قام سماحة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان (رئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية) بتوضيح فتواه التي فُهِمت أنها دعوة لقتل ملاك الفضائيات العربية، قائلاً: إنه قد تمّ تحريفها وإخراجها عن سياقها. وأشار إلى أن المقصود الفضائيات التي تُرَوِّج للسحر والشعوذة، والتي تبثّ ما يفسد عقائد الناس من شركٍ بالله.
وأكّد اللحيدان في حديث للتلفزيون السعودي فجر اليوم الأحد أنه جرى اقتطاع كلامه من حديث تم تسجيله قبل عدة شهور، وقد بدأ تلك الحلقة بتوجيه نصح إلى أصحاب الفضائيات العربية بأن "يتقوا الله في الأمة الإسلامية وألا يسعَوْا لبثّ ما يشوه أخلاقها أو يدعوها للتساهل في أمر دينها أو يجرها إلى الخلط في أمر العقائد بالسفاهة والسحر والشعوذة وغير ذلك".
واعتبر رئيس مجلس القضاء الأعلى أن ما قاله عن قتل أصحاب هذه القنوات- إذا لم يتوقفوا عن بثّ تلك المواد- إنما هو من شأن السلطة وبعد استكمال مراحل التقاضي.
وعبر سماحة الشيخ اللحيدان عن ذلك بقوله: إنهم "يعاقبون ومن لم يردعه العقاب واستمر على إفساد الناس فيما يبثّ فإنه يجوز للسلطة قتلهم قضاءً، ومعلوم أن القاضي لا يخرج بسيفه ويقتل من يقتل، وإنما تقام الدعوى من الجهات المخصصة للادعاء لهيئة الادعاء العام ويسمع القاضي ويصدر أحكامه إذا ظهر له أن المدعى عليه ممن يستحقون العقوبة القاسية ثم يرفع هذا للجهات المختصة في تدقيق الأحكام ثم يرفع بعد ذلك للجهة التي هي أعلى منها فإن مراحل القضاء في المملكة ليست درجة واحدة".
وأكّد رئيس مجلس القضاء الأعلى أنه في حال لم يرض المحكوم عليه على الاحكام في محاكم الدرجة الأولى والثانية يتم رفع تلك الأحكام إلى هيئة تدقق الأحكام والقضايا الكبار التي تصل إلى القتل أو ما في حكمه وأن كل ذلك يتم على منهاج الكتاب والسنة وما أجمع عليه علماء الأمة.
وقال اللحيدان: إنه لم يكن يتوقع لتلك الفتوى التي تعرضت لأمر السحر والشعوذة أن تصبح بعد أربعة أشهر مثار جدل تتناقله قنوات عربية ومحطات أجنبية دون أن يسمعها الناس بالكامل مما يسيء إلى صورته كرئيس لمجلس القضاء الأعلى وعضو بهيئة كبار العلماء التي أمضى فيها قرابة أربعين ولم يبق من رعيلها الأول سواه.
وأكّد اللحيدان على أنه تربطه علاقة وثيقة مع كثير من المحطات التلفزيونية، مشيرًا إلى أنه كان يقدم في التلفزيون السعودي منذ تأسيسه برامج في رمضان قبل أن تمنعه كثرة الأشغال بعد ذلك عن المواصلة.
وأبدى رئيس مجلس القضاء الأعلى عدم خشيته من إساءة فهم البعض لفتواه، معتبرًا أنه ما دام ربه فيما يحسب راضيًا وما دام ولاة الأمر في البلاد راضين فلا يهمه غضب الآخرين، مشيدًا بالملك عبد الله وولي عهده الأمير سلطان، ومتمنيًا من الله "يديم ثبات هذه الدولة".
وفيما يلي النص الكامل للقاء الشيخ صالح اللحيدان مع التلفزيون السعودي:
تناقل الناس فتوى سماحتكم التي سئلتم فيها في البرنامج الإذاعي "نور على الدرب" والمتعلقة بما تبثه الفضائيات خلال شهر رمضان المبارك وقد حُرِّفت هذه الفتوى وتناقلتها الأوساط المغرضة عن وجهتها وعن ما تفضل به سماحتكم وعن ما أدلى به سماحتكم للإذاعة.
س- الفتن الكبيرة التي يجلبها أصحاب القنوات الفضائية وعلى وجه الخصوص في شهر رمضان المبارك وتركز برامجها السيئة على فترتي المغرب والعشاء على المسلمين فما هي نصيحتكم للمشاهد وما هي أيضًا نصيحتكم لأصحاب القنوات؟.
ج - بسم الله الرحمن الرحيم والحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
سئلت هذا السؤال وقبل الدخول في إيضاح ما كانت الإجابة به أحب أن أتحدث عن نفسي، وإن كنت لا أحب الحديث عن النفس ولا أحرص على المظاهر الإعلامية ولا الكتابات الصحفية رغبة في الانشغال بغير ذلك ومع هذا فعندما تدعو حاجة إلى ما عليه الإنسان يكون مثل ذلك من باب المصلحة العامة وما نشر في الفضائيات والقنوات. والمغرضون كأنهم معنيون بتاريخ حياتي، وذكروا بدئي في القضاء بعد أن كنت في الإفتاء، أنا كما يعلم العارفون بي وليعلم من لم يكن يعرف أنا من المتخرجين من كلية الشريعة عام 1379هـ ، وفي أوائل سنة 80 ، تعينت مع سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمة الله عليه سكرتيرا له في الإفتاء وبقيت معه، وكنت والحمد لله والمنة والفضل، محل الثقة وتقديرهم واحترام رأيهم.
وفي عام 83 نقلني رحمة الله عليه إلى محكمة الرياض ليهيئني لرئاستها، وذلك في أول رجب عام 83 وجلست فيها ، وفي أوائل عام 84 توليت رئاسة المحكمة وبقيت فيها إلى 5 محرم عام91 ثم انتقلت إلى الهيئة القضائية العليا وتحولت فيما بعد إلى مجلس القضاء الأعلى وبقيت في هذا العمل في الإفتاء وفي القضاء مدة تتجاوز 50 عامًا، كل هذا العمل في أعمال هامة. فيما يتعلق بالتحصيل العلمي تخرجت من الشريعة وقرأت قراءة وشرحًا وتعليقًا موطأ الإمام مالك في المسجد على الجماعة وصحيحي البخاري ومسلم وسنن الترمذي وأبي داود والنسائي طيلة هذه السنوات التي مضت، وترتيب مسند الإمام أحمد بن عبدالرحمن البنا الساعاتي، كل هذه الكتب العظيمة الهامة قرأتها على الناس في المسجد إماما وتكلمت عن معانيها مع ما يحتاجها القضاء من مراجعة لكتب الفقه والأصول والقواعد الفقهية، وفي حياتي لم أكن أتمتع في إجازة طيلة حياتي الماضية إلا بشهر واحد كما لم أكن أتمتع بإجازات خاصة، ومن فضل الله عليّ وعلى العمل أنني لم أتغيب عن العمل لمرض إلا مرتين في أمر خفيف والحمد لله على منه وكرمه وجوده، ولقد تعاملت مع العلماء الذين هم كبار علماء المملكة ومن يتصل بهم، فكنت والحمد لله محلّ تقدير العلماء على رأسهم الشيخ محمد بن إبراهيم ويليه تلامذته ومن في طبقتهم الشيخ عبد الرزاق عفيفي وأستاذنا الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ عبد الله بن حميد وتلك الطبقة، وكنت عضوًا في هيئة كبار العلماء من أول عام 1391هـ ولا أزال فيها، وفيما يتعلق مع الملوك تملك المملكة بعد الملك عبدالعزيز رحمة الله عليه الملك سعود وكان الملك عبدالعزيز يوم وفاته وأنا في الثالثة والعشرين عامًا "رجل" لكن التعامل مع الملك سعود كان محدودًا قليلاً لعدم طوال مدته بعدما كنت مسئولاً في العمل في القضاء ثم مع الملك فيصل والملك خالد والملك فهد رحمة الله عليهم أجمعين ومع الملك عبدالله وسمو ولي عهده وكبار المسئولين في الدولة من أصحاب السمو الملكي وأصحاب المعالي الوزراء الذين لهم صلة بي ولي بهم صلة.
كنت في كل ذلك والحمد لله أتمتع بحسن الصلة والتقدير منهم والذين كان كثير منهم في الوقت الحاضر دوني في السن والذين يمكن أن يكونوا قريبين في السن هم كبار الأمراء وقلة فيما أظن من الوزراء، هذه بالنسبة لي للحياة، بالنسبة للمشاكل في عام 85 لا تُعرض قضية هامة تمسّ أمن الدولة وتضايق المواطنين والمجتمع إلا وفي الغالب أنا داخل فيها قضاء ودراسة بعد القضاء وأمثال ذلك، فهذه الحياة لا تدلّ على أن الإنسان يتكلم في فتوى عن جهل أو عدم روية أو عدم إدراك.
وأما الفتيا فأنا من عام 80 مكلف بالفتيا في الحرم في الحج، عام 80 كلفني الشيخ محمد بن إبراهيم رحمة الله عليه و20 رجلاً من الزملاء أهل العلم ندرس في الحرم موسم الحج بكامله وبقيت على الفتيا بالنسبة لمناسك الحج طيلة هذه المدة مشاركا ومن عام 1404هـ، كلفت بدروس الحرم في رمضان وما بعده والحج، وإن كنت تخلفت أنا عن المواصلة في الحج للانشغال والازدحام وفي الدروس الصيفية عدة سنوات، فكنت والحمد لله محل رضا المستمعين وأهل العلم ومن يتصل بي من داخل المملكة وخارجها وهذا فضل الله جل وعلا واحتمال قادح لا يستغرب تأثر شيخ الإسلام بن تيمية، كما كثر المعترضون عليه، أنشد أبياتًا أذكر واحد منها يعرفها المتعاطون للأدب يقول فيها:
لو لم تكن لي في القلوب مهابة
لم تُكثِر الأعداء فيَّ وتقدح
فلا ألوم من يتضايق من أن يكون إنسانًا موفقًا لأي عمل من الأعمال، وإذا صار الشنآن والازدراء ممن هم دون المستوى فأستشهد إشارة، أولا: تُكلِّم في أهل العلم، وانتقِد الرسل من قبلهم، وأما من جانب الأدب فيقول أبو الطيب المتنبي في قصيدته مطلعها:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص
فهي الشهادة بأني كامل
ففي هذه القصيدة إذا جاءت المذمة من نقص في عقله أو إيمانه أو حسبه فهذا لا يضير، يكفيني ما يقول الشاعر الأول : إذا رضيت عني كرام عشيرتي.. فلا زال غضبانا علي لئامها
فأنا إذا كنت أتمتع فيما أظن برضا الله جل وعلا ثم برضا ملوك بلادي وكبار رجالهم من إخوانهم ونوابهم فلا أبالي فيمن دونهم، إلا أني أحب لكل مسلم أن يوفقه الله للصواب في أموره كلها وأن يهديه سواء السبيل، وأنا ما أقول لمن يسيئني إلا حسبنا الله ونعم الوكيل.
هذا مجمل خلاصة أحببت أن أقولها في بداية الحديث، وأما ما يتعلق بالسؤال الذي سمعت نصه الآن من الدكتور سليمان بارك الله فيه وأسرني أنه هو الذي حضر لإيراد ما سمعت هذا السؤال كان تسجيله فيما يظهر أنه في شوال 6 لهذا العام أوفي أواخر شهر 5 في الرياض لما سجلت حلقات رمضان عرض طالب الأسئلة الدكتور فهد السنيدي المعروف بالإذاعة وعمله بالتدريس بجامعة الملك سعود ذكر أن هذا السؤال له أبعاد وخطير وسيعرض في رمضان لعلك تحتسب وتقول ما ترى، فقرأ السؤال فأجبت عليه إجابة من ينفع المستمعين بداية بمن يكونون معنيين في السؤال وهم أصحاب البثّ في القنوات الفضائية ومن يستمع لهم لأن الخطاب الذي يراد به أن يكون نافعا يوجه لأكبر عدد ممكن رجاء أن ينفع الله به، وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم ـ رب مبلغ أوعى من سامع ـ قد ينقل الواحد ما سمعه لغيره ولا يكون وهو ينقله فاهما أبعاد ما نقل فينقله لمن هو أفقه منه وأكثر إيضاحا لمراميه وهذا ما كنت أرجو وأهدف له حين أبديت ما أبديت وما كنت أظن أن أحدًا جرأ على التجريح والتشويش وقطع الكلام من مبدأه أومن منتهاه أو من وسطه لحاجة في نفسه، ما كنت أتوقع هذا لأنني لا أسعى لغيظ أحد ولا للإساءة إلى أحد، لم يسرني كثيرًا أن يصل إحساني باللسان أو بالشفاعة أو نحو ذلك بالنصح والإرشاد إلى أكبر عدد ممكن وأنا إن لم أكن مفتيًا أتلقى الفتاوى عبر الهاتف وفي مقري في العمل وفي منزلي وفي الدروس التي ألقيها والمحاضرات، وأن وقتي كما يعرف كل من يعرف أنني في القضاء وفي دراسة القضايا ـ القتل والرجم والأموال والتعزيرات والحدود وغير ذلك ـ يستدعي من الواحد أن يكون باذلاً جل ما يبذله من وقته في خدمة هذا الجهاز الذي أعتبره ولله الحمد أميز قضاء في العالم، وإن لم يرض المغرضون لأن هذا القضاء إنما يعتمد على مفهوم من كتاب الله جل وعلا ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومن أقوال الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ومما أجمع عليه سلف الأمة من عهد القرون الثلاثة التي شهد النبي صلى الله عليه وسلم بأنها خير القرون كما في حديث عمران بن الحصين وعبد الله بن مسعود المخرجين في الصحيح حيث قال: "خير القرون الذي بعثت فيهم" وهؤلاء الصحابة ثم الذين يلونهم وهؤلاء أتباع التابعين الذين لم ينقرضوا إلا في حدود منتصف المائة الثانية من الهجرة ، وما جاء بعدهم من أهل العلم فهو إنما هو تفريع واستنباط وإيضاح ما فهموه من كلام أولئك أو ما نقلوه فالحمد لله على كل حال، ثم أني تكلمت عن هذه المحطات ولا شك أنني لست راضيا عن كثير من القنوات الفضائية وإن كنت ألقيت كلمات في قنواتنا وفي قناة المجد واعتذرت عن غيرها مثل إم. بي. سي طلبوا مني في أول تأسيسها فرفضت أن يكون قبلي تسجيلات غنائية ومجونية وأن تأتي بعد كلامي تسجيلات من هذا النوع, قلت لا مانع إذا نفذتم هذا الشرط قبل البداية لا يكن سبقني كلام من هذا القبيل ولا يكون فلا عندي مانع من التسجيل, لكن يظهر أن هذا يشق عليهم أو لا يناسب سياستهم فلم يسجلوا عندي فيما أعلم شي من ذلك.
أما تسجيلات التلفاز فأنا منذ تأسيس التلفاز في المملكة وأنا ألقي فيه في بعض السنوات حلقات رمضان التفسيرية كلها كنت أتولى ذلك , أتذكر في بداية الملك خالد أو في أوائل الملك فهد ثم بعد كثر الشغل عندي فكنت لا أستطيع أن أسجل.
هذه الحلقة التي أثارت واستثارت من حرف فيها ولم ينقل الكلام الذي قلته نصا. أنا بدأتها بالنصح لأصحاب القنوات بأن يتقوا الله ويخافوا وأن لا يسعوا لبث شيء مما يفسد عقائد الناس كما يتعلق بالسحر وأنواعه وتمثيليات فيها شركيات ظاهرة وما يتعلق بنشر الخلاعة والمجون وما يتعلق بمضحكات التي لا تليق برمضان واستهزاء برجالات علم أو رجالات أمر بمعروف أو نهي عن المنكر أو غير ذلك مما لا يليق ببسيط الناس أن يتعناها فكيف بمحطات تبث على الهواء فنصحت هؤلاء: عليهم أن يتقوا الله ولا يسعوا لإفساد الناس وأن من قلدهم أو تأثر بفسادهم و تضرر باعتناق بعض الأفكار التي يسلكونها فإنه يتحمل وزره، لكنهم يتحملون مثل أوزاره لأن من دعا إلى سنة سيئة تحمل وزر دعوته وتحمل أمثال أوزار من يتبعونه عليها فكنت في كلامي أنصح لأصحاب تلك القنوات أن يتقوا الله في الأمة الإسلامية وألا يسعوا لبث ما يشوه أخلاقها أو يدعوها للتساهل في أمر دينها أو يجرها على الخلط في أمر العقائد بالسفاهة والسحر والشعوذة وغير ذلك.
وأن هؤلاء المسئولين والباثّين إذا لم يمتنعوا ومنعتهم السلطة ولم يمتنعوا وعادوا في ذلك فإنهم يعاقبون، ومن لم يردعه العقاب واستمر على إفساد الناس فيما يبث فإنه يجوز للسلطة قتلهم قضاءً. ومعلوم أن القاضي لا يخرج بسيفه ويقتل من يقتل وإنما تقام الدعوى من الجهات المخصصة للادعاء لهيئة الادعاء العام ويسمع القاضي ويصدر أحكامه إذا ظهر له أن المدعى عليه ممن يستحقون العقوبة القاسية ثم يرفع هذا للجهات المختصة في تدقيق الأحكام ثم يرفع بعد ذلك للجهة التي هي أعلى منها فإن مراحل القضاء في المملكة ليست درجة واحدة.
الدرجة الأولى تأتي الثانية إذا اقتضت الحال منها الاحتياط للقضاء والاحتياط للأحكام التي تصدر أو إذا لم يرض المحكوم عليه ترفع إلى جهة تدقق وهيئة تدقق الأحكام والقضايا الكبار التي تصل إلى القتل أو ما في حكمه ترفع إلى هيئة أخرى أعلى الهيئات تلك تدرس وكل ذلك على منهاج الكتاب والسنة وما أجمع عليه علماء الأمة فهذه الفتوى التي تعرضت لأمر السحر والشعوذة وأمر العقيدة وأمر الأخلاق والنهي وأشرت إلى الاستدلال بالآيات الكريمة التي فيها إشارة إلى أن من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا فأشرت إلى ذلك إشارة لم أكن أتوقع أن الأمر سيؤول بعد أربعة أشهر أو حولها إلى تناقل قنوات الفضاء أو ربما محطات أجنبية أو يتلقفه أناس من داخل المملكة وما يسمعون كامل الجواب فيظنون رئيس مجلس القضاء الأعلى وعضو هيئة كبار العلماء الذي أمضى فيها قرابة أربعين سنة في هيئة كبار العلماء راح من راح ولازلت والحمد لله باقيا بل إن التشكيلة الأولى لهيئة كبار العلماء لم يبق منهم على قيد الحياة إلا أنا الآن، فإن تشكيلهم الأول في حياة الشيخ محمد بن إبراهيم كانوا من 14 نفرا كنت أحدهم ولم يبق منهم إلا سواي وأنا في الطريق كما يقول الشاعر العربي "وأراني طرادة في أثرهم طرد أنوار....إلخ"، فهذه سنة الله في الأشياء لا يتوقع من عاش هذه المدة ساد في هذه الحياة العملية وعايش هذه المراحل العملية وآخى وزامن وعاش تحت رئاسة كبار العلماء في هذه البلاد لا يتوقع أن يكون متسرعا كالتسرع الذي حرفوا أو قلبوا وقال إنه حكم على ملاك الفضائيات بالقتل.
لكني لا أقول إلا أني أسأل الله أن يهدي المغرضين سواء السبيل وأن يصلح أفهامهم جميعا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ويوم يقوم العباد كما أسأل الله سبحانه وتعالى لهذه المملكة بالخصوص أن يزيدها الله ثباتا على الهدى وحسن التمسك به وصلابة في الوقوف في وجه المغرضين لإعزاز أمر هذا الدين فإن هذه البلاد ما عاشت هذه المدة وحصلت تلك التقلبات على الدول المجاورة من ثورات واضطرابات وتردد وبقيت هذه الدولة بحمد الله ثابتة سائرة على المنهج التي هي عليه إلا لأنها ولله الحمد على الحق ولم تكن على الباطل وتلتمس رضا الله والمصطفى صلى الله عليه وسلم "من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عليه وأرضى عليه الناس" وفي لفظ "عاد ذاموه من الناس حامدين له" وفي لفظ "عادوا راضين له".
أسأله جل وعلا أن يزيدها ثباتا وأن يملأ صدر خادم الحرمين وصدر ولي عهده وصدر أصحاب السمو الأمراء والمسئولين في هذه الدولة على مختلف مجالسهم وأعمالهم وسائر من في هذه البلاد أن يملأ قلوبهم بالإيمان ويجعل كل واحد منهم يراقب الله قبل أن يراقب الناس ويحاسب نفسه قبل أن يحاسبه الناس كما أسأله جل وعلا أن يوفق ولاة المسلمين في كل مكان في هذا الشهر المبارك وعلى رأسهم في ذهني وقلبي ولي أمرنا وأعوانه أن يوفقهم جميعا لنصرة هذا الدين وإيضاح الحقائق لأعداء الإسلام وبيان أن هذا الدين الإسلامي هو الدين الحق الذي قال الله عنه-(ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه)- الآية (إن الدين عند الله الإسلام ) وأن يديم علينا شرف هذا الانتساب وأن يبارك في قيادتنا ويرزقها حسن تقدير الأمور وجودة الاختيار لأهل العمل وأن يمتعنا بصحة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسائر المسلمين في هذه الدولة وأن يديم ثبات هذا الملك لأسرة آل سعود التي قامت أول قيامها مع شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب على نصرة العقيدة وتحكيم الشريعة وحراسة الأخلاق وأن يديم ثبات هذه الدولة وتوارث حكمها لأحفاد ذلك الإمام الذي قام يوم قام ولم يكن أعز من في البلاد ولا أقواهم قوة وجيشا ومنعة ولكن صاحبه وتمسك بما هو أقوى شيء في الوجود صافح العقيدة الصافية وصاحب الشريعة الحنيفية السمحة ودافع عن الملة الحنيفية فأعلى الله قدره وثبته وأورثه هذا الملك العظيم.
ثم ختم الشيخ اللحيدان بالسؤال من الله جلت قدرته وعلى مكانه واستوى على العرش أن يهدي ضال المسلمين ويفرج كرباتهم وينصرهم على أعدائهم ويقضي دين كل مدين من المسلمين ويشفي كل مريض من المسلمين ويحقق للأمة الإسلامية في هذا الشهر المبارك العزة والشرف والمجد للارتقاء كما أسأل الله جل وعلا أن يحفظ المسلمين في كل مكان وأن يصون هذه الدولة ويحفظها من كيد الأعداء وتربص المجرمين وأن يصلح شعبها كلهم إنه جل وعلا مجيب الدعاء وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد .