اليوم العاشر.............
"كيف تحمل مبادئك وتسير بها فى عالم يسوده العبث"
&==================================&
الجزء الأول.................
كان قد تعود هذه الحياة وهذه التقلبات وهذه المفاجئات وهذا التحرر من سطوة رأس المال في اى وقت وفى احلك الظروف عندما ينتابه احساس ولو بسيط بالمهانة ، وليست احاسيسه هذه تكبرُ او تعالى بقدر ماهى مسألة مبدأ ، فبقدر ماتمنح يدا العاطى بنفس القدر الذى تمنحه وقتك وجهدك..انه تبادل للخدمات ولا احد خيرا من الآخر.. وبقدر الاحترام المتبادل تصبح المعاملة مثالية .. انها ليست علاقة عبد بسيده .. فزمن الرقيق قد ولى.. والتصدى لهذه الظاهرة امر واجب بل انه حتميا في علاقه الرئيس بمرؤسيه ورب العمل مع عماله.. وحتى الحاكم مع شعبه .. ولهذا كان يجب ان يترك العمل عندما بدأت تنهار هذه النظريه في عمله الجديد ..
لا بأس لا بأس فقد اعتدنا مثل تلك الأمور ، فمازال الكثير على الشعوب العربية حتى تتفهم النظرية الحديثة للعمل.. ولعل اروبا سبقتنا في فهم هذه النظرية بكثيرحتى اصبحت منهجا وطريقة لإعلاء مستوى الإنتاج.. فالكل يساعد في انتاج سلعة او تقديم نوع من الخدمات تحت اشراف صاحب رأس المال وليس تحت سيادته والنتيجه حتما لابد ان تكون رائعة ومرضية للطرفين . ومن الغد علينا برحلة بحث جديدة .. وقد تعودناها من حين لحين بسبب هذا القصور في عقلية رأس المال .. كم هى عبء ثقيل هذه الرحله ، انك تعرض نفسك على هؤلاء اصحاب العقول المتأخرة وكأنك امراءة تعرض نفسها في سوق النخاسة .. وادفع يا من تروق لك البضاعة ، واستلهم روح الخبير الفاحص.. ما رايك..؟ دارس للهندسة يعرض نفسه في خدمتك . ولا عزاء للعلم . الكل يخضع تحت وطأة الـ money .. ومن اجل لقمة العيش تنهار المعانى ..اتحدى ان كان واحد منهم قرأ لـ اوسكار وايلد او سمع عن صموييل بيكيت او سيمون دى برافو او موباسان .ولكنه العبث، وما اقسى على النفس ان تخضع لنظرية الحاجة ، ولكنه شئ لابد منه ..مادام لم ينقص ايمانك بالمبدأ..فالحياة فى الأساس مبادئ وعليك معرفة مبادئك حتى تجد حياتك ..وان كان للحاجة نظرية وللمبادئ نظرية ..وان كان تلاقيهم اشبه بالمستحيل ، وان كان عليك بالمضى قدما فى طريق الحاجة ، فلا تنسى المبادئ يا عزيزى . وعلينا من الغد برحلة البحث عن وظيفة اخرى ..ولنبدأ كالعادة بالطريق المؤدى الى وسط البلدة ، حيث زخم الحياة كله تجمع فى هذا الحيز .. بيع .. شراء .. الآف الأصوات تنادى .. مكاتب سياحة ، اعلانات رحلات الصيف بسعر استثائى بمناسبة مهرجان التسوق .. مطلوب سكرتيرة حسنة المظهر لمكتب هندسى تجيد التحدث بالإنجليزية . . لافتات عبثية (المستشار الإعلامى لمعهد التنمية البشرية يعلن عن بدء دورته الصيفية – تعلم كيف تتعامل مع الآخرين – تعلم كيف تبنى مستقبلك – تعلم كيف تصبح ناجحا فى حياتك العملية ) . ليتهم يعلمون ، فلا فائدة من الخداع ، إلا ان كان الثمن هو الفائدة من هذه الدورات الوهمية ، مساكين الذين يهرعون مُصدقين تلك الكذبه .. ان التعامل مع الآخرين يحتاج لموهبة .. وبناء المستقبل يحتاج لرأس مال .. والنجاح فى الحياة العملية يحتاج لأسلوب .فلا جدوى من محاضرات لن تمنح الموهبة ولا رأس المال ولا الأسلوب .
-.-.-.-.-.-.-.-.-.-
..اليوم الأول : الثامنة والتصف صباحا .. رحلة جديدة للبحث عن وظيفة اخرى وعذاب آخر ، وعقول اخرى .. عقول تستطيع فهم النظرية الحديثة بين الرئيس والمرءُوس . وليتهم يفهمون ، كم من مرة قطعنا هذا الطريق بحثا عن نظرية الحاجة.. الحاجة التى لا يشوبها اى نوع من التنازلات.. وكلما وجدت بارقة امل..شيئا فشيئا تكتشف تأخر العقول ويظهر التخلف الراسب في المجتمعات العربية فوق السطح.. نظرية السيد والعبيد .. التابع والمتبوع ، وابدا لن تكون من زمرة العبيد او تابع لرأسمالى حقير جاهل ، وها هو الطريق المؤدى لـ downtown .. منذ متى وانت تجتاحه ...؟ منذ كثير، سنوات اصبح احصائها من الأشياء المرهقة .. المؤسفة .. المؤلمة ، ربما سبع سنوات ، او لعلهم تسع .. الحقيقة انهم تسع .. تسع سنوات عجاف باحثا عن نظرية عبثية ربما لايكون لها وجود إلا فى مُخيلتك ، وزد عليهم سنه كاملة بعد التخرج من كلية الهندسة لا تفعل شئ سوى انتظار وظيفة الحكومة، او اى إعلان فى الصحف عن شركة واحدة تطلب مهندس بلا جدوى ، فلا الحكومة تريد ولا القطاع الخاص يحتاج ، وانت تبحث عن مبدأ المساواة فى عمل يحترم نظريتك .. هل اصبحت افلاطونيا النزعة او دون كشوتيا تحارب طواحين الهواء..فلا أمل..ولا مهرب من الواقع ،فالحياة هى هى ..وهذا الطريق الذى آلفت سيره هو هو ..لم يتغير شئ فيه ولن تتغير الحياة بكل هذا القبح فيها .. وهذا العبث فيها..وهذه القوانين التى عفا عليها الدهر فيها . وحتى تجد المكانة التى تليق بمهندس فعليك بسند قوى يدعمك ويدفعك بأسمه وتاريخه الى وظيفة مرموقة حكومية كانت ام شركة خاصة ..لايهم ..الذى يعنينا انها مرموقة وفى صميم سنوات الدراسة ..ولكنه العبث ، من اين لك الدعم ، انها الواسطة ياعزيزى.. وتلك نظرية اخرى . حتى العائلة التى دفعتك دفعا لهذه الدراسة رغما عنك اقرت بخطئها نادمة وغالبها اليأس وهى التى كانت ترى بعيونها ان المستقبل مضمون والوظيفة تنتظرك مباشرة والمنصب قادم لا محالة ..اما رأيتم المستقبل والوظيفة والمنصب..كاتب فى مخبز آلى ، ومنه الى كاتب فى معرض سيارات ..ثم تتلقفك الأيام لتقلى بك فى ملهى ليلى ..مجرد بارمان .. وما تحصل عليه انت.. تحصل عليه اضعاف اضعافه هذه الراقصة اللولبية والتى اجزم بأنها لا تترك احضانها فارغة كل ليلة إلا من ثرى او مغفل من اصحاب العقول المتأخرة .. ولتحيا الحرية فى احضان البنكنوت ، ومن ليالى الملهى الى حامل حقائب فى فندق فايف ستارز ومنه الى مصنع ملابس واقفا طوال اليوم على ماكينة التغليف وضجيج الماكينات حولك وعليك ان تنتهى فى اليوم من تغليف مئات القطع حتى لتكاد ان تهوى على الأرض من فرط الوقوف بلا شفقة .. ثم تبعث بك الأيام الى مهنة سكرتير فى معهد لتعليم الرقص لأبناء وبنات طبقة الـ first class ومنه تتلقفك نانسى ، واحدة من تلك الطبقة وتبدى اعجابا شديدا بك وبوسامتك وتمنحك من وقتها وحنانها الكثير والكثير حتى يُخيل لك انها احبتك بصدق ..وتخرج معك وتدعك تقود سيارتها وتغدق عليك بهدايا وتذهب بك الى النادى واضعة يدها فى يدك وكأنها تتحدى العالم والفوارق بحبها لك ..ثم تكتشف ان كل هذا مجرد مسرحية سخيفة لتُشعل نار الغيرة فى قلب حبيبها..لقد صنعت منك ماريونت تحركه كما تشاء وكان على اثر هذه العلاقة الغير متكافئة ان يدفع حبيبها الألآف لمدير المعهد حتى يطردك لتصبح عاطلا من جديد وما ان رق قلب نانسى لهذا الحبيب حتى طردتك هى الأخرى من حياتها شر طردة مصطحبة بإهانات وعبارات غاية فى القسوة ، لتبدأ رحلة بحث جديدة وتجدها بعد ثلاثة ايام فقط ..