الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على اله و صحبه اجمعين, أما بعد:
اعلم رحمك الله ان العاقل لا يرضى بالتقليد - خاصة في اصل العقيدة - و يأبى ان يقول كما قال الاولون
"وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23)"
فتجد النصراني يصر على نصرانيته "لانه ولد كذلك"
و اليهودي يصر على يهوديته "لانه ولد كذلك"
و بما اننا نعيب على اهل الكفر هذا, فينبغي ان لا نكون مثلهم, فان سألت لماذا انت مسلم؟ فيجب عليك ان تجيب بدليل و برهان عقلي و نقلي, و لا تكتفي بقولك "لاني ابي ولد مسلماً
و كذاك الحال بالنسبة للسنة و الشيعة, فلا يقول السنة انا سني لاني ولدت كذلك, و لا تقول انا شيعي لاني ولدت كذلك... لابد من عقيدة مبنية عقلى قناعة تامة و دليل و برهان...
و اذا خرج الانسان الى هذه الحياة فانه سيجد مئات الاديان, لكن اهمها هذه الايام :
الاسلام, النصرانية, اليهودية, الملحدون!
و النقاشات بينهم لا تنتهي, و لن تنتهي,
و في خضم هذه النقاشات, فلابد ان يأخذ المنصف منها خلاصتها, و يعرف حقيقتها,,,
****
اذا سألت المسلم "من اسهل الناس في النقاش" قال الملحدون ثم اليهود ثم النصارى
و اذا سألت النصارى: "من تفضل في النقاش؟" قال المسلمون ثم الملحدون ثم اليهود"
و اذا سألت اليهود من اسهل الناس في النقاش؟" قال النصارى
و اذا سألت الملحدين من أسهل الناس في النقاش؟ "قال النصارى ثم اليهود ثم المسلمون"
فلماذا نجد الترتيب على هذا النحو؟...
.........................
فلماذا يجد الملحد نقاش النصارى سهلاً؟ بينما النصراني يجد نقاش الملحد صعباً جدا؟
لان الملحد يسأل اسئلة لا يعرف النصراني لها اي جواب, فهو يسأل: اثبت لي ان المسيح كان ابن لله؟ اثبت لي انه فعل اي معجزة؟ اثبت لي ان الانجيل غير محرف؟ اشرح لي تناقض المخطوطات التي للاجيل و عدم تطابق اي مخطوطتين في العالم؟ اين الانجيل السابق؟ اذا كان الله لا يريد من المؤمنين العمل بل فقط الايمان بالمسيح فلماذا خلقنا الله؟ لماذا امرنا بالصيام و الصلاة له؟ لماذا لم يرحمنا مباشرة و يدخلنا الجنة؟ لماذا لم نرى الله بصورته الحقيقية؟ لماذا لم يترك الله شيء مادي دليل على ان المسيح هو ابنه؟ لماذا عذب الله اناس في الدنيا بالامراض و الابتلاء؟ لماذا لم يساوي بينهم؟ ما الفرق بين من يزني و يعيش حياته من النصارى و بين المؤمن التقي - كلهم في الجنة؟ لماذا لم ينزل المسيح و يخلص الناس من الذنوب من ايام ادم؟ لماذا تأخر؟كيف 3=1؟ انتم يا نصارى تعتقدون بصحة التوراة, ففسروا لنا التناقضات التي فيها؟
لماذا و لماذا, و اثبت وفسر, و النصراني لا يستطيع ان يجيب على اي شيء من ذلك....
و لذا نجد ان كثير جدا من النصارى الحدوا لعدم قدرتهم على الاجابة....
طيب لماذا النصارى يكرهون نقاش اليهود؟ لان اليهود يقولون اثبتوا لنا ان المسيح ليس ابن يوسف خطيب مريم؟ اثبتوا لنا ان المسيح فعل اي معجزة؟ و يزعم اليهود ان اليهود القدماء لم يؤمنوا بالمسيح لانهم لم يشاهدوا اي شيء من معجزاته, فهل من دليل مادي على خلاف ذلك؟ اثبتوا لنا ان المسيح ليس ابن زنا؟ اثبتوا لنا ان كتابكم غير محرف؟ دينكم يفترض انه يكمل دين اليهود و ليس ينقضه, فلماذا لا تعملون بدين اليهود و اوامره؟ اين ذهبتم بتشريعات دين اليهود المذكورة في العهد القديم؟ لو كان المسيح رباً فكيف قتلناه...ألخ
اسئلة كثيرة لا يجد النصراني عليها اي جواب
لكن النصراني يحب نقاش المسلم, لانه يبدأ معه من ارضية مشتركة, فالمسلم يقول نؤمن بالمسيح, و نؤمن بانه ولد بلا اب, و نؤمن بمعجزاته, و نرمن بانه سيعود في اخر الزمان ...و نؤمن و نؤمن
....................
اليهود يسهل عليهم نقاش النصارى, لان النصارى تقول نحن نعتقد ان العهد القديم غير محرف, و لذا لا يستطيع النصراني ان ينكر على اليهودي اي شيء! الا عدم ايمان اليهودي بالمسيح! و مع ذلك لا يستطيع ان يثبت النصراني لليهودي ان المسيح كان كما يقول عنه النصارى, فيغلب اليهودي النصارني
و يصعب على اليهود مناقشة الملحدين و المسلمين, لان كلاهما لا يعتقد بصحة التوراة, و لذا فالملحد والمسلم يحتج على اليهود بالتناقضات الكثيرة التي في كتبهم, و اليهود لا يحسنون الاجابة على شيء منها! سواء كانت هذه التناقضات علمية, او تناقضات بمعنى ان اوله يكذب اخره!
....................
و بهذا يتبين لماذا الملحد يفضل نقاش النصارى و اليهود
و يتبين لماذا يفضل اليهود نقاش النصارى
و لماذا يفضل النصارى نقاش المسلمين
.................
ثم ننظر الى المسلم, كيف يناقش المسلم غيره؟ ما المنهجية التي يتبعها؟
نجد المسلم يفضل الملحد و الكافر لانه "لا يملك عقيدة اصلاً فهو اصلاً في فراغ, و يستدل بالفطرة و بتناقضات لدى الملحد في اسس التفكير,
فيطرح عليه اسئلة مثل: هل اخبر محمد صلى الله عليه وسلم باي امور غيبية و تحققت؟ فيقول نعم, فيقول له كيف عرفها؟ فان قال صدفة و ظن و خرص, قلنا الصدفة لا تكون بنسبة 100%, و الذي يخرص بلا علم لا يخرص في الامور القريبة, فلو سألت خراصاً متى الساعة لاجابك, لانه لن يتبين كذبه ان كان مخطيء, بينما لو سألته متى يموت فلان فلن يجيبك, لان احتمال موته القريب موجود, و بذا يتبين كذب الخراص سريعاً
بينما محمد صلى الله عليه وسلم اجاب عن الامور القريبة و لم يجب عن البعيدة! فاخبر عن الروم انه تغلب في بضع سنين (و البغض اقل من 10) و كان هناك احتمال ان يعيش محمد صلى الله عليه وسلم 10 سنوات اخرى, و لا تغلب الروم! فيتبين كذبه! و مع ذلك اجاب عن الشيء القريب, فينتفي عنه كونه خراصاً, بينما لم يجب عن موعد الساعة! ولو كان كذاباً خراصاً لخرص فيها اذ الخرص فيها اسهل من الخرص في المور القريبة
و ان قال انه كاهن يعلم الغيب, قلنا ان وجد علم يسمى علم غيب, فهذا يعني انه هناك من علم الغيب و قدر الامور , فلزم انه يوجد رب فتبطل شبهة ملحد...
و طرق الرد عليه كثيرة جدا, مثل كونه امي لا يحن ان يقرأ و لا يكتب, و مع ذلك جاء بمعجزات في جميع الفنون, خلافاً لباقي الانبياء اذ معجزاتهم محصورة : فموسى معجزاته اعجزة كل ساحر, و عيسى معجزاته اعجزت كل طبيب, ام محمد صلى الله عليه وسلم فلن في كل باب معجزة, فلا تسأل عن الطب او الفلك او معجزات مادية او او او الا و ستجد شيئا منها في القران و في سيرته
ثم اذا ناقش المسلم اليهودي فانه يوجه له اسئلة كثيرة عن تناقض التوراة, فيلزم اليهودي ان يقول اما ان التوراة محرفة, فيكون بهذا مبطلاً لها, او يقول هي غير محرفة و التناقضات دليل على كذبها فيكفر بدينه ثم اما ان يلحد او يسلم!
و لذا نجد ان دليلنا على بطلان دين اليهود من كتابهم! و لذا امر الله تعالى نبيه ان يتحداهم بان يتلوا التوراة امامه ليثبت لهم من كتابهم انه محرف و متناقض, و ليثبت لهم من كتابهم انه قد بشر الانبياء به من قبل
"قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ "
فهو يتحداهم ان يتلوا التوراة ان كانوا صادقين, و من تلاوتها سيثبت لهم انهم كاذبين!
و اليهودي لا يستطيع ان يرمي المسلمين باي تهمة او اي شبهة! لانه لو قال: انتم لا ترحمون لانكم تقيمون الحدود و القصاص..ألخ فسنجد ان التوراة اقسى و فيها احكما و حدود اصعب! حتى انها تأمر بقتل من شتم اباه!!!
و اذا قالوا: اين حقوق المراة و الحجاب! فسنجد ان حكمهم اصعب! فان المرأة اذا لم تتحجب في دينهم يحلق شعرها لتضطر الى الحجاب!
و لذا فلا شبهة لهم علينا, و كم من شبهة لنا عليهم
و اما النصارى, و هم اكثر من يتعبنا في النقاش, فليس تعبنا معهم لاجل ان دينهم متين لا والله, بل لانهم يرفضون تشغيل العقل! فكل سؤال و شبهة توجه لليهود فهي موجهة لهم اذ هم يعتقدون بصحة التوراة! و كل سؤال يطرحه الملحد عليهم و يعجزون عن الاجابة عنه فنحن نوجهه لهم, و يعجزون عن الاجابة عنه!
بل لنا عليهم اننا نقول لهم تعالوا نقرأ الانجيل - المحرف - و لتعملوا بما فيه, فيرفضون العمل بما في الانجيل, فكلما قرأنا لهم اية تأمرهم بالعمل بما في التوراة, او تأمرهم باعتقاد معين عن الله, او تخبرهم ان المسيح اقل من الله, و تخبرهم بان المسيح كان يعبد الله, او تطلب منهم حل معضلة 3=1, او حل معضلة ان المخطوطات للانجيل غير متطابقة,و ان الانجيل الاصلي غير موجود, او او او.....الخ لا يكون لهم اي جواب سوى" هذه قضية ايمان لا نستطيع اثباتها, لكن نستطيع اثبات ان ديننا ارحم من دينكم!, فيتهربون من الاجابة!" و يقولون "لا نفسر الانجيل على ظاهره و على حقيقته اللغوية" بل على فهم الرهبان و الكهان و القساوسة!, و لذا فهم لا يعملون بالانجيل - حتى المحرف- و لا يعملون اصلاً باي شيء لانهم يعتقدون ان مجرد كون المسيح قال عن نفسه انه مخلص للبشرية من الذنوب -في الانجيل الذي لا يستطيعون اثباته- فهذا كاف!
و لذا قال الله عنهم "اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) "
فما قال عنه الرهبان انه حلال فهو حلال, ولو وجد في الانجيل ما يناقض ذلك! و ما قال عنه الانجيل انه حرام فلا يعيرونه اي اهتمام, و لذا فهم مشركون يعبدون الرهبان و الاحبار لانهم يطيعونهم بلا ادنى تفكير, معتمدين على نظرية "الروح القدس هو من سيحافظ علينا! و المسيح هو من سيخلصنا من ذنوبنا!"
فتعبنا معهم ليس لقوة حجتهم بل لضعف عقلوهم و تهربهم من كل سؤال,,,
و لذا وصفهم الله بالضالين "لقلة علمهم, فهم يتكلمون و يعملون بلا علم" , بينما وصف اليهود بالمغضوب عليهم "بسبب تكرهم ما علموا"
--------------------------------
فواعجباً لمن يقارن دين الاسلام بغيره, كل احكامه مترابطة, كلها لا تعارض العقل, كلها تدور على "الضرورات الخمسة الدين اولها و المال اخرها"
مقاصد الشريعة لا تتناقض بل يشهد بعضها لبعض, و النصوص يشهد بعضها لبعض
القران لم يحرف من حرف باجماع العالم, و منهج اهل السنة في التحقق من صحة نسبة القول الى قائله هو الافضل باجماع العالم,
كلام الله و كلام رسوله لكل حرف منها اهمية و معنى, حتى لو حذفنا كلمة من سياق او استبدلناها تغير المعنى, خلاف للنصارى الذين لا يحتجون باي كلمة من انجيلهم "بل ينظرون الى المعنى العام من القصة بغض النظر عن الالفاظ! و يسمون النظر الى الالفاظ سطحية"
دين يامر بالعمل, ليس كدين النصارى الذي يكفي فيه اعتقاد ان المسيح هو الله لكي تدخل الجنة و لا تدخل النار ابدا ولو زنيت و سرقت و فعلت الافاعيل
دين يعظم الانبياء, و لا نجد تناقص للانبياء فيه, خلاف للنصارى و اليهود الذين تناقصوا الانبياء و رموهم بالزنا و المكر!!!
دين يعظم الله وحده لا شريك له, خلافاً للنصارى الذي يعبدون قبور صالحيهم و يبنون عليها الكنائس ,و يعبدون المسيح بدلاً من خالق المسيح رغم ان المسيح كان يعبد اله واحدا!
فوا عجباً لمن ختم الله على سمعهم و ابصارهم و جعل على بصرهم غشاوة, باي عقل يفكرون, و باي منهج يحكمون...
-----------
الخلاصة "لابد للمن يحمل اعتقاداً ان يكون جازماً و علي يقين تام, و ان لا يكتفي بالتقليد...