• 0
  • مالي خلق
  • أتهاوش
  • متضايق
  • مريض
  • مستانس
  • مستغرب
  • مشتط
  • أسولف
  • مغرم
  • معصب
  • منحرج
  • آكل
  • ابكي
  • ارقص
  • اصلي
  • استهبل
  • اضحك
  • اضحك  2
  • تعجبني
  • بضبطلك
  • رايق
  • زعلان
  • عبقري
  • نايم
  • طبيعي
  • كشخة
  • صفحة 17 من 23 الأولىالأولى ... 71213141516171819202122 ... الأخيرةالأخيرة
    النتائج 241 إلى 255 من 336

    الموضوع: جناحا الذبابة

    1. #241
      التسجيل
      28-08-2001
      الدولة
      <=^=^==^=^=>
      المشاركات
      7,688
      المواضيع
      1537
      شكر / اعجاب مشاركة

      رد: جناحا الذبابة

      فنجان قهوة


      صفحة من كتاب السياب




      أجمل القصائد الغزلية التي كتبها بدر شاكر السياب لم يكتبها إلى زوجته إقبال التي يقول فيها: “غدا تأتين يا إقبال يا بعثي من العدم/ ويا مرسى سفينتي التي عادت ولا لوح على لوح/ ويا قلبي الذي إن مت أتركه على الدنيا ليبكيني”، وإنما لممرضة لبنانية كانت تشرف على علاجه أثناء استشفائه في لبنان. وعندما زرته عام ،1962 برفقة الشاعر أدونيس، في الشقة التي كان يقيم فيها في منطقة الروشة، وكانت المنطقة في ذلك الحين حقلاً من نبات الصبار تتخلله بضع بنايات، وجدته يحاول تذكر ثلاث قصائد كتبها لهذه الممرضة، عثرت زوجته إقبال عليها ومزقتها. وقال السياب إن زوجته جاءت من العراق وفوجئت بأن الممرضة جميلة جدا، فطردتها من العمل، وتعهدت هي العناية به، ومزقت القصائد، أو هي أخفتها.
      ولم يكن السياب زاهدا بزوجته، فقد كان يحبها إلى درجة الوله، وفي إحدى قصائده يقول لها: “لولاك ما رمت الحياة ولا حننت إلى الديار” ولكنه كان رحمه الله، كباقي الشعراء “مناوشا عاطفيا” بامتياز، بما يثير غضبها أحيانا.
      وفي عام 1964 كنت أتردد على زيارة السياب أثناء علاجه في المستشفى الأميري في الكويت مع عدد من الأصدقاء بينهم فاروق شوشة وسلمى الخضراء الجيوسي التي كانت تترأس القسم الأدبي في إذاعة الكويت، وصديقه الوفي الشاعر علي السبتي، وكان السياب يشكو مرضه الذي يثقل عليه ويقول: “إنني أمرض الحياة لا أعيشها” وأحيانا يقول: “إنني أعيش على هامش الحياة، بل على هامش ضئيل من هوامشها”، وقد وصف بعض مظاهر مرضه في العديد من قصائده الأخيرة، فقال عن شلله: “أحرك الأطراف لا تطيعني، مشلولة” وقال عن نحوله “أشاجعُ غاب عنها لحمها” وعن الرعشة التي كانت تنتابه: “وعرى عظامي فهي راعشة” وعن حالته مع مرضه “يمشي على عكازه ويَعثُرُ” وكثيرا ما كان يتمنى الموت ليتخلص من آلامه: “هات الردى أريد أن أنام/ بين قبور أهلي المبعثرة /رصاصة الرحمة يا إله”، ولكن، حتى في أحلك ساعات مرضه، لم تغب صورة تلك الممرضة اللبنانية الجميلة عن مخيلته.
      وذات يوم، جاءه صديقه علي السبتي وقال له إنه يرغب في السفر إلى بيروت بضعة أيام، فتهلل وجه السياب وطلب منه الذهاب إلى المستشفى الذي تعمل فيه هذه الممرضة وإبلاغها تحياته.
      وسافر السبتي وقابل الممرضة وأبلغها الرسالة، وطلب منها أن تكتب جواباً فرفضت، فقال لها: “ولكن بدرا يحبك” فقالت: “ما بيننا ليس حبا، إنه مجرد علاقة بين ممرضة ومريض” فقال: “ولكنه بحاجة إليك” فتساءلت: “وماذا باستطاعتي أن أفعل؟” فقال: “الكثير.. أكتبي له أنك تتذكرينه” فقالت: “مستحيل” فقال السبتي: “أرجوك، إن هذه الرسالة قد تساعد على شفائه وربما تنقذه من الموت المؤكد الذي يحاصره”، وألح عليها في الطلب، فكتبت رسالة تقول فيها للسياب إنها تتذكره كثيراً، وتسأل عن أحواله وتعبر له عن اشتياقها له.
      وعندما عاد السبتي إلى الكويت كان أول سؤال وجهه السياب إليه، قبل السلام والكلام هو: “هل قابلت ليلى؟” فضحك السبتي ومد رأسه إليه وقال: “هذه قبلتي أولا إليك بمناسبة عودتي، وهذه قبلة ثانية طلبت ليلى مني أن أطبعها على جبينك”. وبرقت عينا السياب بسعادة عارمة، وارتسمت على شفتيه ابتسامة ملأت وجهه، ثم طلب من السبتي ورقة وقلما وكتب على الفور قصيدة عمودية مطولة عنوانها “ليلى” يخاطب في مطلعها السبتي قائلا: “قرّب بعينيك مني دون إغضاء / وخلني أتملى طيف أهوائي / أبصرتها؟ كانت الدنيا تفجر في/ عينيك دنيا شموس ذات آلاء / أبصرت ليلى؟ فلبنان الشموخ على/ عينيك يضحك أزهارا لأضواء / إني سالثمها في بؤبؤيك كمن / يقبل القمر الفضي في الماء / ليلى هواي الذي راح الزمان به / وكاد يفلت في كفي بالداء / حنانها كحنان الأم دثرني / فأذهب الداء عن قلبي وأعضائي”.
      رحم الله السياب، فقد كان في حالة حب دائمة، حتى عندما كان المرض يأكله قطعة قطعة.






      أبو خلدون



    2. #242
      التسجيل
      28-08-2001
      الدولة
      <=^=^==^=^=>
      المشاركات
      7,688
      المواضيع
      1537
      شكر / اعجاب مشاركة

      رد: جناحا الذبابة

      فنجان قهوة


      قوانين قراقوش أمريكية




      “أحكام قراقوش” ذهبت عندنا مثلا للتخلف والظلم، فكل حكم ظالم يوصف بأنه من أحكام قراقوش. وقراقوش اسم تركي يعني “النسر الأسود” وهو من أصل رومي كان خادما لصلاح الدين، وقيل لعمه أسد الدين شيركوه، ولما استقل صلاح الدين بالديار المصرية اعتقه، ثم فوض أمورها إليه، واعتمد عليه في تدبير شؤونها. ويقال إنه كان صارما في حكمه، وينسب إليه الأسعد بن مماتي في كتابه “الفافوش في أحكام قراقوش” الكثير من الأحكام الغريبة التي يُستبعد وقوعها من مثله، حيث إن صلاح الدين كان يعتمد عليه في إدارة شؤون المملكة، ولو كان يعرف فيه الظلم والتخلف لما فعل ذلك. ومن القصص التي تنسب إلى قراقوش أن أحد جنوده شرب من سطل حليب تملكه بائعة حليب فقيرة، ولم يدفع للمرأة ثمن الحليب الذي شربه، فذهبت المرأة تشكوه إلى قراقوش، ولدى مواجهة الجندي والمرأة أنكر الجندي ادعاءات بائعة الحليب، بينما أصرت المرأة على دعواها، فقال قراقوش لجنوده: ابقروا بطن الجندي، وإذا وجدتم فيه حليبا، فاطلبوا من ورثته أن يدفعوا للمرأة ثمن الحليب، وإن لم تجدوا، فابقروا بطن المرأة عقابا لها على ادعائها الكاذب.
      والمبالغة واضحة في هذه الرواية التي لا يصدقها عقل، ومع ذلك فإن مؤرخينا يأخذونها على علاتها دون تبصر، كما يأخذون تلك النوادر التي تروى عن هارون الرشيد وأبي نواس، مع العلم أن أبا نواس لم يقابل هارون الرشيد على الإطلاق، ولم يكن هارون الرشيد الذي كان يحارب سنة، ويحج سنة، يستقبل في ديوانه ماجنا شعوبيا مثل أبي نواس.
      وعلى العموم، فإن الذين يضربون المثل بأحكام قراقوش لم يزوروا الولايات المتحدة على ما يبدو، ولم يطلعوا على قوانينها التي تفوق في غرابتها قوانين قراقوش، وإذا كانت قوانين قراقوش طرفاً ونوادر ابتكرها الأسعد بن مماتي أو غيره للإساءة إلى رجل كان مقربا من صلاح الدين، فإن القوانين الأمريكية تشريعات وبنود قابلة للتطبيق، ويمكن ان يعمل بها القضاة الأمريكيون في أية لحظة، بسبب عدم صدور قوانين بإلغائها، ومثال على ذلك فإن مدينة جوليت بولاية الينوي تعاقب بالحبس لمدة يومين كل من يجرب ما يزيد على خمسة ملابس في أي محل للنوفوتيه، وبالحبس لمدة ثلاثة أيام كل من يقدم طلبا إلى أية جهة حكومية ويخطئ في تهجئة اسم المدينة أو الولاية التي يتبع لها، وإذا كنت تتجول في مدينة نيويورك وصادفت حصانا في الطريق ونزل المطر، إياك أن تفتح المظلة بوجود الحصان، حتى لو بللك المطر، وإلا فإن الشرطة تستطيع أن تلقي القبض عليك، وتضعك في السجن.
      وإذا كنت تنزل في أحد الفنادق في كاليفورنيا، ينبغي عليك أن تأكل البرتقال بقشره أو تمتنع عن أكله، إذ إن السجن والغرامة المالية سيكونان من نصيبك إذا اكتشف عامل الفندق وجود قشر برتقال في سلة المهملات في غرفتك، وفي ولاية واشنطن يعاقب كل من يدعي أن والديه غنيان بالسجن لمدة ستة أشهر، وفي شيكاجو هنالك قانون ينص على منع الأكل في مكان يحترق.
      والقبلة في ماريلاند لا يجوز أن تزيد على ثانية واحدة وإلا جرى احتجاز الشاب والفتاة بتهمة الإساءة إلى الآداب العامة. وفي شيليوت بولاية ميسوري هنالك قانون يمنع رش الرز على العروسين، أو المدعوين أثناء حفلات الزفاف تحت طائلة الغرامة والحبس.
      ولكن أغرب القوانين هو ذلك القانون في مدينة ممفيس بولاية تنيسي الذي ينص على أنه لا يجوز للمرأة أن تقود سيارة إلا إذا كان هنالك رجل يجري أمامها وهو يحمل علما أحمر، لتحذير سائقي السيارات الأخرى والمارة، وإذا خالفت أية امرأة ذلك فإن السجن لمدة ستة أشهر سيكون من نصيبها، حتى لو قامت جمعيات حقوق المرأة الدنيا ولم تقعدها.
      قوانين وقوانين، تبدو قوانين قراقوش رحيمة وديمقراطية أمامها.





      أبو خلدون



    3. #243
      التسجيل
      28-08-2001
      الدولة
      <=^=^==^=^=>
      المشاركات
      7,688
      المواضيع
      1537
      شكر / اعجاب مشاركة

      رد: جناحا الذبابة

      فنجان قهوة


      القوى الخفية




      علماء الطبيعة الذين لا يؤمنون إلا بما هو محسوس وملموس يتجاهلون، مع سبق الاصرار والترصد، ان “المحسوس الملموس” من الناحية العلمية غير موجود في هذه الدنيا، انه مجرد “فكرة” اخترعها الانسان لكي يستطيع فتح حوار مع الاشياء المحيطة به. ومنذ عشرينات القرن الماضي اثبت اينشتاين ان المادة ليست إلا “ظاهرة”، كالضوء والكهرباء والحرارة، فنحن نرى الضوء، ونلمس تأثير الكهرباء ونحس الحرارة ولكن: ما هذه الأشياء؟ لا أحد يعلم، وحتى العلماء الذين اخترعوها لا يعرفون ما هي.
      وكل جسم يسير بسرعة الضوء يتحول الى ضوء، هكذا يقول العلماء، ويرى اينشتاين ان المادة، سواء كانت صخراً، أو تراباً أو جبلاً، أو قطعة أثاث، هي طاقة، مثل الضوء، مع فارق ان الضوء يسير بسرعة مذهلة، ولذلك يتحول الى أشعة، أما المادة فإنها تسير بسرعة بطيئة جداً، ولذلك “تجسدت” وبات في استطاعتنا لمسها ورؤيتها. ويقول العالم ماكس بلانك: “إن المادة قوة غلب عليها البطء، ولذلك بدت للاحساس في ثوب المادة” والروح هي الحقيقة الوحيدة في هذا الوجود، هكذا يقول العلماء ايضاً، ومع ذلك فإننا نمضي حياتنا نغذي المادة في وجودنا، ونهمل الروح،
      فتكون النتيجة ان تضعف أرواحنا وتذبل، وتنتعش المادة فينا.
      ونذكر مدام كوري التي حصلت على جائزة نوبل في العقد الثاني من القرن الماضي، لاكتشافها الراديوم، انها حاولت ان تخضع بعض جوانب تلك القوة التي يطلق الناس عليها اسم “الروح” للفحص في المختبر، فجاءت بثلاث كشافات كهربائية وشحنتها بالكهرباء، ثم طلبت إلى وسيطة على درجة عالية من الرقي الروحي اسمها “اسابيا بلادينو” ان تفرغ الكشافات دون ان تلمسها بجسدها المادي، وبالفعل أومأت الوسيطة برأسها ثم حركت يدها، فأفرغت الكشافات الثلاثة، وانطبقت أوراقها الذهبية بعضها على بعض، وسجلت الاجهزة التي استخدمتها مدام كوري في التجربة خروج “شيء” من جسد الوسيطة البعيدة عن الكشافات الى الكشافات، وأن هذا الشيء لمس الكشافات، فسرت شحناتها إلى جسد الوسيطة ثم إلى الارض. ومضت مدام كوري في تجاربها حتى النهاية، تلك التجارب التي أوردها بكل تفاصيلها العالم فلامريون في كتابه “القوة الخفية”.
      ويقول آرثر كومبتون، الحائز جائزة نوبل في الطبيعيات: “إذا أوقدت شمعة ثم أطفأتها على الفور بنفخة من فمي، فإني لا أكون قد بددت ضوءها، إذ ان لهبها يظل موجودا لسنين ضوئية عديدة، رغم أننا لا نراه، فإذا كان الضوء يمتلك هذه القدرة، فحري بالإنسان أن يكون أكثر قدرة” ويقول اينشتاين: إذا كانت نظريتي في النسبية عن الكون صحيحة، فلا بد إذاً من وجود قوى إدراك رباعية الأبعاد.. ويقصد اينشتاين بذلك قوى الإدراك الحسي التي لا تتقيد بزمان ومكان، أو ما نطلق عليه “الجلاء البصري والروحي”.
      وهذا النوع من الجلاء فوق قدرة العلم، ولكننا نجده عند الكثيرين ممن صفت قلوبهم.






      أبو خلدون



    4. #244
      التسجيل
      28-08-2001
      الدولة
      <=^=^==^=^=>
      المشاركات
      7,688
      المواضيع
      1537
      شكر / اعجاب مشاركة

      رد: جناحا الذبابة

      فنجان قهوة


      أمراض غريبة




      يتحدث الأطباء عن أمراض المناطق الحارة، وأمراض المناطق الباردة، وعندنا أمراض خاصة بحوض البحر الأبيض المتوسط، من بينها حمى البحر المتوسط وحمى الوادي المتصدع، إلى آخر ما هنالك من تصنيفات لا تقع تحت حصر، ولكن يبدو أن هنالك أمراضا نفسية تصيب الأمريكيين من أصل انجلو سكسوني فقط، دون غيرهم من خلق الله بدأت تشكل ظاهرة غريبة يقف الأطباء والعلماء حائرين أمامها، ومن ذلك “عارض اليد الغريبة” الذي تتصرف فيه إحدى اليدين وكأن لها دماغاً خاصاً يحركها، يختلف عن الدماغ الذي يحرك اليد الأخرى. ومن هذه الأمراض أيضا “عارض التعشيش” حيث تترك المرأة الحامل منزلها وأولادها وتصعد إلى شجرة كبيرة و”ترقد” فوق غصن من أغصانها وكأنها طائر يرقد فوق بيضه، وخلال فترة رقودها تنعزل كليا عن البيئة المحيطة بها، فلا تسمع ولا تتكلم.
      وقبل مدة صدر في الولايات المتحدة كتاب جديد وصفه النقاد بأنه “أخطر كتاب صدر منذ قرن من الزمن” من تأليف البروفيسورة مارلين شتاينبرج يتحدث عن مرض جديد تقول الدكتورة مارلين إن ما يزيد على 30 مليون أمريكي يعانون منه، هو “اضطراب الشخصية الانفصالي”. والكتاب بعنوان: “غريب في المرآة - الانفصال: المرض السري في عصرنا الحاضر”، وهو يقول إن المصاب بهذا المرض ينظر إلى المرآة أحيانا فلا يرى صورته الحقيقية، وإنما يرى صورة شخص آخر يحدق به. وهنالك فيلم سينمائي جرى انتاجه قبل سنوات بطله شخص مصاب بهذا المرض.
      ولكن، ما أسباب هذا الاضطراب النفسي؟ تقول الدكتورة مارلين إن السبب هو الصدمات العاطفية في الطفولة، وخصوصا إساءة الاستغلال الجنسي، بما يعني إن 30 مليون أمريكي تعرضوا لهذا الأمر في طفولتهم. وتضيف: إن الصدمات العاطفية التي نعيشها في طفولتنا لا تبقى حية نشطة في أذهاننا، ولو كان الأمر كذلك لأصبحت حياتنا مستحيلة، ولذلك فإن الدماغ يدفعها إلى زاوية مظلمة منه، حيث تؤثر في الذات مع تقادم الزمن، وتقسمها إلى شرائح تتجلى مع مرور الزمن كذوات أخرى، وهذا هو السبب الذي يجعل المصاب بهذا العارض يرى شخصا آخر عندما ينظر في المرآة.
      وتستعرض الدكتورة مارلين العديد من الحالات التي عالجتها في عيادتها النفسية، ومن ذلك حالة سيدة تدعى نانسي، وهي أم لثلاثة شباب بعضهم يدرس حاليا في الجامعة، تعرضت لسوء استغلال عاطفي من جانب والدها وجدها ووالدتها، وأثناء العلاج، كانت تبدو طبيعية في بعض الأحيان، وتتحدث وتتصرف برزانة، وفجأة تطفو من عقلها الباطن ذكريات التجارب التي تعرضت لها في الماضي، فتتغير لهجتها في الحديث، ويصبح أسلوبها في الكلام شبيها بأسلوب طفلة في الثانية من العمر، تمط الكلام بصورة ملحوظة فتقول مثلا: “أنا خاااااايفيي كتييييير” أي “أنا خائفة جدا”.
      وإلى جانب صدمات الطفولة، هنالك صدمات الشباب، حيث يكبر الأمريكي ويلتحق بالجيش، وربما يجري إرساله إلى إحدى القواعد في الخارج، وهناك يلمس الفوارق الكبيرة بين ما تعلنه حكومته، وبين ما تفعله، ففي الوقت الذي تتحدث فيه عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وتنصب نفسها وكيلة معتمدة لهذه المبادئ، فإنها تصادر حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، وتنتهك الحرية والديمقراطية في كل مكان في العالم، وتتجاهل حقوق الإنسان، والهوة الواسعة بين القول والفعل تسبب الكثير من الصدمات النفسية للشباب، وقد عبر بعضهم عن ذلك برفض الخدمة العسكرية، كما فعل الملاكم العالمي محمد علي أثناء حرب فيتنام، وكما يفعل الذين يرفضون الخدمة في العراق وأفغانستان حاليا، بل إن بعض هؤلاء طلب اللجوء السياسي إلى كندا مثلا لكي لا يجري إرساله إلى حرب لا يؤمن بها. وفي استفتاء أجرته ال “سي إن إن” مؤخرا تبين أن 11% فقط من الأمريكيين يؤيدون سياسة بوش في العراق، ومع ذلك فإنه مصر على متابعة سياسة يعارضها 89% من شعبه. والمواطن الأمريكي إنسان مسكين، إذ إنه مصاب بعدد لا يحصى من الندوب النفسية، ونظامه السياسي والاجتماعي وزعماؤه السياسيون هم المسؤولون عن ذلك.






      أبو خلدون



    5. #245
      التسجيل
      28-08-2001
      الدولة
      <=^=^==^=^=>
      المشاركات
      7,688
      المواضيع
      1537
      شكر / اعجاب مشاركة

      رد: جناحا الذبابة

      فنجان قهوة


      مهاترات العلماء




      أراهن على مليون دولار من أموال بيل جيتس أنه لو حاول أحد العلماء البارزين شرح نظرياته أمام مجموعة من الناس في ساحة إحدى القرى، فإن النتيجة ستكون واحدة من اثنتين: إما أن يجري نقله بالقوة إلى مستشفى الأمراض العصبية والعقلية، باعتبار أن هذا المستشفى أفضل مكان يمكن أن يتواجد فيه، أو ينهالوا عليه ضرباً بالعصي حتى يصبغوا جسمه بالكامل لأنهم سيظنون أنه يستخف بعقولهم ويسخر منهم.
      وخذ مثلا علماء الفيزياء الكمية الذين يحاولون أن يقنعونا أن الإنسان يتواجد في عدة أمكنة في وقت واحد، فأنت عندما تكون في سيارتك متجها إلى مكتبك، تكون أيضا في منزلك تتنقل بين القنوات الفضائية، وفي مكتبك تستقبل المراجعين، وخذ ذلك العالم الذي يقول لك إن بروتون الذرة يحتوي على 3 كوارتز، ولو استخرجنا هذه الكوارتزات الثلاثة من البروتون لوجدنا أن وزن كل واحد منها يعادل 1000 ضعف وزن البروتون، ولو قلت له كيف يمكن أن يكون وزن الجزء 1000 ضعف وزن الكل، وكيف يكون وزن امرأة حامل بثلاثة توائم، 70 كيلوجراما مثلا، ولو استخرجنا التوائم الثلاثة بعملية قيصرية ووَزَنا كل واحد منهم على حدة فإننا سنجد أن وزنه يعادل 70 ألف كيلوجرام، بينما وزن المرأة لم ينخفض إلا عشرة كيلوجرامات، وكيف تكون هذه الكيلوجرامات العشرة تعادل 210 آلاف كيلوجرام؟ لدخل معك في مهاترات تفقدك ما تبقى لديك من منطق وعقل. وكل التلاميذ تعلموا في المدارس أن اسحق نيوتن اكتشف قانون الجاذبية عندما سقطت تفاحة فوق رأسه في حديقة منزله، وأن الجاذبية هي التي تحكم حركة الكون والأفلاك بأسرها، وبعد وفاة نيوتن لم يتوقف سقوط التفاح عن الأشجار، ويبدو أن حديقة البروفيسور مارك ماكوتشيون خالية من أشجار التفاح، ولذلك لم تسقط أية تفاحة فوق رأسه، مما دفعه إلى الخروج بنظرية جديدة تلقى تأييداً واسعاً في الأوساط العلمية تقول إن الجاذبية غير موجودة، وأن اسحق نيوتن مجرد واهم عندما تحدث عنها.
      وقبل أيام نشر استاذان بارزان في علم النفس من جامعة هارفارد هما هاريسون بوب وجيمس هيدسون دراسة في مجلة الطب النفسي الالكترونية قالا فيها إن سيجموند فرويد كان يسبح في عالم الأوهام عندما قال إن العقل يكبت التجارب المؤلمة التي يمر بها الإنسان في حياته في مكان ما من اللاشعور، وينساها كليا، لتظهر في المستقبل على شكل عقد نفسية.
      وقال العالمان في دراستهما إن هذا الكلام مجرد خرافات، فالعقل لا يكبت شيئا، والحديث عن الكبت في الأعمال الأدبية والشعرية بدأ بعد طرح نظرية فرويد، ولو كان الكبت صحيحا لوجدنا آثارا له في انتاج كبار الكتاب والشعراء والروائيين في العالم قبل القرن التاسع عشر الذي طرح فرويد فيه نظريته، ووضع العالمان جائزة 1000 دولار لكل من يدلهما على قصة أو رواية أو مسرحية تتحدث عن ذلك، وقالا في دراستهما إن الإنسان يتذكر التجارب المؤلمة التي يمر بها أكثر من التجارب الأخرى لأنها مهمة في صراعه من أجل البقاء، وإذا كان لا يتذكر تجربة ما فترة طويلة من الوقت فذلك لا يعني انها مكبوتة في عقله الباطن، وإنما لأنه لا يدرك أبعادها، أو أن متطلبات حياته لم تستوجب استدعاءها، ومثال على ذلك: طفلة تتعرض لتحرش جنسي من جانب أحد أقاربها: هذه المعلومة يحتفظ بها العقل في مكان ما، إلى جانب التجارب الأخرى التي تمر بها الطفلة في حياتها، ولا تتذكرها، وعندما تكبر تطفو هذه التجربة فوق السطح، ولكن ذلك لا يعني أنها كانت مكبوتة، وكل ما هنالك أن الطفلة لم تستوعب أبعادها إلا بعدما كبرت. وقبل القرن التاسع عشر تحدث العديد من الكتاب عن كبت الذكريات المؤلمة التي يمرون بها في اللاشعور بالطريقة التي تحدث عنها فرويد، ومثال على ذلك قصة “علاقات خطرة” التي كتبها الأديب الفرنسي شودرلو دي لا كلوس عام 1782 وأنتجتها هوليوود سينمائيا، وفي مسرحية “الملك لير” لشكسبير لا يتمكن الملك من التعرف إلى ابنته كورديليا عندما يجد نفسه في معسكر فرنسي، ولكنها مهاترات العلماء التي سحبت المصداقية من كل الأشياء.






      أبو خلدون



    6. #246
      التسجيل
      28-08-2001
      الدولة
      <=^=^==^=^=>
      المشاركات
      7,688
      المواضيع
      1537
      شكر / اعجاب مشاركة

      رد: جناحا الذبابة

      فنجان قهوة


      سقوط الرجل الزنجي




      في عام 1985 حضرت دورة دراسية في واشنطن مدتها ستة أسابيع بعنوان “النظام الأمريكي وطريقة عمل الإدارة الأمريكية”. وطوال أيام الدورة، توالى المحاضرون، وكانوا من كبار المستشارين في إدارة ريجان، يسرفون في الحديث عن ليبرالية النظام الأمريكي، وعن “الحلم الأمريكي”، و”الرأسمالية باعتبارها الوسيلة لتحقيق السعادة للبشر، والاشتراكية باعتبارها الشيطان الأكبر”، وعن أمريكا باعتبارها “أرض الفرص” و”المكان الذي تنصهر فيه كل الثقافات”. وخلال الدورة جرى تنظيم زيارات للمشاركين فيها لحي هارلم (حي الزنوج في نيويورك) طلب منا أثناءها عدم الخروج من السيارات خشية التعرض لاعتداء من جانب أحد الزنوج المشردين، ولمنطقة “تشاينا تاون” التي يسكنها أمريكيون من أصل صيني، و”جابان تاون” التي يسكنها أمريكيون من أصل ياباني، باعتبار هاتين المنطقتين نموذجا لاحترام الأمريكيين لإرث أقلياتهم الثقافي. وبعد انتهاء الدورة طلب المشرف منا كتابة تعليق عن النظام الأمريكي باعتباره “وعاء صهر للثقافات المختلفة”، فكتبت تعليقا قلت فيه إن النظام الأمريكي لم ينجح في أن يكون ذلك الوعاء، فالأمريكيون الزنوج يعيشون في جيتو يبدو كأنه ليس قطعة من نيويورك، ينتشر فيه الفقر والمرض والمخدرات والجريمة والنقمة على كل شيء، والصينيون يعيشون في تشاينا تاون وقد نشروا فوق رؤوسهم مظلة حملوها من بكين، وكذلك غيرهم من الأقليات، وقلت إنني بحثت طويلا عن تأثير الثقافة الأمريكية في حياة هؤلاء فلم أجده، ربما لأنه لا توجد ثقافة من هذا النوع.
      وفي روايته الأخيرة “الرجل سقط” يسخر الكاتب الزنجي مايكل توماس من الأسطورة التي تقول إن أمريكا وعاء صهر للثقافات ويقول: في أمريكا فئتان، الأولى هي المحظوظون الذين يتحدرون من أصل أنجلو سكسوني، والثانية الذين يتحدرون من أصول أخرى، وفي أسفل قائمة هؤلاء يأتي الزنوج.
      والقصة حافلة بالإسقاطات، ويتساءل الكاتب: “كيف يمكن أن يحقق الزنجي الحلم الأمريكي، وفي جسمه جينات انتقلت إليه أبا عن جد، أعطت جلده ذلك اللون الداكن؟” صحيح أن القانون الأمريكي ألغى التمييز العنصري، ولم يعد السيد الأبيض يطلب من الزنجي البقاء في المطبخ وعدم دخول الصالون عندما يزوره رفاقه البيض، كما يقول الكاتب الزنجي جيمس بالدوين، ولكن التمييز لا يزال موجودا ويجري في البيض مجرى الدم في العروق. ومأساة الزنجي أنه يرى مستقبل أبنائه في ماضيه، لأن لا أمل في تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة، وحيث إنه هو شخصيا يعيش على هامش الحياة، بل على هامش ضئيل من هوامشها، فإنه يتصور ان ابنه سيعيش حياة مماثلة، ولذلك فإن البطل في قصة “الرجل سقط”، وهو زنجي، لا يطلق على ابنه اسما، وإنما يرمز إليه بحرف “أكس”، وكأنما ليشعرنا بأن هذا الطفل ولد لكي يصبح في المستقبل لا شيء، ويضيف: “إن المخاوف التي تراود الزنجي منذ طفولته تكشف زيف اسطورة أمريكا كوعاء لصهر الثقافات”. وكم يبدو مؤثرا ذلك المقطع الذي يصف فيه الكاتب رؤيته لابنه الأول بعد ولادته مباشرة: “كنت أظن أن عينيه ستكونان مغلقتين، ولكنهما لم تكونا كذلك، إنهما كبيرتان ولوزيتان كعينيّ، وهو يحدق بي، وهيء لي أنه يرى كل شيء في: آثار الجدري على جبهتي، والنتوء على خدي، وآثار الحرق على معدتي عندما عاقبني والدي بإطفاء سيجارة في جسمي، والإهانات التي كان يوجهها رفاقي البيض لي وكأنها حجارة يقذفونها من نوافذ سياراتهم، وعبارات التهديد التي لم تكن تؤذي مشاعري، لأنها تهديدات، لا إهانات، وقلت في نفسي إنني لن أسمح بأن يعاني ابني ما عانيت، وأنني سأحميه، مهما كان الثمن”.
      وطوال القصة يجد البطل متعة في احتقار المجتمع الذي يحاول سلبه انسانيته، وفي التمرد عليه، فهو يرفض وجبة عشاء يقدمها له رجل أبيض، رغم أنه يتضور جوعا، ويشعر بارتياح نفسي لأن البيض النافذين يكرهونه، ولكنه يعترف: إن حياة البيض أفضل من حياتنا، ليس لأنهم يملكون أكثر منا، وإنما لأن ما يملكونه يغنيهم عن مذلة السؤال.







      أبو خلدون



    7. #247
      التسجيل
      10-12-2006
      المشاركات
      8
      المواضيع
      0
      شكر / اعجاب مشاركة

      رد: جناحا الذبابة

      مشكور على البحث

    8. #248
      التسجيل
      15-10-2004
      الدولة
      حائر
      المشاركات
      1,537
      المواضيع
      99
      شكر / اعجاب مشاركة
      بطاقات الألعاب

      Gamertag: OmarIQ

      رد: جناحا الذبابة

      السلام عليكم
      أجد نفسي مضطرا للتعقيب في بعض الإحيان .. لهذا أعذرني إن خربت عليك هذا الموضوع الجميل ^^
      لهبها يظل موجودا لسنين ضوئية عديدة، رغم أننا لا نراه، فإذا كان الضوء يمتلك هذه القدرة، فحري بالإنسان أن يكون أكثر قدرة
      عبارة جميله .. لكنها ركيكة .. أو تحتاج إعادة صياغة .. لأن السنة الضوئية هي مسافة ليست مدة من الزمن لهذا ستكون العبارة كالتالي:
      " ضوء الشمعة يضل موجودا وسائرا في كل الإتجاهات حتى بعد إطفاء اللهب .. إلى أن تمتص طاقته بالكامل بواسطة حواجز أو ما شابه " ولا أرى لهذه النظرية أو البديهية علاقة بطاقة الإنسان ^^ ..

      -------- هامش عرضي ------
      صحيح أن المبالغة من ثقافتنا لكنن أكرهها .. لأن التهوين من طبعي .
      التعديل الأخير تم بواسطة عمر ; 10-02-2007 الساعة 12:27 AM سبب آخر: ^.^
      جديد موقعي .


      رابط الصفحة .. من هنا:
      من المدونة [هنا]


    9. #249
      التسجيل
      28-08-2001
      الدولة
      <=^=^==^=^=>
      المشاركات
      7,688
      المواضيع
      1537
      شكر / اعجاب مشاركة

      رد: جناحا الذبابة

      بل أهلا ومرحبا بك أخي الغالي..
      بل يسرني أن أجد نقاشا، وبالأخص العلمي منه..

      القصد هو ان الشمعة ما تزال موجودة، إن تمكن بمادتها فبضوئها وطاقتها، فهذه الشمعة التي أطفأتها قبل قليل بإمكانك أن تراها أي وقت تشاء في المستقبل، وذلك بأن تسبق ضوءها وتنتظره في المكان الذي سيكون فيه هذا الضوء...
      مثال ذلك النجوم التي نراها "الآن" في السماء، هذه ليست موجودة الآن، بل ضوؤها هو الموجود الآن، لكن هي لا نعلم ما حل بها، فما نراه منها ماضيها...

      صحيح أن المبالغة من ثقافتنا لكنن أكرهها .. لأن التهوين من طبعي .
      تقصد الدقة..؟

    10. #250
      التسجيل
      15-10-2004
      الدولة
      حائر
      المشاركات
      1,537
      المواضيع
      99
      شكر / اعجاب مشاركة
      بطاقات الألعاب

      Gamertag: OmarIQ

      رد: جناحا الذبابة

      اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة -Cheetah- مشاهدة المشاركة
      بل أهلا ومرحبا بك أخي الغالي..
      بل يسرني أن أجد نقاشا، وبالأخص العلمي منه..

      القصد هو ان الشمعة ما تزال موجودة، إن تمكن بمادتها فبضوئها وطاقتها، فهذه الشمعة التي أطفأتها قبل قليل بإمكانك أن تراها أي وقت تشاء في المستقبل، وذلك بأن تسبق ضوءها وتنتظره في المكان الذي سيكون فيه هذا الضوء...
      مثال ذلك النجوم التي نراها "الآن" في السماء، هذه ليست موجودة الآن، بل ضوؤها هو الموجود الآن، لكن هي لا نعلم ما حل بها، فما نراه منها ماضيها...



      تقصد الدقة..؟
      مشكور أخي ^^

      النظرية أنا فهمتها وأصلا أعرفها من زمن ^^ .. لكن الأخ الكاتب ناقلها خطأ P: ..
      وللعلم إن الذي يمشي بسرعة الضوء ينقلب إلى ضوء والله أعلم ..

      وبالنسبة للتهوين تعني التقليل من الشأن . وأكره التضخيم والتهويل ..
      جديد موقعي .


      رابط الصفحة .. من هنا:
      من المدونة [هنا]


    11. #251
      التسجيل
      28-08-2001
      الدولة
      <=^=^==^=^=>
      المشاركات
      7,688
      المواضيع
      1537
      شكر / اعجاب مشاركة

      رد: جناحا الذبابة

      وللعلم إن الذي يمشي بسرعة الضوء ينقلب إلى ضوء والله أعلم ..
      هذه نظرية لم تثبت بعد.

      النظرية أنا فهمتها وأصلا أعرفها من زمن ^^ .. لكن الأخ الكاتب ناقلها خطأ P: ..
      لا أرى ذلك... فالمسألة تتوقف على كيفية نظرك للجملة، وكيف تفهمها، قد يكون هو قد فهمها خطأ، لكن العبارة ذاتها تحتمل الصحة.

    12. #252
      التسجيل
      28-08-2001
      الدولة
      <=^=^==^=^=>
      المشاركات
      7,688
      المواضيع
      1537
      شكر / اعجاب مشاركة

      رد: جناحا الذبابة

      فنجان قهوة


      عصر التخطي




      كنا نصف العصر الذي نعيشه حاليا بأنه “عصر الذرة” لأن الدمار الذي أحدثته القنبلتان النوويتان اللتان ألقيتا على هيروشيما وناجازاكي فاق قدرة الخيال على التصور، أما الآن، فإن الذرة أصبحت شيئا عاديا في متناول الجميع، ولم تعد تثير الخيال، وقد أجرى أحد الباحثين دراسة جمع فيها عددا من طلاب المدارس الثانوية ووضع أمامهم مراجع من النوع المتوفر في المكتبات العامة، وطلب منهم محاولة التوصل إلى معادلة صنع القنبلة الذرية، وبعد فترة لا تتعدى الأسبوعين تمكن الطلاب، نظريا، من التوصل إلى المعادلة. وعلى العموم فإن المعادلة موجودة على الانترنت لمن يريد.
      ولعل أصدق ما يمكن أن يوصف به عصرنا الحالي هو: إنه “عصر التخطي”، بمعنى: مقاييس الأمس تتحطم، وتحل محلها مقاييس جديدة، تصنعها استوديوهات الخيال العلمي في هوليوود وشبكة الانترنت.
      ولا أتحدث عن تخطي الأبناء لسلطة الآباء، ولا تخطي المجتمعات للمفاهيم التي سار عليها الناس منذ قرون، فقد أصبح الحديث عن هذه القضايا من نوع تحصيل الحاصل، وإنما أتحدث عن نوع جديد من التخطي يتعلق بتقاليد الزواج التي كانت دائما موضع احترام وتقدير في كل المجتمعات.
      في الولايات المتحدة تعرف شاب إلى فتاة عن طريق الانترنت وتبادل الاثنان الرسائل الإلكترونية بضعة أسابيع، وخلال هذه المدة، أحس كل واحد أن الآخر هو “إيميل أحلامه” فقررا الزواج. ويوم حفل الزفاف، جلس العريس أمام الكمبيوتر وجلست عروسه أمام كمبيوتر آخر على مسافة 30 كيلومتراً منه، وجلس الكاهن أمام كمبيوتر ثالث على بعد عشرات الكيلومترات منهما، وجرت مراسيم عقد القران عبر الانترنت. وعندما انطلقت أغاريد الفرح في بيت العريس، لم تسمعها العروس ولا أهلها ولا أصدقاؤها، وعندما انطلقت الأغاريد المماثلة من بيت العروس لم يسمعها العريس، وفي اليوم التالي التقى الاثنان فعلياً وليس عبر الانترنت، ليبدآ “فيرجين جديد” من حياتهما معا.
      وفي فرنسا، قالت الفتاة لخطيبها انها تكاد “تطير من الفرحة” به، وإنه نقلها إلى “أجواء” لم تكن تحلم بها من قبل، فقرر أن يترجم قولها إلى فعل. هو طيار مدني، ويوم عقد القران، استأجر طائرة خاصة، ووضع العروس وراعي الكنيسة إلى جانبه في كابينة القيادة، وعقد قرانه في الجو. وكانت الغيوم هي شاهد الزواج. وفي ولاية ميامي الأمريكية، كان العريس وعروسه من هواة الغوص، فقررا عقد حفل قرانهما في الأعماق، وكم كانت دهشة كاهن الكنيسة كبيرة عندما طلب منه العروسان أن يرتدي بدلة الغوص، ليغوص معهما تحت مياه المحيط الأطلسي ويجري مراسم الزفاف هناك، وقد غاص الكاهن بالفعل وهو يحمل ورقة كتب عليها قسم الزواج، وورقة أخرى كتب عليها “اوافق” و”لا أوافق”، وعند إشارة الاثنين إلى “أوافق”.. رفع الكاهن في وجهيهما ورقة كتب عليها “أعلنكما زوجاً وزوجة”. وكان ضيوف حفل الزفاف من السمك الذي كان يحوم حول الكاهن والعروسين.
      ومع ذلك فإن مشكلة هذا الكاهن تظل أخف مما لو كان العروسان من هواة تسلق الجبال، فيعقدان قرانهما فوق قمة الهيمالايا، ويطلبان من الكاهن مشاركتهما بالصعود إلى هذه القمة، أو من هواة سباق السيارات السريعة، يعقدان القران بسرعة 200 كيلومتر بالساعة.






      أبو خلدون



    13. #253
      التسجيل
      22-07-2006
      المشاركات
      110
      المواضيع
      4
      شكر / اعجاب مشاركة

      رد: جناحا الذبابة

      مشكوووور أخوي ويعطيكـ العافية ياالغالي بس حبيت أسال أبن خلدون سعودي هو ولا من الدول العربية

    14. #254
      التسجيل
      28-08-2001
      الدولة
      <=^=^==^=^=>
      المشاركات
      7,688
      المواضيع
      1537
      شكر / اعجاب مشاركة

      رد: جناحا الذبابة

      اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيصل الهلال 999 مشاهدة المشاركة
      مشكوووور أخوي ويعطيكـ العافية ياالغالي بس حبيت أسال أبن خلدون سعودي هو ولا من الدول العربية
      السلام عليكم ورحمة الله.

      أهلا وسهلا أخي الكريم.
      عافاك الله وجزاك خيرا.

      والله لا أدري بالضبط، لكنني أغلب كونه من بلاد الشام والله أعلم.

    15. #255
      التسجيل
      28-08-2001
      الدولة
      <=^=^==^=^=>
      المشاركات
      7,688
      المواضيع
      1537
      شكر / اعجاب مشاركة

      رد: جناحا الذبابة

      فنجان قهوة


      نظرتنا المادية




      لم يذكر جميل بثينة في قصائده أن حبيبته “تساوي وزنها ذهباً” رغم أنه وصفها بكل الصفات التي يمكن أن تخطر على البال، وقيس بن الملوح فقد عقله من أجل ليلى وهام في الصحارى يخط اسمها على الرمال، وكلما سمع الاسم يخفق قلبه ويكاد ينخلع من صدره، ويقال إنه عندما كان بالخيف من مِنا سمع رجلا ينادي ابنته، ويقال زوجته، بهذا الاسم، فانتابته الرعشة وقال مرتجلاً “وداع دعا إذ نحن بالخيف من منا/ فهيج أشجان الفؤاد ولا يدري/ دعا باسم ليلى غيرها فكأنما/أطار بليلى طائرا كان في صدري” ومع ذلك فإن “مجنون ليلى” لم يذكر في شعره أن حبيبته “بنت من ذهب”، فقد كان العرب في الماضي ينظرون إلى القيم المعنوية في الإنسان، لا القيم المادية، وعندما أراد الأعشى الثناء على إحداهن قال: “ليست بمن يكره الجيران طلعتها/ ولا تراها لسر الجار تختتل” ولم يقل إنها “ذهب” مثلا. وكان الذهب يرد في أقوال القدامى باعتباره من بين الأشياء التي تتزين بها المرأة، كالكحل مثلا، لا من بين الأشياء التي تمنحها قيمة ما.
      ونطلق نحن حالياً على الغزوات الثقافية تعبيرا مخففا هو “الحداثة”، ومن باب الحداثة باتت المرأة المميزة تساوي “ثقلها ذهبا”، أو “بنت من ذهب”، وبات الرجل “لا يعيبه إلا جيبه” بمعنى لا يهم إذا كان من الذين يستغلون نفوذهم وينهبون أموال الشعب بشركات استثمارية وهمية، المهم أن يكون جيبه منتفخا بالمال. والرجل الجيد هو “الرجل الكسّيب” أي الذي يكسب، وليس “طويل النجاد طويل العماد/طويل القناة طويل السنان” كما يقول المتنبي، أو “طويل النجاد رفيع العماد/ ليس بوغد ولا زمل” كما تقول الخنساء، فالشجاعة والاستقامة والأخلاق الكريمة لم تعد لها قيمة في عصرنا.
      والنظرة المادية تصبغ كل حياتنا ونظرتنا إلى الأمور، فالعزيز على قلبنا نصفه بأنه “غالي”، وكانت عبلة من أعز الناس على قلب عنترة، ومع ذلك لم يرد على لسانه أنها غالية، أما الآن، فإن أحد الشعراء يصف حبيبته بقوله “وتحفة عينيك يا غالية/ كلامك شعر بلا قافية”. وكل شيء يعجبنا نقول إنه “تحفة” ليس لأن التحفة لها قيمة معنوية، وإنما لأن قيمتها المادية كبيرة. والسعادة المثلى عندنا “سعادة 24 قيراطاً” والقيراط مقياس للذهب، و24 قيراطاً هو الذهب الصافي الذي لم تدخله أي شائبة. وحتى عندما نتحدث عن الأخلاق نصفها بأشياء مادية، والرجل الخلوق الجيد “معدنه ذهب” و”معدنه أصيل”. وتصف المرأة الرجل المتسامح كريم النفس الذي يحرص على تلبية كل طلباتها بأنه “مثل الخاتم في أصبعي” أي إنها تتحكم به.
      وفي أمثالنا الشعبية مئات الأمثال التي تشير إلى نظرتنا المادية البحتة التي هي جديدة علينا تماما، وأخشى إذا استمرت هذه النظرة أن يكتشف الناس أن الذهب والماس لم يعودا الأغلى ثمنا، وأن جرام الهيروين أغلى من جرام الذهب بكثير، وبدلا من وصف المرأة الجيدة بأنها “تساوي ثقلها ذهبا” نقول إنها “تساوي ثقلها هيروينا”.






      أبو خلدون



    صفحة 17 من 23 الأولىالأولى ... 71213141516171819202122 ... الأخيرةالأخيرة

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •