الحلقة 3
هل ضغط الزر ؟
بقلم رفعت خالد
بسم الله الرحمن الرحيم
" اسم صديق من أقرب أصدقائك : خالد
عنوانه : حي الانطلاق، عمارة 6، الشقة 11.. الرباط.
الماسنجر: khalid_einstein@hotmail.com
! ! !...
(اختر مصيره !)..
اسم (خالد) بجانب (اللايف)..
( احذر الموت، لا مزاح )..
(اللعبة ستبدأ في الوقت المناسب)...
إن الأمر يحدث فقط عندما يرتبط (خالد) معه بالأم أس أن.. انقطاع التيار بشقتيهما و الأحداث الغامضة عند (خالد)..
( دخلتُ و تأهبتُ للصراخ.. إلا أن باب الحمام انغلق بعنف.. لوحده !.. و عادت الكهرباء !.. )
( أوووبس!.. كاد مسخ أن يقطع القرص المسكين بالفأس لكنه أغلق الباب في اللحظة الأخيرة !..
Exit
Are you sure ?
Yes
و عادت الكهرباء !.. )
! !..
تذكر أنه جمّد اللعبة و الفأس في طريقه إلى رأس.. (خالد) !
تذكر كل شيء و تذكر ما هو أخطر !..
تذكر (حسن).. أخاه الأصغر.. و تذكر عشقه للألعاب.
إنه لا يجرأ على دخول غرفته عندما يكون متواجدا و لكنه لا يتردد في الدخول إذا غاب..
و في هذه الحالة قد ترك الحاسوب مفتوحا و عبارة Break الدموية تملأ شاشته.. إذ تكفي ضغطة زر بريئة من أخيه البريء لإنهاء حياة (خالد).. البريء !..
* * *
ظلّ (وليد) متجمدا مكانه و الهاتف ملقى بين رجليه.. قد أخذته الصدمة العنيفة حين اكتشف أنه وضع حياة أعز أصدقائه على المحك !..
يداه المفردتان ترتعشان، و عيناه الشاردتان تنظران من خلف عويناته إلى الباب الخشبي المغلق.. جاهلا ما عليه فعله و لا كيف أو متى يفعله ؟!
ثم شهق على حين غرة و نفض رأسه كما لو كان مغمورا بالماء !..
يجب أن يتصل بالمنزل حالا..
انحنى يحمل الهاتف.. لكنه.. غير مشغّل !..
ضغط زرا من الأزرار طويلا ثم عاد يضغطه بعصبية مرارا.. لكن لا جدوى !.. لابد أنه تأثر عند السقوط.
" اللّعنة ! "
صرخ بغضب مجنون و نزل السلم بساقين مذعورتين.
تتوالى الدرجات في ناظريه بسرعة كأنها تصعد تباعا فارة من خطر قاتل..
و بالخارج كان المنظر هادئا، وديعا.. حارس هناك منصهر بكرسيه العجوز، يدخن بشرود ثم يعتدل مكانه بجدية لما يلمح شابا يخرج كالقذيفة من العمارة رقم 6 !..
ركض (وليد) تائها بين الأبواب و العمارات.. كان يبحث عن شيء واحد.. مخدع هاتفي.
توقف و أدار رأسه في جميع الاتجاهات.. عيناه شاخصتان و صدره يعلو و يهبط.
"آه.. هناك واحد ! "
ثم عدا باتجاه تلك الإشارة الضوئية الزرقاء (اتصالات المغرب).. كان يسابق الريح، يعدّ الثواني..
دخل المخدع و هو يفتش جيوبه بجنون و الفتاة الجالسة خلف المكتب ترمقه بذهول، ثم أخرج قطعة نقدية وضعها بعنف على سطح المكتب.
حملقت الفتاة بالقطعة طويلا ثم حوّلت نظرها ببطء إلى (وليد) غير مستوعبة !..
- ماذا ؟.. هل أعجبتِ بي ؟.. ناوليني (بقشيشا) فأنا على عجلة من أمري، ثم بعد ذلك تمتعي بالنظر إلى أنفي المعقوف !
أشاحت الفتاة المسكينة بوجهها خجلا و ربما اشمئزازا من وقاحة (وليد) و أخرجت الدراهم الخمسة من الدرج ليختطفها هو بتلهف..
هرع إلى الجهاز و أولج القطع واحدة تلو الأخرى ثم ركّب رقما بسرعة..
ارتفع لهاثه و هو ينتظر.. ثم صرخ فجأة :
- ماما.. أين (حسن)؟ ناديه حالا !
- وليد يا حبيبي.. ما الأمر ؟.. تعال فنحن ننتظرك للعشاء، إنه طبقك المفضل.. السمك و...
- ناديه حالا يا ماما.. أرجوك، أريد التحدث معه !
- حاضر، إنه في غرفتك على ما يبدو... (حسااان) !... (حسااااااااااان)... يا أيها الأحمق الصغير، تعال فأخوك يريدك!
و جاء صوت (وليد) المذعور عبر السماعة :
- بسرعة يا أمي.. بسرعة !
- لكن لماذا تلهث يا حبيب قلبي ؟.. أخبرني ؟..
- لا يهم.. لا يهم.. فقط نادديييييييييييه !
* * *
هل ضغط الزر ؟
* * *
- نعم.. (وليد)، هاواريو ؟..
- اسمع يا وغـ.. إياااك أن تلمس الحاسوب.. فهمت ؟..
- لـمَ ؟... آآه.. تقصد لعبة الرعب الجديدة التي حمّلتها ؟..
- ماذا ؟.. هل أنهيتها ؟
* * *
ضغط الزر ؟..
* * *
- لا.. لكني رأيتها.. إنها رائعة !..
- أقسم لو لمستها لــ..
و انقطع الاتصال !..
صرخ (وليد) ممسكا رأسه و لكم الباب الزجاجي دون أن يشعر، ثم خرج مشتعلا غضبا ليتوقف عند باب المخدع و قد راودته فكرة ما..
عاد مهرولا إلى حيث الهاتف و تبعته الفتاة بعينيها مستغربة !..
إن (كمال) يقطن بجوار منزل (وليد) و يمكنه إنقاذ الموقف.
- ألووه.. (كمال) ؟.. اقصد منزلي على جناح السرعة و أمسك أخي (حسن)، لا تدعه يلعب بحاسوبي.. أتفهم ؟.. فيما بعد.. سأشرح لك فيما بعد، اذهب الآن.. إنها مسألة حياة أو موت.
* * *
ارتدى (كمال) معطفه بخفة و عالج أزراره وهو يمط شفتيه بشرود.. لماذا يتصل (وليد) ليطلب منه برعب الذهاب لمنزله و منع أخيه الأصغر من اللعب ؟..
أسرع في مشيه و هو يحمل المفاتيح و يدس الهاتف الخلوي بجيبه ثم بعد ثواني كان يركض ركضا خفيفا بالشارع الخالي متوجها إلى الحي الخلفي.. حيث منزل (وليد).
* * *
قطع (حسن) المكالمة مع أخيه مستاء بعد ما صرخ في أذنه و عنّفه !..
و لكن ماذا دهاه ؟.. إنها لعبة !.. و هو يعشق الألعاب حتى النخاع و أخوه يعلم ذلك جيدا.
فكر في هذا شاردا و هو يصعد الدرج بخطوات لا مبالية..
- لا تحزن يا حبيبي.. إن أخوك عصبي هذا اليوم منذ انقطاع الكهرباء عن غرفته.
قالت الأم الطيبة بهدوء قبل أن تستطرد و هي تستدير قاصدة المطبخ:
- ألست جائعا ؟..
لكنه كان قد اختفى من السلم و دخل.. الغرفة.
* * *