السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
المعذرة .. فقد تجاوزتُ قراءة الردود بعد الرد السابع أو الثامن .. و سأعيد القراءة بإذن الله ..
عزيزي شهداء الأقصى ^_^
سأبين لك الأمر فيما أحسبه موطن الإشكال لديك ^_^
قد بينت ُ ( و بين حمصي مشكوراً مأجوراً ) من يــُــستشار من الأمر ..
دعك الآن من مسألة تعيين الحكام و لنركز على الشورى ..
الشورى أمر عام يطبقه المرء في حياته .. و ليس الحاكم فقط ..
الشورى خاصة بأهل الاختصاص .. فأنت َ لا تستشير الأحمق و لا الجاهل و لا الصغير طلباً للرأي و المشورة منهم ..
عندما تريد أن تبني .. فأنت تذهب إلى مكتب استشاري تسأل فيه أصحاب الخبرة في البناء .. و لستَ تذهب إلى المستشفى لتسألهم كيف تبني ^_^'
جاء في تفسير القرطبي لقوله تعالى ( و أمرهم شورى بينهم ) :
* فكانت الأنصار قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم إذا أرادوا أمرا تشاوروا فيه ثم عملوا عليه ; فمدحهم الله تعالى به *
الشورى أمر تعرفه الناس منذ القدم .. ليس مقتصراً على الإسلام .. فكما قلت ُ فالمرء يستخدمه في شتى أمور حياته .. يستشير في البناء .. يستشير في شراء السيارة .. يستشير في الذهاب إلى مكان معين ..
و قد ذكرتُ لك قول العالم أبي الفتح البستي في المشورة .. و كذا يقول الشاعر الحكيم :
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن **** برأي لبيب أومشورة حازم ِ
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة **** فإن الخوافي قوة للقوادم ِ
هذه أمور بديهية .. يدركها العاقل المجرب ..
بإمكانك أن تستشير طفلاً و ترى ما يقوله لك .. و بإمكانك أن تستشير جاهلاً و ترى ما يخبرك به .. و بإمكانك أن تستشير حكيماً و ترى ما يخبرك به .. ثم لاحظ الفرق بين كل رأي منهم ^_^
دعنا نفرض أنك استشرتَ مكتباً استشارياً في بناء المنزل .. ثم شرعت َ في البناء .. فأتاك جارك يقول : يا فلان .. لو فعلت َ كذا ( لو وضعتَ هذا العمود في الموطن الفلاني ) لكان أفضل و أوسع لك في الدار ( على سبيل المثال ) ..
هل ستقول : لا .. أنت لا تفهم .. أنت لست مهندس .. أنت لست مكتباً استشارياً !
بالطبع لا .. جاءك رجل و أشار عليك بأمر .. أنت حر فقط في الأخذ بكلامه و عدم الأخذ بكلامه ..
الشورى لا تعني أنك تسمع من نفر معينين .. و لا تسمع من الآخرين أبداً !
الحاكم ( العاقل الفاهم ) حين تـــُــعرض له مسألة .. يجمع أهل الاختصاص ..
مسألة في الحرب .. يجمع قادة الجيوش و المخططين الحربيين ..
مسألة في الاقتصاد .. يجمع لها التجار و الاقتصاديين ..
مسألة في الطب ( وباء أو مرض منتشر .. أو وقاية من وباء منتشر ) .. يجمع لها الأطباء ..
مسألة في المجتمع .. يجمع لها التربويين و علماء الاجتماع و علماء النفس ..
مسألة في التوسعة .. يجمع لها المهندسين و المخططين ..
هذه هي الشورى ببساطة ^_^
حسناً .. لو جمع الحاكم هؤلاء و وقفوا على أمر .. ثم جاء شخص لم يجتمع مع هؤلاء .. و قال : يا أيها الوالي لو فعلتَ كذا لكان كذا .. و أشار عليه بأمر ..
فلا ضير أبداً من أن يأخذ الوالي بكلامه ..
الذي نقوله في الشورى .. لا تتطرح قضية لعامة الشعب .. ثم تسمع رأي الجميع !
كيف تستمع لــ 5 ملايين شخص أو أكثر
؟!
النبي صلى الله عليه و آله و سلم كان يستشير أصحابه فيما ينزل بهم من أمور .. لا يستشير جميع المسلمين 
فخلاصة القول : لا ضير في السماع من أي شخص له باع في الأمر .. مختصاً كان أو خبيراً أو حكيماً أو عالماً .. حتى و إن كان مــِــن مــَــن لم يتم تعيينه ..
في نهاية الأمر كله .. القرار راجع لصاحب الشأن .. هل سيأخذ بالمشورة أم لا يأخذ بها ..
حتى الكفار حين أرادوا قتل النبي صلى الله عليه و آله و سلم اجتمعوا في دار الندوة يتشاورون في طريقة التخلص منه .. و إبليس حضر جلسة النقاش و المشاورة 
فكل يقترح أمراً .. و يرده إبليس .. حتى قال أبو جهل برأيه في تفريق دم الرسول صلى الله عليه و آله و سلم بين القبائل 
* الملأ من قريش يتشاورون في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق : ولما رأت قريش أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد صارت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم عرفوا أنهم قد نزلوا دارا ، وأصابوا منهم منعة فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وعرفوا أنهم قد أجمع لحربهم .
فاجتمعوا له في دار الندوة - وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمرا إلا فيها - يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خافوه .
قال ابن إسحاق : فحدثني من لا أتهم من أصحابنا ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد بن جبر أبي الحجاج وغيره ممن لا أتهم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال لما أجمعوا لذلك واتعدوا أن يدخلوا في دار الندوة ليتشاوروا فيها في أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غدوا في اليوم الذي اتعدوا له وكان ذلك اليوم يسمى يوم الرحمة فاعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل ، عليه بتلة فوقف على باب الدار فلما رأوه واقفا على بابها ، قالوا : من الشيخ ؟
قال شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى أن لا يعدمكم منه رأيا ونصحا ، قالوا : أجل فادخل فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش ، من بني عبد شمس :
عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأبو سفيان بن حرب . ومن بني نوفل بن عبد مناف طعيمة بن عدي ، وجبير بن مطعم ، والحارث بن عارم بن نوفل
ومن بني عبد الدار بن قصي : النضر بن الحارث بن كلدة . ومن بني أسد بن عبد العزى : أبو البختري بن هشام وزمعة بن الأسود بن المطلب وحكيم بن حزام .
ومن بني مخزوم : أبو جهل بن هشام .
ومن بني سهم : نبيه ومنبه ابنا الحجاج ، ومن بني جمح : أمية بن خلف ، ومن كان معهم وغيرهم ممن لا يعد من قريش . فقال بعضهم لبعض
إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم فإنا والله ما نأمنه على الوثوب علينا فيمن قد اتبعه من غيرنا ، فأجمعوا فيه رأيا . قال فتشاوروا ثم قال قائل منهم احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا ، ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله زهيرا والنابغة ومن مضى منهم من هذا الموت حتى يصيبه ما أصابهم .
فقال الشيخ النجدي : لا والله ما هذا لكم برأي . والله لئن حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه فلأوشكوا أن يثبوا عليكم فينزعوه من أيديكم ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم ما هذا لكم برأي فانظروا في غيره فتشاوروا ، ثم قال قائل منهم
نخرجه من بين أظهرنا ، فننفيه من بلادنا ، فإذا أخرج عنا فوالله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع إذا غاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا وألفتنا كما كانت .
فقال الشيخ النجدي : لا والله ما هذا لكم برأي ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب ، فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم في بلادكم فيأخذ أمركم من أيديكم ثم يفعل بكم ما أراد دبروا فيه رأيا غير هذا .
قال فقال أبو جهل بن هشام والله إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد قالوا : وما هو يا أبا الحكم ؟
قال أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابا جليدا نسيبا وسيطا فينا ، ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما ، ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه . فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا ، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا ، فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم .
قال فقال الشيخ النجدي : القول ما قال الرجل هذا الرأي الذي لا رأي غيره فتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له *
حتى الكفار يتشاورون .. و حتى إبليس يشاور 
^_^
أمثلة أن الشورى تكون في عامة المسلمين
في غزوة بدر حيث أشار الحباب بن المنذر بان المكان الذي اختاره رسول الإسلام لتمركز جيشه ليس موقعاً جيداً من ناحية الاستراتيجية الحربية وقال المنذر "يا رسول الله سر بنا حتى ننزل على أدنى ماء يلي القوم ونغور ما وراءه من القلب ونسقي الحياض، فيكون لنا ماء وليس لهم ماء" فجاوبه الرسول محمد صلى الله عليه و سلم "لقد أشرت بالرأي وسار بالجيش إلى المكان المشار به" فهل الحباب بن منذر من علية القوم .
بعد انتصار المسلمين في غزوة بدر تمت المشاورة في شأن أسرى الأسرى حيث أشار عليـه أبو بكر "باسـتبـقائهم واستتابتهم أو فك أسرهم وافـتدائهم بالمال" وأشار عمر بن الخطاب بقتلهم فأخذ الرسول برأي أبي بكر.
قرار الخروج للقتال في غزوة بدر لم يكن قراراً فردياً وإنما كان مستنداً على رأي الأغلبيـة وهو الخـروج لملاقـاة العـدو بينمـا كـان رأي الرسول الشخصي هو البقاء في المدينة للدفاع عنها بدلاً من الخـروج.
بعد وفاة الرسول محمد(صلي الله عليه وسلم) حدثت الكثير من المناقشات حول تحديد الطريقة التي تتبع في اختيار الحاكم حيث لم يكن هناك أي وثيقة أو دستور لتحديد نظام الحكم وإنما كانت هناك فقط بعض القواعد العامة في علاقة الحاكم بالمحكوم ويرى معظم علماء المسلمين أن حادثة سقيفة بني ساعدة تشير إلى أن من حق المسلمين تحديد ما يصلح لهم في كل عصر في إطار القواعد الرئيسة للإسلام. في سقيفة بني ساعدة كانت هناك ثلات آراء رئيسية في اختيار الحاكم: رأي بقاء الحكم في قريش استناداً إلى أبو بكر الذي قال "إن العرب لن تعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قـريش، هم أوسط العرب نسباً وداراً" وكان هذا مخالفا لرأي أهل المدينة الذين رؤوا أنهم أحق بالحكم وكان هناك رأي ثالث بأن يكون من الأنصار أمير ومن المهاجرين أمير ودار النقاش في سقيفة بني ساعدة وتم اختيار أبي بكر للخلافة ولم يكن في الأمر انفراد في اتخاذ القرار.
قرار حفر الخندق في غزوة الخندق.
ليس هناك مشكلة أبداً ^_^
الشورى لا تمنع ذلك .. لا تمنع الاستماع إلى الرأي .. لا تمنع سؤال الناس ..
مسألة كونه فاهماً عاقلاً خبيراً مختصاً .. هذه من البديهيات .. و لا تحتاج إلى دليل ^_^'
أمــَّــا ما يخص التصويت ( في الديموقراطية ) .. فالتصويت لا يهتم فيه الناس إلى الرأي .. بل ينظرون إلى عدد المؤيدين بغض النظر عن سبب التأييد ..
هو يحبه فأعطى له صوته .. هو يراه من أهل الخير .. هو يريد أن يغيظ الطرف الآخر .. هو يريد مصلحة لنفسه .. هو يريد مصلحة العامة ..
هذا كله لا يهم .. المهم في الأمر عدد المصوتين >_<
دعنا نأخذ السعودية على سبيل المثال .. لو كان أمر تولية الحكم مقروناً بالانتخابات .. فالبعض سيرى في زوال حكم آل سعود ضياعاً لمكانتهم هم في الدولة ( يهتمون بمصيرهم فقط ) .. فيصوتون لهم ..
البعض سيرى آل سعود متخاذلين ضيعوا الشعب و سرقوا أمواله .. فيصوتون لغيرهم ..
البعض سيرى آل سعود ينادون بشرع الله .. فيصوت لهم ..
البعض سيرى بقاء الحكم عندهم ضياع لفرصة تولي غيرهم الحكم .. فيصوت لغيرهم ..
البعض يراهم أسوأ الموجودين .. فيصوت لغيرهم ..
البعض يراهم أحسن الموجودين .. فيصوت لهم ..
البعض لا رأي له و لا يهمه من يحكمه .. فيصوت لتصويت صديقه !
هذه هي التوصيتات و هذه هي الانتخابات .. ربما أحدهم محق .. لكن البقية يتبع ما يهوى 
و في كل هذا .. أنت ( كصاحب القرار الذي بيدك تعيين الحاكم على سبيل المثال ) لم تستمع إلى أي رأي .. و لم تناقش صحة الآراء الحاضرة .. فقط تحصي عدد الأصوات و تتخذ القرار بناء عليها 
الله يبارك فيك و في أهلك و في ذريتك حتى ان كنت جامي
بارك الله فيك و جزاك خيراً ^_^
لكنني لستُ جامياً 
أنا لا أعرف الجامية هذه إلا من هذا المنتدى
أحبك الله الذي أحببتني فيه ^^
و غفر لي و لك و للجميع .. و هدانا إياكم إلى الحق ^_^
( المعذرة عزيزي حمصي ^_^' )
^_^
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته