ذكر شيء من الأخلاقوالصفات التي تميز بها - رحمه الله -
* منذ صغره تميز بالتربية على الأدب العالي والخلق وكان باراً جداًبوالدته التي ربته حيث توفي والده وهو في الحادية عشرة من عمره .
*
وكان وقته محفوظاً بينالبيت والمسجد والجامعةولم يسجل عليه أي تغيبأثناء دراسته الجامعية.
* وعرف بشدة حيائهوأدبه وكثرة صمته وكان الشيخ إذا تحدث لطيفاً فصيحاً لا يمله من جالسه .
*
وامتاز بعفتهالشديدة في الأمور المادية الدنيوية ، فقد بلغت شهرته عالمياً مبلغاً لم يبلغه بعضرؤساء الدول ، وكثر محبوه من مختلف الطبقات الاجتماعية ، ومع ذلك عاش الشيخ زاهداًفي ما عند الناس وسكن شقة صغيرة لم يملكها ، ثم لما ضاقت به وبأولاده انتقل إلى بيت أكبر من هذه الشقة قليلاً ، وكان قد اجتهد ليبني لأولاده بيتاً متواضعاً في المدينةالنبوية قرب مسجد المحتسب الذي صلى فيه مطلع رمضان عام 1406هـ ولكن قصر عليه المالفلم يتمكن من إكماله ولم يطلب من أحد شيئاً وبقي هذا البيت على حاله سنوات طويلةحتى أن الشيخ المحدث حماد الأنصاري – رحمه الله – خرج يوماً مع الشيخ علي جابر – رحمه الله - من مسجد المحتسب بالمدينة فوقف الشيخ حماد أمام بيت الشيخ علي جابرالذي لم يكمل بناءه وقال مداعباً للشيخ علي : " يا شيخ علي .. متى تُكْسَى هذه ؟! " – يعني دار الشيخ– فتبسم الشيخ علي وقال : " عندما يأتي هذا !! " وأشار بحركة يدهيقصد توفر المال، ولو أراد الشيخ لبنيت له قصور لكثرة منيجلونه ويحبونه حباً شديداً خاصة بعد تركه إمامة المسجد الحرام وتألم محبيه وكثرةسؤالهم عنه ، لكنه أبى إلا أن يرجع إلى وضعه السابق ويعيش كفافاً في حياته بين بيتهوالمسجد والجامعة ويعتزل الناس أغلب وقته ولا يلتفت لزخارف الدنيا .
* وامتاز الشيخ بمراجعته لحفظه من القرآن حيث كان يراجع جزأين يومياً عن ظهر قلب.
*
وعرف الشيخبتواضعه مع كونه إماماً خاصاً للملك خالد – رحمهما الله – ثم إماماً للمسجد الحرامومحل تقدير من كل من عرفه وصلى خلفه .
* كما عرف بورعهوتقواه وقد حرص على عدم تولي منصب القضاء مع ما فيه من الوجاهة والحصانة ، وطلبإعفاءه من القضاء بعد أن صدر أمر تعيينه لخوفه مما قد يترتب عليه من الحساب يومالقيامة، وعدم تعلقه بإمامة الناس بل كان كثيراً ما ينبه أن الإمامة هي ( ولاية صغرى ) وأنها أمانة ومسؤولية ، وعندما سأله الكثير من محبيه أن يعود للإمامة في المسجد الحرام قال لهم : "إن الإمامة أمر لم أكن أسعى إليه وإنما فرضت علي فرضاً ، وهي مسؤولية لا أسعى إليها وأحمّلها نفسي إذا لم تفرض علي" ، وكان قد تقدم بطلب الإعفاء منها .
*
وتميز الشيخبمثابرته وحرصه على التقيد بالمواعيد ، فقد كان ينظم وقته والذي يزور الشيخ يعرف أنالشيخ غالباً لا يستقبل إلا بموعد ، وقد تقيد الشيخ بموعد مناقشته لأطروحته فيالدكتوراه في المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياضفي الثاني والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1407هـ مع التزامه بإمامة المصلين في المسجدالحرام في شهر رمضان فتوجه في نفس اليوم إلى الرياض وتم مناقشته وحصل على مرتبةالشرف الأولى ورجع من الرياض إلى جدة ثم إلى مكة وأدرك صلاة العشاء في ساحات الحرم ثم دخل إلى المسجد الحرام قبل لحظات من موعد نوبتهللإمامة فتوجه مباشرة إلى المحراب في تلك الليلة وجموعالمصلين في شوق لسماع تلاوته .
* وكان أول شاب يتولىالإمامة في المسجد الحرام حيث تولى إمامته وهو في السابعة والعشرين من عمره،وكانت إمامته فتحاً لباب إمامة الشباب بعده في المسجد الحرام في هذا القرن الهجري .
*
وقرأ الشيخ القرآنعلى نخبة من المشايخ المجودين في المسجد النبوي الشريف منهم الشيخ خليل قاري والشيخ رحمة الله بن عبدالرحمن والشيخ بشير محمد صديق وغيرهم وكان قد تولى إمامة عدة مساجد بالمدينةالنبوية بعد إكمال دراسته الجامعية مباشرة .
* وعرف الشيخ علي جابربقوته في الحق وجرأته وعدم المحاباة فيه ، وله مشاركة في بعض المحاضرات والندوات في الداخل والخارج .
*
وقد أحدث الشيخبقراءته في الحرم تغييراً جذرياً في نمط كثير من القراء بل وعامة الناس ، حيث كانالناس بين تقليد طريقة القراء من مصر حيث كانت تنقل في الإذاعات أو نمط قراءة أئمةالحرم من نجد حيث يسمعونها من المسجد الحرام ، فلما جاء الشيخ بصوته العذب أحدثطريقة مغايرة على مسامع الناس بقراءة مجودة متقنة وصوت عذب منفرد في نمطه ، وأخذالشيخ يصدح به ويرفعه في بعض المواضع في أرجاء المسجد الحرام بطريقة تميز بها يهزبها القلوب هزاً ، وقد أثر ذلك في جموع المصلين في المسجد الحرام والمعتمرين وذاعصيت الشيخ وأصبح المسجد الحرام يفيض بالمصلين ويزدحم عند صلاة الشيخ ومن هم خارجالمسجد الحرام ينصتون عندما يبدأ الشيخ بالقراءة ، بل حتى الشباب الغافلين عنالصلاة كانوا أثناء مرورهم بدراجاتهم النارية يتوقفون لسماع هذا الصوت ويشدهمترتيله لكتاب الله ، وأهل مكة لا ينسون أيام الشيخ علي جابر وصلاته بالمسجد الحرامفقد نقشت في قلوبهم وفي قلوب جمهور المسلمين الذين صلوا خلف الشيخ في تلك الأيامومن لم يدركوا تلك الفترة واستمعوا لتسجيلات تلاوته عبر الأشرطة أو الإذاعةوالتلفاز أو بلغتهم أخباره وثناء الناس عليه ولازالوا يترحمون عليه وينعونه ويدعونله ويبحثون عن تسجيلات تلاوته ويحرصون على جمعها لما لها من تأثير على قلوبهم بكلامالله جل وعلا بهذا الصوت العذب .
وفـاتـه
توفي رحمه الله مساء يومالأربعاء الثاني عشر من شهر ذي القعدة 1426هـ في مدينة جدة بعدما عانى كثيراً منالمرض كونه أجرى عملية جراحية للتخلص من الوزن الزائد رجعت بآثار سلبية ومضاعفات على صحته مما استدعى مراجعته للمستشفى شهوراً طويلة ودخوله مراراً لغرفة العناية المركزة . حتى توفي رحمه الله
ويذكر ابنه عبدالله أنه لما أخرج الشيخ لتغسيله وقد مكث 12 ساعة في ثلاجة الموتى بالمستشفى خرج وكانت أطرافه لينة وسهلة التحريك ولم يكن جسده مجمداً وهو ما أثار شيئاً من الدهشة للمغسلين حيث أنالأطباء يؤكدون أن 6 ساعات كافية لتجميد الجسم تماماً .
ثمنقل إلى مكة المكرمة وصلي عليه في المسجد الحرام بعد صلاة العصر يوم الخميس الثالث عشر من شهر ذي القعدة عام 1426هـ ودفن في مقبرة ( الشرائع ) بمكة المكرمة .
وقد أم المصلين في صلاةالجنازة عليهبالمسجد الحرام الشيخ صالح آل طالب ثم مشى مع الجنازة وركب معها إلى مقبرة الشرائعبمكة المكرمة وشارك بدفن الشيخ ولحده ، كما صلى عليه في مقبرة الشرائع قبل الدفنجموع من المصلين الذين فاتتهم صلاة الجنازة بالمسجد الحرام وقد أمهم فضيلة الشيخالدكتور محمد أيوب إمام المسجد النبوي سابقاً وزميل الشيخ علي جابر – رحمه الله - وكذلك كان من الحضور الشيخ عبدالودود حنيف والشيخ منصور العامر وجموع غفيرة أتتلتشييع الجثمان كما ساهم رجال الأمن في تسهيل تشييع الناس للجنازة .
إنا لله وإنا إليه راجعون .
أسكن الله الشيخ فسيح جناته وجعل القرآن شافعا له .