الاستفتاء من باب اللقافة لا اكثر
اعتقد ان بعضكم قد بدأ يتحسر على ما الت اليه لغتنا منذ ان وقعت عيناه على عنوان الموضع, كما اظن ان البعض قد بدا بتجهيز السواطير وكل ما يرجح ان يقتلني بطريقة شنيعة كوني تجرأت على اهانة اللغة بهكذا طريقة..حسنا, أود ان اخبركم بانني بريء تماما وان وراء الأكمة ما وراءها !
وساعود الى ذلك لاحقا
بداية لدينا قصة ظريفة
قبل فترة لا باس بها قرات خبرية بسيطة في جريدة عكاظ مفادها ان الجريدة قامت بطرح سؤال عابر يبدو بسيطا على مجموعة حددت عددها بـ 100 شخص, وكلهم من المدرسين, السؤال كان: من هو كاتب كلمات النشيد الوطني السعودي ؟
النتيجة كانت الى حد ما مضحكة وشر البلية ما يضحك, وللحق لم يثر الامر استيائي لتلك الدرجة اذ يمكن بسهولة تامة ان تنسى اسم شخص ما ايا كان هذا الشخص.
ما اثار استيائي حقا هو ما اظهره بعض هؤلاء المدرسين من جهل حين تم سؤالهم ان كانوا على علم بالمعنى المقصود لكلمة "الخفاق" في النشيد...فبعضهم قال انها قد تعني القلب (!!) والبعض الاخر اكد على انها تعني القلم (!!!!!!!!!!!!!!)
رغم ان الغالبية عرفت الاجابة الصحيحة, الا ان الامر ضايقني فعلا
واحمل (القلب) الاخضر, يحمل النور المسطر ؟ حقاااااا ؟ ما معنى ذلك اساسا ..قلبٌ اخضر يحمل نوراً مسطر ؟
من السهل جدا استنباط معنى الكلمة من سياق الجملة وحتى ان لم يسبق للشخص ان سمع بها, ومع ذلك..فشل البعض !
ونحن نتحدث عن مدرسين هنا, من يفترض بهم ان يعلمو مثل هذه الامور للطلبة
ولك ان تتخيل الحال لو ان هذه الاسئلة طرحت على الطلاب !
في الحقيقة, لم اكتفِ بالتخيل..قررت ان اطرح السؤال على مجموعة من الاصدقاء ومن زملاء العمل
النتيجة ؟ يبدو ان القلب له شعبية كبيرة هذه الايام ! بعضهم قالها بفخر ايضا, وابتسامة صادقة تشق وجهه من الطرف للطرف..ولم يكتف بذلك فقط, القى ببعض الكلمات باللغة الفرنسية / الاسبانية / اليابانية كتأكيد على صدق أقواله,هو يتحدث احدى هذه اللغات -لاحظ ان الانجليزية ليست من ضمنها فتلك "موضة قديمة"- اذا فهو يفقه ما يقوله! فكيف أعترض على من يتحدث هذه اللغات وانا حصيلتي من الدنيا لا تتعدى انجليزية ركيكة وعربية احاول ان اتقنها ولغتي الام ..وان حصل واعترضت وقلت بانه مخطئ, فانا -ولا مؤاخذة- لا افقه شيئا, اضافة الى كوني عميلا/لصا/حاسدا بالطبع !
قد يقول قائل بانني اهول الامر, وان الامر لا يتعدى كونه مجموعة من البشر لم تفلح في معرفة معنى كلمة ما...اقول لذلك القائل خذ جولة على اي مجموعة تروق لك من المنتديات وسترى العجب
لم تقتنع بما رأيت ؟ انصحك بقراءة الصحف او بعض الكتب
حاول ان تمنع نفسك من نتف شعر راسك وانت تقرأ حواراتٍ مثل:
-ما هذا يا رجل ؟
-هذا باباً مغلقاً يا صديقي !
-لم لا نتقابل للعشاء ؟
-في اين ؟
حاول أن تمنع نفسك من الضحك وأنت ترى اصرار ذلك الكاتب الشاب على كتابة "سنظل" هكذا "سنضل" ..وباخلاص لا يجاريه فيه سوى اصرار واخلاص ابطال الاغريق الذين يعشقهم كثيرا حين يمضون الى نهاياتهم المحتومة.
دعك من الكابوس الابدي..اهي "لكن" ام "لاكن", "هذا" ام "ها ذا", "اسرى" ام "اسرا" ؟
بعثت برسالة الى كاتب كان يصر على ان اسرى تكتب "اسرا" ذات مرة اساله فيها عن سبب اصراره على كتابتها بتلك الصيغة, فكلي يقين انه لا بد وان يذكر شيئا من كل ما تعلمناه -درسنا سويا- فقط ليبعث الي برسالة يخبرني فيها انني -وبلا فخر- معتوه ولا افقه شيئا, والا لعرفت ان كل ما تعلمناه هراء وافتراء ! وانه لم يكن ليصبح كاتبا وتنشر اعماله ان لم يكن يفقه ما يقوله, وختم رسالته بنصيحة اخوية يخبرني فيها ان اكف عن الحسد
خلاصة الموضوع ؟
النحو قتيل لم يبكهِ أحد !
ولمن يسالون عن البلاغة, ألق نظرة على عمود الانارة المواجه لمنزلك..قد تكون سعيد الحظ فتراها مشنوقة هناك, قد تجد بعض المهللين ايضا, فرحين مستبشرين لسقوط الدكتاتور !