كان يسكن في داخلها، يعيش معها حياتها، وكيف لا يراها وقد تربع على عرش قلبها وكانت له الكلمة الأولى والأخيرة في حياتها.
ومع مرور الأيام وتغير الاحوال دخل آخرون حياتها، وسكنوا نفسها وأصبحوا يتدخلون، يحيكون المؤامرات والدسائس، يعيثون حياتها فساداً.
وكان هو يرجوها ألا تستمع لهم، ألا ترضح لهم . في بادىء الأمر إستجابت له وصدت عنهم ، إلا أنهم تمادوا وطغوا واستماتوا حتى جعلوها تغير نظرتها إليه، تجعله هامشياً في حياتها، ليس له دور مهم أو مؤثر.
ولأنه كان يتمنى لها الخير لم يتركها لهم بل حاول معها، نصحها بالإبتعاد عنهم ومفارقتهم، ذكرها بالأيام الخوالي، ذكرها بمدى إعتزازها به وتمسكها به، وافتخارها بكونه جزء لا يتجزأ منها، تأسفت له كثيراً ولحاله.
ولم تستجب لكل المحاولات الفاشلة.
وعندما وجدوا أنهم قد بدؤوا يحتلون مكانة مرموقة في حياتها، كان لابد لهم من أن يطردوه يخرجوه فوجوده يؤذيهم، مجرد فكرة وجوده تجعلهم في حالة هلع وخوف، حتى وإن لم يكن له دور أو أهمية تذكر. ولكنهم تمهلوا قليلاً، وكعادتهم طرحوا فكرهم بخبث، عن طريقها هي يموت هو، فموته أفضل وأضمن كي لا يعود إلى حياتها أبداً، حتى وإن كان هو بعيدُ عنها وهو وحي فلربما يعود، فلربما تحن إليه وربما وربما....
فما كان بينهما ليس كأي شيءٍ يوصف، إنها علاقة خاصة، متفردة ، فذة وإن هذه الاوصاف لهزيلة أمام ما ربطهما لسنوات طوال.
وبحيلهم الماكرة نسجوا حولها الكثير من الأوهام عنه حتى ما عادت تطيق له ذكرا ، وأقنعوها بفكرة موته وخلاصها منه وعندما عادت إليه لتقتله كان يحتضر فقد ألم به المرض بعد أن كان بصحة جيدة يحسد عليها
كان ذلك عندما كانت معه وله هو وحده . ولم يقو على محادثتها رغم امانيه لها بالخير والسعادة لم يستطع أن ينطق لها عما يختلج في نفسه وكم رغب لحظتها أن تعود إليه ، لأنه يدرك أن هنائها وسرورها يملكه هو
ولا أحد غيره وفي هذه اللحظة انهالت عليه ، قتلته بكل ارعواء ، تناست
كل شيء ربط بينهما، وقتلته ، قتلته عندما وصلت إلى ذروة اللاوحشية
واللاإحساس ، بعد أن تمادت في عصيانها له وخلعت ثوب حيائها متناسية
أنه كان بقربها في كل وقت كانت تحتاج إليه أو لا تحتاج أيضاٌ. وها هو ضعيف متهالك القوى فما كان رد الجميل سوى إساءة وأي إساءة.
مات هو بعد أن كان قوياٌ وأضحى ضعيفاُ حتى تلك اللحظة الحاسمة مات.
أتعلمون من هو الذي مات ؟
ذلك الذي اعتمر قلبها وحياتها وكل شيء يخصها طيلة ثمان سنوات
إنه إيمانها
وها هي بعد مرور خمس سنوات على موته تتحسر على فراقه تحن إليه
تتمنى أن يعود إلى الحياة مجدداٌ ، إلى حياتها ليأمر وينهى ، ليزجر كيفما
يشاء ومتى يشاء ، ولكن الموتى لا يعودون ، لا يعودون أبداُ.
عندما كان في أوج قوته كانت هي مضرب الأمثال في الخلق والاستقامة
لا تعرف رذيل القول والأفعال . وعندما استجابت للاغراءات ومتع الدنيا المحرمة وإبليس الرجيم والنفس الأمارة بالسوء .
ضعف هو وتمكن المرض منه فما عاد يؤثر فيها إلا في بعض الأحيان
التي تلاشت حال تمكنهم منها تماما عصت ربها معصية تلو المعصية حتى قتلته بسوء فعلها.
ولأن الموتى لا يعودون فإنها تعيش حياتها بلا إيمان ذلك الإيمان الذي تتحسر على فقدانه في كل لحظة.
فيا ربي أعد إيمانها إلى الحياة
لأنها من دونه قد ضلت الطريق
الوردة الجريحة
2002