السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الأنام..
ها قد انتصف رمضان!
وكلّ قد فعل فيه ما فعل.. إما حقق مشاهدة 15 حلقة من مسلسل ما أو ختم 15 جزءًا من كتاب الله.. وبعض الناس فعل الاثنين!
ولكلٍّ تجاربه..
في إحدى المرات التي ذهبت لأصلي في مسجد اللامي خلف الشيخ توفيق الصائغ ،
كنت وصلت متأخرًا كالعادة إما لأني لم أستطيع أن أقتنع أن الصلاة لا تقوم الساعة 9:20 فأخرج متأخرًا ، أو لأني أتخذ الطريق الخطأ رغم ذهابي إليه طوال سنين.
وصلت لاحقًا آخر ركعة في صلاة العشاء وقمت أتم ما فاتني محاولاً الصلاة بهدوء حتى يهدأ نبضي الذي ارتفع نتيجة المشي السريع..
لكن الشيخ كان قد بدأ يخطب الناس خطبة موعظة قصيرة قائلاً بعد "أما بعد" فيما معناه:
"بعض الناس كانوا يسألونني بالأمس لماذا خففت عليهم الصلاة ، تخفيفي للصلاة بالأمس كان مجرد استراحة وتهيئة لما بعده من الأيام ، لأن اليوم إن شاء الله يبدأ الجد!
لأن في رمضان هذه السنة ماذا لدينا لنجتهد فيه غير الصلاة؟ مع الإجازة صار الناس ينامون معظم النهار بالتالي الصيام بس خمس ست ساعات.. لم نعد نشعر لا بقرصة الجوع ولا نهم العطش..
فدعونا نجتهد في الشيء الوحيد الذي لدينا ألا وهو الصلاة والتروايح.. والآن انقضى ثلث الشهر وكلها كم يوم حنجي نتكلم عن العشر الأواخر والتهجد وكيف كان النبي يجتهد فيها..
فأنا لا أطيل في الصلاة لأني أستمتع بإتعابكم أو إجهادكم.. بل يأتي بعض المصلين يلومني على تكراري لبعض الآيات..
يقول لي إنت تطوّل في الصلاة وكمان تقعد في الآية تعيد وتزيد وتعيد وترجع تزيد وتعيد! -ضحك الجالسون-..
أنا أعيد الآية حتى تتفكروا فيها.. يعني انظروا في الآية من كل الجهات وصدقوني حتجدوا فيها عدة وجوه..
قيل أن الآية مثل التمرة ، كلما مضغتها أكثر ، زادت حلاوتها! فلما أقرأ لكم الآية حاولوا أن تفهموا ماذا يريد الله بها من عدة جوانب..
أحد الأئمة من السلف لما سجن ظل يشغل كل وقته بقراءة القرآن.. فيقول في كل مرة أختم فيها الختمة أجد أن آفاقًا جديدة فتحت لي في فهم القرآن."
وأنهى كلامه بقصص أخرى وبعض النصائح.
أستفيد من كلام الشيخ توفيق فائدتين:
- بما أن وقتك فارغ بسبب الإجازة ، فأشغله بالصلاة وما يفيد!
في أجواء البلد هنا الإجازة تفعل أفاعيلها ، نوم عشوائي وفراغ كبير ، لكن رمضان ولله الحمد أتانا بما يشغلنا ، لكن الانشغال يختلف "بشساعة" بين الناس! << ما مدى صحة هذه الكلمة <.<؟!
فإن كنا لا نفعل في النهار سوى الجلوس انتظارًا للإفطار أو التسوق لأغراض الإفطار أو إعداد الإفطار ذاته..
فلنستغل ليلنا بكثرة الصلاة.. وإذا انتهينا من الصلاة فهنالك ما هو أكثر لاستغلال الوقت.. وفي هذا القسم من المواضيع ما كثر.
- إذا مررت بآية لفتت انتباهك ، تفكر فيها!
الشيخ توفيق ركز اليوم على آية "كتب على نفسه الرحمة" وكررها أكثر من مرة.. لم أملك العيون الواسعة كي أرى ما معاني الآية.. لكن سيد قطب رحمه الله تكلم فيها..
ذكر أن الله عاهدنا بالرحمة بمحض إرادته.. فبمجرد استشعار هذه الحقيقة لا يظن أحد أن الله ابتلاه من واقع العذاب أو الانتقام أو لأنه تخلى عنه ، إنما رحمة به..
فالله لا يطرد من رحمته إلا من ارتكب ما يستحق اللعن.. ولا يطرد من رحمته من أراد الرحمة.. وكفى به راحمًا حتى لمن لم يطلب رحمته.
واستشعار هذه الرحمة تشعر المؤمن بالحياء من ربه إن هو أراد معصية أو واتته غفلة.
فائدة أخرى خرجت بها خلال نصف الشهر الذي انقضى..
برمضان السابق كان لي مجموعة من الأدعية أدعو بها طوال الشهر ، أحد هذه الأدعية.. اليوم بالذات علمت أنه كان مستجابًا طوال تلك الفترة!
لماذا اليوم؟ طوال أيام رمضان السابقة كنت أفتقد شيئًا ما.. لم أعلم سبب الفقدان.. إنما تذكرت اليوم أني خلال تلك الأيام لم أدع بذاك الدعاء ولا مرة!
لعلي بهذا فهمت أمرًا:
- العبد حينما يدعو ربه ويستجاب له ، قد لا يلاحظ الإجابة بل يستمر في الدعاء ، وباستمرار الدعاء يستمر العطاء.
- استجابة الدعاء تظل قائمة ما ظل العبد يدعو ، فإن كف وسهى ونسي ذهب عنه ما كان يدعو به.
إن أنت دعوت ربك بعزم ويقين الإجابة وتوافر شروط القبول ، قد لا تستجاب الدعوة لحكمة أرادها الله ، وقد تستجاب لك ويغفلك الله عنها لحكمة أرادها..
وقد تستجاب لك وتراها أو تشعر بها يقينًا.. عندها لا تتوقف عن الدعاء والشكر ، فإن بعض النعم تزول بعدم الدعاء.
اللهم إنا نعوذ بك من قلب في حضورك لا يخشع ، وعين من خشيتك لا تدمع ، وروح إليك لا ترفع ، ودعاء لا يستجاب ولا يسمع.