الأرض وزراعتها، وفي المساء طلب منهم جمع السكان في الساحات العامة وتعليمهم الرقصات الشعبية الفييتنامية على أنغام الأناشيد الثورية، وعندما استعاد الأمريكيون المناطق التي طردهم جياب منها، فوجئوا بالسكان يستقبلونهم بالرقصات الفييتنامية والأغاني والأناشيد التي علمهم إياها الفيتكونج.
والسياسيون يحبون الرقص، وفي التعبير الشائع أن السياسي هو ذلك الرجل الذي يرقص على الحبال، ويقال إن ستالين، عندما كان يرغب في الترويح عن نفسه، في الحفلات التي كان يقيمها في منزله، كان يطلب من خروتشيف الرقص، ويجلس يتأمله ويضحك، بينما خروتشيف يتنطنط وكأنه يتدحرج، أو كأنه كرة كبيرة نبت لها رأس، ومع ذلك فإن خروتشيف كان يتحمل إجراءات التحقير الستالينية هذه، من أجل تحقيق أهدافه السياسية.
وفي كل دول العالم، كانت الحكومات الثورية تحتفل بمناسباتها بالرقص، وكانت الشعوب ترقص في هذه المناسبات، ولكن كالطير يرقص مذبوحا من الألم. والمقاومة الفلسطينية كان لها فرقة شعبية تشارك في إحياء الأعراس، وفي لبنان يلجأ المعتصمون في ساحة رياض الصلح وساحة الشهداء إلى الرقص و “الدبكة” على إيقاع الهتافات المناهضة لخصومهم.
وبعض حكومات أوروبا كانت تستغل الرقص لمحاربة الحركات الراديكالية المتطرفة، ومثال على ذلك، فإنه في منتصف القرن التاسع عشر، وإبان عهد الثورات التي عصفت بأوروبا، كان المسؤولون يشجعون الشباب على الإقبال على رقصة الفالس، دون أن يعترض دعاة الأخلاق، وذلك لأنهم رأوا في هذه الرقصة خير وسيلة لتفريغ النفوس الثائرة والمتأهبة للانضواء في الحركات الراديكالية، وبالفعل، كلما زاد انتشار الفالس، كلما قل عدد الشباب الذين يميلون إلى التطرف، أما المرأة، فقد رأت في هذه الرقصة وسيلة عملية لمنح الأنثى قسطا من الحرية، يوازي القسط الذي يتمتع به الرجل، ولذلك أقبلت عليها..وأمريكا التي أزالت الغلائل السبع ووقفت أمام أحفاد هيرود بلباس سالومي، وكشف دورها الحقيقي: حاملة طائرات جاهزة في خدمة الصهيونية، اختارت لنا نحن رقصة الفالس، لسبب وجيه هو: أن كل خطوة إلى الأمام في هذه الرقصة تقابلها خطوتان إلى الوراء.
أبو خلدون
فنجان قهوة
الفاشيون الأمريكيون
كريس هيدجيز، مدير مكتب جريدة “نيويورك تايمز” الأمريكية السابق في الشرق الأوسط والبلقان، شارك في تغطية الحروب والاضطرابات والفتن الأهلية التي حدثت في هاتين المنطقتين في أكثر الفترات اضطرابا في تاريخهما، وسبق له المشاركة في تغطية الاضطرابات والحروب الأهلية في أمريكا الوسطى والجنوبية، وفي كتابه: “الحروب قوة تعطينا درسا” الحائز على جائزة بوليتزر، يقدم كريس نفسه بالقول: “رافقت الجيوش النظامية في الغارات على معاقل رجال المقاومة في المناطق النائية في أمريكا الوسطى والجنوبية، وتعرضت لإطلاق نار كثيف في سهوب جنوب العراق ودخلت الحبس في السودان، وتعرضت للضرب من قبل الشرطة العسكرية في العديد من المدن، وطُرِدت من ليبيا وإيران، واحتجزني الحرس الجمهوري العراقي لمدة أسبوع أثناء تمرد الجنوب بعد حرب الخليج الثانية، وطاردتني طائرة ميج 21 روسية بقذائفها وصلياتها في البوسنة، وأثناء عمليات القصف الصربي المكثف لسيراييفو، كنت أتكوم على نفسي في مخبئي بينما القذائف المدفعية والصاروخية تنهال على المنطقة من جانب الصرب من كل صوب”.
وطوال العقود الأربعة الماضية كانت الحرب هي الخبز اليومي لهذا الصحافي، وكانت مفردات الفئات التي تشارك فيها، من الحرية والديمقراطية والتحرر والاستعمار والاستعمار الجديد والفاشية والإرهاب إلى غير ذلك، هي المفردات التي تتردد على لسانه، وعلى ضوء هذه الخلفية فإنه يقول في كتابه الذي صدر قبل أيام بعنوان “الفاشيون الأمريكيون: الحرب التي يشنها اليمين المتطرف ضد أمريكا” إن العمليات التي تنفذها القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان شبيهة بالعمليات التي كان ينفذها الأرهابيون، والتي أمضى كريس عمره في تغطية أخبارها، و”الفاشية الإسلامية” التي يتحدث عنها الرئيس الأمريكي جورج بوش لا وجود لها إلا في ذهنه، أما الفاشية الحقيقية فهي تلك التي يمارسها في العراق وأفغانستان، وحملات التحريض والتشنج التي يشنها اليمين المتطرف المتحالف مع الصهيونية العالمية داخل الولايات المتحدة شبيهة في أسلوبها وتطرفها بالحملات الإعلامية التي كان يشنها الفاشيون الإرهابيون في أمريكا الجنوبية والوسطى والبلقان والشرق الأوسط، ويضيف: إن اليمين الأمريكي المتطرف المتحالف مع الصهاينة سيجر أمريكا إلى سلسلة من الحروب الخارجية لها أول وليس لها آخر، وربما إلى حرب أهلية أمريكية في الداخل”.
وكريس لا يستبعد نشوب حرب أهلية في الولايات المتحدة تعيد إلى الأذهان حرب الشمال والجنوب، بل إنه يرى أن هذه الحرب ستكون لها حسنات، من بينها: إعادة أمريكا إلى صوابها، وقبل مدة ألقى محاضرة حرّض فيها الأمريكيين على الثورة، فقد بدأ محاضرته بالقول: “جئت لأحرضكم، الجأوا إلى الخنادق واحملوا أسلحتكم وعبّئوا مخازن الذخيرة فيها وكونوا على أهبة الاستعداد”.
ويقول كريس في كتابه إن اليمين المتطرف المتحالف مع الصهيونية العالمية يسعى لفرض نظام توتاليتاري فاشي في الولايات المتحدة، يتحول فيه الأمريكيون إلى قطيع من النعاج، ويضيف: “إنهم يعرفون تماما ما يفعلون ويخططون لكل خطوة بشكل دقيق، واحتكارهم لأجهزة الإعلام والمؤسسات المالية احتكار متطور جدا، وهم يدركون أهمية ما يحتكرون، ويتفهمون اليأس والانكسار الذي يعاني منه الشعب ويعرفون كيف يبتزون الجماهير لكي تتحول إلى وسيلة لتحقيق غاياتهم”. ويقول كريس إن اليمين المتطرف سيحاول دفع الولايات المتحدة إلى عدم الاستقرار، سياسيا واجتماعيا، وعندما يتحقق ذلك تسنح له الفرصة التي ينتظرها منذ أمد، ولكن وصوله إلى السلطة مرتبط بأزمة داخلية كبيرة، كأزمة الكساد الكبير التي حدثت في القرن الماضي، وإذا حدثت هذه الأزمة، فإنهم سيقفزون إلى الحكم”.
والنظام الأمريكي ليس من المناعة بحيث يحول دون ذلك.
أبو خلدون
فنجان قهوة
النكتة الألمانية
ستة عقود ونيف مرت على انتحار هتلر الذي قادت سياسته التوسعية إلى الحرب العالمية الثانية التي دمرت أوروبا وجلبت للشعب الألماني الكثير من المآسي التي لا يزال يعاني منها حتى الآن، وإذا كان الألمان ينظرون بغضب إلى الحقبة النازية، فإنهم ينظرون بغضب أيضا إلى فيلم سيعرض في برلين بعد أيام بعنوان “أصدق الصدق الصادق عن أدولف هتلر” من إخراج اليهودي داني ليفي لأنه يتناول سيرة الزعيم النازي بطريقة ساخرة ويقدمه بصورة زعيم مدمن يعاني من التبول اللاإرادي والعديد من مركبات النقص. ويقول الألمان إن هذا الأسلوب ليس هو الأمثل للحديث عن مرحلة من تاريخهم. يضاف إلى ذلك انهم يرون أنه من الأفضل القول إنهم ساروا وراء هتلر وهم يعرفون أنه طاغية سيقودهم إلى مصير مجهول، عن القول إنهم ساروا وراءه وهم يعرفون انه مهرج لا يستحق إلا السخرية، إذ لا شعب يحترم نفسه يسير وراء مهرج.
وقبل أيام صدر في برلين كتاب من تأليف المخرج وكاتب السيناريو اليهودي، أيضا، رودولف هيرتزوغ عن النكتة خلال الحقبة النازية بعنوان “هايل هتلر”، ويقول هيرتزوغ في كتابه الذي جمع فيه كل ما وصل إليه من النكات التي أطلقها الألمان عن فترة حكم هتلر واعتمد في ذلك على روايات العديد من كبار السن الذين عاشوا الحقبة النازية إن الألمان كانوا يعرفون منذ وصول النازيين إلى الحكم أن هتلر طاغية، ولكنهم لم يكونوا يخافونه، ولو كانوا كذلك لما أطلقوا النكات عليه.
وفي بداية حكمه في أوائل الثلاثينات من القرن الماضي كان هتلر يطرب للنكتة ويحب سماعها، ويسأل مساعديه عن الجديد منها، ومن النكات التي انتشرت في تلك الفترة: “ان هتلر زار مستشفى للأمراض العقلية ليتفقد حالة المرضى، وكلما مر على جماعة منهم أدوا له التحية النازية، ولاحظ بينهم رجلاً لم يفعل ذلك فاقترب منه وسأله بغضب: لماذا لا تؤدي التحية مثل بقية زملائك؟ فقال الرجل: سيدي الفوهرر، أنا الممرض، ولست مجنونا مثلهم”. ونكتة أخرى تتحدث عن استئثار النازيين بالوظائف المهمة في القطاعين العام والخاص: “زار هتلر أحد المصانع، وأثناء الجولة سأل مدير المصنع: هل لديكم موظفون من الحزب الديمقراطي الاشتراكي؟ فقال المدير: 80% من موظفينا ينتمون إلى هذا الحزب سيدي؟ فقال هتلر، وهل لديكم موظفون من حزب الوسط؟ فقال المدير: 20% يا سيدي، فقال هتلر: وكم عدد الموظفين من الحزب النازي؟ فقال المدير: كلنا من الحزب النازي سيدي”. ونكتة أخرى: “قالت فتاة لصديقتها: والدي التحق بالصاعقة، وأخي الأكبر بالقوات الخاصة، والأصغر بتنظيم الشباب النازي وأمي بالجمعية النسائية النازية، وأنا التحقت بتنظيم الفتيات النازي. فقالت صديقتها: وهل يتوفر لكم من الوقت للقاءات عائلية؟ فقالت الفتاة: نعم، نلتقي في مؤتمر الحزب السنوي في نوريمبرج”.
ومعسكرات الاعتقال النازية كان لها نصيبها من النكات، ومن ذلك: التقى صديقان، فقال الأول: سعيد برؤيتك.. كيف كانت تجربتك في معسكر الاعتقال؟ فقال الثاني: رائعة، في الصباح كانوا يقدمون لنا إفطارا شهيا، وعند الغداء شوربا ولحماً وحلويات، وعند العصر نمارس هواياتنا الرياضية والفنية والموسيقية، وفي المساء يقدمون لنا عشاء شهيا ونحضر فيلما سينمائيا ثم نذهب للنوم. فاستغرب صديقه، وقال له: غريب لقد روى لي صديقنا ماير قصة مختلفة تماما، فرد الأول: ولهذا أعادوه إلى المعتقل.
وفي الفترة الأخيرة من حكمه منع هتلر النكات السياسية وأمر بمتابعة مطلقيها ومروجيها، وفي عام 1944 أعدمت فتاة تدعى ماريان إليس بسبب نكتة تقول إن هتلر كان يقف مع مساعده جورينج على سطح مبنى المستشارية في برلين، فقال هتلر: أتمنى أن أفعل شيئاً كبيراً لشعبي يسعد الجميع ويخلده التاريخ، فقال جورينج: تستطيع أن تفعل ذلك سيدي، فقال هتلر: كيف؟ فأجاب جورينج: بأن تلقي بنفسك من على سطح المستشارية إلى الشارع. ويقال إن أحد زملاء ماريان سمعها وهي تروي النكتة فوشى بها إلى السلطات.
أبو خلدون
فنجان قهوة
مصالحة مع الذات
ذات يوم، استيقظ المفكر الأمريكي إيكهارت تول من نومه مغتماً. كان يشعر بالأسى، وبدا له أنه يحمل كل هموم العالم فوق كاهله، وأحس بأنه يكره الدنيا، ويكره الناس، ويكره حتى نفسه، وعندما استبد به اليأس، فكّر في الانتحار.
شيء مؤلم أن يشعر الإنسان بالعدمية، واللاشيئية، وأن الفشل هو كل نصيبه من الحياة، وأن المآسي هي الشيء الوحيد الذي يطرق بابه.
وفجأة، لمعت له فكرة، وقال في نفسه: إن الأفكار التي تتزاحم في مخيلتي هي التي تجعلني أشعر بهذا الإحباط، وهي التي تحاول الآن دفعي إلى الانتحار، وأعتقد أن حالتي ستتحسن إذا طردت هذه الأفكار عني، واستبدلتها بأفكار أكثر إيجابية، وعندما فعل ذلك استعاد توازنه وثقته بنفسه، وأصبح أكثر إقبالا على الحياة.
وكانت هذه التجربة نقطة تحول في حياته، فبدأ يطوف المدن الأمريكية ليلقي محاضرات يحاول فيها شحن الناس بالأمل، ويقول لهم إن الذين يبالغون في تضخيم مشاكلهم بحيث يجعلونها تستوعب حياتهم كلها وتغلق عليهم سبل التفكير، يقعون أسرى لهذه المشكلات، والذين ينظرون إلى النصف الفارغ من الكأس ويرون الجانب الأسود من الحياة حتماً تتغير نظرتهم إذا نظروا إلى النصف الممتلىء، ثم نشر كتابا بعنوان “قوة اللحظة” يحتل حاليا قائمة أكثر الكتب مبيعا في الولايات المتحدة يقول فيه: لا تجعل نفسك أسيرا للأفكار السوداوية، لأن عقلك الذي يطرح هذه الأفكار سيغيرها قريبا بأفكار أكثر تفاؤلا، وتصبح الأفكار القديمة التي نغّصت عليك حياتك شيئا من الماضي.
ويقول إيكهارت تول إن التفكير الإيجابي مسألة تعود، ومع الزمن تبتعد الأفكار السوداوية، حيثما وجدت، عن الذهن، وتحل مكانها أفكار إيجابية وتشيع السعادة في الحياة، والمفتاح الرئيسي لذلك هو الإيمان، وكلما كان إيمانك بالله أكبر، كان تفكيرك أكثر إيجابية، وحياتك أكثر سعادة، ثم يطرح في كتابه عددا من النصائح لجعل الحياة أكثر جمالا، هي:
* لا تحمل نفسك آلاماً جديدة، فحياتنا مليئة بالآلام، ولذلك ينبغي أن نبعد الأفكار التي تسبب لنا الألم عن عقولنا، والحياة تسير، سواء كنا إيجابيين أو سلبيين، فلنحاول الانضمام إلى ركب الحياة النابض، فالنبتة التي يتملكها اليأس تذبل وتموت.
* حاول أن تجعل لحياتك هدفا، واصرف كل جهدك لتحقيق هذا الهدف، ولا تنس أن كل لحظة من لحظات العمر ثمينة جدا، فلا تتركها تمر دون فائدة، ومهما كانت مشاكلك، والتضحيات التي تقدمها، فإن الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه كفيل بجعل هذه المشاكل والتضحيات ذات طعم آخر، وكلما خطوت خطوة جديدة باتجاه تحقيق الهدف ستنسى كل ما عانيت من متاعب في سبيلها.
* تذكر أن الهدوء والسعادة هما القاعدة الأساسية في الحياة، والهموم والنكد هما الاستثناء، وكلما داهمتك أفكار سوداوية ينبغي أن تدرك أن الحياة تريد أن تعلمك درسا جديدا، فحاول استيعاب الدرس بسرعة لتزول هذه الأفكار بسرعة أيضا.
ويقول إيكهارت تول في كتابه إن هنالك طاقة مذهلة في داخلنا ضعفت إلى حد كبير بسبب انصرافنا إلى الحياة المادية، وإذا استطعنا تنشيط هذه الطاقة فإنها ستوفر لنا حلاً لكل مشكلة تعترض سبيلنا. والوسيلة الوحيدة لتنشيط هذه الطاقة هي السلام الروحي، والاتجاه إلى الله بكل كياننا، إذ إن ذلك سيمنح كل لحظة من حياتنا قوة غير عادية، هي “قوة اللحظة”.
أبو خلدون
http://www.alkhaleej.ae/dak/images/2.../13/haroon.jpg
فنجان قهوة
إرهاب من نوع آخر
أخطر أنواع الإرهاب الذي يتعرض له الفرد في المجتمعات الغربية ليس الإرهاب الآتي من الخارج، وإنما الإرهاب الذي يمارسه الناس ضد بعضهم بعضا تحت حماية القانون. والفرد الغربي الذي يشعر أن القانون سلاح قوي في يده، وأنه يستطيع أن يحصل على حقه من خصمه، كائنا من كان، يشعر أيضا أن القانون يحاصره ويحصي عليه حركاته وسكناته وأنفاسه، ويدرك تماما أن أي تصرف خاضع للتأويل يمكن ان ينتهي به إلى السجن، بسبب ظاهرة بدأت تنتشر على نطاق واسع في الغرب، وخصوصاً في الولايات المتحدة يطلق عليها علماء الاجتماع اسم “ظاهرة إساءة استغلال القانون”.
وهذه الظاهرة دفعت عدداً من الشخصيات البارزة في ميتشيجان إلى تشكيل جمعية أهلية هدفها “منع الإرهاب عن طريق القضاء”، أطلق عليها اسم: “جمعية ميتشيجان لمراقبة إساءة استغلال النظام القضائي” وبعد تشكيل الجمعية بأيام تعرضت للإرهاب عن طريق القضاء، فقد رفع أحدهم دعوى ضد أحد أعضائها لأنه دق بابه لجمع التبرعات واتهمه في الدعوى باقتحام المنزل دون إذن. وفي ما يلي أمثلة على بعض الدعاوى التي نظرت فيها المحاكم الأمريكية مؤخرا:
* رفع أحد السجناء دعوى ضد إدارة السجون في ولاية نيوجيرسي ادعى فيها أن الغذاء الذي تقدمه إدارة السجن له جعلته يصاب بانتفاخ بالبطن، وطالب بتعويض كبير مقابل ذلك.
* أخذت امرأة مفرقعة نارية (ألعاب أسهم نارية) من ابنها لتلهو بها، وعندما كانت العائلة تتناول طعام الغداء في نزهة في البر، أشعلت المرأة المفرقعة وحاولت إطلاقها في الهواء، ولكنها لم تطلقها بالطريقة الصحيحة، وأصابت يدها بحروق، وفي اليوم التالي رفعت دعوى ضد المحل التجاري الذي اشترى ابنها الأسهم النارية منه، قائلة انه ينبغي على المحل عدم عرض المفرقعة للبيع من دون وضع تحذيرات عليها، وبيانات حول الطريقة الصحيحة لإطلاقها.
* في ليلة رأس السنة شاهد أحد رجال الشرطة امرأة عجوزا في حالة سكر بينة، ولكنه قرر عدم احتجازها في المخفر، بسبب كبر سنها، وتشاء المصادفة أن تقع المرأة وتصاب برضوض مؤلمة في جسدها، فرفعت دعوى ضد الشرطي تطالبه بتعويض، وقالت في الدعوى: لو أن الشرطي احتجزني عندما لاحظ أنني في حالة سكر، لما وقعت، وحدث ما حدث.
* رفعت سيدة دعوى ضد أحد نوادي البولينج قائلة إنها وقعت، أثناء اللعب في النادي، مما أدى إلى إصابتها برضوض وآلام شديدة في ظهرها، وعندما عرضت المحكمة هذه المرأة على الأطباء المختصين للفحص، كشف تاريخها المرضي انها تعاني من آلام في الظهر منذ ما يزيد على عشر سنوات، كما كشفت التحقيقات أنها استمرت في ممارسة رياضة البولينج لمدة 14 أسبوعا بعد سقوطها.
والمحاكم الأمريكية، بالطبع، رفضت معظم هذه الدعاوى، ولكن المشكلة هي أن الشاكي والمشتكي في كل واحدة منها تعرضا للكثير من القلق والكوابيس، وتكلفا الكثير من الجهد والنفقات والرسوم القانونية وأتعاب المحامين، فضلا عن إضاعة الوقت، وإزعاج القضاة. ويلاحظ أن المواطن الأمريكي بات ينتظر كل فرصة تسنح له لابتزاز مواطن آخر، ولا يجد وسيلة لذلك إلا المحاكم.
ومنذ إنشائها، قررت جمعية ميتشيجان لمراقبة إساءة استغلال النظام القضائي في الولايات المتحدة إجراء مسابقة سنوية لأفضل لافتة تحذيرية، وقد فازت في المسابقة التي أجرتها الجمعية مؤخرا لافتة وضعت على عربة لنقل الأطفال كتب عليها: ارفع الطفل من العربة قبل طويها.
أبو خلدون
فنجان قهوة
فرص ضائعة
كأنما الأيام تلقي أمامنا، نحن العرب، بالفرص التاريخية فنتردد في انتهازها لعدم تبصرنا. فقبل مدة نشر الصحافي البريطاني نيل ماكاي مقالا في الصنداي هيرالد، الواسعة الانتشار، ردد فيه بصوت مسموع ما يردده الكثيرون في الغرب بينهم وبين أنفسهم، وهم يخشون أن يكون هنالك من يسمع، وهو: إن الموساد “الإسرائيلي” كان على علم مسبق بتفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، ومع ذلك فإنه لم يفعل شيئا لإحباط العملية، وترك الآلاف من الأمريكيين يسقطون تحت الأنقاض، والاستنتاج الذي خرج به القراء من مقال نيل ماكاي هو: إن عملية نسف برجي مركز التجارة العالمي حدثت لجر الولايات المتحدة إلى المشاركة، في حرب “صراع الحضارات” الذي لا تستفيد منه الحضارة الغربية، كما حدث أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما جرى جرها للمشاركة في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل، كما خرج القراء باستنتاج هو أن الدولة التي تشارك في تنفيذ عملية إرهابية من نوع نسف البرجين، أو تعرف بوجود مخطط لعملية من هذا النوع ولا تتحرك لإحباطه (وهي في هذه الحالة “إسرائيل”) لا تستحق البقاء كدولة، لأن وجودها يشكل خطرا على السلام والأمن العالميين.
ولم يترك المقال أية ردود فعل سلبية لدى القراء، باستثناء الأقلية اليهودية في بريطانيا، التي وصفت نيل ماكاي باللاسامية.
ورفض نيل ماكاي الاعتذار، وقال إن مقاله يستند إلى تحقيق طويل ومضن أجراه خلال العامين الماضيين حول الحادث، وإلى شهادات الشهود والخبراء.
وفي بلجيكا التي استقبلت محاكمها دعوى رفعتها عائلات ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا ضد شارون، طالبوا فيها بمحاكمته كمجرم حرب، مما اضطر البرلمان البلجيكي إلى تعديل القانون الذي جرى تقديم الدعوى بموجبه، واشتكى وزير الخارجية “الإسرائيلية” من موجة العداء المناهضة لليهود و”إسرائيل”، وأعاد إلى الأذهان أن موجة مشابهة أدت إلى الهولوكوست في الماضي، وقال: “إن هذه الموجة مشكلة بالنسبة ل”اسرائيل” واليهود”. وفي كل مكان توجد فيه أقليات يهودية، ترتفع الأصوات شاكية ومنددة، وفي استفتاء أجري في دول السوق الأوروبية المشتركة، تبين أن أغلبية الأوروبيين يعتقدون أن “إسرائيل” هي الأكثر خطرا على السلام العالمي، وفي استفتاء أجرته صحيفتا جلوب وميل بالتعاون مع إحدى مؤسسات استطلاع الرأي طالب 63% من القراء بقطع المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة عن “إسرائيل” وكان عدد الذين طالبوا بالاستمرار في تقديم المساعدات هو 7% فقط. وكنا نتصور أن المشروع الأمريكي الذي يهدد بإسقاط الشرق الأوسط بأسره تحت اليهمنة “الاسرائيلية” سيتمكن من دفعنا إلى تجاوز خلافاتنا الداخلية والتوحد في مواجهته، ولكن ذلك لم يحدث. وها هو المشروع يسقط، وها هي دول العالم بأسره تستعد للمشاركة في إعلان وفاته، إلا نحن، إذ إننا لم نصدق، أو لا نريد أن نصدق، إنه سقط، ومن أجل ذلك ترتد البندقية الفلسطينية عن صدور “الإسرائيليين” إلى صدور رفاق الخندق الواحد، وتغزو أثيوبيا الصومال ولا تهتز شعرة في شنبات أي عربي، وينقسم العرب إلى عربين في لبنان ونحن نتفرج. وعندما نستفيق من غفوتنا ونصدق أن المشروع الأمريكي قد سقط، وأن هنالك تحولاً في الرأي العام العالمي تجاه “إسرائيل” يكون الوقت قد فات للاستفادة من ذلك.
أبو خلدون
فنجان قهوة
عارض ملكة النحل
لا عزاء للسيدات، فقد فتحت كل دول العالم أبوابها واسعة أمام المرأة لكي تشارك الرجل في كل المجالات، وبعض الدول وصلت فيها المرأة إلى أرفع المناصب، فالهند كانت تحكمها امرأة هي أنديرا غاندي، وسيريلانكا كانت تحكمها باندرانايكه، وبريطانيا خضعت لحكم المرأة الحديدية مارجريت تاتشر، وفي ألمانيا تحتل أنجيلا ميركل الآن الكرسي ذاته الذي احتله من قبلها كونراد اديناور صانع المعجزة الألمانية، وبرلمانات العالم في كل مكان باتت تعج بصاحبات الوجوه الناعمة المصبوغة بالألوان، والشعر المميش، والأظافر الملونة بالمانيكير، وعندما أطلق الاتحاد السوفييتي كبسولته الفضائية المأهولة الأولى للفضاء وضع فيها كلبة أنثى اسمها “لايكا” ولم يضع فيها كلبا ذكرا اسمه “لايك”، وبعدما لف جاجارين حول الكرة الأرضية بضع ساعات ودخل التاريخ باعتباره أول إنسان يرى الأرض من الفضاء تبعته فالنتينا تيرشيكوفا على الأثر بجولة فضائية أطول حطمت فيها الرقم الذي سجله جاجارين في الفضاء.
ومن الافتراء أن نقول إن الرجل لا يزال يظلم المرأة ويسلبها حقوقها، ويعتبرها دونه منزلة وكفاءة، فقد أثبتت الدراسات أن المرأة هي التي تفعل ذلك، وإنها هي التي تعتبر الرجل أكثر كفاءة ومقدرة منها، وإذا تقدم اثنان بنفس الكفاءة لوظيفة شاغرة، أحدهما ذكر والآخر انثى، وكانت مديرة الشركة امرأة، فإنها تختار الرجل، أما إذا كان المدير رجلا فإنه غالباً ما يختار المرأة.
ويتحدث علماء النفس عما يطلقون عليه اسم “عارض ملكة النحل”، وهذا العارض يصيب المرأة العاملة، خصوصا إذا كانت تحتل مركزا مسؤولا، ويدفعها للشعور بعدم الاطمئنان لوجود امرأة أخرى إلى جانبها في العمل، ولذلك فإنها تسعى لكي تظل الأنثى الوحيدة بين الرجال. وقبل مدة أجرت البروفيسورة جارسيا ريتامارو وزميلتها البروفيسورة إستر لوبير زفرا دراسة نشرتها مجلة “أدوار الجنسين” المختصة حول تجربة المرأة في العمل، وشملت ما يزيد على 705 نساء ورجال يحتلون مراكز قيادية في شركات ومؤسسات رسمية في مختلف العواصم الأوروبية، وفي الدراسة عرض على هؤلاء طلبات لترقية عدد من الموظفين إلى منصب قيادي هو “مدير إنتاج”. ودرس المشاركون البيانات الخاصة بكل صاحب طلب، إلى جانب كفاءته وخبراته والخدمات التي قدمها للشركة، وامكانات تطوير نفسه في المستقبل ليحتل مركزا أعلى، ثم اختاروا الأشخاص الذين يرونهم مناسبين لهذا العمل، والغريب ان القسم الأكبر من الرجال لم يأبه كثيراً لجنس المرشح، ولكنه حابى النساء، واختار مرشحات من الجنس اللطيف، بينما القسم الأكبر من النساء كان يختار على أساس الجنس ووقع اختيارهن على مرشحين من الرجال، وبررن اختيارهن بالقول: “إن الصفات القيادية لدى الرجل أكثر أصالة وبروزا من تلك لدى المرأة”. وتقول البروفيسورة جارسيا والبروفيسورة استر في دراستهما: “كشفت الدراسة ان القياديات النساء أكثر ميلا للنظر إلى المرأة باعتبارها أقل كفاءة من الرجل، كما انهن يرين إن أداء المرأة في العمل سيصبح أكثر سوءا بكثير في المستقبل”.
طبعا، الجمعيات النسائية لم تعجبها نتائج الدراسة، وقالت كاثرين ريك، مديرة جمعية فاوست للمساواة بين الجنسين إن القيم التي يؤمن بها المجتمع الذكوري بأن الرجل أكثر كفاءة من المرأة لا تزال راسخة وعميقة الجذور حتى في أذهان النساء، وقال غيرها إن السبب الذي يدفع المرأة المسؤولة إلى تفضيل الذكر على الأنثى يعود لأسباب طبيعية لا علاقة لها بالكفاءة والقدرة وهي: الغيرة .. فالمرأة تغار من أية امرأة أخرى، بينما هي لا تغار من الرجل.
وحتى لو كان ذلك صحيحا، ألا يعني ظهور الغيرة في قضايا تتعلق باختيار الشخص المناسب لوظيفة ان المرأة، فطريا، غير مؤهلة للحكم؟
أبو خلدون
فنجان قهوة
أهل الفن
كيف ينظر المشاهير من الفنانين إلى أنفسهم؟ وهل يرون أنهم جديرون بالهالة التي تحيطهم الجماهير بها؟
أحمد زويل، العالم العربي الفائز بجائزة نوبل، يقول: “الفنانون ينتمون إلى كوكب غير كوكبنا، إنهم ليسوا من كوكب الأرض”، وشيء من هذا القبيل تقوله مغنية البوب الممثلة بوينس نولز: “يندر أن تجد فنانا مشهورا طبيعيا، إن المشاهير يعيشون في عالمهم الخاص”. أما علماء النفس فإنهم يرون أن هؤلاء مجرد شخصيات فارغة من أي مضمون، وتافهة، ومغرورة، وهبهم الله أشكالا جميلة وأصواتا أجمل، أو قدرة على التمثيل، فظنوا أن ما يملكونه هو كل شيء في هذه الدنيا.
وتشير الإحصائيات في الدول الغربية إلى أن نسبة المعجبين بالفنانين الذين يعتبرون نجمهم المفضل مثلا أعلى، ويحاولون تقليده في سلوكه وتصرفه وحركاته تصل إلى 37% من السكان، وقبل مدة أجرى استاذان في علم النفس من جامعة كاليفورنيا هما مارك يونج ودرو بنسكي دراسة نشراها على موقعهيما على الانترنيت حول “النرجسية في الوسط الفني في هوليوود” كشفا فيها ان نسبة عالية جدا من الفنانين لا يتمتعون بأية ثقافة أو موهبة، وانهم مجرد إناس مسكونين بهاجس حب الذات. وفي الدراسة قابل العالمان ما يزيد على 200 فنان من الجنسين، وطلبا من كل واحد الإجابة عن مجموعة من الأسئلة مثل: ما رأيك بنفسك؟ وهل تعتقد انك تستحق الهالة التي يضعها الجمهور حولك؟ وهل تصر على أن يعاملك الآخرون معاملة خاصة، حيثما وجدت، وهل تضايقك عبارات الإعجاب التي تسمعها من الجمهور أم تشعر بالراحة عندما تسمع عبارات من هذا النوع؟ وخرج العالمان بنتيجة هي: ان كل الفنانين يعتبرون أنفسهم شخصيات استثنائية تستحق الإعجاب، وكلما كان الفنان يفتقر إلى موهبة حقيقية، كأن يكون موسيقيا مثلا، كان أقل تواضعا، والممثلون بشكل عام، الذين لا يجيدون إلا التمثيل، يعتبرون أنفسهم من طينة أرقى من طينة البشر ويصرون على أن يعاملهم الجميع على هذا الأساس، والنرجسية والغرور بين الممثلات أعلى بكثير من مثيليهما لدى الممثلين، ولكن الطرفين يحرصان على البقاء في دائرة الضوء.
وعشق الأضواء يدفع الفنانين إلى تصرفات غريبة في بعض الأحيان، لكي يظهروا في نظر الآخرين مختلفين، وبعضهم يحقق شهرة لا تدعمها موهبة، مما يشكل ضغوطا نفسية كبيرة عليهم تدفعهم إلى محاولة اجتذاب الأضواء بأي ثمن. ومن أكثر الفنانات عشقا للأضواء في هوليوود باريس هيلتون وبريتني سبيرز، وقد ارتبط اسما هاتين الفنانتين بالكثير من الفضائح التي لم تكن مقصودة لذاتها، وإنما لكي يظهر اسماهما في الصحف وصورهما على شاشة التلفزيون.
ويقول العالمان في دراستهما إن الابتسامة التي نراها على شفاه الفنانين في المناسبات العامة ليست حقيقية، إذ إنها تخفي وراءها الكثير من العقد النفسية والمعاناة والتعاسة.
والفنانون، في الغالب، أناس يفتقرون حتى إلى قدر بسيط من الثقافة العامة، وهم لا يعرفون الحد الفاصل بين العمل الذي يؤدونه، كالتمثيل والغناء، وبين المهارات الأخرى في الحياة، ويتصور الواحد منهم انه بمجرد كونه ممثلا أو مطربا ناجحا فإن ذلك يعني أنه يفهم في كل شيء، ويضرب العالمان مثلا على ذلك بالمغنية مادونا، فقد سمعت أن جين فوندا حققت شهرة بمناهضة الحرب، والأميرة ديانا حققت شهرة بمكافحة الألغام الأرضية، فأرادت ان تفعل مثلهما، ولكنها اختارت قضية “الإشعاع النووي” وتزعمت حملة لحث العلماء على اختراع وسيلة لإبطال مفعول الاشعاع، دون أن تدري أنه ليس هنالك وسيلة لذلك. ويقول العالمان في نهاية دراستهما: “هنالك فئة من الناس تعاني من نرجسية مرضية، وخواء عقلي، وحب الظهور، وقد وجد هؤلاء في هوليوود مكانا لتحقيق رغباتهم، ولكن هؤلاء لا يصلحون، بأي حال، أن يكونوا قدوة للآخرين”.
أبو خلدون
فنجان قهوة
انهيار القيم العائلية
فقدت العائلة في المجتمعات الغربية، وفي الولايات المتحدة بشكل خاص، دورها التقليدي كمربية للنشء وحاضنة لهم، تزودهم بالقيم والمثل والأخلاق، وتبصرهم بحقائق الحياة، فالشاب او الفتاة في الغرب يستقل عن اسرته ويعيش بمفرده لا يشغل نفسه بأمور والديه وأشقائه بعد بلوغه الثامنة عشرة، وبعضهم قبل هذا السن، وتذكر نانسي ريجان انه عندما اشتدت وطأة مرض الزهايمر على زوجها الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان لم يسأل أولاده رون وباتي ومورين عنه.
وفي إحصائية غريبة نشرتها الصحف الأمريكية تبين أن 54% من النساء فوق سن الثامنة عشرة يعشن بمفردهن بعيدا عن أسرهن، وهذه النسبة تزيد على ضعف مثيلتها عام 1950 عندما انتشرت موجة الاستقلالية لدى الشباب بعد خروج العالم من حرب مدمرة.
وتقول البروفيسورة ستيفاني كونز، مديرة التثقيف في مركز الأسرة المعاصرة في واشنطن إن هذه النسبة لا مثيل لها إلا في أيام الرق عندما كان “الأسياد” يبيعون العبد ويفصلونه عن زوجته وأولاده، ثم يبيعون الزوجة والأولاد كلاً في جهة فلا يعلم الواحد منهم عن الآخر شيئا، وقد صرف الكاتب الروائي اليكس هالي الذي لم يفز بجائزة نوبل القسم الأكبر من حياته في تعقب أجداده فقط لمعرفة هويتهم والمعاناة التي عاشوها.
ويقول البروفيسور زوزيك بارتس، استاذ علم النفس: “إن العائلة تحولت إلى أقلية في المجتمع الأمريكي، فالمرأة لم تعد تعتمد على الرجل أو على مؤسسة الزواج، والشباب يفضلون الاستقلالية لأن الزواج لم يحقق لهم الآمال التي تراودهم، ولذلك فإنهم يتزوجون في عمر متأخر، ويلجأون للسكن بعضهم مع بعض دون ارتباط” وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة الزواج بين الزنوج لا تتعدى 15% في مقابل39% لدى الأمريكيين من أصل إسباني، و45% لدى البيض، و60% لدى الأمريكيين من أصول آسيوية، وتعلق البروفيسورة ستيفاني كونز على هذه الإحصائية بالقول: “إن هذه النسب لا تتيح لنا الاستمرار في الاعتقاد أن الزواج والعائلة هما اللذان ينظمان حياة الناس، فالأمريكي العادي بات يمضي ما يزيد على نصف حياته من دون زواج، ويعيش بعيدا عن عائلته”، وتقول الصحافية ليندا بيرث: “كنت أقسم صديقاتي إلى متزوجات وعازبات، أما الآن فقد توقفت عن ذلك”.
وفي الولايات المتحدة 117 مليون امرأة فوق الخامسة عشرة، 43 مليونا منهن متزوجات والبقية عازبات، ومن بين المتزوجات هنالك 5،3 مليون مطلقات و2،4 مليون غادر أزواجهن منزل الزوجية ولم يعودوا.
وخلال نصف القرن الماضي انخفضت نسبة المتزوجات من الفئة العمرية 15 الى 24سنة من 42% إلى 16%، ولدى الفئة العمرية 25 الى 34 سنة من 82% إلى 56%، ويعزو ويليام فري، الباحث الديمجرافي في معهد بروكنجز تراجع النسب إلى ثقافة الستينات التي أطلقت نوازع الشباب من عقالها وفتحت المجال واسعا لحياة أكثر استقلالية وحرية ومرونة للنساء، وخصوصا بعد عام 1965 عندما سارت النساء في مظاهرات صاخبة في واشنطن أحرقن خلالها حمالات الصدر.
ويحاول كبار السن من المصلحين الدعوة لإعادة إحياء القيم العائلية القديمة، وقد جرى تشكيل جمعية لهذا الهدف، كما شكل الشباب جمعية تدعو للطهارة والعفة تحت شعار “الحب الحقيقي ينتظر”، ولكن جهود هؤلاء وأولئك لم تثمر عن شيء، فالحرية مغرية، وعندما يجرف تيارها أحدا فإنه لا يرده ثانية.
أبو خلدون
فنجان قهوة
نحن والمستشرقون
نستعيد ذلك الهيام الصوفي الذي شعر به المستشرق اغناطيوس كراتشكوفيسكي وهو يراجع المخطوطات العربية: “المخطوطات تهمس وأنا أدقق النظر فيها باهتمام”. وفي كتابه “مع المخطوطات” يقول: “ما إن تتذكر هذه المخطوطات أو تهم بالحديث عنها حتى تهب سلسلة من الشخصيات من القرون البعيدة الماضية، ومن الأعوام القريبة من حياتك الخاصة”. وفي الكتاب نفسه يقول: “أولئك الأصدقاء لا يستطيع أحد أن ينتزعهم منك، إن فصولا بأكملها من التاريخ كانت مجهولة ثم فتحت لك، وإن كثيرا من الشخصيات خرجت من صفحاتها وكأنها حية وتجسدت أمامك، فرأيتها رؤية العين”.
هذا هو ما كانت تهمس به المخطوطات لكراتشكوفيسكي، وهذا هو الهمس الذي كان يدقق النظر فيه باهتمام ولا يصغي له بأذنيه فقط، إنه لا يستعيد الماضي فحسب، ولا يتعامل معه كحقبة ميتة، وإنما يتفاعل معه باستعادة “الأعوام القريبة” من حياته، ويجعل الحياة تنبعث من بين ثناياه، وفي تعامله معه ينشط إحساسه بالمسؤولية العلمية والتاريخية التي تحتم عليه الموضوعية بغض النظر عن جنس ودين مبدعي وشخصيات هذا الماضي. وفي حديثة عن حرية الفكر في ظل الدولة الإسلامية يستشهد بقصيدة أنشدها الأخطل (وهو غير مسلم) أمام الخليفة الأموي يقول فيها:
ولست بصائم رمضان طوعا ***** ولست بآكل لحم الأضاحي
ويقول: “إن الأخطل مارس حرية التعبير التي كفلها الإسلام لاتباعه ولاتباع الديانات الأخرى بشكل متجاسر حتى أمام الخليفة الذي يمثل أعلى سلطة دينية وسياسية في ذلك الوقت، والخليفة لم يعاقب الأخطل، ولم يطالب بحرق كتبه أو حذف هذه القصيدة من شعره، بل إن العرب حفظوا هذه الأبيات على مر العصور، وهذا الموقف لا يصدر عن عقل منغلق متعصب وإنما عن عقل متفتح حر”.
وبشكل عام، ينظر المستشرقون الروس إلى الإسلام والعرب وتراثهم نظرة تقدير، ومع ذلك يتجاهلهم مفكرونا ويتعلقون بالمستشرقين والأدباء الغربيين الذين نظروا إلى تاريخنا وتراثنا من خلال الحقد الذي خلفته الحروب الصليبية التي فشلت في تحقيق غاياتها في نفوسهم، ومنهم شاتوبريان الذي يقول: “العرب لا يعرفون شيئا عن الحرية، وليس لديهم شيء من الاحتشام، والقوة هي معبودهم، وحين تمر بهم فترات طويلة لا يرون فيها فاتحين يبدون مثل جنود من غير قائد، مثل مواطنين غير شرعيين، مثل عائلة بلا أب” أو كرومر الذي يقول: “الدقة كريهة بالنسبة للعقل الشرقي، بينما الأوروبي منطقي مطبوع، وتقريره للحقائق خال من أي التباس رغم أنه قد لا يكون قد درس المنطق، أما الشرقي فإنه مثل شوارع مدنه يفتقر إلى التناظر، ومحاكمته العقلية تصدر عن طبيعة مهلهلة إلى أقصى درجة، وغالبا ما يعجز عن استخراج أكثر الاستنتاجات وضوحا من أبسط المقدمات التي يعترف هو بدءا بصحتها”.
والشرق في نظر هؤلاء الأوروبيين منغلق، كسول غارق في سباته الذي لا يوحي بالحياة، بل إن أحدهم زار مصر وكتب عنها يقول: “النقوش وزريق الطيور هما الشيئان الوحيدان اللذان يدلان على الحياة هنا”. وقد جرى تقديم هذه الصورة الحاقدة للأجيال المتعاقبة في أوروبا، والنظرة التي يحملها الغربيون عنا حالياً جاءت بسبب تأثرهم بما قرأوه عن هؤلاء. بل إن بعض المستغربين من مفكرينا وكتابنا ومريديهم تأثروا بهذه النظرة، ولذلك فإنهم لا يرون إننا نخوض معركة تحرر متواصلة من الاستعمار الغربي منذ بداية القرن الماضي حتى الآن هي أطول معركة يخوضها شعب من الشعوب من أجل التحرر عبر التاريخ، وينظر هؤلاء إلى ابناء شعبهم الذين قدموا تضحيات لم يقدمها شعب آخر على أنهم متخاذلون كسولون يستمرئون الذل ولا يتحركون. وشرقنا، قطعا، ليس الشرق الذي يراه هؤلاء.
أبو خلدون
فنجان قهوة
كارتر وراكبو الدراجات النارية
في التقليد العسكري شيء اسمه “غبار الدراجات النارية” يقال إن الجنرال رومل، ثعلب الصحراء، هو الذي ابتكره، فقد كان رومل يخطط للانسحاب من مواقعه في شمال إفريقيا، أمام ضغط شديد من القوات البريطانية بقيادة الجنرال مونتجمري، وخشي إذا انسحب بشكل عادي أن يتعقبه مونتجمري ويقضي على ما تبقى من فلول جيشه المهزوم، ولذلك لجأ إلى حيلة ذكية هي: انه جمع المئات من راكبي الدراجات النارية من عناصر جيشه، وطلب منهم الدوران في حلقات حول القوات المنسحبة. وعندما بدأت الدراجات بالعمل، تعالت أصواتها حتى كادت تصم الآذان، وانعقد الغبار فوقها في الجو، وكون سحبا كثيفة تحجب الرؤية. وفي ذلك الحين كان مونتجمري يقف على رأس جيشه المنتصر، يراقب قوات رومل بمنظاره المكبر وهي تخلي مواقعها وتتراجع، وعندما شاهد سحب الغبار الكثيفة ترتفع في الجو هيئ له أن رومل لا يزال يحتفظ بآلاف الدبابات والعربات المدرعة، ومئات الآلاف من الجنود، إذ إن هذه السحب الكثيفة لا يمكن أن يثيرها إلا جيش كبير العدد والعدة، ولذلك تخلى مونتجمري عن مطاردة رومل، وتمكن ثعلب الصحراء من التراجع بسلام دون أن يخسر شيئا من قواته.
ويقول الجنرال مونتجمري إن تكتيك “غبار الدراجات النارية” كان من أنجح الخطط العسكرية التي اتبعها رومل، ولولاه لفقد كامل جيشه، ووقع هو أسيرا في أيدي الحلفاء. بل إن مونتجمري يقول إن خسائره في الحالات التي كان يطارد فيها رومل كانت تزيد على خسائر عدوه.
وفي السياسة، هنالك تكتيك شبيه بالتكتيك الذي اتبعه رومل في الحرب تتبعه بعض الجهات عندما تشعر بأن مصالحها تعرضت للخطر أو التهديد، أو عندما ترغب في ابتزاز بعض السياسيين وضمهم إلى صفها، وأكثر الجهات براعة في استخدام هذا التكتيك هي: الأقلية اليهودية في الولايات المتحدة. إذ يكفي أن يصدر تصريح، أو ينشر مقال، يمس مصالح هذه الأقلية أو “إسرائيل” ولو من طرف خفي، حتى يبدأ راكبو الدراجات النارية بالعمل، فتتدفق الرسائل على الصحف وشبكات البث الإذاعي والتلفزيوني، تستنكر، وتنهال المكالمات على صاحب التصريح أو المقال، منذ استيقاظه من النوم، وعند الظهر، وفي المساء، وفي ساعات متأخرة من الليل. وعندما يفتح بريده الإلكتروني يجده غاصا بالاستنكارات: رسائل من كل جنس ونوع، بعضها يناقش بهدوء، وبعضها يهدد بالقتل، أو بخطف الأبناء، حتى يشعر صاحب المقال أو التصريح بأنه محاصر تماما، وأن الكرة الأرضية بأسرها ضده، وأن السبيل الوحيد أمامه هو التراجع عن موقفه.
شيء من هذا القبيل يحدث حاليا للرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بعد صدور كتابه “سلام لا أبارتهيد” عن “إسرائيل” والفلسطينيين، فقد لجأ راكبو الدراجات النارية من أعضاء اللوبي الصهيوني في أمريكا إلى ممثليهم في مجالس الولايات والكونجرس يمطرونهم بالرسائل والمكالمات والرسائل الإلكترونية والفاكسات بحيث بات أعضاء الكونجرس يحسون بأن أمريكا بأسرها انقلبت ضد كارتر، ووجد كارتر نفسه محاصرا بحيث بات يواجهه، أينما ذهب، سؤال واحد لا يتغير: “ماذا فعلت يا رجل؟” بينما غبار الدراجات ينطلق من جهة واحدة فقط هو لوبي المتعاطفين مع “إسرائيل”.
ولكن الغبار الذي يثيرونه يعطيهم حجما أكبر من حجمهم، ويجعل الآخرين يتوهمون أنهم جيش كبير جرار.
وغبار الدراجات النارية يعمي الناس عن الحقيقة، ولكنه يعطي دائما مفعولا ويحقق نتائج بالنسبة لراكبي الدراجات.
أبو خلدون
فنجان قهوة
مآزق أمريكية
حكومة الرئيس بوش أوقعت نفسها في ورطة مع مواطنيها الشباب، ومع عائلات الجنود الذين ترسلهم لتنفيذ مغامراتها العسكرية في الخارج، وخلال السنوات الماضية تدخلت الولايات المتحدة في كرواتيا والبوسنة والصومال وأفغانستان والسودان والعراق، وهي تستعد حاليا للتدخل في أماكن أخرى، ومشكلة عائلات الجنود وأقاربهم من الشباب هي: إنهم لا يعرفون مواقع هذه الدول على خرائط العالم، ولا يعرفون شيئا عنها، بل إنهم يجدون صعوبة بالغة في لفظ أسمائها، ويضطرون للعودة إلى دفاتر الملاحظات في جيوبهم في كل مرة يُسألون فيها عن المكان الذي يحارب فيه أبناؤهم.
والغزاة الأوروبيون، عندما اكتشفوا العالم الجديد، هاجروا إليه “زرافات ووحدانا”، وحملوا أسماء المدن والمقاطعات التي جاؤوا منها معهم، فقد أطلقوا على إحدى المقاطعات اسم يورك، وهي مقاطعة بريطانية، وأضافوا إلى الاسم كلمة “نيو” ليصبح “نيويورك” اي “يورك الجديدة” وأعطوا الاسم أيضا لمدينة بارزة هي مركز التجارة في العالم تكثر فيها التجمعات اليهودية، ولذلك يطلق الديبلوماسيون الأجانب عليها اسم “جيو يورك” أي “يورك اليهود”. ومقاطعة نيوهامبشاير حملت اسم “هامبشاير البريطانية” أيضا، وحيث إن كريستوفر كولمبوس كان يظن أنه وصل إلى الهند عندما وصل إلى الشاطىء الأمريكي، فقد أطلق الأمريكيون على منطقة بالقرب من لوس أنجلوس اسم “ليتل إنديا” أي “الهند الصغيرة” كما اطلقوا اسم “جزر الهند الغربية” على مجموعة من الجزر في مواجهة الساحل الامريكي، وهنالك “تشايناتاون” و”جابانيز تاون”، إضافة إلى أن العديد من المدن الأمريكية تحمل اسماء مدن معروفة في العالم.
ولم يكن بين الغزاة الأوروبيين الذين استعمروا العالم الجديد وأبادوا الهنود الحمر صوماليون أو أفغان أو سودانيون أو عراقيون، ولذلك فإنك لا تجد في أمريكا مدنا تحمل أسماء مثل الفالوجة وقندهار وجنجاويد، فهذه الأسماء جديدة تماما على أسماع الأمريكيين. وأتصور لو أن الكونجرس خصص جلسة استماع لعائلات الجنود وأقاربهم فإن هذه القضية ستكون محور النقاش الرئيسي، وربما يقول أحد مؤيدي سياسة بوش لأعضاء الكونجرس: “لست ضد الحرب، ولا ضد إرسال أولادنا للخارج، ولكنني شخصيا أشعر بالخجل عندما أعود إلى دفتر الملاحظات للبحث عن اسم الدولة التي يحارب فيها ابني، فلماذا لا ترسلون أولادنا لخوض حروب في دول معروفة لدينا؟” وربما يسأله أحد أعضاء الكونجرس: “مثل من؟” فيقول: “إيطاليا مثلا” فيقول العضو: “إيطاليا دولة صديقة ونظامها ديمقراطي، وتدخلنا فيها غير مبرر” فيرد الرجل: “إيطاليا ليست ديمقراطية، وهي خارجة عن الإجماع العالمي منذ وجودها، فهي الدولة الوحيدة في العالم التي تشبه على الخريطة شكل الحذاء ، ولو كانت ديمقراطية بالفعل لاتخذت شكلا يشبه الأشكال التي اتخذتها دول العالم الأخرى” ويقول عضو الكونجرس: “ولكن إيطاليا لا تشكل تهديدا لسلامتنا وأمننا” فيرد الرجل: “ومَن مِن الدول التي غزوناها أو تدخلنا فيها تشكل تهديدا لسلامتنا وأمننا؟”. وتطالب بعض عائلات الجنود بإجراء تعديلات بسيطة على خريطة العالم ونقل أفغانستان إلى جانب العراق ويقول أحدهم: “ابني يحارب في أفغانستان، وأحب أصدقائه إليه يحارب في العراق، ولا يستطيع الاثنان الالتقاء والتزاور أو حتى التحدث إلى بعضهما بعضا، فلماذا لا تنقلون أفغانستان إلى جانب الحدود العراقية ليتيسر لهما الاتصال”
ويطلب أحد الشباب الكلام، ويقول: “لماذا لا ترسلون قواتنا إلى أرولكو؟ هذه الدولة معروفة لدينا جيدا، وملكتها “ديدرانا” تتزعم التحالف المتعرج رقم 2 ضد الولايات المتحدة”. ويسأل عضو الكونجرس: “وأين تقع هذه الدولة” فيجيب الشاب: “إنها موجودة في إحدى ألعاب الكمبيوتر”. ويسأل العضو مستغربا: “وهل تريدنا أن نغزو دولة شبحا؟” فيرد الشاب: “وهل كانت جرينادا غير ذلك عندما أرسلنا قواتنا إليها؟”.
أبو خلدون
فنجان قهوة
حرب الملوخية
الملوخية أكلة شعبية معروفة في كل الدول العربية، كانت الأكلة المفضلة لدى فراعنة مصر، وكانوا يطلقون عليها اسم “الملوكية”، وعندما زالت دولة الفراعنة وأصبحت “الملوكية” في متناول يد الفقراء، شعروا أنه ليس من حقهم أكل وجبات ملوكية فحولوا الإسم إلى “ملوخية”. ولكن هذه النبتة ظلت تحتفظ بتقاليد خاصة في زراعتها وطبخها، من بينها أن يكون العمال الذين يزرعونها في الأرض أثناء موسم الزراعة من الفتيات العذراوات، وأن يبتسمن طوال عملهن في الحقل ليأتي المنتوج جيدا. وعند إضافة الثوم إليها أثناء الطبخ ينبغي أن تشهق سيدة المنزل لكي تصبح وجبتها شهية.
وفي مصر طريق يطلق عليه اسم “درب الملوخية” وهو منسوب لأمير اسمه “ملوخية” كان صاحب ركاب الخليفة الحاكم بأمر الله، ومن مآخذ المصريين الكبيرة على هذا الحاكم إنه أصدر في 14 محرم عام 394 هجرية قرارا بمنع أكل الملوخية، وعندما سقطت دولة الفاطميين في مصر رد الشعب على هذا القرار الجائر بجعل الملوخية “الأكلة الشعبية المفضلة”، وصاروا يطبخونها بالأرانب التي كان الفاطميون يحظرون أكلها أيضا.
والملوخية ألهبت خيال الشعراء، فهذا هو الشاعر قاسم الكستي ينظم أرجوزة طويلة يتحدث فيها عن مزايا الملوخية ويصفها بأنها “ثمرة الحكمة” ويقول: “هي الملوخية ذات الشهرة/ ومن بها المعسور يلقى يسره/ بحسنها كل النفوس ابتهجت/ وألسن الناس بها قد لهجت” ثم يتحدث عن فوائدها الصحية والطبية، وما قاله أفلاطون وأبقراط وابن سينا والعديد من الحكماء عنها، وتفضيل المصريين لها، ويقول: “يفوح منها العطر كالعروس/ محبوبة الأوصاف للنفوس/ عنها سلوا مصر وتلك الخطة/ فإنهم أدرى بتلك النقطة/ إذ عندهم لها اعتبار زائد/ وقدرها تسمو به الموائد” أما ظافر الحداد فإنه يتغزل بالملوخية بقوله: “ملوخية سبقت وقتها/ وجاءت كهيئة خضر زغب/ وقد نُقِّيت بعد تقطيفها/ بكفي لبيب خبير درب/ وقد احكمت بفراخ الحمام/ ودهن الدجاج وصفر الكبب/ إلى أن تحرر تركيبها/ كما حرر الصيرفي الذهب”.
وفي الآونة الأخيرة أشعلت الملوخية حربا باردة تهدد بالتحول إلى ساخنة بين مصر واليابان، والحرب بدأت عندما تجاهل اليابانيون كل المعطيات التاريخية وسجلوا الملوخية باعتبارها منتجاً يابانياً وضربوا عرض الحائط بحقوق “الملكية الفكرية العربية” لهذا المنتوج.
وقصة اليابان مع الملوخية بدأت مع عالم النبات كوسوكي ايموري، من جامعة تاكو شوكو، فقد وصل هذا الرجل إلى مصر لدراسة اللغة العربية، وخلال ذلك وقع في عشق الملوخية، وأرسل بعضا منها إلى أسرته في اليابان مع رسالة توضح طريقة إعدادها. وبعد أن أنهى دراسته، حمل معه بعض البذور، وزرعها، وقام هو وزوجته بإجراء تحاليل عليها فاكتشفا إن بها مادة تقاوم الخلايا السرطانية متمثلة في مادة الكرياتين، إضافة إلى وجود جميع مركبات فيتامين “ب” مما يجعلها مستحضرا مناسبا للمحافظة على نضارة البشرة، ومن هنا تم تأسيس مؤسسة للملوخية في اليابان استوردت 45 طنا من مصر، كما استوردت بذورا وزرعتها، وأقامت بعد ذلك صناعات كاملة على الملوخية، مثل الخبز بالملوخية، والمعكرونة بالملوخية، ومستحضرات التجميل، وقد أطلقوا عليها لقب “ملكة الخضراوات” وهنالك العديد من الأطباء اليابانيين يعالجون مرضاهم حاليا بأقراص ملوخية. وتقول الصحف إن الملوخية أصبحت تمثل هوسا علميا وغذائيا وعلاجيا في اليابان. والأهم من ذلك أن اليابانيين ضربوا عرض الحائط بالتاريخ والواقع والآثار، وانتهزوا انشغال الدول العربية بمعركتها السياسية وسجلوها كمنتوج ياباني منتهكين بذلك حقوق الملكية العربية لها.
ولكن.. ليعلم اليابانيون إننا لن نسكت على هذا التجاوز وسنخوض معركة حماية حقنا الحصري في الملوخية حتى آخر.. رمق
أبو خلدون
فنجان قهوة
قوات متعددة الإصابات
وصلت طلائع التعزيزات التي أرسلها بوش إلى العراق وبدأت بمباشرة مهماتها، وتشير إحصائيات وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إلى أن عدد القوات الأمريكية العاملة في العراق وصل، بعد التعزيزات الجديدة إلى 145500 جندي، ولكن هذه الإحصائيات غير دقيقة، لأنها أسقطت من حسابها 100 ألف جندي تطلق عليهم الصحف الأمريكية اسم “الجنود المنسيون”، وهؤلاء يعملون في شركات المقاولات الأمنية، ويقومون بحراسة الشخصيات الأمريكية والعراقية، ويشاركون الجنود الأمريكيين النظاميين في العمليات العسكرية ومداهمات المنازل واستجواب المعتقلين وتعذيبهم، فإذا أضفنا هؤلاء إلى الرقم الذي أعلنته وزارة الدفاع الأمريكية يصبح عدد الجنود الأمريكيين في العراق ،245،500 أي بمعدل جندي أمريكي واحد مزود بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا لكل 60 عراقيا.
وتشير إحصائيات وزارة الدفاع الأمريكية إلى أن عدد القتلى من الجنود الأمريكيين في العراق وصل إلى 3051 قتيلا، وهذا الرقم غير دقيق أيضا لأنه لا يشمل عدد القتلى من عناصر شركات المقاولات الأمنية، باعتبار ان هؤلاء غير نظاميين وغير مسجلين في سجلات وزارة الدفاع، يضاف إلى ذلك ان عشرات آلاف المصابين الذين تصنفهم المصادر الأمريكية ضمن الجرحى هم في الواقع من الذين أصيبوا بعاهات دائمة. ويقول الضابط الدكتور فيتو إمباسيني، من الحرس الوطني في كاليفورنيا، بعد عودته من العمل في أحد المستشفيات العسكرية في ألمانيا، حيث يعالج جرحى الحرب في العراق وأفغانستان إن عدد الذين يعانون من إعاقات بسبب الحروب التي تخوضها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وصل في يوليو/تموز الماضي إلى 152،669 جنديا. ويصف حالة أحد هؤلاء، بقوله: “دخلت غرفة العمليات حيث يعالج الجراحون جنديا من المارينز، كان الجراحون قد شقوا بطنه وبدأوا بفحص أمعائه، واكتشفت انه فقد ساقيه من تحت الركبة، وأحد ذراعيه”.
ونسبة مرتفعة من الجنود الأمريكيين الذين يعودون من العراق وأفغانستان يعانون مما يطلق عليه علماء النفس اسم “أمراض الحرب” كالهستيريا والهواجس والتوتر والعصبية الشديدة والكآبة، وتشير إحصائيات دائرة شؤون المحاربين إلى أن ما يزيد على 200 ألف جندي (ثلاثة أضعاف العدد المتوقع) ممن شاركوا في الحروب في العراق وأفغانستان قدموا طلبات للعلاج، و25% من هؤلاء يعانون من أمراض نفسية، وهنالك الآلاف من هؤلاء وضعت أسماؤهم على قوائم الانتظار لأن عددهم يفوق بكثير طاقة مراكز العلاج. وتعترف مصادر البنتاجون ان ما يزيد على 12% من الجنود الذين شاركوا في حرب الولايات المتحدة ضد الإرهاب في أفغانستان والعراق يعانون من أمراض نفسية حادة، كالكآبة والتوتر، من النوع الذي قد يدفع إلى الانتحار أو الجريمة، وقد سجلت دوائر الشرطة الكثير من الحالات التي اعتدى فيها مجند عائد من العراق أو أفغانستان على زوجته بالقتل.
والذين يعانون من الإعاقة يجدون صعوبة بالغة في الحصول على مستحقاتهم من الحكومة، وفي تقرير نشرته لوس أنجلوس تايمز قالت إن هؤلاء قد يضطرون للانتظار لفترة تصل إلى السنتين قبل بدء استلام رواتبهم التقاعدية، أما الذين يعانون من أمراض نفسية فإن مشكلتهم أكثر تعقيدا، فارتفاع عددهم يدفع الأطباء في مستشفيات وزارة الدفاع إلى تشخيص حالاتهم على انها اختلال عقلي، لكي تتخلص الوزارة من نفقات علاجهم. والمصابون باختلال عقلي يحصلون على تسريح فوري من الجيش ولذلك فإن الجندي لا يمانع بتشخيص حالته بهذا المرض، بل إنه يرحب بذلك، ولكنه في المقابل يظل فريسة للمرض، ولا يتلقى علاجا له. وقد وصفت الدكتورة بريجيت ويلسون، العاملة في أحد المستشفيات العسكرية الأمريكية هذا التشخيص بأنه “امتهان للطب”.
أبو خلدون
فنجان قهوة
اليوم الآخر
تصور أن حربا نووية شاملة شاركت فيها كل دول العالم وكل دولة ألقت مخزونها النووي على الدول الأخرى.. ماذا ستكون النتيجة؟ ستيفن هوكنجز، أكبر عقل عرفته البشرية إلى جانب إينشتاين يقول إن تغير المناخ أكثر خطرا على البشرية من حرب من هذا النوع، فالعالم عرف الأخطار النووية عندما ألقت الولايات المتحدة قنبلتيها على هيروشيما وناجازاكي عشية انتهاء الحرب العالمية الثانية، بعد ذلك وقف العالم على حافة الكارثة عدة مرات، ولكنه لم يسقط فيها، ومن ذلك خمس إنذارات كاذبة في الولايات المتحدة كاد كل منها يجر العالم إلى اليوم الآخر، وتهديد بوش بمسح الدول المعارضة له عن الخارطة، وتهديد “إسرائيل” باستخدام السلاح النووي في حرب اكتوبر/ تشرين الأول، وتهديد كنيدي باللجوء إلى الخيار النووي في أزمة كوبا، ومطالبة الجنرال ماك آرثر، قائد القوات الأمريكية في شرق آسيا، بضرب الصين بالقنبلة الذرية لإنهاء الحرب الكورية، وقد أثار هذا الطلب غضب الرئيس ايزنهاور، فاستدعى ماك آرثر إلى واشنطن على الفور وأقاله من منصبه.
وناشد هوكنجز دول العالم السعي لمعالجة أزمة التغير المناخي وقال: “إننا نقف الآن على أبواب عصر نووي جديد يتزامن مع تغييرات لم يعرفها البشر من قبل، ومن واجب العلماء توعية الرأي العام وتقديم النصح للزعماء السياسيين حول المخاطر التي تواجهها البشرية”.
وعندما كان هوكنجز يلقي خطابه قدم العلماء ساعة اليوم الآخر دقيقتين بمناسبة دخول كوريا الشمالية النادي النووي وسعي بعض الدول لامتلاك السلاح النووي، وباتت الساعة تقف عند الثانية عشرة إلا خمس دقائق، وهذه الدقائق الخمس هي التي تفصلنا عن “اليوم الآخر” الذي يعيد البشرية إلى العصر الحجري، وهي تعادل 100 سنة. وساعة اليوم الآخر بدأت العمل عام ،1947 لحساب الزمن الذي يفصلنا عن الدمار الشامل للحضارة الإنسانية، وكلما برز حدث يهدد بهذا الدمار يقدمها العلماء بضع دقائق. وخلال السنوات الستين الماضية من عمرها، قدمها العلماء 17 مرة آخرها في 11 سبتمبر 2001 بعد نسف برجي مركز التجارة العالمي وانسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الحد من الصواريخ البالستية.
وخلال العقود الماضية حدث تغير ملحوظ في المناخ، ويقول العلماء إنه إذا استمر هذا التغير في معدلاته الحالية فإنه سيلحق بالبيئة التي يعتمد عليها الإنسان في حياته أضرارا لا يمكن معالجتها.
وقبل مدة أجرى العلماء بحثا حول تغير المناخ في العالم أشرفت عليه السويسرية ميشيلا باتيك، الباحثة في المعهد السويسري للتكنولوجيا، ونشرت مجلة “رسائل البحوث الجغرافية” المختصة عرضا موسعا له، وتضمن البحث إعداد خرائط للعالم توضح تأثير التغير المناخي على مختلف الدول، والتأثيرات التي ستحدث في المستقبل، مع الأخذ بعين الاعتبار العديد من العوامل الطبيعية، ومن بينها معدل سقوط الأمطار والجفاف ودرجة الحرارة، وفي خرائط الأطلس تبدو المناطق الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية ملونة باللون الأحمر، والأقل باللون البرتقالي، والتي ستتأثر بشكل معتدل باللون الأصفر، وفي الخرائط تبدو الدائرة القطبية وخط الاستواء باللون الأحمر الغامق، والولايات المتحدة وأوروبا باللونين البرتقالي والأصفر، بدرجات متفاوتة، وغابات الأمازون وحوض الكونجو باللون الأحمر، وقد سجلت 11 درجة على مقياس التغير، بينما سجلت أمريكا وأوروبا ما يتراوح بين 6 إلى 8 درجات. ويقول العلماء إن السنوات شديدة الحرارة التي كانت تأتي مرة كل 20 سنة ستكون شيئا عادياً في العام 2100.
والفساد كثر في البر والبحر، وإذا لم يخرج اليوم الآخر من مصانع إنتاج الأسلحة النووية، فإنه سيطل علينا من ظاهرة البيت الزجاجي أو من ثقب الأوزون.
أبو خلدون
فنجان قهوة
منازل تحترق ذاتياً
لو اجتمع كل علماء العالم الذين يؤمنون بالحقائق العلمية الثابتة والتجارب المخبرية فقط، وحاولوا تفسير تلك الظاهرة التي تحدث في أحد المنازل في قرية الصفصافة قرب مدينة الرقة السورية لما توصلوا إلى نتيجة. والظاهرة هي: إن ذلك المنزل يتعرض منذ مطلع هذا العام للحرق بمعدل مرتين أو ثلاث مرات يوميا دون سبب ظاهر: لا تماس كهربائياً ولا بنزين وكبريت ولا أية مادة من المواد التي يمكن ان تصنع حريقا، ومع ذلك تشتعل النيران وتأتي على كل ما في المنزل من أثاث، وقد وصل عدد الحرائق خلال 13 يوماً فقط إلى 30 حريقا. والغريب أن ملابس زوجة صاحبة المنزل هي الأكثر تعرضا للحرق، وحتى بعد إخراج الملابس إلى خارج المنزل لحقتها النيران وأتت عليها.
وقال صاحب المنزل في إفادة أمام الشرطة إن الحريق الأول حدث مساء اليوم الأول من عام 2007 في الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا، وأضاف: “كنا نجلس في الصالون، وإذا بشقيقتي تصرخ وتقول إن هنالك حريقا في البيت، فهرعنا إلى مكان الحريق ونجحنا في إخماده، وفي الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم التالي اشتعلت النيران في المكان ذاته، وفي اليوم الثالث في المطبخ، حيث احترقت الغسالة بما فيها من ملابس، وأدوات المطبخ، وفي اليوم الذي تلاه انتقلت النيران إلى غرفة أخرى فيها بعض الأثاث، ثم بدأت تتنقل من غرفة إلى أخرى بمعدل مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم” والغريب أنه في الكثير من الحالات تحضر سيارات الإطفاء لإخماد الحريق، وما إن تعود إلى مراكزها حتى تتلقى مكالمة جديدة من صاحب المنزل تقول إن حريقا جديدا قد نشب، فتعود السيارات ثانية، فاضطر صاحب المنزل إلى هجر منزله والسكن في منزل والديه، فتوقفت الحرائق وانتقلت إلى منزل الوالدين، ولكن أثاث وحاجات الوالدين لا تتعرض لأي مكروه، وحاجات الرجل وزوجته هي التي تحترق فقط.
ولو روى لي شخص هذه القصة لما صدقتها، ولكنها مثبتة لدى دوائر الشرطة والإطفاء في قرية الصفصافة ببلاغات رسمية، وقد نصح البعض صاحب المنزل بوضع أوان مليئة بالماء أمام باب منزله وأمام كل الأبواب الداخلية، ففعل، ليعود ويجد الأواني مقلوبة رأسا على عقب.
هل هو الجن؟ العلماء لا يؤمنون بوجود الجن، ولكن شيخ القرية عقد جلسة وقال بعدها إن المنزل مسكون من ثلاثة من الجن المسلمين أسماؤهم ابراهيم وخالد وعلي، وطلب الشيخ منهم مغادرة المنزل، فوافق اثنان، ورفض ابراهيم بحجة أن الأرض ملكه منذ سنين طويلة، مع أنه لا يملك “طابو” ولم يسجلها في الدوائر السورية الرسمية.
والطريف ان بعض الصحافيين راحوا يسألون في الدوائر العقارية فيما اذا كان “ابراهيم” هو المالك الحقيقي للأرض.
شيء من هذا القبيل حدث لعائلة ليبية قبل سنوات، فقد اشتعلت النيران في منزلها بدون سبب ظاهر، وبدأت الحرائق تتكرر على النحو الذي يجري حاليا في الصفصافة، وفي كل مرة تنتقل العائلة فيها إلى منزل جديد تلاحقها النيران وكأنها مستهدفة.
هل هو الجن؟ أم اضطرابات وعدم قدرة على التكيف في الجو العائلي تنشط قدرات كامنة لدى أحد أفرادها بحيث يشعل حريقة في المنزل بطاقته الروحية دون أن يشعر، ودون أن يقصد؟ أم الحسد من جانب الآخرين، وهل النار التي تشتعل في “الصفصافة” سببها طاقة تعرضت للتنشيط من جانب الزوجة، بدليل أن حاجاتها هي الأكثر تضررا؟ أم من طاقة نشطة من جانب حاسد، خصوصا وأن صاحب المنزل ميسور الحال.
لا جواب علمياً على هذه التساؤلات، ولكن تنشيط القدرات الكامنة لدى الإنسان قد يؤدي إلى نتائج من هذا النوع، كما يؤدي إلى تحريك الأشياء الساكنة وإيقاف عقارب الساعة وثني الملاعق والسكاكين بمجرد النظر إليها. وفي روسيا فتاة دون العاشرة تستطيع تحريك الأثاث بالنظر إليه، وقد غطى يوري جيلر هيكل سيارته الخارجي بأكمله بالملاعق والسكاكين التي ثناها بالنظر إليها.
أبو خلدون
فنجان قهوة
الامبريالية الجديدة
نغرق في تبسيط الأمور عندما ننظر إلى العالم باعتباره “أحادي القطب” وأن الولايات المتحدة هي هذا القطب الواحد الذي يريد أن يهيمن على كل شيء، فالموجة الجديدة التي تجتاحنا حاليا غريبة عن الاعراف الدولية وعن المفاهيم التي عرفناها في العصر الحديث، وفي هذه الموجة، تدير الديمقراطيات ظهرها للشعوب، وتتصرف كأنها أنظمة ديكتاتورية من الدرجة الأولى، وها نحن نسمع أن 79% من الأمريكيين يعارضون مغامرات بوش في الخارج ويرفضون بقاء القوات الأمريكية في العراق.
والأمريكيون يدركون أن رئيسهم وصل إلى الحكم في فترته الأولى بلعبة انتخابية هي الأولى من نوعها في تاريخ الانتخابات الأمريكية، وتكررت لعبة مشابهة في انتخابات الفترة الثانية، وبعد فوزه نشر أحد المفكرين الامريكيين رسالة على الانترنت يعتذر فيها للعالم ويقول، باسم الأمريكيين: “لقد حاولنا كل ما في وسعنا، ولكننا لم ننجح” وفوجئ بعد أسابيع بأن رسالته تحولت إلى موقع على الانترنت يحتوي على رسائل من كل أرجاء الولايات المتحدة تحمل اعتذارات مشابهة، إلى جانب اعتذارات من مختلف الدول الغربية تقول للأمريكيين: “لا داعي للاعتذار، فالحال عندنا مثل الحال عندكم”. فهل نقول إن الرئيس الأمريكي بات يفرض على الشعب؟ وهل نقول إن الملايين التي تسير في مظاهرات في شوارع المدن الغربية تعارض الحرب لم يعد لها صوت؟
ويهيأ لي أن المجتمع العالمي بأسره، بما في ذلك الأمريكي، سقط تحت وطأة نوع جديد من الإمبريالية تحمل بعض ملامح الإمبريالية التي كانت سائدة في أوروبا بعد عصر النهضة، عندما كان أصحاب رؤوس الأموال يتصرفون بسياسات الدول كما يريدون، ويدفعون هذه الدولة إلى شن الحرب على تلك دون مبرر سوى أن مصالحهم المالية تتطلب ذلك، وخلال تلك الفترة حول روتشيلد وغيره من أصحاب رؤوس الأموال أوروبا إلى مستنقع يغرق بالدم.
والإمبريالية الجديدة التي يشهدها العالم حاليا ليست إمبريالية أصحاب المال فقط، وإنما إمبريالية الشركات متعددة الجنسيات التي تحاول أن تفرض نظاما جديدا على العالم يلغي “الآخر” كلياً، ويرفض أي مقاومة، فلا مجال للاعتراض على مايطلق عليه “الحرب ضد الإرهاب”، ليس لأن أمريكا هي التي تخوضها، فالمجتمع الدولي لم يعترض على حرب الشيشان رغم أن أوليجارشي روسي يهودي اعترف بأنه أشعلها لكي يتمكن من الحصول على امتياز بمد خط للنفط إلى البحر الأسود، وعندما كانت “إسرائيل” تنفذ أبشع المجازر ضد الفلسطينيين واللبنانيين تبرع رئيس وزراء دولة مثل الدنمارك اشتهرت باحترامها لحقوق الإنسان بتأييدها، وقال إنه لا يمانع أن تتجاهل “إسرائيل” قرارات الأمم المتحدة، وكم بدا غريبا أن يقف الرئيس الأمريكي جورج بوش عشية الإعداد للحرب ضد العراق ويقول: “من ليس معنا فهو ضدنا” إذ إن كلاما من هذا النوع لا يمكن أن يصدر عن رئيس دولة يعرف تماما بأنه ينبغي أن يترك هامشا للحوار.
وفي المجتمعات الدولية قرارات غير قابلة للنقض، وفي مقدمتها حقوق الإنسان، وحرياته، وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، ولكن الإمبريالية الجديدة تدير ظهرها لكل ذلك.. وهي لا تريد أن يفلت أي جزء من الكرة الأرضية، مهما كان نائيا، عن سيطرتها، وحيثما تكون مصالحها يتحول سحق الشعوب وانتهاك الحريات إلى مجرد حدث عادي، فكل شيء يجب أن يوضع في خدمة احتكاراتها، بما في ذلك الكائن البشري، وعناصر البيئة، وليس غريبا أن نسمع في ظل النظام الجديد شخصاً يطالب جيرانه بدفع أتاوة مقابل عدم إزعاجهم، أو بمدرس يطالب الطلاب بمبلغ مالي مقابل احترامه قواعد الرقابة في الامتحانات
أبو خلدون
السرد جميل .. والموضوع شيق .. لكن عندي تعقيب:
بيل غيتس قبل أن يعمل الشركة كان متزوج ومايكروسوفت رأسمالها الأول من مال زوجته .. لهذا تستطيع أن تقول أنها أخذته لحلاوته :09: أو لشيء آخر ..
أبو خلدون يحب اختيار المواضيع الشيقة .. والمثيرة ولا أدري غن كان يتحقق من مصادرها .
نصوص جميلة جدا وشيقة
اعجبني نص الامبريالية الجديدة والزوج المثالي وقوات متعددة الاصابات والنكتة الالمانية .
تحياتي القلبـية .
جزاك الله خير
الشكر لكم جميعا على المتابعة والمشاركة.
omermoth:
نعم أرى أن هنالك بعض المبالغة فيما يعرضه أبوخلدون، لكنها قليلة جدا وفي جوانب لا تؤثر في الرسالة الرئيسية للمقالة.
هذا غير أنها (المبالغة) جزء لا يتجزأ من ثقافتنا العربية... :)
فنجان قهوة
أمراض نفسية
تراجعت الأمراض السارية التي كانت السبب الأول للوفاة، مثل السل والطاعون والشلل والملاريا، ولم تعد تشكل خطرا حقيقيا على البشرية، ومشكلتنا ليست في الايدز، والسرطان، وغيرهما من الأمراض التي يقول الاطباء انها مستعصية على الشفاء، فنسبة الإصابة بهذه الأمراض لا تتعدى رقماً بسيطاً في العشرة آلاف من السكان في كل دولة، وهي على الأقل يمكن تشخيصها، ومشكلتنا الحقيقية في مجموعة من الأمراض يعجز الاطباء حتى عن تشخيصها، هي الأمراض النفسية، وها هي منظمة الصحة العالمية تشير في احدث دراسة اعدتها ان 24% من سكان العالم يعانون من امراض نفسية واضحة، مثل الاكتئاب، والضغط النفسي، والاحساس بعدم الأهمية في المجتمع، والقلق والارهاق العصبي.
والمشكلة في الامراض النفسية ان اعراضها تلبس رداء تنكريا يخفي حقيقتها، وعلاجها يستغرق وقتا طويلا، هذا اذا نجح الطبيب في تشخيصها. ومثال على ذلك: مريض يراجع طبيبا وهو يشكو من آلام شديدة في المعدة، وفي معظم الأحيان يفحص الطبيب مريضه فلا يجد لديه أي مبرر للشكوى، او يجد لديه مرضا ويصف له علاجا، ويلتزم المريض بالعلاج، ولكن حالته لا تتحسن لسبب واحد هو: أن مرضه ليس في معدته وانما في خياله، وفي احساسه بالعدمية والدونية، ومريض آخر يشكو من ألم في ساقه، بينما مشكلته الحقيقية ليست في الساق، وانما في ان زوجته نكدية، ومن النوع الذي يشعر بسعادة عارمة لأن “بكرا، الحن”.
وتقرير منظمة الصحة العالمية يقول ان الامراض النفسية هي الأكثر خطورة على صحة المجتمعات البشرية من أي مرض آخر لانها تمتلك القدرة على التحول الى امراض عضوية يجد الاطباء العاديون صعوبة بالغة في معرفة اسبابها أو علاجها، وإذا كان ربع سكان الكرة الارضية مرضى نفسيين، فإن الثلاثة ارباع الآخرين ليسوا سليمين إذ ان 19% منهم مرضى بصورة جزئية، بمعنى انهم يعانون من بعض الاعراض، ولكن لا تتوافر جميع الشروط اللازمة للحكم عليهم بالمرض.
والنساء، في كل مكان في العالم، اكثر عرضة للاصابة بالامراض النفسية من الرجال، ويذكر تقرير منظمة الصحة العالمية ان عدد اللواتي يعانين من الاكتئاب يزيد على ضعف عدد الرجال، وهذه الحقائق تنسحب على كل الشعوب والثقافات والاجناس، من نيويورك الى دكا، ومن الاحياء الراقية في باريس الى الحواري والأزقة الفقيرة في دول امريكا اللاتينية، الى الادغال الافريقية، ويقول مايكل كورف، مدير مركز الدراسات الطبية في سياتل، بولاية واشنطن الامريكية، ذلك المركز الذي استعانت به منظمة الصحة العالمية في اعداد دراستها، اضافة الى 65 مركزا آخر غيره في مختلف دول العالم، ان النتائج التي توصلت اليها الدراسة دحضت الكثير من المسلمات التي اعتاد علماء الأمراض الأخذ بها، من أن الثقافات المختلفة تعاني من امراض مختلفة.
وفي اليابان يطلقون على الاكتئاب والارهاق النفسي كلمة “جي بيو” ويعني المقطع الأول “جي” ان يتحمل، والمقطع الثاني “بيو” يعني المرض، وهكذا فإن الاكتئاب والارهاق النفسي في العرف الياباني يعني “ان تتحمل المرض” ولكن الاكتئاب الذي ينتشر في العالم حاليا ليس من النوع الذي لا يمكن تحمله، اذ من يستطيع ان يتحمل مشاهدة بوش على التلفزيون يتحدث عن الحرية والديمقراطية، وأولمرت يتحدث عن السلام، ثم يعلم بعد ذلك أن هنالك في هذا الوطن العربي المنكوب الطالع من يروج لكلام بوش، ويصدق أولمرت.
أبو خلدون
فنجان قهوة
عارض إيرنيست
إذا رأيت شاعراً، أو فناناً، أو مفكراً، أو أي واحد من الذين لهم علاقة بالثقافة أو بحرفة الكتابة، شارد الذهن، زائغ العينين، يتحدث بكلمات غير مترابطة، وينظر إلى الوجوه أمامه وكأنه لا ينظر إليها، فلا يذهب بك الظن وتعتقد أنه “سارح في أجواء الإلهام”، أو أنه “غارق في وادي عبقر حتى أذنيه” بل احكم على الفور أنه غير متزن نفسياً، وأنه يعاني حالة شديدة من الاكتئاب يطلق عليها العلماء اسم “عارض إيرنيست” نسبة إلى الروائي الأمريكي ايرنيست همينجواي الذي استبدت به حالة اكتئاب شديدة دفعته إلى الانتحار بإطلاق النار على نفسه.
ويقول العلماء إن عارض ايرنيست ينتشر إلى حد كبير في أوساط الذين يتعاطون حرفة الكتابة. وفي دراسة أعدها البروفيسور فيليك بوست، أستاذ علم النفس، على 100 كاتب بريطاني وأمريكي، ونشرها في مجلة التحليل النفسي البريطانية، ذكر بوست أن الكتّاب يتعرضون إلى الاهتزازات العقلية والاكتئاب أكثر من سواهم، وقال إن الاكتئاب يصيب حوالي 80% من الشعراء، مقابل 80،5% من كتّاب الرواية، و87،5% من المسرحيين. وحالات الاكتئاب، في أعلى تجلياتها، قد تدفع الكاتب إلى الانتحار، كما حدث بالنسبة لايرنيست همينجواي، ومارلين مونرو التي كانت تكتب شعرا موغلا في الرقي بعينيها، وقد تدفعه إلى القتل، كما حدث لديك الجن الحمصي الذي قتل حبيبته وظل يبكيها حتى مات. وفي بعض الحالات يدفع الاكتئاب الكاتب أو الشاعر إلى الجنون، أو إلى انتهاج سلوك انتحاري، وها هو قيس بن الملوح يضرب في الفيافي هائما شاردا يخط اسم حبيبته على الرمال، وعنترة العبسي يخوض المعارك ويقارع الأبطال، بينما أسنة الرماح تنهل منه، وبيض الهند تشرب من دمه، وكأنه يريد أن يهرب من الحياة إلى الموت، وكان سلفادور دالي الذي حلق نصف شاربه وأبقى النصف الآخر، وعاش حتى وفاته بنصف شنب يقول “الفرق الوحيد بيني وبين المجنون هو أن الناس لا تعرف أنني مجنون” ولست أعرف كاتباً، أو شاعراً، أو روائياً، أو مفكراً مبدعاً لا يعاني درجة من الاكتئاب، أو حالة من حالات الهروب، ويقول فيليك بوست في دراسته إن 31% من الكتاب يتعاطون المشروبات الكحولية أو المخدرات، في مقابل 54% من الكتاب المسرحيين، وهو لا يذكر لنا ما هو المشروب المفضل لدى الشعراء، ولكن هؤلاء وضعونا في الصورة تماما، فهم يتحدثون عن الخمرة بعبارات مذهلة لم ترد على لسان كتاب الرواية ولا المسرحيين ولا الرسامين ولا الفنانين. ومن أعراض “عارض ايرنيست” بعض التصرفات الغريبة التي يتميز بها سلوك بعض العباقرة، فقد كان بلزاك يمشي هائماً في الشوارع أثناء الليل، يعد النوافذ المضاءة، وحدثني أحد الكتاب أنه اعتاد الخروج ليلا، والسير في الشارع، ومراقبة أرقام السيارات المارة، وعد السيارات التي تقبل أرقام نمرها القسمة على ،3 وقال إنه يتفاءل عندما يجد العدد كبيرا، ويعاني بقية ليلته من الاكتئاب إذا كان العدد صغيرا.
وتأتي ثالثة الأثافي في دراسة البروفيسور فيليك بوست عندما يقول “إن الكاتب ليس زوجاً مثالياً، ولا يعمر طويلاً، والشعراء هم الأطول عمراً من الكتّاب، وحالات الطلاق بينهم أقل، وإن كان مزاجهم أكثر تقلباً” ترى، هل أدركت المرأة بغريزتها هذه الحقيقة، قبل أن يكتشفها بوست، فانحازت إلى الشعراء دون بقية الكتاب؟
أبو خلدون
ما شاء الله موضوع ضخم وجزيل الفائدة.. جزاك الله خير على النقل يا Cheetah..
"أن مرضه ليس في معدته... ومريض آخر يشكو من ألم في ساقه، بينما مشكلته الحقيقية ليست في الساق"
الدكتور يقدر يخدعه ويعطيه ماء ويقول له إنه هو العلاج الأمثل! فيعالج المرض النفسي بعلاج نفسي.
سنخوص معركتنا من أجل الملوخية :D
دمه خفيف المضروب :biggthump
بالمناسبة .. أغلب ما في المقال معلومات لم تكن جديدة عني
فعلاً الملوخية تعالج الخلايا السرطانية
وبالفعل كانت نسوة مصر قديماً وفي الأحياء الشعبية تشهق لتخرج الملوخية مع التقلية تمام :09:
شكرا جزيلا على المداخلات الطيبة.
فنجان قهوة
مشكلة كبار السن
خلال العقود القليلة المقبلة سيكون باستطاعة العلماء تركيب المادة ذرة ذرة، سيكون باستطاعة الأطباء التصرف بكل جينة من جينات الجسم، وهذا يعني أن كل الأمراض التي نعتبرها الآن مستعصية، ومن ذلك السرطان والايدز والزهايمر، ستكون قابلة للشفاء، باستثناء مرض واحد هو: الشيخوخة، إذ إن العلماء سيتمكنون من منع هذا المرض من إلحاق أضرار كبيرة بالجسم، أما شفاؤه فإنه سيكون فوق طاقتهم.
وتوفر العلاج لأعراض الشيخوخة سيرفع متوسط العمر إلى ما يزيد على 100 سنة، وما لم يقض الإنسان بحادث، فإن متوسط عمره سيرتفع إلى هذا المعدل.
ومن أبرز النتائج التي ستترتب على ذلك أن نسبة الذين ينتمون إلى هذه الفئة العمرية في المجتمعات الغربية الغنية سترتفع إلى حد كبير، بل إن الخبراء يؤكدون أن الأجيال التي ولدت بعد الحرب العالمية الثانية ستعيش هذه التجربة على الطبيعة، إذ إن متوسط عمر الواحد منهم سيتراوح بين 90 و 100 سنة، خلال الفترة الواقعة بين عامي 2030 و2070 إذا تمكن أحد الأطباء من اكتشاف علاج لمنع الشيخوخة من دفع الجسم إلى الانهيار.
والغربيون لا ينظرون بالعطف إلى كبار السن، ويرون أن هؤلاء يشكلون عبئاً على المجتمع، دون أن يقدموا للمجتمع أي شيء على الإطلاق، فضلا عن أنهم عبء على ميزانية الدولة، وارتفاع نسبتهم في المجتمعات الغربية، سيجعل بعض الأصوات ترتفع للمطالبة بالتخلص منهم فيما يطلق عليه “القتل من أجل الرحمة”، وهو المبرر الذي يستخدمونه حاليا لقتل المريض الذي يعاني من آلام شديدة دون توفر علاج لمرضه، وسيقول بعض الغربيين، بمنطقهم المادي الذي يعتبر الإنسان سلعة: “إن الدولة تتكفل الطفل إلى حين بلوغه مبلغ الرجال، فتقدم له الرعاية والتعليم والعناية الصحية، ومن ثم يعمل إلى حين بلوغه سن الخمسين، حيث يحال إلى التقاعد، ويعود المجتمع يتكفله ثانية لأنه أصبح كبير السن، وهذا يعني أن الإنسان يعيش 100 سنة يعمل منها 25 سنة فقط، ولذلك فإن نسبة ما يقدمه للمجتمع أقل بكثير مما يأخذه، ومن المنطقي في هذه الحالة التخلص منه.
وفي مواجهة هذه الأصوات التي سترتفع للمطالبة بالقضاء على كبار السن، سترتفع أصوات أخرى من جانب دعاة الأخلاق تقول إن هذه العملية غير أخلاقية، ولكن ينبغي ألا ننسى أن الأصوات ارتفعت خلال العقود الماضية تندد بالإجهاض، ومع ذلك فإن معظم المثقفات الغربيات من بنات الجنس الذي كان لطيفا ذات يوم يعتبرن الإجهاض الآن حقا مشروعا للمرأة، ويمارسنه كلما دعت الحاجة. والكلام نفسه يمكن أن يقال بالنسبة لقتل المرضى الذين يعانون من آلام شديدة، دون توفر علاج للأمراض التي يعانون منها، فيما يطلق عليه “القتل من أجل الرحمة”.
والقتل لا يمكن ان يكون من أجل الرحمة، وقتل العجائز من أجل الرحمة سينظر إليه البعض باعتباره أكثر أخلاقية من الإجهاض، ومن قتل المرضى الذين يعانون من آلام، لأنه يساهم في توفير مصادر لرعاية فئات يستفيد المجتمع منها أكثر مما يستفيد من المسنين.
الآراء الواردة في هذا المقال ليست من عندي، وإنما هي حصيلة دراسة أوروبية بالغة الاختصاص، ساهم فيها عدد من الباحثين، ونتيجة الدراسة تقول: إن كبار السن سيكونون في المستقبل فائضاً بشرياً لا تتناسب ثقافته وقدراته العلمية مع ثقافة العصر، ولذلك سيكون من الواجب التخلص منهم.
هل نقول إن الحضارة الغربية تتطور، لكي تقتل أبناءها، وتقتل نفسها في النهاية؟
أبو خلدون
فنجان قهوة
طيش المراهقين
يأخذ الآباء على أولادهم انهم لايسمعون الكلام، وإنهم طائشون لا يفكرون في العواقب، ويرتكبون أعمالا تودي بهم إلى المهالك، وعندما يحاول الآباء تقديم نصائح لهم تفيدهم في حياتهم يديرون لها أذناً صماء. هذه الشكوى عامة من جانب الآباء، وقد تجد من يقول لك: “ابني يمضي كل وقت فراغه في الجري والحركة ورفع الأثقال في النوادي الرياضية، ومع ذلك فإنني إذا طلبت منه أن يحضر لي كوب ماء يتظاهر بأنه لم يسمع، أو يغمض عينيه وهو مستلق على الأريكة ليشعرني أنه نائم، وكأنه يقول لي: لماذا لا تحضر الكوب بنفسك؟”.
والواقع إننا لا نفهم أولادنا جيدا، فهم ليسوا طائشين لا يقدِّرون المخاطر، وفي دراسة حول سلوك المراهقين استمرت خمس سنوات وشملت ما يزيد على 10 آلاف مراهق أجراها العالمان فران فارلي، من جامعة تمبل، وفاليري راينا، استاذة العلوم الانسانية في جامعة كورنويل ونشرتها مجلة “علم النفس التجريبي” المختصة تبين أنهم يفكرون في مخاطر كل عمل يقدمون عليه أكثر من آبائهم، وليس أدل على ذلك من أن حوادث السير بين الرجال الذين تعدوا الخامسة والعشرين من العمر أعلى منها بين المراهقين. وفي دراسة أجراها العلماء تبيّن أن المراهق قبل إقدامه على عمل ينطوي على جانب من الخطورة، مثل سباق سيارات مع زملائه مثلا، أو قفزة خطرة في حمام السباحة، يفكر في مخاطر العمل اكثر من الكبار بما يعادل 17 جزءاً في المائة من الثانية، وهو لا يستخف بالمخاطر وإنما يضخمها ولكنه يأخذ بالاعتبار أيضا الفوائد التي يحققها، فعندما يتظاهر الابن بالنوم عندما يطلب منه والده شيئا فإنما يرسل رسالة لوالده فيها حديث عن “الذات” و”الاستقلالية” وضرورة معاملته باحترام، وعندما يقدم المراهق على عمل خطر فإنما يفعل ذلك لتحقيق متعة شخصية أولا، ثم الحصول على اعتراف رفاقه بأنه تمكن من فعل ما لا يستطيع غيره فعله؟ وفي المقابل فإن الذين تجاوزوا سن المراهقة يؤثرون السلامة ولا يأخذون المكاسب التي سيحصلون عليها من وراء إقدامهم على عمل خطر، وينظرون إلى المخاطر فقط، ويتجنبون العمل إذا كانت مخاطره كبيرة. وتلخص البروفيسورة فاليري الاختلاف بين تفكير الكبار والمراهقين بقولها: إن الكبار يلجأون إلى اسلوب غامض في المنطق ويعالجون المشاكل التي تواجههم من خلال التجارب التي مروا بها في الماضي، بعكس المراهقين من الشباب الذين يعالجونها بعمليات منطقية يزنون فيها إيجابياتها وسلبياتها. وكم يغضب المراهق عندما يوبخه الكبير عندما يتدخل في نقاش بالقول: “اسكت ليس لك التجارب التي تجعل رأيك ذا قيمة في هذا المشكلة”، فالمراهق لا يملك التجارب بالفعل، ولكنه يستخدم عقله بشكل أفضل من الكبار.
المراهقون يريدون أن يعاملهم الكبار باحترام، وهم بحاجة إلى تحمل المسؤولية ومشاركة آرائهم مع الآخرين، والتعامل مع المجتمع، وقبل كل شيء فإنهم بحاجة إلى قدوات إيجابية يقتدون بها. وحتى من الناحية المالية التي نظن أن المراهقين لا يقيمون لها أهمية، باعتبار أنهم لا يتعبون من أجل الحصول على المال الذي يحصلون عليه، كشفت الدراسات أن الصغار يدركون أهمية المادة في تعاملهم ويحرصون عليها أكثر من الكبار، وفي إحصائية شملت صغار السن دون الثامنة عشرة وأجرتها مؤسسة هاريس تبين أن حرص الصغار على المادة يكاد يصل إلى حد البخل، وإن كان تعاونهم مع الآخرين أفضل من تعامل الكبار، فقد قال 81 من الصغار إنهم لا يفضلون إعطاء بعض ما لديهم من مال للآخرين، بما في ذلك المقربون، بينما قال قال 92% منهم إنهم على استعداد لمساعدة شخص آخر على اجتياز الطريق، بينما انعكست النسبة لدى الكبار.
والمراهقون بحاجة لمن يفهمهم، وعندما يتهمون آباءهم بأنهم لا يفهمونهم ربما يكونون على حق في ذلك.
أبو خلدون
فنجان قهوة
موسم هتلر
هذا الموسم هو موسم هتلر، فالألمان يضحكون عليه في فيلم هزلي بعنوان “قائدي” من إخراج اليهودي هيلج شنايدر يظهر هتلر فيه يعاني من العديد من اضطرابات نفسية مستعصية، ومن التبول اللاإرادي، كما يقرأون سيرة حياته في كتاب يصوره بصورة فرانكشتاين، ويتناقلون النكات التي كان يرددها الألمان في العهد النازي، والتي جمعها المخرج والسيناريست اليهودي رودولف هيرتزوج في كتاب صدر في الشهر الماضي بعنوان “هايل هتلر”. وفي الولايات المتحدة صدرت هذا الأسبوع رواية بعنوان “قلعة في الغابة” من تأليف نورمان ميلر تتحدث عن طفولة هتلر.
ونورمان ميلر كاتب ومخرج وممثل مثير للجدل منذ نشر روايته الأولى عام 1948 بعنوان “العارية والميت”، وهو “استفزازي” في طروحاته، كان من أشرس معارضي الحرب في فيتنام، ومن المعارضين الدائمين لأي رئيس يسكن البيت الأبيض، وهو يتعاطف مع ما يطلق عليه “ثقافة المخدرات” ويعارض الحركات النسائية، ولكن أسلوبه في المعارضة، سواء كان حديثه عن المخابرات المركزية الأمريكية أو المخدرات أو معارضة الحرب أو لي هارفي أزوالد الذي اغتال كنيدي، أو بابلو بيكاسو أو مارلين مونرو، ليس حوارا يتسلح بالمنطق، وإنما رشاشات من الصخور الصلبة يفتحها على معارضيه، ليخرج هؤلاء والدماء تسيل من جباههم. بل إن أسلوبه العنيف في عرض آرائه كان سببا رئيسيا للخلاف بينه وبين زوجاته، فقد طعن إحداهن بالسكين ودخل السجن، وتزوج خمس مرات، وفي كل مرة كانت العلاقة تنتهي بالطلاق، وهو يعيش حاليا مع زوجته السادسة في أمريكا.
ورواية “قلعة في الغابة” تتناول طفولة هتلر ونشأته، وهتلر نفسه قال إنه يحرص على إبقاء طفولته ونشأته محاطين بالغموض ليبدو بصورة العبقري السياسي الذي جاء من اللامكان، أرسله القدر لإنقاذ الأمة الألمانية. وفي عام 1930 قال: “لا أحد يعرف من أين جئت، ولا أحد يعرف شجرة عائلتي” ولكن المؤرخين يقولون إنه جاء من أسرة متواضعة اشتهرت بالتخلف، في الغابات السويسرية، ويبدو أن هذه القضية أثارت اهتمام مساعده هملر، خصوصا وأن إشاعات ترددت بأن هتلر يهودي من جراتز، فطلب من مساعديه في أغسطس 1942 إعداد تقرير عن عائلة الفوهرر.
وينسب ميلر المعلومات الواردة في روايته عن هتلر إلى ضابط كبير في المخابرات الألمانية أطلق عليه اسم “دييتر” عمل فترة طويلة مع هملر وكان من بين الذين شاركوا في إعداد التقرير عن عائلة هتلر. وفيما يشبه الأدب المكشوف، تبدأ الرواية بالحديث عن ليلة في يوليو 1888 وصلت فيها مشاعر كلارا، والدة هتلر، الأوج، فأيقظت زوجها ألواز من النوم، وفي تلك الليلة التي يصف يصفها ميلر بأنها “عاصفة بحرية عنيفة” بدأت قصة هتلر. وتتوالى القصة فصلا بعد آخر لتتحدث عن والد هتلر الذي تتسم تصرفاته بالعنف، ووالدته، وشقيقه أدموند، وغيرهم، وتسجل الأحداث بدقة بالغة.
والرواية أثارت ردود فعل متباينة في الأوساط اليهودية في الولايات المتحدة وألمانيا، رغم أن والدة كاتبها يهودية، وذلك لأن ميلر يبريء هتلر من كل جرائمه وينسبها للشيطان، ويقول: “إن هتلر فوق طاقة العقل البشري على التصور، فقد تعهده الشيطان في مرحلة مبكرة من حياته، وتولى رعايته ولم يكن أمامه إلا تنفيذ إرادة الشيطان بشن الحروب وإشاعة الدمار”. وهذا الإدعاء أغضب الأقلية اليهودية في الولايات المتحدة، فأعلن رئيس عصبة مكافحة التشهير التي تعتبر مظلة تضم تحتها العديد من المنظمات اليهودية: “إن الأدب الروائي لا يمكن أن يفهم ظاهرة هتلر، بل إنه يصرف الأنظار عن جرائمه، وأي معالجة فنية لهذه الظاهرة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار النوايا”.
وفي الصفحات الأخيرة من روايته، يقول ميلر إن الشيطان أصيب بخيبة أمل بسبب انتحار هتلر، ولذلك لبس الجينز، وانتقل إلى الولايات المتحدة.
أبو خلدون
السلام عليكم
عجيب أمرهم .. كل هذا بسبب إبتعادهم عن منهج الله
ههههه .. الكلام كله بجانبي .. ومن إستنتاجي أن قليلا من الناس من يتفيد من التجارب بل غالبا ما تكون الخبرة عوامل في التدمير بدلا من التعمير ..
يمكن أشوف الكلام لأبوي .. :footinmouth::footinmouth::footinmouth::footinmouth::footinmouth: ..
بعد كم سنة رح يكون موسم صدام .. فهناك كثيرا من الشبه بينهما .. إلا اللهم النهاية ..
صدام حاول أن يقلد هتلر .. لكنه فشل ..د
مواضيع جميلة .. شكرا على النقل ..
أهلا وسهلا بك أخي الكريم، وشكرا على المرور.
فنجان قهوة
التسامح
من طريف ما يروى عن الداعية الشيخ محمد متولي شعراوي أن منزله تعرض ذات يوم للسرقة، فتقدم بشكوى للشرطة، ولدى التحقيق اشتبه المحققون بأحد العاملين في المنزل، فأحالوه إلى المحكمة، وأمام القاضي، اعترف الرجل بجريمته، فاستعظم القاضي الأمر، ووبخ الجاني، وأغلظ له القول، وذكره بالمعاملة الكريمة التي يلقاها في منزل مستخدمه الرجل الصالح وقال له: “صدق من قال: اتق شر من أحسنت إليه”. فاستأذن الشيخ الشعراوي الذي كان يحضر الجلسة، وقال للقاضي: “أرجو يا صاحب الفضيلة أن تكمل هذا القول المأثور” فقال القاضي: “لا أرى له ما يكمله” فقال الشيخ: “بل إنه في الأصل: “اتق شر من أحسنت إليه بدوام الإحسان”.
والتسامح فطرة بشرية ملازمة لكينونتنا، والانتقام مناف لهذه الفطرة، والوسيلة الوحيدة لدفع الشر هي المزيد من الإحسان. وما أجمل أن تبدأ صباحك بالتسامح وغفران أخطاء الآخرين، ليصبح الكون في نظرك أكثر جمالا، وقلبك أكثر اتساعا. ويقول العلماء إن التسامح يعزز الطاقة الروحية في الجسم ويغمر القلب بالاطمئنان والسعادة، والكراهية تستنزف هذه الطاقة وتشوش عليها، تماما كما يحدث عندما تسلط جهاز تشويش قويا على رادار. وكل ابن آدم خطَّاء وينتظر منا أن نسامحه في لحظة ما، وقد كان فولتير يدعو إلى التسامح حتى إزاء “جنون الآخرين” ويقول: “إننا جميعا من نتاج ضعف، كلنا هشّون وميالون للخطأ، لذا دعونا نسامح بعضنا بعضاً، ونتسامح مع جنون بعضنا بعضاً”.
ويعتبر رينيه ديكارت فيلسوف الأخلاق والفضيلة في الغرب، ومع ذلك فإنه وجد نفسه بحاجة لمن يقول له: “إني سامحتك” عندما وشى بأصدقائه وأوقعهم في مشاكل، وعندما غرر بخادمته هيلانه وأنجب منها ابنة غير شرعية. وجان جاك روسو، الذي فتن الأجيال بكتابيه “العقد الاجتماعي” و”أميل” يطلب السماح في اعترافاته لأنه سرق الخمر من معلم النقش، وكذب بغير مبرر، وعمل الكثير مما ينافي التربية الصحيحة والأخلاق.
والتسامح مَلِك في زي رجل مسكين، والانتقام مسكين هزيل في زي عفريت، ومن يرفع راية الحب بين الناس يتبعه الناس، ومن يواجههم بالانتقام والكراهية ينفرون منه، وحلمك على السفيه يكثر أنصارك عليه، ومن لا يقابل الكلمة السيئة بالعفو يسمع غيرها كلمات، ويقال إن رجلا قدم إلى عمر بن عبد العزيز، الخليفة الخامس، وأسمعه ما يكره، فقال له: “سامحك الله، إنما أردت أن يستفزني الشيطان بعزة السلطان، فأنال منك اليوم ما تناله مني غدا، فانصرف إذا شئت”. ومن وصايا الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “إذا سمعت الكلمة تؤذيك فطأطئ الرأس لها حتى تتخطاك”.
والاختلاف بين الناس أمر طبيعي، بل حتمي، وهذه سنة إلهية، حيث بين الله سبحانه وتعالى أن الناس في اختلاف، وأنهم لا يزالون كذلك، والخلاف لا يعرف أحقيته أو بطلانه من كثرة أعداد الموالين، فالحق لا يرتبط بعدد الأشخاص، إنه أصيل وقديم، وهو الغالب بالكلمة والحجة والبرهان، والحق لا يحتاج إلى أشخاص يجيدون الشتائم والسباب، وهو لا يريد إقصاء الآخر وإلغاء شخصه ولا الانتقام منه، بل الحوار معه، وعندما اشتد كيد الحاسدين على أحد الدعاة الكبار في العصر الأموي حتى استعدوا أولي الأمر عليه وزجوه في السجن قال: “من ضاق صدره عن مودتي وقصرت يده عن معونتي كان الله في عونه وتولى جميع شؤونه، وكل من عاداني وبالغ في إيذائي لا كدر الله صفو أوقاته ولا أراه مكروها في حياته، وكل من فرش الأشواك في طريقي وضيق علي السبل ذلل الله له كل طريق وحالفه النجاح والتوفيق”.
وأنت تحصد ما تزرع، وينبغي ألا تتوقع جني العنب من الشوك، والتين من العوسج.
أبو خلدون
فنجان قهوة
صفحة من كتاب السياب
أجمل القصائد الغزلية التي كتبها بدر شاكر السياب لم يكتبها إلى زوجته إقبال التي يقول فيها: “غدا تأتين يا إقبال يا بعثي من العدم/ ويا مرسى سفينتي التي عادت ولا لوح على لوح/ ويا قلبي الذي إن مت أتركه على الدنيا ليبكيني”، وإنما لممرضة لبنانية كانت تشرف على علاجه أثناء استشفائه في لبنان. وعندما زرته عام ،1962 برفقة الشاعر أدونيس، في الشقة التي كان يقيم فيها في منطقة الروشة، وكانت المنطقة في ذلك الحين حقلاً من نبات الصبار تتخلله بضع بنايات، وجدته يحاول تذكر ثلاث قصائد كتبها لهذه الممرضة، عثرت زوجته إقبال عليها ومزقتها. وقال السياب إن زوجته جاءت من العراق وفوجئت بأن الممرضة جميلة جدا، فطردتها من العمل، وتعهدت هي العناية به، ومزقت القصائد، أو هي أخفتها.
ولم يكن السياب زاهدا بزوجته، فقد كان يحبها إلى درجة الوله، وفي إحدى قصائده يقول لها: “لولاك ما رمت الحياة ولا حننت إلى الديار” ولكنه كان رحمه الله، كباقي الشعراء “مناوشا عاطفيا” بامتياز، بما يثير غضبها أحيانا.
وفي عام 1964 كنت أتردد على زيارة السياب أثناء علاجه في المستشفى الأميري في الكويت مع عدد من الأصدقاء بينهم فاروق شوشة وسلمى الخضراء الجيوسي التي كانت تترأس القسم الأدبي في إذاعة الكويت، وصديقه الوفي الشاعر علي السبتي، وكان السياب يشكو مرضه الذي يثقل عليه ويقول: “إنني أمرض الحياة لا أعيشها” وأحيانا يقول: “إنني أعيش على هامش الحياة، بل على هامش ضئيل من هوامشها”، وقد وصف بعض مظاهر مرضه في العديد من قصائده الأخيرة، فقال عن شلله: “أحرك الأطراف لا تطيعني، مشلولة” وقال عن نحوله “أشاجعُ غاب عنها لحمها” وعن الرعشة التي كانت تنتابه: “وعرى عظامي فهي راعشة” وعن حالته مع مرضه “يمشي على عكازه ويَعثُرُ” وكثيرا ما كان يتمنى الموت ليتخلص من آلامه: “هات الردى أريد أن أنام/ بين قبور أهلي المبعثرة /رصاصة الرحمة يا إله”، ولكن، حتى في أحلك ساعات مرضه، لم تغب صورة تلك الممرضة اللبنانية الجميلة عن مخيلته.
وذات يوم، جاءه صديقه علي السبتي وقال له إنه يرغب في السفر إلى بيروت بضعة أيام، فتهلل وجه السياب وطلب منه الذهاب إلى المستشفى الذي تعمل فيه هذه الممرضة وإبلاغها تحياته.
وسافر السبتي وقابل الممرضة وأبلغها الرسالة، وطلب منها أن تكتب جواباً فرفضت، فقال لها: “ولكن بدرا يحبك” فقالت: “ما بيننا ليس حبا، إنه مجرد علاقة بين ممرضة ومريض” فقال: “ولكنه بحاجة إليك” فتساءلت: “وماذا باستطاعتي أن أفعل؟” فقال: “الكثير.. أكتبي له أنك تتذكرينه” فقالت: “مستحيل” فقال السبتي: “أرجوك، إن هذه الرسالة قد تساعد على شفائه وربما تنقذه من الموت المؤكد الذي يحاصره”، وألح عليها في الطلب، فكتبت رسالة تقول فيها للسياب إنها تتذكره كثيراً، وتسأل عن أحواله وتعبر له عن اشتياقها له.
وعندما عاد السبتي إلى الكويت كان أول سؤال وجهه السياب إليه، قبل السلام والكلام هو: “هل قابلت ليلى؟” فضحك السبتي ومد رأسه إليه وقال: “هذه قبلتي أولا إليك بمناسبة عودتي، وهذه قبلة ثانية طلبت ليلى مني أن أطبعها على جبينك”. وبرقت عينا السياب بسعادة عارمة، وارتسمت على شفتيه ابتسامة ملأت وجهه، ثم طلب من السبتي ورقة وقلما وكتب على الفور قصيدة عمودية مطولة عنوانها “ليلى” يخاطب في مطلعها السبتي قائلا: “قرّب بعينيك مني دون إغضاء / وخلني أتملى طيف أهوائي / أبصرتها؟ كانت الدنيا تفجر في/ عينيك دنيا شموس ذات آلاء / أبصرت ليلى؟ فلبنان الشموخ على/ عينيك يضحك أزهارا لأضواء / إني سالثمها في بؤبؤيك كمن / يقبل القمر الفضي في الماء / ليلى هواي الذي راح الزمان به / وكاد يفلت في كفي بالداء / حنانها كحنان الأم دثرني / فأذهب الداء عن قلبي وأعضائي”.
رحم الله السياب، فقد كان في حالة حب دائمة، حتى عندما كان المرض يأكله قطعة قطعة.
أبو خلدون
فنجان قهوة
قوانين قراقوش أمريكية
“أحكام قراقوش” ذهبت عندنا مثلا للتخلف والظلم، فكل حكم ظالم يوصف بأنه من أحكام قراقوش. وقراقوش اسم تركي يعني “النسر الأسود” وهو من أصل رومي كان خادما لصلاح الدين، وقيل لعمه أسد الدين شيركوه، ولما استقل صلاح الدين بالديار المصرية اعتقه، ثم فوض أمورها إليه، واعتمد عليه في تدبير شؤونها. ويقال إنه كان صارما في حكمه، وينسب إليه الأسعد بن مماتي في كتابه “الفافوش في أحكام قراقوش” الكثير من الأحكام الغريبة التي يُستبعد وقوعها من مثله، حيث إن صلاح الدين كان يعتمد عليه في إدارة شؤون المملكة، ولو كان يعرف فيه الظلم والتخلف لما فعل ذلك. ومن القصص التي تنسب إلى قراقوش أن أحد جنوده شرب من سطل حليب تملكه بائعة حليب فقيرة، ولم يدفع للمرأة ثمن الحليب الذي شربه، فذهبت المرأة تشكوه إلى قراقوش، ولدى مواجهة الجندي والمرأة أنكر الجندي ادعاءات بائعة الحليب، بينما أصرت المرأة على دعواها، فقال قراقوش لجنوده: ابقروا بطن الجندي، وإذا وجدتم فيه حليبا، فاطلبوا من ورثته أن يدفعوا للمرأة ثمن الحليب، وإن لم تجدوا، فابقروا بطن المرأة عقابا لها على ادعائها الكاذب.
والمبالغة واضحة في هذه الرواية التي لا يصدقها عقل، ومع ذلك فإن مؤرخينا يأخذونها على علاتها دون تبصر، كما يأخذون تلك النوادر التي تروى عن هارون الرشيد وأبي نواس، مع العلم أن أبا نواس لم يقابل هارون الرشيد على الإطلاق، ولم يكن هارون الرشيد الذي كان يحارب سنة، ويحج سنة، يستقبل في ديوانه ماجنا شعوبيا مثل أبي نواس.
وعلى العموم، فإن الذين يضربون المثل بأحكام قراقوش لم يزوروا الولايات المتحدة على ما يبدو، ولم يطلعوا على قوانينها التي تفوق في غرابتها قوانين قراقوش، وإذا كانت قوانين قراقوش طرفاً ونوادر ابتكرها الأسعد بن مماتي أو غيره للإساءة إلى رجل كان مقربا من صلاح الدين، فإن القوانين الأمريكية تشريعات وبنود قابلة للتطبيق، ويمكن ان يعمل بها القضاة الأمريكيون في أية لحظة، بسبب عدم صدور قوانين بإلغائها، ومثال على ذلك فإن مدينة جوليت بولاية الينوي تعاقب بالحبس لمدة يومين كل من يجرب ما يزيد على خمسة ملابس في أي محل للنوفوتيه، وبالحبس لمدة ثلاثة أيام كل من يقدم طلبا إلى أية جهة حكومية ويخطئ في تهجئة اسم المدينة أو الولاية التي يتبع لها، وإذا كنت تتجول في مدينة نيويورك وصادفت حصانا في الطريق ونزل المطر، إياك أن تفتح المظلة بوجود الحصان، حتى لو بللك المطر، وإلا فإن الشرطة تستطيع أن تلقي القبض عليك، وتضعك في السجن.
وإذا كنت تنزل في أحد الفنادق في كاليفورنيا، ينبغي عليك أن تأكل البرتقال بقشره أو تمتنع عن أكله، إذ إن السجن والغرامة المالية سيكونان من نصيبك إذا اكتشف عامل الفندق وجود قشر برتقال في سلة المهملات في غرفتك، وفي ولاية واشنطن يعاقب كل من يدعي أن والديه غنيان بالسجن لمدة ستة أشهر، وفي شيكاجو هنالك قانون ينص على منع الأكل في مكان يحترق.
والقبلة في ماريلاند لا يجوز أن تزيد على ثانية واحدة وإلا جرى احتجاز الشاب والفتاة بتهمة الإساءة إلى الآداب العامة. وفي شيليوت بولاية ميسوري هنالك قانون يمنع رش الرز على العروسين، أو المدعوين أثناء حفلات الزفاف تحت طائلة الغرامة والحبس.
ولكن أغرب القوانين هو ذلك القانون في مدينة ممفيس بولاية تنيسي الذي ينص على أنه لا يجوز للمرأة أن تقود سيارة إلا إذا كان هنالك رجل يجري أمامها وهو يحمل علما أحمر، لتحذير سائقي السيارات الأخرى والمارة، وإذا خالفت أية امرأة ذلك فإن السجن لمدة ستة أشهر سيكون من نصيبها، حتى لو قامت جمعيات حقوق المرأة الدنيا ولم تقعدها.
قوانين وقوانين، تبدو قوانين قراقوش رحيمة وديمقراطية أمامها.
أبو خلدون
فنجان قهوة
القوى الخفية
علماء الطبيعة الذين لا يؤمنون إلا بما هو محسوس وملموس يتجاهلون، مع سبق الاصرار والترصد، ان “المحسوس الملموس” من الناحية العلمية غير موجود في هذه الدنيا، انه مجرد “فكرة” اخترعها الانسان لكي يستطيع فتح حوار مع الاشياء المحيطة به. ومنذ عشرينات القرن الماضي اثبت اينشتاين ان المادة ليست إلا “ظاهرة”، كالضوء والكهرباء والحرارة، فنحن نرى الضوء، ونلمس تأثير الكهرباء ونحس الحرارة ولكن: ما هذه الأشياء؟ لا أحد يعلم، وحتى العلماء الذين اخترعوها لا يعرفون ما هي.
وكل جسم يسير بسرعة الضوء يتحول الى ضوء، هكذا يقول العلماء، ويرى اينشتاين ان المادة، سواء كانت صخراً، أو تراباً أو جبلاً، أو قطعة أثاث، هي طاقة، مثل الضوء، مع فارق ان الضوء يسير بسرعة مذهلة، ولذلك يتحول الى أشعة، أما المادة فإنها تسير بسرعة بطيئة جداً، ولذلك “تجسدت” وبات في استطاعتنا لمسها ورؤيتها. ويقول العالم ماكس بلانك: “إن المادة قوة غلب عليها البطء، ولذلك بدت للاحساس في ثوب المادة” والروح هي الحقيقة الوحيدة في هذا الوجود، هكذا يقول العلماء ايضاً، ومع ذلك فإننا نمضي حياتنا نغذي المادة في وجودنا، ونهمل الروح،
فتكون النتيجة ان تضعف أرواحنا وتذبل، وتنتعش المادة فينا.
ونذكر مدام كوري التي حصلت على جائزة نوبل في العقد الثاني من القرن الماضي، لاكتشافها الراديوم، انها حاولت ان تخضع بعض جوانب تلك القوة التي يطلق الناس عليها اسم “الروح” للفحص في المختبر، فجاءت بثلاث كشافات كهربائية وشحنتها بالكهرباء، ثم طلبت إلى وسيطة على درجة عالية من الرقي الروحي اسمها “اسابيا بلادينو” ان تفرغ الكشافات دون ان تلمسها بجسدها المادي، وبالفعل أومأت الوسيطة برأسها ثم حركت يدها، فأفرغت الكشافات الثلاثة، وانطبقت أوراقها الذهبية بعضها على بعض، وسجلت الاجهزة التي استخدمتها مدام كوري في التجربة خروج “شيء” من جسد الوسيطة البعيدة عن الكشافات الى الكشافات، وأن هذا الشيء لمس الكشافات، فسرت شحناتها إلى جسد الوسيطة ثم إلى الارض. ومضت مدام كوري في تجاربها حتى النهاية، تلك التجارب التي أوردها بكل تفاصيلها العالم فلامريون في كتابه “القوة الخفية”.
ويقول آرثر كومبتون، الحائز جائزة نوبل في الطبيعيات: “إذا أوقدت شمعة ثم أطفأتها على الفور بنفخة من فمي، فإني لا أكون قد بددت ضوءها، إذ ان لهبها يظل موجودا لسنين ضوئية عديدة، رغم أننا لا نراه، فإذا كان الضوء يمتلك هذه القدرة، فحري بالإنسان أن يكون أكثر قدرة” ويقول اينشتاين: إذا كانت نظريتي في النسبية عن الكون صحيحة، فلا بد إذاً من وجود قوى إدراك رباعية الأبعاد.. ويقصد اينشتاين بذلك قوى الإدراك الحسي التي لا تتقيد بزمان ومكان، أو ما نطلق عليه “الجلاء البصري والروحي”.
وهذا النوع من الجلاء فوق قدرة العلم، ولكننا نجده عند الكثيرين ممن صفت قلوبهم.
أبو خلدون
فنجان قهوة
أمراض غريبة
يتحدث الأطباء عن أمراض المناطق الحارة، وأمراض المناطق الباردة، وعندنا أمراض خاصة بحوض البحر الأبيض المتوسط، من بينها حمى البحر المتوسط وحمى الوادي المتصدع، إلى آخر ما هنالك من تصنيفات لا تقع تحت حصر، ولكن يبدو أن هنالك أمراضا نفسية تصيب الأمريكيين من أصل انجلو سكسوني فقط، دون غيرهم من خلق الله بدأت تشكل ظاهرة غريبة يقف الأطباء والعلماء حائرين أمامها، ومن ذلك “عارض اليد الغريبة” الذي تتصرف فيه إحدى اليدين وكأن لها دماغاً خاصاً يحركها، يختلف عن الدماغ الذي يحرك اليد الأخرى. ومن هذه الأمراض أيضا “عارض التعشيش” حيث تترك المرأة الحامل منزلها وأولادها وتصعد إلى شجرة كبيرة و”ترقد” فوق غصن من أغصانها وكأنها طائر يرقد فوق بيضه، وخلال فترة رقودها تنعزل كليا عن البيئة المحيطة بها، فلا تسمع ولا تتكلم.
وقبل مدة صدر في الولايات المتحدة كتاب جديد وصفه النقاد بأنه “أخطر كتاب صدر منذ قرن من الزمن” من تأليف البروفيسورة مارلين شتاينبرج يتحدث عن مرض جديد تقول الدكتورة مارلين إن ما يزيد على 30 مليون أمريكي يعانون منه، هو “اضطراب الشخصية الانفصالي”. والكتاب بعنوان: “غريب في المرآة - الانفصال: المرض السري في عصرنا الحاضر”، وهو يقول إن المصاب بهذا المرض ينظر إلى المرآة أحيانا فلا يرى صورته الحقيقية، وإنما يرى صورة شخص آخر يحدق به. وهنالك فيلم سينمائي جرى انتاجه قبل سنوات بطله شخص مصاب بهذا المرض.
ولكن، ما أسباب هذا الاضطراب النفسي؟ تقول الدكتورة مارلين إن السبب هو الصدمات العاطفية في الطفولة، وخصوصا إساءة الاستغلال الجنسي، بما يعني إن 30 مليون أمريكي تعرضوا لهذا الأمر في طفولتهم. وتضيف: إن الصدمات العاطفية التي نعيشها في طفولتنا لا تبقى حية نشطة في أذهاننا، ولو كان الأمر كذلك لأصبحت حياتنا مستحيلة، ولذلك فإن الدماغ يدفعها إلى زاوية مظلمة منه، حيث تؤثر في الذات مع تقادم الزمن، وتقسمها إلى شرائح تتجلى مع مرور الزمن كذوات أخرى، وهذا هو السبب الذي يجعل المصاب بهذا العارض يرى شخصا آخر عندما ينظر في المرآة.
وتستعرض الدكتورة مارلين العديد من الحالات التي عالجتها في عيادتها النفسية، ومن ذلك حالة سيدة تدعى نانسي، وهي أم لثلاثة شباب بعضهم يدرس حاليا في الجامعة، تعرضت لسوء استغلال عاطفي من جانب والدها وجدها ووالدتها، وأثناء العلاج، كانت تبدو طبيعية في بعض الأحيان، وتتحدث وتتصرف برزانة، وفجأة تطفو من عقلها الباطن ذكريات التجارب التي تعرضت لها في الماضي، فتتغير لهجتها في الحديث، ويصبح أسلوبها في الكلام شبيها بأسلوب طفلة في الثانية من العمر، تمط الكلام بصورة ملحوظة فتقول مثلا: “أنا خاااااايفيي كتييييير” أي “أنا خائفة جدا”.
وإلى جانب صدمات الطفولة، هنالك صدمات الشباب، حيث يكبر الأمريكي ويلتحق بالجيش، وربما يجري إرساله إلى إحدى القواعد في الخارج، وهناك يلمس الفوارق الكبيرة بين ما تعلنه حكومته، وبين ما تفعله، ففي الوقت الذي تتحدث فيه عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وتنصب نفسها وكيلة معتمدة لهذه المبادئ، فإنها تصادر حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، وتنتهك الحرية والديمقراطية في كل مكان في العالم، وتتجاهل حقوق الإنسان، والهوة الواسعة بين القول والفعل تسبب الكثير من الصدمات النفسية للشباب، وقد عبر بعضهم عن ذلك برفض الخدمة العسكرية، كما فعل الملاكم العالمي محمد علي أثناء حرب فيتنام، وكما يفعل الذين يرفضون الخدمة في العراق وأفغانستان حاليا، بل إن بعض هؤلاء طلب اللجوء السياسي إلى كندا مثلا لكي لا يجري إرساله إلى حرب لا يؤمن بها. وفي استفتاء أجرته ال “سي إن إن” مؤخرا تبين أن 11% فقط من الأمريكيين يؤيدون سياسة بوش في العراق، ومع ذلك فإنه مصر على متابعة سياسة يعارضها 89% من شعبه. والمواطن الأمريكي إنسان مسكين، إذ إنه مصاب بعدد لا يحصى من الندوب النفسية، ونظامه السياسي والاجتماعي وزعماؤه السياسيون هم المسؤولون عن ذلك.
أبو خلدون
فنجان قهوة
مهاترات العلماء
أراهن على مليون دولار من أموال بيل جيتس أنه لو حاول أحد العلماء البارزين شرح نظرياته أمام مجموعة من الناس في ساحة إحدى القرى، فإن النتيجة ستكون واحدة من اثنتين: إما أن يجري نقله بالقوة إلى مستشفى الأمراض العصبية والعقلية، باعتبار أن هذا المستشفى أفضل مكان يمكن أن يتواجد فيه، أو ينهالوا عليه ضرباً بالعصي حتى يصبغوا جسمه بالكامل لأنهم سيظنون أنه يستخف بعقولهم ويسخر منهم.
وخذ مثلا علماء الفيزياء الكمية الذين يحاولون أن يقنعونا أن الإنسان يتواجد في عدة أمكنة في وقت واحد، فأنت عندما تكون في سيارتك متجها إلى مكتبك، تكون أيضا في منزلك تتنقل بين القنوات الفضائية، وفي مكتبك تستقبل المراجعين، وخذ ذلك العالم الذي يقول لك إن بروتون الذرة يحتوي على 3 كوارتز، ولو استخرجنا هذه الكوارتزات الثلاثة من البروتون لوجدنا أن وزن كل واحد منها يعادل 1000 ضعف وزن البروتون، ولو قلت له كيف يمكن أن يكون وزن الجزء 1000 ضعف وزن الكل، وكيف يكون وزن امرأة حامل بثلاثة توائم، 70 كيلوجراما مثلا، ولو استخرجنا التوائم الثلاثة بعملية قيصرية ووَزَنا كل واحد منهم على حدة فإننا سنجد أن وزنه يعادل 70 ألف كيلوجرام، بينما وزن المرأة لم ينخفض إلا عشرة كيلوجرامات، وكيف تكون هذه الكيلوجرامات العشرة تعادل 210 آلاف كيلوجرام؟ لدخل معك في مهاترات تفقدك ما تبقى لديك من منطق وعقل. وكل التلاميذ تعلموا في المدارس أن اسحق نيوتن اكتشف قانون الجاذبية عندما سقطت تفاحة فوق رأسه في حديقة منزله، وأن الجاذبية هي التي تحكم حركة الكون والأفلاك بأسرها، وبعد وفاة نيوتن لم يتوقف سقوط التفاح عن الأشجار، ويبدو أن حديقة البروفيسور مارك ماكوتشيون خالية من أشجار التفاح، ولذلك لم تسقط أية تفاحة فوق رأسه، مما دفعه إلى الخروج بنظرية جديدة تلقى تأييداً واسعاً في الأوساط العلمية تقول إن الجاذبية غير موجودة، وأن اسحق نيوتن مجرد واهم عندما تحدث عنها.
وقبل أيام نشر استاذان بارزان في علم النفس من جامعة هارفارد هما هاريسون بوب وجيمس هيدسون دراسة في مجلة الطب النفسي الالكترونية قالا فيها إن سيجموند فرويد كان يسبح في عالم الأوهام عندما قال إن العقل يكبت التجارب المؤلمة التي يمر بها الإنسان في حياته في مكان ما من اللاشعور، وينساها كليا، لتظهر في المستقبل على شكل عقد نفسية.
وقال العالمان في دراستهما إن هذا الكلام مجرد خرافات، فالعقل لا يكبت شيئا، والحديث عن الكبت في الأعمال الأدبية والشعرية بدأ بعد طرح نظرية فرويد، ولو كان الكبت صحيحا لوجدنا آثارا له في انتاج كبار الكتاب والشعراء والروائيين في العالم قبل القرن التاسع عشر الذي طرح فرويد فيه نظريته، ووضع العالمان جائزة 1000 دولار لكل من يدلهما على قصة أو رواية أو مسرحية تتحدث عن ذلك، وقالا في دراستهما إن الإنسان يتذكر التجارب المؤلمة التي يمر بها أكثر من التجارب الأخرى لأنها مهمة في صراعه من أجل البقاء، وإذا كان لا يتذكر تجربة ما فترة طويلة من الوقت فذلك لا يعني انها مكبوتة في عقله الباطن، وإنما لأنه لا يدرك أبعادها، أو أن متطلبات حياته لم تستوجب استدعاءها، ومثال على ذلك: طفلة تتعرض لتحرش جنسي من جانب أحد أقاربها: هذه المعلومة يحتفظ بها العقل في مكان ما، إلى جانب التجارب الأخرى التي تمر بها الطفلة في حياتها، ولا تتذكرها، وعندما تكبر تطفو هذه التجربة فوق السطح، ولكن ذلك لا يعني أنها كانت مكبوتة، وكل ما هنالك أن الطفلة لم تستوعب أبعادها إلا بعدما كبرت. وقبل القرن التاسع عشر تحدث العديد من الكتاب عن كبت الذكريات المؤلمة التي يمرون بها في اللاشعور بالطريقة التي تحدث عنها فرويد، ومثال على ذلك قصة “علاقات خطرة” التي كتبها الأديب الفرنسي شودرلو دي لا كلوس عام 1782 وأنتجتها هوليوود سينمائيا، وفي مسرحية “الملك لير” لشكسبير لا يتمكن الملك من التعرف إلى ابنته كورديليا عندما يجد نفسه في معسكر فرنسي، ولكنها مهاترات العلماء التي سحبت المصداقية من كل الأشياء.
أبو خلدون
فنجان قهوة
سقوط الرجل الزنجي
في عام 1985 حضرت دورة دراسية في واشنطن مدتها ستة أسابيع بعنوان “النظام الأمريكي وطريقة عمل الإدارة الأمريكية”. وطوال أيام الدورة، توالى المحاضرون، وكانوا من كبار المستشارين في إدارة ريجان، يسرفون في الحديث عن ليبرالية النظام الأمريكي، وعن “الحلم الأمريكي”، و”الرأسمالية باعتبارها الوسيلة لتحقيق السعادة للبشر، والاشتراكية باعتبارها الشيطان الأكبر”، وعن أمريكا باعتبارها “أرض الفرص” و”المكان الذي تنصهر فيه كل الثقافات”. وخلال الدورة جرى تنظيم زيارات للمشاركين فيها لحي هارلم (حي الزنوج في نيويورك) طلب منا أثناءها عدم الخروج من السيارات خشية التعرض لاعتداء من جانب أحد الزنوج المشردين، ولمنطقة “تشاينا تاون” التي يسكنها أمريكيون من أصل صيني، و”جابان تاون” التي يسكنها أمريكيون من أصل ياباني، باعتبار هاتين المنطقتين نموذجا لاحترام الأمريكيين لإرث أقلياتهم الثقافي. وبعد انتهاء الدورة طلب المشرف منا كتابة تعليق عن النظام الأمريكي باعتباره “وعاء صهر للثقافات المختلفة”، فكتبت تعليقا قلت فيه إن النظام الأمريكي لم ينجح في أن يكون ذلك الوعاء، فالأمريكيون الزنوج يعيشون في جيتو يبدو كأنه ليس قطعة من نيويورك، ينتشر فيه الفقر والمرض والمخدرات والجريمة والنقمة على كل شيء، والصينيون يعيشون في تشاينا تاون وقد نشروا فوق رؤوسهم مظلة حملوها من بكين، وكذلك غيرهم من الأقليات، وقلت إنني بحثت طويلا عن تأثير الثقافة الأمريكية في حياة هؤلاء فلم أجده، ربما لأنه لا توجد ثقافة من هذا النوع.
وفي روايته الأخيرة “الرجل سقط” يسخر الكاتب الزنجي مايكل توماس من الأسطورة التي تقول إن أمريكا وعاء صهر للثقافات ويقول: في أمريكا فئتان، الأولى هي المحظوظون الذين يتحدرون من أصل أنجلو سكسوني، والثانية الذين يتحدرون من أصول أخرى، وفي أسفل قائمة هؤلاء يأتي الزنوج.
والقصة حافلة بالإسقاطات، ويتساءل الكاتب: “كيف يمكن أن يحقق الزنجي الحلم الأمريكي، وفي جسمه جينات انتقلت إليه أبا عن جد، أعطت جلده ذلك اللون الداكن؟” صحيح أن القانون الأمريكي ألغى التمييز العنصري، ولم يعد السيد الأبيض يطلب من الزنجي البقاء في المطبخ وعدم دخول الصالون عندما يزوره رفاقه البيض، كما يقول الكاتب الزنجي جيمس بالدوين، ولكن التمييز لا يزال موجودا ويجري في البيض مجرى الدم في العروق. ومأساة الزنجي أنه يرى مستقبل أبنائه في ماضيه، لأن لا أمل في تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة، وحيث إنه هو شخصيا يعيش على هامش الحياة، بل على هامش ضئيل من هوامشها، فإنه يتصور ان ابنه سيعيش حياة مماثلة، ولذلك فإن البطل في قصة “الرجل سقط”، وهو زنجي، لا يطلق على ابنه اسما، وإنما يرمز إليه بحرف “أكس”، وكأنما ليشعرنا بأن هذا الطفل ولد لكي يصبح في المستقبل لا شيء، ويضيف: “إن المخاوف التي تراود الزنجي منذ طفولته تكشف زيف اسطورة أمريكا كوعاء لصهر الثقافات”. وكم يبدو مؤثرا ذلك المقطع الذي يصف فيه الكاتب رؤيته لابنه الأول بعد ولادته مباشرة: “كنت أظن أن عينيه ستكونان مغلقتين، ولكنهما لم تكونا كذلك، إنهما كبيرتان ولوزيتان كعينيّ، وهو يحدق بي، وهيء لي أنه يرى كل شيء في: آثار الجدري على جبهتي، والنتوء على خدي، وآثار الحرق على معدتي عندما عاقبني والدي بإطفاء سيجارة في جسمي، والإهانات التي كان يوجهها رفاقي البيض لي وكأنها حجارة يقذفونها من نوافذ سياراتهم، وعبارات التهديد التي لم تكن تؤذي مشاعري، لأنها تهديدات، لا إهانات، وقلت في نفسي إنني لن أسمح بأن يعاني ابني ما عانيت، وأنني سأحميه، مهما كان الثمن”.
وطوال القصة يجد البطل متعة في احتقار المجتمع الذي يحاول سلبه انسانيته، وفي التمرد عليه، فهو يرفض وجبة عشاء يقدمها له رجل أبيض، رغم أنه يتضور جوعا، ويشعر بارتياح نفسي لأن البيض النافذين يكرهونه، ولكنه يعترف: إن حياة البيض أفضل من حياتنا، ليس لأنهم يملكون أكثر منا، وإنما لأن ما يملكونه يغنيهم عن مذلة السؤال.
أبو خلدون
مشكور على البحث
السلام عليكم
أجد نفسي مضطرا للتعقيب في بعض الإحيان .. لهذا أعذرني إن خربت عليك هذا الموضوع الجميل :kiss: ^^
عبارة جميله .. لكنها ركيكة .. أو تحتاج إعادة صياغة .. لأن السنة الضوئية هي مسافة ليست مدة من الزمن لهذا ستكون العبارة كالتالي:اقتباس:
لهبها يظل موجودا لسنين ضوئية عديدة، رغم أننا لا نراه، فإذا كان الضوء يمتلك هذه القدرة، فحري بالإنسان أن يكون أكثر قدرة
" ضوء الشمعة يضل موجودا وسائرا في كل الإتجاهات حتى بعد إطفاء اللهب .. إلى أن تمتص طاقته بالكامل بواسطة حواجز أو ما شابه " ولا أرى لهذه النظرية أو البديهية علاقة بطاقة الإنسان :o ^^ ..
-------- هامش عرضي ------
صحيح أن المبالغة من ثقافتنا لكنن أكرهها .. لأن التهوين من طبعي .
بل أهلا ومرحبا بك أخي الغالي..
بل يسرني أن أجد نقاشا، وبالأخص العلمي منه..
القصد هو ان الشمعة ما تزال موجودة، إن تمكن بمادتها فبضوئها وطاقتها، فهذه الشمعة التي أطفأتها قبل قليل بإمكانك أن تراها أي وقت تشاء في المستقبل، وذلك بأن تسبق ضوءها وتنتظره في المكان الذي سيكون فيه هذا الضوء...
مثال ذلك النجوم التي نراها "الآن" في السماء، هذه ليست موجودة الآن، بل ضوؤها هو الموجود الآن، لكن هي لا نعلم ما حل بها، فما نراه منها ماضيها...
تقصد الدقة..؟اقتباس:
صحيح أن المبالغة من ثقافتنا لكنن أكرهها .. لأن التهوين من طبعي .
هذه نظرية لم تثبت بعد.اقتباس:
وللعلم إن الذي يمشي بسرعة الضوء ينقلب إلى ضوء والله أعلم ..
لا أرى ذلك... فالمسألة تتوقف على كيفية نظرك للجملة، وكيف تفهمها، قد يكون هو قد فهمها خطأ، لكن العبارة ذاتها تحتمل الصحة.اقتباس:
النظرية أنا فهمتها وأصلا أعرفها من زمن ^^ .. لكن الأخ الكاتب ناقلها خطأ P: ..
فنجان قهوة
عصر التخطي
كنا نصف العصر الذي نعيشه حاليا بأنه “عصر الذرة” لأن الدمار الذي أحدثته القنبلتان النوويتان اللتان ألقيتا على هيروشيما وناجازاكي فاق قدرة الخيال على التصور، أما الآن، فإن الذرة أصبحت شيئا عاديا في متناول الجميع، ولم تعد تثير الخيال، وقد أجرى أحد الباحثين دراسة جمع فيها عددا من طلاب المدارس الثانوية ووضع أمامهم مراجع من النوع المتوفر في المكتبات العامة، وطلب منهم محاولة التوصل إلى معادلة صنع القنبلة الذرية، وبعد فترة لا تتعدى الأسبوعين تمكن الطلاب، نظريا، من التوصل إلى المعادلة. وعلى العموم فإن المعادلة موجودة على الانترنت لمن يريد.
ولعل أصدق ما يمكن أن يوصف به عصرنا الحالي هو: إنه “عصر التخطي”، بمعنى: مقاييس الأمس تتحطم، وتحل محلها مقاييس جديدة، تصنعها استوديوهات الخيال العلمي في هوليوود وشبكة الانترنت.
ولا أتحدث عن تخطي الأبناء لسلطة الآباء، ولا تخطي المجتمعات للمفاهيم التي سار عليها الناس منذ قرون، فقد أصبح الحديث عن هذه القضايا من نوع تحصيل الحاصل، وإنما أتحدث عن نوع جديد من التخطي يتعلق بتقاليد الزواج التي كانت دائما موضع احترام وتقدير في كل المجتمعات.
في الولايات المتحدة تعرف شاب إلى فتاة عن طريق الانترنت وتبادل الاثنان الرسائل الإلكترونية بضعة أسابيع، وخلال هذه المدة، أحس كل واحد أن الآخر هو “إيميل أحلامه” فقررا الزواج. ويوم حفل الزفاف، جلس العريس أمام الكمبيوتر وجلست عروسه أمام كمبيوتر آخر على مسافة 30 كيلومتراً منه، وجلس الكاهن أمام كمبيوتر ثالث على بعد عشرات الكيلومترات منهما، وجرت مراسيم عقد القران عبر الانترنت. وعندما انطلقت أغاريد الفرح في بيت العريس، لم تسمعها العروس ولا أهلها ولا أصدقاؤها، وعندما انطلقت الأغاريد المماثلة من بيت العروس لم يسمعها العريس، وفي اليوم التالي التقى الاثنان فعلياً وليس عبر الانترنت، ليبدآ “فيرجين جديد” من حياتهما معا.
وفي فرنسا، قالت الفتاة لخطيبها انها تكاد “تطير من الفرحة” به، وإنه نقلها إلى “أجواء” لم تكن تحلم بها من قبل، فقرر أن يترجم قولها إلى فعل. هو طيار مدني، ويوم عقد القران، استأجر طائرة خاصة، ووضع العروس وراعي الكنيسة إلى جانبه في كابينة القيادة، وعقد قرانه في الجو. وكانت الغيوم هي شاهد الزواج. وفي ولاية ميامي الأمريكية، كان العريس وعروسه من هواة الغوص، فقررا عقد حفل قرانهما في الأعماق، وكم كانت دهشة كاهن الكنيسة كبيرة عندما طلب منه العروسان أن يرتدي بدلة الغوص، ليغوص معهما تحت مياه المحيط الأطلسي ويجري مراسم الزفاف هناك، وقد غاص الكاهن بالفعل وهو يحمل ورقة كتب عليها قسم الزواج، وورقة أخرى كتب عليها “اوافق” و”لا أوافق”، وعند إشارة الاثنين إلى “أوافق”.. رفع الكاهن في وجهيهما ورقة كتب عليها “أعلنكما زوجاً وزوجة”. وكان ضيوف حفل الزفاف من السمك الذي كان يحوم حول الكاهن والعروسين.
ومع ذلك فإن مشكلة هذا الكاهن تظل أخف مما لو كان العروسان من هواة تسلق الجبال، فيعقدان قرانهما فوق قمة الهيمالايا، ويطلبان من الكاهن مشاركتهما بالصعود إلى هذه القمة، أو من هواة سباق السيارات السريعة، يعقدان القران بسرعة 200 كيلومتر بالساعة.
أبو خلدون
مشكوووور أخوي ويعطيكـ العافية ياالغالي بس حبيت أسال أبن خلدون سعودي هو ولا من الدول العربية
فنجان قهوة
نظرتنا المادية
لم يذكر جميل بثينة في قصائده أن حبيبته “تساوي وزنها ذهباً” رغم أنه وصفها بكل الصفات التي يمكن أن تخطر على البال، وقيس بن الملوح فقد عقله من أجل ليلى وهام في الصحارى يخط اسمها على الرمال، وكلما سمع الاسم يخفق قلبه ويكاد ينخلع من صدره، ويقال إنه عندما كان بالخيف من مِنا سمع رجلا ينادي ابنته، ويقال زوجته، بهذا الاسم، فانتابته الرعشة وقال مرتجلاً “وداع دعا إذ نحن بالخيف من منا/ فهيج أشجان الفؤاد ولا يدري/ دعا باسم ليلى غيرها فكأنما/أطار بليلى طائرا كان في صدري” ومع ذلك فإن “مجنون ليلى” لم يذكر في شعره أن حبيبته “بنت من ذهب”، فقد كان العرب في الماضي ينظرون إلى القيم المعنوية في الإنسان، لا القيم المادية، وعندما أراد الأعشى الثناء على إحداهن قال: “ليست بمن يكره الجيران طلعتها/ ولا تراها لسر الجار تختتل” ولم يقل إنها “ذهب” مثلا. وكان الذهب يرد في أقوال القدامى باعتباره من بين الأشياء التي تتزين بها المرأة، كالكحل مثلا، لا من بين الأشياء التي تمنحها قيمة ما.
ونطلق نحن حالياً على الغزوات الثقافية تعبيرا مخففا هو “الحداثة”، ومن باب الحداثة باتت المرأة المميزة تساوي “ثقلها ذهبا”، أو “بنت من ذهب”، وبات الرجل “لا يعيبه إلا جيبه” بمعنى لا يهم إذا كان من الذين يستغلون نفوذهم وينهبون أموال الشعب بشركات استثمارية وهمية، المهم أن يكون جيبه منتفخا بالمال. والرجل الجيد هو “الرجل الكسّيب” أي الذي يكسب، وليس “طويل النجاد طويل العماد/طويل القناة طويل السنان” كما يقول المتنبي، أو “طويل النجاد رفيع العماد/ ليس بوغد ولا زمل” كما تقول الخنساء، فالشجاعة والاستقامة والأخلاق الكريمة لم تعد لها قيمة في عصرنا.
والنظرة المادية تصبغ كل حياتنا ونظرتنا إلى الأمور، فالعزيز على قلبنا نصفه بأنه “غالي”، وكانت عبلة من أعز الناس على قلب عنترة، ومع ذلك لم يرد على لسانه أنها غالية، أما الآن، فإن أحد الشعراء يصف حبيبته بقوله “وتحفة عينيك يا غالية/ كلامك شعر بلا قافية”. وكل شيء يعجبنا نقول إنه “تحفة” ليس لأن التحفة لها قيمة معنوية، وإنما لأن قيمتها المادية كبيرة. والسعادة المثلى عندنا “سعادة 24 قيراطاً” والقيراط مقياس للذهب، و24 قيراطاً هو الذهب الصافي الذي لم تدخله أي شائبة. وحتى عندما نتحدث عن الأخلاق نصفها بأشياء مادية، والرجل الخلوق الجيد “معدنه ذهب” و”معدنه أصيل”. وتصف المرأة الرجل المتسامح كريم النفس الذي يحرص على تلبية كل طلباتها بأنه “مثل الخاتم في أصبعي” أي إنها تتحكم به.
وفي أمثالنا الشعبية مئات الأمثال التي تشير إلى نظرتنا المادية البحتة التي هي جديدة علينا تماما، وأخشى إذا استمرت هذه النظرة أن يكتشف الناس أن الذهب والماس لم يعودا الأغلى ثمنا، وأن جرام الهيروين أغلى من جرام الذهب بكثير، وبدلا من وصف المرأة الجيدة بأنها “تساوي ثقلها ذهبا” نقول إنها “تساوي ثقلها هيروينا”.
أبو خلدون
فنجان قهوة
مافيا العلماء
نتحدث عن التطرف السياسي والعقائدي ونستنكره، ولكن هنالك نوعا آخر من التطرف أكثر خطورة هو “التطرف العلمي” الذي لا يقبل العلماء فيه أي شيء لا ينسجم مع “معتقداتهم”، ويضعون كل العراقيل أمام المجتهدين لإحباطهم، حتى ولو كانوا من العلماء البارزين المشهود لهم. ومثال على ذلك: نظرية الانفجار الكبير التي تفسر ولادة الكون، فقد اكتشف العالم راندل ميلز، من جامعة هارفارد، ثغرات كبيرة في الأسس التي تقوم عليها هذه النظرية خرج منها بنتيجة أنها غير صحيحة، ولا يجوز أن تؤخذ كمرجع لولادة الكون، ولكنه فوجىء أن هذه النظرية أصبحت مع الأيام مؤسسة لها اتباعها وحواريوها، ورفضها يعني فقدان هؤلاء الاتباع والحواريين لامتيازاتهم، ولذلك شنوا حملة شعواء عليه ولم يسمحوا له حتى بمناقشة أطروحته في الأوساط العلمية، وقد لجأ هؤلاء إلى أساليب هي أشبه ما تكون بأساليب المافيا لتحقيق هدفهم. وإذا كنا نسخر من تلك المحكمة التي فرضت على جاليليو التراجع عن نظريته بأن الأرض تدور حول الشمس، فإن مصيرا مشابها واجهه إيرنست زاندال الذي شكك بصحة الرقم الذي تردده أجهزة الدعاية الصهيونية حول ضحايا المحرقة، وجون ميرشايمر وستيفن فالت، من جامعة هارفارد، اللذان أعدا دراسة عن الدور السلبي الذي يقوم به اللوبي “الإسرائيلي” في الحياة الأمريكية.
وفي عام ،1979 أنشأ العالم روبرت جان، عميد كلية الهندسة في جامعة برينستون السابق، مختبرا علميا في الجامعة لدراسة الحاسة السادسة وتأثيرها في المادة. وخلال ما يقرب من ثلاثة عقود من الزمن أجرى المختبر خلالها عددا لا يحصى من التجارب حول الحاسة السادسة، والتخاطر عن بعد اضطر مؤسسه إلى إغلاقه، وبرر قراره بالقول: “خلال العقود الثلاثة الماضية أجرينا ما نرغب بإجرائه من تجارب، وإذا كانت النتائج التي توصلنا إليها لم تقنع العلماء فإنهم لن يقتنعوا لو أجرينا المزيد من التجارب”.
والعلماء في الولايات المتحدة استقبلوا المختبر بعداء ظاهر منذ إنشائه، ورغم أن الكثيرين منهم زاره واطلع على أبحاثه، إلا أنه اشترط أن تظل زيارته سرية، وفي الوقت الذي كان يثني هؤلاء على الأبحاث التي يطلعون عليها، فإنهم كانوا يصفونها في أجهزة الإعلام بأنها “من نوع الخيال العلمي” لكي لا ينسب إليهم دعم أبحاث “لا تتمتع بمصداقية علمية”، في نظر زملائهم. ومن الطريف أن مبتكر جهاز الدفع النفاث في الصواريخ، والذي ساعد الإنسان على الوصول إلى القمر وارتياد الفضاء كانت نظرياته توصف في بداية عهدها بأنها من نوع الخيال العلمي.
ومن التجارب التي أجراها مختبر الحاسة السادسة تجربة عن قراءة الأفكار شملت ما يزيد على 1500 متطوع، والطريف أنه عندما حاول القائمون على الدراسة نشرها في إحدى المجلات العلمية المختصة قال لهم المحرر المسؤول: “إنني على استعداد لنشر دراستكم إذا نقلتموها إليّ كاملة عن طريق التخاطر، وليس على ورق”. وهكذا فإن الأبحاث التي كان المختبر يجريها لم تكن تجد سبيلها للقراء. وفي تجربة حول قدرة العقل على التحكم بالمادة عرض العلماء على مجموعة من المتطوعين ستة صناديق آلية تعرض أرقاما عشوائية بين الواحد والمائة، وطلبوا منهم التركيز على الأرقام ومحاولة استدعاء الرقم الذي يفكرون به، وبعد تكرار العملية آلاف المرات تبين أن المشاركين ينجحون في دفع الآلات إلى إبراز الرقم الذي يفكرون به في 03.0 من الحالات.
ويقول البروفيسور روبرت جان، مؤسس المختبر: “إذا كان باستطاعة الإنسان التأثير في الآلة بقوة الفكر، فإنه من غير شك يستطيع استخدام هذه القوة للتأثير في جوانب أخرى من حياته، مثل العلاج بالتركيز الذهني” ولكن الأوساط العلمية رفضت الأخذ بهذا الكلام، رغم أنه ثبت بالتجارب في المختبر.
وفي العلم، كما في أي قطاع آخر من حياتنا، هنالك مافيا تسيطر على كل شيء، ومن المؤسف أن عناصرها من العلماء الذين يفكرون بنفس الأسلوب الذي فكر به الذين طالبوا جاليليو بالاعتذار لأنه قال إن الأرض تدور حول الشمس، ولم يسألوه مثلا: كيف توصلت إلى هذه النتيجة؟
أبو خلدون
فنجان قهوة
تعدد الزوجات
“ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة”، ولكنه، سبحانه، لحكمة في خلقه، جعلنا شعوباً وقبائل.
ويذكر التاريخ أن هنري الثامن، ملك بريطانيا، قرر ذات يوم، اعتناق الاسلام، فأرسل وفداً إلى والي المغرب محملاً بالهدايا يعرض الانضواء تحت راية الحق. ولكن هذه الرغبة لم تتحقق، فقد جمع الوالي المغربي مستشاريه، وناقشهم في الأمر، فأجمعوا على أن العاهل البريطاني لا يرغب في اعتناق الإسلام إيماناً واحتساباً، وإنما لأنه يريد أن يطلق زوجته.. والكنيسة تعارض الطلاق. وأخذ الوالي برأي مستشاريه، وأكرم الوفد وحمله بالهدايا، وبالاعتذار للعاهل البريطاني.
ولم يشعر هنري الثامن باليأس، ودخل في خلاف مع الكنيسة في روما انتهى بخروجه عن الكاثوليكية، وسلطة البابا.
وفي بعض مسوغات الطلاق في الإسلام مسوغات للتعدد، إذ لا يخفى أن كل شعوب العالم، وكل أممها تمر بفترات من التاريخ يزيد فيها عدد النساء على الرجال، فالحروب تحصد من الرجال اكثر بكثير مما تحصد من النساء، وقد مرت المانيا بعد معاهدة وستفاليا بفترة من هذا النوع فأباح رجال الكنيسة للرجال الزواج بأكثر من واحدة. وفي الصين حاليا قانون لتحديد النسل بطفل واحد لكل عائلة أدى إلى زيادة معاكسة، أي زيادة عدد الرجال بحيث أصبح هنالك 10 رجال لكل 9 نساء، وقد أدى هذا الاختلال في التركيبة السكانية إلى إشاعة القلق في أوساط الحاكمين خصوصا أن العديد من النساء يلجأن بعد الحمل إلى التصوير ب “السونار”، فإذا اكتشفن أن الحمل بأنثى يجهضن على أمل أن يكون الحمل التالي بذكر.
وخلال الحرب العالمية الأولى مات ما يزيد على 20 مليون شخص، وفي الثانية مات ما يزيد على 50 مليوناً نسبة مرتفعة جداً منهم من الرجال، ما أدى إلى ارتفاع نسبة النساء على الرجال، فماذا فعلت أوروبا بهذا الفائض لديها من النساء؟ لقد وجدت نفسها أمام خيارين: إما السماح بتعدد الزوجات، وهذا غير ميسور، لأن الظروف تختلف عن تلك التي كانت سائدة بعد معاهدة وستفاليا، أو التغاضي عن العلاقات غير المشروعة، وغض الطرف عن الإباحية والفجور والزنا، باعتبار أن أحداً لا يستطيع أن يقف في وجه التيار.
ولسنا بحاجة إلى التذكير بأن أوروبا، قبل الحرب العالمية الثانية، كانت شديدة التمسك بالنواحي الاخلاقية في السلوك، وأول قبلة في مكان عام عرفها المجتمع الأوروبي كانت بعد انتهاء الحرب، عندما بدأ الجنود الأمريكيون يعودون إلى بلادهم، فقد اندفعت فتاة فرنسية كانت ترتبط بعلاقة عاطفية مع جندي امريكي إليه، قبل ان يستقبل الشاحنة ويذهب مع عناصر وحدته إلى الميناء، حيث الباخرة بانتظارهم، وقبلته، وقد اثارت هذه القبلة ضجة غير عادية في فرنسا، ونددت بها الصحف في صفحاتها الأولى.
ولكن زيادة عدد النساء على الرجال خلقت واقعاً جديداً في أوروبا لم يكن من السهل مغالبة تأثيراته وانعكاساته، بحيث تبدو الآن قبلة الفتاة الفرنسية لصديقها الجندي الأمريكي نوعاً من السلوك الذي يتسم بالاحتشام.
وهناك ألف سبب وسبب تصلح مسوغاً لإباحة التعدد، ليس أقلها التكاثر الذي أوصانا الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) به، لأنه يباهي بنا الأمم الأخرى يوم القيامة، أما الذين يتحدثون عن الغيرة، والمشكلات التي تحدث بين الضرائر، وإجحاف حق الزوجة الأولى بسبب التعدد، فإننا نقول لهم إن كل هذه الأشياء واقع في حياتنا نتعايش جميعاً معه، ونلجأ إليه لمعالجة واقع أكثر مرارة منه.
أبو خلدون
فنجان قهوة
الزواج والصحة النفسية
سقراط كان يقول لابنه “تزوج يا ولدي، فإذا كانت زوجتك صالحة عشت سعيدا، وإذا كانت سيئة صرت فيلسوفا”، ولكنه لم يتحدث لنا عن تأثير الزواج في المرأة. وقطعاً لم تكن زوجة سقراط سعيدة، رغم أن زوجها فيلسوف، وأظنها كانت تتمنى الزواج من فارس شجاع من فرسان الدولة الاغريقية يحمي ذمارها، أو ثري من أعضاء مجلس الشيوخ في اثينا يرفعها إلى الطبقة العليا في المجتمع، وعندما كانت تتحدث عن زوجها كانت تقول: “إنه لا يصلح لشيء، ولا يعرف كيف يدق مسمارا في حائط”.
وكان فرانسيس بيكون، الأديب البريطاني الذي أدخل الأسلوب التجريبي في العلم وكان أول ضحية لهذا الأسلوب عندما ابتلع دجاجة وكمية من الثلج ليرى ما إذا كان الثلج سيحفظ الدجاجة سليمة في معدته، كان بيكون يقول: قبل الإقدام على الزواج ينبغي على الشاب أن يسأل نفسه “ما هي السن المناسبة للزواج؟ فإذا كان في سن الشباب فإن الوقت لا يزال مبكراً، أما إذا تجاوز هذه السن فإن الوقت يصبح متأخراً”. وبيرس أمبروز صاحب القاموس الساخر الشهير يعتبر الزواج علاجاً لحالة جنون مؤقت تنتاب الإنسان وتوقعه في الحب، وعندما يشفى من جنونه يكتشف أنه أصيب بحالة أكثر خطرا هي الزواج. والمطربة شير لها قول مأثور يقترب من هذا المعنى تقول فيه “تشعر المرأة بالانبهار بشيء تافه، فتتزوجه، وبعد الزواج تكتشف الحقيقة”.
وبشكل عام، فإن الذين تحدثوا عن الزواج فعلوا ذلك من حيث تأثيره في الرجل ولم يتحدثوا عن تأثيره في المرأة، ولكن الرأي السائد لدى العلماء هو أن الزواج إيجابي للرجل، وسلبي للمرأة، وهو يجعل الرجل أكثر سعادة ويرفع مستوى التوتر والقلق عند النساء، وربما يدفعهن إلى سلوك هستيري، ولكن البروفيسور ديفيد ديفو، استاذ علم النفس في جامعة لاتروبيه الاسترالية الذي درس معطيات ومعلومات تتعلق بما يزيد على 10 آلاف بالغ من سجلات الصحة النفسية في استراليا منذ عام 1996. يقول في دراسة نشرها مؤخرا إن البحوث التي أجراها كشفت له أن الزواج يجعل الرجل والمرأة، على حد سواء، أكثر سعادة، ولا صحة لما يقال إنه يجعل المرأة أكثر توترا وتعاسة. ويؤكد البروفيسور في دراسته أنك إذا أجريت استفتاء بين أصدقائك المتزوجين ذكورا وإناثا، فستجد أن ما يقل عن واحد من كل ثمانية منهم يعاني من قلق وتوتر بسبب الزواج، بينما تصل نسبة الإحساس بالبؤس والتعاسة النفسية إلى واحد من ثلاثة بين العزاب. ويقول البروفيسور ديفو إن المتزوجة المنجبة أقل عرضة للأمراض والمشاكل النفسية من مثيلتها التي لم تنجب.
وعوارض التوتر لدى الرجال أقل ظهورا من مثيلتها لدى النساء، لأن الرجال أكثر ميلا لمعالجة مشاكلهم النفسية بالمهدئات والكحول، ولكن اللجوء إلى هذا النوع من العلاج يظل مظهرا من مظاهر التوتر لم تأخذه الدراسات التي أجريت في السابق في الاعتبار، فكانت النتيجة أن نتائجها مالت إلى جانب النساء. يضاف إلى ذلك الرأي الثقافي الذي كان سائدا في المجتمعات العالمية في الماضي، والذي يميل في الغالب إلى محاباة الرجل في كل شيء.
والعلماء الذين أجروا دراساتهم في الماضي وخرجوا منها بنتيجة هي أن الزواج يزيد من توتر المرأة وقلقها يصرون على أن الأحكام التي توصلوا إليها صحيحة، وهم لا يشككون بالنتائج التي توصلت إليها دراسة البروفيسور ديفيد ديفو الاسترالية ولكنهم يفسرونها بالقول إن المرأة أصبحت أكثر قدرة على التكيف خلال العقود الثلاثة الماضية، ويقول اليكس جاردنر استاذ علم النفس في جامعة جلاسكو الاسكتلندية “إن التغيرات التي طرأت على دور المرأة في المجتمع قد تفسر الأسباب وراء عدم توترها كما كان الحال في الماضي”، ويضيف “إن نساء اليوم يتمتعن بقدر أكبر من الحرية والمساواة مع الرجال، مما انعكس على صحتهن النفسية داخل مؤسسة الزواج”.
ولكن، هل أصبح الرجال أكثر سعادة بعد التغيرات التي طرأت على دور المرأة في المجتمعات؟ حتى الآن، ليست هنالك دراسة تتحدث عن ذلك.
أبو خلدون
السلام عليكم
الصراحة أود أن أشكرك يا أخ -Cheetah- على هذا الموضوع العظيم
و بالتوفيق ان شاء الله